موقع فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ
مرحبا بكم في منتدي فرع الجمعية الشرعية بقرية
البطاخ التابع لمحافظة سوهاج
يسعدنا انضمامكم لنا عبرسجيلكم فى المنتدى
منتدى فرع الجمعية الشرعية بالبطاخ
مع تحيات مدير المنتدى
مشرف الدعوة بالفرع
موقع فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ
مرحبا بكم في منتدي فرع الجمعية الشرعية بقرية
البطاخ التابع لمحافظة سوهاج
يسعدنا انضمامكم لنا عبرسجيلكم فى المنتدى
منتدى فرع الجمعية الشرعية بالبطاخ
مع تحيات مدير المنتدى
مشرف الدعوة بالفرع
موقع فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ هو أحد فروع الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية بمحافظة سوهاج
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
مرحبا بكم فى منتدي فرع الجمعية الشرعية بالبطاخ ساهموا فى نشر موقعنا
نسأل الله تعالى أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل
صلي الله على محمد صلي الله عليه وسلم
اللهم أعنا على رضاك حتى ترضي رضاءاً ليس بعده سخط ولا غضب
جميع حقوق الطبع والنشر والتوزيع والتصوير لأي كتاب موجود في المنتدي متااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااح بشرط دعوة صالحة بظهر الغيب
أرجو من كل من استفاد أو تعلم شيئاً من المنتدي أن لا ينسانا من صالح دعائه
نعدكم بإذن الله في كل زيارة لنا بالجديد وبالمفيد
بشري سارة لكل طلاب العلم : تم افتتاح ركن في منتدي فرع الجمعية الشرعية بالبطاخ للإجازات الشرعية المسندة لكل الراغبين في إجازة علمية بالسند مجاناً
هاااااااام جدا لمن لا يعلم :قد تظهر إعلانات على المنتدي بها صور نساء وهي لا تخص المنتدي بل هي تابعة لشركة جوجل ولا يمكن وقفها .

 

 متن الأصول الثلاثة للشيخ محمد بن عبد الوهاب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

متن الأصول الثلاثة للشيخ محمد بن عبد الوهاب Empty
مُساهمةموضوع: متن الأصول الثلاثة للشيخ محمد بن عبد الوهاب   متن الأصول الثلاثة للشيخ محمد بن عبد الوهاب I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 24, 2013 6:37 pm

مقدمــــــــة
إن الحمد لله . . .
نحمده ونستعينه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا , ومن سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } (آل عمران:102)
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } (النساء:1)
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } (الأحزاب:70-71)
أما بعد . . .
فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وأن خير الهدى هدى نبيه محمد  ، وأن شر الأمور محدثاتها ، وأن كل محدثة بدعة ، وأن كل بدعة ضلالة ، وأن كل ضلالة في النار.
ثم أما بعد ...
اعلم أخي المسلم : إن العلماء بعلومهم ، والحكماء بحكمتهم ، والصالحون بوصاياهم هم – بإذن الله – نجوم هادية لمن سار في الليالي المظلمة ، ودفة محكمة لمن خاض عُباب البحار الموحشة ، وغيث مدراراً يأتي على الأرض الهامدة ، فتهتز وتربو ثم تنبت من كل زوج بهيج ؛ فهم بحق سراج العباد ، ومنار البلاد , وقوام الأمة ، وينابيع الحكمة , وهم غيظ الشيطان ، بهم تحيا قلوب أهل الحق ، وتموت قلوب أهل الزيغ ، مثلهم في الأرض كمثل النجوم في السماء يهتدي بها في ظلمات البر والبحر ، إذا انطمست النجوم تحيروا ، وإذا أسفر عنها الظلام أبصروا .
 ومن أبرز هؤلاء العلماء الربانيين الذين شاع ذكرهم بين العامة والخاصة , وانتشر علمهم في جميع الأرجاء : الشيخ الإمـــــام المجدد محمد بن عبد الوهاب .
فلقد أذن الله سبحانه وتعالى بظهور دعوة الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب في منتصف القرن الثاني الهجري ، بعد أن أطبقت الجهالة على الأرض و خيمت الظلمات على البلاد ، وانتشر الشرك والضلال والابتداع في الدين ، وانطمس نور الإسلام ، و خفي منار الحق والهدى ، و ذهب الصالحون من أهل العلم فلم يبق سوى قلة قليلة لا يملكون من الأمر شيئاً ، واختفت السنة وظهرت البدعة ، وترأس أهل الضلال والأهواء ، وأضحى الدين غريباً والباطل قريباً ، حتى لكأن الناظر إلى تلك الحقبة السوداء المدلهمة ليقطع الأمل في الإصلاح ، و يصاب بيأس قاتل في أية محاولة تهدف إلى ذلك ولكن الله عز وجل قضى بحفظ دينه وكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلــــــم .
وكان من رحمته تبارك وتعالى بهذه الأمة أن يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها ، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه 1.
فكان الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب بتوفيق الله عز وجل هو مجدد القرن الثاني عشر الهجري وهو أمر في حكم المتفق عليه 2.
ولقد ترك لنا الشيخ رحمه الله تعالى عدد من الكتب والرسائل المهمة ، والتي قد امتازت بالأسلوب القرآني المحض و أدلته كلها مأخوذة من القرآن والسنة ، و ذو أسلوب واضح لا يوجد فيه أي تعقيد ، إلا أن اللغة ليست عالية جداً كما نشاهدها عند ابن تيمية وابن القيم .
ومما ترك لنا الشيخ كتاب ( الأصول الثلاثة ) و هي معرفة الرب ، و معرفة دين الإسلام ، و معرفة الرسول صلي الله عليه وسلم ، و هذه هي الأصول الثلاثة التي وضحت في هذه الرسالة في أسلوب جذاب ، ولقد وقع الإختيار على هذه الرسالة تحقيقاً لرغبة بعض طلاب العلم الذين يرغبون في حفظ هذه الأصول وفهمها وتحقيقها ، والعمل بها ، والدعوة إليها ، فقمت بفضل الله تعالى وبرحمته بشرح هذه الأصول الثلاثة في هذا الكتاب شرحا ميسرا مختصراً من غير ما خلل بإذن الله .
وبالإضافة إلى ذلك فقد وفقنا الله تعالى في نظم هذه الأصول الثلاثة في متن أسميناه ( نظم الأصول الثلاثة ) والذي يساعد الطالب على حفظ هذه الأصول وفهمها واستيعابها بحفظه لهذا المتن ، ونسأل الله سبحانه أن يرزقنا الإخلاص فيما نقول وفيما نعمل .

الأصول الثلاثة
قال الشيخ الإمام محمد عبد الوهاب :
بسم الله الرحمن الرحيم
اعْلمْ رَحِمَكَ اللهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا تَعَلُّمُ أَرْبَع مَسَائِلَ 3:
المسألة الأُولَى: الْعِلْمُ: وَهُوَ مَعْرِفَةُ اللهِ، وَمَعْرِفَةُ نَبِيِّهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ، وَمَعْرِفَةُ دِينِ الإِسْلامِ بالأَدِلَّةِ 4.
المسألة الثَّانِيَةُ: الْعَمَلُ بِهِ .5
المسألة الثَّالِثَةُ: الدَّعْوَةُ إِلَيْهِ 6.
المسألة الرَّابِعَةُ : الصَّبْرُ عَلَى الأَذَى فِيهِ7.
وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: بسم الله الرحمن الرحيم: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) سورة العصركاملة ) 8.
قَالَ الشَّافِعيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ: لَوْ مَا أَنْزَلَ اللهُ حُجَّةً عَلَى خَلْقِهِ إِلا هَذِهِ السُّورَةَ لَكَفَتْهُمْ 9.
وَقَالَ البُخَارِيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ: بَابُ: العِلْمُ قَبْلَ القَوْلِ وَالْعَمَلِ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ اله إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ )[محمد:19]، فَبَدَأَ بِالْعِلْمِ (قَبْلَ القَوْلِ وَالعَمَلِ ) 10.
قال الشيخ ـ رحمه الله ـ
اعْلَمْ رَحِمَكَ اللهُ أَنَّه يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ، تَعَلُّمُ هَذِهِ الثَّلاثِ مَسَائِل، والْعَمَلُ بِهِنَّ 11:
الأُولَى :أَنَّ اللهَ خَلَقَنَا، وَرَزَقَنَا، وَلَمْ يَتْرُكْنَا هَمَلا، بَلْ أَرْسَلَ إِلَيْنَا رَسُولاً، فَمَنْ أَطَاعَهُ دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَاهُ دَخَلَ النَّارَ .
وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا ِإلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً ) [المزمل: 15، 16] 12.
الثَّانِيَةُ: أَنَّ الله لا يَرْضَى أَنْ يُشْرَكَ مَعَهُ أَحَدُ فِي عِبَادَتِهِ، لا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَلا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً )[الجن: 18]13.
الثَّالِثَةُ: أَنَّ مَنْ أَطَاعَ الرَّسُولَ، وَوَحَّدَ اللهَ لا يَجُوزُ لَهُ مُوَالاةُ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَلَوْ كَانَ أَقْرَبَ قَرِيبٍ.
وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )[المجادلة: 22] 14.

قال الشيخ ـ رحمه الله ـ
اعْلَمْ أَرْشَدَكَ اللهُ لِطَاعَتِهِ، أَنَّ الْحَنِيفِيَّةَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ: أَنْ تَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ، مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ. وَبِذَلِكَ أَمَرَ اللهُ جَمِيعَ النَّاسِ، وَخَلَقَهُمْ لَهَا؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ) الذاريات: 56. 15
وَمَعْنَى يَعْبُدُونِ: يُوَحِّدُونِ .
وَأَعْظَمُ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ التَّوْحيِدُ، وَهُوَ: إِفْرَادُ اللهِ بِالْعِبَادَةِ.
وَأَعْظَمُ مَا نَهَى عَنْه الشِّركُ، وَهُوَ: دَعْوَةُ غَيْرِهِ مَعَهُ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى
{وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً} [النساء: 35 .16
فَإِذَا قِيلَ لَكَ: مَا الأُصُولُ الثَّلاثَةُ التِي يَجِبُ عَلَى الإِنْسَانِ مَعْرِفَتُهَا؟ فَقُلْ: مَعْرِفَةُ الْعَبْدِ رَبَّهُ، وَدِينَهُ، وَنَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 17.


الأصل الأول
معرفة الرب تعالي
فَإِذَا قِيلَ لَكَ: مَنْ رَبُّكَ ؟
فَقُلْ: رَبِّيَ اللهُ الَّذِي رَبَّانِي، وَرَبَّى جَمِيعَ الْعَالَمِينَ بِنِعَمِهِ؛ وَهُوَ مَعْبُودِي لَيْسَ لِي مَعْبُودٌ سِوَاهُ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى {الْحَمْدُ للَََّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} الفاتحة: 2. وَكُلُّ مَنْ سِوَى اللهِ عَالَمٌ، وَأَنَا وَاحِدٌ مِنْ ذَلِكَ الْعَالَمِ 18.
فَإِذَا قِيلَ لَكَ: بِمَ عَرَفْتَ رَبَّكَ ؟19.
فَقُلْ: بِآيَاتِهِ وَمَخْلُوقَاتِهِ،20 وَمِنْ آيَاتِهِ: اللَّيْلُ، وَالنَّهَارُ، وَالشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ، وَمِنْ مَخْلُوقَاتِهِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرَضُونَ السَّبْعُ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَمَا بَيْنَهُمَا.
وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) فصلت: 37.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )الأعراف: 54.
وَالرَّبُ هُوَ الْمَعْبُودُ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَــــــــى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَآء بِنَآءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) البقرة: 21، 22. 21
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: الخَالِقُ لِهَذِهِ الأَشْيَاءَ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ.
وَأَنْوَاعُ الْعِبَادَةِ الَّتِي أَمَرَ اللهُ بِهَا مِثْلُ: الإِسْلامِ، وَالإِيمَانِ، وَالإِحْسَانِ، وَمِنْهُ: الدُّعَاءُ، وَالْخَوْفُ، وَالرَّجَاءُ، وَالتَّوَكُّلُ، وَالرَّغْبَةُ، وَالرَّهْبَةُ، وَالْخُشُوعُ، وَالْخَشْيَةُ، وَالإِنَابَةُ، وَالاسْتِعَانَةُ، وَالاسْتِعَاذَةُ، وَالاسْتِغَاثَةُ، وَالذَّبْحُ، وَالنَّذْرُ، وَغَيْرُ ذَلَكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ الَّتِي أَمَرَ اللهُ بِهَا. كُلُّهَا للهِ تَعَالَى ، وَالدَّلِيلُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً )الجن: 18. 22
فَمَنْ صَرَفَ مِنْهَا شَيْئًا لِغَيْرِ اللهِ؛ فَهُوَ مُشْرِكٌ كَافِرٌ؛ وَالدَّلِيلُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ( وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ الهاً آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ) المؤمنون: 117. 23
وَفِي الْحَدِيثِ: ( الدُّعَاءُ مخ الْعِبَادَةِ ). وَالدَّلِيلُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ )غافر: 60 . 24
وَدَلِيلُ الْخَوْفِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ( فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ )آل عمران: 175. 25
وَدَلِيلُ الرَّجَاءِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً )الكهف: 110. 26
ودَلِيلُ التَّوَكُلِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ( وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) المائدة: 23. وقوله: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) الطلاق: 3. 27
وَدَلِيلُ الرَّغْبَةِ، وَالرَّهْبَةِ، وَالْخُشُوعِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ) الأنبياء: 90. 28
وَدَلِيلُ الْخَشْيَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ( فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي...) الآية البقرة: 150. 29
وَدَلِيلُ الإِنَابَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ...) الآية الزمر: 54. 30
وَدَلِيلُ الاسْتِعَانَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) الفاتحة: 5. وَفِي الْحَدِيثِ: (...وإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ). 31
وَدَلِيلُ الاسْتِعَاذَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) [الفلق: 1]. و( َقُلْ
أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) الناس:1. 32
وَدَلِيلُ الاسْتِغَاثَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ...) الآية[الأنفال: 9]. 33
وَدَلِيلُ الذَّبْحِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ( قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَه وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ُ) [الأنعام: 161ـ163]. وَمِنَ السُنَّةِ: (لعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ). 34
وَدَلِيلُ النَّذْرِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً ) [الإنسان: 7].35

الأصل الثاني
معرفة دين الإسلام بالأدلة 36
وَهُوَ: الاسْتِسْلامُ للهِ بِالتَّوْحِيدِ 37، وَالانْقِيَادُ لَهُ بِالطَّاعَةِ 38 ، وَالْبَرَاءَةُ مِنَ الشِّرْكِ وَأَهْلِهِ 39 .
وَهُوَ ثَلاثُ مَرَاتِبَ: الإسْلامُ، وَالإِيمَانُ، وَالإِحْسَانُ. وَكُلُّ مَرْتَبَــــــــةٍ لَهَا أَرْكَانٌ 40.
المرتبة الأولي : الإسلام
فَأَرْكَانُ الإِسْلامِ خَمْسَةٌ: شَهَادَةُ أَن لا اله إِلا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامُ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَحَجُّ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ 41.
فَدَلِيلُ الشَّهَادَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ( شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ اله إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ اله إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )[آل عمران، 18]. 42
وَمَعْنَاهَا: لا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إلا اللهُ، وَحَدُّ النَّفْيِ مِنْ الإِثْبَاتِ : لا اله ، نَافِيًا جَمِيعَ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ ، إِلا اللهُ : مُثْبِتًا الْعِبَادَةَ للهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ فِي عِبَادَتِهِ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَرِيكٌ فِي مُلْكِهِ 43وَتَفْسِيرُهَا: الَّذِي يُوَضِّحُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَآء مِّمَّا تَعْبُدُونَ * إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )[الزخرف: 26 ـ 28].
وقَوْلُهُ تَعَالَى: ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُـــــواْ
اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ )[آل عمران: 64]. 44
وَدِليلُ شَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ( لَقَدْ جَآءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )[التوبة: 128]. 45
وَمَعْنَى شَهَادَة أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ: طَاعَتُهُ فِيمَا أَمَرَ، وَتَصْدِيقُهُ فِيمَا أَخْبَرَ، واجْتِنَابُ مَا نَهَى عَنْهُ وَزَجَرَ وأَلا يُعْبَدَ اللهُ إِلا بِمَا شَرَعَ. 46
وَدَلِيلُ الصَّلاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَتَفْسِيرُ التَّوْحِيدِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ( وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَــــــاةَ وَذَلِكَ
دِينُ الْقَيِّمَةِ )[البينة: 5]47.
ودَلِيلُ الصِّيَامِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )[البقرة: 183] 48.
ودَلِيلُ الْحَجِّ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ( وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ )[آل عمران: 97] 49.


المرتبة الثانية : الإيمان 50
وَهُوَ: بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً 51، فَأَعْلاهَا قَوْلُ لا اله إِلا اللهُ 52، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ53، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الإِيمَانِ.54
وَأَرْكَانُهُ سِتَّةٌ 55: كما فى الحديث " أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ 56 ، وَمَلائِكَتِهِ 57 ، وَكُتُبِهِ58 ، وَرُسُلِهِ59 ، وَالْيَوْمِ الآخِرِ 60 ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِه وَشَرِّه 61ِ "
وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذِهِ الأَرْكَانِ السِّتَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ( لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ )[البقرة: 177].62
ودليل القدر: قَوْلُهُ تَعَالَى: ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ )[القمر: 49].

المرتبة الثالثة : الإحسان 63
أركانه: وله رُكْنٌ وَاحِدٌ. كما فى الحديث: " أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ 64 فَإِن لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ " 65.
وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ )[النحل: 128]. وقَوْلُهُ تَعَالَى: ( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )[الشعراء: 217 ـ 220].66
وقَوْلُهُ تَعَالَى: ( وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ) [يونس: 61].67
وَالدَّلِيلُ مِنَ السُّنَّةِ 68: حَدِيثُ جِبْرِيلَ الْمَشْهُورُ: عَنْ عُمَرَ بنِ الْخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ، شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعْرِ، لا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ.69
فَجَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الإِسْلامِ ؟.
فَقَالَ: " أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا اله إِلا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيمَ الصَّلاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنْ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلا ". قَالَ: صَدَقْتَ. فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ.
قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنِ الإِيمَانِ. قَالَ:" أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ ". قَالَ: صَدَقْتَ.
قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنِ الإِحْسَانِ. قَالَ: " أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ" .
قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ.
قَالَ: " مَا الْمَسْؤُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ ". قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَاتِهَا. قَالَ: " أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا 70, وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّـــــــــــاءِ
يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ 71" قَالَ: فَمَضَى، فَلَبِثْنَا مَلِيَّا، فَقَالَ: ( يَا عُمَرُ أَتَدْرُونَ مَنِ السَّائِلِ؟ " قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ " هَذَا جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ أَمْرَ دِينِكُم " .72

الاصل الثالث
معرفة النبي محمد صلي الله عليه وسلم 73

وَهُوَ مُحَمَّدُ74 بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ75 بْنِ هَاشِمٍ، وَهَاشِمٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَقُرَيْشٌ مِنَ الْعَرَبِ76 ، وَالْعَرَبُ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا أَفْضَلُ الصَّلاةِ وَالسَّلامِ، وَلَهُ مِنَ الِعُمُرِ ثَلاثٌ وَسِتُّونَ سَنَةً، مِنْهَا أَرْبَعُونَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ، وَثَلاثٌ وَعِشْرُون َفى النبوة. نُبِّئَ بـ( اقْرَأ )، وَأُرْسِلَ بـ ( الْمُدَّثِّرْ )، وَبَلَدُهُ مَكَّةُ .77
بَعَثَهُ اللهُ بِالنِّذَارَةِ عَنِ الشِّرْكِ، وَبالَدْعُوة إِلَى التَّوْحِيدِ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ )[المدثر: 1ـ7] .78
وَمَعْنَى: ( قُمْ فَأَنذِرْ ): يُنْذِرُ عَنِ الشِّرْكِ، وَيَدْعُو إِلَى التَّوْحِيدِ. ( وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ) : أَيْ: عَظِّمْهُ بِالتَّوْحِيدِ. ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ): أَيْ: طَهِّرْ أَعْمَالَكَ عَنِ الشِّرْكِ. ( وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ): الرُّجْزَ: الأَصْنَامُ، وَهَجْرُهَا: تَرْكُهَا، وَالْبَرَاءَةُ مِنْهَا وَأَهْلُهَا، أَخَذَ عَلَى هَذَا عَشْرَ سِنِينَ يَدْعُو إِلَى التَّوْحِيدِ، وَبَعْدَ الْعَشْرِ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَفُرِضَتْ عَلَيْهِ الصَّلَواتُ الْخَمْسُ . 79
وَصَلَّى فِي مَكَّةَ ثَلاثَ سِنِينَ، وَبَعْدَهَا أُمِرَ بالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَالْهِجْرَةُ الانْتِقَالُ مِنْ بَلَدِ الشِّرْكِ إِلَى بَلَدِ الإِسْلامِ.80
وَالْهِجْرَةُ فَرِيضَةٌ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ مِنْ بَلَدِ الشِّرْكِ إِلَى بلد الإِسْلامِ، وَهِيَ بَاقِيَةٌ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَآءتْ مَصِيراً * إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَآء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوّاً غَفُوراً )[النساء: 97ـ99]. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ )[العنكبوت: 56].81
قَالَ الْبُغَوِيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ:نزلت هَذِهِ الآيَةِ فِي المُسْلِمِينَ الَّذِينَ بِمَكَّةَ ولَمْ يُهَاجِرُوا، نَادَاهُمُ اللهُ بِاسْمِ الإِيمَانِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى الْهِجْرَةِ مِنَ السُّنَّةِ: قَوْلُهُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّـــــمَ ـ: (لا
تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا " .82 فَلَمَّا اسْتَقَرَّ فِي الْمَدِينَةِ أُمِرَ بِبَقِيَّةِ شَرَائِعِ الإِسْلامِ، مِثلِ: الزَّكَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَالْحَجِّ، وَالأَذَانِ، وَالْجِهَادِ، وَالأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ شَرَائِعِ الإِسْلامِ. 83
أَخَذَ عَلَى هَذَا عَشْرَ سِنِينَ، وَتُوُفِّيَ ـ صَلواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ ـ وَدِينُهُ بَاقٍ 84.
وَهَذَا دِينُهُ، لا خَيْرَ إِلا دَلَّ الأُمَّةَ عَلَيْهِ، وَلا شَرَّ إِلا حَذَّرَهَا مِنْهُ، وَالْخَيْرُ الَّذِي دَلَّهَا عَلَيْهِ التَّوْحِيدُ، وَجَمِيعُ مَا يُحِبُّهُ اللهُ وَيَرْضَاهُ، وَالشَّرُ الَّذِي حَذَّرَهَا مِنْهُ الشِّرْكُ، وَجَمِيعُ مَا يَكْرَهُ اللهُ وَيَأْبَاهُ. بَعَثَهُ اللهُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً.85
وَافْتَرَضَ طَاعَتَهُ عَلَى جَمِيعِ الثَّقَلَيْنِ الْجِنِّ وَالإِنْسِ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً )[الأعراف: 158].
وَكَمَّلَ اللهُ بِهِ الدِّينَ 86 ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً )[المائدة: 3]. وَالدَّلِيلُ عَلَى مَوْتِهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ )[الزمر: 30، 31].
وَالنَّاسُ إِذَا مَاتُواْ يُبْعَثُونَ ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى )[طه: 55]. وقَوْلُهُ تَعَالَى: ( وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتاً * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً )[نوح: 17، 18].
وَبَعْدَ الْبَعْثِ مُحَاسَبُونَ وَمَجْزِيُّونَ بِأَعْمَالِهِمْ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى )[النجم: 31].87
وَمَنْ كَذَّبَ بِالْبَعْثِ كَفَرَ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ )[التغابن: 7] 88.
وَأَرْسَلَ اللهُ جَمِيعَ الرُّسُلِ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ )[النساء: 165]89.
َ وَأَّولُهُمْ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَآخِرُهُمْ مُحَمَّدٌ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَهُوَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ؛ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ أَوَّلَهُمْ نُوحٌ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ )[النساء: 165] 90.
وَكُلُّ أُمَّةٍ بَعَثَ اللهُ إِلَيْهِا رَسُولا مِنْ نُوحٍ إِلَى مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ، وَيَنْهَاهُمْ عَنْ عِبَادَةِ الطَّاغُوتِ.
وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ
الطَّاغُوتَ ) [النحل: 36]. وَافْتَرَضَ اللهُ عَلَى جَمِيعِ الْعِبَادِ الْكُفْرَ بِالطَّاغُوتِ وَالإِيمَانَ بِاللهِ 91.
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: مَعْنَى الطَّاغُوتِ مَا تَجَاوَزَ بِهِ الْعَبْدُ حَدَّهُ مِنْ مَعْبُودٍ أَوْ مَتْبُوعٍ أَوْ مُطَاعٍ 92.
وَالطَّوَاغِيتُ كَثِيرُونَ وَرُؤُوسُهُمْ خَمْسَةٌ: إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللهُ، وَمَنْ عُبِدَ وَهُوَ رَاضٍ، وَمَنْ دَعَا النَّاسَ إِلَى عِبَادَةِ نَفْسِهِ، وَمَنْ ادَّعَى شَيْئًا مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ 93.
وَمَنْ حَكَمَ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ 94 ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) [البقرة: 256] 95.
وَهَذَا هُوَ مَعْنَى لا اله إِلا اللهُ ، وَفِي الْحَدِيثِ: " رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلامِ .
وَعَمُودُهُ الصَّلاةُ . 96
وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ " 97
وَاللهُ أَعْلَمُ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعلى اله وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

متن الأصول الثلاثة للشيخ محمد بن عبد الوهاب Empty
مُساهمةموضوع: " نظم الأصول الثلاثة " للشارح    متن الأصول الثلاثة للشيخ محمد بن عبد الوهاب I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 24, 2013 6:39 pm

الحمد لله الذي قد فصــــــــــــــــلا *** آياته في شرعه قد أصــــــــــــــــــلا
ثم الصلاة على النبي المعلـــــــــم *** وآله وصحبه ومن يلـــــــــــــــــــــي
وهذه منظومة وجيــــــــــــــــــزة *** ضمنتها من أصول عزيــــــــــــــــزة
أعني أصول العالم المجـــــــــــدد *** وهو محمد الإمام الأوحــــــــــــــــــد
فيها من علم الأصول الثلاثــــــة *** عماد الدين أركان أساســـــــــــــــــــه
فامنن إلهي بالإخلاص المرتضي *** ثم الإكمال والتسديد والرضــــــــــــا
في أول لابد من تعلـــــــــــــــــــم *** مسائل أربعة لمن يعــــــــــــــــــــي
وأول فالعلم خير مقصـــــــــــــــد *** وخير مطلوب وخير مـــــــــــــــورد
به الإله يعبد ويعلــــــــــــــــــــــم *** كذا النبي والإسلام يفهـــــــــــــــــــم
ثم يليه عمل بما علـــــــــــــــــــم *** ودعوة إليه بما قد علــــــــــــــــــــم
والرابع التحمل والصبــــــــــــــر *** دليله في قوله والعصـــــــــــــــــــر
ثم وجب على كل موحــــــــــــــد *** علم ثلاثة ثم عمل بــــــــــــــــــــــــه
فالله الرازق المصور الــــــــــذي *** خلق على غير مثال سابـــــــــــــــق
كذا بعث خير نبي أرســـــــــــــلا *** في أمة ولم يتركنا همــــــــــــــــــلا
وكل الخير لكل متبـــــــــــــــــــع *** وكل الشر لكل مبتــــــــــــــــــــــــدع
كذا عبادة الإله تقتضـــــــــــــــي ***إفراده بلا شريك مدعـــــــــــــــــــــي
ولا يجوز لكل من وحــــــــــــــده *** مواليا لكل من يحــــــــــــــــــــــادده
وأمره لخلقه أن يعبــــــــــــــدوه *** بإخلاص بلا شريك يفــــــــــــــردوه
وأول الأصول قد تعلقــــــــــــــت *** بربنا الكريم قد تأصلــــــــــــــــــــت
فإن سئلت عن الله الخالــــــــــق *** فقل إلهي وربي ورازقــــــــــــــــــي
ربي الله والذي ربانــــــــــــــــي *** وهو المعبود ماله من ثانــــــــــــــي
وإن سئلت عن معرفة بـــــــــــه *** فقل لهم بصنعه وخلقـــــــــــــــــــــه
فهو الخالق ولا خالق لــــــــــــه *** ولا سواه من إله يعبــــــــــــــــــــــد
وبالإسلام والإيمان قد أمــــــــــر *** كذا الإحسان أركان كل تقـــــــــــــر
ومنه الخوف والتوكل الدعـــــا *** ورغبة ورهبة ثم الرجــــــــــــــــــــا
ثم خشوع خشية إنابـــــــــــــــة *** ثم استغاثة لمن أنابــــــــــــــــــــــــه
ثم استعاذة استعانة بـــــــــــــــه *** وذبح نذر واجب لمن بـــــــــــــــــه
والثاني من أصوله الإســــــــلام *** بدليل أتي وهو استســــــــــــــــــلام
لله بالتوحيد والإنابـــــــــــــــــــة *** كذا انقياد لله بالطاعــــــــــــــــــــــة
ثم براءة من الشرك بــــــــــــــه *** وهو مراتب ثلاثة يجــــــــــــــــــــي
فالأول الإسلام بخمس أتـــــــــي ***أركانه شهـــــــــــــــــــــــادة في أولا
ثم الصلاة والزكاة قد قطـــــــــع *** كذا الصيام والحج إذ استطــــــــــــع
ثم الإيمان ما وقر في القلــــــب *** قد انطبع فيه بغير ريـــــــــــــــــــــب
كذا أركانه بستة أتــــــــــــــــت *** في حديث لجبريل قد ثبتـــــــــــــــــت
وهو الإيمان بالإله أولـــــــــــه *** ثم الملك والكتب المنزلــــــــــــــــــــة
والأنبيا ثم ليوم آخــــــــــــــــر *** ثم القدر بخيره وشــــــــــــــــــــــــره
والثالث الإحسان ركن واحـــــد ***وهو أن يعبدوا الله كأنهم يـــــــــــروا
والأصل الثالث معرفة النبـــــي *** قدوتنا إمامنا العطر الذكـــــــــــــــي
وهو محمد بن عبــــــــــــد الله *** الهاشمي القرش الزاهـــــــــــــــــــي
العربي لاسماعيل قد نســــــب *** من مكة لابن الخيل ينتســـــــــــــــــب
وعمره ثلاث ستون سنــــــــة *** ووحيه ثلاث عشرون سنـــــــــــــــة
أرسله الله بالخير والهـــــــدي *** ونبذ الشرك عن كل من وحــــــــــده
وقد مضي في دعوة بلا انتهـا *** وبعد عشر قد عرج إلى السمـــــــــــا
ثم انتقل من بعدها بالهجــــرة *** من مكة إلى حيث المدينــــــــــــــــــة
ثم أمر بتطبيق الشرائــــــــــع *** وبعد عشر عمره ذا ينتـــــــــــــــــهي
وهذا دينه حيا وباقيـــــــــــــا *** وما من شئ إلا قد اخبرنــــــــــــــــــا
كذا بعث إلى الجميع كافـــــــةِ *** وقد أقام الله به الملــــــــــــــــــــــــــةِ
وأرسل الله الرسل يبشــــــــروا *** وذا في كل أمة لينـــــــــــــــــــــــــــــذروا
أولهما نوح به كان البــــــــــــدا *** ثم النبي آخر من قد أتـــــــــــــــــــــــــــي
ثم افترض عليهم أن يعبـــــــدوا ***وكل قوم بالطاغوت يكفـــــــــــــــــــــــروا
ثم ختامه من كلم قيــــــــــــــــــم *** في تبيان الطاغوت لابن القيــــــــــــــــــم
وهذا آخر ما في الأصـــــــــــول *** وعلى الله اعتماد القبـــــــــــــــــــــــــــول
ثم الصلاة على النبي أحمـــــــدا *** وآله وصحبه ومن غـــــــــــــــــــــــــــــدا

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

متن الأصول الثلاثة للشيخ محمد بن عبد الوهاب Empty
مُساهمةموضوع: الشـــــــــــــــــــرح والتخريج    متن الأصول الثلاثة للشيخ محمد بن عبد الوهاب I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 24, 2013 6:43 pm

1
انظر الحديث في صحيح سنن أبي داود برقم (3606 ) في كتاب الملاحم .
    2 انظر من قال من العلماء بهذا في كتاب : عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية وأثرها في العالم الإسلامي (1/19 21 ) .
 3افتتح المؤلف رحمه الله هذه الرسالة المباركة بالبسملة كسائر رسائل أهل العلم ومؤلفاتهم، وذلك تأسياً بكتاب الله عز وجل، واتباعاً لسنة النبي صلي الله عليه وسلم وجرياً على ما سلكه سلف هذه الأمة من التيمن بالبداءة بذكر الله جل وعلا واسمه سبحانه وتعالى، والبسملة والكلام عليها معروف متكرر، وجعل بين يدي رسالته ومقصوده من بيان الأصول التي يجب تعلمها مقدمتين: المقدمة الأولى بين فيها ما يجب على كل أحد تعلّمه، وهذه مقدمةٌ تمهيدية، يحثّ فيها مطالعَ هذه الرسالة على لزوم الصراط الذي يكفل له النجاة، فهي تمهيد وتوطئة لما يريد بيانه، في هذه الرسالة، فقال رحمه الله: (اعلم رحمك الله) وهذا من لطفه وحسن تأليفه ورفقه بمن يعلم، فدعا للمتعلّم والمستمع بالرحمة، وهذا منهج مهم وطريق لابد من التنبه إليه، وهي أن يكون المعلِّم والداعية إلى دين الله عز وجل شفيقاً رحيماً، وأن يشعر من يدعوه أنه يريد به الخير والهدى، ويريد أن يخرجه من الظلمات إلى النور، فإن هذا الأسلوب من أسباب قبول الدعوة، ومن أسباب قبول العلم، ولذلك قال الله جل وعلا في رسوله: ( وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) ، ( أنه يجب ) وجوباً عينياً ( علينا ) نحن المكلفين,ذكوراً وإناثاً,صغاراً وكباراً ( تعلم ) ومعرفة ( أربع مسائل ) مهمة في الدين شاملة له .
 4( الأولى ) من تلك المسائل ( العلم ) وهو معرفة الهدى بدليله ، ويشمل معرفة الله ، ومعرفة نبيه ، ومعرفة دين الإسلام , وخص المصنف رحمه الله هذه الأمور، لأنها هي أصول الإسلام التي لا يقوم إلا عليها ، وهي التي يسأل العبد عنها في قبره , والعبد إذا عرف ربه وعرف نبيه صلي الله عليه وسلم وعرف دين الإسلام بالأدلة ، كمل له دينه ومعنى معرفة الله : أن يتعرف العبد على ربه بما تعرف به إلينا في كتابه وعلى لسان رسوله صلي الله عليه وسلم من أسمائه وصفاته وأفعاله ، ومعرفة الله أحد مهمات الدين ، والجهل به سبحانه من التفريط في أمور الدين ، قال ابن القيم رحمه الله : " وقد ذم الله تعالى من لم يعظمه حق عظمته ، ولا عرفه حق معرفته ، ولا وصفه حق صفته " ، والإنسان لا يكون على حقيقة من دينه إلا بالعلم بربه ، ولهذا كان أساس دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام,معرفة الله بأسمائه وصفاته وأفعاله ، قال ابن القيم رحمه الله : " مفتاح الدعوة الإلهية,معرفة الرب تعالى" . ومن سلك الطريق الموصل إليه تعالى,سلك طريق معرفته ، وعلى قدر معرفة الله يكون تعظيم الرب في القلب ، ومن عرف الله أحبه ، قال ابن القيم رحمه الله : " من عرف الله بأسمائه وصفاته وأفعاله ، أحبَّه لا محالة " انظر ( مدارج السالكين ) لابن القيم 2/495.
  ومن العلم الواجب على المكلف تعلمه ( معرفة نبيه محمد صلي الله عليه وسلم)، فإنه الواسطة بيننا وبين الله في تبليغ رسالة الله ، ومعرفته تستلزم قبول وامتثال ما جاء به من عند الله,من الهدى ودين الحق .
  كما يجب على المكلف ( معرفة دين الإسلام بالأدلة ) من الكتاب والسنة ، لأنه هو الدين الذي تعبَّد الله به الخلق ، ومعرفته والعمل به سبب لدخول الجنة ، والجهل به وإضاعته سبب لدخول النار .
  ومعرفة الله ومعرفة نبيه صلي الله عليه وسلم ومعرفة دين الإسلام ، أول ما يسأل عنها العبد في القبر,كما في حديث البراء بن عازب مرفوعاً وفيه " فيأتيه ـ أي المؤمن- مَلَكان فيجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : ربي الله ، فيقولان له : وما دينك ؟ فيقول : ديني الإسلام,فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول هو رسول الله صلي الله عليه وسلم " رواه أحمد .
  ومن كان يعرف هذه الأصول بأدلتها,حري به أن يثبت عند سؤال الملكين في قبره ، وقد ثبت في الحديث الصحيح أن بعض الناس يقول :" هاه ، هاه لا أدري " رواه أحمد .
 5والعمل به ، العمل الصالح الخالص لله الموافق لهدي النبي عليه الصلاة والسلام يشمل باب العبادة ، وباب الأحكام والأعمال كله ، عمل صالح حتى الإقتصاد والسياسة والأخلاق داخل في العمل الصالح { إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق } .
  وقال ابن باز رحمه الله : أي أن تعمل بهذا الدين من صلاة وصوم وجهاد وحج وإيمان وتقوى فتعمل بالإسلام ؛ لأنك مخلوق له ، ومخلوق لعبادة الله ؛ فعليك أن تعلم وتعمل به فتعبد الله وحده ، وتقيم الصلاة ، وتؤدي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت ، وتؤمن بالله وملائكته ورسله وكتبه وباليوم الآخر ، وبالقدر خيره وشره ، وتأمر بالمعروف ، وتنهى عن المنكر ، وتبر والديك ، وتصل الأرحام ، إلى غير ذلك فتعمل بما أمرك الله به  وتنتهي عما نهاك الله عنه ، وتترك المعاصي التي أنت منهي عنها ، وتفعل الواجبات التي أنت مأمور بها .
  6أي أن تدعو إلى هذا الدين فتنصح الناس بأن يستقيموا عليه ، وترشدهم وتأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر . هذه هي الدعوة إلى دين الإسلام . فعلى كل مسلم أن يدعو إلى الله حسب طاقته وعلمه . فكل واحد ـ رجل أو امرأة ـ عليه قسط من هذا الواجب من التبليغ والدعوة والإرشاد والنصيحة . وأن يدعو إلى توحيد الله ، وإلى الصلاة والمحافظة عليها ، وإلى الزكاة وأدائها ، وإلى صوم رمضان ، وحج البيت مع الاستطاعة ، وإلى بر الوالدين ، وصلة الأرحام ، وترك المعاصي كلها.
 7أي يصبر على الأذى في هذه الأشياء ، فقد يحصل للإنسان أذى ، قد يتعب من المدعو أو غيره ، من أهله أو غيرهم ، فالواجب الصبر واحتساب الأجر عند الله . فالمؤمن يصبر على إيمانه بالله ، ويصبر على العمل بما أوجب الله عليه ، وترك ما حرم الله عليه ، ويصبر في الدعوة إلى الله ، والتعليم ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . فلا بد من الصبر في هذه الأمور كلها . فالدين كله يحتاج إلى صبر . صبر على دعوة الله وحده ، وصبر على أن تصلي ، وتزكي ، وتصوم ، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، وصبر عن المحارم والسيئات، فتحذر من قربها . فالإنسان إذا لم يصبر ؛ وقع فيما حرم الله عليه ، أو ترك ما أوجب الله عليه . ولهذا قال تعالى لرسوله : { فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ } . وقال سبحانه : { وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا } ، وقال تعالى: { وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ } . وقال تعالى : { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } . وقال تعالى : { وَاصْبِرْ إنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } . يعني اصبروا على طاعة الله ، وترك معصيته . واحذروا مخالفة أمره وارتكاب نهيه .
 8( والدليل ) على أنه يجب علينا تعلم الأربع مسائل وهي العلم والعمل به والدعوة إليه والصبر على الأذى فيه ( قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم ) أتى بالبسملة مستفتحاً بها السورة { والعصر } أقسم تعالى بالعصر، وهو الدهر الذي هو زمن تحصيل الأرباح والأعمال الصالحة للمؤمنين ، وزمن الشقاء للمعرضين ، فهو وعاء يودع فيه العباد أعمالهم ، ولما فيه من العبر والعجائب ، والله سبحانه وتعالى له أن يقسم بما شاء من خلقه وهو سبحانه الصادق وإن لم يقسم ولكنه أقسم لتأكيد المقام {إن الإنسان } أي جنس الإنسان في هذه الحياة { لفي خسر} أي في خسران وهلاك ونقصان ، والخاسر ضد الرابح ، والخسران مراتب متعددة متفاوتة ، فقد يكون خساراً مطلقاً كحال من خسر الدنيا والآخرة وفاته النعيم واستحق الجحيم ، وقد يكون خساراً من بعض الوجوه دون بعض ، ولهذا عمم الله الخسران لكل إنسان { إلا } من استثنى الله في هذه السورة ممن اتصف بأربع صفات ، وهي الإيمان بالله حيث قال سبحانه { الذين آمنوا } فوقر الإيمان في قلوبهم ، ولا يكون الإيمان بدون العلم فهو فرع منه لا يتم إلا به { وعملوا الصالحات } بجوارحهم مكثرين منها مصطحبين فيها الإخلاص مقتفين هدي النبي ، وهذا شامل لأفعال الخير كلها الظاهرة والباطنة ، المتعلقة بحقوق الله وحقوق عباده الواجبة والمستحبة { وتواصوا } أي : أمر ووصَّى وحضَّ بعضهم بعضاً { بالحق } الذي هو الإيمان والعمل الصالح ، أي : يوصي بعضهم بعضاً بذلك ويحثه عليه ويرغبه فيه { وتواصوا } أي : ذكَّر بعضهم بعضاً { بالصبر } على المصائب والأقدار وأذى من يؤذي ممن يأمرونه بالمعروف وينهونه عن المنكر, فصبروا على ما نالهم من أذى وصبروا على طاعة الله ، وصبروا عن معصية الله ومن قام بهذه الخصال فقد جانب الخسران ، وكان من عباد الله المفلحين ، فبالأمرين الأولين وهما الإيمان والعمل الصالح يكمِّل العبد نفسه,وبالأمرين الأخيرين وهماالتواصي بالحق والصبر يكمِّل غيره ، وبتكميل الأمور الأربعة يكون العبد قد سلم من الخسار وفاز بالربح العظيم . والدين كله إيمان وعمل ودعوة وصبر ، قال ابن القيم رحمه الله : " السلف مجمعون على أن العالم لا يستحق أن يسمى ربانيا حتى يعرف الحق, ويعمل به,ويعلمه,فمن علم وعمل وعلّم فذاك يدعى عظيماً في ملكوت السماوات " زاد المعاد3 / 10 .
وقد دلت هذه السورة على المسائل الأربع التي ذكرها الشيخ :
  1. مسألة العلم يدل لها قوله تعالى: ِإلاَّ الَّذِينَ ءامَنُواْ .
  2. ومسألة العمل يدل لها قوله تعالى: وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ.
  3. ومسألة الدعوة يدل لها قوله تعالى: وَتَوَاصَوْاْ بِالْحَقّ.
  4. ومسألة الصبر يدل لها قوله تعالى : وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ.
 9في إلزامهم بالتمسك بالدين ، والعمل الصالح ، والدعوة إلى الله ، والصبر على ذلك ، فتضمنت جميع مراتب الكمال الإنساني ، قال ابن القيم رحمه الله :" الكمال: أن يكون الشخص كاملاً في نفسه, مكمِّلاً لغيره ، فهذه السورة على اختصارها هي من أجمع سور القرآن للخير بحذافيره " مفتاح دار السعادة 1 / 58 .
10 فإذا علم ، عمل على بصيرة وهدى ، وكل عمل لا يقوده العلم فهو ضرر على صاحبه ، قال ابن القيم رحمه الله : " العلم إمام العمل وقائد له,والعمل تابع له ومؤتم به,فكل عمل لا يكون خلف العلم مقتديا, به فهو غير نافع لصاحبه بل مضرة عليه,كما قال بعض السلف: من عبد الله بغير علم, كان ما يفسد أكثر مما يصلح " ، فمرتبة العلم مقدمة على مرتبة العمل ، والعلم شرط في صحة القول والعمل فلا يعتبران إلا به ، فهو مقدم عليهما، لأنه مصحح النية المصححة للعمل.
 11ولما فرغ المصنف رحمه الله من ذكر أربع مسائل يجب علينا تعلمها, أعقبها بذكر ثلاث مسائل يجب علينا تعلمها والعمل بها, فقال : ( اعلم ) علم اليقين داعياً لك قائلاً : ( رحمك الله ) بأن ينزل عليك رحمته وفضله ( أنه يجب ) وجوباً عينياً ( على كل مسلم ) مكلف ذكر ، وعلى كل ( مسلمة ) مكلفة ( تعلم ) واعتقاد ( ثلاث هذه المسائل ) الأولى: في توحيد الربوبية ، والثانية: في توحيد الألوهية ، والثالثة: في الولاء والبراء قال عنها الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : " وهذا هو حقيقة دين الإسلام, ولكن قف عند هذه الألفاظ, واطلب ما تضمنت من العلم والعمل ، ولا يمكن في العلم إلا أنك تقف على كل مسمى منها ". الدرر السنية 1 / 117 . ( والعمل بهن ) وبما دلت عليه لأنها قاعدة الدين وأساس الاعتقاد .
 12هذه المسألة الأولى ومعناها : الإقرار بتوحيد الربوبية، ومن ربوبيته تعالى إنعامه على عباده، وأعظم نعمه على عباده إرسال الرسل، وإنزال الكتب لتعريف العباد بربهم، وبحقه عليهم ، أي أن الله خلق الخلق ليعبدوه فلم يخلقهم هملاً ، ولا سداً ، ولا عبثاً ، لكنه خلقهم لأمر عظيم ، ولحكمة عظيمة فيها سعادتهم ، وفيها نجاتهم ، وهي أن يعبدوا الله وحده لا شريك له كما قال تعالى : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونَ } . وهذه العبادة أمرهم الله بها في قوله سبحانه : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ } ، وفي قوله : { وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلَا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا } ، وفي قوله : { وَمَا أُمِرُواْ إِلَّا لِيَعْبُدُواْ اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } ، في آيات كثيرة أمرهم فيها بالعبادة ، وهي توحيده جل وعلا ، وتخصيصه بالعبادة من دعاء وخوف ورجاء وتوكل ورغبة ورهبة وصلاة وصوم وغير ذلك . فهو المستحق للعبادة   جل وعلا ـ دون كل ما سواه . ويدخل في ذلك فعل الأوامر ، وترك النواهي ؛ فأداء الأوامر التي أمرك الله بها ورسوله ، وترك النواهي التي نهاك الله عنها ورسوله ؛ كل هذا داخل في العبادة ، وهذا هو الإسلام ، وهو الدين ، وهو الإيمان ، وهو الهدى . فلا تصل إلا لله ، ولا تركع إلا له ، ولا تذبح إلا له ، ولا تدع إلا إياه ، ولا تتوكل إلا عليه إلى غير ذلك من العبادات.
 13هذه المسألة الثانية إنما هي تحقيق للمسألة الأولى : أن تعلم أن الله لا يرضى أن يشرك معه أحد في عبادته ، كما أنه الخالق الرازق المحيي المميت ، الذي خلقك وأعطاك النعم ، فهو سبحانه لا يرضى أن يشرك معه أحد من الخلق ، لا نبي مرسل ، ولا ملك مقرب ، ولا غيرهما ؛ لأن العبادة حق الله وحده ، كما قال تعالى : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُواْ إِلَّا إِيَّاهُ } ، وكما قال تعالى : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } ؛ لأن الشرك به هو أعظم الذنوب ، وقد جاء في الآيات الكثيرة الأمر بإخلاص العبادة لله وحده ، والنهي عن عبادة ما سواه ، فتجمع بين أمرين : فتؤمن بأن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت، وتؤمن بأنه سبحانه هو المستحق للعبادة من ذبح وصلاة وصوم وغير ذلك من العبادات ، كما قال سبحانه : { وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَّاحِدٌ }، وقال سبحانه: { فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا } .
14 المسألة ( الثالثة ) في الولاء والبراء, وهي من المسائل التي يجب على المكلف معرفتها ، واعتقادها ، والعمل بها وذلك ( أن من أطاع الرسول ) فيما أمر به ، واجتنب ما نهى عنه ( ووحد الله ) في عبادته، وهذا فيه شحذ الهمم للعمل بهذه المسألة وفق النصوص الشرعية ، فكأنه يقول لك: أنت رجل موحد وتطيع الرسول فاعمل بهذه المسألة العظيمة وهي أنه ( لا يجوز له ) أي للموحد المطيع للرسول ( موالاة ) ومحبة ( من حاد ) وعادى ( الله ورسوله ) بل يجب عليه أن يقاطعهم و يعاديهم ( ولو كان ) من حاد الله ورسوله ( أقرب قريب ) سواء كان أباك ، أو ابنك أو أخاك ، فإن الله قطع التواصل والتواد, والقرب حقيقةً إنما هو قرب الدين لا قرب النسب ، فالمسلم ولو كان بعيد الدار فهو أخوك في الله , و الكافر ولو كان أخاك في النسب فهو عدوك في الدين .
  والموالاة هي : الموادة والصداقة ، ضد المعاداة والمحادة . قال شيخ الإسلام رحمه الله : " فإن الولاية ضد العداوة , والولاية تتضمن المحبة والموافقة , والعداوة تتضمن البغض والمخالفة " . الفتاوى5 / 510.
  وضابطها : أن تكون محبة أهل الشرك لأجل الدنيا ، ولا تكون معه نصرة ، وهذا كبيرة من الكبائر قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ ) . قال شيخ الإسلام رحمه الله : " وقد تحصل للرجل موادتهم لرحم أو حاجة ، فتكون ذنباً ينقص به إيمانه, ولا يكون به كافراً كما حصل من حاطب بن أبي بلتعة " .
  والكافر يعامل معاملة ظاهرة بدون ميل ومحبة في القلب ،وقد سئل الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف عن الفرق بين الموالاة والتولي ؟ فأجاب : " التولي كفر يخرج من الملة, وهو كالذب عنهم وإعانتهم بالمال والبدن والرأي ، والموالاة كبيرة من كبائر الذنوب, كبل الدواة, أو بري القلم, أو التبشش لهم, أو رفع السوط لهم " . الدرر السنية 8 / 422 .
   فالإيمان الواجب يوجب محادة من حاد الله ورسوله ، كما أنه يستلزم محبة من يحب الله ورسوله وموالاتهم، فمن والى الكافرين فقد ترك واجباً من واجبات الإيمان . قال شيخ الإسلام رحمه الله : " لابد في الإيمان من محبة القلب لله ولرسوله ، ومن بغض من يحاد الله ورسوله " .
 15قال المصنف رحمه الله ( اعلم أرشدك الله ) وهداك ووفقك ( لطاعته ) والدعاء بالرشاد إلى الطاعة هو من خير الأدعية وأجمعها وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : " يا علي قل: اللهم اهدني وسددني, واذكر بالهدى هدايتك الطريق, والسداد سداد السهم "رواه مسلم ؛ وإذا نال العبد طاعة الله فقد نال الخير كله ، ولكي تظفر بالخير اعلم ( أن الحنيفية ) هي إفراد الله بالعبادة بأن تعبد الله وحده مخلصاً له الدين ، فلا تصرف أي نوع من أنواع العبادة إلا لله وحده ، فمن فعل ذلك فهو المسلم الحنيف المقتفي أثر المرسلين.
  والحنيف: مشتق من الحنف وهو الميل, فالحنيف هو المائل عن الشرك قصداً إلى التوحيد, والحنيف المستقيم المستمسك بالإسلام ، المقبل على الله ، المعرض عن كل ما سواه ، وكل من كان على دين إبراهيم عليه السلام فهو حنيف . قال شيخ الإسلام رحمه الله : " فالدين الحنيف ، هو الإقبال على الله وحده, والإعراض عمَّا سواه " . الفتاوى 9 / 319
والحنيفية هي ( ملة ) إمام الحنفاء ( إبراهيم ) عليه السلام كما قال تعالى : { إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين } ،( وبذلك ) أي : بالعبادة الخالصة لله ( أمر الله جميع الناس ) من ذكر وأنثى ( وخلقهم لها ) أي للحنيفية ملة إبراهيم, وهي الأمر بإخلاص العبادة لله وحده كما قال تعالى : { وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون} ، أي : إنما خلقتهم لآمرهم بعبادتي لا لاحتياجي إليهم ( ومعنى يعبدون ) أي ( يوحدون ) بأن يوحدوا ويفردوا قصد القلب في الأعمال لله .
 16( وأعظم ما أمر الله به ) في كتابه, وأعظم ما أمر به رسله أممهم هو (التوحيد) بإفراد الله وحده بالعبادة مخلصاً له الدين ، وهو أعظم فريضة فرضها الله على العباد, علماً وعملاً, ولأجله أرسلت الرسل, وأنزلت الكتب, وبه تكفر الذنوب, وتستوجب, الجنة وبه النجاة من النار ، ومن لم يمتثل لهذا الأمر العظيم فجميع أعماله لا تقبل عند الله قال سبحانه { وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا } .
  والتوحيد ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
  1- توحيد الربوبية, وهو إفراد الله بأفعاله .2- توحيد الألوهية, وهو إفراد الله بأفعال العبادة ،3 - توحيد الأسماء والصفات, وهو أن يوصف الله بما وصف به نفسه, أو وصفه به رسوله صلي الله عليه وسلم , من غير تحريف ، ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ، ولا تمثيل، ومن حقق التوحيد بأقسامه الثلاثة فهو الموحد حقاً ، وعلى العبد أن يعلم أن (أعظم ما نهى ) الله ( عنه ) في كتابه ، وأعظم ما نهت عنه الرسل وهو (الشرك ) وهو صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله ، والشرك بالله أعظم من قتل النفس ومن قطع الطريق والسرقة وهو أعظم الفساد في الأرض ، ولا نجاة للعباد إلا بتوحيد الله وإفراده بالعباد ة ، قال شيخ الإسلام رحمه الله : " وبالجملة, فالشرك والدعوة إلى غير الله, وإقامة معبود غيره  أو مطاع متبع غير الرسول صلي الله عليه وسلم هو أعظم الفساد في الأرض، ولا صلاح لها ولأهلها إلا أن يكون الله وحده هو المعبود, والدعوة له لا لغيره, والطاعة والاتباع لرسول الله" . الفتاوى15 / 24 .
 17يجب على كل مكلف, أن يعرف ثلاثة أصول عظيمة, هي أول ما يسأل عنها العبد في قبره, فإن ثبت على السؤال كان من الناجين, وإن ضل عن جواب تلك الأصول كان من الهالكين ، ( فإذا ) سئلت عنها و ( قيل لك ) ( ما ) هي ( الأصول الثلاثة التي يجب على ) كل ( إنسان ) مكلف ( معرفتها ) والعمل بمقتضاها ؟ ( فقل ) له : الأصل الأول : ( معرفة العبد ربه ) ، وهذا أصل الأصول, لتعبده على بصيرة ويقين, فتعرفه سبحانه بما تعرَّفَ به إلينا في كتابه وعلى لسان رسوله صلي الله عليه وسلم ، من وحدانيته وأفعاله وأسمائه وصفاته . وقل له : الأصل الثاني : معرفة العبد ( دينه ) الذي تعبدنا به, وهو فعل ما أوجب علينا أن نفعله وترك ما أوجب علينا تركه . وقل له : الأصل الثالث الواجب علينا معرفته هو: معرفة العبد ( نبيه محمداً صلي الله عليه وسلم ) فإنه الواسطة بيننا وبين الله في تبليغ الرسالة, ولا طريق لنا إلى ما تعبدنا به سبحانه إلا بما جاء به النبي صلي الله عليه وسلم .
 18( فإذا قيل لك من ربك ؟ ) فقل ربي الله الذي أعبده هو ربي لأنه لا يستحق العبادة إلا الرب أي : إلا الخالق المربي ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمته وبذلك استحق العبادة ، أما الذي لا يخلق ولا يرزق ولا يربي لا يستحق العبادة ، عبادته ظلم .
{ وإن تعدوا نعمة الله } ، أي بنعم الله ربى جميع العالمين بنعمه التي لاتعد ولا تحصى نعمة الإيجاد ، نعمة الهداية ، نعمة الإسلام ، نعمة الإيمان ، نعمة الأمن والأمان وغير ذلك
قوله : ( وهو معبودي ليس لي معبود سواه ) ، والدليل قوله تعالى: { الحمد لله رب العالمين } الفاتحة : 2
  وهو معبودي ليس لي معبود سواه : الأنسب هنا أن تكون فاء الفصيحة فهو إذاً معبودي ، إذا كان هو الذي خلقني ورباني وربى جميع العالمين بنعمه فهو معبودي ليس لي معبود سواه ، فهو وحده معبودي ، تعريف جزئي الإسناد يدل على الحصر فهو المبتدأ معرفة ، معبودي الخبر معرفة لأنه أضيف إلى ياء المتكلم فهو معبودي ، فهو وحده معبودي ، لا أعبد إلا إياه ، ولذلك فسر الجملة الثانية ، تعتبر جملة تفسيرية ليس لي معبودٌ سواه ، ومن عبد غير الرب الخالق المربي للعالمين بنعمه فقد ظلم لأنه وضع العبادة في غير موضعها ، والظلم وضع الشئ في غير موضعه ، ما الدليل على كل ذلك قوله تعالى : { الحمد لله رب العالمين } خالق العالمين مربي العالمين .
  قوله : ( وكل ما سوى الله عالم وأنا واحد من ذلك العالم ) والعالم كل ما سوى الله ، وأنا واحد من ذلك العالم فالله سبحانه وتعالى هو الذي يستحق العبادة وحده لأنه هو المنعم المتفضل على العالم .
 19فإذا قيل لك بم عرفت ربك ؟ ما الدليل وما هي العلامات وما هي الآيات التي عرفت بها ربك لأن الله سبحانه وتعالى احتجب في هذه الدنيا لايرى { فإنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا } إذاً الإيمان بالله تعالى من الإيمان بالغيب لأنه غائب عن نظرك ، إن كان شاهداً معك لا يغيب عنك بعلمه وسمعه وبصره فهو معك ، وهذه معية خاصة أو معية معنوية غير حسية لكنه حساً فهو غائب عنك ، لذلك فالإيمان بالله من الإيمان بالغيب يحتاج علامة وأدلة تدل على وجود الله تعالى ما هي ؟ فإذا قيل لك بم عرفت ربك ؟ فقل بآياته ومخلوقاته عطف خاص على العام ، والآيات تشمل الآيات المخلوقة والآيات المتلوة ، والمخلوقات أخص ، فمن آياته الليل والنهار والشمس والقمر ، هذه آيات مخلوقة وعلامات وجود الرب سبحانه وتعالى ، وقدرته وإرادته وعلمه وعزته وسمعه وبصره ، ( ومن مخلوقاته السماوات السبع والأرضون السبع ) ، هذه مخلوقات وفي الوقت نفسها آيات لافرق بين هذه الآيات والتي قبلها ومن فيهن وما بينهما
 20هذا فيه الاستدلال على ربوبية الله سبحانه وتعالى، واعلم أن الله سبحانه وتعالى قد أقام الأدلة الدالة على ربوبيته سبحانه وتعالى، وأنه رب العالمين، أقامها بأنواعٍ مختلفة وصور متعددة في السماوات والأرض والأنفس، فالآيات الدالة على ربوبية الله جل وعلا لا حصر لها.وفي كل شيءٍ له آية .. تدل على أنه واحد.
 21( و الرب ) الخالق لتلك المخلوقات العظيمة, من السموات السبع,وما فيهن وما بينهما, هو المالك المتصرف المتصف بصفات الكمال و( هو المعبود) المستحق للعبادة وحده دون من سواه ، وما سواه مخلوق مربوب ضعيف لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ( و الدليل ) على أن الرب هو المعبود (قوله تعالى: يا أيها الناس ) من عرب وعجم, ذكر و أنثى ( اعبدوا ) ووحدوا الله فهو ( ربكم ) المنعم عليكم بالنعم الظاهرة والباطنة, وهو ( الذي خلقكم ) وأوجدكم من العدم ( والذين من قبلكم ) كذلك خلقهم الله بعد أن لم يكونوا شيئاً ، وذكركم الله بهذه النعمة العظيمة ( لعلكم تتقون ) خالقكم وتأتمرون بأوامره وتجتنبون نواهيه فهو ( الذي جعل لكم الأرض فراشاً ) بساطاً ممهداً لكم تستقرون عليها, وتقضون عليها معايشكم ( والسماء ) جعلها ( بناء ) لكم وقبة مضروبة عليكم, وسقفاً محفوظاً مزيناً بالمصابيح والعلامات التي تهتدون بها في ظلمات البر والبحر , أرضٌ تقلنا وسماء تظلنا, لا غنى لنا عن إحداهما .( وأنزل من ) السحاب الذي في ( السماء ماءً ) عذباً مباركاً ( فأخرج به من كل الثمرات ) المتنوعة من نخيل وفواكه وزروع وغيره ( رزقاً ) طيباً ( لكم ) لتستمتعوا بالطيبات, وتستعينوا بها على طاعة الله , ومن كانت هذه نعمه فهو المستحق أن يعبد وحده, فاشكروا نعمه, ومن شُكْرهَا ( فلا تجعلوا لله أنداداً ) وشركاء و نظائر معه في العبادة ( وأنتم تعلمون ) بطلان ذلك وأنها لا تستحق العبادة فكيف تعبدون معه آلهة أخرى مع علمكم ببطلان ذلك؟! وهذا أوضح دليل عقلي على وحدانية الله وبطلان الشرك .
22 ولما بين المؤلف أن الواجب أن نعبد الله وحده ذكر شيئاً من أنواع العبادة فقال: ( وأنواع ) وأصناف ( العبادة التي أمر الله بها ) عباده وتعبدهم بها كثيرة جداً, ذكر المصنف رحمه الله منها سبعة عشر مثالاً لأنواعها, وهي ( مثل ) الإسلام والإيمان والإحسان ) . وهذه الثلاثة أعلى مراتب الدين, وأهم أنواع العبادة, لذلك بدأ المصنف بها, فالإسلام بأركانه من صلاة وصيام عبادة, وهكذا الإيمان بأعماله الباطنة كالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره, وكذلك الخوف والمحبة والرجاء, إلى غير ذلك, فكل ما يتعلق بالقلوب داخل في العبادة, بل هو أعلى أنواع العبادة وأعظمها ، ومرتبة الإسلام هي : أوسع دوائر الدين ، يليها مرتبة الإيمان وهي أضيق من دائرة الإسلام ، ثم دائرة الإحسان وهي أضيق تلك الدوائر ، والداخلون في دائرة الإحسان قلَّة من عباد الله,وهي مرتبة زاكية عالية لا ينالها إلا من اصطفاهم الله, قال شيخ الإسلام رحمه الله : " أحوال القلوب وأعمالها,مثل محبة الله ورسوله صلي الله عليه وسلم وخشية الله ، والتوكل عليه ، والصبر على حكمه ، والشكر له ، والإنابة إليه ، وإخلاص العمل له ، مما يتفاضل الناس فيه تفاضلاً, لا يعرف قدره إلا الله عز وجل " . ( ومنه ) : أي : من أنواع العبادات أيضاً التي أمر الله بها ( الدعاء ) وإنزال الحوائج به سبحانه ، ( والخوف ) منه جل وعلا ( والرجاء ) والطمع بما عند الله ( والتوكل ) وتفويض الأمور إليه ( والرغبة ) فيما عند الله ( والرهبة ) منه جل وعلا ( والخشوع ) لله ( والخشية ) منه ( والإنابة ) إلى الله والرجوع إليه،( والاستعانة ) به سبحانه ، ( والاستعاذة ) باللجوء إليه ( والاستغاثة ) به جل وعلا ، (والذبح ) للقرابين له وحده ، وعدم ( النذر ) إلا له ( وغير ذلك من أنواع العبادة ) المتنوعة ( التي أمر الله بها ) كبرِّ الوالدين ، وصلة الأرحام ، وإكرام الضيف ، وحسن الخلق , وكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة و الباطنة فهو عبادة قال شيخ الإسلام : " العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه, من الأقوال والأعمال, الباطنة والظاهرة "  , فالعبادة تشمل جميع أنواع الطاعات ، وتتضمن كمال الحب ، وكمال التعظيم  وكمال الرجاء والخشية والإجلال والإكرام ، قال ابن القيم رحمه الله : " العبودية تجمع كمال الحب, في كمال الذل, وكمال الانقياد لمراضي المحبوب وأوامره, فهي الغاية التي ليس فوقها غاية " .وهذه الأمثلة منها ما هو عبادات قلبية وهو الأكثر والغالب ومنها ما هو عبادات فعلية. ومنها ما هو عبادات قولية. فمثل رحمه الله لجميع العبادات.
 23( فمن صرف) أي عبد ( منها ) أي : من أنواع العبادة التي ذكرها المصنف أو غيرها ( شيئاً ) ولو يسيراً ( لغير الله ) مثل لو دعا غير الله من الأموات أو الغائبين ، أو رجاهم ، أو خافهم ، أو سألهم قضاء الحاجات ، أو تفريج الكربات أو غير ذلك ( فهو مشرك كافر ) أي : الشرك الأكبر, والكفر المخرج عن الملة, قال شيخ الإسلام رحمه الله : " فإن المسلمين متفقون على ما علموه بالاضطرار من دين الإسلام ، أن العبد لا يجوز له أن يعبد ولا يدعو ولا يستغيث ولا يتوكل إلا على الله, وأن من عبد ملكاً مقربا,ً أو نبياً مرسلاً, أو دعاه, أو استغاث به فهو مشرك " الفتاوى3 / 272 .
 24ولما ذكر المصنف رحمه الله أنواعاً من العبادة مجملة, شرع في ذكر أدلتها, أما الإسلام والإيمان والإحسان فسيذكر أدلتها مفصلة في الأصل الثاني ، فبدأ بالدعاء الذي هو أصل العبادات وأساسها فقال ( وفي الحديث ) الذي يدل على أن الدعاء من أنواع العبادة ما رواه الترمذي أن النبي صلي الله عليه وسلم، قال : ( الدعاء ) وسؤال الله الحوائج ( مخ ) أي لبُّ وخالص ( العبادة ) التي أمر الله بها الخلق كما يفسره الحديث الآخر أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " الدعاء هو العبادة " رواه أبو داود ، فجعل الدعاء هو عين العبادة ، ودعوة الرسل جاءت لتتوجه القلوب لسؤال الله وحده ، ودعاء وسؤال غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله من أنواع الشرك الأكبر المحبط لجميع الأعمال جاء في الدرر السنية1/ 196 : " اتفق العلماء كلهم, على أن من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ، ويتوكل عليهم ، ويسألهم ، فقد كفر ".. والدعاء من أكثر أنواع الشرك وقوعاً بين الخلق جاء في الدرر السنية1/199 :" من أعظم أنواعه - أي : الشرك - وأكثره وقوعاً في هذه الأزمان : طلب الحوائج من الموتى, والاستغاثة بهم, والتوجه إليهم, وهذا أصل شرك العالم..،وهذا متفق عليه أنه من الشرك الأكبر" .
 25منزلة الخوف من أجلِّ العبادات القلبية ، وهي فرض على كل أحد ، وهو ركن العبادة الأعظم, ولا يستقيم إخلاص الدين لله إلا به, قال ابن القيم : " وأما الوجل, والخوف, والخشية, والرهبة, ألفاظ متقاربة غير مترادفة " أي معانيها مختلفة.و قال ابن القيم : " وأما الوجل : فرجفان القلب وانصداعه لذكر من يخاف سلطانه, وعقوبته, أو لرؤيته " . مدارج السالكين 1 / 513.
  والخوف: هو تألم القلب وحركته بسبب توقع مكروه في المستقبل ، والخوف المحمود ما حجزك عن محارم الله .
  ( ودليل) أن ( الخوف ) عبادة من العبادات لا يصرف إلا لله ( قوله تعالى : فلا تخافوهم ) أي : المشركين فإن نواصيهم بيدي ( وخافون ) فأنا ربكم الذي ينصر أولياءه الخائفين منه ( إن كنتم مؤمنين ) بي .
 26الرجاء عبادة قلبية ، وهو : الرغبة والطمع في الحصول على شيء مرجو ، وهو يتضمن التذلل والخضوع .والفرق بين الرجاء والتمني: أن الرجاء يكون مع بذل الجهد وحسن التوكل ، والتمني يكون مع الكسل .
 27وهكذا التوكل عبادة ، وهو التفويض إلى الله ، والاعتماد عليه في كل الأمور مع الأخذ بالأسباب . فتعتمد على الله في السلامة من الشر ، والعافية من الفتن ، وحصول الرزق ، وفي دخول الجنة ، والنجاة من النار ، مع الأخذ بالأسباب المشروعة ، قال تعالى : { وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُواْ إِنْ كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ } ، وقال تعالى : { وَمَن يَّتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } : يعني كافيه .
 28وأنّها عبادات قلبية, من أجّل العبادات, وصرفها لغير الله شرك أكبر. والرغبة: السؤال والطلب, والابتهال والتضرع, والرهبة: الخوف والفزع, والخشوع: التذلل, وهو قريب من الخضوع إلا أن الخضوع في البدن, والخشوع في القلب والبصر والصوت.
 29فعلة من خشيه: خافه واتقاه, فهي بمعنى الخوف, لكنها أخص منه, وهي من أجل أنواع العبادة وصرفها لغير الله شرك أكبر.
  30وهكذا الإنابة عبادة : قال تعالى : { وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له } . والإنابة معناها : الرجوع إلى الله ، والتوبة إليه ، والاستقامة على طاعته ؛ فهذه عبادة لله ، يجب على الناس أن ينيبوا إلى الله ، ويرجعوا إليه ، ويتوبوا إليه ، ويستقيموا على طاعته .
 31وهكذا الاستعانة عبادة كما قال تعالى : { إياك نعبد وإياك نستعين } ، وفي الحديث : " إذا استعنتَ فاستعنْ بالله " . فيستعين العبد بالله ؛ فتقول : اللهم أعني على ذكرك وشكرك ، اللهم أعني على طاعتك، اللهم أعني على كل خير ، إلى غير هذا ، تستعين بالله في كل المهمات .
32 وهكذا الاستعاذة عبادة : أن تستعيذ بالله من الشرور ، وتلجأ إليه ، كما قال تعالى : { قل أعوذ برب الفلق } وقوله : { قل أعوذ برب الناس } . فالاستعاذة بالله من الشيطان ، ومن كل مؤذ ، ومن كل عدو، أمر مأمور به ، كما قال تعالى : { وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله } .
33 وهكذا الاستغاثة عبادة أن تستغيث بالله في الشدائد من عدو ، أو تطلبه إنزال الغيث المبارك، أو يكشف الضر ، كما قال تعالى : { إذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ } .والاستغاثة كذلك تطلب من إنسان ليحميك لتدخل البيت وتستغيث برجال الإطفاء ( الإسعاف ) فيما يقدرون عليه جائز ، لكن تستغيث بالله فيما لا يقدر عليه إلا الله ، وأما تستغيث بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله تلتجئ إلى غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله هنا الشرك .
34أي: ذبح القربان لله تعالى, وأنه عبادة من أفضل العبادات وأفضل القربات إلى الله تعالى, والذبح يقال للبقر والغنم, وأما الإبل فالنحر, ويجوز العكس, وعبر بالذبح,لأنه الأكثر.
  اللعن: الطرد والإبعاد، والملعون: من حقت عليه اللعنة أو دعي بها عليه, واللعن من الخلق: السب, وقال شيخ الإسلام: "إن الله يلعن من استحق اللعن بالقول, كما يصلي على من استحق الصلاة من عباده, وقال: وما ذبح لغير الله مثل أن يقول: هذه ذبيحة لكذا, وتحريمه أظهر من تحريم ما ذبح للحم وقال فيه: بسم المسيح أو نحوه, وإذا حرم فلأن يحرم ما قيل فيه لأجل المسيح أو قصد به أولى" ودل الحديث على أن الذبح عبادة, لأن الله لعن من صرفه لغيره, و العبادة كلها مختصة بالله, فإذا صرفها أحد لغير الله بأن ذبح للأصنام أو للقبور المعبودة من دون الله التماساً لشفاعة أربابها أو لقدوم سلطان أو نحو ذلك مشرك .
 35وأنه عبادة يجب إخلاصها لله تعالى, والنذر في اللغة: الإيجاب, ومنه قولهم: نذرت دم فلان إذا أوجبته, وشرعاً: إيجاب المكلف على نفسه ما ليس واجباً عليه شرعاً, تعظيماً للمنذور له.
 36لما فرغ المصنف قدس الله روحه من الأصل الأول وشرحه وبسطه, شرع في ذكر الأصل الثاني من أصول الدين, الذي لا ينبني إلا عليها, وهو معرفة دين الإسلام بالأدلة من الكتاب والسنة, والدين: الطاعة والتوحيد وجميع ما يتعبد به, وقوله: (بالأدلة) تنبيه على أنه لا يسوغ التقليد في ذلك,فيصير الرجل إمّعة, بل لابد أن يكون معه أدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على ما خلق له, ليكون على نور وبرهان وبصيرة من دينه, فإن لم يكن على حقيقة من دينه فإنه يخشى عليه في حياته, وبعد مماته عند سؤال الملكين إذا سألاه في القبر أن يصل له الشك, فيجيب الجواب السيئ يقول: هاه هاه لا أدري, سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته, بخلاف من يعرف أدلة دينه من الكتاب والسنة وكان على القول الثابت في الدنيا فإنه يقول عند سؤال الملكين: ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم, فإن من أسباب الثبات عند السؤال معرفة الدين بالحجج من الكتاب والسنة والعمل به.
 37أي: الذل والخضوع لله بإفراده بالربوبية و الخلق والتدبير, وإفراده بجميع أنواع العبادة, مشتق من التسليم للمنية, واستسلام فلان للقتل: أسلم نفسه وانقاد وذل وخضع,أو من المسالمة: وهو ترك المنازعة.
 38أي: بفعل المأمورات من الطاعات, وفعل الخيرات وترك المنهيات والمنكرات,طاعة لله تعالى وابتغاء وجهه, ورغبة فيما عنده, وخوفاً من عقابه, وفعل الأمر وترك النهي ابتغاء وجه الآمر الناهي, هو الذي جاءت به جميع الرسل.
  39فلابد أن يتبرأ من الشرك, ومن أهل الشرك في الاعتقاد والعمل والمسكن, بل من كل خصلة من خصالهم, ومن كل نسبة من النسب إليهم, معادياً أشد معاداة,غير متشبه بهم في قول أو فعل.
 40والإسلام أوسع لأن الإسلام هو الاستسلام الظاهري قد يدخل فيه إسلام المنافقين والإيمان أضيق وأخص لأن الإيمان لابد أن يكون هناك تفريق في القلب زيادة على الإسلام الظاهري ، والإحسان أدقهما ، والإحسان الإتقان، فالمحسنون خلص المؤمنون، وإذا وصل الإنسان إلى درجة الإحسان كان مسلماً مؤمناً إزداد زيادة بزيادة الأعمال حتى قوي إيمانه وارتقى وقوي ووصل إلى درجة من شدة مراقبة الله تعالى أنه يعبد الله كأنه يشاهده تؤثر فيه مراقبة الله ومحبة الله وخشية الله إلى درجة أنه يعبده كأنه يراه فيشاهدة إيماناً منه بأنه يطلع عليه الله دائماً وأبداً فالله يراه ويسمعه ويعلم منه كل شيء.
 41ذكر الشيخ أركان الإسلام أخذاً من الحديث الصحيح "بني الإسلام على خمس" أي: قواعد أو دعائم, وفي رواية ( على خمسة ) أي: أركان, مثل الإسلام ببناء أقيم على خمسة أعمدة لا يستقيم إلا بها, وقدم الأهم فالأهم, فبدأ بقطبها شهادة أن لا إله إلا الله, ثم ثنى بشهادة أن محمد رسول الله, وكثيراً ما تقرن بها, تم قال: وإقام الصلاة, وإيتاء الزكاة, وصوم رمضان, وحج بيت الله الحرام, فهذه مباني الإسلام التي ابتنى وتركب منها, وتأتي أدلتها, وكل خصلة من خصال الإيمان داخلة في الإسلام, وكل خصلة من خصال الإسلام داخلة في الإيمان, فما كان للأعمال الباطنة فمصف الإيمان أغلب من وصف الإسلام, وما كان من الأعمال الدينية الظاهرة كالشهادتين والصلاة وأنواع العبادات التي تظهر ويطلع عليها الناس.
 42مراده الشهادة لله تعالى وحده بالألوهية، واستدل على وجوب الشهادة لله تعالى وحده بقوله تعالى: ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) ووجه الدلالة على وجوب الشهادة لله تعالى أن الله سبحانه وتعالى شهد لنفسه على  انفراده بالألوهية، وشهادة الله سبحانه وتعالى تتضمن الحكم والقضاء والإلزام، ولذلك فسّر جماعة من السلف قوله تعالى: ( شَهِدَ اللَّهُ ) بقضى الله، وهذا لا غرابة فيه، فإن شهادة الله قضاء، وحكم، وفصل، وإلزام، ودليل ذلك قوله تعالى: ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاه) فالشهادة قضاء كما أن الشهادة إعلان وإخبار وإظهار وبيان، وهي لا تكون إلاّ عن علم، فكذلك هي في حق الله تعالى تكون حكماً وقضاءً
 43معناها لا معبود بحق إلا الله ، وتقدير لا معبود بحق أمر ضروري ومن يقول لا معبود إلا الله دون تقدير إما بحق أو حق يخطئ لا يفهم معنى لا إله إلا الله لأن معنى ذلك ينفي وجود المعبودات مطلقاً وهذا خلاف الواقع ، المعبودون موجودون في كل وقت ، ولكن المعبود بحق هو الله وحده هذا معنى أن الشهادة تشتمل على الكفر والإيمان ـ الكفر بما يعبد وبمن يعبد من دون الله ، والإيمان بعبادة الله وحده لا معبود بحق إلا الله وحده وأما من عبد وما عبد منذ أن عبدت الأصنام والأوثان إلى يوم الناس هذا عبادتهم باطلة وهم في اللغة يطلق عليهم آلهة ، والعرب كانت تسميهم آلهة والناس اليوم لما جهلوا اللغة لا يسموهم آله ، يسمونهم مشايخ والصالحين والأولياء والأضرحة والمقامات أسماءٌ مغيرة فهي آله ، كل ما عبد من دون الله ولو حجراً أو شجراً أو شيطاناً أو ولياً لا فرق أي لا فرق بين أن يعبد الإنسان صالحاً أو يعبد شيطاناً أو طالحاً كلها آلهة بالباطل لا تستحق العبادة ولو كانوا من الصالحين .
 44وتفسيرها الذي يوضحها يريد أن يقول الشيخ : هذه الكلمة تفسرها آيات قرآنية كثيرة وذكر منها بعضها تفسير لا إله إلا الله في القرآن آيات قرآنية تفسر لاإله إلا الله .
 45وأما الشهادة الثانية وهي : أن محمدا رسول الله؛ فدليلها قوله تعالى : { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ } ، يعني : محمدا ـ عليه الصلاة والسلام ـ تعرفونه؛ لأنه من أنفسكم ، وهو من أشرف قبائلكم من بني هاشم : { عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنتُِّمْ } : أي يشق عليه ما يشق عليكم ، { حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ } : يعني على هدايتكم ، وإنقاذكم من النار . وقال تعالى : { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ } .
 46وبعد هذه الشهادة على العبد أن يطيعه فيما أمر ، وأن يصدقه فيما أخبر ، وأن يجتنب ما عنه نهى وزجر ، وألا يعبد الله إلا بما شرع .فلا بد من هذه الأمور الأربعة :
  الأول : طاعته فما أمر من الصلاة والزكاة وغيرها .
  الثاني : تصديقه فيما أخبر عن الآخرة والجنة والنار وغير ذلك .
  الثالث : واجتناب ما عنه نهى وزجر ، كالزنا والربا وغير ذلك مما نهى الله عنه ورسوله صلي الله عليه وسلم .
  الرابع : وأن لا يعبد الله إلا بما شرع ؛ فلا يبتدع في الدين مما لم يشرعه الله ؛ لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " من عمِل عمَلًا ليسَ عليهِ أمْرُنا فهو رَدٌّ " . وفي رواية : " مَنْ أحْدَث في أمرنا ما ليس منه فهو ردّ " : أي مردود .
 47أي:ودليل الصلاة والزكاة, فإنهما ركنان من أركان الدين الخمسة التي لا يستقيم إسلام عبد إلا بهما, وكذا في الآية تفسير التوحيد أيضاً, وهو الأساس الذي لا يستقيم إسلام عبد إلا به
 48وأنه أحد أركان الإسلام الخمسة التي لا يستقيم الإسلام إلا بها, والصيام في اللغة: الإمساك, وفي الشرع : هو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع, مع النية في وقت مخصوص, من شخص مخصوص.
 49وأنه أحد أركان الإسلام، والحج لغة: قصد الشيء وإتيانه، وشرعا: قصد مكة لعمل مخصوص، في زمن مخصوص .
 50قدم المرتبة الأولى: وهي الإسلام، وثنى بمرتبة الإيمان، وهي أعم من مرتبة الإسلام من جهة نفسها، وأخص من جهة أصحابها، وأهله هم خواص أهل الإسلام، وأهل الإسلام أكثر من أهل الإيمان، بخلاف العكس، كما قال تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: من الآية14]، فإن من حكمت له النصوص أنه مؤمن فإنه مسلم على كل حال، فإن الإيمان وصف أعلى من وصف الإسلام، لأنه مشتق من الأمن فهو من الأمور الباطنة الذي يؤتمن عليه, ويكون خفية, والإسلام من الأمور المدركة المحسوسة في الظاهر,مشتق من التسليم أو المسالمة كما تقدم, فإذا أطلق الإيمان في النصوص دخل فيه الإسلام, وإذا أطلق الإسلام لم يدخل فيه الإيمان, ومن أثبت له الإيمان في النصوص, فإنه ثابت له الإسلام.
 وقال الشيخ خالد المصلح : فرغ الشيخ رحمه الله من المرتبة الأولى وهي مرتبة الإسلام وتلخص لنا: أن الإسلام هو الطاعات الظاهرة، هذا باعتبار ذكر الإسلام مع الإيمان والإحسان، لأن تعريف الإيمان وتعريف الإسلام وتعريف الإحسان يختلف فيما إذا اقترن شيء منها بالآخر، وفيما إذا جاء كلٌ منها على انفراد، فإذا جاءت منفردةً كان الإسلام يشمل الإيمان والإحسان، وإذا جاء الإيمان منفرداً كان الإيمان شاملاً للإحسان والإسلام، وكذلك الإحسان إذا جاء منفرداً شمل الإسلام والإيمان، وانتبه لهذا التفريق. أما إذا اجتمعت كما هو الحال في حديث جبريل فإن الإسلام يختص بالأعمال الظاهرة قوليةً أو فعليةً، والإيمان يختص بالأعمال الباطنة، والإحسان هو الكمال والغاية في هذين الأمرين، أعمال الظاهر، وأعمال الباطن.
 51الِبضع: بكسر الباء من الثلاثة إلى التسعة, والشعبة: الطائفة من الشيء والقطعة منه, وشعبة من شعب الإيمان يدخل تحتها أفراد من الخصال, فهي من حيث هذا العدد يكون تحتها أفراد.
 52أي: فأعلى شعب الإيمان قول العبد: لا إله إلا الله, فهي كلمة الإخلاص, وكلمة الإسلام, وهي العروة الوثقى, وكلمة التقوى, وأساس الملة, ومفتاح الجنة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

متن الأصول الثلاثة للشيخ محمد بن عبد الوهاب Empty
مُساهمةموضوع: تابـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع   متن الأصول الثلاثة للشيخ محمد بن عبد الوهاب I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 24, 2013 6:50 pm

53أي: وأصغر شعب الإيمان إزالة الأذى عن الطريق, من شوك وحجر ونحو ذلك, مما يتأذى المار به.
54 أي: بعض منه, وإنما جعله بعضه, لأن المستحي ينقطع بحياته عن المعاصي, ولأن الإيمان ينقسم إلى ائتمار وانتهاء, فإذا حصل الانتهاء بالحياء كان بعض الإيمان, والحياء من أفضل الأخلاق, و أجلها و أعظمها قدرا, بل هو خاصة الإنسانية, وفي الحديث: "إذا لم تستح فاصنع ما شئت", وهو غريزة يحمل المرء على فعل ما يجمل و يزين, و يمنعه من فعل ما يدنس ويشين.
55أي: أصول الإيمان التي تركب منها, والتي يزول بزوالها ستة أركان, ويكون بزوال الواحد من تلك الستة كافراً كفراً يخرج من الملة, وما عداها لا يزول بزواله.
56هذا أعظم أركان الإيمان, وهو أصل الأصول, ومعناه: الإيمان بوحدانية الله تعالى, وتفرده بأسماءه وصفاته, والإيمان بأنه الإله الحق, وأن من عبد من دونه فعبادته أبطل الباطل, وأضل الضلال.
57يعني: وأن تؤمن بجميع ملائكته, وهم الجنس المعروف من خلق الله بتعريف النصوص, عباد مكرمون, خلقوا من نور, يؤمن بهم إجمالاًً في الإجمالي, وتفصيلا في التفصيل, وتعين في التعين, مثل ما ورد في الكتاب العزيز والسنة المطهرة, كجبرائيل, وميكائيل, وإسرافيل, مالك,ورضوان, وغيرهم.
58المنزلة على الأنبياء من السماء, إجمالاً في الإجمالي, وتفصيلاً في التفصيلي, ويفصل بالإيمان, بالقرآن, والزبور, والتوراة, والإنجيل, إلى آخر الكتب المنزلة.
59 أي: وكذا الإيمان بجميع رسله إجمالاً في الإجمالي, وتفصيلاً في التفصيلي, فيؤمن بمن جاء تفصيلهم في الكتاب و السنة على التعين, وأعظم ذلك الإيمان بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم, وممن يؤمن بهم تفصيلاً أولوا العزم من الرسل: نوح, وإبراهيم, وموسى, وعيسى, ومحمد عليه أفضل الصلاة و السلام, ويؤمن بغيرهم ممن سمى الله في كتابه أو على لسان رسوله في السنة المطهرة, ومن لم يسمى في النصوص يؤمن بهم إجمالاً {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ } [البقرة: من الآية285] والإيمان بهم فرض, وهو: التصديق بأنهم رسل الله إلى عباده, صادقون فيما أخبروا به عن الله تعالى.
60 أي: بما يكون بعد الموت في البرزخ, وبالحساب, والميزان, والجنة, والنار, و الإيمان بعذاب القبر و نعيمه, وأكبر ذلك و أعظمه الإيمان ببعث هذه الأجساد وإعادتها كما كانت أجساداً بعظامها وأعصابها .
61 أي: بما قدره الله, يعني: كتبه من خير وشر, والإيمان بالقدر يتضمن الإيمان بأربعة أشياء: الإيمان بعلم الله القديم, فإن الرب تعالى علم بعلمه القديم ما هو كائن, والإيمان بأن الله كتب ما علم أنه كائن من العباد, والإيمان بأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن, وأنه ما في السموات وما في الأرض من حركة ولا سكون إلا بمشيئة الله تعالى, وأن الله تعالى اوجد جميع الخلق, وأن ما في الكون بتقدير الله وإيجاده, فلا يصير المرء مؤمناً بالقدر إلا بالإيمان بهذه الأربعة الأشياء, وأن يعلم أنما أصابه لم يكن ليخطأه, وما أخطأه لم يكن ليصبه, وفي الأثر: " ما لم يؤمن بالقدر خيره وشره أحرقه الله بالنار".
62قد اشتملت هذه الآية على جملا عظيمة, وعقيدة مستقيمة, وروي أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الإيمان, فتلا هذه الآية { لَّيْسَ الْبِرَّ } وهو كل عمل خير يفضي بصاحبه إلى الجنة. { أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ } أي: ليس بالبر كله أن تصلوا إلى بيت المقدس إن لم يكن أمر الله وشرعه, وذلك لما حولوا إلى الكعبة.
63قدم مرتبتي الإسلام والإيمان, وثلث بالرتبة الثالثة من مراتب الدين, وهي الإحسان, والإحسان: نهاية الإخلاص, والإخلاص: هو إقاع العمل على أكمل وجوهه في الظاهر و الباطن, بحيث يكون قائما به في الباطن والظاهر على أكمل الوجوه, وهذا هو الإحسان, ولذا يفسر بالإخلاص, واشتقاقه من الحسن نهاية الإخلاص الناشئ عن حقيقة الاستحضار, ومن حيث الظاهر كمال المتابعة, وتفسيره بالإخلاص تفسير له بنتيجته وثمرته, فإن من اتصف بذلك فإنه يكمل العلم في الظاهر و الباطن فالإحسان أعلى المراتب .
64أي: والإحسان: هو أن تعبد الله العبادة البدنية كالصلاة, أو المالية كالذبح, كأنك تشاهد معبودك الذي قمت بين يديه وقربت له القربان وأطعته فيما أمرك به, فإنه إذ انكشفت الحقيقة للقلب و بلغ العبد في مقام المعرفة إلى حد كأنه يطالع ما اتصف به الرب سبحانه من صفات الكمال ونعوت الجلال وأحست الروح بالقرب الخاص الذي ليس كقرب المحسوس من المحسوس حتى يشاهد رفع الحجاب بين روحه وقلبه وبين ربه أفضى القلب والروح حينئذ إلى الرب فصار يعبده كأنه يراه.
65أي: وإن لم تعبده على استحضار الدرجة الأولى -درجة المراقبة- فاعلم أنه يراك سميع عليم بصير, مطلع على جميع خفياتك. فهاتان درجتان إحداهما أكمل من الأخرى, فإن لم تحصل على عبادة الله كأنك تشاهده فاعبده على مرأى من الله, وأنه سمع عليم بجميع ما تفعله.
66فيها دليل على المقام الثاني، وهو استحضار رؤية الله عز وجل للعبد، فالله عز وجل يأمر نبيه صلي الله عليه وسلم أن يتوكل عليه فيقول: ( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيم ) وانظر كيف ذكر هذين الوصفين في باب التوكل، العزيز الذي يمنعك، والرحيم الذي يوصل إليك البر والإحسان، وبهما يحصل للخائف والقلق مقصوده، وهو الأمن وسكون النفس من الخوف، ولا يكون فيها نظر إلى غير الموصوف بهذين الوصفين، لأن الذي يطلب أمراً ويسعى في تحقيقه سواء دفعاً أو جلباً إذا علم أنه يستند ويعتمد على من يمنعه ومن يوصل إليه الخير فإنه لا يكون في قلبه نظر إلى غير من يتصف بهذين الوصفين، وهما العزّة والرحمة، وهذا هو السر في ذكر هذين الاسمين في مقام التوكل، (الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ) وهذا فيه إثبات رؤية الله عز وجل لعباده، حين تقوم أي: في صلاتك وعبادتك (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) أي: تغير أحوالك في العبادة من قيام وركوع وسجود، وهذا فيه الحامل للعابد أن يحسن العبادة، أنت إذا وقفت في صف الصلاة وأردت الدخول فيها فاستحضر هذا الأمر، أن الله جل وعلا يراك، وستجد في هذا الاستحضار أثراً في إحسان العبادة وتجويدها وإصلاحها والمبالغة في إحسان العمل.
67وهذا هو الشاهد من الآية، وهو إثبات شهود الله عز وجل على أحوال العبد، وأنه يراه وأنه مطلع عليه سبحانه وتعالى، لا تخفى عليه من شؤون العبد خافية قال: ( إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ) يعني: إذ تدخلون وتشرعون وتقبلون فيه، يعني في هذه الأعمال التي قال: (وَما تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ) ، وهذا فيه تمام شمول علم الله عز وجل واطلاعه على حال العبد، وهو دليل على المقام الثاني من مقامات الإحسان.
68ثم بعد أن فرغ المؤلف رحمه الله من ذكر هذه المراتب وأدلتها من الكتاب انتقل إلى بيان الدليل من السنة على هذه المراتب جميعاً، التي بينها حديث جبريل، وهو الحديث المشهور الطويل المعروف الذي اتفق أهل العلم على صحته وتلقته الأمة بالقبول.
69وفائدة هذه المقدمة : بيان غرابة حال هذا السائل، رجل ليس من المدينة وحاله حال المقيم في ثوبه وبدنه، فشعره شديد السواد، وثوبه شديد البياض، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد.
قال ابن حجر ـ رحمه الله ـ : العلامات التي يريد أن يذكرها النبي عليه الصلاة والسلام الأشياء الغريبة التي لا عهد للأولين بها ووجود التسمي بالجواري والإنجاب منها شيء معلوم حتى في صدر الإسلام إذاً ما هو المعنى الغريب الذي يكون علامة وإمارة لقيام الساعة من سوء الأحوال ،و معنى ذلك أن يصاب الأولاد بالعقوق فيستعمل الولد والدته فيستخدمها فيهينها فيضربها ويسبها فيجعلها كالجارية والأمة والخادمة التي تعمل عنده ومن سوء التصرف يصل الحال بالولد في آخر الوقت من علامات الساعة أن يكثر العقوق وأن يكون الولد عاقاً لوالدته فيهينها فيضربها ويسبها كأنها أمة جارية عنده.
وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان ، يأتي وقت على الناس وقد أتى أهل البادية المعروفين بالفقر وسوء الحال الذين يمشون حفاة عراة أو شبة عراة وفقراء ليس فيهم شيء من الحضارة وآثار الغنى يأتي على الناس يومٌ على أولئك يتركون خيامهم ويبنون الفلل والقصور في محلات الخيم فيتفاخرون ويتطاولون بفللهم بقصورهم وهذا هو واقعنا الآن ومشاهدة .
قال : " هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم " ، ما أعظم هذا الدين ، الدين الذي بعث به خاتم النبيين ثم يرسل جبرائيل الذي اصطفاه من الملائكة رسولاً ليعلم أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ويكرمهم هذا الإكرام يعلمهم بهذه الطريقة أتاكم يعلمكم أمر دينكم.
وفي رواية: "يعلمكم دينكم", فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم ما ذكر في هذا الحديث هو أمر الدين, بل هو الدين, فإنه قد اشتمل على أصول الدين والعقائد بل انحصر في العلوم الشرعية التي يتكلم عليها فرق المسلمين في هذا الحديث, ورجعت كلها إليه, وعقيدة أهل السنة و الجماعة عليه, وشرفه وجلالته أمر مجمع عليه.
73فمعرفة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هي أحد الأصول الثلاثة, فكما أن الأصل الأول: وهو معرفة الله العظيم وواجب معرفته, وكذلك الأصل الثاني: وهو معرفة دين الإسلام الذي خلقنا الله له وتعبدنا بالقيام به أصل عظيم وواجب معرفته, فكذلك هذا الأصل الثالث: وهو معرفة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أصل عظيم يجب معرفته, فإنه صلى الله عليه وسلم هو الواسطة بيننا وبين الله تعالى, ولا وصول لنا ولا اطلاع لنا ولا طريق لنا ولا نعرف ما ينجينا من غضب الله وعقابه ويقربنا من رضي الله وثوابه إلا بما جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم, وإذا كان كذلك عرفنا وجه كون معرفته أحد الأصول الثلاثة التي يجب معرفتها, فإنا لا نعرف الأصل الأول الذي هو معرفة الرب جل جلاله, ولا الأصل الثاني الذي هو دين الإسلام إلا بالواسطة بيننا وبين الله, فتحتمت معرفته صلى الله عليه وسلم, وصارت أصلا ثالثا, إذ لا يمكن معرفة المرسل إلا بمعرفة رسوله, فصار من الضروريات معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم, وبذلك ظهر أن معرفته صلى الله عليه وسلم أحد الأصول الثلاثة, ومعرفته تنتظم أشياء عديدة: منها: معرفة اسمه ونسبه وعمره, وبقائه في الدنيا ووفاته, ومعرفة ما نبئ به , وما أرسل به, وبلده ومهاجره, ومنها-وهو أعظمها-: معرفة ما بعث به,و غير ذلك مما ذكر المصنف وغيره.
74ومعناه: الذي يحمد أكثر مما يحمد غيره, وهو علم مشتق من التحميد, ولما فيه من الخصال الحميدة, ولقبه: أبو القاسم, وأبوه: عبد الله, وهو الذبيح الثاني المفدى بمائة من الإبل.
75عبد المطلب اسمه: شيبة, ويقال له شيبة الحمد, لجوده, وجماع أمر قريش إليه, وإنما سمي بعبد المطلب, لأن عمه المطلب قدم به مكة, وهو رديفه, وهو تغير لونه بالسفر فحسبوه عبداً له, فقالوا: هذا عبد المطلب, فعلق به هذا الاسم .
76 قريش: هو النضر, فإن إليه جماع قريش, ولا خلاف بين العلماء أن هاشم ابن لعبد مناف, و اسمه المغيرة بن قصي بن كلاب مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان, وما فوقه فيها خلاف, والعرب هنا المراد بهم: المستعربة, فإن العرب قسمان: عاربة, و مستعربة, والعاربة قحطان, والمستعربة عدنان, وهم أفضل من العرب العاربة, كيف ومنهم النبي صلى الله عليه وسلم, وهو القائل: "إن الله اصطفى بني إسماعيل من العرب, واصطفى من بني إسماعيل كنانة, واصطفى من كنانة قريش, واصطفى من قريش بني هاشم, و اصطفاني من بني هاشم, فأنا خيار من خيار". وقال أبو سفيان لهرقل لما سأله: كيف هو فيكم؟ قال: هو فينا ذو نسب, قال: وهكذا الرسل تبعث في أنساب قومها, يعني: في أكرمها أحساباً .
77نبئ بإقرأ إذ أرسل الله إليه جبرائيل ففاجأه جبرائيل بقوله إقرا ، فالنبي عليه الصلاة والسلام ليس بقارئ ولهذا كان الجواب لست بقارئ وضمه حتى خاف على نفسه وكرر عليه ذلك وبعد ذلك وبعد أن روعه وخافه جاء إلى خديجة رضي الله عنها فأخبرها الخبر قالت : والله لا يخزيك الله أبداً لأنك تصل الرحم وتكسب المعدوم وغير ذلك من صفات وأخلاق جُبل عليها - صلى الله عليه وسلم - من صلة الرحم والإحسان والأمانة وغير ذلك من مكارم الأخلاق لا يخزيه الله.
78ذكر المصنف رحمه الله جملة مما يعرف به النبي صلى الله عليه وسلم, وأعظمها وأعلاها معرفة ما بعث به صلى الله عليه وسلم, وأنه بعث بالنذارة عن الشرك والدعوة إلى التوحيد, وقدم المصنف النذارة عن الشرك قبل الدعوة إلى التوحيد, لأن هذا مدلول كلمة التوحيد (لا إله إلا الله), ولأن الآية الآتية تقتضي ذلك, فبدأ بجانب الشرك لكون العبادة لا تصح مع وجود المنافي, فلو وجدت والمنافي لها موجود لم تصح,ثم ثنى بالتوحيد, لأنه أوجب الواجبات, ولا يرفع عمل إلا به.
79عرج به إلى السماء وفرضت عليه الصلوات الخمس هذا العروج وإيجاب الصلوات عليه وهو فوق السماوات السبع بعد سدرة المنتهى إلى أن وصل إلى حيث يسمع صر يف الأقلام أقلام الملائكة وهم يكتبون المقادير وصل إلى هناك وحده بعد أن تأخر جبرائيل عند سدرة المنتهى لم يتجاوزها وأنفرد وحده عليه الصلاة والسلام بهذا المقام فخاطبه ربه مباشرة دون واسطة جبرائيل فكلمه وأسمعه كلامه.
80والهجرة الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام ، الهجرة في الاصطلاح : الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام . س / وكيف سميت هجرة الصحابة من مكة إلى الحبشة هجرة إذ والحبشة ليست دار إسلام ، دار كفرٍ وإن كان الكفر يتفاوت كانوا نصارى من أهل الكتاب ؟
جـ / هاجر الصحابة من أذى المشركين إلى الحبشة بإشارة من رسول الله عليه الصلاة والسلام وأرض الحبشة ليست دار إسلام .
س / إذاً كيف تطلق الرحلة على تلك الرحلة وذلك السفر هجرة الصحابة إلى الحبشة ؟
جـ / يطلق عليها من الناحية اللغوية الهجرة في اللغة الانتقال من مكان إلى مكان ودائماً تلاحظون المعنى اللغوي أوسع من المعنى الشرعي الاصطلاحي ، مجرد الانتقال من بلد إلى بلد يسمى هجرة لغةً ، وشرعاً لا يسمى هجرة إلا إذا كان الانتقال من دار الكفر إلى دار الإسلام ثم هجرة الصحابة عند التحقيق ليست الهجرة المعروفة ولكنها رحلة دعوية وتبليغ ونشر الدعوة وليشرحوا الدعوة الجديدة في القارة الإفريقية هذا الذي أزعج أهل مكة قالوا دعوة الرجل خرجت إلى أفريقيا إلى النجاشي وكان معروفا لديهم لذلك تضايقوا إلى أن اختاروا وفدا يرأسه أدهى رجالات العرب عمرو بن العاص وزوده بكل المعلومات والهدايا المحبوبة إلى ملوك الحبشة .
81أفادنا رحمه الله أن الهجرة واجبة على أهل الإسلام من بلد الشرك إلى بلد الإسلام، واعلم أن الهجرة منها ما هو واجب، ومنها ما هو مستحب، فالهجرة الواجبة: هي في حق من لم يستطع أن يقوم بشعائر الدين، يعني المسلم الذي في بلاد الكفر ولم يتمكن من إظهار دينه، فإنه يجب عليه أن يهاجر إن استطاع، ففهمنا أن الهجرة الواجبة لها شرطان:
الشرط الأول: عدم التمكن من إظهار شعائر الدين التي لا يقوم الدين إلاّ بها. الشرط الثاني: أن يكون مستطيعاً، وهذا سيتبين من الآية، وهو الدليل الذي ساقه المؤلف رحمه الله، أما الهجرة المستحبة: فهي الهجرة من المكان الذي ينقص فيه دين الإنسان لكنّه يتمكن من إظهار الدين وشعائره الأساسية، فالهجرة عن مثل هذا المكان حكمها الاستحباب، سواء أكانت دار كفرٍ أو كانت دار فسق، هذا من حيث الأصل في تقسيم الهجرة أي: من حيث كونها واجبةً أو مستحبة.
82أي: لا تنقطع الهجرة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام حتى تنقطع التوبة, أي: حتى لا تقبل التوبة ممن تاب, فدل الحديث على أن التوبة ما دامت مقبولة فالهجرة واجبة بحالها, وأما حديث ابن عباس: "لا هجرة بعد الفتح, ولكن جهاد ونية", فالمراد: لا هجرة بعد فتح مكة منها إلى المدينة, حيث كانت مكة بعدد فتحها بلد إسلام, فإن أناساً أرادوا أن يهاجروا منها إلى المدينة ظناً منهم أنه مرغب فيها, فبين لهم صلى الله عليه وسلم أنه إنما حث عليها لما كانت مكة بلد كفر, أما وقد كانت بلد إسلام فلا, فالمعنى: لا هجرة من مكة إلى المدينة, أما ثبوت الهجرة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام, وبقاؤها فمعلوم بالنص والإجماع.
83فلما استقر النبي - صلى الله عليه وسلم -بالمدينة أمر ببقية شرائع الإسلام ، وكان التركيز في مكة على العقيدة ،على تصحيح العقيدة وبناء العقيدة وتصحيحها ، ولما استقر هاجر إلى المدينة واستقر في المدينة أقر بشرائع الإسلام مثل الزكاة والصوم والحج والجهاد والأذان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من واجبات الإسلام التي إستهان بها كثيرٌ من الناس ، جهاد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر غير موجود في أكثر أرض الله اليوم باسم الحرية قضي على الجهاد فنسأل الله تعالى أن يقويه وغير ذلك من شرائع الإسلام.
84توفي صلوات الله وسلامه عليه ودينه باقٍ ، لم يمت دينه معه ، بل بقي لأن الدين دين الله الذي أنزله هو رب العالمين الحي الذي لا يموت فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلغ دين الله ونشر العقيدة والتوحيد والشرائع بعد أن ثبت الله الإسلام والمسلمين وفهموا ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - قبضه إليه ، ولكن لم يقبضه إليه إلا بعد أن بلغ البلاغ النهائي فأكمل الله له دينه إشارة إلى قرب أجله عليه الصلاة والسلام كأن الله أعلمه في حجة الوداع في خطبة يوم عرفة وفي خطبة يوم النحر خاطب الصحابة فقال لهم أنتم مسؤولون عني ماذا أنتم قائلون بعد أن خطب فيهم وبين لهم كل شيء قالوا نشهد بأنك بلغت ونصحت ونحن نشهد معه أنه عليه الصلاة والسلام بلغ ونصح فرفع الرسول - صلى الله عليه وسلم -إصبعه كان يرفعها وينفثها عليهم ويقول:{ اللهم أشهد اللهم أشهد }وسميت تلك الحجة حجه الوداع التي جرى فيها هذا الكلام لأنه بعد أن رجع من الحج لم يمكث في هذه الدنيا وفي هذه المدينة إلا ثمانين يوماً وألتحق بالرفيق الأعلى - صلى الله عليه وسلم - بعد أن بلغ ونصح لأمته عليه الصلاة والسلام.
85يعني: بعث الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى كافة الناس, عربهم وعجمهم, ذكرهم وأنثاهم, حرهم وعبدهم, أحمرهم وأسودهم,ولا نزاع في ذلك بين المسلمين.
86وهذا واضح في أن النبي صلي الله عليه وسلم قد كمل الدين، فكل من زاد في دين الله تعالى فقد افترى على الله كذباً، وقال عليه بغير علم، لأن الله عز وجل قال: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) فمن استدرك بزيادة أو ببدعة فإنه كالقائل: إن الله عز وجل لم يكمل لنا الدين، أي: لم يكمل لنا العمل الذي نتقرب ونتعبد به الله سبحانه وتعالى.
87 فهم محاسبون ومجزيون يوم القيامة ، ويعطون كتبهم بأيمانهم وشمائلهم ، فالسعيد يعطى كتابه بيمينه ، والشقي يعطى كتابه بشماله . السعيد يرجح ميزانه ، والكافر يخف ميزانه ، وأصحاب المعاصي على خطر فقد يرجح ميزانهم بالتوبة ، أو بعفو الله ، أو بالحسنات ، وقد يخف ميزانهم فيكونوا من أهل النار ، فيعذبون فيها ما شاء الله ، ثم يخرجهم الله من النار بسبب موتهم على الإسلام . فالواجب على كل مكلف أن يحذر سيئات العمل ، وأن يلزم التوبة والاستقامة؛ لأنه لا يدري متى يهجم عليه الأجل . فالحزم كل الحزم أن يأخذ المسلم بالعزيمة ن ويجاهد نفسه حتى يستقيم على الحق، والتوبة النصوح من جميع الذنوب، حتى إذا هجم عليه الأجل ؛ إذا هو على خير عمل ، وعلى استقامة ؛ فيفوز بالسعادة والنجاة يوم القيامة .
88ومن كذب بالبعث كفر ، التكذيب بالبعث كفرٌ بالله لأنه تكذيب بخبر الله وخبر رسول الله??- صلى الله عليه وسلم -، ومن كذب خبر الله سواء كان في البعث ، أو في بعض صفاته أو في الأحكام والعبادات أو أي خبر ومن كذب خبر الله وخبر رسوله عليه الصلاة والسلام يرتد وذلك من نواقض الإسلام والدليل قوله تعالى : { زعم الذي كفروا أن لن يبعثوا } ?وصفهم بأنهم كفروا { زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبئون بما عملتم وذلك على الله يسير } الذين أوجدكم من لاشيء لا يعجز من أن يبعثكم بعد الموت لأن من الناحية النظرية العقلية الإبتداء أصعب من الإعادة ليس على الله شيء صعب .
89أي: أرسل الله جميع رسله من أولهم نوح عليه السلام إلى آخرهم محمد صلى الله عليه وسلم كلهم يدعون إلى عبادة الله وحده, وترك عبادة ما سواه, مبشرين من أجابهم إلى ما دعوا إليه برضوان الله وكرامته, ومنذرين محذرين من عصاهم غضب الله وسخطه وعقابه.
90والنبي صلي الله عليه وسلم هو آخر الرسل إلى أهل الأرض بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين، وهو خاتم النبيين لا نبي بعده,قال تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: من الآية40], وثبت عنه من غير وجه أنه لا نبي بعده, وأجمع المسلمون على ذلك, واشتهر كذب من ادعى النبوة بعده, وأخبر بذلك أنه سيأتي بعده كذابون دجالون ثلاثون كلهم يزعمون أنه نبي, ووقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم, وعيسى ابن مريم إذا نزل في آخر الزمان إنما يحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم, فهو من أمته بإجماع المسلمين.
91يدعوهم إلى هذا الذي بعثت به الرسل, ودعوتهم كلهم إلى عبادة الله وحده, وترك عبادة ما سواه, فزبدة جميع ما أرسلت به الرسل هو التوحيد, وما سواه من تحريم وتحليل ففروع, ولا يؤمر بها إلا بعد وجود التوحيد, ولا تقبل ولا يلتفت إليها إلا مع التوحيد الذي هو دين الرسل, من أولهم إلى آخرهم, ولأجله خلقت الخليقة,وأرسلت الرسل, وأنزلت الكتب, وخلقت الجنة والنار.
92الطاغوت ، معنى الطاغوت : مأخوذ من الطغيان ، والطغيان مجاوزة الحد ،طغى الماء، طغى فلان أي تجاوز حده ، الطاغوت كل ما تجاوز به العبد حده من معبودٍ أو متبوعٍ أو مطاع ، حد العبد ما هو ؟ عبادة الله وحده لكونه عبداً يعبد ربه الذي خلقه فإذا تجاوز هذا الحد، وصرف نوعاً من أنواع العبادة لغير الله تجاوز الحد وصار ذلك طغيان من تجاوز به هذا الحد متبوعٍ اتبعه في المعصية في التحليل والتحريم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله ، معبودٍ عَبَده تذلل له وخضع له وأحبه كما يحب الله هذا المعبود لأن العبادة غاية الذل مع غاية الحب ، من أحب غير الله مع الله وخضع له وتذلل له عبد ذلك الغير وتجاوز به حده من هنا [ تعلم ] ليست العبادة مجرد الصلاة والصيام والزكاة والحج أي أركان الإسلام ، العبادات أنواع وحقيقتها غاية الذل مع غاية الحب بما في ذلك الدعاء لذلك صار الدعاء مخ العبادة لأن فيه تذلل ورجاء وطمع هذا المعنى هو العبادة . المتبوع من يقلده ويتبعه ويحلل له ويحرم له كالذين يتبعون الأحبار والرهبان وكذلك المطاع هما إما مترادفان أو متقاربان ، شخصٌ أطاعك في غير شريعة الله أو مخالفاً بذلك شريعة الله في التحليل والتحريم يقال له مطاع ، ويقال له متبوع هذا هو الطاغوت.
93ومن ادعى شيئاً من علم الغيب كالكاهن والعراف والساحر والمنجم وصاحب الكف وصاحب الفنجان وصاحب الرمل والتراب الذين يكتبون ويخططون في الرمل والتراب ويخبر الناس علم الغيب من تلك الخطوط ويقرا في الفنجان ، وأنت لاترى في الفنجان شيئاً وهو يزعم أنه يقرأ في هذا الفنجان الذي تشرب به القهوه فيخبر منها الغيب وينظر في الكف فيقرأ في الكف فيخبر بالغيب ويدعي أنه يعرف مكان الضالة ، الناقة التي ضلت في المكان الفلاني والسيارة التي سُرقت في الشعب الفلاني في الجراش الفلاني ، وهكذا ، هؤلاء كلهم كفرة ، ومن الطواغيت ، ومن رؤساء الطواغيت ، لأنهم كلهم زعموا أنهم يعلمون الغيب لذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " من أتى كاهناً فسأله فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل علي محمد " ، لأن الذي أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام هو القرآن ، والقرآن يقول : { قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله } ، ومن ادعى علم الغيب بأي وسيلة من الوسائل خصوصاً هذه الوسائل الوهمية التي لا حقيقة لها كافر مرتد ورئيس من رؤساء الطواغيت
94من حكم بغير ما أنزل الله معتقداً أن ذلك الذي حكم به مثل الذي أنزل الله أو أحسن وأليق ، وهذا يشمل أولئك الذين يستوردون القوانين الوضعية من الخارج ويحكمون بها ويشمل أولئك البدو الذين يحكمون بالسواليف والتقاليد في التحريم والتحليل كل ذلك داخل من حكم بغير ما أنزل الله سواءً كان قانوناً مقنناً أو سواليف وعادات وتقاليد موروثة كل حكم في التحليل والتحريم بغير ما أنزل الله معتقداً أن ذلك مثل الذي أنزل الله أو أحسن وأليق وأنسب للناس فهو كافرٌ مرتد من رؤساء الطواغيت .
وأما من حكم بغير ما أنزل الله معتقداً أن ما أنزل الله أحسن وأحق وأنه مخظئٌ عندما يحكم بغير ما أنزل الله ، هذا كفره كفرٌ دون كفر ، لا يخرج من الملة مثل الذي يعصي الله بمعاصي بارتكاب المحرمات والكبائر وهو غير مستحل ، كالذي يسرق والذي يشرب الخمر ويعتقد أنه عاصٍ ومخالف لم يستحل السرقة والخمر ، كفر هؤلاء كفرٌ دون كفر.
95والدليل قوله تعالى : { لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي } معنى الإكراه في الدين : ليس معنا ذلك أنك لا تدعو إلى الدين ، لا إكراه في الدين ، لا تدخل الدين على الناس بالإكراه ، أنت عليك البيان ، وعليك الهداية ، وعليك الإرشاد ، وأما القلوب فلا يملكها إلا الله لا تدخل الإيمان في قلوب الناس بالإكراه لك الظاهر ، تدعو وتبين الحق من الباطل وهذه وظيفة الدعاة ، { فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها } هذه الآية العظيمة حتى في وضعها موضوعة على الترتيب لا إله إلا الله تماماً ، لأن قوله تعالى : { فمن يكفر بالطاغوت } يقابل لا إله ، وقوله تعالى : { ويؤمن بالله } يقابل إلا الله ، من أدق الآيات في تفسير لا إله إلا الله ، هذه الآية وهذا معنى قول لا إله إلا الله .
96رأس الأمر الإسلام الذي هو الاستسلام والانقياد كما تقدم ، وعموده الصلاة ، لا يقوم الإسلام إلا بالصلاة وإلا فهو بناءٌ غير قائم وغير ثابت ، وفي هذا المعنى يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( من ترك الصلاة فلا حظ له في الإسلام ) وهو يفسر قوله عليه الصلاة والسلام : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " يتهاون كثيرٌ وكثيرٌ من العوام بالصلاة بدعوى أن الإيمان بالقلب إذا دعوتهم إلى الصلاة يقولون : الإيمان بالقلب ، ولو صح إيمان القلب لصح إيمان الجوارح ، وإيمان اللسان ، هذا هو الإرجاء المنتشر بين المسلمين ، الإرجاء معناه تأخير الأعمال عن مسمى الإيمان ، وأن الإيمان هو التصديق بالقلب فقط أو التصديق والنطق معاً هذا هو الإرجاء المنتشر بين المسلمين كثيراًوهم لا يشعرون ، الإيمان تصديق بالقلب وذلك التصديق يحتاج إلى تصديق، الذي يصدق ذلك التصديق النطق باللسان والعمل بالجوارح يتكون الإيمان من كل ذلك .
97ذروة سنامه أعلى مكاناً في الإسلام الجهاد في سبيل الله لماذا ؟ لأن في الجهاد في سبيل الله يقوي الإسلام ويظهر الإسلام ويكتسب المؤمنون قوة ومنعة وفي ترك الجهاد ضياع للإسلام وضياع وضعف للمسلمين ، وذله ومهانة وهذا ما وقع فيه المسلمون بعد أن تركوا الجهاد ، وربما جهل كثيرٌ من الناس معنى الجهاد أخيراً فظنوا أن كل قتال جهاد ، الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام هو الجهاد لإعلاء كلمة الله ، لإظهار دين الله ، وللمحافظة على دين الله ، والدفاع عن دين الله ، وعن عقيدة الإسلام ، وشريعة الإسلام ، هذا هو الجهاد في سبيل الله.

الخاتمة
وفي الختام أرجو من الله أن أكون قد وفقت في شرحي لهذه الأصول الجليلة بإسلوب ميسر لكل مسلم ومسلمة وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب
أسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل وأن يجعل هذا العمل متقبلا ولوجهه خالصا إنه ولي ذلك والقادر عليه
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراُ ليوم الدين




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
 
متن الأصول الثلاثة للشيخ محمد بن عبد الوهاب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أمسية دينية للشيخ محمد بن عبد العزيز وكلمة للشيخ رمضان السيد
» أمسية دينية للشيخ محمد بن عبد العزيز وكلمة للشيخ سيد على
» موسوعة مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب
» ديني مضحك: نصيحة من سكران للشيخ محمد العريفى
» أمسية دينية للشيخ محمد بن عبد العزيز والقارئ السيد بخيت

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ :: كتابات وأبحاث مشرف الدعوة بالفرع :: القرآن والعقيدة :: " مرآة الوصول شرح ثلاثة الأصول " وبهامشه ( نظم الأصول الثلاثة )-
انتقل الى: