حامل المسك المدير العام للمنتدى
عدد المساهمات : 1631 تاريخ التسجيل : 21/03/2012
| موضوع: سير أعلام السلف " الإمام أبو داوود ـ رحمه الله ـ الأربعاء نوفمبر 27, 2013 1:49 pm | |
| مقدمة إن الحمد لله . . . نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } (آل عمران:102) { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } (النساء:1) { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } (الأحزاب:70-71) أما بعد . . . فإن اصدق الحديث كتاب الله ، وأن خير الهدى هدى نبيه محمد ، وأن شر الأمور محدثاتها ، وأن كل محدثة بدعة ، وأن كل بدعة ضلالة ، وأن كل ضلالة في النار . ثم أما بعد . . اعلم أخي المسلم : إن العلماء بعلومهم ، والحكماء بحكمتهم ، والصالحون بوصاياهم هم – بإذن الله – نجوم هادية لمن سار في الليالي المظلمة ، ودفة محكمة لمن خاض عُباب البحار الموحشة ، وغيث مدراراً يأتي على الأرض الهامدة ، فتهتز وتربو ثم تنبت من كل زوج بهيج . . . فهم بحق سراج العباد ، ومنار البلاد , وقوام الأمة ، وينابيع الحكمة , وهم غيظ الشيطان ، بهم تحيا قلوب أهل الحق ، وتموت قلوب أهل الزيغ ، مثلهم في الأرض كمثل النجوم في السماء يهتدي بها في ظلمات البر والبحر ، إذا انطمست النجوم تحيروا ، وإذا أسفر عنها الظلام أبصروا . . . ومن أبرز هؤلاء العلماء الربانيين الذين شاع ذكرهم بين العامة والخاصة , وانتشر علمهم في جميع الأرجاء : أصحاب الستة الصحاح ، الإمام البخاري ، والإمام مسلم ، والإمام النسائي ، والإمام ابن ماجة ، والإمام أبو داود ، والإمام الترمذي ـ رحمه الله عليهم أجمعين ـ . والكتب الصحاح هي : الكتب التي دونت فيها أحاديث النبي ، والتي شهد لها علماء الأمة من المتقدمين والمتأخرين بالصحة والقبول . هؤلاء العلماء الذين بذلوا جهداً علمياً ضخماً ومستمراً على اختلاف الأزمنة والأمكنة لخدمة الدين ، ولخدمة سنة رسول الله r . وهذا الجهد الذي بذلوه ـ رحمه الله عليهم ـ يُعد مفخرة لعلماء المسلمين أجمعين , وصورة مشرقة في الذب عن الشريعة الغراء على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم . حديثنا في هذا الكتاب عن هؤلاء الأجلاء الأفاضل ، نتعرف عليهم و نتعلم منهم ، وندرس سيرهم المليئة بالعبر والمواعظ . . . . اسأل الله أن يجعله عملاً صالحاً متقبلاً ، وأن ينفع به المسلمين والمسلمات المحبين لسنة النبي المصطفى . ولا أنسي أن أنبه أن هذا الكتاب إنما هو جزء من كتاب : " سير أعلام السلف " الذي أسأل الله أن يعينني على إتمامه وإكماله إنه ولى ذلك والقادر عليه . وأخيراً : أرجو من كل من يقرأ هذا الكتاب أن لا ينسانا من صالح دعائه ، فدعوة المسلم لأخيه المسلم مستجابة بإذن الله . الأمام أبو داود السجستانى ( 202 - 275 هـ = 817 - 889 م ) إمام من أئمة المسلمين . . . عالم جليل من العلماء العاملين . . . . صاحب أحد الصحاح . . . . قال عنه الذهبي ـ رحمه الله ـ : الإمام ، شيخ السنة ، مقدم الحفاظ ، أبو داود الأزدي السجستانى ، محدث البصرة . ولد سنة اثنتين ومئتين ، ورحل ، وجمع ، وصنف ، وبرع في هذا الشأن . قال أبو عبيد الآجري : سمعته يقول : ولدت سنة اثنتين ، وصليت على عفان ـ هو عفان بن مسلم الحافظ البصري ـ سنة عشرين ، ودخلت البصرة وهم يقولون : أمس مات عثمان بن الهيثم المؤذن . فسمعت من أبي عمر الضرير مجلساً واحداً . وسكن البصرة بعد هلاك الخبيث طاغية الزنج ، فنشر بها العلم ، وكان يتردد إلى بغداد . 157 وقال ابن عساكر ـ رحمه الله ـ : وأبو داود السجستانى هو : سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن عمرو بن عمران الأزدي , وقتل عمران مع علي بصفين , وهو إمام مشهور . 158 وقال الحاكم : سليمان بن الأشعث السجستانى مولده بسجستان ، وله ولسلفه إلى الآن بها عقد وأملاك وأوقاف . . . خرج منها في طلب الحديث إلى البصرة ، فسكنها ، وأكثر بها السماع عن سليمان بن حرب ، وأبي النعمان ، وأبي الوليد . . . ثم دخل إلى الشام ومصر ، وانصرف إلى العراق ، ثم رحل بابنه أبي بكر إلى بقية المشايخ ، وجاء إلى نيسابور ، فسمع ابنه من إسحاق بن منصور . . . ثم خرج إلى سجستان , وطالع بها أسبابه ، وانصرف إلى البصرة واستوطنها . فأما سجستان ، الإقليم الذي منه الإمام أبو داود : فهو إقليم صغير منفرد ، متاخم لإقليم السند ، غربه بلد " هراة "، وجنوبيه مفازة بينه وبين إقليم فارس وكرمان . . وشرقية مفازة وبرية بينه وبين مكران التي هي قاعدة السند ، وتمام هذا الحد الشرقي بلاد الملتان ، وشمالية أول الهند . فأرض سجستان كثيرة النخل والرمل ، وهي من الإقليم الثالث من السبعة . . وقصبة سجستان هي : " زرنج " ، وعرضها اثنتان وثلاثون درجة وتطلق زرنج على : سجستان ولها سور ، وبها جامع عظيم ، وعليها نهر كبير ، وطولها من جزائر الخالدات تسع وثمانون درجة . . . والنسبة إليها أيضاً : " سجزي " ، وهكذا ينسب أبو عوانة الإسفراييني أبا داود فيقول : السجزي . . . وإليها ينسب مسند الوقت , أبو الوقت السجزي . 159 ويكمل الذهبي فيقول : كان أبو داود مع إمامته في الحديث وفنونه من كبار الفقهاء ، فكتابه يدل على ذلك ، وهو من نجباء أصحاب الإمام أحمد ، لازم مجلسه مدة ، وسأله عن دقاق المسائل في الفروع والأصول . وكان على مذهب السلف في إتباع السنة والتسليم لها ، وترك الخوض في مضائق الكلام .160 وقال ابن خلكان : وكان ولده أبو بكر عبد الله بن أبي داود سليمان من أكابر الحفاظ ببغداد ، عالماً متفقاً عليه ، إمام ابن إمام ، وله كتاب " المصابيح " وشارك أباه في شيوخه بمصر والشام ، وسمع ببغداد وخراسان وأصبهان وسجستان وشيراز . 161 وقال ابن داسة : كان لأبي داود كم واسع وكم ضيق ، فقيل له في ذلك ، فقال : الواسع للكتب ، والآخر لا يحتاج إليه .162 شيوخه وتلاميذه ـ رحمه الله ـ سمع الإمام أبي داود ـ رحمه الله ـ من كثير من العلماء والمحدثين ، ومن أبرزهم : قال الإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ : سمع بمكة من القعنبي ، وسليمان بن حرب . وسمع من : مسلم بن إبراهيم ، وعبد الله بن رجاء ، وأبي الوليد الطيالسي ، وموسى بن إسماعيل ، وطبقتهم بالبصرة . ثم سمع بالكوفة من : الحسن بن الربيع البوراني ، وأحمد بن يونس اليربوعي ، وطائفة . وسمع من : أبي توبة الربيع بن نافع بحلب ، ومن : أبي جعفر النفيلي ، وأحمد بن أبي شعيب ، وعدة بحران . ومن حيوة بن شريح ، ويزيد بن عبد ربه ، وخلق بحمص . ومن صفوان بن صالح ، وهشام بن عمار بدمشق ، ومن إسحاق بن راهويه وطبقته بخراسان . ومن أحمد بن حنبل وطبقته ببغداد . ومن قتيبة بن سعيد ببلخ . ومن أحمد بن صالح وخلق بمصر . ومن إبراهيم بن بشار الرمادي ، وإبراهيم بن موسى الفراء ، وعلي بن المديني ، والحكم بن موسى ، وخلف بن هشام ، وسعيد بن منصور ، وسهل بن بكار ، وشاذ بن فياض ، وأبي معمر عبد الله بن عمرو المقعد ، وعبد الرحمن بن المبارك العيشي ، وعبد السلام بن مطهر ، وعبد الوهاب بن نجدة ، وعلي بن الجعد ، وعمرو بن عون وعمرو بن مرزوق ، ومحمد بن الصباح الدولابي ، ومحمد بن المنهال الضرير ، ومحمد بن كثير العبدي ، ومسدد بن مسرهد ، ومعاذ بن أسد ، ويحيى بن معين ، وأمم سواهم . وحدث عنه : أبو عيسى في " جامعه " ، والنسائي فيما قيل ، وإبراهيم بن حمدان العاقولي ، وأبو الطيب أحمد بن إبراهيم بن الاشناني البغدادي ، نزيل الرحبة ، راوي " السنن " عنه ، وأبو حامد أحمد بن جعفر الأشعري الاصبهاني ، وأبو بكر النجاد ، وأبو عمرو أحمد بن علي بن حسن البصري ، راوي " السنن " عنه ، وأحمد بن داود بن سليم ، وأبو سعيد بن الأعرابي راوي " السنن " بفوت له ، وأبو بكر أحمد بن محمد الخلال الفقيه ، وأحمد بن محمد بن ياسين الهروي ، وأحمد بن المعلى الدمشقي ، وإسحاق بن موسى الرملي الوراق ، وإسماعيل بن محمد الصفار ، وحرب بن إسماعيل الكرماني ، والحسن بن صاحب الشاشي ، والحسن بن عبد الله الذارع ، والحسين بن إدريس الهروي ، وزكريا بن يحيى الساجي ، وعبد الله بن أحمد الاهوازي عبدان ، وابنه أبو بكر بن أبي داود ، وأبو بكر بن أبي الدنيا ، وعبد الله ابن أخي أبي زرعة ، وعبد الله بن محمد بن يعقوب ، وعبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي ، وعلي بن الحسن بن العبد الأنصاري أحد رواة " السنن " ، وأبو بكر محمد بن يحيى الصولي ، وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفراييني . 163 من ثناء العلماء عليه ـ رحمه الله ـ أثني على الإمام أبي داود القاصى والداني ، وملأ تعظيمه وتوقيره قلوب كافه الخلق . قال أبو بكر الخلال : أبو داود الإمام المقدم في زمانه ، رجل لم يسبقه إلى معرفته بتخريج العلوم وبصره بمواضعه أحد في زمانه، رجل ورع مقدم . 164 ويكمل الخلال فيقول : وكان إبراهيم الاصبهاني ابن أورمة ، وأبو بكر بن صدقة يرفعون من قدره ، ويذكرونه بما لا يذكرون أحدا في زمانه مثله .165 وقال أحمد بن محمد بن ياسين : كان أبو داود أحد حفاظ الإسلام لحديث رسول الله وعلمه وعلله وسنده ، في أعلى درجة النسك والعفاف ، والصلاح والورع ، من فرسان الحديث .166 وقال الحاكم : سمعت الزبير بن عبد الله بن موسى ، سمعت محمد بن مخلد يقول كان أبو داود يفي بمذاكرة مئة ألف حديث ، ولما صنف كتاب " السنن " ، وقرأه على الناس . . فصار كتابه لأصحاب الحديث كالمصحف ، يتبعونه ولا يخالفونه وأقر له أهل زمانه بالحفظ والتقدم فيه . 167 وقال الذهبي ـ رحمه الله ـ : وبلغنا أن أبا داود كان من العلماء العاملين , حتى أن بعض الأئمة قال : كان أبو داود يشبه بأحمد بن حنبل في هديه ودله وسمته ، وكان أحمد يشبه في ذلك بوكيع ، وكان وكيع يشبه في ذلك بسفيان ، وسفيان بمنصور ، ومنصور بإبراهيم ، وإبراهيم بعلقمة ، وعلقمة بعبد الله بن مسعود . . وقال علقمة : كان ابن مسعود يشبه بالنبي في هديه ودله.168 وقال أبو حاتم بن حبان : أبو داود أحد أئمة الدنيا فقهاً وعلماً وحفظاً، ونسكاً وورعاً وإتقاناً جمع وصنف وذب عن السنن . 169 وقال الحافظ موسى بن هارون : خلق أبو داود في الدنيا للحديث ، وفي الآخرة للجنة . وقال الحافظ أبو عبد الله بن مندة : الذين خرجوا وميزوا الثابت من المعلول ، والخطأ من الصواب أربعة : البخاري ، ومسلم ، ثم أبو داود ، والنسائي . وقال أبو عبد الله الحاكم : أبو داود إمام أهل الحديث في عصره بلا مدافعة ، سمع بمصر والحجاز، والشام والعراق وخراسان . وقال موسى بن هارون : ما رأيت أفضل من أبي داود . 170 من توقير العلماء له ـ رحمه الله ـ قال القاضي الخليل بن أحمد السجزي : سمعت أحمد بن محمد بن الليث قاضي بلدنا يقول : جاء سهل بن عبد الله التستري إلى أبي داود السجستانى ، فقيل : يا أبا داود : هذا سهل بن عبد الله جاءك زائرا , فرحب به ، وأجلسه . . فقال سهل : يا أبا داود ! لي إليك حاجة . قال : وما هي ؟ قال : حتى تقول : قد قضيتها مع الإمكان . قال : نعم. قال : أخرج إلي لسانك الذي تحدث به أحاديث رسول الله حتى أقبله . فأخرج إليه لسانه فقبله .171 شجاعته ـ رحمه الله ـ قال الخطابي : حدثني عبد الله بن محمد المسكي ، حدثني أبو بكر بن جابر خادم أبي داود - رحمه الله – قال : كنت مع أبي داود ببغداد ، فصلينا المغرب ، فجاءه الأمير أبو أحمد الموفق - يعني ولي العهد – فدخل ، ثم أقبل عليه أبو داود ، فقال : ما جاء بالأمير في مثل هذا الوقت ؟ قال : خلال ثلاث . قال : وما هي ؟ قال : تنتقل إلى البصرة فتتخذها وطناً ، ليرحل إليك طلبة العلم ، فتعمر بك ، فإنها قد خربت ، وانقطع عنها الناس ، لما جرى عليها من محنة الزنج . فقال : هذه واحدة . قال : وتروي لأولادي " السنن ". قال : نعم ، هات الثالثة . قال : وتفرد لهم مجلساً ، فإن أولاد الخلفاء لا يقعدون مع العامة . قال : أما هذه فلا سبيل إليها ، لأن الناس في العلم سواء . قال ابن جابر : فكانوا يحضرون ويقعدون في كم حيري ، عليه ستر ، ويسمعون مع العامة . 172 سنن أبي داود يعد كتاب " السنن " للإمام أبي داود من أحد الكتب الستة الصحاح التي اعتنت بذكر الأحاديث الصحيحة الواردة ، والذي اعتبره الكثير من علماء المسلمين ضمن الأمهات الست التي اتفقوا على صحتها ، وشهدوا لها بالقبول . قال أبو بكر بن داسة : سمعت أبا داود يقول : كتبت عن رسول الله خمس مئة ألف حديث , انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب ، يعني كتاب السنن ، جمعت فيه أربعة آلاف حديث , وثمان مئة حديث , ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه ، ويكفي الإنسان لدينه من ذلك أربعة أحاديث : أحدها قوله : " الأعمال بالنيات " . والثاني قوله : " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه " . والثالث : قوله : " لا يكون المرء مؤمناً حتى يرضى لأخيه ما يرضى لنفسه " . والرابع : قوله : " الحلال بين ، والحرام بين ، وبين ذلك أمور مشتبهات . . الحديث " . 173 وقال أبو بكر الصولي : سمعت زكريا بن يحيى الساجي يقول : كتاب الله أصل الإسلام ، وكتاب السنن لأبي داود عهد الإسلام .174 وقال إسماعيل بن محمد الصفار : سمعت محمد بن إسحاق الصغاني يقول : ألين لأبي داود الحديث كما ألين داود الحديد . 175 وقال أبو سليمان الخطابي : سمعت ابن الأعرابي يقول ونحن نسمع منه هذا الكتاب يعني كتاب السنن وأشار إلى النسخة وهي بين يديه : لو أن رجلاً لم يكن عنده من العلم إلا المصحف الذي فيه كتاب الله عز وجل ، ثم هذا الكتاب لم يحتج معهما إلى شئ من العلم بتة . ثم قال الخطابي : وهذا كما قال لا شك فيه ، لأن الله تعالى أنزل كتابه تبياناً لكل شئ فأخبر سبحانه وتعالى وبحمده أنه لم يغادر شيئاً من أمر الدين لم يتضمن بيانه الكتاب. إلا أن البيان على ضربين : بيان جلي ، تناوله الذكر نصاً . وبيان خفي : اشتمل على معنى التلاوة ضمناً ، فما كان من هذا الضرب كان تفصيل بيانه موكولا إلى النبي ، وهو معنى قوله سبحانه وتعالى : { لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون } . فمن جمع بين الكتاب والسنة فقد استوفى وجهي البيان . وقد جمع أبو داود في كتابه هذا من الحديث في أصول العلم ، وأمهات السنن ، وأحكام الفقه ما لا نعلم متقدماً سبقه إليه ، ولا متأخراً ، لحقه فيه . قال أبو سليمان : واعلموا رحمكم الله أن كتاب السنن لأبي داود كتاب شريف لم يصنف في حكم الدين كتاب مثله ، وقد رزق القبول من كافة الناس فصار حكماً بين فرق العلماء , وطبقات الفقهاء على اختلاف مذاهبهم . 176 وفاته ـ رحمه الله ـ قال أبو عبيد الآجري : توفي أبو داود في سادس عشر شوال ، سنة خمس وسبعين ومئتين. قلت ـ الذهبي ـ : كان أخوه محمد بن الأشعث أسن منه بقليل ، وكان رفيقاً له في الرحلة . يروي عن : أصحاب شعبة. وروى عنه : ابن أخيه أبو بكر بن أبي داود . ومات كهلاً . قبل أبي داود بمدة . 177 157" أنظر " سير أعلام النبلاء " 13/204،203 , و " تاريخ دمشق " لابن عساكر 22/195 . 158" تاريخ دمشق " لابن عساكر 22/195 . 159 أنظر : " سير أعلام النبلاء " 13/221,218 . 160" سير أعلام النبلاء " 13/215 . 161" وفيات الأعيان " لابن خلكان 2/405 . 162" سير أعلام النبلاء " 13/217 . 163" سير أعلام النبلاء " 13/206 . 164 " سير أعلام النبلاء " 13/211 . 165" تاريخ بغداد " للخطيب البغدادي 9/57 , و " سير أعلام النبلاء " 13/211 . 166 " السير " 13/211 . 167 أنظر : " تهذيب التهذيب " 4/172 , و " السير " 13/212 . 168" تذكرة الحفاظ " 2/592 . 169 " تاريخ دمشق " لابن عساكر 22/198 . 170 أنظر : " سير أعلام النبلاء " 13/213 . 171 أنظر : " وفيات الأعيان " 2/404 , و " سير أعلام النبلاء " 13/213 . 172 أنظر : " طبقات السبكي " 2/295 , و " تاريخ دمشق " 22/199 , و " سير أعلام النبلاء " 13/216 . 173 أنظر : " تاريخ بغداد " 9/57 , و " سير أعلام النبلاء " 13/206 و " تهذيب الكمال " 1/169 . 174 أنظر : " تهذيب الكمال " 1/169 , و " سير أعلام النبلاء " 13/215 . 175 " تهذيب التهذيب " 4/172 . 176 " تهذيب الكمال " 1/170 , و " تاريخ دمشق " لابن عساكر 22/197 . 177" سير أعلام النبلاء " 13/221 . | |
|