موقع فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ
مرحبا بكم في منتدي فرع الجمعية الشرعية بقرية
البطاخ التابع لمحافظة سوهاج
يسعدنا انضمامكم لنا عبرسجيلكم فى المنتدى
منتدى فرع الجمعية الشرعية بالبطاخ
مع تحيات مدير المنتدى
مشرف الدعوة بالفرع
موقع فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ
مرحبا بكم في منتدي فرع الجمعية الشرعية بقرية
البطاخ التابع لمحافظة سوهاج
يسعدنا انضمامكم لنا عبرسجيلكم فى المنتدى
منتدى فرع الجمعية الشرعية بالبطاخ
مع تحيات مدير المنتدى
مشرف الدعوة بالفرع
موقع فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ هو أحد فروع الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية بمحافظة سوهاج
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
مرحبا بكم فى منتدي فرع الجمعية الشرعية بالبطاخ ساهموا فى نشر موقعنا
نسأل الله تعالى أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل
صلي الله على محمد صلي الله عليه وسلم
اللهم أعنا على رضاك حتى ترضي رضاءاً ليس بعده سخط ولا غضب
جميع حقوق الطبع والنشر والتوزيع والتصوير لأي كتاب موجود في المنتدي متااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااح بشرط دعوة صالحة بظهر الغيب
أرجو من كل من استفاد أو تعلم شيئاً من المنتدي أن لا ينسانا من صالح دعائه
نعدكم بإذن الله في كل زيارة لنا بالجديد وبالمفيد
بشري سارة لكل طلاب العلم : تم افتتاح ركن في منتدي فرع الجمعية الشرعية بالبطاخ للإجازات الشرعية المسندة لكل الراغبين في إجازة علمية بالسند مجاناً
هاااااااام جدا لمن لا يعلم :قد تظهر إعلانات على المنتدي بها صور نساء وهي لا تخص المنتدي بل هي تابعة لشركة جوجل ولا يمكن وقفها .

 

 الإمام مالك بن أنس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

الإمام مالك بن أنس Empty
مُساهمةموضوع: الإمام مالك بن أنس   الإمام مالك بن أنس I_icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 26, 2013 3:46 pm

الإمام مالك بن أنس
(93 - 179 هـ = 712 - 795 م)
إمام الحرمين . . .
المشهور في البلدين . . .
الحجاز والعراقين . . . .
المستفيض مذهبه في المغربين والمشرقين . . .
كان أحد النبلاء . . .
وأكمل العقلاء . . .
تحقق بالتقوي ، فابتلى بالبلوى . . .
هو : شيخ الإسلام , وإمام دار الهجرة أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث بن غيمان بن خثيل بن عمرو بن الحارث ، وهو ذو أصبح بن عوف بن مالك بن زيد بن شداد بن زرعة ، وهو حمير الأصغر الحميري ثم الأصبحي المدني حليف بني تيم من قريش ، فهم حلفاء عثمان , أخي طلحة بن عبيد الله أحد العشرة .
والأصبحي : بفتح الهمزة , وسكون الصاد المهملة , وفتح الباء الموحدة وبعدها حاء مهملة ، هذه النسبة الى " ذي أصبح " ، واسمه الحارث بن عوف بن مالك بن زيد بن شداد بن زرعة ، وهو من يعرب بن قحطان ، وهي قبيلة كبيرة باليمن ، وإليها تنسب السياط الأصبحية .1
وأمه هي : عالية بنت شريك الأزدية ، وأعمامه هم : أبو سهيل نافع , وأويس , والربيع ، والنضر ، أولاد أبي عامر .
وقد روى الزهري عن والده أنس ، وعميه أويس وأبي سهيل .
مولده : ولد على الأصح في سنة ثلاث وتسعين عام موت أنس خادم رسول الله  ، ونشأ في صون ورفاهية وتجمل . 2
وعن الواقدي قال :
" حملت به أمه سنتين " . 3
و قال ابن بكير :
" مولد مالك بذي المروة , وكان أخوه النضر يبيع البز , وكان مالك معه بزازاً , ثم طلب العلم وكان ينزل أولاً بالعقيق ثم نزل بالمدينة , وقيل لمالك لم تنزل العقيق فإنه يشق عليك إلى المسجد ؟.
فقال : بلغني أن النبي  كان يحبه ويأتيه , وأن بعض الأنصار أراد النقلة منه إلى قرب المسجد فقال له النبي  : أما تحسبون خطاكم " .4 .
صفته وسمته ـ رحمه الله ـ
عن عيسى بن عمر قال :
" ما رأيت قط بياضاً ولا حمرة أحسن من وجه مالك ، ولا أشد بياض ثوب من مالك " .
ونقل غير واحد : " أنه كان طوالا ، جسيماً ، عظيم الهامة , أشقر ، أبيض الرأس واللحية ، عظيم اللحية ، أصلع ، وكان لا يحفي شاربه " . 5
ونقل الإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ صفته فقال :
وقيل : " كان أزرق العين " .
وقال محمد بن الضحاك الحزامي :
" كان مالك نقي الثوب ، رقيقه ، يكثر اختلاف اللبوس " .
وقال أشهب :
" كان مالك إذا اعتم ، جعل منها تحت ذقنه ، ويسدل طرفها بين كتفيه " .
وقال أيضاً : " كان مالك إذا اكتحل للضرورة ، جلس في بيته " .
وقال مصعب :
" كان يلبس الثياب العدنية ويتطيب " .
وقال أبو عاصم :
" ما رأيت مُحدثاً أحسن وجها من مالك " .
وقيل : " كان شديد البياض إلى صفرة ، أعين ، أشم ، كان يوفر سبلته ، ويحتج يفتل عمر شاربه " .
وقال ابن وهب :
" رأيت مالكاً خضب بحناء مرة ".
وقال أبو مصعب :
" كان مالك من أحسن الناس وجهاً ، وأجلاهم عيناً ، وأنقاهم بياضاً ، وأتمهم طولاً ، في جودة بدن " .
وعن الواقدي :
" كان ربعة ، لم يخضب ، ولا دخل الحمام " .
وعن بشر بن الحارث قال :
" دخلت على مالك فرأيت عليه طيلساناً يساوي خمس مئة ، وقد وقع جناحاه على عينيه أشبة شئ بالملوك " .6
   
طلبه للعلم ـ رحمه الله ـ
 نشاء الإمام مالك ـ رحمه الله ـ فى أسرة علم ، فوالده أنس كان عالماً , واسم جده مالك أبو عامر الأصبحي ، كان مُحدثاَ وراوياً ، سمع الحديث من أبي بكر وعمر وعثمان وكثير من الصحابة  .
ولقد روى مالك الحديث عن أبيه وجده , ويروى أنه ذات ليلة وقد اجتمع أفراد أسرة مالك على عادتهم متحلقين حول الأب يسرد عليهم بعض وقائع أيامه وأحداثه ، سأل الوالد أبناءه سؤالاً في الدين , فأجابوه جميعاً إجابات سليمة صحيحة عدا مالك الذي عجز وتلجلج و كان في العاشرة من عمره قد حفظ القرآن الكريم وشيئاً من حديث رسول الله  ، إلا أن عقله في مثل سنه لم يكن ليسمح له بالفهم والعلم ، فعجز عن الجواب فعنفه أبوه أنس ووبخه ونهره لانشغاله باللعب عن طلب العلم ، وانفجر مالك بالبكاء و هو يأوي إلى صدر أمه ، فضمته إليها وعانقته ولاطفته وخففت عنه ما به من حزن و ألم .
قال الإمام مالك ـ رحمه الله ـ :
" كان لي أخ في سن ابن شهاب , فألقى أبي يوماً علينا مسألة , فأصاب أخي وأخطأت فقال لي أبي : ألهتك الحمام عن طلب العلم " . 7
وفي اليوم التالي شدت أمه على رأسه عمامة جديدة , وضمخته بأطيب العطر , وأشارت عليه بإتيان مسجد الرسول الأعظم  والجلوس إلى حلقات العلم المنتشرة هناك , ودعت له بالخير وبالتفقه والفهم والحفظ .
ومنذ ذلك اليوم لازمته عادة الاستحمام والتطيب كلما أتى مجلس العلم سواء كان متعلماً أو معلماً فيكون في أحسن سمت وأكمل مظهر وأرقى صورة .
قال مطرف :
" قال مالك : قلت لأمي أذهب فأكتب العلم ؟ فقالت : تعال فالبس ثياب العلم فألبستني ثياباً مشمرة , ووضعت الطويلة على رأسي وعممتني فوقها , ثم قالت : اذهب فاكتب الآن " .
وقال رحمه الله : " كانت أمي تعممني وتقول لي اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل علمه " . 8
 ودخل مالك بوابة العلم الكبرى ولم يغادرها حتى توفاه الله تعالى ، و كان يجد نفسه بحاجة إلى مزيد علم ، فقد كان يهمه أحياناً أمر علمي أو مسألة فبعد أن تنفض الحلقات ويأوي الشيوخ إلى دورهم فلا يجد مالك صبراً إلى الغد كي يسأل و يفهم , لذا راح يسعى إلى الشيوخ في بيوتهم و مساكنهم وقد ينتظر أحدهم في الطريق الساعات الطوال ما يجد فيها ظل شجرة تقيه حرارة الشمس حتى إذا ما رآه يدخل داره ينتظر لحظات , ثم يقرع الباب وكان في بعض الأحيان يحمل معه تمراً يهديه لجارية الفقيه لتمكنه من الدخول على العالم .
قال أنس ين عياض :
" جالست ربيعة , ومالك يومئذ معنا وما يعرف إلا بمالك أخو النضر, ثم ما زال حرصه في طلب العلم حتى صرنا نقول النضر أخو مالك ، وكان لمالك
حين طلبه يتبع ظلال الشجر ليتفرغ لما يريد " .9
 وتعلق الإمام بالعلم تعلقاًَ جاداَ , فلزم عبد الرحمن بن هرمز ـ و هو عالم من أجل علماء المدينة ـ سبع سنوات لم يتخلَف فيها إلى غيره , وكان يأخذ عنه المسائل الإجتهادية وقضايا الفقه , وكان ابن هرمز مشهوراَ بقوة عارضته ودلائل الحق .
وعن الإمام مالك قال :
" جالست ابن هرمز ثلاث عشره سنة , كنا نجلس في صحن مسجد النبي  حتى اتخذت سراويل محشوا " .10
وقال ـ رحمه الله ـ :
" وكنت أجعل في كفي تمراً وأناوله صبيانه ـ يقصد ابن هرمز ــ وأقول لهم أن سألكم أحد عن الشيخ فقولوا مشغول " .
وقال ابن هرمز يوماً لجاريته : " من بالباب ؟ فلم ترَ إلا مالكاً , فرجعت فقالت له : ما ثم إلا ذاك الأشقر , فقال لها : دعيه فذلك عالم الناس " .
وكان مالك اتخذ تباناً محشواً للجلوس على باب هرمز يتقي به برد حجر هناك , وقيل بل من برد صحن المسجد وفيه كان مجلس ابن هرمز .11
 ثم بدأ يأخذ عن نافع مولى ـ أي خادم ـ عبد الله ابن عمر  وكان من أحفظ علماء الحديث ، كان حافظاَ وكان فقيهاَ ، أخذ الفقه والحديث عن ابن عمر .
فعن ابن وهب قال :
" قال مالك : كنت آتي نافعاُ وأنا غلام حديث السن مع غلام لي ، فينزل من درجه ، فيقف معي ويحدثني ، وكان يجلس بعد الصبح في المسجد ، فلا يكاد يأتيه أحد " . 12
وقال مصعب :
" كان مالك يقود نافعاً من منزله إلى المسجد , وكان قد كف بصره فيسأله فيحدثه , وكان منزل نافع بناحية البقيع , وقال مالك : كنت آتي نافعاً نصف النهار , وما تظلني الشجر من الشمس إلى خروجه .
فإذا خرج أدعه ساعة كأني لم أرده ثم أتعرض له فأسلم عليه وأدعه حتى إذا دخل البلاط أقول له : كيف قال ابن عمر في كذا وكذا ؟ فيجيبني , ثم أجلس عنه وكان فيه حدة " .13
 ثم أخذ مالك أيضاَ عن الزهري وكان يلازمه كما لازم ابن هرمز , وكان يسير معه من بيته إلى المسجد , يقول الإمام مالك عن نفسه : " كنت أخرج من وقت الظهيرة وليس للأشياء ظل أتيمم درساَ عند الزهري " .
قال ابن عبد الحكم :
" قال لي مالك : كنا نأتي ابن شهاب في دارة في بني الريل , وكانت له عتبة حسنة كنا نجلس عليها نتدافع إذا دخلنا عليه ، وقال مالك : كنا نجلس إلى الزهري وإلى محمد بن المنكدر فيقول الزهري : قال ابن عمر كذا وكذا فإذا كان بعد ذلك جلسنا إليه , وقلنا له الذي ذكرت عن ابن عمر من حدثك به , فيقول ابن سالم " . 14
وقال مالك :
" شهدت العيد , فقلت هذا اليوم يخلو فيه ابن شهاب الزهري , فانصرفت من المصلى حتى جلست على بابه , فسمعته يقول لجاريته : أنظري من على الباب .
فنظرت فسمعتها تقول : مولاك الأشقر مالك .
قال : أدخليه , فدخلت فقال : ما أراك انصرفت بعد إلى منزلك ؟
قلت : لا .
قال : هل أكلت شيئاً ؟ .
قلت : لا .
قال : فاطعم .
قلت : لا حاجة لي فيه .
قال : فما تريد ؟
قلت : تحدثني , فحدثني سبعة عشر حديثاً , ثم قال : وما ينفعك إن حدثتك ولا تحفظها ؟
قلت : إن شئت رددتها عليك , فرددتها عليه .
وفي رواية قال : هات فأخرجت ألواحي فحدثني بأربعين حديثاً .
فقلت : زدني , قال : حسبك إن كنت رويت هذه الأحاديث فأنت من الحفاظ .
قلت : قد رويتها فحبذا الألواح من يدي , ثم قال : حدث , فحدثته بها فردها إلي وقال : قم فأنت من أوعية العلم , أو قال : إنك لنعم المستودع للعلم " .15
 ثم أخذ العلم عن الإمام ربيعة الراي ـ رحمه الله ـ وتتلمذ على يديه منذ كان صبياً صغيراً .
قال الزبيري :
" رأيت مالكاً في حلقة ربيعة وفي أذنه شنف , وهذا يدل على ملازمته الطلبة من صغره كما قال في خبر نافع " .
وعن الزبير بن بكار قال :
" حدثنا مطرف ، حدثنا مالك قال : لما أجمعت التحويل عن مجلس ربيعة ، جلست أنا وسليمان بن بلال في ناحية المسجد ، فلما قام ربيعة ، عدل إلينا ، فقال : يا مالك ، تلعب بنفسك زفنت , وصفق لك سليمان ، بلغت إلى أن تتخذ مجلسا لنفسك ؟! ارجع إلى مجلسك " .16
قال بكر بن عبد الله الصنعاني :
" أتينا مالك بن أنس فجعل يحدثنا عن ربيعة الرأي فكنا نستزيده من حديث ربيعة ، فقال لنا ذات يوم : ما تصنعون بربيعة وهو نائم في ذاك الطاق ، فأتينا ربيعة فأنبهناه وقلنا له : أنت ربيعة ؟
قال : نعم .
قلنا : أنت الذي يحدث عنك مالك بن انس ؟
قال : نعم ، فقلنا : كيف حظي بك مالك ولم تحظ أنت بنفسك ؟
قال : أما علمتم أن مثقالاً من دولة , خير من حمل علم " .17
 ثم بعد ذلك اتخذ الإمام ـ رحمه الله ـ مجلساً خاصاً لنفسه , يجلس ويحدث الناس فيه بعد أن استشار شيوخه ومعلميه في ذلك , فأعطوا له الإذن بالحديث والكلام ، وكان عمره وقتذاك سبعة عشر عاماً فأخذ ـ رحمه الله ـ يفتي ويحدث الناس ، وكان له مجلس علم يجلس فيه الناس يستمعون إليه , مع وجود من هو أفضل منه وأعلم . .
فعن خلف ابن عمر قال :
" سمعت مالكاً يقول : ما أجبت في الفتوى حتى سألت من هو أعلم مني : هل تراني موضعا لذلك ؟ سألت ربيعة ، وسألت يحيى بن سعيد ، فأمراني بذلك .
فقلت : فلو نهوك ؟ قال : كنت أنتهي ، لا ينبغي للرجل أن يبذل نفسه حتى يسأل من هو أعلم منه " . 18
وعن أبا مصعب قال :
" سمعت مالكا يقول : ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهل لذلك " .19
وقال القاضي بن عياض ـ رحمه الله ـ في " ترتيب المدارك " :
قال ابن المنذر : " أفتى مالك في حياة نافع ـ وهو شيخه ـ وزيد بن أسلم " .
وقال ابن عبد الحكم : " أفتى مالك مع يحيى بن سعيد " .
وقال أيوب السختياني : " قدمت المدينة في حياة نافع ولمالك حلقة " .
وقال مصعب : " كان لمالك حلقة في حياة نافع أكبر من حلقة نافع " . 20
 ولقد أوتي الإمام مالك ـ رحمه الله ـ من الهمة والنهم في طلب العلم ما لم يعطاه غيره ، فكان ـ كما تقدم ـ شغوفاً بطلب العلم ، يتحري مواضع العلماء لينهل من علمهم ، لا يبالي في ذلك مدي الجهد والتعب في تحصيل ذلك ، ولا مدي ما أنفق من المال في طلب ما يريد . .
فعن ابن القاسم قال :
" أفضى بمالك طلب العلم إلى أن نقض سقف بيته فباع خشبه ، ثم مالت عليه الدنيا بعد " . 21
فانظر أخي القارئ : يبيع سقف داره من أجل طلب العلم ، فيالها من همة ، لا يدانيها شئ , ولا يوازيها شئ .
   
شيوخه وتلاميذه ـ رحمه الله ـ
 تتلمذ الإمام مالك على يد كثير من العلماء والمشايخ الذين عاصروه , فأخذ العلم عن ابن هرمز ، وعن نافع ، وعن الزهري , وربيعة الرأي , وسعيد المقبري ، وعامر بن عبد الله بن الزبير ، وابن المنكدر، وعبد الله بن دينار , إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة , وأيوب بن أبي تميمة السختياني عالم البصرة ، وأيوب بن حبيب الجهني مولى سعد بن مالك ، وإبراهيم بن عقبة ، وإسماعيل بن أبي حكيم ، وإسماعيل بن محمد بن سعد ، وثور بن زيد الديلي ، وجعفر بن محمد ، وحميد الطويل ، وحميد بن قيس الاعرج ، وخبيب بن عبدالرحمن ، وداود بن الحصين ، وداود أبو ليلى بن عبد الله ، وزيد بن أسلم وزيد بن رباح ، وزياد بن سعد , وزيد بن أبي أنيسة ، وسالم أبو النضر و سلمة بن دينار أبو حازم ، وسهيل بن أبي صالح ، وصالح بن كيسان ، وضمرة بن سعيد , وعامر بن عبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن الفضل , و عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك ، وعبد الله بن أبي بكر ابن حزم ، وعبد الله بن يزيد مولى الأسود ، وعبد الله بن دينار ، وأبو الزناد عبد الله بن ذكوان وعبيد الله بن سليمان الاغر ، وعبيد الله بن عبدالرحمن ، وعبد المجيد بن سهيل وعطاء الخراساني , وقطن بن وهب .
وحدث عنه من شيوخه : عمه أبو سهيل ، ويحيى بن أبي كثير، والزهري ، ويحيى بن سعيد ، ويزيد بن الهاد ، وزيد بن أبي أنيسة ، وعمر ابن محمد بن زيد ، وغيرهم .
وحدث عنه من أقرانه ـ أي من أصحابه ـ : معمر ، وابن جريج ، وأبو حنيفة ، وعمرو بن الحارث ، والأوزاعي ، وشعبة ، والثوري ، وجويرية بن أسماء ، والليث ، وحماد بن زيد، وخلق ، وإسماعيل بن جعفر ، وسفيان بن عيينة ، وعبد الله بن المبارك ، والدراوردي ، وابن أبي الزناد ، وابن علية ، ويحيى بن أبي زائدة ، وأبو إسحاق الفزاري ، ومحمد بن الحسن الفقيه ، وعبد الرحمن بن القاسم ، وعبد الرحمن بن مهدي ، ومعن بن عيسى القزاز ، وعبد الله بن وهب ، وأبو قرة موسى بن طارق ، والنعمان بن عبد السلام ، ووكيع، والوليد بن مسلم ، ويحيى القطان ، وإسحاق بن سليمان الرازي ، وأنس بن عياض الليثي ، وضمرة بن ربيعة ، وأمية بن خالد ، وبشر بن السري الافوه ، وبقية بن الوليد ، وبكر بن الشرود الصنعاني ، وأبو أسامة ، وحجاج ابن محمد وروح بن عبادة ، وأشهب بن عبد العزيز ، وأبو عبد الله الشافعي ، وعبد الله بن عبد الحكم ، وزياد بن عبدالرحمن شبطون الاندلسي ، وأبو داود الطيالسي وأبو كامل مظفر بن مدرك ، وأبو عاصم النبيل ، وعبد الرزاق ، وأبو عامر العقدي ، وأبو مسهر الدمشقي ، وعبد الله ابن نافع الصائغ ، وعبد الله بن عثمان المروزي عبدان ، ومروان بن محمد الطاطري ، وعبد الله بن يوسف التنيسي ، وعبد الله بن مسلمة القعنبي ، وأبو نعيم الفضل بن دكين ، ومعلى بن منصور الرازي ، ومنصور بن سلمة الخزاعي . .22
   
رجاحه عقله وحفظه ـ رحمه الله ـ
 أوتي الإمام مالك ـ رحمه الله تعالى ـ من الرجاحة في العقل , والقوة في الحفظ والتثبت الكثير والكثير . . .
حتى عرف واشتهر ـ رحمه الله ـ برجاحة عقله ، وقوة منطقه ، وعذوبه بيانه . . .
وقد قيل لابن هرمز ـ شيخه ـ نسألك فلا تجيبنا , ويسألك مالك وعبد العزيز فتجيبهما .
فقال : دخل علي في بدني ضعف , ولا آمن أن يكون قد دخل علي في عقلي مثل ذلك ، وأنتم إذا سألتموني عن الشيء فأجبتكم قبلتموه , ومالك وعبد العزيز ينظران فيه .
فإن كان صواباً قبلاه ، وإن كان غيره تركاه .23
وعنه ـ رحمه الله ـ قال :
" قدم علينا الزهري ، فأتيناه ومعنا ربيعة ، فحدثنا بنيف وأربعين حديثاً ، ثم أتيناه من الغد ، فقال : انظروا كتاباً حتى أحدثكم منه ، أرأيتم ما حدثتكم به أمس ، أيش في أيديكم منه ؟
فقال ربيعة : ها هنا من يرد عليك ما حدثت به أمس .
قال : ومن هو ؟ قال : ابن أبي عامر .
قال : هات ، فسرد له أربعين حديثا منها ، فقال الزهري : ما كنت أرى أنه بقي من يحفظ هذا غيري " . 24
وقالوا : كان ربيعة يقول إذا جاء مالك : " قد جاء العاقل " .
وقال ابن مهدي :
" لقيت أربعة : مالكاً , وسفيان , وشعبة , وابن المبارك ، فكان مالك أشدهم عقلاً " .
وقال أيضاً :
" ما رأت عيناي أحداً أهيب من هيبة مالك , ولا أتم عقلاً ولا أشد تقوى ولا أوفر دماغاً من مالك " .
وقال هارون الرشيد عنه : " ما رأيت أعقل منه " .25
وقال ابن بكير وغيره :
" أول ما بان من فقه مالك أن رجلاً أوصى عند وفاته قد زوج ابنتيه من ابني أخيه وقد أخذ مهورهما ومات الرجل فأحضر الوالي ـ وكان الحسن بن يزيد ـ الناس ، وفيهم ابن أبي ذئب وابن عمران وابن أبي سبرة ومالك , وهو حدث وذكر المسألة .
فقال جميعهم : ذلك جائز , ومالك ساكت .
فقال : ما ترى يا مالك ؟ قال : ذلك لا يجوز .
فغضب الجميع وقال ابن أبي ذئب : لا يشاء أن يرد علينا إلا رد .
فقال الوالي : أصاب وأخطأتم .
ثم قال : من أين قلت يا أبا عبد الله هذا ؟
قال : أرأيتم إن هديتنا جميعاً إلى زوجيهما فتعلق كلا واحد منهما بهودج واحدة كل واحد يقول هي زوجتي دون الأخرى , لمن تقضون بها ؟ فسكت القوم , وقالوا : أصاب .
قال : فما ترى يا أبا عبد الله .
قال : النكاح مفسوخ حتى تسمى كل امرأة لرجل معين " .26
   
صفة مجلسه ـ رحمه الله ـ
عن قتيبة قال :
" كنا إذا دخلنا على مالك خرج إلينا مزينا مكحلاً مطيباً ، قد لبس من أحسن ثيابه ، وتصدر الحلقة ، ودعا بالمراوح ، فأعطى لكل منا مروحة " . 27
وقال الواقدي :
" كان يجلس في منزله على ضجاع له ، ونمارق مطروحة في منزله يمنة ويسرة لمن يأتيه من قريش ، والأنصار، والناس , وكان مجلسه مجلس وقار وحلم " .
قال : " وكان رجلا مهيباً نبيلاً ، ليس في مجلسه شئ من المراء واللغط , ولا رفع صوت ، وكان الغرباء يسألونه عن الحديث ، فلا يجيب إلا في الحديث بعد الحديث ، وربما أذن لبعضهم يقرأ عليه ، وكان له كاتب قد نسخ كتبه ، يقال له : حبيب , يقرأ للجماعة ، ولا ينظر أحد في كتابه ولا يستفهم ، هيبة لمالك ، وإجلالا له ، وكان حبيب إذا قرأ فأخطأ ، فتح عليه مالك ، وكان ذلك قليلا " .28
ونقل القاضي عياض في " ترتيب المدارك " صفه مجلسه فقال :
قال أبو مصعب :
" كان جلساء مالك كأنما على رؤوسهم الطير تسمتاً وأدباً " .
وقال حبيب :
" كان مالك إذا جلس جلسة لم يتحول عنها حتى يقوم " .
وقال مطرف :
" وكان مالك إذا أتاه الناس خرجت إليهم الجارية فتقول لهم : يقول لكم الشيخ تريدون الحديث أو المسائل ؟ فإن قالوا : المسائل , خرج إليهم فأتاهم , وإن قالوا : الحديث , قال لهم : اجلسوا , ودخل مغتسله فاغتسل وتطيب ولبس ثياباً جدداً , ولبس ساجه , وتعمم , ووضع على رأسه طويلة , وتلقى له المنصة فيخرج إليهم وقد لبس وتطيب وعليه الخشوع ويوضع عود , فلا يزال يبخر حتى يفرغ من حديث رسول الله  " .
وقال يحيى بن معين :
" كنا نجتمع على بابه فإذا توافينا صرخ الآذن ليدخل أهل المدينة , ثم ليؤذن لغيرهم , فيدخل ويسم عليه , ويسكت ونسكت ساعة , فإذا رأى ازدحامنا قال توقروا فإنه عون لكم , وليعرف صغيركم حق كبيركم " .
ومن رواية أخرى : " كان إذنه لنا رفع سطر في أسطوانة , فندخل عليه وهو قاعد , قد ميل رأسه حتى إذا أخذ الناس مجالسهم رفع رأسه فقال : السلام عليكم , إنما كان يفعل ذلك لئلا يقرب بعض الناس على بعض من العلوية أو العثمانية أو غيرهم , فينتقد عليه ذلك , كان يدعهم حتى يأخذون مجالسهم وكان بعضهم يعرف حق بعض , فإذا قدم الحاج جعل جواباً على بابه فيأذن أولاً لأهل المدينة , فإذا دخلوا قال للبواب : تنح " .
و قال ابن أبي أويس :
" كان مالك إذا جلس للحديث توضأ , وجلس على صدر فراشه , وسرح لحيته , وتمكن في جلوسه بوقار وهيبة " .
وقال عبد الرزاق :
" بينما نحن في المسجد الحرام فقيل لنا : هذا مالك , فلقيناه داخلاً من باب بني هاشم وعليه رداء وقميص صنعاني , فطاف بالبيت وخرج ناحية الصفا فصلى ركعتين ثم احتبى .
فلما فرغ احتوشناه كما يصنع أصحاب الحديث , فلما جلسنا قام من بيننا كالمغضب .
فجئنا مشائخنا.
فقالوا لنا :أي شيء كتبت عن مالك , فأخبرناهم بالذي فعل .
فقالوا : الذي فعلتم لا يحتمله مالك ، فلما كان من الغد جئنا واحداً واحداً وعلينا السكون , فحدثنا وقال : الذي فعلتم أمس فعل السفهاء " .
وقال جعفر بن إبراهيم :
" كلم صديق لأبي مالكاً أن أسمع منه , فأذن , فكنت اختلف إليه وأنا مدل بنسبي من الرسول  وموضعي ، فأنخطأ الناس إلى وساد مالك , فلا يتزحزح , ويريني أنه لم يدنيني احتقاراً لي .
فشكوت ذلك إلى أبي وغيره , فبعثوا إليه يسألونه إكرامي وأثرتي , فقال للرسول : ما هو عندنا وغيره إلا سواء .
إنما هي عافاك الله مجالس علم , السابق إليها أحق بها .
فكنت أتي وقد أحدق الناس فما يوسع لي فاستدني حيث وجدت " . 29
وقال أبو مصعب :
" كانوا يزدحمون على باب مالك حتى يقتتلوا من الزحام .
وكنا إذا كنا عنده لا يلتفت ذا إلى ذا ، قائلون برؤوسهم هكذا " . 30
   
علمه ـ رحمه الله ـ
 الإمام مالك كما هو معروف عند العامة والخاصة أحد أكابر فقهاء المسلمين , ومذهبه واحد من المذاهب الأربعة المتبوعة , وهو المذهب المالكي والذي يسير عليه خلق كثير من المسلمين . . . .
أما علمه ـ رحمه الله ـ فإذا ذكر العلماء كان هو النجم . . .
وإذا ذكر الفقهاء كان هو الإمام . . .
وإذا ذكر المحدثون كان هو المقدم عليهم . . .
فعن ابن عيينة قال :
" مالك عالم أهل الحجاز ، وهو حجة زمانه " . 31
وقال الشافعي وصدق وبر :
" إذا ذكر العلماء فمالك النجم ". 32
وعن الشافعي قال :
" مالك وابن عيينة القرينان ، ولولا مالك وابن عيينة لذهب علم الحجاز" .33
وقال محمد بن الحسن :
" أقمت عند مالك ثلاث سنين وكسرا ، وسمعت من لفظه أكثر من سبع مئة حديث ، فكان محمد إذا حدث عن مالك امتلأ منزله ، وإذا حدث عن غيره من الكوفيين، لم يجئه إلا اليسير " .
وقال ابن أبي عمر العدني :
" سمعت الشافعي يقول : مالك معلمي ، وعنه أخذت العلم " .34
وقال الشافعي : " العلم يدور على ثلاثة : مالك ، والليث , وابن عيينة " .
وعن عبد الرحمن بن مهدي قال :
" أخبرني وهيب وكان من أبصر الناس بالحديث والرجال أنه قدم المدينة ، قال : فلم أر أحداً إلا تعرف وتنكر إلا مالكاً ، ويحيى بن سعيد الانصاري " . 35
وقال ابن لهيعة :
" قلت لأبي الأسود : من للرأي بعد ربيعة بالمدينة ؟
قال : الغلام الأصبحي ـ يقصد مالك ـ " . 36
وعن هارون بن سعيد قال :
" سمعت ابن وهب ذكر اختلاف الحديث والروايات ، فقال : لولا أني لقيت
مالكا لضللت " .37
وعن سفيان ، وذكر حديثاً فقالوا :
" يخالفك فيه مالك ، فقال : أتقرنني بمالك ؟ ما أنا وهو إلا كما قال جرير :
وابن اللبون إذا ما لز في قرن لم يستطع صولة البزل القناعيس 38
ونقل الذهبي ـ رحمه الله ـ من كلام الأئمة فقال :
وروي عن الاوزاعي أنه كان إذا ذكر مالكا يقول :
" عالم العلماء ، ومفتي الحرمين " .
وعن بقية أنه قال :
" ما بقي على وجه الأرض أعلم بسنة ماضية منك يا مالك " .
وقال أبو يوسف :
" ما رأيت أعلم من أبي حنيفة ، ومالك ، وابن أبي ليلى " .
وذكر أحمد بن حنبل مالكاً : " فقدمه على الاوزاعي ، والثوري ، والليث ، وحماد ، والحكم في العلم , وقال : هو إمام في الحديث وفي الفقه " .
وقال القطان :
" هو إمام يقتدى به " .
وقال ابن معين :
" مالك من حجج الله على خلقه " .
وقال أسد بن الفرات :
" إذا أردت الله والدار الآخرة فعليك بمالك " . 39
وقال علي بن المديني :
" نظرت فإذا الإسناد يدور على سته , ثم صار علم هؤلاء السته إلى أصحاب التصانيف ممن صنف , فمن أهل الحجاز مالك بن أنس , وابن جريج وسفيان بن عيينة , ومحمد بن إسحاق " .40
وعن الحارث بن مسكين :
" أنه سمع بعض المحدثين يقول : قدم علينا وكيع , فجعل يقول : حدثني الثبت , حدثني الثبت , فظننا أنه اسم رجل , فقلنا : من هذا الثبت أصلحك الله قال : مالك بن أنس " .41
وقال محمد بن رمح :
" رأيت النبي  فقلت : يا رسول الله ، إن مالكاً والليث يختلفان ، فبأيهما
آخذ ؟
قال : مالك ، مالك " .42
وعن عبد العزيز الدراوردي قال :
" رأيت في المنام أني دخلت مسجد النبي  فوافيته يخطب ، إذا أقبل مالك فلما أبصره النبي  قال : إلي إلي ، فأقبل حتى دنا منه ، فسل  خاتمه من خنصره ، فوضعه في خنصر مالك " . 43
وقال خلف :
" دخلت على مالك فقال لي : انظر ما ترى تحت مصلاي أو حصيري فنظرت فإذا أنا بكتاب , فقال : اقرأه , فإذا فيه رؤيا رآها له بعض إخوانه , فقال رأيت النبي  في المنام في مسجده قد اجتمع الناس عليه فقال لهم : إني قد خبأت لكم تحت منبري طيباً , أو علماً , وأمرت مالكا أن يفرقه على الناس فانصرف الناس وهم يقولون : إذا ينفذ مالك ما أمره به رسول الله  ثم بكى فقمت عنه " . 44
وقال الحسن بن رشيق :
" سمعت النسائي يقول : أمناء الله على علم رسول الله  ثلاثة : شعبة ، ومالك ، ويحيى القطان " 45. .
وقال عبد السلام بن عاصم :
" قلت لأحمد بن حنبل : رجل يحب أن يحفظ حديث رجل بعينه ؟
قال : يحفظ حديث مالك .
قلت : فرأي ؟
قال : رأي مالك " . 46
ونقل القاضي عياض في " ترتيب المدارك " عن الأئمة فقال :
قال أحمد بن صالح :
" كان مالك في ثلاث طبقات ، طبقة دونه وأخرى فوقه , ولم يكن في الثلاث طبقات من يجيد الطلب مثله , فاق الثلاث طبقات , فالتي فوقه من ولد في الثمانين : ابن عجلان , وابن أبي ذئب ونمطهم ، والتي معه عبد العزيز ابن الماجشون , وأبي الزناد , وسليمان بن بلال وغيرهم , والذين دونهم : ابن الدراوردي , وابن أبي حازم أنس بن عياض " .
وقال ابن هرمز يوماً لجاريته :
" من بالباب ؟ فلم تر إلا مالكاً فذكرت ذلك له فقال : دعيه فإنه عالم الناس "
وقال ابن شهاب :
" أنت من أوعية العلم , وإنك لنعم مستودع العلم " .
وقال محمد بن الحكم :
" كان الشافعي دهره إذا سئل عن الشيء يقول : هذا قول الأستاذ .
يريد مالكاً " .
وقال ابن المبارك :
" لو قيل لي اختر للأمة إماماً اخترت لها مالكاً " .
وقال ابن مهدي :
" أئمة الحديث الذين يقتدى بهم أربعة : سفيان بالكوفة , ومالك بالحجاز والأوزاعي بالشام , وحماد بن زيد بالبصرة " . 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

الإمام مالك بن أنس Empty
مُساهمةموضوع: الإمام مالك بن أنس   الإمام مالك بن أنس I_icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 26, 2013 3:48 pm

وقاره و هيبته ـ رحمه الله ـ
 كان للإمام مالك عند الناس هيبه شديدة في صدور الخلق , خاصتهم وعامتهم ، حتى خليفة المسلمين كان يهابه ويخشاه . . .
وإليكم ما ذكره القاضي عياض ـ رحمه الله ـ في كتابه " ترتيب المدارك" من كلام الأئمة والعلماء في ذلك : 48
قال زياد بن يونس :
" ما رأيت قط عالماً , ولا عابداً , ولا شاطراً , ولا والياً أهيب من مالك رحمه الله تعالى " .
وقال ابن الماجشون :
" دخلت على أمير المؤمنين المهدي , فما كان بيني وبينه إلا خادمه , فما هبته هيبتي مالكاً , وقال مثله الدراوردي " .
وقال سعيد بن أبي مريم :
" ما رأيت أشد هيبة من مالك , لقد كانت هيبته أشد من هيبة السلطان " .
وقال مصعب الزبيري :
" ما رأيت قط أهيب من مالك إلا الخليفة " .
وقال سعيد بن أبي هند :
" ما هبت أحداً هيبتي عبد الرحمان بن معاوية ـ يريد ملك الأندلس ـ حتى حججت فدخلت على مالك فهبته هيبة شديدة , صغرت هيبة ابن معاوية " .
وقال الشافعي :
" ما هبت أحداً قط هيبتي مالك بن أنس حين نظرت إليه " .
وقيل : كان الثوري في مجلسه فلما رأى إجلال الناس له وإجلاله للعلم أنشد:
يأبي لجواب فلا يراجع هيبــــــة فالسائلون نواكس الأذقـــــــــــان
أدب الوقار وعز سلطان التقـــى فهو المهيب وليس ذا سلطــــــان
وقال عبد الله بن نافع الزبيري :
" كنت أقرأ على نافع بن أبي نعيم بعد الصبح , فرفعت صوتي فزجرني وقال : أما ترى مالكاً , وهو أول ما عرفت به مالكاً " .
وقال يونس بن تميم :
" قدمت المدينة سنة ستين ومائة , فأتيت مالكاً , فلما نظرت إليه هبته ولم أتقدم إليه , ورأيت الناس يهابونه , فأقمت أتردد عشرة أيام , فشكوت ذلك لبعض أهل المدينة , فقيل لي : اعط كاتبه يسأل لك عما أحببت ، وأما أنت فلا أحسب تتهيأ لك مسائلته , لأنه أهيب من ذلك في صدور الناس " .
وقال المسيبي :
" كنا عند مالك وأصحابه حوله , فقال رجل من أهل نصيبين : يا أبا عبد الله عندنا قوم يقال لهم " الصوفية " يأكلون كثيراً , ثم يأخذون في القصائد , ثم يقومون فيرقصون .
فقال مالك : الصبيان هم ؟ قال : لا .
قال أمجانين ؟ قال : لا ، قوم مشائخ وغير ذلك عقلاً .
قال مالك : ما سمعت أن أحداً من أهل الإسلام يفعل هذا .
قال الرجل : يل يأكلون , ثم يقومون فيرقصون نوائب , ويلطم بعضهم رأسه , وبعضهم وجهه , فضحك مالك , ثم قام فدخل منزله .
فقال أصحاب مالك للرجل : لقد كنت يا هذا مشؤوماً على صاحبنا ، لقد جالسناه نيفاً وثلاثين سنة فما رأيناه ضحك إلا في هذا اليوم " .
وقال ابن أبي أويس :
" حضرت الاستسقاء بالمصلى , فلما حول الإمام رداءه قام مالك يحول ساجا عليه , فقام الناس فحولوا أرديتهم .
فلما انصرف مالك قيل له : أمن سنة الاستسقاء إذا حول الإمام ، أن يقوم الناس يحولوا أرديتهم ؟
قال : ليس عليهم قيام ويحولون قعوداً ، وإنما قمت لأن ساجي كان تحتي فلم أقدر على تحويله حتى قمت " .
   
عفته وزهده ـ رحمه الله ـ
 على الرغم من شده اهتمامه بنفسه وبمظهره ـ رحمه الله ـ . . .
إلا أنه كان زاهداً في الدنيا . . .
راغباً عنها . . .
حيث كانت تأتيه الهدايا والأموال من الأمراء والخلفاء فيردها ولا يقبلها . . .
فعن حسين بن عروة قال :
" قدم المهدي ، فبعث إلى مالك بألفي دينار ، أو قال : بثلاثة آلاف دينار ، ثم أتاه الربيع بعد ذلك ، فقال : إن أمير المؤمنين يحب أن تعادله ـ أي تكون له عديلا في " المحمل " وتصاحبه في سفره إلى بغداد ـ إلى مدينة السلام .
فقال : قال النبي  : " المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون " .
والمال عندي على حاله " .49
وعن أبا مسهر قال :
" سأل المأمون مالك بن أنس : هل لك دار ؟ فقال : لا , فأعطاه ثلاثة آلاف دينار وقال : اشتر لك بها داراً , قال : ثم أراد المأمون الشخوص وقال لمالك تعال معنا فإني عزمت أن أحمل الناس على الموطأ كما حمل عثمان الناس على القرآن , فقال له : مالك إلى ذلك سبيل , وذلك أن أصحاب النبي  افترقوا بعده في الأمصار فحدثوا , فعند كل أهل مصر علم , ولا سبيل إلى الخروج معك , فإن النبي  قال : " والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون " , وقال : " المدينة تنفي خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد " , وهذه دنانيركم فإن شئتم فخذوه وإن شئتم فدعوه " . 50
وقال الحارث بن مسكين :
" رحم الله مالكاً ، ما كان أصونه للعلم وأصبره على الفقر ولزوم المدينة .
أمر له بجوائز ثلاثة آلاف دينار , فما استبدل منزلاً غير المنزل الذي كان فيه , ولا استفاد منه غلة ولا صنعة ولا تجارة " .
وقال ابن القاسم :
" كان لمالك ـ رحمه الله تعالى ـ أربعمائة دينار يتجر له بها ، فمنها كان قوام عيشه ومصلحته " . 51
   
أخلاقه ـ رحمه الله ـ وتقواه
عن إسماعيل بن أبي أويس قال :
" سألت خالي مالكا عن مسألة ، فقال لي : انتظر , ثم توضأ ، ثم جلس على السرير , ثم قال : لا حول ولا قوة إلا بالله .
وكان لا يفتي حتى يقولها " . 52
وعن مطرف بن عبد الله قال :
" قال لي مالك : ما يقول الناس في ؟ قلت : أما الصديق فيثني ، وأما العدو فيقع .
فقال : ما زال الناس كذلك ، ولكن نعوذ بالله من تتابع الالسنة كلها " . 53
وقال زهير بن عباد :
" ما كنت أقول لمالك رحمك الله , إلا قال : وأنت رحمك الله .
وإذا قلت له عافاك الله , قال : وأنت عافاك الله ، حسن أدب " .54
وقال مطرف :
" كان مالك إذا دخل بيته قال : ما شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله .
فسئل عن ذلك فقال : قال الله تعالى : { ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله ولا قوة إلا بالله } , وجنته بيته " . 55
وعن أحمد بن سعيد الرباطي قال :
" سمعت عبد الرزاق يقول : سأل سندل مالكا عن مسألة ، فأجابه ، فقال : أنت من الناس ، أحيانا تخطئ ، وأحيانا لا تصيب .
قال : صدقت , هكذا الناس .
فقيل لمالك : لم تدر ما قال لك ؟
ففطن لها ، وقال : عهدت العلماء ، ولا يتكلمون بمثل هذا ، وإنما أجيبه على جواب الناس " . 56
وقال عبد الله بن عبد الحكم :
" هيأ مالك بن أنس دعوة للطلبة وكنت فيهم , فمضينا معه إلى داره , فلما دلنا الدار قال : هذا المستراح ، وهذا الماء , ثم دخلنا البيت فلم يدخل معنا ، ودخل بعد ذلك فأتانا بالطعام ولم يؤت بالماء قبله لغسل أيدينا .
ثم أتى به بعده , فلما خرج الناس سألته عما رأيت .
قال : أما أعلامي لكم بالمستراح والماء , فإنما دعوتكم لأبركم ولعل أحدكم يصيبه بول أو غيره فلا يدري أين يذهب فيصل إليه الضرر .
وأما تركي الدخول معكم في البيت فلعلي أقول : هاهنا أبا فلان اجلس وها هنا
أبا فلان اجلس , وقد أنسى بعضكم , فيظن ذلك نقصاً فيه ، فتركتكم حتى أخذتم مجالسكم ودخلت عليكم .
وأما تركي الماء قبل الطعام فإن الوضوء قبله من سنة الأعاجم , وأما بعده فقد جاء في ذلك حديث " .57
   
عبادته ـ رحمه الله ـ
 نقل القاضي عياض ـ رحمه الله ـ في " ترتيب المدارك " ما كان عليه الإمام مالك ـ رحمه الله ـ من العبادة والطاعة فقال :
قال المغيرة :
" خرجت ليلة بعد أن هجع الناس هجعة ـ ناموا ـ فمررت بمالك بن أنس فإذا أنا به قائم يصلي , فلما فرغ من الحمد لله ابتدأ بألهاكم التكاثر , حتى بلغ : ثم لتسألن يومئذ عن النعيم , فبكى بكاءاً طويلاً وجعل يرددها ويبكي , وشغلني ما سمعت ورأيت منه عن حاجتي التي خرجت إليها , فلم أزل قائماً وهو يرددها ويبكي حتى طلع الفجر .
فلما تبين له ركع , فصرت إلى منزلي , فتوضأت , ثم أتيت المسجد فإذا به في مجلسه والناس حوله , فلما أصبح نظرت فإذا وجهه قد علاه نور حسن " .
وقال محمد بن خالد بن عتمة :
" كنت إذا رأيت وجه مالك رأيت أعلام الآخرة في وجهه ، فإذا تكلم علمت أن الحق يخرج من فيه " .
وقال أبو مصعب :
" كان مالك يطيل الركوع والسجود في ورده , وإذا وقف في الصلاة كأنه خشبة يابسة لا يتحرك منه شيء .
فلما ضرب قيل له : لو خففت في هذا قليلاً .
فقال : ما ينبغي لأحد أن يعمل لله عملاً إلا حسنه ، والله تعالى يقول : { ليبلوكم أيكم أحسن عملاً } .
وقال ابن المبارك :
" رأيت مالكاً فرأيته من الخاشعين , وإنما رفعه الله بسريرة بينه وبينه ، وذلك أني كثيراً ما كنت أسمعه يقول : من أحل أن يفتح له فرجة في قلبه وينجو من غمرات الموت وأهوال يوم القيامة فليكن في عمله في السر أكثر منه في العلانية " .
وقال مطرف :
" لقد رأيته يوماً وهو جالس في المجلس بعد الصبح يدعو ووجهه يصفر ويخضر , حتى أطال الدعاء فأتاه سائل عن مسألة , فقطع عليه , فالتفت مغضباً ، فقال : يأت أحدكم الرجل وهو في دعائه وقد فتح الله عليه منه ما شاء أن يفتحه مما يستدعي به الإجابة , فيقطع ذلك عليه فلا يعود أبداً " . 58
وقال ابن وهب :
" قيل لأخت مالك : ما كان شغل مالك في بيته ؟ قالت : المصحف ، والتلاوة " . 59
   
من كلامه ـ رحمه الله ـ
عن ابن وهب قال :
" سمعت مالكا يقول : اعلم أنه فساد عظيم أن يتكلم الإنسان بكل ما يسمع " 60
وعن معن قال :
" عن مالك قال : لا يؤخذ العلم عن أربعة : سفيه يعلن السفه ، وإن كان أروى الناس ، وصاحب بدعة يدعو إلى هواه ، ومن يكذب في حديث الناس ، وإن كنت لا أتهمه في الحديث ، وصالح عابد فاضل إذا كان لا يحفظ ما يحدث به " . 61
وعن ابن وهب قال :
" قيل لمالك : ما تقول في طلب العلم ؟ قال : حسن جميل ، لكن انظر الذي يلزمك من حين تصبح إلى أن تمسي فالزمه " .62
وعن مطرف بن عبد الله قال :
" سمعت مالكا يقول : سن رسول الله  وولاة الأمر بعده سنناً ، الآخذ بها اتباع لكتاب الله ، واستكمال بطاعة الله ، وقوة على دين الله ، ليس لأحد تغييرها ، ولا تبديلها ، ولا النظر في شئ خالفها ، من اهتدى بها فهو مهتد ، ومن استنصر بها فهو منصور ، ومن تركها ، اتبع غير سبيل المؤمنين ، وولاه الله ما تولى ، وأصلاه جهنم وساءت مصيرا " .63
وعن جعفر بن عبد الله قال :
" كنا عند مالك ، فجاءه رجل ، فقال : يا أبا عبد الله : { الرحمن على العرش استوى } طه : 5 , كيف استوى ؟
فما وجد ـ غضب ـ مالك من شئ ما وجد من مسألته ، فنظر إلى الأرض ، وجعل ينكت بعود في يد ه، حتى علاه الرحضاء ، ثم رفع رأسه ، ورمى بالعود وقال : الكيف منه غير معقول ، والاستواء منه غير مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وأظنك صاحب بدعة " . 64
وروي عن عبد الله العمري العابد :
" أنه كتب إلى مالك يحضه على الانفراد والعمل , والتخلي عن الناس , فكتب إليه مالك : " إن الله قسم الأعمال كما قسم الأرزاق , فرب رجل فتح له في الصلاة ، ولم يفتح له في الصوم ، وآخر فتح له في الصدقة ولم يفتح له في الصوم ، وآخر فتح له في الجهاد .
فنشر العلم من أفضل أعمال البر ، وقد رضيت بما فتح لي فيه ، وما أظن ما أنا فيه بدون ما أنت فيه ، وأرجو أن يكون كلانا على خير وبر " .65
وعن الإمام مالك قال :
" الجدال في الدين ينشئ المراء ، ويذهب بنور العلم من القلب , ويقسي ويورث الضعن " .66
وقال ابن وهب :
" قال مالك : العلم حيث شاء الله جعله ، ليس هو بكثرة الرواية " .
وعنه أيضاً قال :
" سمعت مالكاً يقول : حق على من طلب العلم أن يكون له وقار ، وسكينة ، وخشية ، والعلم حسن لمن رزق خيره ، وهم قسم من الله تعالى ، فلا تمكن الناس من نفسك ، فإن من سعادة المرء أن يوفق للخير ، وإن من شقوة المرء أن لا يزال يخطئ .
وذل وإهانة للعلم أن يتكلم الرجل بالعلم عند من لا يطيعه " . 67
وعنه قال : " عن مالك قال : بلغني أنه ما زهد أحد في الدنيا واتقى ، إلا نطق بالحكمة " .
وعنه قال : " عن مالك قال : إن الرجل إذا ذهب يمدح نفسه ذهب بهاؤه " 68
وعن عبد الله بن يوسف قال :
" سئل مالك بن أنس عن الداء العضال ؟ فقال : الخبث في الدين " . 69
وعن الفروي قال :
" سمعت مالكاً يقول : إذا لم يكن للإنسان في نفسه خير , لم يكن للناس فيه خير " . 70
وعن مطرف بن عبد الله قال :
" سمعت مالكاً يقول : الدنو من الباطل هلكة , والقول بالباطل بعد عن الحق ولا خير في شيء وإن كثر من الدنيا بفساد دين المرء ومروءته " . 71
ونقل القاضي ـ رحمه الله ـ عنه فقال :
" ينبغي للرجل إذا خول علماًً وصار رأساً يشار إليه بالأصابع أن يضع التراب على رأسه ويمتهن نفسه إذا خلا بها ولا يفرح بالرئاسة , فإذا اضطجع في قبره ووسد التراب رأسه ساءه ذلك كله " .
وقال لأبي مسهر : " لا تسأل عما لا تريد فتنسى ما تريد ، فإنه من اشترى ما لا يحتاج إليه باع ما يحتاج إليه " .
وقال : " من إذالة العلم أن تجيب كل من سألك , ولا يكون إماماً من حدث بكل ما سمع , ومن إذالة العلم أن ينطق به قبل أن يسأل عنه " .
وقال : " إن المسألة إذا سئل فيها الرجل ولم يجب واندفعت عنه فإنما هي بلية صرفها الله عنه " .
وقال خالد بن حميد :
" سمعته يقول : عليك بمجالسة من يزيد في علمك قوله ، ويدعوك لحال الآخرة فعله ، وإياك ومجالسة من يعللك قوله , ويعيبك دينه , ويدعوك إلى الدنيا فعله " .
وقال لبعض بني أخيه : " إذا تعلمتم علماً من طاعة الله فلير عليك أثره ، ولير فيك سمته ، وتعلم لذلك العلم الذي علمته السكينة والحلم والوقار " . 72
   
من نصائحه للخلفاء ـ رحمه الله ـ
قال سعيد بن أبي زنبر :
" كتب مالك ـ رحمه الله ـ إلى بعض الخلفاء كتاباً يعظه فيه : أما بعد فإني كتبت إليك كتاباً لم آل فيه رشداً , ولم أدخر فيه نصحاً , تحميد الله , وأدب رسول الله  فتدبر ذلك بعقلك , ورد فيه بصرك , وأوعه سمعك , واعقله بعقلك , واحضره فهمك , ولا تغيبن عنه ذهنك ، فإن فيه الفضل في الدنيا وحسن ثواب الله تعالى في الآخرة .
ذكر نفسك غمرات الموت وما هو نازل بك منه , وما أنت موقوف عليه بعد الموت من العرض على الله تعالى , ثم الحساب , ثم الخلود بعد الحساب إما إلى الجنة وإما إلى النار , وأعد له ما تسهل به عليك أهوال تلك المشاهد وكربها ، فإنك لو رأيت أهل سخط الله وما صاروا إليه من أنواع العذاب وشدة نقمة الله , وسمعت زفيرهم في النار , وتنهيقهم مع كلوح وجوههم , وطول غمتهم , وتقلبهم في إدراكها على وجوههم , لا يسمعون ولا يبصرون يدعون بالثبور , وأعظم من ذلك حسرة إعراض الله تعالى بوجهه , وانقطاع رجائهم من روحه , وإجابته إياهم بعد طول الغم : أن اخسئوا فيها ولا تكلموني , لم يتعاظمك شيء من الدنيا أردت به النجاة من ذلك , ولا آمنك من هوله ولو قدمت في طلب النجاة جميع ما لأهل الدنيا كان ذلك صغيراً ، ولو رأيت أهل طاعة الله وما صاروا إليه من كرامة الله , ومنزلتهم مع قربهم من الله تعالى ونضرة وجوههم , ونور ألوانهم , وسرورهم بالنظر إليه والمكانة منه ، والجاه عنده مع قربه منهم , لتقلل في عينك عظيم ما طلبت به الدنيا .
فاحذر على نفسك حذراً غير تقرير , وبادر إلى نفسك قبل أن تسبق إليها وما تخاف الحسرة فيه عند نزول الموت , وخاصم نفسك لله تعالى على مهل وأنت تقدر بإذن الله تعالى على جر المنفعة ، وصرف الحجة عنها قبل أن يوليك الله حسابها ثم لا تقدر على صرف المكروه عنها ولا جر المنفعة ، وصرف الحجة عنها قبل أن يوليك الله حسابها , ثم لا تقدر على صرف المكروه عنها ولا جر المنفعة إليها .
واجعل الله من نفسك نصيبها بالليل والنهار ، إن عمرك ينقص مع ساعات الليل , وأنت قائم على الأرض وهو يساربك ، فكلما مضت ساعة من أجلك ، والحفظة لا يغفلون عن الدق والجل من عملك حتى تملأ صحيفتك التي كتب الله عليك , فعليك بخلاص نفسك إن كنت لها محباً ، فاحذر وما قد حذرك الله منه تعالى فإنه يقول : { ويحذركم الله نفسه } ، ولا تحقر الذنب الصغير مع ما علمت من قول الله تعالى : { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره } , وقال : { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد }.
وحافظ على فرائض الله واجتنب سخط الله , واحذر دعوة المظلوم واتق يوماً ترجع فيه إلى الله والسلام " . 73
وقال ابن نافع الصائغ :
" كتب مالك إلى بعض الخلفاء كتاباً فيه : اعلم أن الله تعالى قد خصك من موعظتي إياك بما نصحتك به قديماً , وأتيت لك فيه ما أرجو أن يكون الله تعالى جعله لك سعادة , وأمراً جعل به سبيلك إلى الجنة , فلتكن رحمنا الله وإياك فيما كتبت إليك مع القيام بأمر الله , وما استدعاك الله في رعيته فإنك المسؤول عنهم صغيرهم وكبيرهم , وقد قال النبي  : " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته " ، وروي في بعض الحديث : أنه يؤتى بالوالي ويده مغلولة إلى عنقه , فلا يفك عنه إلا العدل ، وكان عمر بن الخطاب  يقول والله إن هلكت سخلة بشط الفرات ضياعاً لكنت أرى الله تعالى سائلاً عنها عمر وحج عشرة سنين , وبلغني أنه كان ما ينفق في حجة إلا اثني عشر ديناراً .
وكان ينزل في ظل الشجرة , ويحمل على عنقه الدرة ـ العصا ـ ويدور في الأسواق يسأل عن أحوال من حضره وغاب عنه , فعمر  كان مسدداً موفقاً مع ما قد شهد له النبي  بالجنة ، ثم مع هذا خائف لما تقلد من أمور المسلمين فكيف من قد علمت .
فعليك بما يقربك إلى الله وينجيك منه غداً ، أو احذر يوماً لا ينجيك فيه إلا عملك , ويكون لك أسوة بما قد مضى من سلفك , وعليك بتقوى الله فقدمه حيث هممت , وتطلع فيما كتبت به إليك في أوقاتك كلها , وخذ بنفسك فتعاهدها والأخذ به والتأديب عليه , وأسأل الله تعالى التوفيق والرشاد , إن شاء الله تعالى " .74
   
أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر
كان الإمام مالك ـ رحمه الله ـ قوالاً للحق ، أمراً به . . .
ناهياً عن المنكر ، بعيداً عنه . . .
قواماً على حدود الله تعالى في الأرض . . .
فكان ـ رحمه الله ـ لا تلومه في الله لومة لائم . . .
وكان كثيراً ما يتردد على الأمراء والخلفاء يعظهم , ويأمرهم بالمعروف ، وينهاهم عن المنكر . . .
وكانت له ـ رحمه الله ـ كلمة مسموعة عندهم . . . .
فلا يقدر أحد أن يرد عليه قولاً قاله ، ولا حداً أمر به أن يطبق . . .
قال عبد الجبار بن عمر :
" حضرت مالكاً وقد أحضره الوالي في جماعة من أهل العلم , فسألهم عن رجل عدى على أخيه حتى إذا أدركه , فدفعه في بئر وأخذ رداءه , وأبوا الغلامين حاضران , فقال جماعة من أهل العلم : الخيار للأبوين في العفو أو القصاص .
فقال مالك : أرى أن تضرب عنقه الساعة .
فقال الأبوان : يقتل ابن بالأمس , ونفجع في الآخر اليوم ؟ , نحن أولياء الدم وقد عفونا .
فقال الوالي : يا أبا عبد الله ليس ثم طالب غيرهما , وقد عفوا.
فقال مالك : والله الذي لا إله إلا هو لا تكلمت في العلم أبداً أو تضرب عنقه ، وسكت .
وكلم فلم يتكلم , فارتجت المدينة وصاح الناس : إذا سكت مالك فمن يسأل ومن يجيب ؟ , وكثر اللغط وقالوا : لا أحد بمصر من الأمصار مثله ، ولا يقوم مقامه في العلم والفضل .
فلما رأى الوالي عزمه على السكوت قدم الغلام فضرب عنقه , فلما سقط رأسه ألتفت مالك إلى من حضر وقال : إنما قتلته بالحرابة حين أخذ ثوب أخيه ولم أقتله قوداً إذ عفا أبواه ، فانصرف الناس وقد طابت نفوسهم حين رأوه بر في يمينه إذ كان يعلم أنه لا يحنث " . 75
وقال حفص بن عياث :
" كان مالك يجلس عند الوالي , فيعرض عليه أهل السجن فيقول : اقطع هذا واضرب هذا مائة ومائتين ، واصلب هذا كأنه أنزل عليه كتاب " .76
قال أشهب :
" دعا بعض الأمراء مالكاً يستشيره في شيء , فدخل عليه وأشار بقطع قوم وقتل قوم , وخرج علينا وهو يبتسم ويقرأ : { لكم في القصاص حياة يا أولي الألباب }.
وقال معن :
" دخل إبراهيم بن يحيى العباسي أمير المدينة يوماً على مالك , ومالك حديث عهد بعلة ـ مريض ـ فثبت مالك في مجلسه لم يقم له ولم يوسع ، فجلس إبراهيم على أقل فراش مالك ، ومالك لا يتزحزح , فحادثة ساعة ثم قال له : ما تقول يا أبا عبد الله في محرم قتل قملة ؟
قال : لا يقتلها .
قال : فإنه قتلها فما فديتها ؟
قال مالك : لا يفعل .
قال : فعل .
قال : لا يفعل .
قال : أقول لك : قد فعل فتقول لي لا يفعل .
قال : نعم .
فقام إبراهيم مغضباً وسكت مالك ساعة ثم قال : إنما يريدون أن يعبثوا بالدين , إنما الفدية على من قتلها غير عامد لقتلها .
وهذا يريد أن لا يبقى في عسكره قملة على أحد من حشمه " .77
وقال عتيق بن يعقوب :
" خرجنا مع مالك إلى المصلى يوم عيد ومالك يمشي ، وخرج عبد الملك بن صالح أمير المدينة في سلاح وتعبيه ورايات وأعلام , فنظر إليهم مالك فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ما هكذا كان النبي  والخلفاء الراشدون .
فبلغ ذلك عبد الملك فأتاه في المصلى .
فقال : يا أبا عبد الله ما الذي أنكرت ؟ قال ما رأيت معك .
إنما أتى الناس الصلاة خاشعين يرجون المغفرة , ولقد أخبرني يحيى بن سعيد أن النبي  دخل عام الفتح مكة في عشرة آلاف أو اثني عشر ألف , وكان راكباً وحط راحلته وتحته قطيفة قيمتها أربعة دراهم , منكس الرأس وهو يقول : الملك لله الواحد القهار .
وكان يأتي المصلى للعيدين والاستسقاء متوكئاً على عصا أو قوس منكساً رأسه خاشعاً " .78
وروي : " أن المهدي شاور مالكاً في ثلاثة أشياء : في الكعبة أن ينقضها ويردها على ما كانت عليه , فأشار عليه أن لا يفعل ، وفي المنبر أن ينقضه ويرده على ما كان عليه وذلك حين أراد أن يرد المنابر كلها صغاراً على منبر النبي  , فقال له مالك : إنما هو من طرفاء وقد سمر إلى هذه العيدان , يعني التي زادها معاوية  ، وأخشى إن نقضته أن يخرب وينكسر ولولا ذلك لرأيت أن ترده إلى حالته الأولى ، وشاوره في نافع بن أبي نعيم القارىء أن يقدمه للصلاة , فأشار عليه أن لا يفعل .
وقال : هو إمام الآف أن يكون منه شيء من الغفلة فيحكى عنه " . 79
وروي : " أن أبو جعفر المنصور ناظر مالكاً في مسجد النبي  فرفع أبو جعفر صوته ، فقال له مالك : يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد إن الله تعالى أدب قوماً فقال{ لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي . الآية} ومدح قوماً فقال : { إن الذين يغضون أصواتهم . . . الآية } , وذم قوماً فقال: { إن الذين يناودنك من وراء الحجرات . . الآية } , وإن حرمته ميتاً كحرمته حياً , فاستكان أبو جعفر " . 80
   
شجاعته وقوته في الحق ـ رحمه الله ـ
عن عمر بن المحبر الرعيني قال :
" قدم المهدي المدينة فبعث إلى مالك ، فأتاه ، فقال لهارون وموسى ـ ولداه ـ اسمعا منه ، فبعث إليه ، فلم يجبهما ، فأعلما المهدي فكلمه ، فقال : يا أمير المؤمنين العلم يؤتى أهله .
فقال : صدق مالك ، صيرا إليه ، فلما صار إليه ، فقال له مؤدبهما : اقرأ علينا ، فقال : إن أهل المدينة يقرؤون على العالم ، كما يقرأ الصبيان على المعلم ، فإذا أخطؤوا أفتاهم .
فرجعوا إلى المهدي ، فبعث إلى مالك فكلمه ، فقال : سمعت ابن شهاب يقول جمعنا هذا العلم في الروضة من رجال ، وهم يا أمير المؤمنين : سعيد بن المسيب ، وأبو سلمة ، وعروة ، والقاسم ، وسالم ، وخارجة بن زيد ، وسليمان بن يسار ، ونافع ، وعبد الرحمن بن هرمز ، ومن بعدهم : أبو الزناد ، وربيعة ويحيى بن سعيد ، وابن شهاب ، كل هؤلاء يقرأ عليهم ولا يقرؤون ، فقال : في هؤلاء قدوة ، صيروا إليه فاقرؤوا عليه ، ففعلوا " . 81
وعن مصعب الزبيري قال :
" سأل هارون الرشيد مالكاً وهو في منزله ومعه بنوه أن يقرأ عليهم .
قال : ما قرأت على أحد منذ زمان وإنما يقرأ علي .
فقال : أخرج الناس حتى أقرأ أنا عليك ، فقال : إذا منع العلم لبعض الخاص لم ينتفع الخاص , وأمر معن بن عيسى فقرأ عليه " .82
وعن ابن وهب :
" عن مالك قال : دخلت على أبي جعفر ـ الخليفة ـ فرأيت غير واحد من بني هاشم يقبلون يده ، وعوفيت فلم أقبل له يدا " .83
وعن أبو حاتم الرازي قال :
" حدثنا عبد المتعال بن صالح من أصحاب مالك قال : قيل لمالك : إنك تدخل على السلطان وهم يظلمون ، ويجورون ، فقال : يرحمك الله ، فأين المكلم بالحق " .84
وقال مصعب :
" لما قدم المهدي المدينة استقبله مالك وغيره من أشرافها على أميال ، فلما أبصر بمالك انحرف المهدي إليه فعانقه وسلم عليه وسايره .
فالتفت مالك إلى المهدي فقال : يا أمير المؤمنين إنك تدخل الآن بالمدينة فتمر بقوم عن يمينك ويسارك وهم أولاد المهاجرين والأنصار فسلم عليهم , فإن ما على وجه الأرض قوم خير من أهل المدينة , ولا خير من المدينة .
فقال له : ومن أين قلت ذلك يا أبا عبد الله ؟
قال : لأنه لا يعرف قبر نبي اليوم على وجه الأرض غير قبر محمد  ومن قبر محمد  عندهم فينبغي أن يعلم فضلهم على غيرهم .
ففعل المهدي ما أمره به مالك .
فلما دخل المدينة ونزل وجه بغلة إلى مالك ليركبها ويأتيه , فرد البغلة وقال إني لأستحي من الله أن أركب في مدينة فيها جثة رسول الله  وأتاه ماشياً .
وكانت به علة ـ مرض ـ فاتكأ على المغيرة المخزومي , وعلى ابن حسن العلوي , وعلى بن أبي علي اللهلي , وهؤلاء علماء المدينة وأشرافها .
فلما بصر به المهدي قال : يا سبحان الله , ترك ركوب البغلة إجلالاً لرسول الله  فقيض الله تعالى له هؤلاء فاتكأ عليهم ، والله لو دعوتهم أنا إلى هذا ما أجابوني .
فقال المغيرة : يا أمير المؤمنين نحن قد افتخرنا على أهل المدينة لما اتكأ علينا " . 85
وروى : " أن مالكاً دخل على عبد الملك بن صالح أمير المدينة , فجلس ساعة ثم دعا بالطعام والوضوء , فقال : ابتدئ أولاً بأبي عبد الله .
فقال له مالك : إن أبا عبد الله ـ يعني نفسه ـ لا يغسل يده .
فقال لم ؟ قال : ليس هذا هو الذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا , إنما هو من زي الأعاجم , وقد نهى عمر عن أمر الأعاجم , وكان عمر إذا أكل مسح يده
بباطن قدمه .
فقال له عبد الملك : أأترك يا أبا عبد الله ؟ فقال : أي والله .
فما عاد إلى ذلك عبد الملك بن صالح " .86
وروي :
" أنه أثني على والي المدينة بحضرته عند مالك , فغضب مالك , ثم التفت إليه وقال : إياك أن يغرك هؤلاء بثنائهم عليك ، فإن من أثنى عليك , وقال فيك من الخير ما ليس فيك أوشك أن يقول فيك من الشر ما ليس فيك , فاتق الله في التزكية منك لنفسك , وترضى بها من يقولها لك في وجهك , فإنك أنت أعرف بنفسك منهم .
فإنه بلغني أن رجلاً امتدح رجلاً عند النبي  فقال له النبي  : " قطعتم ظهره أو عنقه , لو سمعها ما أفلح " .87

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

الإمام مالك بن أنس Empty
مُساهمةموضوع: الإمام مالك بن أنس   الإمام مالك بن أنس I_icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 26, 2013 3:50 pm

محنته ـ رحمه الله ـ
 تعرض الإمام مالك ـ رحمه الله ـ لمحنه عصيبه , وابتلاء كبير . . .
جلد فيه , وضرب , ونكل به ـ رحمه الله ـ
وكل ذلك من أجل كلمة حق قالها في وجهه سلطان جائر . . .
ولكن إذا لم يكن هذا الإمام ممن يصدعون بالحق أمام وجوه الطغاة , فمن يكون إذا ؟! . . .
إنها ضريبة الإيمان ، فالإبتلاء يكون على قدر إيمان العبد ، فكلما زاد إيمانه اشتد بلاؤه , كما قال  عندما سُأل عن اشد الناس بلاء فقال : " الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل , فيبتلى الرجل على حسب دينه , فإن كان دينه صلباً اشتد بلاؤه , وإن كان في دينه رقة ابتلى على حسب دينه , فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشى على الأرض ما عليه خطيئة " . 88
قال محمد بن جرير :
" كان مالك قد ضرب بالسياط ، واختلف في سبب ذلك ، فحدثني العباس بن الوليد ، حدثنا ابن ذكوان ، عن مروان الطاطري ، أن أبا جعفر نهى مالكا عن حديث : " ليس على مستكره طلاق " , ثم دس إليه من يسأله ، فحدثه به على رؤوس الناس ، فضربه بالسياط " .89
وعن إبراهيم بن حماد قال :
" أنه كان ينظر إلى مالك إذا أقيم من مجلسه ، حمل يده بالأخرى " .90
وعن الفضل بن زياد قال :
" سألت أحمد بن حنبل : من ضرب مالكاً ؟ قال : بعض الولاة في طلاق المكره ، كان لا يجيزه ، فضربه لذلك " .91
وعن أبا داود يقول :
" حكى لي بعض أصحاب ابن وهب عنه ، أن مالكا لما ضرب ، حلق وحمل على بعير ، فقيل له : ناد على نفسك .
فقال : ألا من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا مالك بن أنس ، أقول طلاق المكره ليس بشئ .
فبلغ ذلك جعفر بن سليمان الأمير ، فقال : أدركوه ، أنزلوه " .92
وعن الواقدي قال :
" لما دُعي مالك ، وسمع منه ، وقبل قوله حُسد ، وبغوه بكل شئ ، فلما ولي جعفر بن سليمان المدينة ، سعوا به إليه ، وكثروا عليه عنده ، وقالوا : لا يرى إيمان بيعتكم هذه بشئ ، وهو يأخذ بحديث رواه عن ثابت بن الأحنف في طلاق المكره , أنه لا يجوز عنده ، قال : فغضب جعفر ، فدعا بمالك ، فاحتج عليه بما رفع إليه عنه ، فأمر بتجريده وضربه بالسياط ، وجبذت يده حتى انخلعت من كتفه ، وارتكب منه أمر عظيم ، فوالله ما زال مالك بعد في رفعة وعلو " .
قلت ـ الذهبي ـ : " هذا ثمرة المحنة المحمودة ، أنها ترفع العبد عند المؤمنين ، وبكل حال فهي بما كسبت أيدينا ، ويعفو الله عن كثير , : " ومن يرد الله به خيراً يصب منه " , وقال الله تعالى : { ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين } محمد : 31 .
فالمؤمن إذا امتحن صبر واتعظ واستغفر ولم يتشاغل بذم من انتقم منه ، فالله حكم مقسط ، ثم يحمد الله على سلامة دينه ، ويعلم أن عقوبة الدنيا أهون وخير له " . 93
   
ثناء الناس عليه ـ رحمه الله ـ
 شهد الجميع للإمام ماك بالإمامة في العلم . . . .
وبالرجاحة في العقل . . . .
وبالتثبت في الرواية . . .
وهذا الأمر لا يخلتف عليه اثنان ، ولا ينتطح فيه كبشان . . .
فكان ـ رحمه الله ـ إمام للمسلمين بحق . . .
وهذه شهادة أغلب المسلمين منذ عهده هو ـ رحمه الله ـ إلى وقتنا هذا . .
قال الإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ :
" وقد اتفق لمالك مناقب ما علمتها اجتمعت لغيره أحدها : طول العمر , وعلو الرواية , وثانيتها : الذهن الثاقب والفهم , وسعة العلم , وثالثتها : اتفاق الأئمة على انه حجة صحيح الرواية , ورابعتها : تجمعهم على دينه وعدالته واتباعه السنن , وخامستها : تقدمه في الفقه والفتوى وصحة قواعده " .94
وقال ابن حبان :
" من سادات أتباع التابعين , وجلة الفقهاء والصالحين , ممن كثرت عنايته بالسنن وجمعه لها وذبه عن حريمها , وقمعه من خالفها أو رام مباينتها , مؤثراً لسنة رسول الله  , على غيرها من المخترعات الداحضة , قائلاً بها
دون الإعتماد على المقايسات الفاسدة " .95
وعن أبو مصعب قال :
" سمعت مالكاً يقول : دخلت على أبي جعفر أمير المؤمنين ، وقد نزل على مثال له , يعني فرشه , وإذا على بساطه دابتان ما تروثان ولا تبولان ، وجاء صبي يخرج ثم يرجع ، فقال لي : أتدري من هذا ؟ قلت : لا .
قال : هذا ابني ، وإنما يفزع من هيبتك ، ثم ساءلني عن أشياء منها حلال ، ومنها حرام ، ثم قال لي : أنت والله أعقل الناس ، وأعلم الناس .
قلت : لا والله يا أمير المؤمنين .
قال : بلى , ولكنك تكتم .
ثم قال : والله لئن بقيت لأكتبن قولك كما تكتب المصاحف ، ولأبعثن به إلى
الآفاق ، فلاحملنهم عليه " .96
وقال ابن مهدي :
" أئمة الناس في زمانهم أربعة : الثوري ، ومالك ، والأوزاعي ، وحماد بن زيد ، وقال : ما رأيت أحدا أعقل من مالك " .97
وعنه قال: " ما رأيت أحدا أهيب ولا أتم عقلاً من مالك ، ولا أشد تقوى " .
وقال ابن وهب :
" ما نقلنا من أدب مالك أكثر مما تعلمنا من علمه " .98
وعن يحيي بن حيان قال :
" كنا عند وهيب فذكر حديثاً عن ابن جريج ومالك بن أنس عن عبد الرحمن بن القاسم , فقلت لصاحب لي : اكتب ابن جريج ودع مالكاً , وإنما قلت ذلك لأن مالكاً يومئذ حي , فسمعها وهيب فقال : تقول دع مالكاً ! ما بين شرقها وغربها أحدا آمن عندنا على ذلك من مالك , والعرض على مالك أحب إلى من السماع من غيره " .99
وعن عبد الرحمن بن القاسم قال :
" إنما أقتدي في ديني برجلين : مالك بن أنس في علمه , وسليمان بن القاسم في ورعه " . 100
ونقل القاضي عياض ـ رحمه الله ـ عن الأئمة فقال :
قال زياد بن يونس :
" كان والله مالك أعظم الخلق مروءة , وأكثرهم صمتاً , وكان إذا جلس جلسة لا ينحل منها حتى يقوم , ورأيته كثير الصمت , قليل الكلام , متحفظاً
للسانه " .
وقال ابن المبارك :
" كان مالك أشد الناس مدارة للناس , وترك ما لا يعنيه " .
وقال ابن أبي أويس :
" كان مالك يستعمل الأنصاف , ويقول : ليس في الناس أقل منه , فأردت المداومة عليه " .
وقال الزهراني :
" كان مالك إذا أصبح لبس ثيابه وتعمم , ولا يراه أحد من أهله ولا أصدقائه إلا متعمماً لابساً ثيابه ، وما رآه أحد قط أكل أو شرب حيث يراه الناس ، ولا يضحك ولا يتكلم فيما لا يعنيه " .
وقال سفيان بن عينية :
" ما نحن عند مالك ؟! إنما كنا نتبع آثار مالك " .
وقال : " ومالك سيد أهل المدينة " .
وقال : " مالك سيد المسلمين " .
وقال : " مالك إمام " .
وقال : " مالك عالم أهل الحجاز " .
وقال : " كان مالك سراجاً , ومالك حجة في زمانه " .
وقال وقد بلغه وفاة مالك : " ما ترك مثله , أو ما ترك على الأرض مثله " .
وقال عتيق :
" ما أجمع أهل المدينة على أحد بعد النبي  إلا على أبي بكر وعمر ، ومات مالك ولم نعلم أن أحداً من أهل المدينة قبل موته إلا وقد أجمع عليه " .
وقال ابن وهب :
" سألت عبد العزيز بن الماجشون عن مسألة , فقال : ما يحضرني فيها جواب ، ولكن سل مالكاً وأخبرني بما يقول .
فسألته وأخبرته , فقال : مالك سيدنا وعالمنا " .
وذكر عبد العزيز بن الماجشون مسألة اختلف فيها قول أبيه وقول مالك فقال وبقول مالك أقول ، وأميل مع مالك حيثما مال ، فإنه كان موفقاً " .101
   
ما قيل فيه من الشعر ـ رحمه الله ـ
قال أبو المعافى بن أبي رافع المديني :
ألا إن فقد العلم في فقد مالــــــك فلا زال فينا صالح الحال مالــــــك
يقيم طريق الحق والحق واضـح ويهدي كما تهدي النجوم الشوابـــك
فلولاه ما قامت حدود كثيـــــــرة ولولاه لاشتدت علينا المسالـــــــــك
عشونا إليه نبتغي ضوء رأيـــــه وقد لزم الغي اللحوح المماحـــــــك
فجاء برأي مثله يقتدى به كنظـــم جمان زينته السبائــــــــــــــــــــك 102
وقال ابن المبارك فيه :
صموت إذا ما الصمت زين أهلـــه وفتاق أبكار الكلام المختــــــــــم
وعى ما وعى القرآن من كل حكمة وسيطت له الآداب باللحم والــدم103
و قال القاضي عياض ـ رحمه الله ـ في" المدارك " :
قال ابن مناذر :
ومن يبغي الوصاة فإن عنــــــــدي وصاة للكهول وللشبـــــــــــاب
خذوا عن مالك وعن ابن عــــــون ولا ترووا أحاديث ابـــــن داب
وأنشد أبو محمد الضراب لبعضهم:
إذا ما عدت العلماء يومــــــــــــاً فمالك في العلوم هو الضيـــــــــــاء
تبوأ ذروة العلماء قـــــــــــــــوم فهو كالأرض وهو لهم سمــــــــــاء
وقال أبو محمد بن أبي زيد لبعض من ناقض قول مالك :
تخطيت نجوم السمـــــــــــــــاء وهذا هو الأمل الكــــــــــــــــــاذب
تروم إمام الهدى مالكـــــــــــــاً وذاك هو الجبل الراهــــــــــــــــب
فما أثر الدر في صحـــــــــــوة ومجهوده قائم راتــــــــــــــــــــــب
بدون منالك من مالـــــــــــــــك فدونك هذا الرجاء الخائــــــــــــــب
ودونك من دون ما رمتــــــــــه بعيد كما بعد الثاقــــــــــــــــــــــــب
وأنشد لابن سليمان أخو بني خضرة في مالك :
كم فقه الله من جاب بمجلســـــــــــه وزاد فقهاً به من فقه عبـــــــــاس
ما ينتهي الناس في الفتوى إذا اجتهـ دوا وقايسوك لذي النوكى بمقياس
أنت الفقيه إذا ودت بقيتنـــــــــــــــا لا الضارب فيه أخماساً بأســـداس
وقال الفقيه محمد بن عمار الكلاعي أيضاً من قصيدة منها :
وكن في ذي المذاهب مالكيــــــــــاً مدينياً وسنياً متينــــــــــــــــــــــا
مدينة خير من ركب المطايــــــــــا ومهبط وحي رب العالمينـــــــــا
بها كان النبي وخير صحـــــــــــب وأكثرهم بها أضحى دفينــــــــــا
ومالك الرضى لا شك فيـــــــــــــه وقد سلك الطريق المستبينــــــــا
نظرنا في المذاهب فما رأينــــــــــا كمذهب مالك للناظرينـــــــــــــا
ومذهبه اتباع لا ابتــــــــــــــــــداع كما اتبع الكريم الأكرمينــــــــــا
وعندي كل مجتهد مصيــــــــــــــب ولكن مالكاً في السابقينــــــــــــا
وقد دل الدليل على صـــــــــــــواب يقول به لدى المتحققينــــــــــــــا
توقيره وتعظيمه للنبي 
 كان الإمام مالك ـ رحمه الله ـ شديد الحب والتعظيم للنبي  . . .
حيث كان حب النبي يملأ سويداء قلبه . . .
فكان ـ رحمه الله ـ شديد التوقير والتعظيم له  . .
ولقد بلغ محبته للنبي  وتوقيره له أنه كان يمشي على قدميه دوماً في المدينة , ولا يركب شئ أبداً ، ويقول : " كيف أركب في مدينة فيها جثة رسول الله  " .
وعن معن بن عيسى قال :
" كان مالك بن أنس إذا أراد أن يجلس للحديث اغتسل , وتبخر , وتطيب , فإن رفع أحد صوته في مجلسه زبره ـ نهاه ـ وقال : قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي } فمن رفع صوته عند حديث رسول الله  فكأنما رفع صوته فوق صوت رسول الله  " .
وعن ابن أبي أويس قال :
" كان مالك إذا أراد أن يحدث , توضأ وجلس على فراشه , وسرح لحيته وتمكن في الجلوس بوقار وهيبة , ثم حدث , فقيل له في ذلك , فقال : أحب أن أعظم حديث رسول الله  ولا أحدث به إلا على طهارة متمكنا , وكان يكره أن يحدث في الطريق وهو قائم أو يستعجل , فقال : أحب أن أتفهم ما أحدث به عن رسول الله  " . 104
وعن إبراهيم بن عبد الله بن قريم الأنصاري قال :
" مر مالك بن أنس على ابن حازم وهو يحدث فجازه ـ تخطاه ـ , فقيل له في ذلك , فقال : إني لم أجد موضعاً أجلس فيه , فكرهت أن آخذ حديث رسول الله  وأنا قائم " .105
وعن الحارث بن مسكين قال :
" أخبرنا ابن القاسم قال : قيل لمالك : لم لم تأخذ عن عمرو بن دينار ؟
قال : أتيته ، فوجدته يأخذون عنه قياماً ، فأجللت حديث رسول الله  أن آخذه قائماً " . 106
وقال أبو مصعب :
" كان مالك لا يحدث إلا وهو على طهارة إجلالاً للحديث " .107
وقال ابن خلكان :
" وكان لا يركب في المدينة مع ضعفه وكبر سنه ، ويقول : لا أركب في مدينة فيها جثة رسول الله  مدفونة " .108
وقال مصعب بن عبد الله :
" كان مالك إذا سئل الحديث توضأ وتهيأ ولبس ثيابه , فقيل له في ذلك , فقال إنه حديث رسول الله  " . 109
وقال ابن مهدي :
" مشيت مع مالك يوماً إلى العقيق من المسجد , فسألته عن حديث فانتهرني ، وفي رواية : فالتفت إلي وقال لي : كنت في عيني أجل من هذا ، أتسألني عن حديث رسول الله  ونحن نمشي .
فقلت : إنا لله , ما أراني إلا وقد سقطت من عينه .
فلما قعد في مجلسه بعدت منه , فقال : ادن ها هنا , فدنوت فقال : قد ظننت أنا أدبناك .
تسألني عن حديث رسول الله  وأنا أمشي , سل عما تريد هاهنا " .110
وقال المروي :
" كان مالك إذا جلس معنا كأنه واحد ينبسط معنا في الحديث , وهو أشد تواضعاً منا له .
فإذا أخذ في الحديث تهيبنا كلامه كأنه ما عرفنا ولا عرفناه " .
وقال مصعب بن عبد الله :
" كان مالك إذا ذكر النبي  عنده تغير لونه , وانحنى حتى يصعب ذلك على جلسائه , فقيل له يوماً في ذلك
فقال : لو رأيتم لما أنكرتم علي , ما ترون كنت آتي محمد بن المنكدر وكان سيد القراء لا نكاد نسأله على حديث إلا بكى حتى نرحمه ، ولقد أتى جعفر بن محمد وكان كثير المزاح والتبسم , فإذا ذكر عنده النبي  اخضر واصفر" .111
وقال الشافعي :
" رأيت بباب مالك كراعاً من أفراس خراسان , وبغال مصر , فقلت : ما أحسنها ! فقال : هي هبة مني إليك , فقلت : دع لنفسك منها دابة تركبها.
قال : أنا أستحي من الله أن أطأ تربة نبي الله بحافر دابة " .112
وقال عتيق بن يعقوب :
" فلما حضرته الوفاة ـ يقصد مالك ـ سئل عن تخلفه عن المسجد , قال عتيق بن يعقوب وكان تخلفه عنه قبل موته بسنين , فقال : لولا أني في آخر يوم من الدنيا , وأوله من الآخرة ما أخبرتكم ؟ سلس بولي .
فكرهت أن آتي مسجد رسول الله  على غير طهارة استخفافاً لرسول الله  , وكرهت أن أذكر علتي فأشكو ربي " . 113
   
حرصه ـ رحمه الله ـ في الفتوى والرواية
 اشتهر عن الإمام مالك ـ رحمه الله ـ كثرة ترداده لكلمة : " لا أدري " , وما كان عليه شيء أسهل من هذه الكلمة , و لم يكن يشعر أن في هذا منقصة له بل كان إذا سُئل عن مسألة قال للسائل : أنظرني حتى أفكر .
وربما يأتيه في الغد فيجيبه , وربما يقول له أيضاَ أنظرني . . .
و لقد عوتب الإمام مالك في ذلك فبكى وقال : " إني أخاف أن يكون لي في المسائل يوم وأي يوم " .
وقال لهؤلاء المنتقدين : " من أحب أن يجيب عن مسألة فليعرض على نفسه الجنة والنار , و ليتصور موقفه من الله غداً " .
ولقد قال ـ رحمه الله ـ :
" جنة العالم : " لا أدري " , فإذا أغفلها أصيبت مقاتله " .114
وعن ابن وهب :
" عن مالك ، سمع عبد الله بن يزيد بن هرمز يقول : ينبغي للعالم أن يورث جلساءه قول : " لا أدري " , حتى يكون ذلك أصلا يفزعون إليه " . 115
وقال ابن عبد البر :
" صح عن أبي الدرداء  أن : " لا أدري " ، نصف العلم " . 116
وقال ابن وهب :
" لو شئت أن أملا ألواحي من قول مالك : ( لا أدري ) لفعلت " . 117
وعن عبد الرحمن بن مهدي قال :
" كنا عند مالك بن أنس فجاء رجل فقال : يا أبا عبد الله جئتك من مسيره سته أشهر , حملني أهل بلادي مسئله أسألك عنها , قال : فسل , قال : فسأل الرجل عن أشياء , فقال مالك : لا أحسن , قال : فقطع بالرجل كأنه قد جاء الى من يعلم كل شيء , قال : وأي شيء أقول لأهل بلادي إذا رجعت إليهم .
قال : تقول لهم : قال مالك بن أنس لا أحسن " .118
وعن سعيد بن سليمان قال :
" قلما سمعت مالكاً يفتي بشيء إلا تلا هذه الآية : { إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين } " .119
وعن عمرو بن يزيد قال :
" قلت لمالك : يا أبا عبد الله , يأتيك ناس من بلدان شتى قد أنضوا مطاياهم وأنفقوا نفقاتهم يسألونك عما جعل الله عندك من العلم , تقول : لا أدري .
فقال : يا عبد الله يأتيني الشامي من شامه , والعراقي من عراقه , والمصري من مصره فيسألونني عن الشيء لعلي أن يبدو لي فيه غير ما أجيب به , فأين أجدهم " . 120
وقال الهيثم بن جميل :
" سمعت مالكا سئل عن ثمان وأربعين مسألة ، فأجاب في اثنتين وثلاثين منها بـلا أدري " .
وعن خالد بن خداش قال :
" قدمت على مالك بأربعين مسألة ، فما أجابني منها إلا في خمس مسائل " .
وعن ابن وهب قال :
" سمعت مالكا وقال له ابن القاسم : ليس بعد أهل المدينة أحد أعلم بالبيوع من أهل مصر , فقال مالك : من أين علموا ذلك ؟ قال : منك يا أبا عبد الله .
فقال : ما أعلمها أنا ، فكيف يعلمونها بي ؟ " .121
 وكما كان الإمام مالك شديد الحرص في الفتوي ، كان أيضاً شديد الحرص في من يروي عنه حديث النبي  .
فلا يروي ـ رحمه الله ـ إلا عن ثقة أمين . . .
وذلك إنما اجلالاً لحديث رسول الله  . . . .
فعن سفيان قال :
" رحم الله مالكاً ، ما كان أشد انتقاده للرجال " . 122
وقال بشر بن عمر الزهراني :
" سألت مالكاً عن رجل ، فقال : هل رأيته في كتبي ؟ قلت : لا ، قال : لو كان ثقة لرأيته في كتبي " . 123
قلت ـ المصنف ـ : فهذا القول يؤكد بأنه لا يروي إلا عمن هو عنده ثقة .
وعن ثمان بن كنانة :
" عن مالك قال : ربما جلس إلينا الشيخ ، فيحدث جل نهاره ، ما نأخذ عنه حديثاً واحداً ، وما بنا أن نتهمه ، ولكن لم يكن من أهل الحديث " .
وقال ابن عيينة :
" ما نحن عند مالك ، إنما كنا نتبع آثار مالك ، وننظر الشيخ إن كان كتب عنه مالك كتبنا عنه " .
وعن ابن عيينة قال :
" كان مالك لا يبلغ من الحديث إلا صحيحاً ، ولا يحدث إلا عن ثقة ، ما أرى المدينة إلا ستخرب بعد موته ـ يعني من العلم ـ " .124
وعن الشافعي قال :
" كان مالك إذا شك في حديث طرحه كله " .125
وعن حبيب بن زريق قال :
" قلت لمالك بن أنس : لم تكتب عن صالح مولى التوأمة , وحزام بن عثمان وعمر مولى غفرة , قال : أدركت سبعين تابعياً في هذا المسجد , ما أخذت العلم إلا عن الثقات المأمونين " . 126
ونقل القاضي عياض ـ رحمه الله ـ كلام العلماء في هذا فقال :127
قال عبد الرحمن العمري :
" قال لي مالك : ربما وردت علي المسألة تمنعني من الطعام والشراب والنوم , فقلت : يا أبا عبد الله ما كلامك عند الناس إلا كنقش في حجر ، ما تقول شيئاً إلا تلقوه منك .
قال فمن أحق أن يكون كذا إلا من كان هكذا " .
وقال ابن القاسم :
" سمعت مالكاً يقول : إني لأفكر في مسألة منذ بضع عشرة سنة , فما اتفق لي فيها رأي إلى الآن " .
وقال ابن عبد الحكم :
" كان مالك إذا سئل عن المسألة قال للسائل : انصرف حتى أنظر فيها .
فينصرف ويتردد فيها .
فقلنا له في ذلك ، فبكى وقال : إني أخاف أن يكون لي من السائل يوم , وأي يوم " .
قال وزاده : " كان مالك إذا جلس نكس رأسه ويحرك شفتيه بذكر الله , ولم يلتفت يميناً ولا شمالاً " .
وزاده : " فإذا سئل عن مسألة تغير لونه , وكان أحمر بصفرة , فيصفر وينكس رأسه ويحرك شفتيه , ثم يقول : ما شاء الله ولا قوة إلا بالله ، فربما يسأل عن خمسين مسألة فلا يجيب منها في واحدة " .
وقال مالك ـ رحمه الله ـ :
" ما شيء أشد علي من أن أسأل عن مسألة من الحلال والحرام ، كأن هذا هو القطع في حكم الله , ولقد أدركت أهل العلم والفقه ببلدنا وإن أحدهم إذا سئل عن مسألة كأن الموت أشرف عليه .
ورأيت أهل زماننا هذا يشتهون الكلام فيه والفتيا ، ولو وقفوا على ما يصيرون إليه غداً لقللوا من هذا ، وإن عمر بن الخطاب وعلياً خيار الصحابة كانت تتردد عليهم المسائل وهم خير القرون الذي بعث فيهم النبي  وكانوا يجمعون أصحاب النبي  ويسألون حينئذ ثم يفتون فيها ، وأهل زماننا هذا قد صار فخرهم الفتيا , فبقدر ذلك يفتح لهم من العلم " .
و قال ـ رحمه الله ـ : " ولم يكن من أمر الناس ولا من مضى ولا من سلفنا الذين يقتدى بهم ويعول الإسلام عليهم أن يقولوا هذا حلال وهذا حرام ، ولكن يقول أنا أكره كذا , وأحب كذا .
وأما حلال وحرام فهذا الإفتراء على الله , لأن الحلال ما أحله الله ورسوله ، والحرام ما حرماه " .
وقال موسى بن داوود :
" ما رأيت أحداً من العلماء أكثر أن يقول: ما أحسن من مالك .
وربما سمعته يقول : ليس هذا ببلدنا " .
وقال معن بن عيسى :
" سمعت مالكاً يقول : إنما أنا بشر أخطىء وأصيب , فانظروا في رأيي فكلما وافق الكتاب والسنة فخذوا به ، وما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه " .
   
موطأ الإمام مالك ـ رحمه الله ـ
 قد ذكر العلماء أن تأليف الإمام مالك " الموطأ " إنما كان باقتراح من الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور في قدمة من قدماته إلى الحج , دعاه المنصور لزيارته فزاره فأكرمه أبو جعفر وأجلسه بجانبه وسأله أسئلة كثيرة فأعجبه سمته وعلمه وعقله وسداد رأيه وصحة أجوبته , فعرف له مقامه في العلم والدين وإمامة المسلمين .
فقال له : ضع للناس كتابا أحملهم عليه , فكلمه مالك في ذلك - أي مانعه مالك في حمل الناس على كتابه – فقال : ضعه فما أحد اليوم أعلم منك , فوضع " الموطأ " فلم يفرغ منه حتى مات أبو جعفر . 128
والموطأ معناه : المسهل الميسر , يقال في اللغة : وطؤ الموضع يوطؤ وطاءة ووطوءة : لان سهل فهو وطيء ووطأ الموضع صيره وطيء , ووطأ الفراش : دمثه ودثره والموطأ : المسهل الميسر , كما في " المعجم الوسيط ".
ولكتاب " الموطأ " مزايا كثيرة تميز بها عن سواه من كتب الحديث الشريف نتعرض هنا إلى جملة منها باختصار :
فمزية " الموطأ " أولا : أنه تأليف إمام فقيه محدث مجتهد متقدم كبير متبوع شهد له أئمة عصره ومن بعدهم بالإمامة في الفقه والحديث دون منازع .
ومزيته ثانيا : أنه أطبق العلماء على الثناء عليه وتبجيله , وكثر كلامهم في
مدحه وتقريظه , وأكتفي هنا بكلمات قالها إمام الأئمة الفقيه المحدث المجتهد المتبوع الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ وحسبك به وكفى .
قال : " ما على ظهر الأرض كتاب أصح بعد كتاب الله من كتاب مالك " .
وفي لفظ آخر : " ما بعد كتاب الله كتاب أنفع من الموطأ " .
ومزيته ثالثا : أنه من مؤلفات منتصف القرن الثاني من الهجرة , فهو سابق غير مسبوق بمثله , إذ هو أول كتاب في بابه , وللسابق فضل ومزية إذ هو الإمام الذي سن التأليف الحديثي على أبواب الفقه , واقتدى به المؤتمون من ورائه , مثل عبد الله بن المبارك والبخاري ومسلم وسعيد بن منصور وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وسواهم .
فهو بسبق حائز تفضيــــــلا مستوجب ثناءنا الجميـــــــــــلا
وقال أبو الطاهر أحمد بن محمد الأصفهاني يمدح الموطأ :
وأعم الكتب نفعاً للفقيــــــــه موطأ مالك لا شك فيــــــــــــه
فلا تبدأ بشيء من سمـــــاع سواه عن إمام ترتضيــــــــــه
وصاحب من يعظمه وجانب كتاب جميع من قد يزدريـــــه129
   
وفاته ـ رحمه الله ـ
قال القعنبي :
" سمعتهم يقولون : عمر مالك تسع وثمانون سنة ، ومات سنة تسع وسبعين ومئة " .
وقال إسماعيل بن أبي أويس :
" مرض مالك ، فسألت بعض أهلنا عما قال عند الموت ، قالوا : تشهد ، ثم قال : { لله الامر من قبل ومن بعد } , وتوفي صبيحة أربع عشرة من ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومئة ، فصلى عليه الأمير عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد " .
وقال أبو مصعب الزهري :
" مات لعشر مضت من ربيع الأول سنة تسع " .130
وقال الذهبي ـ رحمه الله ـ :
" وغسله ابن أبي زنبر وابن كنانة ، وابنه يحيى , وكاتبه حبيب يصبان عليه الماء ، ونزل في قبره جماعة ، وأوصى أن يكفن في ثياب بيض ، وأن يصلى عليه في موضع الجنائز ، فصلى عليه الأمير المذكور .
قال : وكان نائباً لأبيه محمد على المدينة ، ثم مشى أمام جنازته ، وحمل
نعشه ، وبلغ كفنه خمسة دنانير " . 131
وعن القعنبي قال :
" دخلت على مالك بن أنس في مرضه الذي مات فيه ، فسلمت عليه ، ثم جلست فرأيته يبكي ، فقلت : يا أبا عبد الله ، ما الذي يبكيك ؟ قال : فقال لي : يا ابن قعنب ، وما لي لا أبكي ومن أحق بالبكاء مني , والله لوددت أني ضربت لكل مسألة أفتيت فيها برأيي بسوط سوط ، وقد كانت لي السعة فيما قد سبقت إليه ، وليتني لم أفت بالرأي ، أو كما قال , وكانت وفاته بالمدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، ودفن بالبقيع بجوار إبراهيم ولد النبي  " .132
وعن القواريري قال :
" كنا عند حماد بن زيد وجاءه نعي مالك بن أنس فقال : رحم الله أبا عبدالله كان من الدين بمكان " . 133
وعن الحسن بن عمر بن يزيد قال :
" سمعت القعنبي يقول : أتينا سفيان بن عيينة فرأيته حزيناً , فقيل : بلغه موت مالك بن أنس ثم قال سفيان : ما ترك على الأرض مثله " . 134
وعن محمد بن إدريس الشافعي قال :
" قالت لي عمتي ونحن بمكة : رأيت في هذه الليلة عجباً , فقلت لها : وما هو قالت : رأيت كأن قائلا يقول : مات الليلة أعلم أهل الأرض .
قال الشافعي : فحسبنا ذلك فإذا هو يوم مات مالك بن أنس " . 135
و لقد رثاه أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين السراج فقال :
سقى جدثاً ضم البقيع لمالــــــــك من المزن مرعاد السحائب مبــراق
إمام موطأه الذي طبقت بـــــــــه أقاليم في الدنيا فساح وآفـــــــــــــاق
أقام به شرع النبي محمـــــــــــد له حذر من أن يضام وإشفـــــــــاق
له سند عال صحيح وهيبـــــــــة فللكل منه حين يرويه إطـــــــــراق
وأصحاب صدق كلهم علم فســل بهم إنهم إن أنت ساءلت حــــــــذاق
ولو لم يكن إلا ابن إدريس وحده كفاه ألا إن السعــــــــــــــادة أرزاق136
   
1أنظر : " وفيات الأعيان " لابن خلكان 4/137 .
2 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 8/49 .
3 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 8/55
4 أنظر : " ترتيب المدارك وتقريب المسالك " للقاضي عياض ، ويبيع البز : أي القماش
5أنظر : " الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب " لابن فرحون ( ص : 18 ) , و " زاد المعاد " لابن القيم 1/178 .
6 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 8/69ـ70 .
7 أنظر : " ترتيب المدارك وتقريب المسالك " للقاضي بن عياض , والحمام : أي اللعب
8 أنظر : " ترتيب المدارك وتقريب المسالك " للقاضي بن عياض .
9 أنظر : " ترتيب المدارك وتقريب المسالك " للقاضي عياض
10 أنظر : " مقدمة الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم الرازي 1/27 .
11 أنظر : " ترتيب المدارك " للقاضي عياض .
12 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 8/107 .
13 أنظر : " ترتيب المدارك " للقاضي عياض .
14 أنظر : المرجع السابق .
15 أنظر : المرجع السابق .
16 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 8/88 . زفنت : يقال يزفن أي : يرقص .
17 أنظر : " طبقات الفقهاء " للشيرازي 1/68 .
18 أنظر : " حلية الأولياء " لأبي نعيم 6/317 , و " سير أعلام النبلاء " للذهبي 8/62
19 " حلية الأولياء " لأبي نعيم 6/316 .
20أنظر : " ترتيب المدارك " للقاضي عياض .
21 أنظر : " ترتيب المدارك " للقاضي عياض .
22 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 8/60ـ52 .
23" ترتيب المدارك " للقاضي عياض .
24 " سير أعلام النبلاء " للذهبي 8/72 .
25 " ترتيب المدارك " للقاضي عياض .
26 أنظر : " ترتيب المدارك " للقاضي عياض .
27" سير أعلام النبلاء " 8/64 .
28 أنظر : " ترتيب المدارك " 1 / 153،و " الانتقاء " ( ص : 41) و " الديباج المذهب " 1 / 108.
29 أنظر : " ترتيب المدارك " للقاضي عياض .
30" سير أعلام النبلاء " للذهبي 8/111 .
31" سير أعلام النبلاء " 8/57 .
32 أنظر : " العبر " للذهبي 1/282 , و " سير أعلام النبلاء " 8/57 .
33 " سير أعلام النبلاء " 8/73 .
34 " سير أعلام النبلاء " 8/75 .
35 أنظر : " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم 1/13 , و " سير أعلام النبلاء " 8/74 .
36 أنظر : " ترتيب المدارك " 1/129 , و " سير أعلام النبلاء " 8/74 .
37 " ترتيب المدارك " 1/141 .
38" سير أعلام النبلاء " 8/74 , ابن اللبون : ما أوفى على ثلاث سنين ، لز : ربط . القرن: الحبل الذي يشد به البعيران ونحوهما فيقرنان معا ، والبزل : جمع بازل : البعير الذي دخل في السنة التاسعة ، والقناعيس : جمع قنعاس : الجمل العظيم الجسم ، الشديد القوة ، قال البغدادي : ضربه مثلا لمن يعارضه ويهاجيه ، يقول : من رام إدراكي كان بمنزلة ابن اللبون إذا قرن في قرن مع البازل القنعاس ، إن صال عليه لم يقدر على دفع صولته ومقاومته ، وإن رام النهوض معه قصر عن عدوته .
39" سير أعلام النبلاء " 8/94.
40 " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم الرازي 1/17 .
41" تهذيب الكمال " للمزي 27/115 .
42 أنظر : " الإنتقاء " ( ص : 38 ) .
43 " سير أعلام النبلاء " 8/78 .
44 " حلية الأولياء " لأبي نعيم 6/317.
45 " سير أعلام النبلاء " 8/106 .
46" سير أعلام النبلاء " 8/111 .
47 أنظر : " ترتيب المدارك " للقاضي عياض .
48 أنظر : " ترتيب المدارك " للقاضي عياض .
49" تذكرة الحفاظ " للذهبي 1/210 , و " الإنتقاء " ( ص : 42 ) .
50 " حلية الأولياء " لأبي نعيم 6/331 .
51" ترتيب المدارك " للقاضي عياض .
52" سير أعلام النبلاء " 8/66 .
53 " حلية الأولياء " 6/321 , و " سير أعلام النبلاء " 8/67 .
54 " ترتيب المدارك " للقاضي عياض .
55 المصدر السابق .
56" سير أعلام النبلاء " للذهبي 8/67 .
57" ترتيب المدارك " للقاضي عياض .
58 أنظر : " ترتيب المدارك " للقاضي عياض .
59 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 8/111 .
60" سير أعلام النبلاء " 8/66 .
61 " سير أعلام النبلاء " 8/67.
62" حلية الأولياء " لأبي نعيم 6/319 .
63أنظر : " حلية الأولياء " 6/324 , و " سير أعلام النبلاء " 8/89 .
64 أنظر : " سير أعلام النبلاء " 8/100 . الرحضاء : العرق إثر الحمى , قلت : وهذا هو المذهب الحق في صفات الله سبحانه ، نؤمن بها ، ونمرها على ظاهرها اللائق بجلال الله تعالى من غير تحريف ، ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل { ليس كمثله شئ وهو السميع البصير } ، فإن الله أعلم بنفسه من كل أحد ، ورسول الله  أعلم الخلق ، فمتى ورد النص من الكتاب أو السنة الصحيحة بإثبات صفة أو نفيها ، فلا يجوز لأحد العدول عنه إلى قياس أو رأي ، والكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات ، يحتذى فيه حذوه ، ويتبع مثاله ، فإذا كان إثبات الذات إثبات وجود لا إثبات تكييف ، فكذلك إثبات الصفات إثبات وجود لا إثبات تكييف ، وهذا هو مذهب السلف المشهود لهم بالفضل والخيرية ، كما ثبت عن سيدنا محمد خير البرية .
65" سير أعلام النبلاء " 8/114 .
66 " ترتيب المدارك " 1/!70 .
67" ترتيب المدارك " 1/186 , و " سير أعلام النبلاء " 8/107 .
68" سير أعلام النبلاء " 8/109 .
69" حلية الأولياء " 6/319 .
70" حلية الأولياء " 6/321 .
71" تذكرة الحفاظ " للذهبي 1/211 .
72 " أنظر : " ترتيب المدارك " للقاضي عياض .
73" ترتيب المدارك " للقاضي عياض .
74 " ترتيب المدارك " للقاضي عياض .
75أنظر : " ترتيب المدارك " للقاضي عياض .
76 أنظر : المرجع السابق .
77أنظر : المرجع السابق .
78 أنظر : المرجع السابق .
79 أنظر : المرجع السابق .
80أنظر : المرجع السابق .
81" سير أعلام النبلاء " 8/64 .
82 " سير أعلام النبلاء " 8/66 .
83" ترتيب المدارك " 1/208 , و " سير أعلام النبلاء " 8/79 .
84 " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم الرزاي 1/30 .
85أنظر : " ترتيب المدارك " للقاضي عياض .
86 أنظر : المرجع السابق .
87 المرجع السابق .
88 صحيح : صححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " : رقم : ( 143 ) .
89 أنظر : " ترتيب المدارك " 1//228 , و " وفيات الأعيان " لابن خلكان 4/137 , و " الإنتقاء " ( ص : 43 )
90 " سير أعلام النبلاء " 8/80 .
91" حلية الأولياء " لأبي نعيم 6/316 .
92 " سير أعلام النبلاء " 8/96 , و " حلية الأولياء " 6/316 .
93" سير أعلام النبلاء " 8/81 .
94أنظر : " تذكرة الحفاظ " للذهبي 1/212 .
95 أنظر : " مشاهير علماء الأمصار " لابن حبان 1/140 .
96أنظر : " تذكرة الحفاظ " للذهبي 1/209 , و " سير أعلام النبلاء " للذهبي 8/61 .
97" الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم الرازي 1/31 .
98 " سير أعلام النبلاء " 8/113 .
99" الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم الرزاي 1/15 .
100أنظر : " حلية الأولياء " لأبي نعيم 6/321 .
101أنظر : " ترتيب المدارك " للقاضي عياض .
102أنظر : " تهذيب الكمال " للمزي 27/118 .
103 أنظر : " سير أعلام النبلاء " 8/133 .
104 " حلية الأولياء " لأبي نعيم 6/318 .
105 المصدر السابق .
106 " سير أعلام النبلاء " 8/67 .
107 " حلية الأولياء " 6/318 .
108 " وفيات الأعيان " لابن خلكان 4/136 .
109" ترتيب المدارك " للقاضي عياض .
110أنظر : المصدر السابق .
111 أنظر : المصدر السابق .
112المصدر السابق .
113 المصدر السابق .
114" سير أعلام النبلاء " 8/77 .
115 " سير أعلام النبلاء " 8/77 .
116" ترتيب المدارك " 1/144 .
117" سير أعلام النبلاء " للذهبي 8/108 .
118" الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم 1/18 .
119" حلية الأولياء " 6/323 .
120" حلية الأولياء "لأبي نعيم 6/324 .
121" سير أعلام النبلاء " 8/76 .
122" الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم 1/32 .
123" سير أعلام النبلاء " للذهبي 8/72 .
124" سير أعلام النبلاء " للذهبي 8/73 .
125" سير أعلام النبلاء " 8/75 .
126" حلية الأولياء " 6/323 .
127أنظر : " ترتيب المدارك " للقاض عياض .
128" سير أعلام النبلاء " للذهبي 8/78 .
129أنظر : " ترتيب المدارك " للقاضي عياض .
130أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 8/130 .
131" سير أعلام النبلاء " 8/131 .
132" وفيات الاعيان " لابن خلكان 4/137 .
133" حلية الأولياء " لأبي نعيم 6/321 .
134" حلية الأولياء " 6/321 .
135" حلية الأولياء " لأبي نعيم 6/330 .
136" وفيات الأعيان " لابن خلكان 4/137 .


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
 
الإمام مالك بن أنس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أحمد بن يوسف بن مالك الرعيني الغرناطي
»  مكتبة الإمام الذهبي
» مكتبة الإمام ابن رجب الحنبلي
» مكتبة الإمام ابن حجر الهيتمي
» مكتبة الإمام ابن حزم الأندلسي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ :: كتابات وأبحاث مشرف الدعوة بالفرع :: السير والتراجم :: سير أعلام السلف " الإمام مالك بن أنس "-
انتقل الى: