أنواع الإجازة

أنواع الإجازة
قسم العلماء الإجازة الحديثية إلى أنواع:
فمنهم من جعلها خمسة أنواع كالخطيب في الكفاية (2/297-352) والتهانوي في كشاف الاصطلاحات (1/99).
ومنهم من جعلها ستة أنواع كالقاضي عياض في الإلماع (صـ 91 وما بعدها).
ومنهم من جعلها سبعة أنواع كابن الصلاح في المقدمة (صـ 151 وما بعدها)
وجعلها السيوطي في التدريب (صـ 321) تسعة وجعلها السخاوي في شرح التقريب (صـ 253) تزيد على العشرة ولكنهما اقتصرا في تبيينها على كلام ابن الصلاح فيها.
وسيكون تبيينها على عد ابن الصلاح رحمه الله فنقول:
النوع الأول: أن يجيز معين لمعين ومثاله أن يقول الشيخ لطالب بعينه أجزت لك الكتاب الفلاني بعينه وهو أعلى أنواع الإجازة بل نقل بعضهم عن هذه الإجازة أنه لا خلاف في قبولها من سلف الأمة وخلفها كما نقل ذلك عياض في الإلماع (صـ92) عن أبي الوليد الباجي.
ورده ابن الصلاح في المقدمة (صـ 151-152) بقوله: "قلت وهذا باطل فقد خالف في جواز الرواية بالإجازة جماعات من أهل الحديث والفقهاء والأصوليين" ثم ذكر جماعة ممن أبطل الإجازة ولم ير العمل بها ثم قال(صـ153): "ثم إن الذي استقر عليه العمل وقال به جماهير أهل العلم من أهل الحديث وغيرهم القول بتجويز الإجازة وإباحة الرواية بها...ثم إنه كما تجوز الرواية بالإجازة يجب العمل بالمروي بها خلافا لمن قال من أهل الظاهر ومن تابعهم إنه لا يجب العمل به وإنه جار مجرى المرسل وهذا باطل لأنه ليس في الإجازة ما يقدح في اتصال المنقول بها وفي الثقة به والله أعلم".

النوع الثاني: أن يجيز لمعين في غير معين ومثاله أن يقول الشيخ لطالب بعينه أجزت لك جميع مروياتي.
قال القاضي عياض في الإلماع (صـ 94):
فهذا الوجه هو الذى وقع فيه الخلاف تحقيقا والصحيح جوازه وصحت الرواية والعمل به بعد تصحيح شيئين
تعيين روايات الشيخ ومسموعاته وتحقيقها
وصحة مطابقة كتب الراوى لها
وهو قول الأكثرين والجمهور من الأئمة والسلف ومن جاء بعدهم من مشايخ المحدثين والفقهاء والنظار
وهو مذهب الزهري ومنصور بن المعتمر وأيوب وشعبة وربيعة وعبد العزيز بن الماجشون والأوزاعي والثوري ومالك وابن عيينة وجملة المالكيين وعامة أصحاب الحديث وهو الذى استمر عليه عمل الشيوخ وقوّوه وصححه أبو المعالي واختاره هو وغيره من أئمة النظار المحققين. أ.هـ

النوع الثالث من أنواع الإجازة:
أن يجيز غير معين لغير معين بوصف العموم كأن يقول أجزت للمسلمين أو لمن أدرك زماني أو أجزت لمن قال لا إله إلا الله

وهي إجازة العموم أو الإجازة العامة أو العامة لأهل العصر.
وفيها خلاف بين من صحح أصل الإجازة فمنعها كثير وأجازها البعض.
وهي على ضربين:
- معلقة بوصف ومخصوصة بوقت.كأهل الإقليم الفلاني أو من دخل بلد كذا أو من ملك نسخة من كتابي أو لطلبة العلم في بلد كذا أو لأهل مكة أو لبني هاشم أو لقريش أو غير ذلك.
- مطلقة.لمن قال لا إلا الله أو لعموم المسلمين أو لمن أدرك حياتي أو لك أحد ولم تتقيد بوصف حاصر أو زمن معين.
فأما المطلقة فقد أجازها جماعة وروى بها جماعة من المتقدمين والمتأخرين ذكرهم العراقي والسخاوي والأبناسي وغيرهم بل صنف الشيخ الحافظ أبو جعفر محمد بن الحسين بن أبي البدر البغدادي كتابا جمع فيه من روى بالعامة من العلماء رتبهم على حروف المعجم لكثرتهم وجمعهم أيضا أبو رشيد بن الغزال الحافظ في كتاب سماه الجمع المبارك
أما المقيدة بوصف أو بزمن فقد قال القاضي في الإلماع صـ 101 "فما أحسبهم اختلفوا في جوازه ممن تصح عنده الإجازة ولا رأيت منعه لأحد لأنه محصور موصوف كقوله لأولاد فلان أو إخوة فلان"
قال ابن الصلاح: "فإن كان ذلك مقيدا بوصف حاصر أو نحوه فهو إلى الجواز أقرب" المقدمة صـ 154
وقد أجاز بها جماعة منهم أبو محمد عبد الله الشنتجاني أحد علماء الأندلس لكل من دخل قرطبة من طلبة العلم ووافقه عليه جماعة منهم ابن عتَّاب وعمل بها ابن الصلاح حيث أجاز لمن ملك نسخة من كتابه
"وممن جوزها بغير قيد ولا زمن الخطيب في إجازة المعدوم والحافظ أبو عبد الله ابن منده فإنه أجاز لمن قال لا إله إلا الله والحافظ أبو العلاء الهمداني وغيره"
وجوزها لمن كان موجودا وقت الإجازة أبو الطيب الطبري أما من لم يوجد بعد فلا تصح.
ومنعها جماعة منهم أبو الحسن الماوردي والحافظ عبد الغني بن سرور والإمام ابن الصلاح وغيرهم من أهل العلم.
قال العراقي: "وفي النفس من ذلك شيء وأنا أتوقف عن الرواية بها وأهل الحديث يقولون إذا كتبت فقمش وإذا حدثت ففتش" فتح المغيث 203
وقال أيضا: "وبالجملة ففي النفس من الرواية بها شيء والاحتياط ترك الرواية بها" التقييد والإيضاح (1/645) والله أعلم.
قال الحافظ ابن حجر في نزهة النظر: (65-66) "وكل ذلك – كما قال ابن الصلاح – توسع غير مرضي لأن الإجازة الخاصة المعينة مختلف في صحتها اختلافا قويا عند القدماء وإن كان العمل استقر على اعتبارها عند المتأخرين فهي دون السماع بالاتفاق فكيف إذا حصل الاسترسال المذكور فإنها تزداد ضعفا لكنها في الجملة خير من إيراد الحديث المعضل والله أعلم"
قال أيضا في المعجم المفهرس صـ 24
" ولم أخرّج فيه شيئا بالإجازة العامة ولو كان فيها بعض خصوص كإجازة بعض المشايخ القدماء المصريين وكنت إذ ذاك منهم منهم ابن أميلة والصلاح ابن أبي عمرو اكتفاء بالإجازة الخاصة وبالسماع فهما ولو كان فيها بعض نزول أولى من الرواية بالإجازة العامة لأن فيها من الاسترسال ما لا نرضى كما قال العلامة أبو عمرو بن الصلاح".
قال الحافظ السخاوي في فتح المغيث (2/247)
" ونقل شيخنا عدم الاعتداد بها عن متقني شيوخه ولم يكن هو أيضا يعتد بها حتى ولو كان فيها بعض خصوص كأهل مصر اقتناعا بما عنده من السماع والإجازة الخاصة...
وبالجملة فلم تطب نفسي للأخذ بها فضلا عن الرواية "
قال الشيخ أحمد شاكر في الباعث الحثيث (1/355)
" فإني لا أشك في عدم جوازها"
إشكال
إذا كانت الإجازة للعموم بهذا الضعف وبهذا التوسع فكيف روى بها من ذكرهم الحفاظ في كتبهم من أئمة المسلمين حتى جمع أسماؤهم في كتب لكثرتهم؟
الجواب كما قال الإمام السخاوي في فتح المغيث (2/247) بعد أن ذكر جماعة ممن روى بها قديما وحديثا قال:
" غير أنه اغتفر في الطلب ما لم يغتفر في الأداء بحيث إن أهل الحديث يقولون إذا كتبت فقمش أي جمّع ما وجدت وإذا حدثت ففتش أي تثبت في الرواية"
فائدة
قال الحافظ السيوطي في تدريبه صـ 324-325
"فظهر لي من هذا القول أن يقال إذا رويت عن شيخ بالإجازة الخاصة عن شيخ بالإجازة العامة وعن آخر بالإجازة العامة عن ذلك الشيخ بعينه بالإجازة الخاصة كان ذلك في حكم الإجازة الخاصة عن الإجازة الخاصة مثال ذلك أن أروي عن شيخنا أبي عبد الله محمد بن محمد التنكري وقد سمعت عليه وأجاز لي خاصة عن الشيخ جمال الدين الأسنوي فإنه أدرك حياته ولم يجزه خاصة واروي عن الشيخ أبي الفتح المراغي بالإجازة العامة عن الأسنوي بالخاصة"

إجازة الإمام مسلم بن الحجاج لأحد طلابه

النوع الرابع من أنواع الإجازة:
إجازة المجهول
وهي تنقسم إلى عدة صور:
** الإجازة للمجهول مثاله: "أن يقول المجيز أجزت بعض الناس" أو "أجزت محمد بن أحمد رواية صحيح البخاري" ولم يميز من المجاز بحيث يتعدد من اسمه محمد بن أحمد.
** الإجازة بالمجهول مثاله: أن يقول "أجزت لتلميذي فلان رواية كتاب السنن" أو "كتاب الصحيح" وله رواية لعدد من الكتب بهذه الأسماء ولم يحدد أيها يريد.
** الإجازة بالمجهول للمجهول فتكون الجهالة فيهما معا كأن يقول المجيز "أجزت أحمد بن محمد كتاب العلل" ولا يحدد من أحمد بن محمد ولا أي كتاب في العلل.
وهذه الأنواع من الإجازة باطلة غير أن الأخير أشدها لاجتماع الجهالتان فيها
قال ابن الصلاح كما في المقدمة (صـ 156): "فهذه إجازة فاسدة لا فائدة لها"
قال الخطيب في إجازة المجهول (صـ 38): "ولا تصح هذه الإجازة"
قال القاضي عياض في الإلماع (صـ 101) "فهذا لا تصح الرواية بها ولا تفيد هذه الإجازة"
قال النووي في التقريب (صـ 50): "وهي باطلة"
قال العراقي في الألفية:"
458.والرابع الجهل بمن أجيز له...أو ما أجيز كأجزت أزفلة
459.بعض سماعاتي كذا إن سمَّى...كتابا أو شخصا وقد تسمَّى
460.به سواه ثم لما يتضح...مراده من ذاك فهو لايصح"
والعلة في بطلان هذه الإجازة الجهالة بحيث لا يتميز للسامع من المجاز له وما المجاز به وكونه مما لا سبيل لتمييزه.
قال الخطيب في إجازة المعدوم(صـ 38): "لأنه لا سبيل إلى معرفة البعض الذي أجيز له".
قال القاضي عياض في الإلماع (صـ 101): "إذ لا سبيل إلى معرفة هذا المبهم ولا تعيينه".
قال السخاوي في شرح تقريب النووي (صـ 258): "لأنه لا سبيل لتعيين هذا الملتبس ومعرفة المجيز به لا تفيد أكثر من ترك نسبته إلى التكلم بالهذيان".
قلت: كل هذا إذا لم يتضح المراد بقرينة أما إذا اتضح المبهم بقرينة فتصح الإجازة عندئذ
قال السخاوي في فتح المغيث(2/251): "نعم إن اتضح مراده فيها بقرينة...بحيث لا يلتبس مع غيره ممن اشترك معه ممن اشترك معه في اسمه واسم أبيه ونسبته ...فالظاهر صحة هذه الإجازة".
ومما يلحق بهذه الصور "الاستدعاء":
تعريف الاستدعاء: لغة: الطلب.
واصطلاحا: طلب الإجازة من المجيز للنفس أو للغير بالطلب المكتوب دون المتلفظ به.
وهذا الاستدعاء قد يضم أسماء كثيرة وقد يضم أسماء قليلة.
وتلحق مسألة الاستدعاء بمسألة إجازة المجهول من حيث أن المجيز لا يعرف المجازين بأعيانهم وإن كانوا مسمّين له بأسمائهم وأنسابهم فهم من حيث أشخاصهم مجهولون له.
ولكن هذا غير قادح في صحة الإجازة وقد قاسوها على عدم معرفة المسمع لمن يسمع منه وهذا لا يضر السامع.
قال القاضي عياض في الإلماع(صـ 101): "لمعين مجهول في حق المجيز لا يعرفه فلا تضره بعد إجازته له جهالته بعينه إذا سمّي له أو سماه في كتابه أو نسبه على ما نص عليه كما لا يضره عدم معرفته إذا حضر شخصه للسماع منه".
قال ابن الصلاح في المقدمة (صـ 156): "إذا أجاز لجماعة مسمّين معينين بأنسابهم والمجيز جاهل بأعيانهم غير عارف بهم فهذا غير قادح كما لا يقدح عدم معرفته به إذا حضر شخصه في السماع منه والله أعلم.
وإن أجاز للمسمّين المنتسبين في الاستجازة ولم يعرفهم بأعيانهم ولا بأنسابهم ولم يعرف عددهم ولم يتصفح أسماءهم واحدا واحدا فينبغي أن يصحّ ذلك أيضا كما يصحّ سماع من حضر مجلسه للسماع منه وإن لم يعرفهم أصلا ولم يعرف عددهم ولا تصفح أشخاصهم واحدا واحدا".أ.هـ
وقد توقف بعضهم في قياس الاستدعاء على السماع في عدم معرفة المجيز للمجازين كذا المسمع لا يعرف السامعين.
قال السخاوي في فتح المغيث (2/252): "وإن توقف بعضهم في القياس من أجل أنه لا يلزم من كون قسم السماع لم يتأثر بذلك أن تكون الإجازة كذلك لإمكان ادعاء القدح في الإجازة دون السماع فالقياس ظاهر لأنه إذا صحّ في السماع الذي الأمر فيه أضيق لكونه لا يكون لغير الحاضر مع الجهل بعينه فصحّته مع ذلك في الإجازة التي الأمر فيها أوسع لكونها للحاضر وللغالب من باب أولى".أ.هـ
** الإجازة المعلقة بالشرط
وقد عد هذه الصورة غير واحد من العلماء نوعا مفردا من أنواع الإجازة.

» تعريف الإجازة لغة واصطلاحاً
» شاهد واعتبر: من أشرس أنواع الأسماك البيرانا
» صورة لأحد أنواع طيور الرفراف ويسمى مالاكيتا