موقع فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ
مرحبا بكم في منتدي فرع الجمعية الشرعية بقرية
البطاخ التابع لمحافظة سوهاج
يسعدنا انضمامكم لنا عبرسجيلكم فى المنتدى
منتدى فرع الجمعية الشرعية بالبطاخ
مع تحيات مدير المنتدى
مشرف الدعوة بالفرع
موقع فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ
مرحبا بكم في منتدي فرع الجمعية الشرعية بقرية
البطاخ التابع لمحافظة سوهاج
يسعدنا انضمامكم لنا عبرسجيلكم فى المنتدى
منتدى فرع الجمعية الشرعية بالبطاخ
مع تحيات مدير المنتدى
مشرف الدعوة بالفرع
موقع فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ هو أحد فروع الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية بمحافظة سوهاج
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
مرحبا بكم فى منتدي فرع الجمعية الشرعية بالبطاخ ساهموا فى نشر موقعنا
نسأل الله تعالى أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل
صلي الله على محمد صلي الله عليه وسلم
اللهم أعنا على رضاك حتى ترضي رضاءاً ليس بعده سخط ولا غضب
جميع حقوق الطبع والنشر والتوزيع والتصوير لأي كتاب موجود في المنتدي متااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااح بشرط دعوة صالحة بظهر الغيب
أرجو من كل من استفاد أو تعلم شيئاً من المنتدي أن لا ينسانا من صالح دعائه
نعدكم بإذن الله في كل زيارة لنا بالجديد وبالمفيد
بشري سارة لكل طلاب العلم : تم افتتاح ركن في منتدي فرع الجمعية الشرعية بالبطاخ للإجازات الشرعية المسندة لكل الراغبين في إجازة علمية بالسند مجاناً
هاااااااام جدا لمن لا يعلم :قد تظهر إعلانات على المنتدي بها صور نساء وهي لا تخص المنتدي بل هي تابعة لشركة جوجل ولا يمكن وقفها .

 

 سير أعلام السلف " الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

سير أعلام السلف " الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ  Empty
مُساهمةموضوع: سير أعلام السلف " الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ    سير أعلام السلف " الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ  I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 27, 2013 1:26 pm

الإمام أحمد بن حنبل
( 164 - 241 هـ =780 - 855 م )
إمام أهل السنة والجماعة . . . .
أحد الأئمة الأعلام . . . .
صحاب أحد المذاهب الأربعة المتبوعة . . . .
كان موضعه ـ رحمه الله ـ من الإمامة موضع الدعامة . . .
لقدوته بالآثار وملازمته للأخيار . . .
كان في حفظ الآثار الجبل العظيم . . .
وفي العلل والتعليل البحر العميم . . .
قال عنه أبي نعيم :
ومنهم الإمام المبجل . . .
والهمام المفضل . . . .
أبو عبد الله أحمد بن حنبل . . .
لزم الاقتداء , وظفر بالاهتداء . . ..
علم الزهاد , وقلم النقاد . . .
امتحن , فكان في المحنة صبوراً . . .
واحتبى فكان للنعمة شكورا . . .
كان للعلم والحلم واعيا , وللهم والفكر راعيا .1
هو : الإمام حقاً ، وشيخ الإسلام صدقاً ، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيان بن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل الذهلي الشيباني المروزي ثم البغدادي ، أحد الأئمة الأعلام .
 كان محمد والد الإمام أحمد من أجناد مرو ، ومات شاباً وله نحو من ثلاثين سنة .
قال محمد بن حاتم :
" ولي حنبل ـ جد الإمام ـ " سرخس " ، وكان من أبناء الدعوة ، فحدثت أنه ضربه المسيب بن زهير ببخارى لكونه شغب الجند " .2
 وربي الإمام أحمد يتيماً ، وقيل : إن أمه تحولت من مرو، وهي حامل به .
ثم تولت أمه تربيته , و كانت رعاية والدته له أشبه ما تكون برعاية والدة الشافعي . . .
وكانت والدته فقيرة وكانت شابة حسناء جميلة فتقدم لخطبتها والزواج منها
عدد كبير من الراغبين لكنها رفضت وامتنعت , وفضلت أن تعيش لولدها ونذرت نفسها له ، وهذا الأمر أنشأ في نفس أحمد بِراً بأمه . . .
ولم يتزوج حتى ماتت لكي لا يدخل على الدار سيدة أخرى تنازع أمه السيادة , وكان قد بلغ الثلاثين .
قال صالح ابن الإمام أحمد :
" جئ بأبي حمل من مرو ، فمات أبوه شابا ، فوليته أمه " .3
وقال صالح :
" قال أبي : ثقبت أمي أذني فكانت تصير فيهما لؤلؤتين ، فلما ترعرعت ، نزعتهما فكانت عندها ، ثم دفعتهما إلي فبعتهما بنحو من ثلاثين درهما " . 4
 مولده : ولد ـ رحمه الله ـ بالاتفاق في عام 164 هــ في بغداد , و توفي عام 241هـ فكان عمره عندما مات الشافعي أربعين عاماً ، وكان الشافعي يكبره بأربعة عشر عام . . .
قال صالح :
" قال لي أبي : ولدت في ربيع الأول سنة أربع وستين ومئة " 5.
   
صفته ـ رحمه الله ـ
قال ابن ذريح العكبري :
" طلبت أحمد بن حنبل ، فسلمت عليه ، وكان شيخاً مخضوباً طوالاً أسمر شديد السمرة " .6
وعن محمد بن عباس النحوي قال :
" رأيت أحمد بن حنبل حسن الوجه ، ربعة ـ متوسط القامة ـ ، يخضب بالحناء خضاباً ليس بالقاني ، في لحيته شعرات سود ، ورأيت ثيابه غلاظاً بيضاً ، ورأيته معتماً وعليه إزار " . 7
وقال المروذي :
" رأيت أبا عبد الله إذا كان في البيت عامة جلوسه متربعاً خاشعاً . . .
فإذا كان برا لم يتبين منه شدة خشوع وكنت أدخل والجزء في يده يقرأ " .8
وعن عبد الملك بن عبدالحميد الميموني قال :
" ما أعلم أني رأيت أحدا أنظف بدنا ، ولا أشد تعاهداً لنفسه في شاربه وشعر رأسه وشعر بدنه ، ولا أنقى ثوباً بشدة بياض ، من أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ " .9
وقال الفضل بن زياد :
" رأيت على أبي عبد الله في الشتاء قميصين وجبة ملونة بينهما ، وربما لبس قميصا وفروا ثقيلا . . .
ورأيته عليه عمامة فوق القلنسوة ، وكساء ثقيلا .
فسمعت أبا عمران الوركاني يقول له يوماً : يا أبا عبد الله هذا اللباس كله ؟
فضحك ثم قال : أنا رقيق في البرد ، وربما لبس القلنسوة بغير عمامة .
وقال الفضل بن زياد :
" رأيت على أبي عبد الله في الصيف قميصاً وسراويل ورداء ، وكان كثيراً ما يتشح فوق القميص .
وقال أبو داود :
" كنت أرى أزرار أبي عبد الله محلولة , ورأيت عليه من النعال ومن الخفاف غير زوج ، فما رأيت فيه مخضراً ولا شيئاً , وكان له قبالان " .
وقال أبو داود :
" رأيت على أبي عبد الله نعلين حمراوين لهما قبال واحد " .10
   
زوجاته وآله ـ رحمه الله ـ
قال الإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ :
قال زهير بن صالح : " تزوج جدي ـ يقصد الإمام أحمد ـ بأم أبي " عباسة " فلم يولد له منها سوى أبي ، ثم توفيت ، ثم تزوج بعدها " ريحانة " امرأة من العرب ، فما ولدت له سوى عمي عبد الله .
وعن المروذي قال : " سمعت أبا عبد الله ، ذكر أهله ، فترحم عليها ، وقال مكثنا عشرين سنة ، ما اختلفنا في كلمة , وما علمنا أحمد تزوج ثالثة " .
وقال يعقوب بن بختان : " أمرنا أبو عبد الله أن نشتري له جارية ، فمضيت أنا وفوران ، فتبعني أبو عبد الله وقال : يا أبا يوسف ، يكون لها لحم " .
وقال زهير : " لما توفيت أم عبد الله ، اشترى جدي " حُسن "، فولدت له أم علي زينب ، والحسن والحسين توأما ، وماتا بالقرب من ولادتهما ، ثم ولدت الحسن ومحمدا ، فعاشا نحو الأربعين , ثم ولدت بعدهما سعيدا " .
وعن محمد بن علي بن بحر قال : " سمعت حُسن أم ولد أبي عبد الله تقول: قلت لمولاي : اصرف فرد خلخالي ـ أي بعه ـ , قال : وتطيب نفسك ؟ قلت : نعم .
فبيع بثمانية دنانير ونصف ، وفرقها وقت حَمْلي .
فلما ولدت حُسن ، أعطى مولاتي " كرامة " درهما فقال : اشتري بهذا رأساً ـ لحماً ـ فجاءت به ، فأكلنا .
فقال : يا حُسن ، ما أملك غير هذا الدرهم .
قالت : وكان إذا لم يكن عنده شئ، فرح يومه .
وقال يوماً : أريد احتجم ، وما معه شئ ، فبعت نصيفاً من غزل بأربعة دراهم ، فاشتريت لحماً بنصف ، وأعطى الحجام درهماً .
قالت : واشتريت طيباً بدرهم " .
وكان أسن بني أحمد بن حنبل " صالح " ، فولي قضاء أصبهان ، ومات بها سنة خمس وستين ومئتين عن نيف وستين سنة .
وخلف ابنين : أحدهما " زهير بن صالح " ، محدث ثقة ، مات سنة ثلاث وثلاث مئة ، والآخر " أحمد بن صالح " ، لا أعلم متى توفي ، يروي عنه ولده محمد بن أحمد بن صالح .
فمات محمد هذا سنة ثلاثين وثلاث مئة كهلاً .
وأما الولد الثاني فهو الحافظ أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد ، راوية أبيه ، من كبار الإئمة .
مات سنة تسعين ومئتين عن سبع وسبعين سنة.
والولد الثالث : سعيد بن أحمد ، فهذا ولد لأحمد قبل موته بخمسين يوماً ، فكبر وتفقه ، ومات قبل أخيه عبد الله .
وأما حسن ومحمد وزينب ، فلم يبلغنا شئ من أحوالهم ، وانقطع عقب أبي عبد الله فيما نعلم " .11
وعن أحمد بن عتبة قال :
" لما ماتت أم صالح قال أحمد لإمرأة عندهم : إذهبي إلى فلانة إبنة عمي فاخطبيها لي من نفسها , قال : فأتتها فأجابته , فلما رجعت إليه قال : كانت أختها تسمع كلامك , قال : وكانت بعين واحدة , قالت له : نعم , قال : فاذهبي فاخطبي تلك التي بعين واحدة , فأتتها فأجابتها وهي أم عبد الله , فأقام معها سبعاً , ثم قالت له : كيف رأيت يا بن عم , أنكرت شيئاً ؟
قال : لا , إلا أن نعلك هذه تصر " . 12
وقال الذهبي :
" قيل : كانت والدة عبد الله عوراء ، وأقامت معه سنين " .13
   
طلبه للعلم ـ رحمه الله ـ
 كسائر أترابه وأقرانه تعلم القرآن في صغره , وتلاه تلاوة جيدة وحفظه عن ظهر قلب , وعندما تجاوز الخامسة عشرة من عمره ، بدأ يطلب العلم ، وأول من طلب العلم عليه هو الإمام أبو يوسف القاضي , والإمام أبو يوسف كما هو معلوم من أئمة الرأي مع كونه محدثاً , ولكن في البداية وبعد مرور فترة لأحمد مع أبي يوسف وجد الإمام أحمد أنه يرتاح لطلب الحديث أكثر .
فتحول إلى مجالس الحديث , وأعجبه هذا النهج واتفق مع صلاحه وورعه وتقواه , وأخذ يجول ويرحل في سبيل الحديث حتى ذهب إلى الشامات والسواحل والمغرب والجزائر ومكة والمدينة و الحجاز واليمن والعراق وفارس و خرسان والجبال والأطراف والثغور , وهذا فقط في مرحلته الأولى من حياته .
قال المروذي :
" قال لي أبو عبد الله : اختلفت إلى الكتاب ، ثم اختلفت إلى الديوان وأنا ابن أربع عشرة سنة " . 14
 وتلقى الحديث عن هُشيم بن بشير واستفاد منه أكثر ما استفاد من غيره وتعلم منه الهمة العالية في الحديث , وتلقى الفقه وأصوله عن الشافعي .
قال حنبل :
" سمعت أبا عبد الله يقول : طلبت الحديث سنة تسع وسبعين ، فسمعت بموت حماد بن زيد ، وأنا في مجلس هشيم " .15
وعن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال :
" سمعت أبي يقول : مات هشيم سنة ثلاث وثمانين ومئة ، وخرجت إلى الكوفة في تلك الأيام , ودخلت البصرة في أول رجب سنة وثمانين ومئة ، ومات معتمر في سنة سبع وثمانين في أولها ، ودخلت الثانية سنة تسعين ، والثالثة سنة أربع وتسعين ، وخرجت في سنة خمس وتسعين ، أقمت على يحيى بن سعيد ستة أشهر ، ودخلت سنه مئتين ولم أدخلها بعد ذلك .
قال : وسمعت أبي يقول : أول قدمة قدمت البصرة سنة ست وثمانين .
وقال أيضاً : قال أبي : سمعت من علي بن هاشم بن البريد سنة تسع وسبعين ومئة في أول سنة طلبت الحديث ، ثم عدت إليه المجلس الآخر وقد مات ، وهي السنة التي مات فيها مالك بن أنس " .16 .
وعن أبي بكر المروزي قال :
" قال لي أبو عفيف , وذكر أبا عبد الله أحمد بن حنبل فقال : كان في الكتاب معنا وهو غليم يعرف فضله , وكان الخليفة بالرقة , فيكتب الناس إلى منازلهم فيبعث نساؤهم إلى المعلم : إبعث إلينا بأحمد بن حنبل ليكتب لهم جواب كتبهم فيبعثه , فكان يجيء إليهم مطأطىء الرأس , فيكتب جواب كتبهم , فربما أملو
عليه الشيء من المنكر فلا يكتبه لهم " . 17
وقال صالح بن أحمد بن حنبل :
" قال أبي : طلبت الحديث وأنا ابن ست عشرة سنة ، ومات هشيم وأنا ابن عشرين سنة ، وأنا أحفظ ما سمعت منه ، ولقد جاء إنسان إلى باب ابن علية ومعه كتب هشيم فجعل يلقيها علي وأنا أقول : هذا إسناده كذا ، وهذا إسناده كذا فجاء المعيطي وكان يحفظ ، فقلت له : أجبه فيها , فبقي وأغرب من حديثه ما لم أسمع .
وخرجت إلى الكوفة سنة مات هشيم سنة ثلاث وثمانين ومئة ، وهي أول سنة سافرت فيها ، وقدم عيسى بن يونس الكوفة بعدي بأيام سنة ثلاث وثمانين ولم يحج بعدها .
قلت له : أي سنة خرجت إلى سفيان بن عيينة ؟ قال : في سنة سبع وثمانين قدمناها وقد مات الفضيل بن عياض ، وهي أول سنة حججت ، وفي سنة إحدى وتسعين حج الوليد بن مسلم .
قال : وحججت خمس حجج , منها ثلاث راجلاً ، أنفقت في إحدى هذه الحجج ثلاثين درهما .
قال أبي : ولو كانت عندي خمسون درهماً كنت خرجت إلى جرير بن عبد الحميد إلى الري ، فخرج بعض أصحابنا ، لم يمكني الخروج ، لانه لم يكن عندي " .18
و قال صالح :
" قال أبي : وخرجت إلى الكوفة ، فكنت في بيت تحت رأسي لبنة , فحججت ، فرجعت إلى أمي ، ولم أكن استأذنتها " . 19
وقال أحمد :
" سمعت من علي بن هاشم سنة تسع وسبعين ، فأتيته المجلس الآخر ، وقد مات .
وهي السنة التي مات فيها مالك ، وأقمت بمكة سنة سبع وتسعين ، وأقمت عند عبد الرزاق سنة تسع وتسعين , ورأيت ابن وهب بمكة ولم أكتب عنه " 20
وعن المروذي قال :
" سمعت أبا عبد الله يقول : ما خرجت إلى الشام إلا بعد ما ولد لي صالح ، أظن كان ابن ست سنين حين خرجت .
قلت : ما أظن خرجت بعدها ؟ قال : لا .
قلت : فكم أقمت باليمن ؟ قال : ذهابي ومجيئي عشرة أشهر خرجنا من مكة في صفر ، ووافينا الموسم ، قلت : كتبت عن هشام بن يوسف ؟ قال : لا , مات قبلنا " .21
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل :
" قلت لأبي : مالك لم ترحل إلى جرير كما رحل أصحابك لعلك كرهته ؟
فقال : والله يا بني ما كرهته وبودي أني رحلت إليه , إنه كان إماما في الرواية , قلت : فما كان السبب ؟ فقال : لو كان معي ثلاثون درهما لرحلت فقلت : ثلاثون درهما , فقال : لقد حججت في أقل من ثلاثين " . 22
وقال أحمد :
" وقدم ابن المبارك في سنة تسع وسبعين ، وفيها أول سماعي من هشيم ، فذهبت إلى مجلس ابن المبارك ، فقالوا : قد خرج إلى طرسوس ، وكتبت عن هشيم أكثر من ثلاثة آلاف .
ولو كان عندي خمسون درهما ، لخرجت إلى جرير إلى الري " . 23
وعن المروذي :
" سمعت أبا عبد الله يقول : مات هشيم ولي عشرون سنة ، فخرجت أنا والأعرابي ـ رفيق كان لأبي عبد الله ـ قال : فخرجنا مشاة ، فوصلنا الكوفة ، يعني : في سنة ثلاث وثمانين ، فأتينا أبا معاوية وعنده الخلق ، فأعطى الأعرابي حجة بستين درهماً ، فخرج وتركني في بيت وحدي ، فاستوحشت ، وليس معي إلا جراب فيه كتبي كنت أضعه فوق لبنة وأضع رأسي عليه .
وكنت أذاكر وكيعاً بحديث الثوري ، وذكر مرة شيئاً فقال : هذا عند هشيم ؟
فقلت : لا .
وكان ربما ذكرالعشر أحاديث فأحفظها فإذا قام قالوا لي : فأمليها عليهم" .24
وعن إدريس بن عبد الكريم قال :
" قال خلف : جاءني أحمد بن حنبل يستمع حديث أبي عوانة , فاجتهدت أن
أرفعه فأبى .
وقال : لا أجلس إلا بين يديك , أمرنا أن نتواضع لمن نتعلم منه " . 25
وعن نوح بن حبيب القومسي قال :
" رأيت أحمد بن حنبل في مسجد الخيف سنة ثمان وتسعين ، وابن عيينة حي ، وهو يفتي فتوى واسعة ، فسلمت عليه " .26
 ولقد التقى بالشافعي في أول رحلة من رحلاته الحجازية في الحرم ، و أُعجِبَ به , وقد كان الإمام أحمد بقي أربعين سنة ما بات ليلة إلا ويدعو فيها للشافعي
وكان يقول عندما يروي حديث رسول الله  : " إن الله يبعث على رأس كل أمة من يجدد لهذه الأمة أمر دينها " , وكان يقول : لقد أرسل الله تعالى عمر بن عبد العزيز يجدد لهذه الأمة دينها على رأس المئة الثانية , وآمل أن يكون الشافعي على رأس المئة الثالثة .
والشافعي كان يكثر من زيارة الإمام أحمد ، فلما سئل عن ذلك أنشد قائلاً :
قالوا يزورك أحمد و تــــزوره قلتُ الفضائل لا تبارح منزلـــــــه
إن زارني فبفضله أو زرتــــــه فلفضـله فالفضل فـي الحالـيـن لــه
وعن عبد الله بن أحمد قال :
" سمعت أبي يقول : قدمت صنعاء أنا ويحيى بن معين ، فمضيت إلى عبد الرزاق في قريته ، وتخلف يحيى ، فلما ذهبت أدق الباب قال لي بقال تجاه داره : مه ، لا تدق فإن الشيخ يهاب .
فجلست حتى إذا كان قبل المغرب , خرج , فوثبت إليه ، وفي يدي أحاديث انتقيتها ، فسلمت وقلت : حدثني بهذه رحمك الله ، فإني رجل غريب .
قال : ومن أنت ؟ وزبرني ـ نهرني ـ .
قلت : أنا أحمد بن حنبل ، قال : فتقاصر وضمني إليه ، وقال : بالله أنت أبو عبد الله ؟! ثم أخذ الاحاديث ، وجعل يقرؤها حتى أظلم .
فقال للبقال : هلم المصباح حتى خرج وقت المغرب ، وكان عبد الرزاق يؤخر صلاة المغرب " . 27
وقال أحمد الدورقي :
" لما قدم أحمد بن حنبل من عند عبد الرزاق ، رأيت به شحوباً بمكة , وقد تبين عليه النصب والتعب فكلمته فقال : هين فيما استفدنا من عبد الرزاق " .28
وقال عبد الله :
" نزلنا بمكة داراً ، وكان فيها شيخ يكنى بأبي بكر بن سماعة ، وكان من أهل مكة ، قال : نزل علينا أبو عبد الله في هذه الدار وأنا غلام ، فقالت لي أمي ألزم هذا الرجل فاخدمه فإنه رجل صالح ، فكنت أخدمه ، وكان يخرج يطلب الحديث ، فسرق متاعه وقماشه فجاء يوماً ، فقالت له أمي : دخل عليك السراق فسرقوا قماشك ، فقال : ما فعلت الألواح ؟ فقالت له أمي : في الطاق ، وما سأل عن شئ غيره " . 29
   
شيوخه وتلاميذه ـ رحمه الله ـ
قال الإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ :
" سمع الإمام أحمد من إبراهيم بن سعد قليلاً ، ومن هشيم بن بشير فأكثر ، وجود ، ومن عباد بن عباد المهلبي ، ومعتمر بن سليمان التيمي ، وسفيان بن عيينة الهلالي ، ويحيى بن أبي زائدة ، وعلي بن هاشم بن البريد ، وقران بن تمام ، وعمار بن محمد الثوري ، والقاضي أبي يوسف ، وجابر بن نوح الحماني ، وعلي بن غراب القاضي ، وعمر بن عبيد الطنافسي ، وأخويه يعلى ومحمد ، والمطلب بن زياد ، ويوسف بن الماجشون ، وجرير بن عبد الحميد ، وخالد بن الحارث ، وبشر بن المفضل ، وعباد بن العوام ، وأبي بكر بن عياش ، ومحمد بن عبدالرحمن الطفاوي ، وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي وعلي بن ثابت الجزري ، وأبي عبيدة الحداد ، وعبيدة بن حميد الحذاء ، ومحمد بن سلمة الحراني ، وأبي معاوية الضرير ، وعبد الله بن إدريس ، ومروان بن معاوية ، وغندر ، وابن عُلية ، ومخلد بن يزيد الحراني ، وحفص بن غياث ، وعبد الوهاب الثقفي ، ومحمد بن فضيل ، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي ، والوليد بن مسلم ، ومحمد بن يزيد الواسطي ، ومحمد بن الحسن المزني الواسطي ، ويزيد بن هارون ، وعلي بن عاصم ، وشعيب بن حرب ، ووكيع فأكثر ، ويحيى القطان فبالغ ، ومسكين بن بكير ، وأنس بن عياض الليثي ، وإسحاق الأزرق ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وعبد الله بن نمير ، ومحمد بن بشر ، وزيد بن الحباب ، وعبد الله بن بكر ، ومحمد بن إدريس الشافعي ، وأبي عاصم ، وعبد الرزاق ، وأبي نعيم ، وعفان ، وحسين بن علي الجعفي , وأبي عبدالرحمن المقرئ ، وعبد الصمد بن عبد الوارث ، وروح بن عبادة ، ووهب بن جرير ، ويونس بن محمد ، وسليمان بن حرب ، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد ، وخلائق إلى أن ينزل في الرواية عن قتيبة بن سعيد ، وعلي بن المديني ، وأبي بكر بن أبي شيبة ، وهارون بن معروف ، وجماعة من أقرانه .
وحدث عنه : علي بن المديني ، ويحيى بن معين ، ودحيم ، وأحمد بن صالح ، وأحمد بن أبي الحواري ، ومحمد بن يحيى الذهلي ، وأحمد بن إبراهيم الدورقي ، وأحمد بن الفرات ، والحسن ابن الصباح البزار , وأبو قلابة الرقاشي ، والفضل بن سهل الأعرج ، ومحمد بن منصور الطوسي ، وزياد بن أيوب ، وعباس الدوري ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم ، وحرب بن إسماعيل الكرماني ، وإسحاق الكوسج ، وأبو بكر الأثرم ، وإبرهيم الحربي ، وأبو بكر المروذي ، وأبو زرعة الدمشقي ، وبقي بن مخلد ، وأحمد بن أصرم المغفلي ، وأحمد ابن منصور الرمادي ، وأحمد بن أبي خيثمة ، وموسى بن هارون ، ومحمد بن عبد الله مطين ، وإبراهيم بن هانئ النيسابوري ، وولده إسحاق بن إبراهيم ، والحسين بن إسحاق التستري ، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي ، وإدريس بن عبد الكريم الحداد ، وعمر بن حفص السدوسي وأبو عبد الله محمد بن إبراهيم البوشنجي " .30
   
قوة عقله وحفظه ـ رحمه الله ـ
 تمتع الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ منذ الصغر بقدرته الشديدة على الحفظ .
حتى أنه كان ـ رحمه الله ـ يحفظ ألف ألف حديث . . .
لا يخطئ في حديث واحد , يحفظ الأحاديث عن ظهر قلب . . . .
حتى أن كثير من شيوخه كانوا يستعينون به ـ رحمه الله ـ في كثير من المسائل . . .
فعن عبد الله بن أحمد قال :
" قال لي أبي : خذ أي كتاب شئت من كتب وكيع من المصنف ، فإن شئت أن تسألني عن الكلام حتى أخبرك بالإسناد ، وإن شئت بالإسناد حتى أخبرك أنا بالكلام " . 31
وعن أحمد الدورقي :
" عن أبي عبد الله قال : نحن كتبنا الحديث من ستة وجوه وسبعة لم نضبطه فكيف يضبطه من كتبه من وجه واحد ؟ !
قال عبد الله بن أحمد : قال لي أبو زرعة : أبوك يحفظ ألف ألف حديث ، فقيل له : وما يدريك ؟ قال : ذاكرته فأخذت عليه الأبواب " .
 "فهذه حكاية صحيحة في سعة علم أبي عبد الله ، وكانوا يعدون في ذلك
المكرر ، والأثر ، وفتوى التابعي ، وما فسر ، ونحو ذلك , وإلا فالمتون المرفوعة القوية لا تبلغ عشر معشار ذلك " .32
قال ابن أبي حاتم :
" قال سعيد بن عمرو : يا أبا زرعة ، أأنت أحفظ أم أحمد ؟ قال : بل أحمد .
قلت : كيف علمت ؟ قال : وجدت كتبه ليس في أوائل الاجزاء أسماء الذين حدثوه , فكان يحفظ كل جزء ممن سمعه ، وأنا لا أقدر على هذا " . 33
قال أبو بكر الخلال :
" كان أحمد قد كتب كتب الرأي وحفظها ، ثم لم يلتفت إليها " .
وقال حسن بن منبه :
" سمعت أبا زرعة يقول : أخرج إلي أبو عبد الله أجزاء كلها : سفيان سفيان ليس على حديث منها " حدثنا فلان " ، فظننتها عن رجل واحد ، فانتخبت منها فلما قرأ ذلك علي جعل يقول : حدثنا وكيع ، ويحيى ، وحدثنا فلان ، فعجبت ،
ولم أقدر أنا على هذا " . 34
وعن أبو جعفر التستري قال :
" قيل لأبي زرعة : من رأيت من المشايخ المحدثين أحفظ ؟ فقال : أحمد بن
حنبل , حزرت كتبه اليوم الذي مات فيه فبلغت إثني عشر حملاً وعدلاً , ما كان على ظهر كتاب منها حديث فلان ولا في بطنه حديث فلان , وكل ذلك كان يحفظه عن ظهر قلبه " .35
وعن علي بن المديني قال :
" ليس في أصحابنا أحفظ من أبي عبد الله أحمد بن حنبل ، وبلغني أنه لا يحدث إلا من كتاب ، ولنا فيه أسوة حسنة " .36
   
علمه ـ رحمه الله ـ
 لقد كان ـ رحمه الله ـ غزير العلم . . .
كأنما جمع له علم الأولين والآخرين . . .
وهذه شهادة جميع أصحابه ممن عاصروه , وأيضاً شهادة شيوخه ـ رحمه الله عليهم ـ . . .
والإمام أحمد ـ رحمه الله ـ كما هو معلوم , واحد من أصحاب المذاهب الأربعة المتبوعة . . .
وهو المذهب الحنبلي . . .
والذي أقر الكثير من علماء هذه الأمة بأنه أقرب المذاهب إلى سنة رسول الله  .
قال إبراهيم الحربي :
" رأيت أبا عبد الله ، كأن الله جمع له علم الأولين والآخرين " .
وعن رجل قال : " ما رأيت أحدا أعلم بفقه الحديث ومعانيه من أحمد " .
وعن أحمد بن سلمة قال :
" سمعت ابن راهويه يقول : كنت أجالس أحمد وابن معين ، ونتذاكر فأقول ما فقهه ؟ ما تفسيره ؟ فيسكتون إلا أحمد " .37
وعن عمرو بن العباس قال :
" سمعت عبد الرحمن بن مهدي ذكر أصحاب الحديث فقال : أعلمهم بحديث الثوري أحمد بن حنبل .
قال : فأقبل أحمد فقال ابن مهدي : من أراد أن ينظر إلى مابين كتفي الثوري فلينظر إلى هذا " .38
وقال محمد بن سهل بن عسكر :
" سمعت عبد الرزاق يقول : إن يعش هذا الرجل يكون خلفاً من العلماء "
وقال حرملة :
" سمعت الشافعي يقول : خرجت من بغداد فما خلفت بها رجلاً أفضل ولا أعلم ولا افقه من أحمد بن حنبل " . 40
وعن أبا عبيد القاسم بن سلام قال :
" انتهى العلم إلى أربعة : أحمد بن حنبل وهو أفقههم فيه ، وإلى ابن أبي شيبة وهو أحفظهم له ، وإلى علي بن المديني وهو أعلمهم به ، وإلى يحيى بن معين وهو أكتبهم له " .41
وقال إبراهيم الحربي :
" عالم وقته سعيد بن المسيب في زمانه ، وسفيان الثوري في زمانه ، وأحمد بن حنبل في زمانه " . 42
وعن أبي بكر الأثرم قال :
" قلت يوماً ونحن عند أبي عبيد في مسألة ، فقال بعض من حضره : من قال هذا ؟
فقلت : من ليس في شرق الأرض ولا غربها أكبر منه ، أحمد بن حنبل ، فقال أبو عبيد : صدق " .43
وعن أبا داود السجستاني قال :
" لقيت مائتين من مشايخ العلم , فما رأيت مثل أحمد بن حنبل لم يكن يخوض في شيء مما يخوض فيه الناس من أمر الدنيا , فإذا ذكر العلم تكلم " 44
وكان ابن مهدي يقول :
" ما نظرت إليه إلا ذكرت به سفيان الثوري , ولقد كاد هذا الغلام أن يكون إماماً في بطن أمه " .45
وعن أحمد بن سعيد الدارمي قال :
" ما رأيت أسود الرأس أحفظ لحديث رسول الله  , ولا أعلم بفقه ومعانيه
من أبى عبد الله أحمد بن حنبل " .46
وقال الشافعي :
" يا أبا عبد الله : إذا صح عندكم الحديث فأخبرونا حتى نرجع إليه , أنتم أعلم بالأخبار الصحاح منا ، فإذا كان خبر صحيح ، فأعلمني حتى أذهب إليه ، كوفياً كان أو بصرياً أو شامياً " . 47
وعن محمد بن عبد الملك بن زنجويه قال :
" رأيت يزيد بن هارون ـ وهو شيخ أحمد ـ يصلي , فجاء إليه أبو عبد الله أحمد بن حنبل , فلما سلم يزيد من الصلاة ألتفت إلى أحمد بن حنبل فقال : يا أبا عبد الله ما تقول في العارية ؟
قال : مؤداة , فقال له يزيد : أخبرنا حجاج عن الحكم قال : ليست بمضمونة فقال له أحمد بن حنبل : قد استعار النبي  من صفوان بن أمية أدرعاً , فقال له : عارية مؤداة فقال النبي  : " العارية مؤداة " , فسكت يزيد وصار إلى قول أحمد بن حنبل " .48
وعن ابن نمير قال :
" كنت عند وكيع ، فجاءه رجل ، أو قال : جماعة من أصحاب أبي حنيفة ، فقالوا له : ها هنا رجل بغدادي يتكلم في بعض الكوفيين ، فلم يعرفه وكيع .
فبينا نحن إذ طلع أحمد بن حنبل فقالوا : هذا هو ، فقال وكيع : ها هنا يا أبا عبد الله ، فأفرجوا له ، فجعلوا يذكرون عن أبي عبد الله الذي ينكرون .
وجعل أبو عبد الله يحتج بالأحاديث عن النبي  .
فقالوا لوكيع : هذا بحضرتك ترى ما يقول ؟
فقال : رجل يقول : قال رسول الله أيش أقول له ؟ ثم قال : ليس القول إلا كما قلت يا أبا عبد الله ، فقال القوم لوكيع : خدعك والله البغدادي " . 49
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل :
" حضر قوم من أصحاب الحديث في مجلس أبي عاصم الضحاك بن مخلد ، فقال لهم : ألا تتفقهون وليس فيكم فقيه ؟!
فجعل يذمهم ، فقالوا : فينا رجل ، فقال : من هو ؟
فقالوا : الساعة يجئ ، فلما جاء أبي قالوا : قد جاء فنظر إليه فقال له : تقدم ، فقال : أكره أن أتخطى الناس ، فقال أبو عاصم : هذا من فقهه واحد ، فقال : وسعوا له ، فوسعوا فدخل ، فأجلسه بين يديه وألقى عليه مسألة فأجاب ، وألقى ثانية فأجاب ، وثالثة فأجاب ، ومسائل فأجاب .
فقال أبو عاصم : هذا من دواب البحر " . 50
وقال عبد الوهاب الوراق :
" كان أحمد أعلم أهل زمانه ، وهو من الراسخين في العلم ، وما رأيت مثله قال : وقد أجاب عن ستين ألف مسألة بأخبرنا ، وحدثنا " .51
وقال أبو ثور :
" أجمع المسلمون على أحمد بن حنبل ، وقال : كنت إذا رأيته خيل إليك أن الشريعة لوح بين عينيه " .52
وقال أبو جعفر النفيلي :
" كان الإمام أحمد من أعلام الدين " .53
وعن الشافعي قال :
" أحمد إمام في ثمان خصال : إمام في الحديث ، إمام في الفقه ، إمام في القرآن ، إمام في اللغة ، إمام في السنة ، إمام في الزهد ، إمام في الورع ، إمام في الفقر " .54

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

سير أعلام السلف " الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ  Empty
مُساهمةموضوع: سير أعلام السلف " الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ   سير أعلام السلف " الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ  I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 27, 2013 1:28 pm

ورعه وزهده ـ رحمه الله ـ
 من عظيم ما عُرف به الإمام أحمد هو تعففه وزهده . . .
وله في ذلك قصص رائعة ، فقد كان يسترزق بأدنى عمل , متعفف زاهداً ورعاً . . .
وكان يرفض أن يأخذ من صديق ولا شيخ ولا حاكم قرضاً أو هبة أو إرثاً لأحد يؤثره به . . .
روي أن شيخ قال : " كنا عند ابن عيينة سنة ، ففقدت أحمد بن حنبل أياماً ، فدللت على موضعه ، فجئت فإذا هو في شبيه بكهف في جياد ـ موضع بمكة يلي الصفا ـ فقلت : السلام عليكم ، أدخل ؟ فقال : لا .
ثم قال : ادخل ، فدخلت وإذا عليه قطعة لبد خلق ـ ثياب ممزق ـ ، فقلت : لم حجبتني ؟ فقال : حتى استترت .
فقلت : ما شأنك ؟ قال : سرقت ثيابي .
قال : فبادرت إلى منزلي فجئته بمئة درهم ، فعرضتها عليه فامتنع ، فقلت : قرضاً ، فأبى ، حتى بلغت عشرين درهما ويأبى .
فقمت وقلت : ما يحل لك أن تقتل نفسك .
قال : ارجع ، فرجعت ، فقال : أليس قد سمعت معي من ابن عيينة ؟ قلت : بلى .
قال : تحب أن أنسخه لك ؟ قلت : نعم .
قال : اشتر لي ورقاً .
قال : فكتب بدراهم اكتسى منها ثوبين " .55
وعن إسحاق بن موسى الأنصاري قال :
" دفع المأمون مالاً ، فقال : اقسمه على أصحاب الحديث ، فإن فيهم ضعفاً ، فما بقي أحد إلا أخذ إلا أحمد بن حنبل ، فإنه أبى " .56
وعن الرمادي قال :
" سمعت عبد الرزاق ، وذكر أحمد بن حنبل فدمعت عيناه ، فقال : بلغني أن نفقته نفدت ، فأخذت بيده ، فأقمته خلف الباب ، وما معنا أحد ، فقلت له : إنه لا تجتمع عندنا الدنانير ، إذا بعنا الغلة أشغلناها في شئ .
وقد وجدت عند النساء عشرة دنانير فخذها ، وأرجو أن لا تنفقها حتى يتهيأ شئ .
فقال لي : يا أبا بكر ، لو قبلت من أحد شيئاً ، قبلت منك " . 57
وقال عبد الله :
" قلت لأبي : بلغني أن عبد الرزاق عرض عليك دنانير ؟ قال : نعم .
وأعطاني يزيد بن هارون خمس مئة درهم فلم أقبل ، وأعطى يحيى بن معين ، وأبا مسلم ، فأخذا منه " .58
وعن أحمد بن سنان قال :
" بلغني أن أحمد بن حنبل رهن نعله عند خباز باليمن ، وأكرى نفسه من جمالين عند خروجه ، وعرض عليه عبد الرزاق دراهم صالحة فلم يقبلها " 59.
وعن المزني :
" عن الشافعي أنه قال للرشيد ـ الخليفة ـ : إن اليمن يحتاج إلى قاض ، فقال له : اختر رجلاً نوله إياها .
فقال الشافعي لأحمد بن حنبل وهو يتردد إليه في جملة من يأخذ عنه : ألا تقبل قضاء اليمن ؟ فامتنع من ذلك امتناعاً شديداً وقال للشافعي : إني إنما أختلف إليك لأجل العلم المزهد في الدنيا ، فتأمرني أن ألي القضاء ؟ ولو لا العلم لما أكلمك بعد اليوم .
فاستحى الشافعي منه " .60
وعن سليمان الشاذكوني قال :
" يُشبه علي بن المديني بأحمد ابن حنبل ؟ هيهات ! ما أشبه السك باللك .
لقد حضرت من ورعه شيئاً بمكة : أنه أرهن سطلاً عند فامي ـ أي بائع
الحمص ـ فأخذ منه شيئاً ليقوته .
فجاء فأعطاه فكاكه ، فأخرج إليه سطلين ، فقال : انظر أيهما سطلك ؟ فقال : لا أدري أنت في حل منه ، وما أعطيتك ولم يأخذه .
قال الفامي : والله إنه لسطله ، وإنما أردت أن أمتحنه فيه " .61
وعن إسحاق بن راهويه قال :
" لما خرج أحمد بن حنبل إلى عبد الرزاق انقطعت به النفقة, فأكرى ـ أجر ـ نفسه من بعض الحمالين إلى أن وافي صنعاء , وقد كان أصحابه عرضو عليه المواساة فلم يقبل من أحد شيئاً " . 62
وعن صالح بن أحمد قال :
" دخلت على أبي يوماً أيام الواثق - والله يعلم على أي حال نحن - وقد خرج لصلاة العصر ، وكان له لبد ـ فراش ـ يجلس عليه ، قد أتى عليه سنون كثيرة حتى بلي ، وإذا تحته كتاب كاغد فيه : بلغني يا أبا عبد الله ما أنت فيه من الضيق ، وما عليك من الدين ، وقد وجهت إليك بأربعة آلاف درهم على يدي فلان ، وما هي من صدقة ولا زكاة ، وإنما هو شئ ورثته من أبي .
فقرأت الكتاب ، ووضعته .
فلما دخل قلت : يا أبة ، ما هذا الكتاب ؟ فاحمر وجهه وقال : رفعته منك .
ثم قال : تذهب لجوابه ؟ فكتب إلى الرجل : وصل كتابك إلي ، ونحن في عافية , فأما الدين فإنه لرجل لا يرهقنا ، وأما عيالنا ففي نعمة الله .
فذهبت بالكتاب إلى الرجل الذي كان أوصل كتاب الرجل ، فلما كان بعد حين ، ورد كتاب الرجل مثل ذلك، فرد عليه بمثل ما رد .
فلما مضت سنة أو نحوها ذكرناها فقال : لو كنا قبلناها كانت قد ذهبت " .63
وعن صالح قال :
" وشهدت ابن الجروي وقد جاء بعد المغرب فقال لأبي : أنا رجل مشهور ، وقد أتيتك في هذا الوقت ، وعندي شئ قد اعتددته لك ، وهو ميراث ، فأحب أن تقبله , فلم يزل به , فلما أكثر عليه قام ودخل .
قال صالح : فأخبرت عن ابن الجروي أنه قال : قلت له : يا أبا عبد الله هي ثلاثة آلاف دينار , فقام وتركني " . 64
وروي : " أن ابن طاهر بعث حين مات أحمد بأكفان وحنوط ، فأبى صالح أن يقبله وقال : إن أبي قد أعد كفنه وحنوطه ، ورده ، فراجعه فقال : إن أمير المؤمنين أعفى أبا عبد الله مما يكره ، وهذا مما يكره فلست أقبله " .65
وعن محمد بن يعقوب قال :
" جاءه يوماً رسول من داره ـ يعني أحمد بن حنبل ـ , يذكر له أن أبا عبد
الرحمن عليل واشتهى الزبد , فناول رجلاً من أصحابه قطعة وقال : اشتر له بها زبداً فجاء به على ورق سلق , فلما أن نظر إليه قال : من أين هذا الورق ؟
قال : أخذته من عند البقال , فقال : أستأذنته في ذلك ؟
قال : لا , قال : رده " . 66
وعن أحمد بن محمد التستري قال :
" ذكروا أنه مر عليه ـ يعني أحمد بن حنبل ـ ثلاثة أيام ما كان طَعِم فيها فبعث إلى صديق له فاستقرض شيئاً من الدقيق , فعرفوا في البيت شدة حاجته إلى الطعام , فخبزوا بالعجلة , فلما وضع بين يديه قال : كيف عملتم خبزتم بسرعة هذا ؟ فقيل له : كان التنور ـ الفرن ـ في دار صالح ابنه مسجراً , وخبزنا بالعَجَلة , فقال : ارفعوا , ولم يأكل , فأمر بسد بابه إلى دار صالح " . 67
وعلق البيهقي قائلاً : " لأن صالحاً أخذ جائزة السلطان " .68
وعن إدريس الحداد قال :
" كان أحمد ابن حنبل إذا ضاق به الأمر آجر نفسه من الحاكة ، فسوى لهم ، فلما كان أيام المحنة وصرف إلى بيته ، حمل إليه مال فرده وهو محتاج إلى رغيف ، فجعل عمه إسحاق يحسب ما يرد ، فإذا هو نحو خمس مئة ألف .
قال : فقال : يا عم ، لو طلبناه لم يأتنا ، وإنما أتانا لما تركناه " .69
وعن الحسن بن خلف الصائغ قال :
" جاءني المروزي في علة أبي عبد الله قال : أبو عبد الله عليل , فذهبت بالمتطبب , فدخلنا عليه قال : ما حالك ؟ قال : إحتجمت أمس , قال : وما أكلت؟ قال : خبزا وكامخاً , قال : يا أبا عبد الله تحتجم وتأكل خبزا وكامخا !
قال : فما آكل " . 70
وعن صالح قال :
" قال لي أبي : جاءني أمس رجل كنت أحب أن تراه ، بينا أنا قاعد في نحر الظهيرة إذا برجل سلم بالباب ، فكان قلبي ارتاح ، ففتحت فإذا أنا برجل عليه فروة ، وعلى رأسه خرقة ، ما تحت فروه قميص ، ولا معه ركوة جراب ولا عكاز ، قد لوحته الشمس .
فقلت : ادخل ، فدخل الدهليز ، فقلت : من أين أقبلت ؟ قال : من ناحية المشرق أريد الساحل ، ولولا مكانك ما دخلت هذا البلد ، نويت السلام عليك .
قلت : على هذه الحال ؟ قال : نعم .
قال: فجعلت أعجب منه ، فقلت في نفسي , ما عندي ذهب ولا فضة .
فدخلت البيت ، فأخذت أربعة أرغفة فخرجت إليه ، فقال : أو يسرك أن أقبل ذلك يا أبا عبد الله ؟ قلت : نعم .
فأخذها فوضعها تحت حضنه ، وقال : أرجو أن تكفيني إلى الرقة , أستودعك الله , فكان يذكره كثيراً " .71
وعن ابن جبلة قال :
" كنت على باب أحمد بن حنبل ، والباب مجاف ، وأم ولده تكلمه وتقول : أنا معك في ضيق ، وأهل صالح يأكلون ويفعلون ، وهو يقول : قولي خيراً ، وخرج الصبي معه فبكى .
فقال : ما تريد ؟ قال : زبيب .
قال : أذهب خذ من البقال بحبة " .72
وقال الميموني :
" كان منزل أبي عبد الله ضيقاً صغيراً ، وينام في الحر في أسفله .
وقال لي عمه : ربما قلت له فلا يفعل ، ينام فوق .
وقد رأيت موضع مضجعه وفيه شاذكونة وبرذعة قد غلب عليها الوسخ " . 73
وعن علي بن الجهم بن بدر قال :
" كان لنا جار فأخرج إلينا كتاباً فقال : أتعرفون هذا الخط ؟ قلنا : نعم هذا خط أحمد بن حنبل , فقلنا له : كيف كتب ذلك ؟ قال : كنا بمكة , مقيمين عند
سفيان بن عيينة , فقصدنا أحمد بن حنبل أياماً فلم نره , ثم جئنا إليه لنسأل عنه فقال لنا أهل الدار التي هو فيها : هو في ذلك البيت , فجئنا إليه والباب مردود عليه , وإذا عليه خلقان ـ ثياب قديمة ـ فقلنا له : يا أبا عبد الله ما خبرك لم نرك منذ أيام ؟
فقال : سرقت ثيابي , فقلت له : معي دنانير فإن شئت خذ قرضاً , وإن شئت صلة , فأبى أن يفعل , فقلت : تكتب في بأخذه , قال : نعم , فأخرجت ديناراً فأبى أن يأخذه وقال : اشتر لي ثوباً واقطعه بنصفين , فأومى أنه يأتزر بنصف ويرتدي بالنصف الآخر , وقال : جئني ببقيته , ففعلت وجئت بورق وكاغد فكتب لي فهذا خطه " . 74
وقيل في حقه ـ رحمه الله ـ : " كان أحمد إذا رأيته ، تعلم أنه لا يظهر النسك رأيت عليه نعلاً لا يشبه نعال القراء ، له رأس كبير معقد ، وشراكه مسبل ، ورأيت عليه إزاراً وجبة برد مخططة , أي : لم يكن بزي القراء " .75
وعن النيسابوري قال :
" قال لي الأمير : إذا جاء إفطاره أرنيه , قال : فجاؤوا برغيفين خبز وخيارة , فأريته الأمير فقال : هذا لايجيبنا إذا كان هذا يقنعه " .
وعن المروزي قال :
" سمعت أبا عبد الله يقول : قد وجدت البرد في أطرافي , ما أراه إلا من
إدماني أكل الخل والملح " . 76
وعن صالح قال :
" ربما رأيت أبي يأخذ الكسر ، ينفض الغبار عنها ، ويصيرها في قصعة ، ويصب عليها ماء ثم يأكلها بالملح .
وما رأيته اشترى رماناً ولا سفرجلاً ولا شيئاً من الفاكهة ، إلا أن تكون بطيخة فيأكلها بخبز وعنباً وتمراً .
وقال لي : كانت والدتك في الظلام تغزل غزلاً دقيقاً ، فتبيع الأستار بدرهمين أقل أو أكثر ، فكان ذلك قوتنا ، وكنا إذا اشترينا الشئ نستره عنه كيلا يراه فيوبخنا ، وكان ربما خبز له ، فيجعل في فخارة عدساً وشحماً وتمرات شهريز ـ نوع من التمر ـ , فيجئ الصبيان ، فيصوت ببعضهم فيدفعه إليهم ، فيضحكون ولا يأكلون , وكان يأتدم بالخل كثيراً .
قال : وقال أبي : إذا لم يكن عندي قطعة أفرح .
وكان إذا توضأ لا يدع من يستقي له ، وربما اعتللت ـ مرضت ـ فيأخذ قدحا فيه ماء فيقرأ فيه ثم يقول : اشرب منه ، واغسل وجهك ويديك .
وكانت له قلنسوة خاطها بيده ، فيها قطن ، فإذا قام بالليل لبسها , وكان ربما أخذ القدوم ، وخرج إلى دار السكان يعمل الشئ بيده , واعتل فتعالج .
وكان ربما خرج إلى البقال ، فيشتري الجرزة الحطب والشئ , فيحمله بيده
وكان يتنور في البيت .
فقال لي في يوم شتوي : أريد أدخل الحمام بعد المغرب ، فقل لصاحب الحمام .
ثم بعث إلي : إني قد أضربت عن الدخول , وتنور ـ اغتسل ـ في البيت.
وكنت أسمعه كثيرا يقول : اللهم سلم سلم " .77
 ومن كلامه الذي يوحي لنا بمدي زهده وورعه ـ رحمه الله ـ نقتطف زهرات منه . . .
كان يقول ـ رحمه الله ـ :
" الخوف يمنعني أكل الطعام والشراب ، وإذا ذكرت الموت ، هان علي كل أمر الدنيا , إنما هو طعام دون طعام ، ولباس دون لباس .
وإنها أيام قلائل , ما أعدل بالفقر شيئا .
ولو وجدت السبيل لخرجت حتى لا يكون لي ذكر" . 78
وروي عن المروذي قال :
" قلت لأحمد : كيف أصبحت ؟ قال : كيف أصبح من ربه يطالبه بأداء الفرائض ، ونبيه يطالبه بأداء السنة ، والملكان يطلبانه بتصحيح العمل ، ونفسه تطالبه بهواها ، وإبليس يطالبه بالفحشاء ، وملك الموت يراقب قبض
روحه ، وعياله يطالبونه بالنفقة ؟! " .79
وقال إبراهيم الحربي :
" سمعت أحمد بن حنبل يقول : إن أحببت أن يدوم الله لك على ما تحب فدم له على ما يحب .
وقال : الصبر على الفقر مرتبة لا ينالها إلا الأكابر " .80
وقال أبو داود السجستاني :
" كانت مجالسة أحمد بن حنبل مجالسة الآخرة لا يذكر فيها شيء من أمر الدنيا , ما رأيت أحمد بن حنبل ذكر الدنيا قط " . 81
   
هيبته ـ رحمه الله ـ وتوقير الناس له
 كان الإمام ـ رحمه الله ـ عظيم الهيبة ، جليل المكانة بين الناس . . .
وكان الكبير والصغير ، والعامة والخاصة يوقرونه ويجلونه ويهابونه . . .
خاصة بعدما تعرض لمحنة خلق القرآن . . .
فقد كان الإمام ـ رحمه الله ـ قبل المحنة أمام المحدثين . . .
وبعد المحنة لقب ـ رحمه الله ـ بإمام أهل السنة والجماعة . . .
عن أحمد بن سنان قال :
" ما رأيت يزيد بن هارون ـ شيخ أحمد ـ لأحد أشد تعظيما منه لأحمد بن حنبل ، وكان يقعده إلى جنبه إذا حدثنا ، ومرض أحمد بن حنبل ، فركب إليه يزيد بن هارون وعاده " .82
وعن أبي عبيد القاسم بن سلام قال :
" جالست أبا يوسف , ومحمد بن الحسن , ويحيى بن سعيد , وعبد الرحمن بن مهدي فما هبت أحدا منهم ما هبت أحمد بن حنبل , ولقد دخلت عليه في السجن لأسلم عليه فسألني رجل عن مسألة فلم أجبه هيبة له " . 83
وعن المروذي قال :
" سمعت جعفر بن ميمون بن الأصبغ , سمعت أبي يقول : كنا عند يزيد بن هارون ، وكان عنده المعيطي ، وأبو خيثمة ، وأحمد ، وكانت في يزيد ـ رحمه الله ـ مداعبة ، فذاكره المعيطي بشئ .
فقال له يزيد : فقدتك ، فتنحنح أحمد فالتفت إليه ، فقال : من ذا ؟ قالوا : أحمد بن حنبل .
فقال : ألا أعلمتموني أنه ها هنا ؟
و قال أحمد بن سنان القطان :
" ما رأيت يزيد لأحد أشد تعظيماً منه لأحمد بن حنبل ، ولا أكرم أحدا مثله كان يقعده إلى جنبه ، ويوقره ، ولا يمازحه " . 84
وعن عبد الله قال :
" ما زال أبو عبد الله بائناً عن أصحابه ، ولقد كنت يوماً عند إسماعيل بن علية ، فدخل أبو عبد الله أحمد بن حنبل وهو في أقل من ثلاثين سنة ، فما بقي في البيت أحد إلا وسع له ، وقال : ها هنا , ها هنا " .85
وعن إدريس بن عبد الكريم المقرئ قال :
" رأيت علماءنا مثل الهيثم بن خارجة ، ومصعب الزبيري ، ويحيى بن معين ، وأبي بكر بن أبي شيبة ، وأخيه ، وعبد الأعلى بن حماد ، وابن أبي الشوارب ، وعلي بن المديني ، والقواريري ، وأبي خيثمة ، وأبي معمر ، والوركاني ، وأحمد بن محمد بن أيوب ، ومحمد بن بكار ، وعمرو الناقد ، ويحيى بن أيوب المقابري ، وسريج بن يونس ، وخلف بن هشام ، وأبي الربيع الزهراني ، فيمن لا أحصيهم ، يعظمون أحمد , ويجلونه , ويوقرونه , ويبجلونه , ويقصدونه للسلام عليه " . 86
وعن عمر بن صالح الطرسوسي قال :
" ذهبت إلى أبي عبد الله فسألته , وكان إلى جنبه بوران وزهير وهارون الجمال , فقلت : رحمك الله يا أبا عبد الله بم تلين القلوب ؟
فأبصر إلى أصحابه فغمزهم بعينه ثم أطرق ساعة , ثم رفع رأسه فقال : يا بني بأكل الحلال , فمررت كما أنا إلى أبي نصر بشر بن الحارث فقلت له : يا أبا نصر بم تلين القلوب ؟ قال : ألا بذكر الله تطمئن القلوب , قلت : فإني جئت من عند أبي عبد الله , فقال : هيه إيش قال لك أبو عبد الله ؟ قلت : بأكل الحلال فقال : جاء بالأصل , فمررت إلي عبد الوهاب بن أبي الحسن فقلت : يا أبا الحسن بم تلين القلوب ؟ قال : ألا بذكرالله تطمئن القلوب , قلت : فإني جئت من عند أبي عبد الله فاحمرت وجنتاه من الفرح وقال لي : إيش قال أبو عبد الله قلت : قال : بأكل الحلال , فقال : جاءك بالجوهر , جاءك بالجوهر , الأصل كما قال , الأصل كما قال " . 87
   
تقواه ـ رحمه الله ـ
 كان الإمام ـ رحمه الله ـ على درجة عالية من التقوي والإيمان . . .
وكان ـ رحمه الله ـ قوال للحق , لا يخشى في الله لومة لائم . . .
حتى أنه دعي ذات مرة لوليمة عند رجل ، فلما علم أن صاحبها قد اتخذ عنده آنية من فضة تركه ورحل عن الدار ولم يأكل عنده شئ . . .
عن صالح بن أحمد قال :
" كان رجل يختلف مع خلف المخرمي إلى عفان يقال له : أحمد بن الحكيم العطار فختن بعض ولده , فدعا يحيى وأبا خيثمة وجماعة من أصحاب الحديث وطلب أبي أن يحضر , فمضوا ومضى أبي بعدهم وأنا معه , فلما دخل أجلس في بيت ومعه جماعة من أصحاب الحديث ممن كان يختلف معه إلى عفان , فكان فيهم رجل يكنى بأبي بكر يعرف بالأحول , فقال له : يا أبا عبد الله هاهنا آنية الفضة , فالتفت فإذا كرسي , فقام وخرج وتبعه من كان في البيت , وسأل من كان في الدار عن خروجه فأخبروا , فتبعه منهم جماعة وأخُبر الرجل فخرج فلحق أبي , فحلف له أنه ما عمل بذلك ولا أمر به , وجاء يطلب إليه فأبى , وجاء الرجل عفان فقال له الرجل : يا أبا عثمان اطلب إلي أبي عبد الله يرجع فكلمه عفان , فأبى أن يرجع ونزل بالرجل أمر عظيم " . 88
وعن عبد الرحمن بن زاذان قال :
" كنت في المدينة باب خراسان ، وقد صلينا ونحن قعود ، وأحمد بن حنبل حاضر ، فسمعته وهو يقول : اللهم من كان على هوى ، أو على رأي وهو يظن أنه على الحق ، فرده إلى الحق حتى لا يضل من هذه الأمة أحد ، اللهم لا تشغل قلوبنا بما تكفلت لنا به ، ولا تجعلنا في رزقك خولا لغيرك ، ولا تمنعنا خير ما عندك بشر ما عندنا ، ولا ترانا حيث نهيتنا ، ولا تفقدنا حيث أمرتنا ، أعزنا ولا تذلنا ، أعزنا بالطاعة ، ولا تذلنا بالمعاصي " .89
وعن علي بن المديني قال :
" قال لي أ حمد بن حنبل : إني لأحب أن أصحبك إلى مكة وما يمنعني من ذاك إلا أني أخاف أن أملك أو تملني , قال : فلما ودعته قلت له : يا أبا عبد الله توصيني بشيء ؟ قال : نعم , ألزم التقوى قلبك وانصب الآخرة أمامك " .90
وقال صالح بن أحمد :
" كان أبي لا يدع أحدا يستقي له الماء للوضوء ، بل كان يلي ذلك بنفسه ، فإذا خرج الدلو ملآن قال : الحمد لله .
فقلت : يا أبة ما الفائدة بذلك ؟ قال : يا بني أما سمعت قول الله عز وجل {أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين} " . 91
وعن أحمد بن موسى قال :
" رأيت أبا عبد الله ، وقد قال له خراساني : الحمد لله الذي رأيتك ، قال : اقعد ، أي شئ ذا ؟ من أنا ؟ .
وعن رجل قال : رأيت أثر الغم في وجه أبي عبد الله ، وقد أثنى عليه شخص ، وقيل له : جزاك الله عن الإسلام خيراً .
قال : بل جزى الله الإسلام عني خيراً , من أنا , وما أنا ؟! " .
وعن علي بن عبد الصمد الطيالسي قال :
" مسحت يدي على أحمد بن حنبل وهو ينظر ، فغضب ، وجعل ينفض يده ويقول ، عمن أخذتم هذا " . 92 .
وقال عباس الدوري :
" حدثنا علي بن أبي فزارة جارنا ، قال : كانت أمي مقعدة من نحو عشرين سنة , فقالت لي يوماً : اذهب إلى أحمد بن حنبل فسله أن يدعو لي ، فأتيت ، فدققت عليه وهو في دهليزه ، فقال : من هذا ؟ قلت : رجل سألتني أمي وهي مقعدة أن أسألك الدعاء , فسمعت كلامه كلام رجل مغضب .
فقال : نحن أحوج أن تدعو الله لنا ، فوليت منصرفاً .
فخرجت عجوز فقالت : قد تركته يدعو لها , فجئت إلى بيتنا ودققت الباب ، فخرجت أمي على رجليها تمشي" . 93

أخلاقه ـ رحمه الله ـ
 كان الإمام ـ رحمه الله ـ هين لين سهل . . .
متواضع لكل ذي قربي . . .
يحب أن يأكل من عمل يده . . .
يتعاهد أهله وقرابته ويصل رحمه . . . .
فعن أبا بكر المروذي قال :
" في آداب أبي عبد الله : كان أبو عبد الله لا يجهل ، وإن جهل عليه حلم واحتمل ، ويقول : يكفي الله .
ولم يكن بالحقود ولا العجول ، كثير التواضع ، حسن الخلق ، دائم البشر ، لين الجانب ، ليس بفظ .
وكان يحب في الله ، ويبغض في الله ، وإذا كان في أمر من الدين اشتد له غضبه .
وكان يحتمل الأذى من الجيران " .94
قال الخلال :
" قلت لزهير بن صالح : هل رأيت جدك ؟
قال : نعم , مات وأنا في عشر سنين ، كنا ندخل إليه في كل يوم جمعة أنا وأخواتي ، وكان بيننا وبينه باب، وكان يكتب لكل واحد منا حبتين حبتين من فضة في رقعة إلى فامي ـ بائع الحمص ـ يعامله .
وربما مررت به وهو قاعد في الشمس ، وظهره مكشوف فيه أثر الضرب بين ، وكان لي أخ أصغر مني اسمه علي ، فأراد أبي أن يختنه ، فاتخذ له طعاماً كثيراً ، ودعا قوما ، فوجه إليه جدي : بلغني ما أحدثته لهذا ، وأنك أسرفت ، فابدأ بالفقراء والضعفاء .
فلما أن كان من الغد حضر الحجام ، وحضر أهلنا ، جاء جدي حتى جلس عند الصبي وأخرج صريرة ـ كيس ـ فدفعها إلى الحجام ، وقام فنظر الحجام في الصريرة ، فإذا درهم واحد .
وكنا قد رفعنا كثيراً من الفرش ، وكان الصبي على مصطبة مرتفعة من الثياب الملونة ، فلم ينكر ذلك .
وقدم علينا من خراسان ابن خالة جدي فنزل على أبي ، فدخلت معه إلى جدي ، فجاءت الجارية بطبق خلاف وعليه خبز وبقل وملح ، وبغضارة ، فوضعتها بين أيدينا ، فيها مصلية فيها لحم وصلق كثير ، فأكل معنا وسأل ابن خالته عمن بقي من أهله بخراسان في خلال الأكل ، فربما استعجم عليه ، فيكلمه جدي بالفارسية ، ويضع اللحم بين يديه وبين يدي .
ثم أخذ طبقاً إلى جنبه فوضع فيه تمر وجوز وجعل يأكل ويناول الرجل " . 95
وعن المروذي قال :
" لم أر الفقير في مجلس أعز منه في مجلس أحمد , كان مائلاً إليهم ، مقصراً عن أهل الدنيا ، وكان فيه حلم ، ولم يكن بالعجول ، وكان كثير التواضع تعلوه السكينة والوقار ، وإذا جلس في مجلسه بعد العصر للفتيا لا يتكلم حتى يسأل ، وإذا خرج إلى مسجده لم يتصدر " .96
وعن الخلال قال :
" حدثنا عبد الله بن أحمد قال : قال أبو سعيد بن أبي حنيفة المؤدب : كنت آتي أباك فيدفع إلي الثلاثة دراهم وأقل وأكثر ويقعد معي فيتحدث ، وربما أعطاني الشئ ويقول : أعطيتك نصف ما عندنا .
فجئت يوماً ، فأطلت القعود أنا وهو , قال : ثم خرج ومعه تحت كسائه أربعة أرغفة .
فقال : هذا نصف ما عندنا .
فقلت : هي أحب إلي من أربعة آلاف من غيرك " .97
وعن عبد الله بن محمد بن زياد بن هانئ قال :
" كنت عند أحمد بن حنبل فقال له رجل : يا أبا عبدالله قد اغتبتك فاجعلني في حل .
قال : أنت في حل إن لم تعد , فقلت له : أتجعله في حل يا أبا عبد الله وقد اغتابك , قال : ألم ترني اشترطت عليه " . 98
وعن إبراهيم الحربي قال :
" كان أحمد بن حنبل يأتي العرس , والختان , والإملاك يجيب ويأكل " .99
وعن أحمد بن الحسن الترمذي قال :
" رأيت أبا عبد الله يشتري الخبز من السوق ، ويحمله في الزنبيل ، ورأيته يشتري الباقلاء غير مرة ، ويجعله في خرقة فيحمله آخذا بيد عبد الله ابنه " . 100
وقال عارم :
" وضع أحمد عندي نفقته ، فقلت له يوماً : يا أبا عبد الله ، بلغني أنك من العرب .
فقال : يا أبا النعمان ، نحن قوم مساكين.
فلم يزل يدافعني حتى خرج ، ولم يقل لي شيئاً " .101
   
عبادته ـ رحمه الله ـ
قال الإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ :
قال المروذي : " رأيت أبا عبد الله يقوم لورده قريباً من نصف الليل حتى يقارب السحر .
ورأيته يركع فيما بين المغرب والعشاء " .
وقال عبد الله : " ربما سمعت أبي في السحر يدعو لأقوام بأسمائهم ، وكان يكثر الدعاء ويخفيه ، ويصلي بين العشاءين .
فإذا صلى عشاء الآخرة ، ركع ركعات صالحة ، ثم يوتر وينام نومة خفيفة ، ثم يقوم فيصلي , وكانت قراءته لينة ، ربما لم أفهم بعضها .
وكان يصوم ويدمن ، ثم يفطر ما شاء الله , ولا يترك صوم الأثنين والخميس وأيام البيض .
فلما رجع من العسكر ، أدمن الصوم إلى أن مات " .
وقال المروذي : " سمعت أبا عبد الله يقول : حججت على قدمي حجتين ، وكفاني إلى مكة أربعة عشر درهما " . 102
وعن عبد الملك بن عبد الحميد الميموني قال :
" ما رأيت مصلياً قط أحسن صلاة من أحمد بن حنبل , تكبيره ورفع رأسه
وسجوده , وقعوده بين السجدتين , وتشهده , وتسليمه , حتى كنت أرى فيه ما يحكي عن علي أنه كان يسترخي كل عضو منه ويرجع إلى مكانه ، وكان إذا رفع يديه في التكبير حاذى بهما منكبيه , وقرب إبهاميه من أذنيه ، وما رأيت أحداً أشد اتباعا لأحاديث السنن منه ، يضعها مواضعها " .103
وقال عبد الله :
" كان أبي يصلي في كل يوم وليلة ثلاث مئة ركعة ، فلما مرض من تلك الأسواط أضعفته ، فكان يصلي في كل يوم وليلة مئة وخمسين ركعة ، وقد كان قرب من الثمانين ، وكان يقرأ في كل يوم سبعاً يختم في كل سبعة أيام ، وكانت له ختمة في كل سبع ليال سوى صلاة النهار ، وكان ساعة يصلي العشاء الآخرة ينام نومة خفيفة ، ثم يقوم إلى الصباح يصلي ويدعو " .104
   
مسند الإمام أحمد
هو موسوعته القيمة التى جمعها ابنه عبد الله من بعده , به أربعين ألف حديث شريف , حيث تروى لنا المصادر أنها خلاصة رحلة عمره التى طاف فيها بالدنيا مرتين ليجمعها وينقحها , فيسأل عن الرجال و يحدد مصداقيتهم و قوة حفظهم و صحة روايتهم , و يكتب الأثر و يضبط لفظه . . .
ولقد بدأ الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ بجمع مسنده منذ أن كان عمره ستة عشر سنة، فسجل الأحاديث بأسانيدها ، في أوراق منثورة , وظل على هذه الحال إلى أن قارب الوفاة . . .
ولما شعر بدنو أجله بدأ يجمعها ويحذف منها , وأملى هذه الأحاديث كلها على أولاده وأهل بيته , وأنبأهم بالعمل الذي قام به , ولعله أوصى ابنه عبد الله أن ينهض بجمع هذه الأحاديث وتنسيقها من بعده , فجمعها عبد الله بطريق السند , وهذا الأسلوب يعتبر صعباً جداً , وهو أن يرتب الأحاديث حسب درجة رواتها من الصحابة , فيبدأ بالأحاديث المروية عن أبي بكر , ثم عن عمر , ثم هكذا . . .
وكانت طريقة الإمام أحمد في انتقاء الأحاديث أنها إن كانت تتعلق بأحكام أو عقيدة كان لا بد من اشتراط الصحة فيها ، أما إن كانت تتعلق بفضائل الأعمال و لها ما يؤيدها من الكتاب أو السنة الصحيحة فلا بأس أن تكون ضعيفة .
وإن كان الحديث يعارضه نص آخر أقوى منه لا يمكن الجمع بينهما ، حذف الأضعف .
قال الإمام أحمد لأبنائه :
" إن هذا الكتاب قد جمعته وأتقنته من أكثر من سبعمائة وخمسين ألفاً , فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله  فارجعوا إليه فإن كان فيه ، وإلا فليس بحجة " . 105
وعن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال :
" قلت لأبي ـ رحمه الله تعالى ـ : لم كرهت وضع الكتب وقد عملت المسند ، فقال : عملت هذا الكتاب إماماً , إذا أختلف الناس في سنة رسول الله  رجع إليه " .
وقال غير واحد من العلماء :
" أن هذا الكتاب أصل كبير , ومرجع وثيق لأصحاب الحديث , انتقي من حديث كثير , ومسموعات وافره , فجعله إماماً ومعتمداً , وعند التنازع ملجأ ومستندا " .106

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

سير أعلام السلف " الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ  Empty
مُساهمةموضوع: سير أعلام السلف " الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ   سير أعلام السلف " الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ  I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 27, 2013 1:30 pm

محنته ـ رحمه الله ـ 107
 عاش الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ في عصر الخليفة المأمون , ثم المعتصم , ثم الواثق , ثم المتوكل .
في هذه العصور ، كانت صولة المعتزلة ـ أحد الفرق الضالة ـ و جولتهم في أعلى ذروتها , لا سيما في عصر المأمون .
وكان المأمون تلميذاً لأبي هذيل العلام ـ من رؤساء المعتزلة ـ فافتتن بالفلسفة اليونانية , واستغل هذه الصلة : " أحمد بن أبي ذؤاد المعتزلي " المتعصب وراح يكلم المأمون ويتودد إليه حتى عينه وزيراً خاصاً له ومستشاراً .
والإمام أحمد ـ رحمه الله ـ كان بعيداً عن الفلسفة وعن الإعتزال ، وفي هذه الأثناء قال المعتزلة بخلق القرآن ، أي : أن القرآن حادث مخلوق , وليس كلام الله الأزلي القديم وتبنى المأمون هذا القول .
قال البيقهى :
" ولم يكن فى الخلفاء قبله من بنى أمية ، وبنى العباس خليفة إلا على مذهب السلف ومنهاجهم ، ولما ولى هو الخلافة , اجتمع به هؤلاء فحملوه على ذلك
وزينوا له " .108
قلت ـ المصنف ـ : اتفق خروج المأمون إلى طرسوس لغزو الروم ، فكتب إلى نائبه ببغداد إسحاق بن إبراهيم بن مصعب يأمره أن يدعو الناس إلى القول بخلق القرآن ، وكان ذلك آخر عمره ، قبل موته بشهور .
فلما وصل الكتاب إلى إسحاق , استدعى جماعة من أئمة الحديث فدعاهم إلى ذلك فامتنعوا ، فتهددهم بالضرب وقطع الأرزاق ، فأجاب أكثرهم مكرهين.
وكان الإمام أحمد من الثلة التى رفضت القول بخلق القران ، ومحمد بن نوح الجند يسابورى ، فحملا على بعير واحد وسيرا إلى الخليفة ، وهما مقيدان متعادلان فى محمل على بعير واحد .
( فائدة ) : وكان الذين ثبتوا على الفتنة فلم يجيبوا بالكلية أربعة : أحمد بن حنبل وهو رئيسهم , ومحمد بن نوح بن ميمون الجند يسابوري , ونعيم بن حماد الخزاعي وقد مات في السجن , وأبو يعقوب البويطي وقد مات في سجن الواثق على القول بخلق القرآن وكان مثقلاً بالحديد , وأحمد بن نصر الخزاعي
قال العباس بن محمد الدوري :
" سمعت أبا جعفر الأنباري يقول : لما حمل أحمد بن حنبل يراد به المأمون أخبرت فعبرت الفرات إليه ، فإذا هو في الخان ، فسلمت عليه ، فقال : يا أبا جعفر تعنيت ! فقلت : ليس هذا عناء ، قال : فقلت له : يا هذا أنت اليوم رأس والناس يقتدون بك ، فوالله إن أجبت إلى خلق القرآن ليجيبن بإجابتك خلق من خلق الله ، وإن أنت لم تجب ، ليمتنعن خلق من الناس كثير ، ومع هذا فإن الرجل إن لم يقتلك فإنك تموت ، ولا بد من الموت فاتق الله ، ولا تجبهم إلى شئ ، فجعل أحمد يبكي وهو يقول : ما شاء الله , ما شاء الله ، قال : ثم قال لي أحمد : يا أبا جعفر : أعد علي ما قلت .
قال : فأعدت عليه ، قال : فجعل يقول : ما شاء الله , ما شاء الله " .109
ثم لما اقتربا من جيش الخليفة ونزلوا دونة بمرحلة ، جاء خادم وهو يمسح دموعه بطرف ثوبه ويقول : يعز على يا أبا عبد الله إن المأمون قد سل سيفاً لم يسله من قبل ، وإنه يقسم بقرابته من رسول الله  لئن لم تجبه إلى القول بخلق القران ليقتلنك بذلك السيف .
قال : فجثى الإمام أحمد على ركبتيه ورمق بطرفه الى السماء وقال : سيدى غر حلمك هذا الفاجر حتى تجرأ على أوليائك بالضرب والقتل ، اللهم فإن يكن القرآن كلامك غير مخلوق فاكفنا مؤنته .
قال : فجاءهم الصريخ بموت المأمون فى الثلث الأخير من الليل , قال أحمد ففرحنا ، ثم جاء الخبر بأن المعتصم قد ولى الخلافة ، وقد انضم إليه أحمد بن ابى دؤاد المعتزلى الذي كان يضمر كيداً شديداً لأحمد .
ثم أعيد الإمام أحمد إلى بغداد في سفينة مع بعض الأسارى ، يقول : ونالني منهم أذى كثير ، وكان في رجليه القيود ، ومات صاحبه محمد بن نوح في الطريق وصلى عليه أحمد ، فلما رجع أحمد إلى بغداد دخلها في رمضان فأودع في السجن نحوا من ثمانية وعشرين شهراً , وقيل نيفاً وثلاثين شهراً ، ثم أخرج إلى الضرب بين يدي المعتصم ، وقد كان أحمد وهو في السجن هو الذي يصلي في أهل السجن والقيود في رجليه .
ثم أحضره المعتصم من السجن و زاد في قيوده ، قال أحمد : فلم استطع أن أمشي بها فربطتها في السكة وحملتها بيدي , ثم جاؤني بدابة فحملت عليها فكدت أن أسقط على وجهي من ثقل القيود وليس معي أحد يمسكني , حتى جئنا دار المعتصم , فأدخلت في بيت وأغلق علي وليس عندي سراج فأردت الوضوء فمددت يدي فإذا إناء فيه ماء فتوضأت منه , ثم قمت ولا أعرف القبلة فلما أصبحت إذ أنا على القبلة والحمد لله , ثم دعيت فأدخلت على المعتصم فلما نظر إلي وعنده ابن أبي دؤاد .
قال : أليس قد زعمتم أنه حدث السن وهذا شيخ مكهل ـ كبير ـ فلما دنوت منه وسلمت , قال لي : ادنه , فلم يزل يدنيني حتى قربت منه , ثم قال : اجلس فجلست وقد أثقلني الحديد , فمكثت ساعة ثم قلت : يا أمير المؤمنين إلى ما دعا إليه ابن عمك رسول الله  ؟ قال : إلى شهادة أن لا إله إلا الله , قلت : فإني أشهد أن لا إله إلا الله , قال : ثم ذكرت له حديث ابن عباس في وفد عبد القيس ثم قلت : فهذا الذي دعا إليه رسول الله  قال : ثم تكلم ابن أبي دؤاد بكلام لم أفهمه , وذلك أني لم أتفقه كلامه , ثم قال المعتصم : لولا انك كنت في يد من قبلي لم أتعرض إليك , ثم قال : يا عبد الرحمن ألم آمرك أن ترفع المحنة , قال أحمد فقلت : الله أكبر هذا فرج المسلمين , ثم قال : ناظره يا عبد الرحمن كلمة فقال لي عبد الرحمن : ما تقول في القرآن ؟ فلم أجبه , فقال المعتصم : أجبه فقلت : ما تقول في العلم ؟ فسكت , فقلت : القرآن من علم الله ومن زعم أن علم الله مخلوق فقد كفر بالله فسكت .
فقالو فيما بينهم : يا أمير المؤمنين كفرك وكفرنا فلم يلتفت إلى ذلك , فقال عبد الرحمن : كان الله ولا قرآن , فقلت : كان الله ولا علم , فسكت , فجعلوا يتكلمون من ههنا وههنا فقلت : يا أمير المؤمنين أعطوني شيئا من كتاب الله , أو سنة رسوله حتى أقول به , فقال ابن دؤاد : وأنت لا تقول إلا بهذا وهذا ؟
فقلت : وهل يقوم الإسلام إلا بهما , وجرت مناظرات طويلة واحتجوا عليه بقوله : { ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث } , وبقوله : { الله خالق كل شيء } , وأجاب بما حاصله أنه عام مخصوص بقوله :{ تدمر كل شيء بأمر ربها } , فقال ابن ابي دؤاد : هو والله يا أمير المؤمنين ضال مضل مبتدع وهنا قضاتك والفقهاء فسلهم , فقال لهم : ما تقولون ؟ فأجابوا بمثل ما قال ابن أبي دؤاد .
ثم أحضروه في اليوم الثاني وناظروه أيضاً , ثم في اليوم الثالث وفي ذلك كله كان يعلو صوته عليهم وتغلب حجته حججهم , قال : فإذا سكتوا فتح الكلام عليهم ابن أبي دؤاد وكان من أجهلهم بالعلم والكلام , وقد تنوعت بهم المسائل في المجادلة ولا علم لهم بالنقل , فجعلوا ينكرون الآثار ويردون الإحتجاج بها وسمعت منهم مقالات لم أكن أظن أن أحداً يقولها .
فلما لم يقم لهم معه حجة عدلوا إلى استعمال جاه الخليفة , فقالوا : يا أمير المؤمنين هذا كافر ضال مضل , وقال له إسحاق بن إبراهيم نائب بغداد : يا أمير المؤمنين ليس من تدبير الخلافة أن تخلي سبيله ويغلب خليفتين , فعند ذلك حمى واشتد غضبه وكان ألينهم عريكة , وهو يظن أنهم على شيء .
قال أحمد : فعند ذلك قال لي : لعنك الله طمعت فيك أن تجيبني فلم تجبني , ثم قال خذوه واخلعوه واسحبوه , قال أحمد : فأخذت وسُحبت وخلعت وجيء بي بالعاقبين والسياط وأنا أنظر , وكان معي شعرات من شعر النبي  مصرورة في ثوبي , فجردوني منه وصرت بين العقابين .
فقلت : يا أمير المؤمنين قال رسول الله : " لا يحل دم امريء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله إلا بأحدى ثلاث " , وتلوت الحديث وإن رسول الله  قال : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله , فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم " , فبم تستحل دمي ولم آت شيئاً من هذا , يا أمير المؤمنين اذكر وقوفك بين الله كوقوفي بين يديك , فكأنه أمسك , ثم يزالوا يقولون له : يا أمير المؤمنين إنه ضال مضل كافر , فأمر بي فقمت بين العقابين وجيء بكرسي فأقمت عليه , وأمرني بعضهم أن آخذ بيدي بأي الخشبتين فلم أفهم فتخلعت يداي , وجيء بالضرابين ومعهم السياط , فجعل أحدهم يضربني سوطين ويقول له ـ يعني المعتصم ـ : شد قطع الله يدك , ويجيء الآخر فيضربني سوطين , ثم الآخر كذلك , فضربني أسواطاً فأغمي علي وذهب عقلي مراراَ , فإذا سكن الضرب يعود علي عقلي .
وقام المعتصم إلى يدعوني إلى قولهم فلم أجبه , وجعلوا يقولون : ويحك الخليفة على رأسك فلم أقبل وأعادوا الضرب , ثم عاد إلى فلم أجبه فأعادوا الضرب , ثم جاء إلى الثالثة فدعاني فلم أعقل ما قال من شدة الضرب , ثم أعادوا الضرب فذهب عقلي فلم أحس بالضرب وأرعبه ذلك من أمري , وأمر بي فأطلقت ولم أشعر إلا وأنا في حجرة من بيت , وقد أطلقت الأقياد من رجلي , وكان ذلك في اليوم الخامس والعشرين من رمضان من سنة إحدى وعشرين ومائتين , ثم أمر الخليفة بإطلاقه إلى أهله .
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل :
" كنت كثيراً أسمع والدي يقول : رحم الله أبا الهيثم , غفر الله لأبي الهيثم , عفا الله عن أبي الهيثم , فقلت : يا أبة من أبو الهيثم ؟ فقال : لما أخرجت للسياط ومدت يداي للعقابين إذا أنا بشاب يجذب ثوبي من ورائي ويقول لي تعرفني ؟ قلت : لا , قال : أنا أبو الهيثم العيار , اللص الطرار , مكتوب في ديوان أمير المؤمنين أني ضربت ثمانية عشر ألف سوط بالتفاريق , وصبرت في ذلك على طاعة الشيطان لأجل الدنيا , فاصبر أنت في طاعة الرحمن لأجل الدين , قال : فضربت ثمانية عشر سوطاً بدل ما ضرب ثمانية عشر ألفا وخرج الخادم فقال عفا عنه أمير المؤمنين " .110
عن عبد الرحمن بن محمد الحنفي قال :
" سمعت أبي يقول : كنت في الدار وقت أدخل أحمد بن حنبل وغيره من
العلماء ، فلما أن مد أحمد ليضرب بالسوط، دنا منه رجل وقال له : يا أبا عبد الله ، أنا رسول خالد الحداد من الحبس يقول لك : اثبت على ما أنت عليه ، وإياك أن تجزع من الضرب ، واصبر فإني ضربت ألف حد في الشيطان ، وأنت تضرب في الله " . 111
وعن ميمون بن الأصبغ قال :
" كنت ببغداد , فسمعت ضجة فقلت : ماهذا ؟ فقالوا : أحمد بن حنبل يمتحن فدخلت , فلما ضرب سوطاً قال : بسم الله , فلما ضرب الثاني قال : لاحول ولا قوة إلا بالله , فلما ضرب الثالث قال : القرآن كلام الله غير مخلوق , فلما ضرب الرابع قال : قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا , فضرب تسعة وعشرين سوطاً .
وكانت تِكة أحمد حاشية ثوب فانقطعت , فنزل السراويل إلى أسفل فرمى أحمد طرفه إلى السماء وحرك شفتيه , فما كان بأسرع أن بقي السراويل لم ينزل , فدخلت إليه بعد سبعة أيام فقلت : يا أبا عبد الله رأيتك تحرك شفتيك فأي شيء قلت ؟
قال : قلت : اللهم إني أسألك بأسمك الذي ملأت به العرش , إن كنت تعلم أني على الصواب فلا تهتك لي سترا " .112
وكان جملة ما ضرب نيفاً ثلاثين سوطاً , وقيل : ثمانين سوطا , لكن كان
ضرباً مبرح .
عن محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة قال :
" سمعت شاباص النائب يقول : لقد ضربت أحمد بن حنبل ثمانين سوطاً لو
ضربته فيلاً لهدته " .
وعن أحمد بن عمر قال :
" سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول : مكث أبي بالعسكر عند الخليفة ستة عشر يوماً ما ذاق إلا مقدار ربع سويق كل ليلة كان شرب شربة ماء , وفي كل ثلاث ليال يسف حفنة من السويق , فرجع إلى البيت ولم ترجع إليه نفسه إلا بعد ستة أشهر , ورأيت موقيه ـ عينيه ـ دخلتا في حدقتيه " . 113
ولما رجع إلى منزله جاءه الجرايحي ـ الطبيب ـ فقطع لحماً ميتا من جسده , وجعل يداويه والنائب في كل وقت يسأل عنه , وذلك أن المعتصم ندم على ما كان منه إلى أحمد ندماً كثيراً وجعل يسأل النائب عنه , والنائب يستعلم خبره , فلما عوفي فرح المعتصم والمسلمون بذلك , ولما شفاه الله بالعافية بقي مده وإبهاماه يؤذيهما البرد , وجعل كل من آذاه في حل إلا أهل البدعة , وكان يتلو في ذلك قوله تعالى : { وليعفوا وليصفحوا . . . الآية } .
ثم لزم منزله فلا يخرج منه إلى جمعه ولا جماعة , وامتنع من التحديث وكانت غلته من ملك له , في كل شهر سبعة عشر درهماً , ينفقها على عياله
ويتقنع بذلك ـ رحمه الله ـ صابراً محتسباً .
ولم يزل كذلك مدة خلافة المعتصم , وكذلك في أيام ابنه محمد الواثق , فلما ولى المتوكل على الله الخلافة استبشر الناس بولايته , فاإنه كان محباً للسنة وأهلها ورفع المحنة عن الناس وكتب إلى الآفاق : لا يتكلم أحد في القول بخلق القرآن , ثم كتب إلى نائبه ببغداد وهو إسحاق بن إبراهيم أن يبعث بأحمد بن حنبل إليه , فاستدعى إسحاق بالإمام أحمد إليه فأكرمه وعظمه لما يعلم من إعظام الخليفة له , واجلاله إياه , وسأله فيما بينه وبينه عن القرآن , فقال له أحمد : سؤالك هذا سؤال تعنت أو استرشاد ؟ فقال : بل سؤال استرشاد , فقال هو كلام الله منزل غير مخلوق فسكن إلى قوله في ذلك .
   
ثناء الناس عليه ـ رحمه الله ـ
 أثنى على الإمام أحمد جميع الأئمة و العلماء قاطبة ، وشهدوا له بالفضل والعلم ، فى مختلف الأزمان والعصور . . .
ولقد وجدت فى كتب السير والتاريخ من الثناء على الإمام أحمد ما لا يحصى ، حتى أنه لو أفرد مجلد لما قال العلماء عن الإمام أحمد لكان قليلا ، وهذه نبذه قليله لما قيل فى حق هذا الامام الجليل ـ رحمه الله ـ :
عن عبد الله بن داود الخريبي قال :
" كان الأوزاعي أفضل أهل زمانه , وكان بعده أبو إسحاق الفزاري أفضل أهل زمانه .
قال نصر بن على : وأنا أقول : كان أحمد بن حنبل أفضل أهل زمانه " . 114
وقال القواريري :
" قال يحيى القطان : ما قدم علينا مثل هذين : أحمد ويحيى بن معين .
وما قدم علي من بغداد أحب إلي من أحمد بن حنبل " .115
وعن أبي الحسن الميموني قال :
" قال لي علي بن المديني بالبصرة , قبل أن يمتحن علي , وبعد ما امتحن
أحمد بن حنبل وضرب وحبس وأخرج : يا ميموني ، ما قام أحد في الإسلام ما قام به أحمد بن حنبل .
فتعجبت من هذا عجباً شديداً ، وأبو بكر الصديق  وقد قام في الردة وأمر الإسلام ما قام به .
قال الميموني : فأتيت أبا عبيد القاسم بن سلام ، فتعجبت إليه من قول علي ، قال : فقال لي أبو عبيد مجيباً : إذا يخصمك ! قلت : بأي شئ يا أبا عبيد ، وذكرت له أمر أبي بكر ، قال : إن أبا بكر وجد أنصاراً وأعواناً , وإن أحمد بن حنبل لم يجد ناصراً ، وأقبل أبو عبيد يطري أبا عبد الله ويقول : لست أعلم في الإسلام مثله " . 116
وعن عباس الدوري قال :
" سمعت أبا عاصم يقول لرجل بغدادي : من تعدون عندكم اليوم من أصحاب الحديث ؟
قال : عندنا أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، وأبو خيثمة ، والمعيطي ، والسويدي ، حتى عد له جماعة بالكوفة أيضاً وبالبصرة .
فقال أبو عاصم : قد رأيت جميع من ذكرت ، وجاؤوا إلي ، لم أر مثل ذاك الفتى ، يعني : أحمد بن حنبل " .117
وقال شجاع بن مخلد :
" سمعت أبا الوليد الطيالسي يقول : ما بالمصرين رجل أكرم علي من أحمد بن حنبل .
وعن سليمان بن حرب :
" أنه قال لرجل : سل أحمد بن حنبل ، وما يقول في مسألة كذا ؟ فإنه عندنا إمام " .
وقال مهنى بن يحيى :
" قد رأيت ابن عيينة ، ووكيعا ، وبقية ، وعبد الرزاق ، وضمرة ، والناس ، ما رأيت رجلا أجمع من أحمد في علمه وزهده وورعه " . 118
وقال ابن أبي حاتم ناقلاً ما قاله العلماء :
قال عبد الرزاق : " ما رأيت أحدا أفقه ولا أورع من أحمد بن حنبل " .
قلت : قال هذا ، وقد رأى مثل الثوري ومالك وابن جريج .
وقال حفص بن غياث : " ما قدم الكوفة مثل أحمد " .
وقال أبو اليمان : " كنت أشبه أحمد بأرطاة بن المنذر " .
وقال الهيثم بن جميل الحافظ : " إن عاش أحمد , سيكون حجة على أهل زمانه " .
وقال قتيبة : " خير أهل زماننا ابن المبارك ، ثم هذا الشاب ، يعني : أحمد
بن حنبل ، وإذا رأيت رجلاً يحب أحمد ، فاعلم أنه صاحب سنة .
ولو أدرك عصر الثوري ، والأوزاعي ، والليث ، لكان هو المقدم عليهم .
فقيل لقتيبة : يضم أحمد إلى التابعين ؟ قال : إلى كبار التابعين " .
وقال قتيبة : " لولا الثوري لمات الورع ، ولولا أحمد لأحدثوا في الدين ، أحمد إمام الدنيا " .
وقيل لأبي مسهر الغساني : " تعرف من يحفظ على الأمة أمر دينها ؟
قال : شاب في ناحية المشرق ، يعني : أحمد " . 119
وقال المزني :
" قال لي الشافعي : رأيت ببغداد شاباً إذا قال : حدثنا ، قال الناس كلهم صدق , قلت : ومن هو ؟ قال : أحمد بن حنبل " .
وقال حرملة :
" سمعت الشافعي يقول : خرجت من بغداد فما خلفت بها رجلاً أفضل ، ولا أعلم ، ولا أفقه ، ولا أتقى من أحمد بن حنبل " .
وقال الزعفراني :
" قال لي الشافعي : ما رأيت أعقل من أحمد وسليمان بن داود الهاشمي " 120.
وروي عن إسحاق بن راهويه قال :
" أحمد حجة بين الله وبين خلقه " .
وقال محمد بن عبدويه :
" سمعت علي بن المديني يقول : أحمد أفضل عندي من سعيد بن جبير في زمانه ، لأن سعيداً كان له نظراء " .
وعن ابن المديني قال :
" أعز الله الدين بالصديق يوم الردة ، وبأحمد يوم المحنة " .121
وقال أبو عبيد :
" إني لأتدين بذكر أحمد , ما رأيت رجلاً أعلم بالسنة منه " .
وقال الحسن بن الربيع :
" ما شبهت أحمد بن حنبل إلا بابن المبارك في سمته وهيئته " .
وقال النفيلي :
" كان أحمد بن حنبل من أعلام الدين " .
وقال المروذي :
" حضرت أبا ثور سئل عن مسألة ، فقال : قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل
شيخنا وإمامنا فيها كذا وكذا " .122
وقال ابن معين :
" ما رأيت من يحدث لله إلا ثلاثة : يعلى بن عبيد ، والقعنبي ، وأحمد بن حنبل " .
وقال ابن معين : " أرادوا أن أكون مثل أحمد ، والله لا أكون مثله أبدا " .
وقال أبو خيثمة : " ما رأيت مثل أحمد ، ولا أشد منه قلباً " .
وقال علي بن خشرم :
" سمعت بشر بن الحارث يقول : أنا أسأل عن أحمد بن حنبل ؟! إن أحمد أدخل الكير ، فخرج ذهباً أحمر ـ يقصد المحنة ـ " .
وقال عبد الله بن أحمد :
" قال أصحاب بشر الحافي له حين ضرب أبي : لو أنك خرجت فقلت : إني على قول أحمد ، فقال : أتريدون أن أقوم مقام الانبياء ؟! " .123
وعن محمد بن عبد الله بن طاهر قال :
أضحى ابن حنبل محنة مرضية وبحب أحمد يعرف المتنســــــك
وإذا رأيت لأحمد متنقصــــــــاً فاعلم بأن ستوره ستهتــــــــــــك124
وقال أبو بكر محمد بن يوسف بن الطباع :
" سمعت أبا عبد الله البينوني وكان يتعبد يقول : قلت لبشر بن الحارث : ألا صنعت كما صنع أحمد بن حنبل ؟!
فقال : تريد مني مرتبة النبيين ؟ لا يقوى بدني على هذا ، حفظ الله أحمد من بين يديه ومن خلفه ، ومن فوقه ومن أسفل منه ، وعن يمينه وعن شماله " . 125
وقال هلال بن العلاء الرقي :
" من الله على هذه الامة بأربعة في زمانهم : بأحمد بن حنبل ، ثبت في المحنة ، ولولا ذلك لكفر الناس .
وبالشافعي ، تفقه بحديث رسول الله  ، وبيحيى بن معين ، نفى الكذب عن حديث رسول الله  .
وبأبي عبيد القاسم بن سلام فسر الغريب من حديث رسول الله  ولولا ذلك ، لاقتحم الناس في الخطأ " .126
وعن أحمد بن إبراهيم الصوفي قال :
" قال لي رجل من أهل العلم وكان حبرا فاضلاً يكنى بأبي جعفر في العشية التي دفنا فيها أبا عبد الله : تدري من دفنا اليوم ؟ قلت : من ؟!
قال : سادس خمسة , قلت : من ؟!
قال : أبو بكر الصديق , وعمر بن الخطاب , وعثمان بن عفان , وعلي بن أبي طالب , وعمر بن عبدالعزيز , وأحمد بن حنيل .
قال أبو العباس: فاستحسنت ذلك منه وعنى بذلك أن كل واحد في زمانه " . 127
وقال أبو زُرعة :
" أحمد بن حنبل أكبر من إسحاق وأفقه ، ما رأيت أحداً أكمل من أحمد " .128
وعن أبا عمير بن النحاس الرملي :
" وذكر أحمد بن حنبل فقال : رحمه الله ، عن الدنيا ما كان أصبره ، وبالماضين ما كان أشبهه ، وبالصالحين ما كان ألحقه ، عرضت له الدنيا فأباها ، والبدع فنفاها " .129
وقال الإمام النسائي :
" جمع أحمد بن حنبل المعرفة بالحديث , والفقه , والورع , والزهد , والصبر " . 130
وعن محمد بن أبي بشر قال :
" أتيت أحمد بن حنبل في مسألة ، فقال : ائت أبا عبيد ، فإن له بياناً لا تسمعه من غيره .
فأتيته فشفاني جوابه .
فأخبرته بقول أحمد ، فقال : ذاك رجل من عمال الله ، نشر الله رداء عمله ، وذخر له عنده الزلفى ، أما تراه محبباً مألوفاً .
ما رأت عيني بالعراق رجلاً اجتمعت فيه خصال هي فيه ، فبارك الله له فيما أعطاه من الحلم والعلم والفهم ، فإنه لكما قيل :
يزينك إما غاب عنك فإن دنــــا رأيت له وجهاً يسرك مقبــــــــــــلا
يعلم هذا الخلق ما شذ عنهـــــم من الأدب المجهول كهفاً ومعقـــــلا
ويحسن في ذات الإلـه إذا رأى مضيماً لأهل الحق لا يسأم البــــــلا
وإخوانه الأدنون كل موفــــــق بصير بأمر الله يسمو على العـــــلا131
وعن محمد بن إبراهيم البوشنجي :
" وذكر أحمد بن حنبل فقال : هو عندي أفضل وأفقه من سفيان الثوري ، وذلك أن سفيان لم يمتحن بمثل ما امتحن به أحمد ، ولا علم سفيان ومن يقدم من فقهاء الأمصار كعلم أحمد بن حنبل ، لأنه كان أجمع لها ، وأبصر بأغاليطهم وصدوقهم وكذوبهم " . 132
وعن أحمد بن على بن شعيب قال :
" سمعت أبى يقول : كان أحمد بن حنبل بالذي قال النبي  : " كائن في أمتى ما كان في بنى إسرائيل , حتى أن المنشار ليوضع على فرق رأسه ما يصرفه ذلك عن دينه " , ولولا أحمد بن حنبل قام بهذا الشأن , لكان عاراً علينا إلى يوم القيامة أن قوما سُبكوا ـ اختبروا ـ فلم يخرج منهم أحد " .133
وقال الحنيني :
" سمعت إسماعيل بن الخليل يقول : لو كان أحمد بن حنبل في بني إسرائيل لكان آية " 134.
وقال أحمد بن القاسم المقرئ :
" سمعت الحسين الكرابيسي يقول : مثل الذين يذكرون أحمد بن حنبل ـ أي بسوء ـ مثل قوم يجيؤون إلى أبي قبيس يريدون أن يهدموه بنعالهم " .135
وعن محمد بن الحسين الأنماطي قال :
" كنا في مجلس فيه يحيى بن معين ، وأبو خيثمة ، فجعلوا يثنون على أحمد بن حنبل ، فقال رجل : فبغض هذا ، فقال يحيى : وكثرة الثناء على أحمد تستنكر ! لو جلسنا مجالسنا بالثناء عليه ، ما ذكرنا فضائله بكمالها " . 136
   
مرضه ـ رحمه الله ـ
قال صالح :
" لما كان أول ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين ومئتين، حم ـ مرض ـ أبي ليلة الأربعاء ، وبات وهو محموم ، يتنفس تنفساً شديداً ، وكنت قد عرفت علته ، وكنت أمرضه إذا اعتل ، فقلت له : يا أبة ، على ما أفطرت البارحة ؟ قال : على ماء باقلى ـ فول ـ .
ثم أراد القيام فقال : خذ بيدي ، فأخذت بيده ، فلما صار إلى الخلاء ضعف ، وتوكأ علي .
وكان يختلف إليه غير متطبب كلهم مسلمون .
فوصف له متطبب قرعة تشوى ويسقى ماءها - وهذا كان يوم الثلاثاء، فمات يوم الجمعة – فقال : يا صالح ، قلت : لبيك ، قال : لاتشوى في منزلك ، ولا في منزل أخيك .
وصار الفتح بن سهل إلى الباب ليعوده فحجبته , وأتى ابن علي بن الجعد فحبسته ، وكثر الناس .
فقال : فما ترى ؟ قلت : تأذن لهم ، فيدعون لك .
قال : أستخير الله ، فجعلوا يدخلون عليه أفواجاً ، حتى تمتلئ الدار ، فيسألونه ويدعون له ويخرجون ، ويدخل فوج ، وكثر الناس ، وامتلأ الشارع ، وأغلقنا باب الزقاق .
وجاء جار لنا قد خضب ـ لحيته ـ فقال أبي : إني لأرى الرجل يحيى شيئاً من السنة فأفرح به .
فقال لي : وجه فاشتر تمراً ، وكفر عني كفارة يمين .
قال : فبقي في خريقته ـ كيسه ـ نحو ثلاثة دراهم .
فأخبرته ، فقال : الحمد لله .
وقال : اقرأ علي الوصية ، فقرأتها فأقرها .
وكنت أنام إلى جنبه فإذا أراد حاجة ، حركني فأناوله ، وجعل يحرك لسانه ، ولم يئن إلا في الليلة التي توفي فيها .
ولم يزل يصلي قائماً ، أمسكه فيركع ويسجد ، وأرفعه في ركوعه .
قال : واجتمعت عليه أوجاع الحصر وغير ذلك ، ولم يزل عقله ثابتاً ، فلما كان يوم الجمعة , لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول لساعتين من النهار ، توفي " .137
وقال المروذي :
" مرض أحمد تسعة أيام ، وكان ربما أذن للناس ، فيدخلون عليه أفواجاً ، يسلمون ويرد بيده , وتسامع الناس وكثروا .
وسمع السلطان بكثرة الناس ، فوكل السلطان ببابه وبباب الزقاق الرابطة وأصحاب الأخبار ، ثم أغلق باب الزقاق ، فكان الناس في الشوارع .
و في المساجد ، حتى تعطل بعض الباعة .
وكان الرجل إذا أراد أن يدخل عليه ، ربما دخل من بعض الدور , وربما تسلق ، وجاء أصحاب الأخبار فقعدوا على الأبواب .
وجاءه حاجب ابن طاهر فقال : إن الأمير يقرئك السلام ، وهو يشتهي أن يراك .
فقال : هذا مما أكره ، وأمير المؤمنين قد أعفاني مما أكره .
قال : وأصحاب الخبر يكتبون بخبره إلى العسكر والبرد تختلف كل يوم وجاء بنو هاشم فدخلوا عليه ، وجعلوا يبكون عليه .
وجاء قوم من القضاة وغيرهم ، فلم يؤذن لهم .
ودخل عليه شيخ فقال : اذكر وقوفك بين يدي الله ، فشهق أبو عبد الله ، وسالت دموعه .
فلما كان قبل وفاته بيوم أو يومين قال : ادعوا لي الصبيان بلسان ثقيل .
قال : فجعلوا ينضمون إليه ، وجعل يشمهم ويمسح رؤوسهم ، وعينه تدمع ، وأدخلت تحته الطست ، فرأيت بوله دماً عبيطا ـ غليظاً ـ .
فقلت للطبيب ، فقال : هذا رجل قد فتت الحزن والغم جوفه " .138
   
وفاته ـ رحمه الله ـ
قال صالح بن أحمد بن حنبل :
" توفي أبي أحمد بن حنبل يوم الجمعة لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول لساعتين من النهار , واجتمع الناس في الشوارع , فوجهت إليهم أعلمهم بوفاته وإني أخرجه بعد العصر , فلم يقنعوا بالرسول حتى وردت عليهم , فغسلناه وأدرجناه في ثلاث لفائف وكفناه , وحضر نحو من مائة من بني هاشم ونحن نكفنه , وجعلوا يقبلون جبهته , فبعد حين رفعناه على السرير وبلغ كراء الزواريق ما شاء الله , وعبر الناس في السفن الكبار , وجعل يصب على الناس الماء حتى صرنا إلى الصحراء , ووضع السرير والناس قد أخذوا في الشوارع والدروب , فصلى عليه الأمير ابن طاهر ولم يعلم الناس بذلك , فلما كان من الغد علم الناس فجعلوا يجيئون ويصلون على القبر , ومكث الناس ما شاء الله يأتون يصلون على القبر " . 139
وقال المروزي :
" مرض أبو عبد الله ليلة الأربعاء , لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين ومائتين , ومرض تسعة أيام وتسامع الناس فأقبلوا لعيادته ولزموا الباب الليل والنهار يبيتون , فربما أذن للناس فيدخلون أفواجاً يسلمون عليه فيرد عليهم بيده .
ووضأته فقال : خلل الأصابع , فلما كان يوم الجمعة اجتمع الناس حتى ملأوا السكك والشوارع , فلما كان صدر النهار قبض ـ رحمه الله ـ فصاح الناس وعلت الأصوات بالبكاء حتى كأن الدنيا قد ارتجت " . 140
وعن محمد بن عمرويه قال :
" قال لي عبد الله بن أحمد بن حنبل : حضرت أبي الوفاة فجلست عنده وبيدي الخرقة وهو في النزع لأشد لحييه , فكان يغرق حتى نظن أن قد قضى ثم يفيق ويقول : لا بعد , لا بعد بيده , ففعل هذا مرة وثانية , فلما كان في الثالثة قلت له : يا أبت إيش هذا الذي قد لهجت به في هذا الوقت ؟
فقال لي : يا بني ما تدري ؟ , فقلت : لا , فقال : إبليس لعنه الله قام بحذائي عاضاً على أنامله يقول : يا أحمد فتني , وأنا أقول : لا بعد حتى أموت " .141
وعن أبا زرعة قال :
" بلغني أن المتوكل أمر أن يمسح الموضع الذي وقف الناس عليه حيث صلى على أحمد بن حنبل فبلغ مقام ألفي ألف وخمسمائة ألف " .142
وقال الخلال :
" سمعت عبد الوهاب الوراق يقول : ما بلغنا أن جمعاً في الجاهلية ولا الاسلام مثله ـ يعني : من شهد الجنازة - حتى بلغنا أن الموضع مسح وحزر
على الصحيح ، فإذا هو نحو من ألف ألف .
وحزرنا على القبور نحواً من ستين ألف امرأة ، وفتح الناس أبواب المنازل في الشوارع والدروب ، ينادون من أراد الوضوء " .
وروى عبد الله بن إسحاق الخراساني :
" أخبرنا بنان بن أحمد القصباني : أنه حضر جنازة أحمد ، فكانت الصفوف من الميدان إلى قنطرة باب القطيعة .
وحزر من حضرها من الرجال بثمان مئة ألف ، ومن النساء بستين ألف امرأة ، ونظروا فيمن صلى العصر يومئذ في مسجد الرصافة ، فكانوا نيفاً وعشرين ألفاً " .
وقال موسى بن هارون الحافظ :
" يقال : إن أحمد لما مات مسحت الأمكنة المبسوطة التي وقف الناس للصلاة عليها ، فحزر مقادير الناس بالمساحة على التقدير ست مئة ألف أو أكثر ، سوى ما كان في الأطراف والحوالي والسطوح والمواضع المتفرقة أكثر من ألف ألف " .143
وقال السلمي :
" حضرت جنازة أبي الفتح القواس مع الدار قطني ، فلما نظر إلى الجمع قال : سمعت أبا سهل بن زياد يقول : سمعت عبد الله بن أحمد يقول : سمعت
أبي يقول : قولوا لأهل البدع : بيننا وبينكم يوم الجنائز " . 144
وقال علي بن حجر في أحمد بن حنبل يرثيه :
نعى لي ابراهيم أورع عالــــــم سمعت به من معدم ومخــــــــــــول
إماماً على قصد السبيل وسنـــة النبي أمين الله آخر مرســـــــــــــــل
صبوراً على ما نابه متوكـــــلاً على ربه في ذاك حق التوكـــــــــــل
فقلت وفاض الدمع مني بأربــع على النحر فيضا كالجمان المفصـــل
سلام عديد القطر والنجـــــــم و الثرى على أحمد البر التقي ابن حنبل
ألا فتأهب للمنايا فإنما البقـــــاء قليل بعد ذلك يا علــــــــــــــــــــــــي
كأنك قد وسدت كفك عاجـــــلاً وغودرت منسياً بأوحش منــــــــــزل
مقيماً به يسفي على قبرك الثـــ رى عواصف ريح من جنوب وشمـأل
   
1أنظر : " حلية الأولياء " لأبي نعيم 9/161
2 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للإمام الذهبي 11/184 .
3أنظر : " تاريخ دمشق " لابن عساكر 5/257 .
4أنظر : " البداية والنهاية " للإمام ابن كثير 10/359 , و " سير أعلام النبلاء " للإمام الذهبي 11/179 .
5 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/179 .
6 أنظر: " تاريخ دمشق " لابن عساكر 5/260و " تهذيب الكمال " للحافظ المزي 1/445
7 أنظر : " تاريخ بغداد " للخطيب البغدادي 5/183 .
8 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/184ـ185 .
9 أنظر : " صفة الصفوة " لابن الجوزي 2/340 .
10أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/220 .
11 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/332ـ333 .
12أنظر : " صفة الصفوة " لابن الجوزي 2/340 .
13 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/185 .
14 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/185 .
15 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/179.
16 أنظر : " تهذيب الكمال " للحافظ المزي 1/446 .
17أنظر : " صفة الصفوة " لابن الجوزي 2/332 .
18أنظر : " تهذيب الكمال " للمزي 1/447 .
19 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/185 .
20 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/184 .
21 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/306 .
22 أنظر " تهذيب الكمال " للمزى 1 / 448
23 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/183 .
24 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/186 .
25 أنظر : " صفة الصفوة " لابن الجوزي 2/337 .
26أنظر : " سير أعلام النبلاء " 11/309 .
27أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/192 .
28 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/215 .
29أنظر : " تهذيب الكمال " للمزي 1/459 .
30أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/181ـ182 .
31 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/186 .
32 أنظر : " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم 1/323 .
33 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/187 .
34 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/188 .
35 أنظر : " صفة الصفوة " لابن الجوزي 2/337 .
36 أنظر : " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم 1/322 .
37 أنظر : " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم 1/320 .
38 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/189 .
39 أنظر : " سير أعلام النبلاء " 11/193 .
40 أنظر : " تذكرة الحفاظ " للذهبي 2/432 .
41أنظر : " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم 1/320 .
42 أنظر : " تاريخ بغداد " للخطيب البغدادي 5/183 .
43 أنظر : " تهذيب الكمال " للمزي 1/454 .
44 أنظر : " حلية الأولياء " لأبي نعيم 9/164 .
45 أنظر : " صفة الصفوة " لابن الجوزي 2/338 .
46 أنظر : " تاريخ بغداد " للخطيب 5/186 .
47 أنظر : " سير أعلام النبلاء " 11/213 .
48 أنظر : " حلية الأولياء " لأبي نعيم 9/163 .
49 أنظر : " سير أعلام النبلاء " 11/187 .
50 أنظر : " حلية الأولياء " لأبي نعيم 9/166 , و " تهذيب الكمال " للمزي 1/458 .
51 أنظر : " مناقب الإمام أحمد " لابن الجوزي ( ص : 184 ) .
52 أنظر : " مناقب الإمام أحمد " لابن الجوزي ( ص : 165 ) .
53 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/197
54 أنظر : " مناقب الأئمة الأربعة " لابن قدامة المقدسي ( ص : 131 ) .
55 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/191ـ192 .
56 أنظر : " تهذيب الكمال " للمزي 1/460 .
57 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/192 .
58 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/193 .
59 أنظر : " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم 1/328 .
60 أنظر : " البداية والنهاية " لابن كثير 10/362 .
61 أنظر: " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/199 . السك : ضرب من الطيب ، واللك : بالفتح صبغ أحمر يصبغ به .
62 أنظر : " حلية الأولياء " لأبي نعيم 9/174 .
63 أنظر : " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم 1/327 .
64 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/205ـ206 .
65 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/207 .
66أنظر : " حلية الأولياء " لأبي نعيم 9/181 .
67 أنظر : " حلية الأولياء " لأبي نعيم 9/177 .
68 أنظر : " البداية والنهاية " لابن كثير 10/362 ؟.
69 أنظر : " سير أعلام النبلاء " 11/300 .
70 أنظر : " صفة الصفوة " لابن الجوزي 2/346 .
71أنظر : " سير أعلام النبلاء " 11/208 .
72 أنظر : " سير أعلام النبلاء " 11/325 .
73 أنظر : " سير أعلام النبلاء " 11/326 .
74 أنظر : " حلية الأولياء " لأبي نعيم 9/178 .
75انظر : " سير أعلام النبلاء " 11/208 .
76 أنظر : " صفة الصفوة " لابن الجوزي 2/34 .
77 أنظر : " سير أعلام النبلاء " 11/209 . و" الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم 1/331 .
78أنظر : " سير أعلام النبلاء " 11/215 .
79 أنظر : " سير أعلام النبلاء " 11/22 .
80أنظر : " البداية والنهاية " لابن كثير 10/363 .
81 أنظر : " صفة الصفوة " لابن الجوزي 2/340 .
82 أنظر : " تهذيب الكمال" للمزي 1/450 .
83 أنظر : " صفة الصفوة " لابن الجوزي 2/339 .
84 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/194 .
85 أنظر : " تهذيب الكمال " للمزي 1/448 .
86أنظر : " تاريخ بغداد " للخطيب 5/183 .
87 أنظر : " حلية الأولياء " لأبي نعيم 9/183 .
88أنظر : " حلية الأولياء " لأبي نعيم 9/183 .
89 أنظر : " تهذيب الكمال " للمزي 1/464 .
90أنظر : " حلية الأولياء " لأبي نعيم 9/173 .
91 أنظر : " البداية والنهاية " لابن كثير 10/363 .
92 أنظر : " سير أعلام النبلاء " 11/225 .
93 أنظر : " سير أعلام النبلاء " 11/211 .
94 أنظر : " سير أعلام النبلاء " 11/221 .
95أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/217 .
96 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/218 .
97 أنظر : " سيرأعلام النبلاء " 11/218 .
98 أنظر : " حلية الأولياء " لأبي نعيم " 9/174 .
99أنظر : " صفة الصفوة " لابن الجوزي 2/341 .
100 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/310 .
101 أنظر : " تاريخ دمشق " لابن عساكر 5/258 , و " تهذيب الكمال " للمزي 1/445 .
102 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/222 .
103 أنظر : " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم 1/334 .
104 أنظر : " تهذيب الكمال " للمزي 1/459 .
105 أنظر : " المسند " بتحقيق أحمد شاكر 1/21 .
106 انظر : " المسند " بتحقيق أحمد شاكر 1/21 .
107 في هذا الفصل نستعرض ما قاله العلماء في محنة الإمام أحمد باختصار , وقد نقلته من كتب السير المعتمدة مثل " البداية والنهاية " لابن كثير , و " سير أعلام النبلاء " للذهبي بتصرف يسير والله المستعان .
108 أنظر : " البداية والنهاية " لابن كثير 10/ 365 .
109أنظر : " تهذيب الكمال " للمزي 1/460ـ461 .
110أنظر : " صفة الصفوة " لابن الجوزي 2/351 .
111 أنظر : " تهذيب الكمال " للمزي 1/461 .
112 أنظر : " صفة الصفوة " لابن الجوزي 2/350ـ351 .
113أنظر : " حلية الأولياء " لأبي نعيم 9/179 .
114 أنظر : " تاريخ بغداد " للخطيب 5/184 .
115 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/!189 .
116 أنظر : " تهذيب الكمال " للمزي 1/452 .
117 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/190 .
118 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهي 11/ 190 .
119 أنظر : " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم 1/319 ـ 320 .
120 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/195 .
121 أنظر : " تذكرة الحفاظ " للذهبي 2/432 , و " تاريخ بغداد " للخطيب 5/184 .
122 أنظر : " تاريخ بغداد " للخطيب 5/184 .
123 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/197 .
124أنظر : " طبقات الشافعية " للسبكي 2/33 .
125 أنظر : " تهذيب الكمال " للمزي 1/455 .
126 أنظر : " تهذيب الكمال " للمزي 1/462 .
127 أنظر : " حلية الأولياء " لأبي نعيم 9/166 .
128 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/198 .
129 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/198 .
130أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/199 .
131 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/201 .
132 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/202 .
133 أنظر : " تاريخ بغداد " للخطيب 5/184 .
134 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/202 .
135 أنظر : " سير أعلام النبلاء " 11/204. وأبي قبيس : جبل مشرف على المسجد الحرام.
136 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/196 .
137 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/334ـ335 .
138 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 11/336 .
139 أنظر : " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم 1/399 .
140 أنظر : " صفة الصفوة " لابن الجوزي 2/356 .
141 أنظر : " حلية الأولياء " لأبي نعيم 9/183 , " تاريخ دمشق " لابن عساكر 5/325 .
142 أنظر " : الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم 1/399 .
143 أنظر : " سير أعلام النبلاء " 11/339 .
144قال الحافظ ابن كثير في " البداية والنهاية " 10 / 342 : وقد صدق الله قول أحمد في هذا , فإنه كان إمام السنة في زمانه , وعيون مخالفيه أحمد بن أبي دؤاد وهو قاضي القضاة , لم يحتفل أحد بموته ، ولم يلتفت إليه , ولما مات ، ماشيعه إلا قليل من أعوان السلطان .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
 
سير أعلام السلف " الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سير أعلام السلف " الإمام مسلم ـ رحمه الله ـ
» سير أعلام السلف " الإمام الترمذي ـ رحمه الله ـ
» سير أعلام السلف " الإمام أبو داوود ـ رحمه الله ـ
» سير أعلام السلف " الإمام النسائي ـ رحمه الله ـ
» سير أعلام السلف " الإمام ابن ماجه ـ رحمه الله ـ

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ :: كتابات وأبحاث مشرف الدعوة بالفرع :: السير والتراجم :: سير أعلام السلف " الإمام أحمد بن حنبل "-
انتقل الى: