حامل المسك المدير العام للمنتدى
عدد المساهمات : 1631 تاريخ التسجيل : 21/03/2012
| موضوع: سير أعلام السلف " الأعمش ـ رحمه الله ـ الأربعاء نوفمبر 27, 2013 6:05 pm | |
| سليمان بن مهران " الأعمش " علامة من علامات الإسلام . . . ورمز من رموزه الكبار . . . مع علمه الزاخر ، وشأنه الوافر ، كان خفيف الظل ، بساماً . . . شديد التعامل مع طلابه ومريديه . . . قال عنه أبي نعيم : ومنهم الإمام المقري ، الراوي المفتي ، كان كثير العمل ، قصير الأمل ، من ربه راهباً ناسكاً ، ومع عباده لاعباً ضاحكاً ، سليمان بن مهران الأعمش . وقال عنه الذهبي : الإمام شيخ الإسلام ، شيخ المقرئين والمحدثين ، أبو محمد الاسدي، الكاهلي ، مولاهم الكوفي الحافظ . شئ من سيرته ـ رحمه الله ـ هو : سليمان بن مهران ، المشهور بـ " الأعمش " وسمي بالأعمش ، لأنه كان ـ رحمه الله ـ أعمي . قال الإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ : أصله من نواحي الري . . . فقيل : ولد بقرية أمه , من أعمال " طبرستان " في سنة إحدى وستين . . . . وقدموا به إلى الكوفة طفلاً . . . . قرأ القرآن على يحيى بن وثاب مقرئ العراق . . . وقيل : إنه تلا على أبي العالية الرياحي ، وذلك ممكن . . . 1 وقال الخطيب البغدادي ـ رحمه الله ـ : عن العباس بن محمد الدوري : كان الأعمش رجلاً من أهل " طبرستان " , من قرية يقال لها : " دنباوند " , جاء به أبوه حميلا إلى الكوفة , فاشتراه رجل من بنى كاهل , من بنى أسد , فأعتقه وهو مولى لبنى أسد , وكان نازلا في بنى أسد " . 2 وقال ابن خلكان ـ رحمه الله ـ : و " دنباوند " : بضم الدال المهملة , وسكون النون , وفتح الباء الموحدة , وبعد الألف واو مفتوحة , ثم نون ساكنة , وبعدها دال مهملة. وهي ناحية من : " رستاق الري " , في الجبال ، وبعضهم يقول " دماوند " , والأول أصح .3 ثناء العلماء عليه ـ رحمه الله ـ كان ـ رحمه الله تعالي ـ محدثاً كبير الشأن . . . عالماً متبحر في العلم والحديث . . . إلا أنه كانت تعتريه حده في تعامله مع طلابه ومريديه . . . ولكن هذا لا يقلل من قدره ولا من شأنه . . . ولعظم شأن هذا العالم الكبير , شهد له الكثير من العلماء والمشاهير بالعلم والفضل , واثني عليه خلق كثير . . . قال سفيان عيينة ـ رحمه الله ـ : " كان الأعمش أقرأهم لكتاب الله ، وأحفظهم للحديث ، وأعلمهم بالفرائض " . وقال يحيى القطان : " هو علامة الإسلام " . 4 وعن هشيماً قال : " ما رأيت بالكوفة أحدا أقرا لكتاب الله, ولا أجود حديثاً من الأعمش، ولا أفهم، ولا أسرع إجابة لما يسأل عنه من ابن شبرمة"5 وعن القاسم أبا عبد الرحمن قال : " ما أحد أعلم بحديث ابن مسعود من الأعمش " . وقال أحمد بن عبد الله العجلي : " الأعمش ثقة ثبت , كان محدث الكوفة في زمانه " . 6 وعن إسحاق بن راشد : " كان الزهري إذا ذكر أهل العراق ضعف علمهم . . . قال : قلت : إن بالكوفة مولى لبني أسد يروي أربعة آلاف حديث . قال : أربعة آلاف ! قال : قلت : نعم ، إن شئت جئتك ببعض علمه . قال : فجيء به , فأتيته به . قال : فجعل يقرأ وأعرف التغيير فيه . . . وقال : والله إن هذا لعلم ، ما كنت أرى أحدا يعلم هذا ".7 قال عيسى بن يونس : " لم نر نحن مثل الأعمش ، وما رأيت الأغنياء عند أحد أحقر منهم عنده , مع فقره وحاجته " .8 قال أبو بكر بن عياش : " كان الأعمش يعرض القرآن ، فيمسكون عليه المصاحف ، فلا يخطئ في حرف " .9 وعن ابن عيينة قال : " سبق الأعمش الناس بأربع : كان أقرأهم للقرآن. . . وأحفظهم للحديث . . . وأعلمهم بالفرائض . . . . وذكر خصلة أخرى . . . . وقال زهير بن معاوية : " ما أدركت أحدا أعقل من الأعمش ومغيرة " . وقال أحمد : " أبو إسحاق والأعمش رجلا أهل الكوفة " . 10 وعن شريكاً قال : " ما كان هذا العلم إلا في العرب وأشراف الملوك . . . فقال له رجل من جلسائه : وأي نبل كان للأعمش ؟! قال شريك : أما لو رأيت الأعمش , ومعه لحم يحمله , وسفيان الثوري عن يمينه , وشريك عن يساره , وكلاهما ينازعه حمل اللحم لعلمت أن ثم نبلا كثيراً " . 11 علي بن المديني يقول : " حفظ العلم على امة محمد ستة . . . فلأهل مكة : عمرو بن دينار . . ولأهل المدينة : محمد بن مسلم , وهو بن شهاب الزهري . ولأهل الكوفة : أبو إسحاق السبيعي , وسليمان بن مهران الأعمش. . . ولأهل البصرة : يحيى بن أبي كثير , وقتادة " .12 وعن عمر بن علي : " كان الأعمش يسمى المصحف من صدقه " . وعن عبد الله بن داود قال : " سمعت شعبة إذا سمع ذكر الأعمش قال : المصحف المصحف " وعن أبا بكر بن عياش يقول : " كنا نسمى الأعمش : سيد المحدثين , وكنا نجيء إليه إذا فرغنا من الدوران . . . فيقول : عند من كنتم ؟ فنقول : عند فلان . . فيقول : طبل مخرق , ويقول : عند من ؟ فنقول : عند فلان . فيقول : طير طيار , ويقول : عند من ؟ فنقول : عند فلان . فيقول : دف . . . وكان يخرج إلينا شيئا فنأكله , قال : فقلنا يوماً : لا يخرج إليكم الأعمش شيئا إلا أكلتموه . . . قال : فاخرج إلينا فأكلنا , واخرج فأكلنا , فدخل فاخرج فتيتاً فشربنا , فدخل فاخرج إجانة صغيرة وقتاً . . . فقال : فعل الله بكم وفعل , أكلتم قوتي , وقوت امرأتي , وشربتم فتيتها , كلوا , هذا علف الشاة . . . قال : فمكثنا ثلاثين يوماً لا نكتب فزعاً منه , حتى كلمنا إنسانا عطاراً كان يجلس إليه حتى كلمه " . 13 حرصه ـ رحمه الله ـ في رواية الأحاديث مما عرف به الإمام الأعمش ـ رحمه الله ـ أنه كان حريصاً جداً في رواية الأحاديث . . . حتى كان بعض تلاميذه يحتالون عليه لكي يأخذوا منه الأحاديث . . وليس ذلك ضناً منه في الرواية ، ولا كتماناً منه للعلم . . . إنما هو درس منه لطلابه ومريديه , لكي يعظموا رواية الحديث عن النبي , وأن يعلموا أن هذا العلم علم نفيس وغالي ، لذلك وجب علي كل من أراد أن يتعلمه أن يصبر عليه ، وأن يتحمل مشاقه . . . وكأنه أراد ـ رحمه الله ـ أن يقول : أن ما أخذ بالقوة ، يحافظ عليه من أخذه , ولا يفرط فيه . . . . ولذلك كان ـ رحمه الله ـ يقول : " لا تنثروا اللؤلو تحت أظلاف الخنازير " , أي : العلم والحديث . وعن سفيان بن حسين قال : " خرج الأعمش إلى بعض السواد , فأتاه قوم فسألوه عن الحديث ، قال : فقال له جلساؤه : لو حدثت هؤلاء المساكين ؟ فقال ، من يعلق الدر على الخنازير ؟! " . وعن ابن إدريس : عن الأعمش قال : جلست إلى إياس بن معاوية بواسط فذكر حديثاً فقلت : من ذكر هذا ؟ فضرب لي مثل رجل من الخوارج . فقلت : أتضرب لي هذا المثل ، تريد أن أكنس الطريق بثوبي ، فلا أمر ببعرة ولا خنفس إلا حملتها ؟ . 14 وعن عيسى بن يونس : " أرسل الأمير عيسى بن موسى إلى الأعمش بألف درهم وصحيفة ليكتب فيها حديثاً . . . فكتب فيها : بسم الله الرحمن الرحيم , قل هو الله أحد ، ووجه بها إليه . . . فبعث إليه : يا ابن الفاعلة ، ظننت أني لا أحسن كتاب الله ؟ . فبعث إليه : أظننت أني أبيع الحديث ؟ .15 ومن الحيل التي فعلها بعض تلاميذه لكي يأخذوا الحديث منه ـ رحمه الله ـ . ما أورده الإمام الذهبي في " السير " : عن أبو خالد قال : كنا عند الأعمش فسألوه عن حديث . . . . فقال لابن المختار : ترى أحدا من أصحاب الحديث هنا ؟ فغمض عينيه وقال : ما أرى أحدا يا أبا محمد . . . . فحدث به . وكان والد وكيع وهو " الجراح بن مليح " , على بيت المال ، فلما أتاه وكيع ليأخذ قال له : ائتني من أبيك بعطائي حتى أحدثك بخمسة أحاديث . وروى علي بن عثام بن علي ، عن أبيه قال : قيل للأعمش : ألا تموت فنحدث عنك ؟ فقال : كم من حب ـ جرة ـ أصبهاني قد انكسر على رأسه كيزان كثيرة . عن أبي عوانة قال : أعطيت امرأة الأعمش خمارا . . . فكنت إذا جئت ، أخذت بيده ، فأخرجته إلي . . . فقلت له : إن لي إليك حاجة . . . قال : ما هي ؟ قلت : إن لم تقضها فلا تغضب علي . . . قال : ليس قلبي في يدي . . قلت : أمل علي ـ أى : اكتب لي الأحاديث ـ . قال : لا أفعل . . . . وخرج به أحد طلابه في جنازة ، فلما رجع عدل به ، فلما أصحر ـ ابتعد ـ قال : أتدري أين أنت ؟ أنت في جبانة كذا . . . . ولا أردك حتى تملا ألواحي حديثا . . . . قال : اكتب . . . فلما ملا الألواح رده . . فلما دخل الكوفة دفع ألواحه لإنسان . . . فلما أن انتهى الأعمش إلى بابه ، تعلق به وقال : خذوا الألواح من الفاسق . فقال : يا أبا محمد قد فات . فلما أيس منه ، قال : كل ما حدثتك به كذب . قال : أنت أعلم بالله من أن تكذب . وقال عبد الله بن إدريس : قلت للأعمش : يا أبا محمد ، ما يمنعك من أخذ شعرك ؟ قال : كثرة فضول الحجامين . . . . قلت : فأنا أجيئك بحجام لا يكلمك حتى تفرغ . . . فأتيت جنيداُ الحجام ، وكان محدثاً ، فأوصيته . . . فقال : نعم . . . فلما أخذ نصف شعره قال : يا أبا محمد ، كيف حديث حبيب بن أبي ثابت في المستحاضة ؟ فصاح صيحة ، وقام يعدو . وبقي نصف شعر بعد شهر غير مجزوز . 16 خفه ظله ـ رحمه الله ـ علي الرغم من علم هذا الإمام الغزير ، وعلو قدره بين الناس , وعلو شأنه ، إلا أنه كان ـ رحمه الله ـ مزاحاً ، خفيف الظل ، له دعابه . . . حتى عرف بهذا بين الناس . . . فامتلأت الكتب بكثير من دعاباته ومزاحه . . . ولكن هذا لا يقلل من شأنه ـ رحمه الله ـ . . . فهو وإن كان كثير المزاح ، فإن مزاحه كان لا يتعدى حدود الشريعة , ولا حدود المسموح به . . . فعن خالد الأحمر : عن الأعمش قال : " بلغني أن الرجل إذا نام حتى يصبح ـ يعني لم يصل- توركه الشيطان , فبال في أذنه . . . وأنا أرى أنه قد سلح في حلقي الليلة ، وذلك أنه كان يسعل " . 17 وعن أبي بكر بن عياش قال : " رأيت الأعمش يلبس قميصاً مقلوباً ويقول : الناس مجانين يجعلون الخشن مقابل جلودهم " . وقيل : " إن الأعمش كان له ولد مغفل فقال له : اذهب فاشتر لنا حبلاً للغسيل . . . فقال : يا أبة طول كم ؟ قال : عشرة أذرع . قال : في عرض كم ؟ قال : في عرض مصيبتي فيك " .18 وقيل : " إنه لبس مرة فروا مقلوباً . . . فقال له قائل : يا أبا محمد , لو لبستها وصوفها إلى داخل كان أدفأ لك . . . قال : كنت أشرت على الكبش بهذه المشورة " .19 . وعن مندل بن علي قال : " خرج الأعمش ذات يوم من منزله بسحر , فمر بمسجد بني أسد وقد أقام المؤذن الصلاة , فدخل يصلي , فافتتح إمامهم البقرة في الركعة الأولى . . ثم قرأ في الثانية آل عمران , فلما انصرف قال له الأعمش : أما تتقي الله ؟! أما سمعت رسول الله يقول : " من أم الناس فليخفف فان خلفه الكبير والضعيف وذا الحاجة " . فقال الإمام : قال الله تعالى : { وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين}. فقال الأعمش : فأنا رسول الخاشعين إليك أنك ثقيل " . 20 عن العباس بن يزيد قال : " أهدى رجل إلى الأعمش بطيخة , فلما أصبح جلس الأعمش فقال له الرجل : يا أبا محمد ! كيف كانت البطيخة ؟ قال : طيبة . . . ثم عاد ثانية , فقال : طيبة . . . ثم عاد الثالثة فقال الأعمش : إن كففت عني وإلا تقيأتها " . 21 وعن يحيى قال : " دخل محمد بن إسحاق على الأعمش ، فكلموه فيه ونحن قعود ، ثم خرج الأعمش وتركه في البيت . فلما ذهب قال الأعمش : قلت له : شقيق ، فقال ، قل : أبو وائل ، قال : وقال ، زودني من حديثك حتى آتي به المدنية. قال : قلت : صار حديثي طعاما " .22 وعن أبو خالد : ذكر الأعمش حديث : " ذاك بال الشيطان في أذنه " . فقال : ما أرى عيني عمشت , إلا من كثرة ما يبول الشيطان في أذني . . . قال أبو خالد : وما أظنه فعل هذا قط . قلت ـ الذهبي ـ : يريد أن الأعمش كان صاحب ليل وتعبد " . 23 وقال ابن خلكان : " وجرى بينه وبين زوجته كلام ، وكان يأتيه رجل يقال له : أبو ليلى " مكفوف " , فصيح , يتكلم بالإعراب , يتطلب الحديث منه ، فقال : يا أبا ليلى ، امرأتي نشزت علي , وأنا أحب أن تدخل عليها فتخبرها مكاني من الناس وموضعي عندهم . . . فدخل عليها وكانت من أجمل أهل الكوفة فقال : يا هنتاه إن الله قد أحسن قسمك ، هذا شيخنا وسيدنا , وعنه نأخذ أصل ديننا , وحلالنا فلا يغرنك عموشة عينيه , ولا حموشة ساقيه . . . فغضب الأعمش وقال : يا أعمى يا خبيث ، أعمى الله قلبك كما أعمى عينيك ، قد أخبرتها بعيوبي كلها , اخرج من بيتي" . 24 وقيل : إن أبا داود الحائك سأل الأعمش : ما تقول يا أبا محمد في الصلاة خلف الحائك ؟ فقال : لا بأس بها على غير وضوء . قال : وما تقول في شهادته ؟ قال : يقبل مع عدلين . 25 وقال عيسى بن يونس : " أتى الأعمش أضياف ، فأخرج إليهم رغيفين ، فأكلوهما. . . فدخل فأخرج لهم نصف حبل قت ، فوضعه على الخوان ، وقال : أكلتم قوت عيالي , فهذا قوت شاتي فكلوه " .26 وعن سفيان قال : " جاء شبيب بن شيبة , وأصحاب له إلى الأعمش , فنادوه على بابه : يا سليمان اخرج إلينا . . فقال الأعمش من داخل : من أنتم ؟ قالوا : نحن من الذين ينادونك من وراء الحجرات . . فقال الأعمش من داخل : أكثرهم لا يعقلون " .27 وأراد إبراهيم النخعي ـ وكان أعورـ أن يماشيه فقال الأعمش : إن الناس إذا رأونا معاً قالوا : أعور وأعمش . . قال النخعي : وما عليك أن نؤجر ويأثموا . . فقال له الأعمش : وما عليك أن يسلموا ونسلم " .28 وقال عيسى بن يونس : خرج الأعمش فإذا بجندي ، فسخره ليخوض به نهرا . . . فلما ركب الجندي الأعمش قال : { سبحان الذي سخر لنا هذا } . فلما توسط به الأعمش قال : { وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين } المؤمنون : 29 , ثم رمى به .29 وقيل : " جاء رجل يطلبه في منزله , ووصل وقد خرج مع امرأته إلى المسجد , فجاء فوجدهما في الطريق فقال : أيكما الأعمش ؟ . فقال الأعمش : هذه ، وأشار إلى المرأة " . وعن محمد بن عبيد قال : " جاء رجل نبيل كبير اللحية إلى الأعمش ، فسأله عن مسألة خفيفة في الصلاة ، فالتفت إلينا الأعمش فقال : انظروا إليه ! لحيته تحتمل حفظ أربعة آلاف حديث ، ومسألته مسألة صبيان الكتاب " .30 زهده ـ رحمه الله ـ قال ابن عيينة ـ رحمه الله ـ : " رأيت الأعمش لبس فرواً مقلوبا ، وبتا تسيل خيوطه على رجليه " . وقال نعيم بن حماد ـ رحمه الله تعالي ـ : حدثنا ابن عيينة قال : " لو رأيت الأعمش , وعليه فرو غليظ وخفان أظنه قال : غليظان ، كأنه إنسان سائل ـ فقير ـ " .31 وعن حميد بن عبد الرحمن : عن الأعمش قال : استعان بي مالك بن الحارث في حاجة ، فجئت في قباء مخرق . . . فقال لي : لو لبست ثوباً غيره . . فقلت : امش فإنما حاجتك بيد الله . . . قال : فجعل يقول في المسجد : ما صرت مع سليمان إلا غلاماً "32 شجاعته ـ رحمه الله ـ قال أبو معاوية الضرير : بعث هشام بن عبد الملك إلى الأعمش , أن اكتب لي مناقب عثمان ومساوئ علي . . فأخذ الأعمش القرطاس , وأدخلها في فم شاة فلاكتها . . وقال لرسوله : قل له : هذا جوابك ! فقال له الرسول : إنه قد آلى أن يقتلني إن لم آته بجوابك , وتحمل عليه بإخوانه ـ طلب من أصحابه ـ ، فقالوا له : يا أبا محمد , افتده من القتل . . . فلما ألحوا عليه كتب له : " بسم الله الرحمن الرحيم ، أما بعد يا أمير المؤمنين ، فلو كانت لعثمان مناقب أهل الأرض ما نفعتك ، ولو كانت لعلي مساوئ أهل الأرض ما ضرتك . . فعليك بخويصة نفسك ، والسلام " .33 عن أبو مسلم قال : حدثني أبي قال : هاجت فتنة بالكوفة , فعمل الحسن بن حيي طعاماً كثيراً , ودعا قراء أهل الكوفة , فكتبوا كتاباً يأمرون فيه بالكف , وينهون عن الفتنة , فدعوه فتكلم بثلاث كلمات , فاستغنوا بهن عن قراءة ذلك الكتاب . . . فقال : رحم الله امرأ ملك لسانه , وكف يده , وعالج ما في صدره فتتفرقوا . 34 ونلاحظ من القصة الأولي : مدى شجاعة الإمام الأعمش ـ رحمه الله ـ . . . ويتضح ذلك في رده علي " هشام بن عبد الملك " . . . ومن هو " هشام بن عبد الملك " ؟ إنه خليفة المسلمين ، وقائد الجيوش الإسلامية . . . . فكيف يرد جوابه بهذا الشكل المستفز ؟ والجواب : أنها الثقة بالله تعالي ، والإيمان به عز وجل . . . فالإمام ـ رحمه الله ـ كان لا يخشى في الله لومة لائم , فلا يستغرب عليه فعل ذلك الأمر مع أي أحد , مهما كان مركزه . . . . عبادته ـ رحمه الله ـ قال وكيع بن الجراح : " كان الأعمش ، قريباً من سبعين سنة ، لم تفته التكبيرة الأولى . . واختلف إليه قريباً من ستين , فما رأيته يقضي ركعة . .35 وقال عبد الله الخريبي : " ما خلف الأعمش أعبد منه " . 36 وعن يحيى القطان قال : " إذا ذكر الأعمش قال : كان من النساك . . . وكان محافظاً على الصلاة في جماعة . . . وعلى الصف الأول . . . وهو علامة الإسلام " .37 عن عبد الرزاق قال : " أخبرني بعض أصحابنا : أن الأعمش قام من النوم لحاجة , فلم يصب ماء . . . فوضع يده على الجدار فتيمم , ثم نام . . . فقيل له في ذلك . . . قال : أخاف أن أموت على غير وضوء .38 وفاته ـ رحمه الله ـ قال أبو عوانة ، وعبد الله بن داود : " مات الأعمش سنة سبع وأربعين ومئة " . وقال وكيع والجمهور : " سنة ثمان " . زاد أبو نعيم : " في ربيع الأول , وهو ابن ثمان وثمانين سنة " .39 وعن أبو خالد الأحمر قال : " أتيت منزل الأعمش بعد موته فقلت أين أنت يا عميرة ؟ ـ امرأة الأعمش ـ . . . أين أنت يا هوذا ؟ ـ ابنة الأعمش ـ . . . أين غطاريف العرب الذين كانوا يأتون هذا المجلس " .40 وعن عبد الله بن إدريس قال : " أتيت باب الأعمش بعد موته فدققت الباب . . . فقيل : من هذا ؟ فقلت : بن إدريس . . . فأجابتني امرأة يقال لها " برزة " , هاى هاى يا عبد الله بن إدريس , ما فعلت جماهير العرب التي كانت تأتي هذا الباب " . وعن هشام الرازي قال : سمعت جريراً يقول : رأيت الأعمش بعد موته في منامي . . . فقلت : أبا محمد كيف حالكم ؟ قال : نجونا بالمغفرة والحمد لله رب العالمين . 41 1أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 2/228 2 أنظر : " تاريخ بغداد " للخطيب البغدادي 9/5 3 أنظر : " وفيات الأعيان " لابن خلكان 2/403 4 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 6/228 5" سير أعلام النبلاء " للذهبي 6/232 6 " سير أعلام النبلاء " 6/234 7 " الطبقات الكبرى " لابن سعد 6/343 8" سير أعلام النبلاء " 6/235 9 " سير أعلام النبلاء " 6/235 10" سير أعلام النبلاء " 6/246 11" الحلية " لأبي نعيم 5/48 12 " تاريخ بغداد " للخطيب البغدادي 9/10 13" تاريخ بغداد " للخطيب البغدادي 9/11 14 أنظر : " سير أعلام النبلاء " 6/230 15 " سير أعلام النبلاء " 6/237 16أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي , من 6/234 إلى 6/238 . 17 " سير أعلام النبلاء " 6/231 18" سير أ علام النبلاء " 239 19 " سير أعلام النبلاء " 6/244 20 " الحلية " لأبي نعيم 5/53 21 أنظر : " ذم الثقلاء " ص:(56) 22 " سير أعلام النبلاء " 6/232 23 " سير أعلام النبلاء " 6/232 24 " وفيات الأعيان " لابن خلكان 2/401 25" سير أعلام النبلاء " 6/234 26 " سير أعلام النبلاء " 6/237 27 " الحلية " 5/54 28" وفيات الأعيان " لابن خلكان 2/401 29 " سير أعلام النبلاء " 6/238 . 30" سير أعلام النبلاء " 6/238 . 31 أنظر: " سير أعلام النبلاء " 6/229 32 " سير أعلام النبلاء " 6/228 33 " وفيات الأعيان " لابن خلكان 2/403 34 أنظر : " الثقات " للعجلي 1/433 35 " الحلية " لأبي نعيم 5/49 36 " سير أعلام النبلاء " 6/228 37 " سير أعلام النبلاء " 6/232 38 " الحلية " لأبي نعيم 5/49 39 أنظر : " سير أعلام النبلاء " 6/247 40" تاريخ بغداد " للخطيب البغدادي 9/12 41أنظر : " تاريخ بغداد " للخطيب البغدادي 9/12 | |
|