موقع فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ
مرحبا بكم في منتدي فرع الجمعية الشرعية بقرية
البطاخ التابع لمحافظة سوهاج
يسعدنا انضمامكم لنا عبرسجيلكم فى المنتدى
منتدى فرع الجمعية الشرعية بالبطاخ
مع تحيات مدير المنتدى
مشرف الدعوة بالفرع
موقع فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ
مرحبا بكم في منتدي فرع الجمعية الشرعية بقرية
البطاخ التابع لمحافظة سوهاج
يسعدنا انضمامكم لنا عبرسجيلكم فى المنتدى
منتدى فرع الجمعية الشرعية بالبطاخ
مع تحيات مدير المنتدى
مشرف الدعوة بالفرع
موقع فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ هو أحد فروع الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية بمحافظة سوهاج
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
مرحبا بكم فى منتدي فرع الجمعية الشرعية بالبطاخ ساهموا فى نشر موقعنا
نسأل الله تعالى أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل
صلي الله على محمد صلي الله عليه وسلم
اللهم أعنا على رضاك حتى ترضي رضاءاً ليس بعده سخط ولا غضب
جميع حقوق الطبع والنشر والتوزيع والتصوير لأي كتاب موجود في المنتدي متااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااح بشرط دعوة صالحة بظهر الغيب
أرجو من كل من استفاد أو تعلم شيئاً من المنتدي أن لا ينسانا من صالح دعائه
نعدكم بإذن الله في كل زيارة لنا بالجديد وبالمفيد
بشري سارة لكل طلاب العلم : تم افتتاح ركن في منتدي فرع الجمعية الشرعية بالبطاخ للإجازات الشرعية المسندة لكل الراغبين في إجازة علمية بالسند مجاناً
هاااااااام جدا لمن لا يعلم :قد تظهر إعلانات على المنتدي بها صور نساء وهي لا تخص المنتدي بل هي تابعة لشركة جوجل ولا يمكن وقفها .

 

 سير أعلام السلف " سفيان الثوري ـ رحمه الله ـ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

سير أعلام السلف " سفيان الثوري ـ رحمه الله ـ Empty
مُساهمةموضوع: سير أعلام السلف " سفيان الثوري ـ رحمه الله ـ   سير أعلام السلف " سفيان الثوري ـ رحمه الله ـ I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 27, 2013 6:31 pm

سفيان الثوري
( 97 - 161 هـ = 716 - 778 مـ )
أحد أعلام الأمة المحمدية . . . .
العالم الرباني الجليل . . .
العابد ، الناسك ، الزاهد . . . .
قدوة العلماء ، وأمير الفقهاء . . . .
العلامة ، المحدث , الثقة . . . .
قال عنه أبي نعيم :
ومنهم الإمام المرضي , والورع الدري , أبو عبد الله سفيان بن سعيد الثوري ـ رحمه الله ـ . . .
كانت له النكت الرائقة , والنتف الفائقة . . . .
مُسلم له في الإمامة , ومثبت به الرعاية . . .
العلم حليفه ، والزهد أليفه . . . . 1
وأنا أسطر هذه الصفحات ، عن هذا العالم الجليل ، وجدت شيئاً ملفتاً . . . .
قلت : من هذا الذي لا توجد منقبة من المناقب ، إلا وله فيها نصيب. . . .
من هذا الذي إذا ذكر العلم ، كان هو الأعلم . . . .
وإذا ذكرت العبادة والاجتهاد , كان هو الأسبق . . .
وإذا ذكرت الشجاعة ، كان هو الأشجع . . . .
وإذا ذكر الخوف والخشية من الله عز وجل ، كان هو المقدم في ذلك ، والذي وصل خوفه من الله تعالي أنه كان يبول دماً . . . .
سبحان الله ، قد يقول البعض : لعلك تبالغ شيئاً قليلاً . . . .
فأقول لهم : بيني وبينكم هذه الترجمة لهذا الإمام . . . .
بعد أن تطلعوا عليها ، احكموا علي هذا الرجل بأنفسكم . . . . .
أسال الله تعالي أن يحشرنا في زمرته يوم القيامة ، إنه ولي ذلك والقادر عليه . . .
.    

شئ من سيرته ـ رحمه الله ـ
هو : سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبد الله بن موهبة بن أبي بن عبد الله بن منقذ بن نصر بن الحارث بن ثعلبة بن عامر بن ملكان بن ثور بن عبد مناة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار , ويلقب بسفيان الثوري . . .
ويكنى أبا عبد الله . . .
قال محمد بن سعد :
قال محمد بن عمر : ولد سفيان سنة سبع وتسعين في خلافة سليمان بن عبد الملك .
وقال الإمام الذهبي :
ولد سنة سبع وتسعين اتفاقاً ، وطلب العلم وهو حدث ـ صغير ـ باعتناء والده المحدث الصادق : " سعيد بن مسروق الثوري " ، وكان والده من أصحاب الشعبي ، وخيثمة بن عبد الرحمن ، ومن ثقات الكوفيين ، وعداده في صغار التابعين .
روى له الجماعة الستة في دواوينهم ، وحدث عنه أولاده ومنهم سفيان الإمام ، وعمر ، ومبارك , وحدث عنه شعبة بن الحجاج ، وزائدة، وأبو الأحوص، وأبو عوانة، وعمر بن عبيد الطنافسي ، وآخرون . 2
قال يحيي ابن معين :
بلغني أن سفيان الثوري , و شريكاً، وإسرائيل ، وفضيل بن عياض ، وغيرهم من فقهاء الكوفة ولدوا بخراسان ، كان يُبعث بآبائهم في البعوث ، ويتسرى بعضهم ، ويتزوج بعضهم ، فلما قفلوا نقلوهم إلى الكوفة ، ومسروق جد الثوري ، شهد الجمل مع علي .3
وعن عبد الرحمن قال :
سمعت وكيعاً يقول : قالت أم سفيان الثوري لسفيان : يا بني إذا كتبت عشرة أحرف فأنظر هل ترى في نفسك زيادة في خشيتك وحلمك ووقارك , فإن لم تر ذلك فأعلم أنها تضرك ولا تنفعك .
وقال وكيع :
قالت أم سفيان لسفيان : يا بني أطلب العلم , وأنا أكفيك بمغزلي .4
قلت : سبحان الله العظيم ، تأمل معي أخي القارئ هذا الكلام الذي قالته أم سفيان الثوري لسفيان . . .
و لننظر للمرأة القدوة , التي أثبتت كيف تكون المسلمة المتميزة الأسوة , إنها أمه ..
شريكته في الفضل , فلها فضل بعد الله تعالى على الأمة كلها جزاها الله خيراً .
فهي من أسس و ربى , ووجه وصبر ...
فهمت الإسلام كرسالة , و وهبت نفسها و ابنها للحق كقضية و أمانة . . .
إنها سيدة بحق !
ولله در القائل :
يا أخت أنت رعاك الله عدتنـا لخلق جيل قويّ غير مشبوه
فلقني طفلك الإسلام فهو لـــه كالمنهل العذب ما ينفكّ يرويـه
   
علمه ـ رحمه الله ـ
كما قلنا في المقدمة ، اشتهر الإمام سفيان الثوري أنه لا توجد منقبة إلا وله فيها نصيب . . . .
ولعل ما وصل إليه الإمام سفيان الثوري من العلم والحفظ والدراية من أهم هذه المناقب التي تحلي بها ، والتي فاق بها علي أقرانه في زمانه من جهابذة العلماء والنقاد ، ومن بعدهم .
حتى لقب ـ رحمه الله ـ بأمير المؤمنين في الحديث . . . .
وأمير المؤمنين في الحديث هو : من أحاط علما بأغلب الأحاديث حتى لا يفوته منها إلا اليسير.
ولقد انتهي علمه ـ رحمه الله ـ إلى الدرجة التي قال عنها بعض العلماء : أنه أعلم من الإمام مالك ، وأبو حنيفة . ..
عن عبد الرحمن بن مهدي قال
" ما رأيت أعقل من مالك . . .
ولا رأيت أعلم من سفيان . . . " . 5
وقال ابن مهدي :
" كان وهيب يقدم سفيان في الحفظ على مالك "6 .
وقال محمد بن زنبور :
سمعت الفضيل يقول : " كان سفيان - والله - أعلم من أبي حنيفة "
وقال ابن راهويه :
سمعت عبد الرحمن بن مهدي ذكر سفيان ، وشعبة ، ومالكاً ، وابن المبارك ، فقال : " أعلمهم بالعلم سفيان " . 7
قال يحيى القطان :
" سفيان الثوري فوق مالك في كل شئ " .8
وقال سفيان بن عيينة ـ رحمه الله ـ :
" كان سفيان الثوري كان العلم ممثل بين عينيه . . .
يأخذ منه ما يريد ، ويدع ما لا يريد " .9
و قال شعبة وابن عيينة :
" سفيان الثوري أمير المؤمنين في الحديث " 10.
وعن عبد الرحمن بن مهدى قال :
" الناس على وجوه : فمنهم من هو إمام في السنة إمام في الحديث ومنهم من هو إمام في السنة وليس بإمام في الحديث . . .
ومنهم من هو إمام في الحديث ليس بإمام في السنة . . .
فأما من هو إمام في السنة وإمام في الحديث فسفيان الثوري " . 11
وعن إسحاق بن حفص قال :
" قيل لإسماعيل بن إبراهيم : كان شعبة أكثر علماً أو سفيان . .
فقال : ما علم شعبة عند علم سفيان إلا كتفلة في بحر " .12
وعن بن زياد قال :
" سئل احمد بن حنبل قيل له : سفيان الثوري كان احفظ , أو بن عيينة ؟
فقال : كان الثوري أحفظ وأقل الناس غلطاً . .
وأما بن عيينة فكان حافظاً , إلا انه كان إذا صار في حديث الكوفيين كان له غلط كثير " . 13
وعن المبارك بن سعيد قال :
" رأيت عاصم بن أبى النجود يجيء إلى سفيان يستفتيه , ويقول : يا سفيان ! أتيتنا صغيراً , واتيناك كبيراً " . 14
وعن ابن المبارك قال :
" كنت إذا اعيانى الشيء , أتيت سفيان أساله , فكأنما أغتمسه من بحر " . 15
وعن ابن حميد قال :
سمعت مهران الرازي يقول : كتبت عن سفيان الثوري أصنافه . .
فضاع مني كتاب الديات ، فذكرت ذلك له . . .
فقال : إذا وجدتني خالياً فاذكر لي حتى أمله عليك .
فحج ، فلما دخل مكة ، طاف بالبيت ، وسعى ، ثم اضطجع فذكرته فجعل يملي علي الكتاب ، باباً في إثر باب ، حتى أملاه جميعه من حفظه .16
وعن الفضيل بن عياض قال :
" إن هؤلاء أشربت قلوبهم حب أبي حنيفة، وأفرطوا فيه ، حتى لا يرون أن أحداً كان أعلم منه . . .
كما أفرطت الشيعة في حب علي . . .
وكان والله سفيان أعلم منه " . 17
وعن الأشجعي قال :
" دخلت مع سفيان الثوري على هشام بن عروة , فجعل سفيان يسأل وهشام يحدثه . . .
فلما فرغ قال ـ سفيان ـ : أعيدها عليك ؟
قال : نعم , فأعادها عليه , ثم خرج سفيان وأذن لأصحاب الحديث وتخلفت معهم , فجعلوا إذا سألوه أرادوا الإملاء , فيقول : احفظوا كما حفظ صاحبكم . .
فيقولون : لا نقدر نحفظ كما حفظ " . 18
وقال على بن المديني :
" أصحاب عبد الله ـ يعنى بن مسعود ـ ستة الذين يقرءون ويفتون ومن بعدهم أربعة , ومن بعد هؤلاء سفيان الثوري , كان يذهب مذهبهم , ويفتى بفتواهم , وكان أعلم الناس بأبي إسحاق والأعمش بحديثهم وطريقتهم " .
وقال أيضاً :
" نظرت فإذا الإسناد يدور على ستة : الزهري , وعمرو بن دينار وقتادة , ويحيى بن أبى كثير , وأبو إسحاق , والأعمش . . .
ثم صار علم هؤلاء الستة من أهل الكوفة إلى سفيان الثوري " . 19
وعن زيد بن الحباب قال :
" سمعت سفيان الثوري , وسأله شيخ عن حديث فلم يجبه , قال فجلس الشيخ يبكي , فقام إليه سفيان فقال : يا هذا ! تريد ما أخذته في أربعين سنة , أن تأخذه أنت في يوم واحد " . 20
ولقد كان سفيان الثوري حريصاً عي طلب العلم , حتى عند وفاته ـ رحمه الله ـ .
عن الحسين بن الحسن الحناط قال :
" سمعت فرقداً إمام مسجد البصرة يقول : دخلوا على سفيان الثوري في مرضه الذي مات فيه , فحدثه رجل بحديث فأعجبه , وضرب
يده إلى تحت فراشه , فأخرج ألواحاً له فكتب ذلك الحديث .
فقالوا له : على هذه الحال منك . . .
فقال : إنه حسن إن بقيت , فقد سمعت حسناً . . .
وإن مت فقد كتبت حسناً " . 21
   
خوفه من الرياء ـ رحمه الله ـ
علي الرغم من ما وصل إليه الإمام " سفيان الثوري " رحمه الله من العلم ، إلا إنه كان شديد الخوف من الرياء . . . .
شديد الوجل من هذا العلم الذي بين جنبيه . . . .
فهو موقن أنه سوف يسأل عن هذا العلم . . . .
فلا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن علمه . . . .
فكيف لا يخاف ويوجل ، وهو سوف يسأل . . . .
ولو دل ذلك ، إنما يدل علي ورع وتقوي شديدين كانتا للإمام ـ رحمه الله ـ
فعن عبد الرحمن قال :
" سمعت سفيان يقول : ما من عملي شيء أنا أخوف منه من هذا يعنى الحديث " .
وعن قبيصة قال :
" سمعت سفيان يقول : وددت أنى نجوت من هذا العلم كفافاً , لا لي ولا على " . 22
وعن المعافى قال :
" سمعت سفيان الثوري يقول : لوددت أن كل حديث في صدري نسخ من صدري . . .
فقلت : يا أبا عبد الله هذا العلم الصحيح , وهذه السنة الواضحة تتمنى أن ينسخ من صدرك . . . .
قال : اسكت , أتريد أن أوقف يوم القيامة حتى أسأل عن كل مجلس جلسته , وعن كل حديث حدثته أي شيء أردت به " .23
   
أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر
عن الوليد بن شجاع ابن الوليد قال :
" قال أبي : كنت أخرج مع سفيان الثوري , فما يكاد لسانه يفتر عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ذاهباً وراجعاً " . 24
وعن عبد الرحمن بن مصعب قال :
" كان رجل ضرير يجالس سفيان الثوري , فإذا كان شهر رمضان يخرج إلى السواد فيصلي بالناس , فيكسى ويعطى . .
فقال سفيان : إذا كان يوم القيامة أثيب أهل القرآن من قراءتهم , ويقال لمثل هذا : قد تعجلت ثوابك في الدنيا . . .
فقال : يا أبا عبد الله تقول لي هذا وأنا جليسك . . .
قال : أخاف أن يقال لي يوم القيامة كان هذا جليسك أفلا نصحته" 25
وعن الوليد بن مسلم :
" عن سفيان الثوري قال : لا يأمر السلطان بالمعروف إلا رجل عالم بما يأمر , عالم بما ينهى , رفيق فيما يأمر , رفيق فيما ينهى
عدل فيما يأمر , عدل فيما ينهى " . 26
وعن أحمد بن أبي الحواري :
" عن أخي محمد قال : مر شيخ من الكوفيين كان كاتباً لسفيان الثوري , فقال له سفيان : يا شيخ ولي فلان فكتبت له , ثم عزل وولي فلان فكتبت له , ثم عزل وولي فلان فكتبت له , وأنت يوم القيامة أسوأهم حالاً , يدعى بالأول فيسأل , ويدعى بك فتسأل معه عما جرى على يدك له , ثم يذهب وتوقف أنت حتى يدعى بالآخر فيسأل وتسأل أنت عما جرى على يدك له , ثم يذهب , وتوقف أنت حتى يدعى بالآخر فأنت يوم القيامة أسوأهم حالاً .
قال : فقال الشيخ : فكيف أصنع يا أبا عبد الله بعيالي ؟
فقال سفيان : اسمعوا هذا يقول إذا عصى الله رزق عياله , وإذا أطاع الله ضيع عياله , قال : ثم قال سفيان : لا تقتدوا بصاحب عيال فما كان عذر من عوتب إلا أن قال عيالي " .27
   
شجاعته ـ رحمه الله ـ ونصائحه للملوك
ومن المناقب التي تعد للإمام سفيان الثوري ـ رحمه الله ـ شجاعته ، وجهاده في سبيل الله . . .
فكان ـ رحمه الله ـ لا يخشى في الله لومة لائم . . . .
فكان يصدع بالحق أمام كل متكبر جبار . . . .
فعن شعيب بن حرب قال :
" كان سفيان الثوري وسليمان الخواص بمنى , فقال : امض بنا إلى هذا ـ يعني الخليفة ـ حتى نأمره . . .
فدخل سفيان فقال له : أدنه . . .
فقال : لا أطأ على ما لا تملك . . .
قال : يا غلام أدرج , فأدرج البساط . .
فقال له سفيان : كم أنفقت في حجتك ؟
قال : لا ادري . . .
قال : لكن عمر بن الخطاب  انفق ستة عشر ديناراً , وقال : أجحفنا ببيت المال , وأنت قد أنفقت الأموال . . .
فقال له أبو عبيد الله : شطت ـ تعديت ـ , تكلم أمير المؤمنين بمثل هذا . . .
فقال له سفيان : اسكت ما اهلك فرعون إلا هامان . . .
فلما ولي سفيان قال : يا أمير المؤمنين ائذن لي اضرب عنقه . .
فقال له : اسكت , ما بقى على وجه الأرض من يستحيا منه غير هذا " .28
وعن مفضل بن مهلهل قال :
" خرجت حاجاً مع سفيان , فلما صرنا إلى مكة وافقنا الأوزاعي بها فاجتمعنا في دارنا , الأوزاعي وسفيان الثوري . . .
قال : وكان على الموسم عبد الصمد بن على الهاشمي , فدق داق الباب , قلنا : من هذا ؟
قال : الأمير , فقام الثوري فدخل المخرج , وقام الأوزاعي فتلقاه فقال له عبد الصمد بن على : من أنت أيها الشيخ ؟
قال : أنا أبو عمرو الأوزاعي . . .
قال : حياك الله بالسلام , أما إن كتبك كانت تأتينا , فكنا نقضى حوائجك , ما فعل سفيان الثوري ؟
قال : قلت : دخل المخرج , فدخل الأوزاعي في أثره فقال : إن هذا الرجل ما قصد إلا قصدك . . .
قال : فخرج سفيان مقطباً فقال : سلام عليكم , كيف أنتم ؟
فقال له عبد الصمد بن على : يا أبا عبد الله أتيتك اكتب هذه المناسك عنك . . .
قال له سفيان : ألا أدلك على ما هو انفع لك ؟
قال : وما هو ؟
قال : تدع ما أنت فيه . . .
قال : كيف اصنع بأمير المؤمنين أبى جعفر ؟
قال : إن أردت الله , كفاك الله أبا جعفر . .
فقال له الأوزاعي : يا أبا عبد الله إن هؤلاء قريش , وليس يرضون منا إلا بالإعظام لهم . . .
فقال له يا أبا عمرو : إنا ليس نقدر نضر بهم , فإنما نؤدبهم بمثل هذا الذي ترى . . .
قال المفضل : فالتفت إلى الأوزاعي فقال لي : قم بنا من ها هنا , فإني لا آمن أن يبعث هذا من يضع في رقابنا حبالاً , وارى هذا ما يبالي" . 29
وعن أبو مسلم قال :
حدثني أبى قال : دخل سفيان على المهدي فقال : السلام عليكم كيف أنتم أبا عبد الله ؟ , ثم جلس فقال : حج عمر بن الخطاب فانفق في حجته ستة عشر ديناراً , وأنت حججت فأنفقت في حجتك بيوت الأموال . . .
فقال : أي شيء تريد , أكون مثلك . . .
قال : فوق ما أنا فيه , ودون ما أنت فيه . . .
فقال وزيره أبو عبيد الله : يا أبا عبد الله , قد كانت كتبك تأتينا فننفذها . . .
قال : من هذا ؟
قال : أبو عبيد الله وزيري . . .
قال : احذره , فإنه كذاب , أنا كتبت إليك ؟
ثم قام فقال له المهدي : أين أبا عبد الله ؟
قال : أعود , وكان قد ترك نعله حين قام فعاد فأخذها ثم مضى فانتظره المهدي فلم يعد , قال : وعدنا إن يعود فلم يعد , قيل له : انه قد عاد لأخذ نعله . 30
وعن عبد الرزاق قال :
" قدمنا مكة , وقدمها الذي يقال له : المهدي , فحضرت الثوري وقد خرج من عنده وهو مغضب فقال : أدخلت آنفاً على بن أبى جعفر , فقال لي : يا أبا عبد الله طلبناك فأعجزتنا , فأمكننا الله منك في أحب المواضع إليه , فارفع إلينا حوائجك . . .
قال : فقلت : وأى حاجة تكون لي إليك , وأولاد المهاجرين وأولاد الأنصار يموتون خلف بابك جوعاً . . .
فقال لي أبو عبيد الله : يا أبا عبد الله لا تكثر الفضول واطلب حوائجك من أمير المؤمنين . . .
فقلت : مالي إليه من حاجة , لقد أخبرني إسماعيل بن أبى خالد أن عمر بن الخطاب حج فقال لصاحب نفقته : كم أنفقنا في حجنا هذا ؟
قال : اثنا عشر ديناراً , قال : أكثرنا أكثرنا , أو قال : أسرفنا أسرفنا , وعلى أبوابكم أمور لا تقوم لها الجبال الراسيات . . .
قال : فقال لي بن أبي جعفر : يا أبا عبد الله أفرأيت إن لم اقدر أن أوصل إلى كل ذي حق حقه فما اصنع ؟
قال : تفر بدينك , وتلزم بيتك , وتترك الأمر ومن يقدر أن يوصل إلى كل ذي حق حقه . . .
قال : فسكت وقال لي أبو عبيد الله : أراك تكثر الفضول إن كانت لك حاجه فاطلبها , وإلا فانصرف , قال : فانصرفت " . 31
وعن أبو الحسن بن إبراهيم البياضي قال :
" أخبرت أن أمير المؤمنين هارون الرشيد قال لزبيدة : أتزوج عليك ؟
قالت زبيدة : لا يحل لك أن تتزوج علي . . .
قال : بلى . .
قالت زبيدة : بيني وبينك من شئت . . .
قال : ترضين بسفيان الثوري ؟
قالت : نعم . .
قال : فوجه إلى سفيان الثوري فقال : إن زبيدة تزعم أنه لا يحل لي أن أتزوج عليها , وقد قال الله تعالى : { فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع } , ثم سكت . . .
فقال سفيان : تمم الآية , يريد أن يقرأ : { فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة } , وأنت لا تعدل , قال : فأمر لسفيان بعشرة آلاف درهم فأبى أن يقبلها " .32
وقال القعقاع بن حكيم :
" كنت عند المهدي وأتي بسفيان الثوري , فلما دخل سلم تسليم العامة ولَم يسلم بالخلافة , والربيع قائم علَى رأسه , متكئاً على سيفه يرقب أمره . . . فأقبل علَيه المهدي بوجه طلق وقال لَه : يا سفيان , تفر منا ههنا وههنا , وتظن لو أردناك بسوء لَم نقدر عليك ؟ , فقد قدرنا عليك الآن , أفما تخشى أن نحكم فيك بهوانا ؟
فقال سفيان : إن تحكم في يحكم فيك ملك قادر يفرق بين الحق والباطل !
فقال الربيع : يا أمير المؤمنين !
ألهذا الجاهل أن يستقبلك بمثل هذا ؟ ائذن لي أن أضرب عنقه !
فقال لَه المهدي : اسكت ويلك !
وهل يريد هذا وأمثاله أن نقتلهم فنشقى بسعادتهم ؟ اكتبوا عهده على قضاء الكوفة على أن لا يُعترض عليهِ !
فكتب عهده ودفع إليه فأخذه وخرج , فرمى به في دجلة وهرب فطلب في كل بلد فلم يوجد " .33
   
من مواعظه ـ رحمه الله ـ
كان له ـ رحمه الله ـ الكثير من المواعظ والخطب ، والتي ذكرها الإمام " أبي نعيم " في الحلية ، ونذكر في هذا الفصل شئ منها . . .
عن الفريابي قال :
كتب سفيان بن سعيد الثوري إلى عباد بن عباد فقال : " من سفيان بن سعيد إلى عباد بن عباد , سلام عليك , فإني احمد إليك الله الذي لا إله إلا هو , أما بعد :
فإني أوصيك بتقوى الله , فان اتقيت الله عز وجل كفاك الناس , وان اتقيت الناس لم يغنوا عنك من الله شيئاً . . .
سألت أن اكتب إليك كتاباً أصف لك فيه خلالاً تصحب بها أهل زمانك , وتؤدى إليهم ما يحق لهم عليك , وتسأل الله عز وجل الذي لك , وقد سألت عن أمر جسيم , الناظرون فيه اليوم المقيمون به قليل بل لا اعلم مكان أحد , وكيف يستطاع ذلك وقد كدر هذا الزمان انه ليشتبه الحق والباطل , ولا ينجو من شره إلا من دعا بدعاء الغريق فهل تعلم مكان أحد هكذا . . .
وكان يقال : يوشك أن يأتي على الناس زمان لا تقر فيه عين حكيم فعليك بتقوى الله عز وجل , والزم العزلة , واشتغل بنفسك , واستأنس بكتاب الله عز وجل , واحذر الأمراء وعليك بالفقراء والمساكين والدنو منهم , فان استطعت أن تأمر بخير في رفق فإن قبل منك حمدت الله عز وجل , وإن رد عليك أقبلت على نفسك فإن لك فيها شغلاً , واحذر المنزلة وحبها , فإن الزهد فيها أشد من الزهد في الدنيا . . . .
وبلغني أن أصحاب محمد  كانوا يتعوذون أن يدركوا هذا الزمان , وكان لهم من العلم ما ليس لنا , فكيف بنا حين أدركنا على قله علم وبصر , وقله صبر وقله أعوان على الخير , مع كدر من الزمان , وفساد من الناس . . . .
وعليك بالأمر الأول والتمسك به , وعليك بالخمول فإن هذا زمان خمول , وعليك بالعزلة وقلة مخالطة الناس فإن عمر بن الخطاب  قال : إياكم والطمع , فان الطمع فقر , واليأس غنى , وفي العزلة راحة من خلاط السوء . . .
وكان سعيد بن المسيب يقول : العزلة عباده , وكان الناس إذا التقوا انتفع بعضهم ببعض , فأما اليوم فقد ذهب ذلك , والنجاة في تركهم فيما نرى . . .
وإياك والأمراء والدنو منهم , وان تخالطهم في شيء من الأشياء وإياك أن تخدع فيقال لك : تشفع , فترد عن مظلوم أو مظلمة فإن تلك خدعه إبليس , وإنما اتخذها فجار القراء سلماً , وكان يقال اتقوا فتنة العابد الجاهل , وفتنة العالم الفاجر , فإن فتنتهما فتنه لكل مفتون وما كفيت المسألة والفتيا فاغتنم ذلك , ولا تنافسهم , وإياك أن تكون ممن يحب أن يعمل بقوله , وينشر قوله أو يسمع منه , وإياك وحب الرياسة , فإن من الناس من تكون الرياسة أحب إليه من الذهب والفضة , وهو باب غامض لا يبصره إلا البصير من العلماء السماسرة . . .
واحذر الرئاء , فإن الرئاء أخفى من دبيب النمل , فليكن الموت من شأنك ومن بالك , وأقل الأمل , وأكثر ذكر الموت , فإنك إن أكثرت ذكر الموت هان عليك أمر دنياك . . .
وقال عمر : أكثروا ذكر الموت , فإنكم إن ذكرتموه في كثير قلله وان ذكرتموه في قليل كثره , واعلموا انه قد حان للرجل يشتهى الموت , أعاذنا الله وإياك من المهالك , وسلك بنا وبك سبيل الطاعة " .34
وعن مولى إبراهيم بن سلم قال :
سمعت سفيان الثوري يقرأ على علي بن الحسين من أهل الكوفة ـ رجل من بني سليم , ممن كان أقطع له عمر بن الخطاب الخورنق ـ رسالة سفيان بن سعيد إلى أخ له بمواعظ وشرائع من الدين وأدب فقال له :
" عافانا الله وإياك من النار برحمته , وأوصيك وإياي بتقوى الله وأحذرك أن تجهل بعد إذ علمت , وتهلك بعد إذ أبصرت , وتدع الطريق بعد إذ وضح لك , وتغتر بأهل الدنيا بطلبهم لها وحرصهم عليها وجمعهم لها , فان الهول شديد , والخطر عظيم , والأمر قريب , وكان قد كان وتفرغ , وفرغ قلبك , ثم الجد الجد , والوحا الوحا , والهرب الهرب , وارتحل إلى الآخرة قبل أن يرتحل بك واستقبل رسل ربك وانكمش واشدد مئزرك , من قبل أن يقضى قضاؤك , ويحال بينك وبين ما تريد , فقد وعظتك بما وعظت به نفسي والتوفيق من الله . . . .
ومفتاح التوفيق الدعاء والتضرع والإستكانة والندامة على ما فرطت , ولا تضيع حقك من هذه الأيام والليالي , أسأل الله الذي من علينا بمعرفته أن لا يكلنا وإياك إلى أنفسنا , وأن يتولى منا ومنك ما يتولى من أوليائه وأحبابه . . .
ثم إياك وما يفسد عليك عملك , فإنما يفسد عليك عملك الرياء , فان لم يكن رياء فإعجابك بنفسك حتى يخيل إليك أنك أفضل من أخ لك , وعسى أن لا تصيب من العمل مثل الذي يصيب ولعله أن يكون هو أورع منك عما حرم الله , وأزكى منك عملاً , فإن لم تكن معجباً بنفسك فإياك أن تحب محمدة الناس , ومحمدتهم أن تحب أن يكرموك بعملك , ويروا لك به شرفاً ومنزلة في صدورهم , أو حاجة تطلبها إليهم في أمور كثيرة , فإنما تريد بعملك زعمت وجه الدار الآخرة , لا تريد به غيره . . . .
فكفى بكثرة ذكر الموت زهداً في الدنيا ومرغباً في الآخرة , وكفى بطول الأمل قلة خوف وجرأة على المعاصي , وكفى بالحسرة والندامة يوم القيامة لمن كان يعلم ولا يعمل . 35
وعن مبارك أبو حماد قال :
سمعت سفيان الثوري يقرأ على علي بن الحسن : " يا أخي اطلب العلم لتعمل به , ولا تطلبه لتباهي به العلماء , وتماري به السفهاء وتأكل به الأغنياء , وتستخدم به الفقراء , فإن لك من علمك ما عملت به , وعليك ما ضيعت منه . . .
فقد بلغنا والله أعلم أنه من طلب الخير صار غريباً في زماننا , ولا تستوحش واستقم على سبيل ربك , فإنك إن فعلت ذلك كان مولاك الله تعالى , وجبريل وصالحوا المؤمنين . . . .
واشتغل بذكر عيوب نفسك عن ذكر عيوب غيرك , واحزن على ما قد مضى من عمرك في غير طلب آخرتك , وأكثر من البكاء على ما قد أوقرت به ظهرك , لعلك تتخلص منها , ولا تمل من الخير وأهله , ولا تباعد عنهم فإنهم خير لك ممن سواهم . . .
ومل الجهال وباطلهم , وتباعد عنهم , فإنه لن ينجو من جاورهم إلا من عصم الله , وإن أردت اللحاق بالصالحين فاعمل بأعمال الصالحين , واكتف بما أصبت من الدنيا , ولا تنس من لا ينساك ولا تغفل عمن قد وكل بك يحصي أثرك , ويكتب عملك . . .
راقب الله في سريرتك وعلانيتك , وهو رقيب عليك , واستح ممن هو معك وهو أقرب إليك من حبل الوريد . . . .
اعرف فاقة نفسك , وحقارة منزلتها , فإنك حقير فقير إلى ربك وابك على نفسك وارحمها , فإنك إن لم ترحمها لم ترحم ولا تغشها ولا توردها , وخذ منها لك , فإنك بيومك ولست بغدك , وكأن الموت قد نزل بك , ولا تغفل غفلة الغافلين والجاهلين , وأكثر من البكاء على نفسك , فلست من الضحك بسبيل إن عقلت . . .
فقد بلغنا والله أعلم أن الله تعالى عير أقواماً في كتابه بالضحك وترك البكاء فقال : أفمن هذا الحديث تعجبون , وتضحكون ولا تبكون , وأنتم سامدون , ومدح أقواماً في كتابه فقال : يخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً , وقد بلغنا عن رسول الله  أنه قال " إذا أحب الله قوما ابتلاهم , فمن رضي فله الرضي , ومن سخط فله السخط " .36

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

سير أعلام السلف " سفيان الثوري ـ رحمه الله ـ Empty
مُساهمةموضوع: سير أعلام السلف " سفيان الثوري ـ رحمه الله ـ   سير أعلام السلف " سفيان الثوري ـ رحمه الله ـ I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 27, 2013 6:33 pm

من كلامه ـ رحمه الله ـ
وكما له ـ رحمه الله ـ الكثير من المواعظ ، تميز أيضاً بكلامه العذب الرقراق . . . . .
والذي ينصب جله في الزهد والإعراض عن الدنيا ، والإقبال علي الآخرة . . .
والذي يوحي لنا مدى ما وصل إليه الإمام سفيان الثوري من العلم ومن الحكمة ، وأيضاً من الزهد والورع . . .
عن ابن خبيق قال :
" قال رجل لسفيان : أوصيني . .
فقال له : اعمل للدنيا بقدر بقائك فيها , واعمل للآخرة بقدر مقامك فيها , والسلام " .37
وعن وكيع قال :
" سمعت سفيان يقول : لو أن اليقين استقر في القلوب , لطارت شوقاً أو حزناً . . .
إما شوقا إلى الله عز وجل . . .
وإما فرقا من النار " .38
وعن قبيصة بن عقبة قال :
" أخبرني رجل عن سفيان قال : تعلموا هذا العلم , فإذا تعلمتموه فاحفظوه , فإذا حفظتموه فاعملوا به , فإذا عملتم به فانشروه " . 39
وقال عبد الله بن محمد الباهلي :
" جاء رجل إلى الثوري فقال : إني أريد الحج . . .
قال : فلا تصحب من يكرم عليك , فان ساويته في النفقة أضر بك وان تفضل عليك استذلك " .40
وعن أبو الأحوص قال :
" سمعت سفيان الثوري يقول : عليك بعمل الأبطال : الاكتساب من الحلال , والإنفاق على العيال " .41
وعن يوسف بن أسباط قال :
" سمعت سفيان الثوري يقول : إذا أحب الرجل أخاه في الله عز وجل , ثم أحدث حدثاً في الإسلام فلم يبغضه عليه ، فلم يحبه في الله
عز وجل " . 42
وعن الفريابي قال :
" قال سفيان : العلماء ثلاثة : عالم بالله عز وجل عالم بأمره , فذلك العالم الكامل . . .
وعالم بالله , ليس بعالم بأمر الله عز وجل . . .
وعالم بأمر الله , ليس بعالم بالله عز وجل , فذلك العالم الفاجر" .43
وعن أبى على بن محمد الطنافسي قال :
" سمعت آخى الحسن يذكر قال : كتب مبارك بن سعيد أخو سفيان إلى سفيان , يشكو إليه ذهاب بصره . . .
قال : فكتب إليه سفيان : أتاني كتابك تكثر شكاتك لربك , فاذكر الموت يهون عليك ذهاب بصرك " . 44
وعن يحيى بن يمان قال :
" سمعت سفيان الثوري يقول : الأعمال السيئة داء , والعلماء دواء فإذا فسد العلماء فمن يشفي الداء " .
وقال :
" سمعت سفيان الثوري يقول : العالم طبيب الدين , والدراهم داء الدين , فإذا جذب الطبيب الداء إلى نفسه فمتى يداوي غيره " . 45
وعن أبو مسلم المستملي :
" عن سفيان قال : تعلموا العلم , فإذا علمتموه فاكظموا عليه ولا تخلطوه بضحك ولا لعب فتمجه القلوب " .46
وعن المهدي أبا عبد الله قال :
" سمعت سفيان الثوري يقول : كان يقال : أول العلم الصمت والثاني الاستماع له وحفظه , والثالث العمل به , والرابع نشره وتعليمه " . 47
وعن زيد بن عبد الرحمن بن مصعب المعنى قال :
" سمعت أبي يقول : سمعت سفيان الثوري يقول : من ازداد علماً ازداد وجعاً " . 48
وعن عبد الرزاق قال :
" اجتمع سفيان الثوري ووهيب بن الورد فقال سفيان لوهيب : يا أبا محمد تحب أن تموت ؟!
قال وهيب : أحب أن أعيش لعلي أتوب , ثم قال وهيب لسفيان : يا أبا عبد الله فأنت تحب أن تموت ؟!
قال سفيان وهو مقابل البيت : ورب هذه البنية وددت أنى مت الساعة , أظلتك أمور عظائم , أظلتك أمور عظائم , أظلتك أمور عظائم " . 49
وعن ابن بشر قال :
" سمعت الثوري يقول : إن هذا الحديث عز من أراد به الدنيا فدنيا ومن أراد به الآخرة فآخرة " . 50
وعن أبو مسلم المستملي :
" عن سفيان الثوري قال : إذا زهد العبد في الدنيا أنبت الله الحكمة في قلبه , وأطلق بها لسانه وبصره عيوب الدنيا , وداءها , ودواءها " . 51
وعن شعيب بن حرب قال :
" سمعت سفيان الثوري يقول : لا تتكلم بلسانك ما تكسر به أسنانك " .52
وعن وكيع :
" عن سفيان قال : ما عالجت شيئاً قط أشد على من نفسي , مرة على ومرة لي " .53
وعن عبد الرحمن بن عبد الله البصري قال :
" قال سفيان الثوري : حرمت قيام الليل , بذنب أحدثته خمسة أشهر " .54
وعن ابن يمان قال :
" سمعت سفيان يقول : البدعة أحب إلى إبليس من المعصية المعصية يتاب منها , والبدعة لا يتاب منها " . 55
وعن همام السكوني يقول :
" حدثني أبي قال : سمعت سفيان يقول : لا يستقيم قول إلا بعمل ولا يستقيم قول وعمل إلا بنية , ولا يستقيم قول وعمل ونية , إلا
بموافقة السنة " .56
وعن المعافى بن عمران قال :
" سمعت سفيان الثوري يقول : الناس نيام , فإذا ماتوا انتبهوا " .57
وعن ابن يمان قال :
" قال سفيان الثوري : إنما مثل الدنيا مثل رغيف عليه عسل , مر به ذباب فقطع جناحيه . . .
وإذا مر برغيف يابس مر به سليماً " . 58
وعن الأصمعي قال :
" قال سفيان : كان يقال : الصمت منام العقل , والمنطق يقظته , ولا منام إلا بيقظة , ولا يقظة إلا بمنام " .59
   
زهده ـ رحمه الله ـ
ومن مناقبه ـ رحمه الله ـ أنه كان شديد الزهد في الدنيا . . . .
ميالاً عنها ، وعن زينتها ، وعن متاعها الزائل . . .
فلقد كان جُل فكره وهمه الآخرة فقط ـ وهذا ملاحظ من كلامه ومواعظه ـ . . .
ومن كانت الآخرة همه ، كانت الدنيا أكبر غمه . . . . .
لذلك كانت الدنيا بالنسبة إليه ـ رحمه الله ـ لا تمثل إلا معبراً إلي الآخرة , فتركها , ومال عنها . . . .
فعن على بن ثابت قال :
" رأيت سفيان في طريق مكة , فقومت كل شيء عليه حتى نعليه فكان درهم , وأربعة دوانيق " . 60
وعنه أيضاً قال :
" لو لقيت سفيان في طريق مكة , ومعك فلسان تريد أن تتصدق بهما , وأنت لا تعرف سفيان , ظننت أنك ستضعهما في يده , وما رأيت سفيان في صدر المجلس قط , إنما كان يقعد إلى جانب الحائط ويستند إلى الحائط , ويجمع بين ركبتيه " .61
وعن منصور بن سابق قال :
" ألح على سفيان رجل من إخوانه من أهل البصرة في التزويج فقال له : فزوجني . . .
قال : فخرج سفيان إلى مكة , وأتى الرجل البصرة فخطب عليه امرأة من كبار أهل البصرة , ممن لها المال والشرف , فأجابوه وهيأت قطاراً من الحشم والمال , حتى قدمت مكة على سفيان , فأتى الرجل سفيان فقال له : أخطب عليك . . .
فقال : من ؟
قال : أبنت فلان . . .
فقال : مالي فيها حاجة , إنما سألتك أن تزوجني امرأة مثلي . .
قال : فإنهم قد أجابوا . . .
فقال له : مالي فيها حاجة . . .
قال : تفضحني عند القوم . . .
قال : مالي فيها حاجة . . .
قال : فكيف اصنع ؟
قال : ارجع إليهم فقل لهم : لا حاجة لي فيها . . .
قال : فرجع فأخبرهم , فقالت المرأة : فبأي شيء يكرهني ؟
قال : قلت : المال . . .
قالت : فإني اخرج من كل مال لي , وأصبر معه . . .
قال : فجاء الرجل فرحاً نشيطاً فأخبره . .
فقال : لا حاجة لي فيها , امرأة نشأت في الخير ملكة , لا تصبر على هذا . . .
قال : فأبى أن يقبلها فرجعت " . 62
وعن النضر بن أبى زرعة قال :
" قال لي المبارك ـ يعنى بن سعيد بالموصل ـ ائت سفيان فأخبره أن نفقتي قد نفدت , وثيابي قد تخرقت , فقل له : يكتب إلى والى الموصل , لعله يصلني بمال أكتسي به , وأتجمل . . .
قال : فقدمت الكوفة , فأتيت سفيان فأخبرته بما قال مبارك , فدخل الدار فأخرج دورقاً فيه كِسر يابسة ـ خبز ـ فنثرها على الأرض , ثم قال : لو رضي مبارك بمثل هذا لم يكن له بالموصل عمل , ما له عندنا كتاب " . 63
وعن سالم الخواص قال :
" قال رجل لسفيان الثوري : يا أبا عبد الله! إن فيك لعجباً . .
قال : يا ابن أخي , ما الذي بان لك مني حتى عجبت . . . .
قال : تنقلك من بلد إلى بلد , إن للناس مأوى , وللسبع مأوى ومالك مأوى تأوي إليه . . . .
فقال له سفيان : أي رجل كان " المغيرة بن مقسم الضبي " ؟ .
قال : رجل صالح إن شاء الله . . .
قال : وأي الرجال كان " إبراهيم النخعي " ؟ .
قال : بخ بخ ـ كلمة تعجب ـ . . .
قال : فأي الرجال كان " علقمة " ؟ .
قال : لا تسأل . . .
قال : فأي الرجال كان " عبد الله بن مسعود " ؟ .
قال : الثقة الصدوق . .
فقال سفيان : حدثنا المغيرة بن مقسم عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال : " اقتحم على أهل الجنة نور في قبابهم , كاد أن يخطف نوره أبصار القوم , فإذا نور سن حوراء ضحكت في وجه وليها " . . .
فما كنت أدع هذا الخير أبدا لقولك " .64
وعن عن أبي شهاب الحناط قال :
" بعثت أخت سفيان الثوري معي بجراب إلى سفيان وهو بمكة فيه كعك وخشكنانج , فقدمت مكة فسألت عنه , فقيل لي أنه ربما قعد دبر الكعبة مما يلي باب الحناطين . . .
قال : فأتيته هناك , وكان لي صديقاً فوجدته مستلقياً فسلمت عليه فلم يسألني تلك المساءلة , ولم يسلم علي كما كنت أعرف منه , فقلت له : إن أختك بعثت إليك معي بجراب فيه كعك وخشكنانج , قال : فعجل به علي واستوى جالساً . . .
فقلت يا أبا عبد الله : أتيتك وأنا صديقك فسلمت عليك فلم ترد علي ذاك الرد , فلما أخبرتك أني أتيتك بجراب كعك لا يساوي شيئاً جلست وكلمتني .
فقال : يا أبا شهاب لا تلمني , فإن لي ثلاثة أيام لم أذق فيها ذواقاً فعذرته " 65.
   
خوفه وخشيته ـ رحمه الله ـ
كان الإمام سفيان الثوري ـ رحمه الله تعالي ـ شديد الخشية من الله عز وجل . . . .
حتى أنه ـ رحمه الله ـ كان يبول دماً من خشيته من الله . . . .
فعن عبد الله بن عمر الكوفي قال :
" سمعت أبا أسامة قال : اشتكى سفيان بن سعيد , فذهبت بمائة في قارورة , فأريته الديراني ـ الطبيب ـ فنظر إليه فقال : بول من هذا ؟!
ينبغي أن يكون هذا بول راهب , هذا رجل قد فتت الحزن كبده , ما لهذا دواء " . 66
وعن يوسف بن أسباط قال :
" كان سفيان من شدة تفكره يبول الدم " . 67
وقال قبيصة بن عقبة :
" ما جلست مع سفيان مجلساً إلا ذكرت الموت , وما رأيت أحداً كان أكثر ذكرا للموت منه . . .
وعن يوسف بن أسباط :
" قال سفيان الثوري وقد صلينا العشاء الآخرة : ناولني المطهرة فناولته , فأخذها بيمينه , ووضع يساره على نحره , ونمت فاستيقظت وقد طلع الفجر , فنظرت فإذا المطهرة بيمينه كما هي قلت : هذا الفجر قد طلع . . .
فقال : لم أزل منذ ناولتني المطهرة , أتفكر في الآخرة حتى الساعة " .68
وعن عبد الرحمن بن مهدى قال :
" ما عاشرت في الناس رجلاً أرق من سفيان الثوري , وكنت أرمقه في الليلة بعد الليلة ينهض مذعوراً ينادى : النار النار شغلني ذكر النار عن النوم والشهوات " . 69
وعن عبد الرحمن قال :
" ربما كنا عند سفيان فكأنه قد أوقف للحساب , فلا نجترئ نسأله عن شيء , فنعرض له بذكر الحديث , فإذا جاء به الحديث ذهب ذلك الخشوع , فإنما هو " . 70
وعن أبو نعيم قال :
" كان سفيان إذا ذكر الموت مكث أياماً لا ينتفع به , فإذا سئل عن شيء قال : ما أدري ما أدري " .71
وعن أبو داود الحفري قال :
" رأيت سفيان الثوري يوماً وقد اضطجع على شقه الأيمن ويقول هكذا نكون في القبر " .72
وعن أسامة قال :
" كان من يرى سفيان الثوري يراه كأنه في سفينة يخاف الغرق أكثر ما تسمعه يقول : يا رب سلم سلم " .73
   
بكاؤه ـ رحمه الله ـ
كان للإمام سفيان الثوري ـ رحمه الله ـ عينان لا تجفان من كثرة البكاء من خشية الله . . . .
حتى قيل : أنه كان من ينظر إليه يشبه بالمرأة الثكلى من كثرة البكاء . . . .
عن عبد الرحمن بن مهدي قال :
" مات سفيان الثوري عندي , فلما اشتد به جعل يبكي . . .
فقال له رجل : يا أبا عبد الله , أراك كثير الذنوب , فرفع شيئاً من الأرض فقال : والله لذنوبي أهون عندي من ذا , إني أخاف أن أسلب الإيمان قبل أن أموت " . 74
وعن سعيد بن صدقة بن المهلهل قال :
" اليوم الذي كنت أرى فيه سفيان الثوري كنت قرير العين , قال فأبطأت عنه أياماً ثم أتيته , فقال لي : يا أبا مهلهل ما أبطأ بك عنا ؟ ثم اخذ بيدي فأخرجني إلى الجبان , فاعتزلنا ناحية عن طريق الناس فبكى ثم قال : يا أبا مهلهل قد كنت قبل اليوم اكره الموت , فقلبي اليوم يتمني الموت , وان لم ينطق به لساني . . . .
قال : قلت : ولم ذاك ؟
قال : لتغير الناس وفسادهم , ثم قال لي : إن استطعت أن لا تخالط زمانك هذا أحداً فافعل , وليكن همك مرمة جهازك , واحذر إتيان هؤلاء الأمراء , وارغب إلى الله في حوائجك إليه , وافزع إليه فيما ينوبك , وعليك بالاستغناء عن جميع الناس , وارفع حوائجك إلى من لا تعظم عنده الحوائج , فوالله ما اعلم اليوم بالكوفة أحداً لو فزعت إليه في قرض عشرة دراهم أقرضني , ثم كتمها علي , يذهب ويجيء ويقول : جاءني سفيان فاستقر ضني فأقرضته " .75
وعن مزاحم بن زفر قال :
" صلى بنا سفيان الثوري المغرب , فقرأ حتى بلغ : { إياك نعبد وإياك نستعين } , بكى حتى انقطعت قراءته , ثم عاد , فقرأ الحمد لله " . 76
وعن عطاء الخفاف قال :
" ما لقيت سفيان الثوري إلا باكياً , فقلت : ما شأنك ؟
قال : أخاف أن أكون في أم الكتاب شقياً " .77
وعن عبد الرحمن بن مهدي قال :
" ما عاشرت في الناس رجلاً هو أرق من سفيان , قال : وقال ابن مهدي : وكنت أرمقه الليلة بعد الليلة , فما كان ينام إلا في أول الليل ثم ينتفض فزعاً مرعوبا ينادي النار , شغلني ذكر النار عن النوم والشهوات , كأنه يخاطب رجلاً في البيت , ثم يدعو بماء إلى جانبه فيتوضأ , ثم يقول على إثر وضوئه : اللهم إنك عالم بحاجتي غير معلم بما أطلب , وما أطلب إلا فكاك رقبتي من النار , اللهم إن الجزع قد أرقني من الخوف , فلم يؤمني وكل هذا من نعمتك السابغة علي , وكذلك فعلت بأوليائك وأهل طاعتك , إلهي قد علمت أن لو كان لي عذر في التخلي ما أقمت مع الناس طرفة عين , ثم يقبل على صلاته , وكان البكاء يمنعه من القراءة حتى أني كنت لا أستطيع سماع قراءته من كثرة بكائه , قال ابن مهدي : وما كنت أقدر أن أنظر إليه , استحياء وهيبة منه " .78
وعن احمد بن عاصم قال :
" التقى سفيان الثوري وفضيل ابن عياض فتذاكرا فبكيا . .
فقال سفيان : إني لأرجو أن يكون مجلسنا هذا أعظم مجلس جلسناه بركة . . .
قال له فضيل : ترجو لكني أخاف أن يكون أعظم مجلس جلسناه علينا شؤماً , أليس نظرت إلى أحسن ما عندك فتزينت به لي , وتزينت لك به فعبدتني وعبدتك . . .
قال : فبكى سفيان حتى علا نحيبه , ثم قال : أحييتني أحياك الله " 79
   
أخلاقه ـ رحمه الله ـ
ومن المناقب التي حازها الإمام سفيان الثوري ـ رحمه الله ـ أخلاقه الرفيعة ، وتواضعه الجم . . . .
فكان ـ رحمه الله ـ علي قدر كبير من التواضع ، علي الرغم من علمه , وعظم شأنه بين الناس . . .
عن أبو عيسى الحواري قال :
" لما قدم سفيان الثوري الرملة أو بيت المقدس أرسل إليه إبراهيم بن أدهم أن تعال حدثنا . . .
فقيل له : يا أبا إسحاق تبعث إليه بمثل هذا , قال : إنما أردت كيف تواضعه . . .
قال : فجاء فحدثهم " . 80
وعن الخنيسي قال :
" سمعت رجلا قال لسفيان الثوري : لو أنك نشرت ما عندك من العلم رجوت أن ينفع الله به بعض عباده , وتؤجر على ذلك . . .
فقال سفيان : والله لو أعلم بالذي يطلب هذا العلم لا يريد به إلا ما عند الله , لكنت أنا الذي آتيه في منزله فأحدثه بما عندي , مما أرجو أن ينفعه الله به " .81
وعن أبو بكر المروذي قال :
" سمعت بعض المشيخة يقول : سمعت أبا داود يقول : قدمت المسجد الحرام فرأيت حلقة نحواً خمسمائة أقل أو أكثر , ورجل في وسطها نائم . . .
قلت : من هذا ؟
قالوا : هذا أمير المؤمنين , هذا سفيان الثوري , فرأيت رأسه في حجر زائدة , ورأيت رجله في حجر سفيان بن عيينة , ورأيت رجله في حجر زهير . . .
قلت : ما له ؟
قالوا : أصابته مليلة ـ إرهاق ـ " .82
وعن سلمة بن كلثوم :
" جاء سفيان الثوري فدخل على الأوزاعي فجلسا من الأولى إلى العصر , قد اطرق كل واحد منهما توقيراً لصاحبه " . 83
وعن على بن ثابت الجزري قال :
" ما رأيت سفيان يقعد في صدر مجلس قط , إنما كان يقعد إلى جانب حائط , ويجمع بين ركبتيه " . 84
وآجر سفيان نفسه من جمال إلى مكة فأمروه يعمل لهم خبزة , فلم يحسن خبزه , فضربه الجمال , فلما قدموا مكة دخل الجمال المسجد الحرام , فإذا سفيان قد اجتمع إليه الناس . .
فقال الجمال لصاحب له : أليس هذا صاحبنا ؟
قال : بلى , وسألوا عنه فقيل لهم : هذا سفيان الثوري , فاشتد على الجمال ما كان منه إليه , فمكث حتى انفض الناس عنه فتقدم إليه فقال : لم نعرفك يا أبا عبد الله . . .
فقال من يفسد طعام الناس يصيبه أكثر من ذا .85
   
تقواه وورعه ـ رحمه الله ـ
ومما تميز به الإمام سفيان الثوري ـ رحمه الله ـ تقواه وورعه ، فكان ـ رحمه الله ـ شديد التحري فيما يدخل جوفه ، وما ينفقه علي نفسه , وعلي أهل بيته . . . .
فعن مبارك بن سعيد قال :
" جاء رجل إلى سفيان ببدرة , أو قال : ببدرتين , شك أبو زكريا وكان أبو ذلك الرجل صديقاً لسفيان جداً , وكان سفيان يأتيه فيقيل عنده , ويأتيه كثيراً . . . .
قال : فقال : يا أبا عبد الله في نفسك من أبى شيء ؟
فأثنى عليه , وقال : رحم الله أباك وذكر من فضله . . .
فقال له : يا أبا عبد الله قد عرفت كيف صار إلى هذا المال وأنا أحب أن تقبل هذا الذي جئتك به تستعين به على عيالك . . .
قال : فقبله منه , فخرج الرجل , فلما خرج أو كاد أن يخرج قال لي : يا مبارك ألحقه فرده , قال : فلحقته فرددته فقال : يا بن آخى أحب أن تقبل هذا المال , فإني قد قبلته منك , ولكن أحب أن تأخذه فترجع به . . . .
فقال : يا أبا عبد الله في نفسك منه شيء ؟
قال : لا , ولكن أحب أن تقبله , فلم يزل به حتى أخذه , فلما خرج جئت وقد داخلني ما لا أملك , فقعدت بين يديه فقلت : ويحك يا آخى أيش قلبك هذا حجارة , أنت ليس لك عيال أما ترحمني , أما ترحم إخوانك , أما ترحم صبياننا . . . .
قال : فأكثرت عليه من هذا النحو . . .
فقال : يا مبارك تأكلها أنت هنيئاً مريئاً , وأسأل أنا عنها , لا يكون هذا أبداً " .86
وعن أبا رجاء قتيبة قال :
" لولا الثوري لمات الورع " .87
وعن حماد بن سلمة قال :
" كان سفيان الثوري عندنا بالبصرة , وكان كثيراً يقول ليتني قد مت , ليتني قد استرحت , ليتني في قبري . . .
فقال له حماد بن سلمة : يا أبا عبد الله ما كثرة تمنيك للموت , والله لقد آتاك الله القرآن والعلم . . . .
فقال سفيان يعنى لحماد بن سلمة : يا أبا سلمة وما يدريني لعلي ادخل في بدعة , لعلي ادخل فيما لا يحل لي , لعلي ادخل في فتنة أكون قد مت فسبقت هذا " .88
وعن عيسى بن حازم قال :
" خرج إبراهيم بن أدهم وإبراهيم بن طهمان وسفيان الثوري إلى الطائف ومعهم سفرة فيها طعام , فوضعوها ليأكلوا , وإذا أعراب قريب منهم , فناداهم إبراهيم بن طهمان : يا إخوتاه هلموا , فقال لهم سفيان : يا إخوتاه مكانكم , ثم قال سفيان لإبراهيم : خذ من هذا الطعام ما طابت به أنفسنا فاذهب به إليهم , فان شبعوا فالله أشبعهم وإن لم يشبعوا فهم أعلم , أخاف أن يجيئوا فيأكلوا طعامناً كله , فتتغير نياتنا ويذهب أجرنا " .89
وعن عبد الرحمن بن مهدي قال :
" قدم سفيان الثوري البصرة والسلطان يطلبه , فصار في بعض البساتين , فأجر نفسه على أن يحفظ ثمارها , فمر به بعض العشارين فقال له : من أنت يا شيخ ؟
قال : من أهل الكوفة . . .
قال : أخبرني أرطب البصرة أحلى , أم رطب الكوفة ؟
قال : أما رطب البصرة فلم أذقه , ولكن رطب السابرية بالكوفة حلو . . .
فقال : ما أكذبك من شيخ , الكلاب والبر والفاجر يأكلون الرطب الساعة , وأنت تزعم أنك لم تذقه , فرجع إلى العامل فأخبره بما قال ليعجبه . . .
فقال : ثكلتك أمك أدركه , فإن كنت صادقاً فإنه سفيان الثوري فخذه لتتقرب به إلى أمير المؤمنين المهدي , فرجع في طلبه فما قدر عليه " .90
وجاء سفيان الثوري إلى صيرفي بمكة يشتري منه دراهم بدينار ، فأعطاه الدينار ، وكان معه آخر فسقط من سفيان ، فطلبه فإذا إلى جانبه دينار آخر. . .
قال له الصيرفي : خذ دينارك . . .
قال : ما أعرفه . . .
قال : خذ الناقص . . .
قال : فلعله الزائد ، وتركه ومضى . 91

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

سير أعلام السلف " سفيان الثوري ـ رحمه الله ـ Empty
مُساهمةموضوع: سير أعلام السلف " سفيان الثوري ـ رحمه الله ـ   سير أعلام السلف " سفيان الثوري ـ رحمه الله ـ I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 27, 2013 6:38 pm

عبادته ـ رحمه الله ـ
كان ـ رحمه الله ـ كثير العبادة والاجتهاد ، وكان كثيراً ما يذم نفسه ويوبخها . . . .
فعن أبو خالد قال :
" أكل سفيان ليلة فشبع فقال : إن الحمار إذا زيد في علفه زيد في عمله , فقام ـ يصلي ـ حتى أصبح " .
وعن عبد الرزاق قال :
" قدم علينا الثوري صنعاء , فطبخت له قدر سكباج ـ طعام ـ , فأكل , ثم أتيته بزبيب الطائف فأكل , ثم قال : يا عبد الرزاق اعلف الحمار وكده , ثم قام يصلى حتى الصباح " . 92
وعن زائدة قال :
" قال سفيان : إذا جاء الليل فرحت , وإذا جاء النهار حزنت " . 93
وعن أبى خالد قال :
" صحبت سفيان في طريق مكة فكان يقرأ في المصحف كل يوم فإذا لم يقرأ فيه فتحه فنظر فيه وأطبقه " . 94
وعن أبا يزيد المعنى قال :
" كان سفيان الثوري إذا أصبح مد رجليه إلى الحائط , ورأسه إلى الأرض كي يرجع الدم إلى مكانه من قيام الليل " .95
وعن يزيد بن عبد الرحمن المعنى قال :
" سمعت أبى يقول : كان ساق سفيان كأنها " كيمخت " , يعنى من التورك في الصلاة عليها , ورأيت سفيان ساجداً ما على إليتيه من ردائه شيء , يعنى من قصر الرداء " . 96
وعن إسحاق بن إبراهيم الحنيني قال :
" كنا في مجلس الثوري , وهو يسأل رجلاً رجلاً عما يصنع في ليلة فيخبره , حتى دار القوم فقالوا : يا أبا عبد الله قد سألتنا فأخبرناك فأخبرنا أنت كيف تصنع في ليلك ؟
فقال : لها عندي أول نومة تنام ما شاءت لا أمنعها , فإذا استيقظت
فلا أقيلها والله " . 97
وعن عبد الله بن صالح بن مسلم العجلي قال :
" ليزيد بن هارون : يا أبا خالد رأيت سفيان الثوري يوم الجمعة وعليه كساء كذا وممطر ـ يعنى كساء صوف ـ وهو راكب حمار فقلت لرجل يمشى إلى جنبه : ما لسفيان اليوم ركب حماراً ؟
قال : حم اليوم ـ مرض ـ فكره أن يترك الجمعة, فبعث إلى جار له فاستعار حماراً فركب " .98
وقال عبد الرزاق :
" كان الثوري جعل على نفسه لكل ليلة جزءاً من القرآن , وجزءاً من الحديث . . .
قال : فيقرأ جزأه من القرآن ثم يجلس على الفراش فيقرأ جزأه من الحديث ثم ينام " .99
وعن ابن وهب قال :
" رأيت الثوري في المسجد الحرام بعد المغرب , صلى ثم سجد سجدة , فلم يرفع رأسه حتى نودي بصلاة العشاء " .100
   
من كراماته ـ رحمه الله ـ
عن عارم أبو النعمان قال :
" أتيت أبا منصور أعوده فقال لي : بات سفيان في هذا البيت , وكان ههنا بلبل لابني . . .
فقال : ما بال هذا الطير محبوس لو خلي عنه . . .
فقلت : هو لابني وهو يهبه لك . .
قال : فقال : لا , ولكني أعطيه ديناراً .
قال : فأخذه فخلى عنه , فكان يذهب فيرعى فيجيء بالعشي فيكون في ناحية البيت , فلما مات سفيان تبع جنازته , فكان يضطرب على قبره , ثم اختلف بعد ذلك ليالي إلى قبره فكان ربما بات عليه , وربما رجع إلى البيت , ثم وجدوه ميتاً عند قبره , فدفن معه في القبر أو إلى جنبه " .101
وعن عبد الله الهروي ـ رجل صدق ـ قال :
" دخلت زمزم في السحر , فإذا بشيخ ينزع الدلو الذي يلي الركن فلما شرب أدخل الدلو فأخذته فشربت فضله , فإذا هو سويق لوز لم أذق سويق لوز أطيب منه , فلما كان في القابلة رصدته , فلما كان في ذلك الوقت دخل فسدل ثوبه على وجهه فنزع بالدلو مما يلي الركن , ثم شرب وأدخل الدلو , فأخذت فضله فشربت فإذا ماء مضروب بعسل , لم أشرب عسلاً قط أطيب منه . . .
قال : فأردت أن آخذ بطرف ثوبه أنظر من هو , ففاتني , فلما كانت الليلة الثالثة قعدت قبالة باب زمزم , فلما كان في ذلك الوقت دخل وقد سدل ثوبه على وجهه , فدخلت فأخذت بطرف ثوبه , فلما شرب من الدلو أرسله , قلت : يا هذا أسألك برب هذه البنية من أنت؟
قال : تكتم علي حتى أموت ؟
قلت : نعم .
قال : أنا سفيان بن سعيد , فأرسلته وشربت من الدلو , فإذا لبن مضروب بسكر لم أر لبناً قط أطيب منه . . .
قال : وكانت الشربة تكفيني إذا شربتها إلى مثلها , لا أجد جوعاً ولا عطشاً " .102
   
من ثناء العلماء عليه ـ رحمه الله ـ
أثنى علي الإمام سفيان الثوري القاصى والداني ، القريب والبعيد ، من عرفه ، ومن ولم يعرفه ولكن سمع عنه ، وعن علمه . . . .
قال عبد الله بن المبارك :
" كتبت عن ألف ومئة شيخ ما كتبت عن أفضل من سفيان " .
وقال عبد الله بن شوذب :
سمعت صهراً لأيوب يقول : قال أيوب : " ما لقيت كوفيا أفضله على سفيان " .
وقال يونس بن عبيد :
" ما رأيت أفضل من سفيان . .
فقال له رجل : يا أبا عبد الله رأيت سعيد بن جبير وإبراهيم وعطاء ومجاهداً تقول هذا . .
فقال : هو , ما رأيت أفضل من سفيان " .103
وقال يحيى بن سعيد القطان :
" ليس أحد أحب إلي من شُعبة , ولا يعدله أحد عندي , وإذا خالفه سفيان أخذت بقول سفيان " . 104
وقال عباس الدوري :
" رأيت يحيى بن معين لا يقدم على سفيان في زمانه أحداً في الفقه والحديث والزهد وكل شيء " .
وقال أبو عبيد الآجري :
سمعت أبا داود يقول : " ليس يختلف سفيان وشعبة في شيء إلا يظفر به سفيان , خالفه في أكثر من خمسين حديثاً , والقول قول سفيان " .
وقال سفيان بن عيينة :
" أصحاب الحديث ثلاثة : ابن عباس في زمانه , والشعبي في زمانه , والثوري في زمانه " .
وقال علي بن المديني :
" لا اعلم سفيان صحف ـ غير ـ في شيء قط , إلا في اسم امرأة أبي عبيد وكان يقول : " حفينة " , يعني أن الصواب : جفينة " 105.
وقال عبد الله بن داود :
" ما رأيت افقه من سفيان " .
وعن سفيان بن عيينة قال :
" جالست خمسين شيخاً من أهل المدينة , وذكر عبد الرحمن بن القاسم , وصفوان بن سليم , وزيد بن أسلم , فما رأيت فيهم مثل سفيان " .
وقال أبو قطن :
قال لي شعبة : " أن سفيان ساد الناس بالورع والعلم " .106
وقال الحافظ أبو بكر الخطيب :
" كان إماماً من أئمة المسلمين , وعلماً من أعلام الدين مجمعاًً على أمانته بحيث يستغني عن تزكيته , مع الإتقان والحفظ والمعرفة والضبط والورع والزهد " . 107
وقال ابن خلكان :
و يقال : " كان عمر بن الخطاب  في زمانه رأس الناس ، وبعده

عبد الله بن عباس ، وبعده الشعبي ، وبعده سفيان الثوري " .108
وقال عبدان عن ابن المبارك :
" كنت إذا شئت رأيت سفيان مصلياً , وإذا شئت رأيته محدثاً وإذا شئت رأيته في غامض الفقه " . 109
عبد الله بن خبيق قال :
حدثني أبي قال : كنت أنا والفزارى وابن المبارك وشيخ معنا , فقال الفزاري لابن المبارك : يا أبا عبد الرحمن رأيت قط مثل سفيان الثوري ؟
قال : لا .
قال بن المبارك : فأنت يا أبا إسحاق رأيت مثله قط ؟
قال : لا .
قال أبي : فقال الشيخ الذي كان معنا : ما رأى سفيان قط مثله فكيف نرى نحن " . 110
وعن ابن المبارك :
" انه كان يتأسف على سفيان ويقول : لم لم أطرح نفسي بين يدي سفيان , ما كنت اصنع بفلان وفلان ـ يقصد طلب العلم ـ " .111
وقال عبد الله بن المبارك :
" لا أعلم على الأرض أعلم من سفيان الثوري " .112
وعن محمد بن عبد الوهاب قال :
" ما رأيت الفقير قط أعز ولا أرفع منه في مجلس سفيان , ولا رأيت الغنى أذل منه في مجلس سفيان " . 113
وعن مالك بن أنس :
" إنما كانت العراق تجيش علينا بالدراهم والثياب , ثم صارت تجيش علينا بسفيان ـ يعنى الثوري ـ " . 114
وقال يحيى بن سعيد القطان :
" سفيان الثوري أحب إلى من مالك في كل شيء , يعنى في الحديث وفى الفقه وفى الزهد " .115
وعن أبو يحيى الحماني قال :
سمعت أبا حنيفة يقول : " لو كان سفيان الثوري في التابعين لكان فيهم له شأن " .116
وعن عبد الرحمن بن مهدى قال :
" ما رأيت رجلاً أحسن عقلاً من مالك بن أنس , ولا رأيت رجلاً انصح للأمة من عبد الله بن المبارك , ولا أعلم بالحديث من سفيان ولا اقشف من شعبة " .117
وعن بن أبى ذئب قال :
" ما رأيت رجلاً من أهل العراق يشبه ثوريكم هذا " . 118
وعن إسماعيل الزاهد قال :
وذكر الثوري : " رحم الله أبا عبد الله يا زين الفقهاء , يا سيد العلماء , يا قرير العيون تبكي العيون لفقدك على واصل الأرحام في زمانهم , ثم قال : أصيب المسلمون بعمر بن الخطاب , وأصبنا بأبي عبد الله في زماننا " . 119
وعن يزيد بن أبى حكيم قال :
" رأيت النبي  في المنام فقلت : يا رسول الله إن رجلاً من أمتك يقال له سفيان الثوري لا بأس به . .
قال : فقال النبي  : نعم لا بأس به " . 120
   
وفاته ـ رحمه الله ـ
عن سعيد بن سليمان :
قالوا : فلما خاف سفيان بمكة من الطلب ـ وكان الخليفة المهدي يطلبه ـ خرج إلى البصرة فقدمها , فنزل قرب يحيى بن سعيد القطان فقال لبعض أهل الدار : أما قربكم أحد من أصحاب الحديث ؟
قالوا : بلى يحيى بن سعيد . . .
قال : جئني به , فأتاه به فقال : أنا ها هنا منذ ستة أيام أو سبعة فحوله يحيى إلى جواره , وفتح بينه وبينه باباً , وكان يأتيه بمحدثي أهل البصرة يسلمون عليه ويسمعون منه , فكان فيمن أتاه جرير بن حازم , والمبارك بن فضالة , وحماد بن سلمة , ومرحوم العطار وحماد بن زيد , وغيرهم , وأتاه عبد الرحمن بن مهدي , ولزمه فكان يحيى وعبد الرحمن يكتبان عنه تلك الأيام , وكلمه أبا عوانة أن يأتيه , فأبى وقال : رجل لا يعرفني كيف آتيه , وذاك أن أبا عوانة سلم عليه بمكة فلم يرد عليه سفيان السلام , وكلم في ذلك فقال : لا أعرفه ولما تخوف سفيان أن يشهر بمقامه بالبصرة قرب يحيى بن سعيد , قال له : حولني من هذا الموضع , فحوله إلى منزل الهيثم بن منصور الأعرجي من بني سعد بن زيد مناة بن تميم , فلم يزل فيهم فكلمه حماد بن زيد في تنحيه عن السلطان , وقال : هذا فعل أهل البدع , وما تخاف منهم , فأجمع سفيان وحماد بن زيد على أن يقدما بغداد , قال : وكتب سفيان إلى المهدي أو إلى يعقوب بن داود فبدأ بنفسه فقيل له : إنهم يغضبون من هذا فبدأ بهم , فأتاه جواب كتابه بما يجب من التقريب والكرامة والسمع منه والطاعة , فكان على الخروج إليهم , فحم ومرض مرضاً شديداً , وحضره الموت فجزع فقال له مرحوم بن عبد العزيز : يا أبا عبد الله ما هذا الجزع ؟!
إنك تقدم على الرب الذي كنت تعبده , فسكن وهدأ وقال : انظروا من ها هنا من أصحابنا الكوفيين , فأرسلوا إلى عبادان , فقدم عليه عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر , والحسن بن عياش أخو أبي بكر بن عياش , فأوصى إلى عبد الرحمن بن عبد الملك وأوصاه أن يصلي عليه . . .
فأقاما عنده حتى مات , فأخرج بجنازته على أهل البصرة فجأة , وسمعوا بموته وشهده الخلق , وصلى عليه عبد الرحمن بن عبد الملك , وكان رجلاً صالحاً رضيه سفيان لنفسه ونزل في حفرته , ونزل معه خالد بن الحارث وغيرهما ودفنوه , ثم انصرف عبد الرحمن بن عبد الملك والحسن بن عياش إلى الكوفة فأخبرا أهلها بموت سفيان ـ رحمه الله ـ . 121
وعن عبد الله بن شيرازاذ الواسطي قال :
كنت بعبادان , فرأيت رجلاً جئ به في ثياب بياض قد مات , فوضع في سفينتة فقلت : من هذا الذي قد مات على السنة ونجا وصار في الآخرة ؟
فلما ارتفع النهار , جاءنا الخبر أن سفيان الثوري مات في تلك الليلة . 122
عن عبد الرحمن بن مهدي قال :
ليلة مات سفيان توضأ تلك الليلة للصلاة ستين مرة , فلما كان وجه السحر قال لي : يا بن مهدي ضع خدي بالأرض فإني ميت , يا بن مهدي ما اشد الموت , ما اشد كرب الموت . . .
قال : فخرجت لأعلم حماد بن زيد وأصحابه , فإذا هم قد استقبلوني فقالوا : آجرك الله , فقلت : من أين علمتم ذلك ؟
فقالوا : إنه ما منا أحد إلا أتي البارحة في منامه فقيل له : ألا إن سفيان الثوري قد مات ـ رحمه الله ـ .123
وقال أبو زياد الفقيمى يرثى سفياناً :
لقد مات سفيان حميداً مبـــرزاً على كل قار هجنته المطامــــــع
يلوذ بأبواب الملوك بنيـــــــــة مبهرجة والزى فيه التواضـــــع
يشمر عن ساقيه والرأس فوقه قلنسوة فيها اللصيص المخــادع
جعلتم فداء للذي صان دينـــــه وفر به حتى حوته المضاجـــــع
على غير ذنب كان إلا تنزهــا عن الناس حتى أدركته المصارع
بعيد من أبواب الملوك مجانب وان طلبوه لم تنله الأصابـــــــــع
فعيني على سفيان تبكي حزينة شجاها طريد نازح الدار شاســع
يقلب طرفا لا يرى عند رأسـه قريباً حميماً أوجعته الفواجـــــــع
فجعنا به حبراً فقيهاً مؤدبـــــاً بفقه جميع الناس قصد الشرائـــع
على مثله تبكي العيون لفقده عـ لـى واصل الأرحام والخلق واسـع 124
   
1 أنظر : " حلية الأولياء " لأبي نعيم 6/356
2 " أنظر : " سير أعلام النبلاء " لذهبي 7/230 .
3" أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 7/242 .
4" الورع " لأحمد بن حنبل 2/193 .
5 أنظر : " حلية الأولياء " لأبي نعيم 6/359
6" السير " للذهبي 7/237
7" السير " للذهبي 7/249
8 " السير " للذهبي 7/246 .
9 أنظر : " تاريخ بغداد " للخطيب البغدادي 9/162
10 " تاريخ بغداد " للبغدادي 9/164
11 أنظر : " الجرح والتعديل " لأبي حاتم الرازي 1/118
12 " تاريخ بغداد " للخطيب البغدادي 9/165
13 " تاريخ بغداد " للبغدادي 9/170 .
14" وفيات الأعيان " لابن خلكان 2/387 .
15 " الجرح والتعديل " للرازي 1/57
16 " سير أعلام النبلاء " للذهبي 7/247 .
17" الحلية " لأبي نعيم 6/358
18" تاريخ بغداد " 9/163 .
19" الجرح والتعديل " لأبي حاتم الرازى 1/58 ،1/59 .
20" الحلية " لأبي نعيم 6/365 .
21 " الحلية " لأبي نعيم 7/364 .
22أنظر : " الجرح والتعديل " لأبي حاتم 1/61 .
23 أنظر : " المتمنين " لابن أبي الدنيا ص: (66)
24" الحلية " 7/13 .
25" الحلية " 7/17 .
26 " الحلية " 6/379 .
27" الحلية " 6/380 .
28 أنظر : " الروع " لأحمد بن حنبل 1/95 .
29" تاريخ بغداد " للخطيب البغدادي 9/159 .
30" الثقات " للعجلي 1/412 ، و " تاريخ بغداد " 9/160 .
31 أنظر " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم 1/111 .
32 أنظر " الحلية " لأبي نعيم 6/378 .
33" الوافي في الوفيات " للصفدي .
34 " أنظر : " الجرح والتعديل " لأبي حاتم الرازي 1/88،86
35" الحلية " لأبي نعيم 6/392 .
36 أنظر : " الحلية " لأبي نعيم 7/11
37 أنظر : " الورع " لأحمد بن حنبل 1/96
38 " الجرح والتعديل " لأبي حاتم الرازي 1/94
39" الطبقات الكبرى " لابن سعد 6/371
39" تهذيب الكمال " للمزي 11/168
41 " الجرح والتعديل " لأبي حاتم 1/85
42 " الجرح والتعديل " لأبي حاتم 1/90
43" الجرح والتعديل " لأبي حاتم 1/92
44" الجرح والتعديل " لأبي حاتم 1/100
45" حلية الأولياء " لأبي نعيم 6/361
46" الحلية " لأبي نعيم 6/368
47" الحلية " لأبي نعيم 6/362
48 " الحلية " لأبي نعيم 6/363 .
49" الجرح والتعديل " لأبي حاتم 1/102
50" الحلية " لأبي نعيم 6/366
51" الحلية " لأبي نعيم 6/389
52" الحلية " لأبي نعيم 6/390
53" الحلية " لأبي نعيم 7/5
54" الحلية " لأبي نعيم 7/17
55 " الحلية " 7/26
56 " الحلية " 7/32
57" الحلية " 7/52
58 " الحلية " 7/55
59 " الحلية " 7/82 .
60" تاريخ بغداد " للخطيب البغدادي 9/162 .
61أنظر : " صفة الصفوة " لابن الجوزى 3/148 .
62 " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم 1/91 .
63" الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم 1/92 .
64أنظر : " الحلية " لأبي نعيم 6/374 .
65 " سير أعلام النبلاء " للذهبي 7/245
66" تاريخ بغداد " للخطيب البغدادي 9/158 .
67" الحلية " لأبي نعيم 7/23 .
68أنظر : " تهذيب الكمال " للمزي 11/167 ، و" تاريخ بغداد " 9/157 .
69" تاريخ بغداد " 9/!57 .
70" الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم 1/65 .
71" الجرح والتعديل " 1/85 .
72 " الجرح والتعديل " 1/99 .
73 " الحلية " 7/21 .
74" الحلية " لأبي نعيم7/12
75 " الورع " لابن حنبل 2/195 .
76 " الحلية " لأبي نعيم 7/17 .
77 " الحلية " 7/51 .
78" الحلية " 7/60 .
79 " الحلية " 7/64 .
80" الحلية " 6/367 .
81" الحلية " 6/269 .
82" تاريخ بغداد " 9/158 .
83" الجرح والتعديل " 1/84 .
84" الجرح والتعديل " 1/117 .
85" معرفة الثقات " للعجلي 1/398 .
86" تاريخ بغداد " للخطيب البغدادي 9/161 .
87 " تاريخ بغداد " 9/162 .
88" تاريخ بغداد " 9/171 .
89 " الحلية " 6/388 .
90" الحلية " 7/13 ، و" وفيات الأعيان " لابن خلكان 2/388 .
91" وفيا ت الأعيان " لابن خلكان 2/387 .
92" تاريخ بغداد " للبغدادي 9/158 .
93" الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم 1/85 .
94" الجرح والتعديل " 1/85 .
95 " الجرح والتعديل " 1/95
96 " الجرح والتعديل " 1/96 .
97 " الحلية " 7/60 .
98 " الجرح والتعديل " 1/103 .
99 " الجرح والتعديل " 1/116.
100" الحلية " 7/57 .
101" الحلية " 7/58 , واللالكائى في " شرح أهل السنة " 9/227
102" الحلية " 7/73 .
103 أنظر : " تهذيب الكمال " للمزي 11/165.
104 " تهذيب الكمال " للمزي 11/165 .
105" تهذيب الكمال " للمزي 11/166
106" تهذيب الكمال " للمزي 11/167 .
107" تهذيب الكمال " للمزي 11/168 .
108" وفيات الأعيان " لابن خلكان 2/389 .
109" التاريخ الكبير " للبخاري 4/92.
110" تاريخ بغداد " للخطيب البغدادي 9/155 .
111" تاريخ بغداد " 9/156 .
112 " تاريخ بغداد " 9/157 .
113" تاريخ بغداد" 9/161 .
114" تاريخ بغداد " 9/164 .
115" تاريخ بغداد " 9/164 .
116" تاريخ بغداد " 9/169 .
117" تاريخ بغداد " 9/170 .
118 " الجرح والتعديل " 1/59 .
119" الحلية " 6/360 .
120 أنظر : " الحلية " 6/383 , و " الجرح والتعديل " 1/119.
121 أنظر : " الحلية " 6/373 .
122 " الجرح والتعديل " 1/121 .
123 " صفة الصفوة " لابن الجوزى 3/150 .
124 " تاريخ بغداد " 9/173 , و " الجرح والتعديل " 1/123 .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
 
سير أعلام السلف " سفيان الثوري ـ رحمه الله ـ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سير أعلام السلف " الأعمش ـ رحمه الله ـ
» سير أعلام السلف " الإمام أبو داوود ـ رحمه الله ـ
» سير أعلام السلف " الإمام النسائي ـ رحمه الله ـ
» سير أعلام السلف " الإمام ابن ماجه ـ رحمه الله ـ
» سير أعلام السلف " الحسن البصري ـ رحمه الله ـ

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ :: كتابات وأبحاث مشرف الدعوة بالفرع :: السير والتراجم :: سير أعلام السلف " الإمام سفيان الثوري "-
انتقل الى: