موقع فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ
مرحبا بكم في منتدي فرع الجمعية الشرعية بقرية
البطاخ التابع لمحافظة سوهاج
يسعدنا انضمامكم لنا عبرسجيلكم فى المنتدى
منتدى فرع الجمعية الشرعية بالبطاخ
مع تحيات مدير المنتدى
مشرف الدعوة بالفرع
موقع فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ
مرحبا بكم في منتدي فرع الجمعية الشرعية بقرية
البطاخ التابع لمحافظة سوهاج
يسعدنا انضمامكم لنا عبرسجيلكم فى المنتدى
منتدى فرع الجمعية الشرعية بالبطاخ
مع تحيات مدير المنتدى
مشرف الدعوة بالفرع
موقع فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ هو أحد فروع الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية بمحافظة سوهاج
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
مرحبا بكم فى منتدي فرع الجمعية الشرعية بالبطاخ ساهموا فى نشر موقعنا
نسأل الله تعالى أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل
صلي الله على محمد صلي الله عليه وسلم
اللهم أعنا على رضاك حتى ترضي رضاءاً ليس بعده سخط ولا غضب
جميع حقوق الطبع والنشر والتوزيع والتصوير لأي كتاب موجود في المنتدي متااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااح بشرط دعوة صالحة بظهر الغيب
أرجو من كل من استفاد أو تعلم شيئاً من المنتدي أن لا ينسانا من صالح دعائه
نعدكم بإذن الله في كل زيارة لنا بالجديد وبالمفيد
بشري سارة لكل طلاب العلم : تم افتتاح ركن في منتدي فرع الجمعية الشرعية بالبطاخ للإجازات الشرعية المسندة لكل الراغبين في إجازة علمية بالسند مجاناً
هاااااااام جدا لمن لا يعلم :قد تظهر إعلانات على المنتدي بها صور نساء وهي لا تخص المنتدي بل هي تابعة لشركة جوجل ولا يمكن وقفها .

 

 المواقف المستطابة من حياة الصحابة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

المواقف المستطابة من حياة الصحابة  Empty
مُساهمةموضوع: المواقف المستطابة من حياة الصحابة    المواقف المستطابة من حياة الصحابة  I_icon_minitimeالخميس نوفمبر 28, 2013 1:38 pm

مقدمـــــــــة
إن الحمد لله . . .
نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } (آل عمران:102)
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } (النساء:1)
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } (الأحزاب:70-71)
أما بعد . . .
فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وأن خير الهدى هدى نبيه محمد  ، وأن شر الأمور محدثاتها ، وأن كل محدثة بدعة ، وأن كل بدعة ضلالة ، وأن كل ضلالة في النار .
ثم أما بعد . . .
لا يشك عاقل يؤمن بالله واليوم الآخر أن أصحاب النبي  هم خير الخلق بعد الأنبياء والمرسلين ، وأنه  سيد ولد آدم ، وصحابته هم خير قرن وأمة وجدت على وجه الأرض .
فالصحابة هم حملة الإسلام وحفظته بعد رسول الله  .
اختارهم الله واصطفاهم لصحبه نبيه  ونشر رسالته من بعده .
تالله لقد وردوا الماء من عين الحياة عذباً صافياً زلالاً ، وأيدوا قواعد الإسلام فلم يدعوا لأحد بعدهم مقال .
ولقد بذلوا المهج يوم بخل أهل الدراهم بدراهمهم .
هم لله عز وجل قلوباً وأبداناً ودماء وأموالاً .
ذهبوا إلي المشارق والمغارب يحملون لواء الحق والجهاد .
فدكوا عروش الأكاسرة والقياصرة .
قلوبهم كالجبال رسوخاً وعزة وصلابة في الحق .
يصومون النهار مجاهدين ، ويقومون الليل تالين لكتاب الله وقافين عند حدوده وأدابه , فأعز الله بهم دينه ، ورفع بهم لواءه ، وأعلا بهم كلمته .
ولقد سار أصحاب محمد  معه وقد ملأ الإيمان كل دروب الحياة ، وخالطت بشاشته القلوب ، وشرحت له صدورهم ، ووجدوا محبته غالبة على
محابهم ومواجيدهم ، حتى قال أبو سفيان وقد كان وقتئد على الكفر : " ما

رأيت أحدا يحب أحداً كما يحي أصحاب محمد محمداً " .
الله أكبر ! إنها القلوب العامرة بالإيمان ، والأبصار التى تنظر إلى الأفاق البعيد حيث الفردوس الأعلى وجنت النعيم .
لذلك زكاهم الله عز وجل ووصفهم بأوصاف الكمال فى غير آية من كتابه وكذلك زكاهم رسول الله  ، ووضع فى صدورهم الكثير من أوسمه الشرف والفضل ، فرضي الله عنهم وأرضاهم ، وأكرم في جنات الخلد مثواهم .
قال ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ :
لله در أقوام أخصلوا الأعمال وحققوها , وقيدوا شهواتهم بالخوف وأوثقوها وسابقوا الساعات بالطاعات فسبقوها , وخلصوا أعمالهم من أشراك الرياء وأطلقوها , وقهروا بالرياضة أغراض النفوس الردية فمحقوها , فعن إبعاد مثلهم وقع نهي النبي { ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي } .
صعدت صحائفهم من الأكدار صافية , وارتفعت أعمالهم بالإخلاص صافية وأصبحت نفوسهم عن الدنيا متجافية , والناس في أخلاط والقوم في عافية , ففاق المولى منهم على الرئيس القرشي { ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي } .
دموعهم بالأحداق محدقة , ورءوسهم في الأسحار مطرقة , وأكفهم بما تسكبه في الخير منفقة , ونفوسهم بعد الجد من اللوم مشفقة , يردون من حياض المصافاة على أوفى الري { يدعون ربهم بالغداة والعشي } .
خلصوا الأعمال من الأكدار نفلاً وفرضا , واجتهدوا في طاعة مولاهم ليرضى , وحضوا أنفسهم لطلب الحظ الأحظ حضا , وغضوا أبصارهم عن غض الشهوات غضا , فإذا أبصرتهم رأيت أجساداً مرضى , وعيونا قد ألفت السهر فما تكاد تطعم غمضا , بادروا أعمارهم لعلمهم أنها ساعات تتقضى فأمدهم بالعون السرمدي { يدعون ربهم بالغداة والعشي } .
ابتلاهم فرضوا وصبروا , وأنعم عليهم فاعترفوا وشكروا , وجاءوا بكل ما يرضى ثم اعتذروا , وجاهدوا العدو فما انقشعت الحرب حتى ظفروا , فنالوا غاية الإمكان في المكان العلي { يدعون ربهم بالغداة والعشي } .1
 ومن هنا كان لزاماً علينا معرفة أخبارهم وسيرهم ونشرها بين المسلمين ولأن المحافظة على الإسلام تستوجب العناية بتاريخهم , لأنهم هم الذين نقلوا إلينا الدين سليماً نقياً غير محرفاً ولا مبدلاً .
لذلك فإن الكلام على هؤلاء العظام وكشف الستار عنهم وعن مناقبهم و مواقفهم واجب محتم علينا في هذا العصر الذي نعيش فيه اضطراب الموازين والوقوع في هؤلاء الصحابة الأبرار . إنه واجب لردع أهل الهوي من الزنادقة والملاحدة وأهل الكفر والابتداع في
الدين الذين انتقصوا وسبوا خير جيل وطائفة وجدت على الأرض !! .
لا لشئ إلا لأنهم حملة الإسلام ورواة الأحاديث التى تهدم بدعهم ، وتظهر ضلالهم ، وتبرز خبث طويتهم .
وإن في أخبار هؤلاء الأخيار : دواء للقلوب ، وجلاء للألباب من الدنس
والعيوب ، وقدوة في زمن كادت القدوات فيه تغيب .
فهم مثال يحتذي ونبراس يقتدى ، ليعرف المتأخر للمتقدم فضله ، ويسعى على دربه ونهجه .
 لذلك فإن بين يديك أيها القارئ الكريم كتاب بعنوان : { الأنباء المستطابة من حياة الصحابة } نعرض فيه لمحات يسيرة من حياة الصحابة  , وبعض مواقفهم المتنوعة المختلفة , والتى يظهر جلياً من خلالها أخلاق هؤلاء الأكابر الأفاضل , ومدي ما بذلوه من صور الجهاد والتضحية والفداء .
وذلك حتى نعرف فضلهم وحقهم وسابقتهم ، وحتى نزداد حباً لهم ، فمن أحبهم فهو مبشر بقوله  : " المرء مع من أحب " . 2
وأخيراً أسأل الله جلت قدرته أن يجعل هذا الكتاب خالصاً لوجهه تعالى ، وأن يجعله في ميزان حسناتنا يوم نلقاه ، إنه ولى ذلك والقادر عليه .
ولا أنسى أن أذكر كل من يقرأ هذا الكتاب أن لا ينسانا من صالح الدعاء , فإن دعاء المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب مستجاب بإذن الله .
    
إسلامهم و توبتهم 
إسلام ثمامة بن آثال 
عن أبي هريرة  قال :
كان إسلام ثمامة بن أثال الحنفي أن رسول الله  دعا الله حين عرض لرسول الله  بما عرض أن يمكنه منه , وكان عرض لرسول الله وهو مشرك فأراد قتله , فأقبل ثمامة معتمراً وهو على شركه حتى دخل المدينة , فتحير فيها حتى أخذ فأتى به رسول الله  , فأمر به فربط إلى عمود من عمد المسجد , فخرج رسول الله  عليه فقال : " ما لك يا ثمام هل أمكن الله منك ؟ " , فقال : قد كان ذلك يا محمد إن تقتل تقتل ذا دم , وإن تعف تعف عن شاكر وإن تسأل مالاً تعطه , فمضى رسول الله  وتركه حتى إذا كان من الغد مر به فقال : " ما لك يا ثمام ؟ " .
قال : خير يا محمد , إن تقتل تقتل ذا دم , وإن تعف تعف عن شاكر , وإن تسألا مالاً تعطه ثم انصرف رسول الله  .
قال أبو هريرة : فجعلنا المساكين نقول بيننا : ما نصنع بدم ثمامة , والله لأكلة من جزور سمينة من فدائه أحب إلينا من دم ثمامة , فلما كان من الغد مر به رسول الله  فقال : " ما لك يا ثمام ؟ " .
قال : خير يا محمد إن تقتل تقتل ذا دم , وإن تعف تعف عن شاكر , وإن
تسأل مالاً تعطه , فقال رسول الله  : " أطلقوه قد عفوت عنك يا ثمام " .
فخرج ثمامة حتى أتى حائطاً من حيطان المدينة فاغتسل فيها وتطهر وطهر ثيابه , ثم جاء إلى رسول الله  وهو جالس في المسجد فقال : يا محمد لقد كنت وما وجه أبغض إلي من وجهك , ولا دين أبغض إلي من دينك , ولا بلد أبغض إلي من بلدك , ثم لقد أصبحت وما وجه أحب إلي من وجهك , ولا دين أحب إلي من دينك , ولا بلد أحب إلي من بلدك , وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله , يا رسول الله إني كنت خرجت معتمراً وأنا على دين قومي فأسرني أصحابك في عمرتي , فسيرني صلى الله عليك في عمرتي , فسيره رسول الله  في عمرته وعلمه , فخرج معتمراً فلما قدم مكة وسمعته قريش يتكلم بأمر محمد قالوا : صبأ ثمامة , فقال : والله ما صبوت ولكنني أسلمت وصدقت محمداً وآمنت به , والذي نفس ثمامة بيده لا تأتيكم حبة من اليمامة ـ وكانت ريف أهل مكة ـ حتى يأذن فيها رسول الله  وانصرف إلى بلده ومنع الحمل إلى مكة , فجهدت قريش ـ قحطوا ـ فكتبوا إلى رسول الله  يسألونه بأرحامهم إلا كتب إلى ثمامة يخلي لهم حمل الطعام , ففعل ذلك رسول الله  " . 3

توبة الثلاثة الذين خلفوا
قال كعب بن مالك  :
" لم أتخلف عن رسول الله  في غزوة غزاها إلا في غزوة تبوك , غير أني كنت تخلفت في بدر ولم يعاتب أحداً تخلف عنها , إنما خرج رسول الله  يريد عير قريش , حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد .
ولقد شهدت مع رسول الله  ليلة العقبة حين تواثقنا على الإسلام , وما أحب أن لي بها مشهد بدر , وإن كانت بدر أذكر في الناس منها .
كان من خبري أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر حين تخلفت عنه في تلك الغزاة والله ما اجتمعت عندي قبله راحلتان قط حتى جمعتهما في تلك الغزوة , ولم يكن رسول الله  يريد غزوة إلا وري بغيرها , حتى كانت تلك الغزوة غزاها رسول الله في حر شديد , واستقبل سفراً بعيداً , ومفازاً , وعدواً كثيراً فجلي للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم , فأخبرهم بوجهه الذي يريد والمسلمون مع رسول الله كثير , ولا يجمعهم كتاب حافظ ـ يريد الديوان ـ .
قال : فما رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن سيخفى له ما لم ينزل فيه وحي الله وغزا رسول الله  تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال .
وتجهز رسول الله  والمسلمون معه , فطفقت أغدو لكي أتجهز معهم فأرجع ولم أقضى شيئاً , فأقول في نفسي : أنا قادر عليه , فلم يزل يتمادى بي حتى اشتد بالناس الجد , فأصبح رسول والمسلمون معه ولم أقض من جهازي شيئاً , فقلت : أتجهز بعده بيوم أو يومين ثم ألحقهم , فغدوت بعد أن فصلوا لأتجهز فرجعت ولم أقض شيئاً , ثم غدوت ثم رجعت ولم أقض شيئاً , فلم يزل بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو , وهممت أن أرتحل فأدركهم , وليتني فعلت فلم يقدر لي ذلك , فكنت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله فطفت فيهم , أحزنني أني لا أرى إلا رجلاً مغموصاً عليه النفاق , أو رجلاً ممن عذر الله من الضعفاء .
ولم يذكرني رسول الله  حتى بلغ تبوك فقال وهو جالس في القوم بتبوك : " ما فعل كعب ؟ " .
فقال رجل من بني سلمة : يا رسول الله حبسه برداه , ونظره في عطفيه .
فقال معاذ بن جبل : بئس ما قلت , والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيراً فسكت رسول الله  .
قال كعب بن مالك : فلما بلغني أنه توجه قافلاً حضرني همي , وطفقت أتذكر الكذب وأقول : بماذا أخرج من سخطه غداً , واستعنت على ذلك بكل ذي رأي من أهلي , فلما قيل إن رسول الله قد أظل قادماً زاح عني الباطل , وعرفت أني لن أخرج منه أبداً بشيء فيه كذب , فأجمعت صدقه .
وأصبح رسول الله  قادماً , وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فيركع فيه ركعتين ثم جلس للناس .
فلما فعل ذلك جاءه المخلفون فطفقوا يعتذرون إليه , ويحلفون له , وكانوا بضعة وثمانين رجلاً , فقبل منهم رسول الله  علانيتهم , وبايعهم , واستغفر لهم ووكل سرائرهم إلى الله .
فجئته فلما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب , ثم قال : " تعال " , فجئت أمشي حتى جلست بين يديه فقال لي : " ما خلفك ؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك "
فقلت : بلى إني والله - يا رسول الله - لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أن سأخرج من سخطه بعذر , ولقد أعطيت جدلاً , ولكني والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك علي , ولئن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه , إني لأرجو فيه عفو الله .
لا والله ما كان لي من عذر , والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك .
فقال رسول الله  : " أما هذا فقد صدق , فقم حتى يقضي الله فيك " .
فقمت , وثار رجال من بني سلمة فاتبعوني فقالوا لي : والله ما علمناك كنت أذنبت ذنباً قبل هذا , ولقد عجزت أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله بما اعتذر إليه المتخلفون , قد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله لك .
فوالله ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع فأكذب نفسي , ثم قلت لهم : هل لقي هذا معي أحد ؟ .
قالوا : نعم رجلان , قالا مثل ما قلت , فقيل لهما مثل ما قيل لك .
فقلت : من هما ؟
قالوا : مُرارة بن الربيع العمري , وهلال بن أمية الواقفي , فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدراً فيهما أسوة , فمضيت حين ذكروهما لي .
ونهى رسول الله  المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه فاجتنبنا الناس , وتغيروا لنا حتى تنكرت في نفسي الأرض , فما هي التي أعرف , فلبثنا على ذلك خمسين ليلة , فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان , وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم , فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين , وأطوف في الأسواق , ولا يكلمني أحد , وآتي رسول الله فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة فأقول في نفسي : هل حرك شفتيه برد السلام علي أم لا ؟ .
ثم أصلي قريباً منه فأسارقه النظر , فإذا أقبلت على صلاتي أقبل إلي , وإذا التفت نحوه أعرض عني .
حتى إذا طال علي ذلك من جفوة الناس مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة , وهو ابن عمي وأحب الناس إلي , فسلمت عليه , فوالله ما رد علي السلام فقلت : يا أبا قتادة أنشدك بالله هل تعلمني أحب الله ورسوله ؟ .
فسكت , فعدت له فنشدته فسكت , فعدت له فنشدته فقال : الله ورسوله أعلم ففاضت عيناي , وتوليت حتى تسورت الجدار .
قال : فبينا أنا أمشي بسوق المدينة إذا نبطي ـ فلاح ـ من أنباط أهل الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول : من يدل على كعب بن مالك , فطفق الناس يشيرون له , حتى إذا جاءني دفع إلي كتاباً من ملك غسان , فإذا فيه : أما بعد : فإنه قد بلغني أن صاحبك قد جفاك , ولم يجعلك الله بدار هوان , ولا مضيعة فالحق بنا نواسك .
فقلت لما قرأتها : وهذا أيضاً من البلاء , فتيممت بها التنور فسجرته بها , حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين إذا رسول رسول الله يأتيني فقال : إن رسول الله يأمرك أن تعتزل امرأتك , فقلت : أطلقها , أم ماذا أفعل ؟
قال : " لا , بل اعتزلها ولا تقربها " , وأرسل إلى صاحبي مثل ذلك , فقلت لامرأتي : ألحقي بأهلك فتكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر .
قال كعب : فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله فقالت : يا رسول الله إن هلال بن أمية شيخ ضائع , ليس له خادم , فهل تكره أن أخدمه ؟
قال : " لا , ولكن لا يقربك " .
قالت : إنه والله ما به حركة إلى شيء , والله ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يومه هذا .
فقال لي بعض أهلي : لو استأذنت رسول الله في امرأتك , كما أذن لامرأة هلال بن أميه أن تخدمه ؟ .
فقلت : والله لا أستأذن فيها رسول الله وما يدريني ما يقول رسول الله  إذا استأذنته فيها وأنا رجل شاب ؟ .
فلبثت بعد ذلك عشر ليال حتى كملت لنا خمسون ليلة من حين نهى رسول الله  عن كلامنا , فلما صليت صلاة الفجر صبح خمسين ليلة وأنا على ظهر بيت من بيوتنا , فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت , سمعت صوت صارخ , أوفى على جبل سلع بأعلى صوته : يا كعب بن مالك أبشر , قال : فخررت ساجداً , وعرفت أن قد جاء فرج , وآذن رسول الله بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر , فذهب الناس يبشروننا , وذهب قبل صاحبي مبشرون , وركض إلي رجل فرساً , وسعى ساع من أسلم , فأوفى على الجبل , وكان الصوت أسرع من الفرس , فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي فكسوته إياهما ببشراه , والله ما أملك غيرهما يومئذ , واستعرت ثوبين فلبستهما وانطلقت إلى رسول الله  فيتلقاني الناس فوجاً فوجاً يهنؤونى بالتوبة يقولون لتهنك توبة الله عليك .
قال كعب : حتى دخلت المسجد فإذا رسول الله  جالس حوله الناس , فقام إلى طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني , والله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره , ولا أنساها لطلحة .
قال كعب : فلما سلمت على رسول الله  قال رسول الله وهو يبرق وجهه من السرور : " أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك " .
قال : قلت : أمن عندك يا رسول الله , أم من عند الله ؟ .
قال : " بل من عند الله " , وكان رسول الله إذا سر استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر , وكنا نعرف ذلك منه .
فلما جلست بين يديه قلت : يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسول الله .
قال رسول الله  : " أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك " .
قلت فإني أمسك سهمي الذي بخيبر , فقلت : يا رسول الله إن الله إنما نجاني بالصدق , وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقاً ما لقيت .
فوالله ما أعلم أحداً من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله أحسن مما أبلاني , ما تعمدت منذ ذكرت ذلك لرسول الله إلى يومي هذا كذباً , وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقيت .
وأنزل الله على رسوله : { لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار } إلى قوله { وكونوا مع الصادقين } .
فوالله ما أنعم الله علي من نعمة قط بعد أن هداني للإسلام أعظم في نفسي من صدقي لرسول الله  أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوا , فإن الله قال للذين كذبوا - حين أنزل الوحي - شر ما قال لأحد , فقال تبارك وتعالى { سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم } , إلى قوله : { فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين } .
قال كعب : وكنا تخلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله حين حلفوا له , فبايعهم واستغفر لهم , وأرجأ رسول الله أمرنا حتى قضى الله فيه فبذلك .
قال الله : { وعلى الثلاثة الذين خلفوا } , وليس الذي ذكر الله مما خلفنا عن الغزو , إنما هو تخليفه إيانا , وإرجاؤه أمرنا عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه " . 4

إسلام أبي ذر 
عن أبو جمرة قال :
قال لنا ابن عباس : ألا أخبركم بإسلام أبي ذر ؟
قال : قلنا : بلى .
قال : قال أبو ذر : كنت رجلاً من غفار ـ قبيلة ـ فبلغنا أن رجلاً قد خرج بمكة يزعم أنه نبي , فقلت لأخي : انطلق إلى هذا الرجل كلمه وأتني بخبره فانطلق فلقيه ثم رجع , فقلت ما عندك ؟
فقال : والله لقد رأيت رجلاً يأمر بالخير وينهى عن الشر .
فقلت له : لم تشفني من الخبر , فأخذت جراباً وعصاً ثم أقبلت إلى مكة , فجعلت لا أعرفه وأكره أن أسأل عنه , وأشرب من ماء زمزم وأكون في المسجد , قال : فمر بي عليّ فقال : كأن الرجل غريب ؟
قال قلت : نعم .
قال : فانطلق إلى المنزل , قال : فانطلقت معه لا يسألني عن شيء ولا أخبره , فلما أصبحت غدوت إلى المسجد لأسأل عنه وليس أحد يخبرني عنه بشيء , قال : فمر بي عليّ فقال : أما نال للرجل يعرف منزله بعد ؟
قال : قلت : لا , قال : انطلق معي , قال : فقال : ما أمرك وما أقدمك هذه البلدة ؟
قال : قلت له : إن كتمت علي أخبرتك .
قال : فإني أفعل , قال : قلت له : بلغنا أنه قد خرج ها هنا رجل يزعم أنه نبي فأرسلت أخي ليكلمه فرجع ولم يشفني من الخبر فأردت أن ألقاه , فقال له أما إنك قد رشدت , هذا وجهي إليه فاتبعني أدخل حيث أدخل فإني إن رأيت أحداً أخافه عليك قمت إلى الحائط كأني أصلح نعلي وامض أنت , فمضى ومضيت معه حتى دخل ودخلت معه على النبي  فقلت له : اعرض علي الإسلام , فعرضه فأسلمت مكاني , فقال لي : " يا أبا ذر اكتم هذا الأمر وارجع إلى بلدك فإذا بلغك ظهورنا فأقبل " فقلت : والذي بعثك بالحق لأصرخن بها بين أظهرهم , فجاء إلى المسجد وقريش فيه فقال : يا معشر قريش إني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
فقالوا : قوموا إلى هذا الصابئ , فقاموا فضربت لأموت , فأدركني العباس فأكب علي ثم أقبل عليهم فقال : ويلكم تقتلون رجلاً من غفار ومتجركم وممركم على غفار , فأقلعوا عني , فلما أن أصبحت الغد رجعت فقلت مثل ما قلت بالأمس , فقالوا : قوموا إلى هذا الصابئ فصنع بي مثل ما صنع بالأمس وأدركني العباس فأكب علي وقال مثل مقالته بالأمس .
قال : فكان هذا أول إسلام أبي ذر ـ رحمه الله ـ .5

إسلام سعد بن معاذ 
قال ابن إسحاق :
حدثني عبيد الله بن المغيرة بن معيقيب وعبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم : أن أسعد بن زرارة خرج بمصعب بن عمير يريد به دار بني عبد الأشهل ودار بني ظفر , وكان سعد بن معاذ ابن خالة أسعد بن زرارة فدخل به حائطاً من حوائط بني ظفر على بئر يقال له بئر مرق , فجلسا في الحائط واجتمع إليهما رجال ممن أسلم , وسعد بن معاذ وأسيد بن الحضير يومئذ سيدا قومهما من بني عبد الأشهل , وكلاهما مشرك على دين قومه , فلما سمعا به قال سعد لأسيد : لا أباً لك انطلق إلى هذين الرجلين اللذين قد أتيا دارينا ليسفها ضعفاءنا فازجرهما وانههما أن يأتيا دارينا , فإنه لولا أسعد بن زرارة مني حيث قد علمت كفيتك ذلك , هو ابن خالتي ولا أجد عليه مقدماً .
قال : فأخذ أسيد بن حضير حربته ثم أقبل إليهما فلما رآه أسعد بن زرارة قال لمصعب : هذا سيد قومه وقد جاءك فاصدق الله فيه , قال مصعب : إن يجلس أكلمه , قال : فوقف عليهما متشتماً فقال : ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا اعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة .
وقال موسى بن عقبة : فقال له غلام : أتيتنا في دارنا بهذا الرعيد الغريب الطريد ليتسفه ضعفاءنا بالباطل ويدعوهم إليه .
فقال له مصعب : أو تجلس فتسمع فإن رضيت أمراً قبلته , وإن كرهته كف عنك ما تكره , قال : أنصفت .
قال : ثم ركز حربته وجلس إليهما فكلمه مصعب بالإسلام وقرأ عليه القرآن فقالا فيما يذكر عنهما : والله لعرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم في إشراقه وتسهله , ثم قال : ما أحسن هذا وأجمله كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين ؟
قالا له : تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك , ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي , فقام فاغتسل وطهر ثوبيه وتشهد شهادة الحق , ثم قام فركع ركعتين ثم قال لهما : إن ورائي رجلاً إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه وسأرسله إليكما الآن سعد بن معاذ , ثم أخذ حربته وانصرف إلى سعد وقومه وهم جلوس في ناديهم فلما نظر إليه سعد بن معاذ مقبلاً قال : أحلف بالله لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم , فلما وقف على النادي قال له سعد : ما فعلت ؟ .
قال : كلمت الرجلين فوالله ما رأيت بهما بأسا , وقد نهيتهما فقالا : نفعل ما أحببت .
وقد حدثت أن بني حارثة خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه , وذلك أنهم عرفوا أنه ابن خالتك ليحقروك , قال : فقام سعد بن معاذ مغضباً مبادراً مخوفاً للذي ذكر له من بني حارثة وأخذ الحربة في يده ثم قال : والله ما أراك أغنيت شيئاً ثم خرج إليهما سعد , فلما رآهما مطمئنين عرف أن أسيداً إنما أراد أن يسمع منهما , فوقف متشتماً ثم قال لأسعد بن زرارة : والله يا أبا أمامة والله لولا ما بيني وبينك من القرابة ما رمت هذا مني , أتغشاناً في دارنا بما نكره قال : وقد قال أسعد لمصعب : جاءك والله سيد من ورائه قومه إن يتبعك لا يتخلف عنك منهم اثنان .
قال : فقال له مصعب : أو تقعد فتسمع فإن رضيت أمراً رغبت فيه قبلته , وإن كرهته عزلنا عنك ما تكره , قال سعد : أنصفت , ثم ركز الحربة وجلس فعرض عليه الإسلام وقرأ عليه القرآن وذكر موسى بن عقبة أنه قرأ عليه أول الزخرف , قال : فعرفنا والله في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم في إشراقه وتسهله .
ثم قال لهما : كيف تصنعون إذا أنتم أسلمتم ودخلتم في هذا الدين ؟ .
قالا : تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك , ثم تشهد شهادة الحق , ثم تصلي ركعتين قال : فقام فاغتسل وطهر ثوبيه وشهد شهادة الحق ثم ركع ركعتين , ثم أخذ حربته فأقبل عائداً إلى نادي قومه ومعه أسيد بن الحضير , فلما رآه قومه مقبلاً قالوا : نحلف بالله لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم فلما وقف عليهم قال : يا بني عبد الأشهل كيف تعلمون أمري فيكم ؟ .
قالوا : سيدنا , وأفضلنا رأياً , وأيمنناً نقيبة .
قال : فإن كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله , قال فوالله ما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلماً أو مسلمة .
ورجع سعد ومصعب إلى منزل أسعد بن زرارة , فأقاما عنده يدعوان الناس إلى الإسلام , حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون .6

إسلام عبد الله بن مسعود 
عن ابن مسعود  قال :
كنت أرعى غنماً لعقبة بن أبي معيط , فمر بي رسول الله  وأبو بكر فقال يا غلام هل من لبن ؟
قال : قلت : نعم , ولكني مؤتمن .
قال : فهل من شاة لم ينز عليها الفحل ؟ .
فأتيته بشاة , فمسح ضرعها فنزل لبن , فحلبه في إناء فشرب وسقى أبا بكر ثم قال للضرع : أقلص فقلص .
قال : ثم أتيته بعد هذا فقلت : يا رسول الله علمني من هذا القول , قال : فمسح رأسي وقال : " يرحمك الله فإنك عليم معلم " . 7

إسلام عكرمة بن أبي جهل 
عن مصعب بن سعد عن أبيه قال :
لما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله  الناس إلا أربعة نفر وامرأتين , وقال اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة : عكرمة بن أبي جهل وعبد الله بن خطل ومقيس بن صبابة , وعبد الله بن سعد بن أبي السرح , فأما عبد الله بن خطل فأدرك وهو متعلق بأستار الكعبة فاستبق إليه سعيد بن حريث وعمار بن ياسر فسبق سعيد عماراً وكان أشب الرجلين فقتله , وأما مقيس بن صبابة فأدركه الناس في السوق فقتلوه , وأما عكرمة فركب البحر فأصابتهم عاصف فقال أصحاب السفينة : أخلصوا فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئاً ها هنا , فقال عكرمة : والله لئن لم ينجني من البحر إلا الإخلاص لا ينجيني في البر غيره اللهم إن لك علي عهداً إن أنت عافيتني مما أنا فيه أن آتى محمدا  حتى أضع يدي في يده فلأجدنه عفواً كريماً , فجاء فأسلم , وأما عبد الله بن سعد بن أبي السرح فإنه اختبأ عند عثمان بن عفان , فلما دعا رسول الله  الناس إلى البيعة جاء به حتى أوقفه على النبي  قال : يا رسول الله بايع عبد الله , قال فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثاً كل ذلك يأبى , فبايعه بعد ثلاث , ثم أقبل على أصحابه فقال : أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله .
فقالوا : وما يدرينا يا رسول الله ما في نفسك , هلا أومأت إلينا بعينك , قال : " إنه لا ينبغي لنبي أن يكون له خائنة أعين " .8


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

المواقف المستطابة من حياة الصحابة  Empty
مُساهمةموضوع: الانباء المستطابة   المواقف المستطابة من حياة الصحابة  I_icon_minitimeالخميس نوفمبر 28, 2013 1:41 pm

إسلام عمر بن الخطاب 
عن أنس بن مالك قال :
خرج عمر متقلد السيف , فلقيه رجل من بني زهرة قال : أين تعمد يا عمر؟ فقال : أريد أن أقتل محمداً , قال : وكيف تأمن في بني هاشم وبني زهرة وقد قتلت محمداً ؟
قال : فقال عمر : ما أراك إلا قد صبوت وتركت دينك الذي أنت عليه , قال أفلا أدلك على العجب يا عمر , إن ختنك وأختك قد صبوا وتركا دينك الذي أنت عليه .
قال : فمشى عمر ذامراً حتى أتاهما وعندهما رجل من المهاجرين يقال له خباب , قال : فلما سمع خباب حس عمر توارى في البيت فدخل عليهما فقال : ما هذه الهينمة ـ الصوت المنخفط ـ التي سمعتها عندكم ؟
قال : كانوا يقرؤون طه , فقالا : ما عدا حديثا تحدثناه بيننا , قال : فلعلكما قد صبوتما , قال : فقال له ختنه : أرأيت يا عمر إن كان الحق في غير دينك .
قال : فوثب عمر على ختنه فوطئه وطأ شديداً , فجاءت أخته فدفعته عن زوجها فنفحها بيده نفحة فدمى وجهها , فقالت وهي غضبى : يا عمر إن كان الحق في غير دينك أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله , فلما يئس عمر قال : أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرأه , قال : وكان عمر يقرأ الكتب , فقالت أخته : إنك رجس ولا يمسه إلا المطهرون فقم فاغتسل , أو توضأ , قال : فقام عمر فتوضأ ثم أخذ الكتاب فقرأ طه حتى انتهى إلى قوله : { إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري } , قال : فقال عمر دلوني على محمد , فلما سمع خباب قول عمر خرج من البيت فقال : أبشر يا عمر فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله  لك ليلة الخميس : " اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بعمرو بن هشام " .
قال : ورسول الله  في الدار التي في أصل الصفا , فانطلق عمر حتى أتى الدار , قال : وعلى باب الدار حمزة وطلحة وأناس من أصحاب رسول الله  فلما رأى حمزة وجل القوم من عمر قال حمزة : نعم فهذا عمر فإن يرد الله بعمر خيراً يسلم ويتبع النبي  , وإن يرد غير ذلك يكن قتله علينا هيناً , قال النبي  داخل يوحى إليه , قال : فخرج رسول الله  حتى أتى عمر فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف فقال : " أما أنت منتهياً يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة , اللهم هذا عمر بن الخطاب اللهم أعز الدين بعمر بن الخطاب " , قال : فقال عمر : أشهد أنك رسول الله فأسلم " .9

إسلام حمزة بن عبد المطلب 
عن يعقوب بن عتبة بن المغيرة قال :
أن أبا جهل اعترض لرسول الله  بالصفا فآذاه , وكان حمزة  صاحب قنص وصيد , وكان يومئذ في قنصه , فلما رجع قالت له امرأته - وكانت قد رأت ما صنع أبو جهل برسول الله  - : يا أبا عمارة لو رأيت ما صنع - تعني أبا جهل - بابن أخيك , فغضب حمزة ومضى كما هو قبل أن يدخل بيته وهو معلق قوسه في عنقه حتى دخل المسجد , فوجد أبا جهل في مجلس من مجالس قريش .
فلم يكلمه حتى علا رأسه بقوسه فشجه ـ جرحه ـ فقام رجال من قريش إلى حمزة يمسكونه عنه فقال حمزة : ديني دين محمد أشهد أنه رسول الله , فوالله لا أنثني عن ذلك فامنعوني من ذلك إن كنتم صادقين .
فلما أسلم حمزة عز به رسول الله  والمسلمون وثبت لهم بعض أمرهم وهابت قريش وعلموا أن حمزة  سيمنعه .10

إسلام عمير بن وهب 
قال ابن إسحاق :
حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير قال : جلس عمير بن وهب الجمحي مع صفوان بن أمية بعد مصاب أهل بدر من قريش في الحجر بيسير , وكان عمير بن وهب شيطاناً من شياطين قريش , وممن كان يؤذي رسول الله  وأصحابه , ويلقون منه عناء وهو بمكة وكان ابنه وهب بن عمير في أسارى بدر .
قال : فذكر أصحاب القليب ومصابهم فقال صفوان : والله ما في العيش بعدهم خير .
قال له عمير : صدقت والله , أما والله لولا دين علي ليس له عندي قضاء وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدي لركبت إلى محمد حتى أقتله , فإن لي قبلهم علة , ابني أسير في أيديهم .
قال : فاغتنمها صفوان وقال : علي دينك أنا أقضيه عنك , وعيالك مع عيالي أواسيهم ما بقوا لا يسعني شيء ويعجز عنهم .
فقال له عمير : فاكتم شأني وشأنك , قال : ثم أمر عمير بسيفه فشحذ له سم ثم انطلق حتى قدم المدينة , فبينا عمر بن الخطاب في نفر من المسلمين يتحدثون عن يوم بدر ويذكرون ما أكرمهم الله به وما أراهم من عدوهم إذ نظر عمر إلى عمير بن وهب حين أناخ على باب المسجد متوشحاً السيف فقال : هذا الكلب عدو الله عمير بن وهب , والله ما جاء إلا لشر وهو الذي حرش بيننا وحزرنا للقوم يوم بدر .
ثم دخل عمر على رسول الله  فقال : يا نبي الله هذا عدو الله عمير بن وهب قد جاء متوشحاً سيفه , قال : " فأدخله علي " قال : فأقبل عمر حتى أخذ بحمالة سيفه في عنقه فلببه بها , وقال لرجال ممن كانوا معه من الأنصار : ادخلوا على رسول الله  فاجلسوا عنده , واحذروا عليه من هذا الخبيث فإنه غير مأمون .
ثم دخل به على رسول الله  فلما رآه رسول الله  وعمر آخذ بحمالة سيفه في عنقه قال : " أرسله يا عمر , أدن يا عمير " , فدنا ثم قال : إنعموا صباحاً ـ وكانت تحية أهل الجاهلية بينهم ـ فقال رسول الله  : " قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير بالسلام تحية أهل الجنة " .
فقال : أما والله يا محمد إن كنت بها لحديث عهد , قال : " فما جاء بك يا عمير ؟ " , قال : جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه , قال : " فما بال السيف في عنقك ؟ " قال : قبحها الله من سيوف وهل أغنت عنا شيئاً ؟ قال  : " أصدقني ما الذي جئت له ؟ " قال : ما جئت إلا لذلك .
قال : " بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر , فذكرتما أصحاب القليب من قريش ثم قلت : لولا دين علي , وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمداً , فتحمل لك صفوان بدينك وعيالك على أن تقتلني له , والله حائل بينك وبين ذلك " .
قال عمير : أشهد أنك رسول الله , قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء , وما ينزل عليك من الوحي وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان , فوالله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله , فالحمد لله الذي هداني للإسلام وساقني هذا المساق ثم شهد شهادة الحق .
فقال رسول الله  : " فقهوا أخاكم في دينه , وأقرئوه القرآن , وأطلقوا له أسيره " , ففعلوا .11

إسلام عمر بن الجموح 
عن ابن إسحاق قال :
كان عمرو بن الجموح سيداً من سادة بني سلمة , وشريفاً من أشرافهم , وكان قد اتخذ في داره صنماً من خشب يقال له " مناة " يعظمه ويطهره , فلما أسلم فتيان بني سلمة , ابنه معاذ بن عمرو ومعاذ بن جبل في فتيان منهم كانوا ممن شهد العقبة , فكانوا يدخلون الليل على صنم عمرو فيحملونه فيطرحونه في بعض حفر بني سلمة وفيها عُذر الناس ـ غائطهم ـ منكساً على رأسه فإذا أصبح عمرو قال : ويلكم !من عدا على آلهتنا هذه الليلة , ثم يغدو فيلتمسه فإذا وجده غسله وطيبه ثم يقول : والله لو أعلم من يصنع لك هذا لأخزينه .
فإذا أمسى ونام عمرو عدوا عليه ففعلوا به ذلك , فيغدو فيجده فيغسله ويطيبه , فلما ألحوا عليه استخرجه فغسله وطيبه ثم جاء بسيفه فعلقه عليه ثم قال : إني والله لا أعلم من يصنع بك ذلك , فإن كان فيك خير فامتنع هذا السيف معك ! !
فلما أمسى عدوا عليه وأخذوا السيف من عنقه , ثم أخذوا كلباً ميتاً فقرنوه بحبل ثم ألقوه في بئر من آبار بني سلمة فيها عذر الناس , وغدا عمرو فلم يجده فخرج يبتغيه حتى وجده مقروناً بكلب , فلما رآه أبصر رشده وكلمه من أسلم من قومه فأسلم وحسن إسلامه .
وقال عمرو حين أسلم وعرف من الله ما عرف وهو يذكر صنمه ذلك وما أبصره من أمره ويشكر الله الذي أنقذه من العمى والضلال :
تالله لو كنت إلهاً لم تكــــــــــن أنت وكلب وسط بئر في قـــــــــرن
أف لمصرعك إلهاً مستـــــــدن الآن فتشناك عن سوء الغبـــــــــــن
فالحمد لله العلي ذي المنـــــــن الواهب الرزاق وديان الديـــــــــــن
هو الذي أنقذني من قبــــــل أن أكون في ظلمة قبر مرتهــــــــــن 12

إسلام عبد الله بن عمرو بن حرام 
قال ابن إسحاق :
حدثني معبد بن كعب : أن أخاه عبد الله بن كعب حدثه أن أباه كعب بن مالك حدثه قال كعب : خرجنا إلى الحج وواعدنا رسول الله  بالعقبة من أوسط أيام التشريق .
قال : فلما فرغنا من الحج وكانت الليلة التي واعدنا رسول الله  لها ومعنا عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر سيد من ساداتنا وشريف من أشرافنا أخذناه معنا , وكنا نكتم من معنا من قومنا من المشركين أمرنا , فكلمناه وقلنا له : يا أبا جابر إنك سيد من ساداتنا وشريف من أشرافنا وإنا نرغب بك عما أنت فيه أن تكون حطباً للنار غداً , ثم دعوناه إلى الإسلام وأخبرناه بميعاد رسول الله  إيانا العقبة .
قال : فأسلم وشهد معنا العقبة وكان نقيباً . 13

إسلام عبد الله بن سلام 
عن أنس  قال :
بلغ عبد الله بن سلام مقدم رسول الله  المدينة فأتاه فقال : إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي : ما أول أشراط الساعة , وما أول طعام يأكله أهل الجنة , ومن أي شيء ينزع الولد إلى أبيه , ومن أي شيء ينزع إلى أخواله ؟
فقال رسول الله  : " خبرني بهن آنفا جبريل " , قال : فقال عبد الله ذاك عدو اليهود من الملائكة , فقال رسول الله  : " أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب , وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت , وأما الشبه في الولد فإن الرجل إذا غشي المرأة فسبقها ماؤه كان الشبه له , وإذا سبق ماؤها كان الشبه لها " .
قال : أشهد أنك رسول الله , ثم قال : يا رسول الله إن اليهود قوم بهت , إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم بهتوني عندك , فجاءت اليهود ودخل عبد الله البيت فقال رسول الله  : " أي رجل فيكم عبد الله بن سلام ؟ " .
قالوا : أعلمنا وابن أعلمنا , وأخيرنا وابن أخيرنا , فقال رسول الله  : " أفرأيتم إن أسلم عبد الله " , قالوا : أعاذه الله من ذلك , فخرج عبد الله إليهم فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله , فقالوا : شرنا وابن شرنا , ووقعوا فيه " .14

إسلام عمرو بن العاص 
عن حبيب بن أبي أوس قال :
حدثني عمرو بن العاص من فيه قال : لما انصرفنا من الأحزاب عن الخندق جمعت رجالاً من قريش كانوا يرون مكاني ويسمعون مني فقلت لهم : تعلمون والله إني لأرى أمر محمد يعلو الأمور علواً كبيراً منكراً , وأني قد رأيت رأيا فما ترون فيه ؟
قالوا : وما رأيت ؟
قال : رأيت أن نلحق بالنجاشي فنكون عنده , فإن ظهر محمد على قومنا كنا عند النجاشي , فإنا إن نكون تحت يديه أحب إلينا من أن نكون تحت يدي محمد وإن ظهر قومنا فنحن من قد عرف فلن يأتينا منهم إلا خير .
فقالوا : إن هذا الرأي , قال : فقلت لهم : فاجمعوا له ما نهدي له وكان أحب ما يهدى إليه من أرضنا الأدم , فجمعنا له أدماً كثيراً فخرجنا حتى قدمنا عليه , فوالله إنا لعنده إذ جاء عمرو بن أمية الضمري , وكان رسول الله  قد بعثه إليه في شأن جعفر وأصحابه , قال : فدخل عليه ثم خرج من عنده قال فقلت لأصحابي : هذا عمرو بن أمية الضمري لو قد دخلت على النجاشي فسألته إياه فأعطانيه فضربت عنقه , فإذا فعلت ذلك رأت قريش أني قد أجزأت عنها حين قتلت رسول محمد , قال : فدخلت عليه فسجدت له كما كنت أصنع فقال : مرحبا بصديقي أهديت لي من بلادك شيئاً ؟
قال : قلت : نعم أيها الملك , قد أهديت لك أدماً كثيراً , قال : ثم قدمته إليه فأعجبه واشتهاه , ثم قلت له : أيها الملك إني قد رأيت رجلاً خرج من عندك وهو رسول رجل عدو لنا فأعطنيه لأقتله , فإنه قد أصاب من أشرافنا وخيارنا
قال : فغضب , ثم مد يده فضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره , فلو انشقت لي الأرض لدخلت فيها فرقاً منه , ثم قلت : أيها الملك والله لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتكه , فقال له : أتسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى لتقتله ؟ .
قال : قلت : أيها الملك أكذاك هو ؟ .
فقال : ويحك يا عمرو , أطعني واتبعه فإنه والله لعلي الحق , وليظهرن على من خالفه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده , قال : قلت : فبايعني له على الإسلام , قال : نعم , فبسط يده وبايعته على الإسلام , ثم خرجت إلى أصحابي وقد حال رأيي عما كان عليه وكتمت أصحابي إسلامي , ثم خرجت عامداً لرسول الله  لأسلم , فلقيت خالد بن الوليد وذلك قبيل الفتح وهو مقبل من مكة فقلت : أين يا أبا سليمان ؟ قال : والله لقد استقام المنسم , وأن الرجل لنبي أذهب والله أسلم فحتى متى .
قال : قلت : والله ما جئت الا لأسلم .
قال : فقدمنا على رسول الله  فقدم خالد بن الوليد فأسلم وبايع , ثم دنوت فقلت : يا رسول الله إني أبايعك على أن تغفر لي ما تقدم من ذنبي ولا أذكر وما تأخر , قال : فقال رسول الله  : " يا عمرو بايع فإن الإسلام يجب ما كان قبله , وأن الهجرة تجب ما كان قبلها " , قال : فبايعته ثم انصرفت . 15

إسلام سلمان الفارسي 
عن عبد الله بن عباس  قال :
حدثني سلمان الفارسي حديثه من فيه قال : كنت رجلاً فارسياً من أهل أصبهان من أهل قرية منها يقال لها " جى " وكان أبي دهقان قريته , وكنت أحب خلق الله إليه , فلم يزل به حبه إياي حتى حبسني في بيته , أي : ملازم النار كما تحبس الجارية , وأجهدت في المجوسية حتى كنت قطن النار الذي يوقدها لا يتركها تخبو ساعة , قال : وكانت لأبي ضيعة عظيمة قال : فشغل في بنيان له يوماً فقال لي : يا بني إنى قد شغلت في بنيان هذا اليوم عن ضيعتي فاذهب فاطلعها وأمرني فيها ببعض ما يريد , فخرجت أريد ضيعته فمررت بكنيسة من كنائس النصارى فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون , وكنت لا أدري ما أمر الناس لحبس أبي إياي في بيته , فلما مررت بهم وسمعت أصواتهم دخلت عليهم أنظر ما يصنعون .
قال : فلما رأيتهم أعجبني صلاتهم , ورغبت في أمرهم وقلت : هذا والله خير من الدين الذي نحن عليه , فوالله ما تركتهم حتى غربت الشمس وتركت ضيعة أبي ولم آتها , فقلت لهم : أين أصل هذا الدين ؟ .
قالوا : بالشام .
قال : ثم رجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي وشغلته عن عمله كله , قال : فلما جئته قال : أي بنى أين كنت ؟ ألم أكن عهدت إليك ما عهدت , قال : قلت : يا أبت مررت بناس يصلون في كنيسة لهم فأعجبني ما رأيت من دينهم , فوالله ما زلت عندهم حتى غربت الشمس .
قال : أي بنى ليس في ذلك الدين خير , دينك ودين آبائك خير منه .
قال : قلت : كلا والله إنه خير من ديننا , قال : فخافني فجعل في رجلي قيداً ثم حبسني في بيته , قال : وبعثت إلى النصارى فقلت لهم : إذا قدم عليكم ركب من الشام تجار من النصارى فأخبروني بهم , قال : فقدم عليهم ركب من الشام تجار من النصارى قال : فأخبروني بهم , قال : فقلت لهم : إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فآذنونى بهم , قال : فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم أخبروني بهم , فألقيت الحديد من رجلي ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام , فلما قدمتها قلت : من أفضل أهل هذا الدين ؟ .
قالوا : الأسقف في الكنيسة .
قال : فجئته , فقلت : إنى قد رغبت في هذا الدين , وأحببت ان أكون معك أخدمك في كنيستك , وأتعلم منك وأصلى معك , قال فادخل , فدخلت معه , قال : فكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها , فإذا جمعوا إليه منها أشياء اكتنزه لنفسه ولم يعطه المساكين , حتى جمع سبع قلال من ذهب وورق قال : وأبغضته بغضاً شديداً لما رأيته يصنع , ثم مات , فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه فقلت لهم : إن هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها , فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه ولم يعط المساكين منها شيئاً .
قالوا : وما علمك بذلك ؟
قال : قلت : أنا أدلكم على كنزه .
قالوا : فدلنا عليه , قال : فأريتهم موضعه , قال : فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهباً وورقاً , قال : فلما رأوها قالوا : والله لا ندفنه أبداً , فصلبوه ثم رجموه بالحجارة ثم جاؤوا برجل آخر فجعلوه بمكانه .
قال : فما رأيت رجلاً لا يصلي الخمس أرى أنه أفضل منه أزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة , ولا آداب ليلاً ونهاراً منه , قال : فأحببته حباً لم أحبه من قبله , وأقمت معه زماناً ثم حضرته الوفاة فقلت له : يا فلان إنى كنت معك وأحببتك حباً لم أحبه من قبلك , وقد حضرك ما ترى من أمر الله فإلى من توصى بي وما تأمرني , قال : أي بنى والله ما أعلم أحداً اليوم على ما كنت عليه , لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه إلا رجلاً بالموصل وهو فلان , فهو على ما كنت عليه فالحق به .
قال : فلما مات وغيب لحقت بصاحب الموصل , فقلت له يا فلان : إن فلاناً أوصاني عند موته أن ألحق بك وأخبرني أنك على أمره , قال : فقال لي : أقم عندي , فأقمت عنده فوجدته خير رجل على أمر صاحبه , فلم يلبث أن مات فلما حضرته الوفاة قلت له : يا فلان إن فلاناً أوصى بي إليك وأمرني باللحوق بك , وقد حضرك من الله عز وجل ما ترى فإلى من توصى بي وما تأمرني .
قال : أي بنى والله ما أعلم رجلاً على مثل ما كنا عليه إلا رجلاً بنصيبين وهو فلان فالحق به , قال : فلما مات وغيب لحقت بصاحب نصيبين , فجئته فأخبرته بخبري وما أمرني به صاحبي .
قال : فأقم عندي , فأقمت عنده فوجدته على أمر صاحبيه , فأقمت مع خير رجل فوالله ما لبث أن نزل به الموت , فلما حضر قلت له : يا فلان إن فلاناً كان أوصى بي إلى فلان ثم أوصى بي فلان إليك , فإلى من توصى بي وما تأمرنى .
قال : أي بنى والله ما نعلم أحداً بقى على أمرنا آمرك أن تأتيه إلا رجلاً بعمورية فإنه بمثل ما نحن عليه , فإن أحببت فأته , قال : فإنه على أمرنا .
قال : فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية وأخبرته خبري , فقال : أقم عندي فأقمت مع رجل على هدى أصحابه وأمرهم , قال : واكتسبت حتى كان لي بقرات وغنيمة , قال : ثم نزل به أمر الله فلما حضر قلت له : يا فلان إنى كنت مع فلان فأوصى بي فلان إلى فلان , وأوصى بي فلان إلى فلان , ثم أوصى بي فلان إليك , فإلى من توصى بي وما تأمرني ؟ .
قال : أي بنى والله ما أعلمه أصبح على ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه , ولكنه قد أظلك زمان نبي هو مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب مهاجراً إلى أرض بين حرتين , بينهما نخل به علامات لا تخفى : يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة , بين كتفيه خاتم النبوة , فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل .
قال : ثم مات وغيب , فمكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث , ثم مر بي نفر من كلِب تجاراً , فقلت لهم : تحملونى إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي هذه , قالوا : نعم , فأعطيتهموها , وحملوني حتى إذا قدموا بي وادي القرى ظلموني , فباعوني من رجل من يهود عبداً , فكنت عنده ورأيت النخل ورجوت أن تكون البلد الذي وصف لي صاحبي , ولم يحق لي في نفسي , فبينما أنا عنده قدم عليه ابن عم له من المدينة من بنى قريظة فابتاعني منه فاحتملني إلى المدينة , فوالله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي , فأقمت بها وبعث الله رسوله , فأقام بمكة ما أقام لا أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق , ثم هاجر إلى المدينة فوالله إنى لفي رأس عذق لسيدي أعمل فيه بعض العمل وسيدي جالس , إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه فقال : فلان قاتل الله بنى قيلة , والله إنهم الآن لمجتمعون بقباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي .
قال : فلما سمعتها أخذتني العرواء ـ غشية ـ حتى ظننت سأسقط على سيدي قال : ونزلت عن النخلة , فجعلت أقول لابن عمه ذلك : ماذا تقول ماذا تقول , قال : فغضب سيدي فلكمني لكمة شديدة ثم قال : مالك ولهذا أقبل على عملك , قال : قلت : لا شيء إنما أردت أن استثبت عما قال , وقد كان عندي شيء قد جمعته , فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت به إلى رسول الله  وهو بقباء فدخلت عليه فقلت له : إنه قد بلغني أنك رجل صالح ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة , وهذا شيء كان عندي للصدقة فرأيتكم أحق به من غيركم , قال : فقربته إليه فقال رسول الله  لأصحابه : كلوا وأمسك يده فلم يأكل , قال : فقلت في نفسي : هذه واحدة .
ثم انصرفت عنه فجمعت شيئاً وتحول رسول الله  إلى المدينة ثم جئت به فقلت : إنى رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها , قال : فأكل رسول الله  منها وأمر أصحابه فأكلوا معه , قال : فقلت في نفسي : هاتان اثنتان .
ثم جئت رسول الله  وهو ببقيع الغرقد قال : وقد تبع جنازة من أصحابه عليه شملتان له وهو جالس في أصحابه , فسلمت عليه ثم استدرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي , فلما رآني رسول الله  استدرته عرف أني استثبت في شيء وصف لي , قال : فألقى رداءه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم فعرفته فانكببت عليه أقبله وأبكى , فقال لي رسول الله  : تحول , فتحولت فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا ابن عباس .
قال : فأعجب رسول الله  أن يسمع ذلك أصحابه , ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله  بدر وأحد , قال : ثم قال لي رسول الله  : " كاتب يا سلمان " , فكاتبت صاحبي على ثلاثمائة نخلة أحييها له بالفقير , وبأربعين أوقية فقال رسول الله  لأصحابه : " أعينوا أخاكم " , فأعانونى بالنخل الرجل بثلاثين ودية ـ فسيلة ـ , والرجل بعشرين , والرجل بخمس عشرة والرجل بعشر , يعنى الرجل بقدر ما عنده حتى اجتمعت لي ثلاثمائة ودية , فقال لي رسول الله  : " اذهب يا سلمان ففقر لها , فإذا فرغت فائتني أكون أنا أضعها بيدي " ففقرت لها , وأعانني أصحابي حتى إذا فرغت منها جئته فأخبرته , فخرج رسول الله  معي إليها فجعلنا نقرب له الودي ويضعه رسول الله  بيده , فوالذي نفس سلمان بيده ما ماتت منها ودية واحدة , فأديت النخل , وبقى على المال , فأتى رسول الله  بمثل بيضة الدجاجة من ذهب من بعض المغازي فقال : " ما فعل الفارسي المكاتب ؟ " قال : فدعيت له فقال " خذ هذه فأد بها ما عليك يا سلمان " , فقلت : وأين تقع هذه يا رسول الله مما على ؟ قال : خذها فإن الله عز وجل سيؤدى بها عنك , قال : فأخذتها فوزنت لهم منها والذي نفس سلمان بيده أربعين أوقية فأوفيتهم حقهم وعتقت , فشهدت مع رسول الله  الخندق , ثم لم يفتنى معه مشهد . 16

إسلام أم أبي هريرة 
عن أبى هريرة  قال :
كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة , فدعوتها يوماً فأسمعتني في رسول الله  ما أكره , فأتيت رسول الله  وأنا أبكي قلت : يا رسول الله إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام , فتأبى علي , فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره , فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة .
فقال رسول الله  : " اللهم اهد أم أبي هريرة " , فخرجت مستبشراً بدعوة نبي الله  فلما جئت فصرت إلى الباب , فإذا هو مجاف فسمعت أمي خشف قدمي فقالت : مكانك يا أبا هريرة , وسمعت خضخضة الماء قال فاغتسلت , ولبست درعها , وعجلت عن خمارها ففتحت الباب ثم قالت : يا أبا هريرة أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله , قال : فرجعت إلى رسول الله  فأتيته وأنا أبكي من الفرح قال : قلت : يا رسول الله أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي هريرة , فحمد الله وأثنى عليه وقال " خيراً " , قال : قلت : يا رسول الله ادع الله أن يحببني أنا وأمي إلى عبادة المؤمنين ويحببهم إلينا .
قال : فقال رسول الله  : " اللهم حبب عبيدك هذا - يعني أبا هريرة - وأمه إلى عبادك المؤمنين , وحبب إليهم المؤمنين " , فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلا أحبني .17

يا رسول الله إني أريد أن تطهرني
عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال :
أن ماعز بن مالك الأسلمي أتى رسول الله  فقال : يا رسول الله إني قد ظلمت نفسي وزنيت , وإني أريد أن تطهرني , فرده , فلما كان من الغد أتاه فقال : يا رسول الله إني قد زنيت , فرده الثانية , فأرسل رسول الله  إلى قومه فقال : " أتعلمون بعقله بأساً تنكرون منه شيئا ؟ " , فقالوا : ما نعلمه إلا وفي العقل من صالحينا فيما نرى , فأتاه الثالثة فأرسل إليهم أيضاً فسأل عنه فأخبروه أنه لا بأس به ولا بعقله , فلما كان الرابعة حفر له حفرة ثم أمر به فرجم .
قال : فجاءت الغامدية فقالت : يا رسول الله إني قد زنيت فطهرني وإنه ردها فلما كان الغد قالت : يا رسول الله لم تردني ؟ لعلك أن تردني كما رددت ماعزاً فوالله إني لحبلى , قال : " إما لا فاذهبي حتى تلدي " , فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة قالت : هذا قد ولدته قال : " اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه " , فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز فقالت : هذا يا نبي الله قد فطمته , وقد أكل الطعام , فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين , ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها , وأمر الناس فرجموها , فيقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها فتنضح الدم على وجه خالد فسبها , فسمع نبي الله  سبه إياها فقال : " مهلاً يا خالد , فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له " .
ثم أمر بها فصلى عليها ودفنت . 18
    
جهادهم وشجاعتهم 
شجاعة وقوة أبى بكر الصديق 
عن على بن أبى طالب  قال :
لقد رأيت رسول الله  وأخذته قريش ، فذا يجبأه ، وذا يتلتله ، وهم يقولون أنت الذى جعلت الآلهة إلاهاً واحداً ؟
قال : فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر ، يضرب هذا ، ويجبأ هذا ، ويتلتل هذا وهو يقول : ويلكم ! { أتقتلون رجلاً أن يقول ربى الله } . 19
وعن عبد الله بن عمر  قال :
بينما رسول الله  بفناء الكعبة , إذ أقبل عقبة بن أبى معيط حتى أخذ بمنكب رسول الله  فلف ثوبه فى عنقه ، فخنقه خنقاً شديداً ، فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبه , ودفعه عن النبي  , ثم قال : { أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله } .20

بأبي أنت وأمي يا رسول الله
عن عائشة ـ رضى الله عنها ـ قالت :
لما اجتمع أصحاب النبي  وكانوا ثمانية وثلاثين رجلاً ألح أبو بكر على رسول الله  في الظهور ـ أي بالجهر بالدعوة ـ فقال : يا أبا بكر إنا قليل , فلم يزل أبو بكر يلح حتى ظهر رسول الله  وتفرق المسلمون في نواحي المسجد كل رجل في عشيرته , وقام أبو بكر في الناس خطيباً ورسول الله  جالس فكان أول خطيب دعا إلى الله وإلى رسوله  , وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين فضربوا في نواحي المسجد ضرباً شديداً , ووطئ أبو بكر وضرب ضرباً شديداً , ودنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة فجعل يضربه بنعلين مخصوفتين ويحرفهما لوجهه , ونزا على بطن أبي بكر حتى ما يعرف وجهه من أنفه , وجاء بنو تيم يتعادون ـ قبيلة أبي بكر ـ فأجلت المشركين عن أبي بكر , وحملت بنو تيم أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه منزله ولا يشكون في موته
ثم رجعت بنو تيم فدخلوا المسجد وقالوا : والله لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة بن ربيعة , فرجعوا إلى أبي بكر فجعل أبو قحافة وبنو تيم يكلمون أبا بكر حتى أجاب فتكلم آخر النهار فقال : ما فعل رسول الله  ؟ , فمسوا منه بألسنتهم وعذلوه ثم قاموا وقالوا لأمه أم الخير : أنظري أن تطعميه شيئاً , أو تسقيه إياه فلما خلت به ألحت عليه وجعل يقول : ما فعل رسول الله  ؟ .
فقالت : والله مالي علم بصاحبك .
فقال : اذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه فخرجت حتى جاءت أم جميل فقالت : إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله فقالت : ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله , وإن كنت تحبين أن أذهب معك إلى ابنك , قالت : نعم , فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعاً دنفاً , فدنت أم جميل وأعلنت بالصياح وقالت : والله إن قوماً نالوا هذا منك لأهل فسق وكفر , وإني لأرجو أن ينتقم الله لك منهم .
قال : فما فعل رسول الله  ؟
قالت : هذه أمك تسمع , قال : فلا شيء عليك منها , قالت : سالم صالح , قال أين هو ؟ .
قالت : في دار ابن الأرقم , قال : فإن لله علي أن لا أذوق طعاماً ولا أشرب شراباً أو آتي رسول الله  فامهلتا حتى إذا هدأت الرجل وسكن الناس خرجتا به يتكئ عليهما حتى أدخلتاه على رسول الله  قال : فأكب عليه رسول الله  فقبله , وأكب عليه المسلمون ورق له رسول الله  رقة شديدة .
فقال أبو بكر : بأبي وأمي يا رسول الله , ليس بي بأس إلا ما نال الفاسق من وجهي , وهذه أمي برة بوالدها , وأنت مبارك ادعها إلى الله وادع الله لها عسى الله أن يستنقذها بك من النار , قال : فدعا لها رسول الله  ودعاها إلى الله فأسلمت . 21

أعلمت أني أسلمت ؟!
عن ابن عمر  قال :
لمّا أسلم عمر  قال : أي قريش أنقل للحديث ؟
فقيل له : جميل بن معمر الجمحي ، فغدا عليه , قال عبد الله : وغدوت أتبع أثره وأنظر ما يفعل وأنا غلام أعقل كل ما رأيت حتى جاءه ، فقال له : أعلمت يا جميل أني أسلمت ودخلت في دين محمد  .
قال : فوالله ، ما راجعه حتى قام يجر رداءه واتبعه عمر واتبعته أنا ، حتى قام على باب المسجد صرخ بأعلى صوته : يا معشر قريش ـ وهم في أنديتهم حول الكعبة ـ أَلا إن ابن الخطاب قد صبأ .
قال : يقول عمر من خلفه : كذب ، ولكني قد أسلمت وشهدت أن لا إِله إلا الله وأن محمداً رسول الله , وثاروا إليه فما برح يقاتلهم ويقاتلونه حتى قامت الشمس على رؤوسهم .
قال : وطلح فقعد ، وقاموا على رأسه وهو يقول : إفعلوا ما بدا لكم ، فأحلف بالله ، أن لو قد كنا ثلاثمائة رجل لقد تركناها لكم أو تركتموها لنا .
قال : فبينما هم على ذلك إذ أقبل شيخ من قريش عليه حلة حِبَرة وقميص مُوَشى حتى وقف عليهم فقال : ما شأنكم ؟ .
فقالوا : صبأ عمر , قال : فمَهْ رجل اختار لنفسه أمراً فماذا تريدون ، أترون بني عدي يسلمون لكم صاحبهم هكذا ؟ خلوا عن الرجل .
قال : فوالله لك أنما كانوا ثوباً كشط عنه .
قال : فقلت لأبي ـ بعد أن هاجر إلى المدينة ـ يا أبت ، من الرجل الذي زجر القوم عنك بمكة يوم أسلمت وهم يقاتلونك ؟
قال : ذاك العاص بن وائل السهمي .22

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

المواقف المستطابة من حياة الصحابة  Empty
مُساهمةموضوع: الانباء المستطابة   المواقف المستطابة من حياة الصحابة  I_icon_minitimeالخميس نوفمبر 28, 2013 1:43 pm

الشياطين تفرق منه
عن عائشة ـ رضى الله عنها ـ قالت :
كان رسول الله  جالساً فسمعنا لغطا وصوت صبيان , فقام رسول الله  فإذا حبشية تزفن والصبيان حولها , فقال : " يا عائشة تعالي فانظري " , فجئت فوضعت لحيي على منكب رسول الله  فجعلت أنظر إليها ما بين المنكب إلى رأسه فقال لي : " أما شبعت , أما شبعت " , قالت : فجعلت أقول : لا لأنظر منزلتي عنده , إذا طلع عمر قال : فارفض الناس عنها , قالت : فقال رسول الله  : " إني لأنظر إلى شياطين الإنس والجن قد فروا من عمر" .
قالت : فرجعت .23

من يلقاني خلف هذا الوادي ؟!
عن ابن عباس  قال :
قال لى على بن أبى طالب : ما علمت أن أحداً من المهاجرين هاجر إلا متخفياً , إلا عمر بن الخطاب ، فإنه لم هم بالهجرة تقلد سيفه ، وتنكب قوسه ، وانتضى فى يده سهماً ، واختصر عنزته ، ومضى قبل الكعبة ، والملأ من قريش بفنائها ، فطاف بالبيت سبعاً متمكناً ، ثم أتى المقام فصلى ركعتين ، ثم وقف على الحلق واحدة واحدة ، وقال لهم : شاهت الوجوه ، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس ، من أراد أن تثكله أمه ، ويوتم ولده ، ويرمل زوجته ، فليلقنى وراء هذا الوادى .
قال على : فما تبعه أحد إلا قوم من المستضعفين علمهم ، وأرشدهم ، ومضى لوجهه .24

الشيطان يسلك فجاً غير فجه
عن سعد بن أبى وقاص  قال :
أستأذن عمر على النبي  وعنده نسوة من قريش يكلمنه ، وفى رواية : يسألنه ، عاليه أصواتهن على صوته ، فلما أستأذن عمر قمن يبتدرن الحجاب ، فأذن له النبي  ، فدخل عمر ، والنبي  يضحك ، فقال عمر : أضحك الله سنك ، بأبى وأمى ما أضحكك ؟
قال  : " عجبت من هؤلاء اللاتى كن عندى ، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب " .
قال عمر : فأنت يا رسول الله لأحق أن يهبن .
ثم قال : أى عدوات أنفسهن ، أتهبننى ولا تهبن رسول الله  .
قلن : نعم ، أنت أفظ وأغلظ من النبي  .
فقال رسول الله  : " إيه يا ابن الخطاب ، والذى نفسى بيده ، ما لقيك الشيطان سالكاً فجاً إلا سلك فجاً غير فجك " . 25
وعن عكرمة :
أن حجاماً كان يقص شعر عمر بن الخطاب ، وكان رجلاً مهيباً , فتنحنح عمر ، فأحدث الحجام ـ بال على نفسه ـ فأمر له عمر بأربعين درهما . 26

والله كأنك تريدنا يا رسول الله
في غزوة بدر حينما خرج النبي  لعير قريش , وخرجت قريش تريد حرب رسول الله  ، أخذ رسول الله يستشير أصحابه فقال  : " أشيروا علي أيها الناس " , وإنما يريد الأنصار , وذلك أنهم عدد الناس وأنهم حين بايعوه بالعقبة قالوا : يا رسول الله إنا برآء من ذمامك حتى تصل إلى ديارنا , فإذا وصلت إلينا فأنت في ذمتنا نمنعك مما نمنع منه أبناءنا ونساءنا .
فكان رسول الله  يتخوف ألا تكون الأنصار ترى عليها نصره إلا ممن دهمه بالمدينة من عدوه , وأن ليس عليهم أن يسير بهم إلى عدو من بلادهم .
فلما قال ذلك رسول الله  قال له سعد بن معاذ : والله لكأنك تريدنا يا رسول الله ؟ قال : " أجل " .
قال : فقد آمنا بك وصدقناك , وشهدنا أن ما جئت به هو الحق , وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة , فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك , فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد , وما نكره أن تلقى بنا عدونا غداً إنا لصبر في الحرب , صدق في اللقاء , ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله .
فسر رسول الله  بقول سعد ونشطه ذلك ثم قال : " سيروا وأبشروا فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين , والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم " .27

من للقوم ؟ !
عن جابر  قال :
لما كا يوم أحد وولى الناس ، كان رسول الله  فى ناحية فى اثنى عشر رجلاً , منهم طلحة ، فأدركه المشركون ، فقال النبي  : " من للقوم ؟ " .
قال طلحة أنا , قال : " كما أنت " ، فقال رجل : أنا , قال : " أنت " .
فقاتل حتى قتل , ثم التفت فإذا المشركون فقال : " من لهم ؟ " .
قال طلحة : أنا , قال : " كما أنت " فقال رجل من الأنصار : أنا , قال : " أنت " ، فقاتل حتى قتل ، فمل يزل كذلك حتى بقى مع نبى الله  طلحة .
فقال : " من للقوم ؟ " قال طلحة : أنا . فقاتل طلحة قتال الأحد عشر رجلاً ، حتى قطعت أصابعه فقال : " حس " ، فقال رسول الله  : " لو قلت : بسم الله لرفعتك الملائكة والناس ينظرون ". ثم رد الله المشركين . 28
وجرح فى تلك الغزوة تسعاً وثلاثين أو خمساً وثلاثين , وشلت أصبعه أى السبابة والتى تليها .
وعن عائشة وأم إسحاق بنتى طلحة قالتا : جرح أبونا يوم أحد أربعاً وعشرين جراحة ، وقه منها فى رأسه شجه مربعة ، وقطع نساه ـ يعنى العرق ـ وشلت أصبعه ، وكان سائر الجراح فى جسده ، وغلبه الغشى ـ الإغماء ـ ورسول الله  مكسورة رباعيته ، مشجوج فى وجهه ، قد علاه الغشى ، وطلحة محتمله ـ أى يحمل النبي  ـ يرجع به القهقرى ، كلما أدركه أحد من المشركين ، قاتل دونه ، حتى أسنده الى الشِعب .29
وقد بلغ من جهاد طلحة  فى هذه الغزوة أن أبا بكر إذا ذكرت أحد قال : ذلك اليوم كله لطلحة . 30

جهاد الزبير بن العوام 
عن عروة قال :
أسلم الزبير ابن ثمان سنين ، ونفحت نفحة من الشيطان أن رسول الله  أخذ بأعلى مكة ، فخرج الزبير وهو غلام ، ابن اثنتي عشرة سنة ، بيده السيف فمن رآه عجب .
وقيل : الغلام معه السيف ، حتى أتى النبي  فقال : " ما لك يا زبير ؟ " .
فأخبره وقال : أتيت أضرب بسيفي من أخذك . 31
وعن الزبير  قال :
لقيت يوم بدر عبيدة بن سعد بن أبى العاص وهو مدجج لا يرى إلا عيناه وكان يكنى : أبا ذات كرش ، فحملت عليه بالعترة فطعنته فى عينه فمات .
قال الزبير : لقد وضعت رجلى عليه ، فكان الجهد أن نزعتها ـ يعنى الحربة ـ فلقد أنثنى طرفها .32
وكان عليه عمامة صفراء معتجرا بها يوم بدر . . .
فعن عروة أنه قال : كانت على الزبير يوم بدر عمامة صفراء ، فنزل جبريل على سيماء الزبير ـ أى على هيئته ـ .33
ورأى النبى  يوم أحد رجلاً يقاتل المسلمين قتالاً عنيفاً ، فقال : " قم إليه يا زبير " , فرقى إليه الزبير ، حتى إذا علا فوقه اقتحم عليه فاعتنقه ، فأقبلا ينحدران حتى وقعا إلى الأرض ، فوقع الزبير على صدره وقتله .34

ألا تشد فنشد معك !
وعن عروة :
أن أصحاب رسول الله  قالوا للزبير يوم اليرموك : ألا تشد فنشد معك ؟ فقال : إنى إن شددت كذبتم .
فقالوا : لا نفعل ، فحمل عليهم حتى شق صفوفهم ، فجاوزهم وما معه أحد ، ثم رجع مقبلاً فأخذوا بلجامه فضربوه ضربتين على عاتقه ، بينهما ضربة ضربها يوم بدر .
قال عروة : كنت أدخل أصابعى فى تلك الضربات ألعب وأنا صغير .
قال عروة : وكان معه عبد الله بن الزبير يومئذ ، وهوابن عشر سنين فحمله على فرس ووكل به رجلا . 35

كل رجل منهم بألف
لما قصد عمرو بن العاص مصر لفتحها , كانت معه قوات تبلغ ثلاث آلاف وخمسمائة رجل ، فكتب عمر بن الخطاب يستمده ـ يطلب منه المدد ـ فأرسل إليه عمر بن الخطاب  أربعة آلاف رجل عليهم : الزبير ، والمقداد بن الأسود ، وعبادة بن الصامت ، ومسلمة بن مخلد ، وكتب إليه : إنى أمددتك بأربعة آلاف , على كل ألف منهم رجل مقام ألف . 36
وأبطأ الفتح على عمرو بن العاص ، قال الزبير : إنى أهب نفسى لله ، أرجو أن يفتح الله بذلك على المسلمين , فوضع سلماً وأسنده إلى جانب الحصن من ناحية سوق الحمام ثم صعد ، وأمرهم إذا سمعوا تكبيره أن يجيبوه جميعاً ، فما شعروا إلا والزبير على رأس الحصن يكبر ومعه السيف ، فتحامل الناس على السلم حتى نهاهم عمرو خوفاً من أن ينكسر ، فلما رأى الروم أن العرب قد ظفروا بالحصن انسحبوا ، وبذلك فتح حصن بابليون أبوابه للمسلمين ، فانتهت بفتحه المعركة الحاسمة لفتح مصر، وكانت شجاعة الزبير النادرة السبب المباشر لإنتصار المسلمين على المقوقس . 37

جهاد صهيب الرومي 
يقول صهيب  عن نفسه :
لم يشهد رسول الله  مشهداً قط إلا كنت حاضره ، ولم يبايع بيعة إلا كنت حاضرها ، ولم يسر سرية قط إلا كنت حاضرها ، ولا غزا غزاة قط أول الزمان وآخره إلا كنت فيها عن يمينه أو شماله ، وما خافوا أمامهم قد إلا كنت أمامهم ، ولا ما وراءهم إلا كنت وراءهم ، وما جعلت رسول الله  بينى وبين العدو قط حتى توفى رسول الله  .38

فأقول : فيك يا رب !
عن سعد بن أبى وقاص  قال :
قال لى عبد الله بن جحش يوم أحد : ألا ندعوا الله ؟ فخلونا فى ناحية ، فدعا عبد الله بن جحش فقال : يا رب إذا لقيت العدو غداً فلقنى رجلاً شديداً بأسه ، شديداً حرده ـ القدرة ـ أقاتله فيك ويقاتلنى ، ثم يأخذنى فيجدع أنفى وأذنى ، فإذا لقيتك غداً قلت : يا عبد الله من جدع أنفك ؟
فأقول : فيك وفى رسولك , فتقول : صدقت .
قال سعد : فلقد رأيته آخر النهار وإن أذنه وأنفه لمعلقتان فى خيط .39

قيل له : أرجع ، فبكى !
عن سعد بن أبى وقاص  قال :
رأيت أخى عمير بن أبى وقاص قبل أن يعرضنا رسول الله  للخروج إلى بدر يتوارى ! فقلت : مالك يا أخى ؟
فقال : إنى أخاف أن يرانى رسول الله  فيستصغرنى فيردنى ، وأنا أحب الخروج لعل الله يرزقنى الشهادة . .
قال : فعرض على رسول الله  فاستصغره ، فقال : " أرجع " , فبكى عمير ، فأجازه رسول الله  .
قال سعد : فكنت أعقد له حمائل سيفه من صغره , فقتل ببدر وهو ابن ست عشرة سنة رحمه الله تعالى .40

أنا ابن الأكـــوع . . . واليوم يوم الرضع
عن إياس بن سلمة قال :
حدثني أبي قال : قدمنا الحديبية مع رسول الله ونحن أربع عشرة مائة وعليها خمسون شاة لا ترويها , قال : فقعد رسول الله  على جبا الركية ـ حافة البئر ـ فإما دعا , وإما بثق فيها , قال : فجاشت ـ زادت ـ , فسقينا واستقينا , قال : ثم إن رسول الله  دعانا للبيعة في أصل الشجرة , قال : فبايعته أول الناس , ثم بايع وبايع حتى إذا كان في وسط من الناس قال : " بايع يا سلمة " .
قال : قلت : قد بايعتك يا رسول الله في أول الناس , قال : " وأيضاً " .
قال : ورآني رسول الله  عزلاً ـ يعني ليس معه سلاح ـ قال : فأعطاني رسول الله  حجفة أو درقة ـ درع ـ ثم بايع حتى إذا كان في آخر الناس قال : " ألا تبايعني يا سلمة ؟ " قال : قلت : قد بايعتك يا رسول الله في أول الناس وفي أوسط الناس .
قال : " وأيضاً " قال : فبايعته الثالثة ثم قال لي : " يا سلمة أين حجفتك أو درقتك التي أعطيتك ؟ " , قال : قلت : يا رسول الله لقيني عمي عامر عزلاً فأعطيته إياها , قال : فضحك رسول الله  وقال : " إنك كالذي قال الأول اللهم أبغني حبيباً هو أحب إلي من نفسي " .
ثم إن المشركين راسلونا الصلح حتى مشى بعضنا في بعض واصطلحنا , قال : وكنت تبيعاً لطلحة بن عبيد الله أسقي فرسه وأحسه وأخدمه وآكل من طعامه , وتركت أهلي ومالي مهاجراً إلى الله ورسوله  .
قال : فلما اصطلحنا نحن وأهل مكة واختلط بعضنا ببعض أتيت شجرة فكسحت شوكها , فاضجعت في أصلها , قال : فأتاني أربعة من المشركين من أهل مكة , فجعلوا يقعون في رسول الله  فأبغضتهم , فتحولت إلى شجرة أخرى , وعلقوا سلاحهم واضطجعوا , فبينما هم كذلك إذ نادى منادي من أسفل الوادي : يا للمهاجرين قتل ابن زنيم .
قال : فاخترطت سيفي ـ سللته ـ ثم شددت على أولئك الأربعة وهم رقود فأخذت سلاحهم فجعلته ضغثاً ـ حزمة ـ في يدي , قال : ثم قلت والذي كرم وجه محمد لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربت الذي فيه عيناه .
قال : ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله  قال : وجاء عمي عامر برجل من العبلات يقال له : مكرز يقوده إلى رسول الله  على فرس مجفف في سبعين من المشركين , فنظر إليهم رسول الله  فقال : " دعوهم يكن لهم بدء الفجور وثناه " , فعفا عنهم رسول الله  وأنزل الله : { هو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم }الآية .
قال : ثم خرجنا راجعين إلى المدينة , فنزلنا منزلاً بيننا وبين بني لحيان , وهم المشركون , فاستغفر رسول الله  لمن رقي هذا الجبل الليلة كأنه طليعة للنبي  وأصحابه .
قال سلمة : فرقيت تلك الليلة مرتين أو ثلاثاً , ثم قدمنا المدينة , فبعث رسول الله  بظهره مع رباح غلام رسول  وأنا معه وخرجت معه بفرس طلحة أنديه مع الظهر , فلما أصبحنا إذا عبد الرحمن الفزاري قد أغار على ظهر رسول الله  فاستاقه أجمع وقتل راعيه , قال : فقلت : يا رباح خذ هذا الفرس فأبلغه طلحة بن عبيد الله وأخبر رسول الله  أن المشركين قد أغاروا على سرحه , قال : ثم قمت على أكمة فاستقبلت المدينة فناديت ثلاثاً : يا صباحاه , ثم خرجت في آثار القوم أرميهم بالنبل وأرتجز أقول :
أنا ابن الأكـــــــــــوع واليوم يوم الرضــــــــــــع
فألحق رجلاً منهم فأصك سهماً ـ أرمي ـ في رحله حتى خلص نصل السهم إلى كتفه , قال : قلت :
خذها وأنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضـــــــــــــع
قال : فوالله ما زلت أرميهم وأعقر بهم , فإذا رجع إلى فارس أتيت شجرة فجلست في أصلها , ثم رميته فعقرت به , حتى إذا تضايق الجبل دخلوا في تضايقه علوت الجبل , فجعلت أرديهم بالحجارة , قال : فما زلت كذلك أتبعهم حتى ما خلق الله من بعير من ظهر رسول الله  إلا خلفته وراء ظهري , وخلوا بيني وبينه , ثم اتبعتهم أرميهم حتى ألقوا أكثر من ثلاثين بردة وثلاثين رمحاً يستخفون ولا يطرحون شيئاً , إلا جعلت عليه آراما من الحجارة ـ أي أعلام ـ يعرفها رسول الله  وأصحابه , حتى إذا أتوا متضايقاً من ثنية فإذا هم قد أتاهم فلان بن بدر الفزاري , فجلسوا يتضحون ـ يعني يتغدون ـ وجلست على رأس قرن , قال الفزاري : ما هذا الذي أرى ؟
قالوا : لقينا من هذا البرح ـ الشدة ـ والله ما فارقنا منذ غلس , يرمينا حتى انتزع كل شيء في أيدينا , قال : فليقم إليه نفر منكم أربعة , قال : فصعد إلي منهم أربعة في الجبل قال : فلما أمكنوني من الكلام قال : قلت : هل تعرفوني ؟ قالوا : لا , ومن أنت ؟
قال : قلت : أنا سلمة بن الأكوع , والذي كرم وجه محمد  لا أطلب رجلاً منكم إلا أدركته , ولا يطلبني رجل منكم فيدركني .
قال أحدهم : أنا أظن .
قال فرجعوا , فما برحت مكاني حتى رأيت فوارس رسول الله  يتخللون الشجر قال : فإذا أولهم الأخرم الأسدي , على أثره ـ بعده ـ أبو قتادة الأنصاري وعلى أثره المقداد بن الأسود الكندي , قال : فأخذت بعنان الأخرم قال : فولوا مدبرين , قلت : يا أخرم احذرهم لا يقتطعوك حتى يلحق رسول الله  وأصحابه , قال : يا سلمة إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر , وتعلم أن الجنة حق والنار حق فلا تحل بيني وبين الشهادة .
قال : فخليته , فالتقى هو وعبد الرحمن قال : فعقر بعبد الرحمن فرسه وطعنه عبد الرحمن فقتله وتحول على فرسه ولحق أبو قتادة فارس رسول الله  بعبد الرحمن فطعنه فقتله , فوالذي كرم وجه محمد  اتبعتهم أعدو على رجلي حتى ما أرى ورائي من أصحاب محمد  ولا غبارهم شيئاً حتى يعدلوا قبل غروب الشمس إلى شعب فيه ماء يقال له " ذا قرد " ليشربوا منه وهم عطاش , قال : فنظروا إليّ أعدو ورائهم فحليتهم عنه ـ يعني أجليتهم عنه ـ فما ذاقوا منه قطرة , قال : ويخرجون فيشتدون في ثنية , قال : فأعْدوا فألحق رجلاً منهم , فأصكه ـ أضربه ـ بسهم في نغض كتفه قال : قلت :
خذها وأنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضـــــــــــع
قال : ياثكلته أمه أكوعه بكرة , قال : قلت : نعم يا عدو نفسه أكوعك بكرة قال : وأردوا فرسين على ثنية , قال : فجئت بهما أسوقهما إلى رسول الله  قال : ولحقني عامر بسطيحة فيها مذقة من لبن وسطيحة فيها ماء فتوضأت وشربت ثم أتيت رسول الله  وهو على الماء الذي حلأتهم منه , فإذا رسول الله  قد أخذ تلك الإبل وكل شيء استنقذته من المشركين وكل رمح وبردة وإذا بلال نحر ناقة من الإبل الذي استنقذت من القوم , وإذا هو يشوي لرسول الله  من كبدها وسنامها , قال : قلت : يا رسول الله خلني فأنتخب من القوم مائة رجل فأتبع القوم فلا يبقى منهم مخبر إلا قتلته .
قال : فضحك رسول الله  حتى بدت نواجذه في ضوء النهار , فقال : " يا سلمة أتراك كنت فاعلا ؟ " قلت : نعم والذي أكرمك .
فقال : " إنهم الآن ليقرون في أرض غطفان " , قال : فجاء رجل من غطفان فقال : نحر لهم جزوراً , فلما كشفوا جلدها رأوا غباراً فقالوا : أتاكم القوم فخرجوا هاربين , فلما أصبحنا قال رسول الله  : " كان خير فرساننا اليوم أبو قتادة , وخير رجالتنا سلمة " .
قال : ثم أعطاني رسول الله  سهمين سهم الفارس , وسهم الراجل فجمعهما لي جميعاً ثم أردفني رسول الله  وراءه على العضباء ـ ناقة ـ راجعين إلى المدينة , قال : فبينما نحن نسير قال : وكان رجل من الأنصار لا يُسبق شداً ـ جرياً ـ قال : فجعل يقول: ألا مسابق إلى المدينة ؟ هل من مسابق ؟
فجعل يعيد ذلك , قال : فلما سمعت كلامه قلت : أما تكرم كريماً , ولا تهاب شريفاً ؟ .
قال : لا , إلا أن يكون رسول الله  قال : قلت : يا رسول الله بأبي أنت وأمي ذرني فلأسابق الرجل , قال : " إن شئت " , قال : قلت : اذهب إليك وثنيت رجلي فطفرت , فعدوت , قال : فربطت عليه شرفاً أو شرفين أستبقي نفسي , ثم عدوت في إثره فربطت عليه شرفاً أو شرفي ثم إني رفعت حتى ألحقه , قال : فأصكه بين كتفيه , قال : قلت : قد سبقت والله , قال : أنا أظن قال : فسبقته إلى المدينة , قال : فوالله ما لبثنا إلا ثلاث ليال حتى خرجنا إلى خيبر مع رسول الله  . . " .41

أنا الذي سمتنى أمي حيدرة
ويكمل سلمة بن الأكوع  فيقول :
فوالله ما لبثنا إلا ثلاث ليال حتى خرجنا إلى خيبر مع رسول الله  , قال فجعل عمي عامر يرتجز بالقوم :
تالله لولا الله ما اهتدينــــــــــا ولا تصدقنا ولا صلينــــــا
ونحن عن فضلك ما استغنينـا فثبت الأقدام إن لاقينـــــــا
وأنزلن سكينة علينــــــــــا
فقال رسول الله  : " من هذا ؟ " .
قال : أنا عامر .
قال : " غفر لك ربك " .
قال : وما استغفر رسول الله  لإنسان يخصه إلا استشهد , قال : فنادى عمر بن الخطاب وهو على جمل له : يا نبي الله لولا ما متعتنا بعامر , قال : فلما قدمنا خيبر قال : خرج ملكهم مرحب يخطر بسيفه ويقول :
قد علمت خيبر أني مرحـــب شاكي السلاح بطل مجـــــرب
إذا الحروب أقبلت تلهـــــــب
قال : وبرز له عمي عامر فقال :
قد علمت خيبر أني عامـــر شاكي السلاح بطل مغامـــــر
قال : فاختلفا ضربتين , فوقع سيف مرحب في ترس عامر , وذهب عامر يسفل له ـ يضربه من أسفل ـ فرجع سيفه على نفسه فقطع أكحله فكانت فيها نفسه .
قال سلمة : فخرجت فإذا أنا نفر من أصحاب النبي  يقولون : بطل عمل عامر قتل نفسه .
قال : فأتيت رسول الله  وأنا أبكي فقلت : يا رسول الله بطل عمل عامر ؟
قال رسول الله  : " من قال ذلك ؟ " , قال : قلت : ناس من أصحابك , قال  : " كذب من قال ذلك , بل له أجره مرتين " , ثم أرسلني إلى علي وهو أرمد ـ عينه مريضه ـ فقال : " لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله أو يحبه الله ورسوله " .
قال : فأتيت علياً فجئت به أقوده وهو أرمد حتى أتيت به رسول الله  فبثق في عينيه فبرأ , وأعطاه الراية وخرج مرحب فقال :
قد علمت خيبر أني مرحـــب شاكي السلاح بطل مجـــــرب
إذا الحروب أقبلت تلهـــــــب
فقال علي :
أنا الذي سمتني أمي حيـــدره كليث غابات كريه المنظــــــره
أوفيهم بالصاع كيل السنــــدره
قال : فضرب رأس مرحب فقتله ثم كان الفتح على يديه . 42

نم على فراشى
ذكر ابن كثير فى " البداية والنهاية " اجتماع شياطين قريش فى دار الندوة فى يوم الزحمة ، وحكى ما كان بينهم وبين إبليس الذى تبدى لهم فى صورة الشيخ النجدى ، واستقر رأيهم على ما قاله أبو جهل بن هشام .
أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شاباً جليداً نسيباً وسيطاً فينا ، ثم نعطى كل فتى منهم سيفاً صارماً ، ثم يعمدوا إليه فيضربوه ضربة رجل واحد ، فيقتلوه فنستريح منه ، فإنهم إن فعلوا ذلك تفرق دمه فى القبائل جميعها فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جمييعاً ، فرضوا منا بالعقل ـ الدية ـ فعقلنا لهم .
فتفرق القوم على ذلك وهم مجمعون له ، فأتى جبريل رسول الله  فقال له لا تبت هذه الليلة على فراشك الذى كنت تبيت فيه .
قال : فلما كانت عتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه حتى ينام فيثبون عليه ، فلما رأى رسول الله  مكانهم قال لعلى بن أبى طالب : " نم على فراشى ، وتسج ببردى هذا الحضرمى الأخضر , فإنه لن يخلص إليك شئ تكرهه منهم " .
وهكذا حمى المغوار على بن أبى طالب  الدعوة فى شخص نبيها  ونام فى فراشه فى أصعب ليلة مرت بها الدعوة ، رجل ينام في الفراش وهو يعلم
أن على الباب رجالاً لا يريدون إلا رأس النائم على الفراش .

ما عرف إلا ببنانه
عن أنس بن مالك  قال :
" عمى أنس بن النضر لم يشهد بدراً مع رسول الله  فكبر عليه ، فقال : أول مشهد قد شهده رسول الله  غبت عنه !! أما والله ، لئن أرانى الله مشهداً مع رسول الله  ليرين الله ما أصنع .
قال : فهاب أن يقول غيرها ، فشهد مع رسول الله  يوم أحد ، من العام المقبل , فاستقبله ، فقال : يا أبا عمرو إلى أين ؟ قال : واهاً لريح الجنة !! أجدها دون أحد , فقاتل حتى قتل ، فوجد فى جسده بضع وثمانون ، من بين ضربة وطعنة ورمية .
قالت عمتى الربيع بنت النضر : فما عرفت أخى إلا ببنانه , فنزلت هذه الآية { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه } . 43

ما على هذا اتبعتك !
قال شداد بن ألهاد :
جاء رجل من الأعراب إلى النبي  فآمن به واتبعه ، فقال : أهاجر معك ، فأوصى به بعض أصحابه ، فلما كانت غزوة خيبر ، غنم رسول الله  شيئاً ، فقسمه ، وقسم للأعرابى ، فأعطى أصحابه ما قسمه له ، وكان يرعى ظهرهم فلما جاء دفعوه إليه .
فقال : ما هذا ؟
قالوا : قسم قسمه لك رسول الله  فأخذه ، فجاء إلى النبي  فقال : ما هذا يا رسول الله ؟
قال : " قسم قسمته لك " .
قال : ما على هذا اتبعتك ، ولكن اتبعتك على أن أرمى ها هنا ـ وأشار الى حلقه ـ بسهم ، فأموت فأدخل الجنة .
فقال  : " إن تصدق الله يصدقك " ثم نهض إلى قتال العدو ، فأتى به إلى النبي  وهو مقتول فقال : " أهو هو " قالوا : نعم , قال : " صدق الله فصدقه " , فكفنه النبي  فى جبته ثم قدمه ، فصلى عليه ، وكان من دعائه له " اللهم هذا عبدك خرج مهاجراً فى سبيلك، قتل شهيداً، وأنا عليه شهيد ".44

إنه عمر أجلس
قال ابن إسحاق :
كان عمرو بن ود العامرى ـ كبش الكتيبة ـ قد قاتل يوم بدر حتى أثبتته الجراحة فلم يشهد أحداً ، فلما كان يوم الخندق ، خرج مُعلماً ليُرى مكانه ، فلما وقف هو وخيله قال : من يبارز ؟ فبرز إليه على بن أبى طالب  .
وعند البيهقى فى " الدلائل " : خرج عمرو بن ود ، وهو مقنع بالحديد ، فنادى : من يبارز ؟ فقام على بن أبى طالب فقال : أنا لها يا نبى الله ، فقال  " إنه عمرو ، أجلس " .
ثم نادى عمرو : ألا رجل يبارز ؟ فجعل يؤنبهم ويقول : أين جنتكم التى تزعمون أنه من قتل منكم دخلها ؟ ، أفلا تبرزون إلى رجلاً ؟!
فقام علىّ فقال : أنا يا رسول الله . فقال : " أجلس " .
ثم نادى الثالثة فقال :
ولقد بححت من النـــــــــداء لجمهعم هل من مبـــــــــارز
ووقفت إذ جبن المشجـــــــع موقف القرن المناجـــــــــــز
ولذاك إنى لـــــــــــــــم أزل متسرعا قبل الهزاهـــــــــــز
إن الشجاعة فى الفتـــــــــى والجود من خير الغرائــــــز
قال : فقام على فقال : يا رسول الله ، أنا . فقال : " إنه عمرو " , فقال : وإن كان عمراً . فأذن له رسول الله  ، فمشى إليه ، حتى أتى وهو يقول :
لا تعجلن فقد أتــــــــــــــاك مجيب صوتك غير عاجـــــــز
فى نبة وبصيــــــــــــــــرة والصدق منجى كل فائـــــــــز
إنى لأرجو أن أقيـــــــــــم عليك نائحة الجنائـــــــــــــــز
من ضربة نجلاء يبقــــــى ذكرها عند الهزاهــــــــــــــز
نجلاء : واسعة ـ الهزاهز : الحروب .
ولما مشى على إلى عمرو ليبارزه قال له : يا عمرو ، إنك كنت تقول : لا يدعونى أحد إلى واحدة من ثلاث إلا قبلتها .
قال له : إنى أدعوك أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وتسلم لرب العالمين .
فقال عمرو : يا ابن أخى ، أخر عنى هذه .
قال على : وأخرى , ترجع إلى بلادك ، فإن يك محمد صادقاً كنت أسعد الناس به ، وأن يك كاذباً كان الذى تريد .
فقال عمرو : هذا ما لا تتحدث به نساء قريش أبداً . كيف وقد قدرت على أستيفاء ما نذرت ؟!
ثم قال عمرو : فالثالثة ، ما هى ؟
فقال على : البراز ـ القتال ـ فضحك فارس قريش عمرو ـ وكان فارساً مشهوراً معمراً قد جاوز الثمانين ـ ثم قال لعلى : إن هذه الخصلة ما كنت أظن أحداً من العرب يروعنى بها . ثم قال لعلى : من أنت ؟
قال له : أنا على .
قال : ابن عبد مناف ؟ .
فقال على : أنا على بن أبى طالب .
فقال عمرو : يا ابن أخى من أعمامك من هو أسن منك ، فوالله ما أحب أن أقتلك .
فقال على : ولكنى والله أحب أن أقتلك , فعند ذلك غضب عمرو غضباً شديداً , ونزل فسل سيفه ، كأنه شعلة نار ، ثم أقبل نحو على مغضباً ، واستقبله على بدرقته ـ درعه ـ فضربه عمرو فى درقته فقدها ـ أحدث فيها ثقباً ـ ، وأثبت السيف فيها ، وأصاب رأسه فشجت ، وضربه علىّ على حبل عاتقه فسقط ، وثار العجاج ، وسمع رسول الله  التكبير ، فعرف الناس أن علياً قد قتل عمراً ، فثم يقول على :
أعلى تقتحم الفوارس هكـــــــذا عنى وعنهم أخروا أصحابــــــى
اليوم يمنعنى الفرار حفيظتـــى ومصمم فى الرأس ليس بنابــــى
إلا ابن عبد حين شد إليــــــــــه و حلفت فاستمعوا من الكتـــــاب
إني لأصدق من يهلل بالتقـــــى رجلان يضربان كل ضــــــراب
فصدرت حين تركته متجـــــدلا كالجذع بين دكادك و روابــــــي
وعففت عن أثوابه و لو أننـــي كنت المقطر يزن أثوابــــــــــي
عبد الحجارة من سفاهة عقلـــه وعبدت رب محمد بصــــــواب
ثم أقبل علي  نحو رسول الله  و وجهه يتهلل , فقال عمر بن الخطاب  : هلا أسلبته درعه فليس للعرب درعا خيرا منها .
فقال : ضربته فاتقاني بسوءته و استحييت أن استلبه .
وخرجت خيله منهزمة حتى أقحمت من الخندق .45

جهاد سعد بن أبى وقاص 
قال ابن مسعود  :
لقد رأيت سعد يقاتل يوم بدر قتال الفارس فى الرجال . 46
وعن عامر الشعبى قال :
قيل لسعد بن أبى وقاص : متى أصبت الدعوة ؟
قال : يوم بدر ، كنت أرمى بين يدى النبي  فأضع السهم فى كبد القوس ، ثم أقول : " اللهم زلزل أقدامهم وأرعب قلوبهم ، وافعل بهم " فيقول النبي  " اللهم استجب لسعد " . 47
وعن سعد  قال : كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين ، فقال رسول الله : " ارم فداك أبى وأمى " ، فنزع بسهم ليس فيه نصل ، فأصبت جبهته ، فوقع وانكشفت عورته ، فضحك رسول الله  حتى بدت نواجذه .48
وعن على  قال : ما سمعت رسول الله  جمع أبويه لأحد إلا لسعد بن مالك ، فإنى سمعته يقول يوم أحد : " أرم يا سعد فداك أبى وأمى " .49

جهاد أبو عبيدة بن الجراح 
فى يوم أحد لما عصى الرماة أمر الرسول  انكشف المسلمون وأجهز عليهم المشركون ، فأصابوا منهم ما أصابوا ، حتى خلص العدو إلى رسول الله  وأرادوا قتله والتمثيل بجثته .
عن أنس بن مالك  قال :
كسرت رباعيه النبي  يوم أحد ، وشج فى وجهه ، فجعل الدم يسيل على وجهه ، وجعل يمسح الدم وهو يقول : " كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم ، وهو يدعوهم إلى ربهم ! " , فأنزل الله عز وجل فى ذلك : { ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون } .
وكان أبو عبيدة  ممن ثبتوا مع النبي  وأبلى يوم أحد بلاء حسناً ، ونزع يومئذ الحلقتين اللتين دخلتا من المغفر فى وجنة رسول الله  من ضربة أصابته ، فانقلعت ثنيتاه ، فحسن ثغره بذهابهما ، حتى قيل : ما روى هتمُ قط أحسن من هتم أبى عبيدة . 50

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

المواقف المستطابة من حياة الصحابة  Empty
مُساهمةموضوع: الانباء المستطابة   المواقف المستطابة من حياة الصحابة  I_icon_minitimeالخميس نوفمبر 28, 2013 1:46 pm

جهاد مصعب بن عمير 
حمل مصعب بن عمير  اللواء يوم أحد ، فلما جال المسلمون ثبت مصعب فأقبل ابن قمئة فضرب يده اليمنى فقطعها , ومصعب يقول : { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل } .
وأخذ اللواء بيده اليسرى وحنا عليه فضربها فقطعها ، فحنا على اللواء وضمه بعضديه إلى صدره وهو يقول : { وما محمد إلا رسول . . . . } ، ثم حمل عليه الثالثة بالرمح فأنفذه .
وقال ابن سعد :
وقال عبد الله بن الفضل : قتل مصعب ، وأخذ اللواء ملك فى صورته ، فجعل النبي  يقول له فى آخر النهار : تقدم يا مصعب , فالتفت إليه الملك وقال : لست بمصعب ، فعرف النبي  أنه ملك أيد به . 51
وقال ابن إسحاق :
وقاتل مصعب بن عمير دون رسول الله  حتى قتل ، قتله ابن قمئة الليثى ، وهو يظنه رسول الله  , فرجع إلى قريش ، فقال : قتلت محمداً ، فلما قتل مصعب ، أعطى رسول الله  اللواء على بن أبى طالب ، ورجالاً من المسلمين .52

والله لا نعطيهم إلا السيف
وفى يوم الأحزاب لما تكالبت قوى الشرك بكتائبها الهائجة ، وكادت تغرق القلة المؤمنة ، أردا رسول الله  أن يعقد صلحاً منفرداً بينه وبين غطفان ، وسيديها : عيينة بن حصن والحارث بن عوف ، على أن تفك غطفان الحصار عن المدينة ، وتنسحب بجيوشها وتخذل الأحزاب ، على أن يعطيهم رسول الله  ثلث ثمار نخل المدينة ، واستشار رسول الله السعدين : سعد بن معاذ ، وسعد بن عبادة .
فقال سعد بن معاذ : يا رسول الله قد كنا نحن وهؤلاء ـ غطفان ـ لا يطعمون أن يأكلوا منا تمرة ، إلا قرى ـ الضيافة ـ أو بيعاً ، وإن كانوا ليأكلون العلهز ـ وبر يخلط بدماء اللحم ـ فى الجاهلية فى الجهد ، أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له ، وأعزنا بك وبه نقطعهم أموالنا ؟ ما لنا بهذا من حاجة ، والله لا نعطيهم إلا السيف ، حتى يحكم الله بيننا وبينهم .
ثم خرج سعد إلى سيدى غطفان وقد رفع صوته فى تحد : أرجعا ، ليس بيننا وبينكم غير السيف . 53

ولكن كان عليه درعان
قال ابن هشام :
وقاتلت أم عمارة نسيبة بنت كعب المازنية يوم أحد , فذكر سعيد بن أبي زيد الأنصاري : أن أم سعد بنت سعد بن الربيع كانت تقول : دخلت على أم عمارة فقلت لها : يا خالة أخبريني خبرك , فقالت : خرجت أول النهار وأنا أنظر ما يصنع الناس ومعي سقاء فيه ماء , فانتهيت إلى رسول الله  وهو في أصحابه والدولة والريح للمسلمين .
فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله  فقمت أباشر القتال وأذب عنه بالسيف , وأرمي عن القوس حتى خلصت الجراح إليّ .
قالت : فرأيت على عاتقها جرحاً أجوف له غور فقلت : من أصابك بهذا ؟
قالت : ابن قمئة أقمأه الله , لما ولى الناس عن رسول الله  أقبل يقول : دلوني على محمد فلا نجوت إن نجا , فاعترضت له أنا ومصعب بن عمير وأناس ممن ثبت مع رسول الله  فضربني هذه الضربة , ولكن فلقد ضربته على ذلك ضربات ولكن عدو الله كان عليه درعان .54

نادي أصحاب السمرة
قال العباس  :
شهدت مع رسول الله  يوم حنين , فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رسول الله  فلم نفارقه , ورسول الله  على بغلة له بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذامى , فلما التقى المسلمون والكفار ولى المسلمون مدبرين , فطفق رسول الله  يركض على بغلته قِبل الكفار .
قال العباس : وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله  أكفها إرادة أن لا تسرع , وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله  فقال رسول الله  : " أي عباس ناد أصحاب السمرة ـ الشجرة ـ " . فقال عباس ـ وكان رجلا صيتاً ـ فقلت بأعلى صوتي : أين أصحاب السمرة ؟
قال : فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها , فقالوا : يا لبيك يا لبيك .
قال : فاقتتلوا والكفار , والدعوة في الأنصار يقولون يا معشر الأنصار يا معشر الأنصار , قال : ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج , فقالوا : يا بني الحارث بن الخزرج , يا بني الحارث بن الخزرج , فنظر رسول الله  وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم فقال رسول الله  هذا حين حمي الوطيس , قال : ثم أخذ رسول الله  حصيات فرمى بهن وجوه الكفار ثم قال : " انهزموا ورب محمد " .
قال : فذهبت أنظر , فإذا القتال على هيئته فيما أرى , قال : فوالله ما هو إلا أن رماهم بحصياته فما زلت أرى أحدهم كليلاً وأمرهم مدبر . 55

وماذا تريد من أبي جهل ؟!!
قال عبد الرحمن بن عوف  :
بينا أنا واقف في الصف يوم بدر فنظرت عن يميني وعن شمالي فإذا أنا بغلامين من الأنصار حديثة أسنانهما , تمنيت أن أكون بين أضلع منهما فغمزني أحدهما فقال : يا عم هل تعرف أبا جهل ؟
قلت : نعم , ما حاجتك إليه يا ابن أخي ؟
قال : أخبرت أنه يسب رسول الله  والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق
سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا , فتعجبت لذلك .
فغمزني الأخر فقال لي مثلها , فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس , قلت : ألا إن هذا صاحبكما الذي سألتماني , فابتدراه بسيفهما فضرباه حتى قتلاه , ثم انصرفا إلى رسول الله  فأخبراه , فقال : " أيكما قتله ؟ " .
قال كل واحد منهما : أنا قتلته , فقال : " هل مسحتما سيفيكما ؟ " .
قالا : لا , فنظر في السيفين فقال : " كلاكما قتله , سلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح " , وكانا معاذ بن عفراء ومعاذ بن عمرو بن الجموح .56
وعن معاذ بن عمرو بن الجموح قال :
سمعت القوم وأبو جهل في مثل الحرجة - الشجر الملتف ـ وهم يقولون : أبو الحكم لا يُخلص إليه .
قال : فلما سمعتها جعلته من شأني , فصمدت نحوه فلما أمكنني حملت عليه فضربته ضربة أطنت قدمه بنصف ساقه , فوالله ما شبهتها حين طاحت إلا بالنواة تطيح من تحت مرضخة النوى حين يضرب بها .
قال : وضربني ابنه عكرمة على عاتقي فطرح يدي , فتعلقت بجلدة من جنبي , وأجهضني القتال عنه , فلقد قاتلت عامة يومي وإني لأسحبها خلفي فلما آذتني وضعت عليها قدمي ثم تمطيت بها عليها حتى طرحتها .
وقال ابن إسحاق :
ثم مر بأبي جهل وهو عقير معوذ بن عفراء فضربه حتى أثبته , فتركه و به رمق , وقاتل معوذ حتى قتل , فمر عبد الله بن مسعود بأبي جهل حين أمر رسول الله  أن يلتمس في القتلى .
قال عبد الله بن مسعود : فوجدته بآخر رمق , فعرفته فوضعت رجلي على عنقه - قال : وقد كان ضبث بي مرة بمكة فآذاني ولكزني ـ ثم قلت له : هل أخزاك الله يا عدو الله ؟
قال : وبماذا أخزاني أعمد من رجل قتلتموه , أخبرني لمن الدائرة اليوم ؟ قال : قلت : لله ولرسوله .
قال ابن إسحاق : وزعم رجال من بني مخزوم أن ابن مسعود كان يقول : قال لي : لقد ارتقيت مرتقى صعبا يا رويعي الغنم , قال : ثم احتززت رأسه ثم جئت به رسول الله  فقلت : يا رسول الله هذا رأس عدو الله أبي جهل , قال : فقال رسول الله  : " آلله الذي لا إله غيره " - قال : وكانت يمين رسول الله  - قال : فقلت : نعم , والله الذي لا إله غيره , ثم ألقيت رأسه بين يدي رسول الله  فحمد الله .57

لو أعطيتني جميع ما تملك ما رجعت
عن أبي رافع قال :
وجه عمر بن الخطاب  جيشاً إلى الروم , وفيهم رجل يقال له عبد الله بن حذافة من أصحاب النبي  , فأسره الروم فذهبوا به إلى ملكهم فقالوا : إن هذا من أصحاب محمد , فقال له الطاغية : هل لك أن تنصر وأشركك في ملكي وسلطاني ؟
قال له عبد الله : لو أعطيتني جميع ما تملك وجميع ما ملكته العرب على أن أرجع عن دين محمد  طرفة عين ما فعلت .
قال : إذاً اقتلك , قال : أنت وذاك , قال : فأمر به فصلب وقال للرماة : ارموه قريباً من يديه قريباً من رجليه , وهو يعرض عليه وهو يأبى , ثم أمر به فأنزل , ثم دعا بقدر فصب فيها ماء حتى احترقت , ثم دعا بأسيرين من المسلمين فأمر بأحدهما فألقى فيها وهو يعرض عليه النصرانية وهو يأبى , ثم أمُر به أن يلقى فيها , فلما ذهب به بكى , فقيل له : إنه قد بكى فظن أنه جزع فقال : ردوه يعرض عليه النصرانية فأبى , قال : فما أبكاك إذاً ؟
قال : أبكاني إن قتلت هي نفس واحدة تلقى الساعة في هذه القدر فتذهب فكنت أشتهى أن يكون بعدد كل شعرة في جسدي نفس تلقى هذا في الله .
قال له الطاغية : هل لك أن تقبل رأسي وأخلي عنك ؟
قال له عبد الله : وعن جميع أسارى المسلمين ؟ قال : وعن جميع أسارى المسلمين .
قال عبد الله : فقلت في نفسي عدو من إعداء الله أقبل رأسه يخلي عني وعن أسارى المسلمين لا أبالي , قال : فدنا منه فقبل رأسه , قال : فدفع إليه الأسارى فقدم بهم على عمر فأخبر عمر بخبره , فقال : حق على كل مسلم أن يقبل رأس عبد الله بن حذافة , وأنا أبدأ , فقام عمر فقبل رأسه 58

ما عرف إلا بعلامة كانت في جسده
عن أبي سعيد الخدري  قال :
سمعت عباد بن بشر يقول : يا أبا سعيد رأيت الليلة كأن السماء قد فرجت لي ثم أطبقت علي , فهي إن شاء الله الشهادة .
قال : قلت : خيراً والله رأيت , قال : فأنظر إليه يوم اليمامة وإنه ليصيح بالأنصار : احطموا جفون السيوف وتميزوا من الناس , وجعل يقول : أخلصونا أخلصونا , فأخلصوا أربعمائة رجل من الأنصار ما يخالطهم أحد يقدمهم عباد بن بشر وأبو دجانة والبراء بن مالك حتى انتهوا إلى باب الحديقة فقاتلوا أشد القتال , وقتل عباد بن بشر رحمه الله فرأيت بوجهه ضرباً كثيراً ما عرفته إلا بعلامة كانت في جسده . 59

رفعوه فوق أسنة الرماح
قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ :
حين بُعث خالد بن الوليد لقتال مسيلمة وبني حنيفة وكانوا في قريب من مائة ألف أو يزيدون , وكان المسلمون بضعة عشر ألفاً , فلما التقوا جعل كثير من الأعراب يفرون , فقال المهاجرون والأنصار : خلصنا يا خالد فميزهم عنهم وكان المهاجرون والأنصار قريباً من ألفين وخمسمائة , فصمموا الحملة وجعلوا يتدابرون ويقولون : يا أصحاب سورة البقرة بطل السحر اليوم فهزموهم بإذن الله , ولجأوهم الى حديقة هناك تسمى حديقة الموت , فتحصنوا بها فحصروهم فيها , ففعل البراء بن مالك أخو أنس بن مالك وكان الأكبر ما ذكر من رفعه على الأسنة فوق الرماح حتى تمكن من أعلى سورها ثم ألقى نفسه عليهم , ونهض سريعاً إليهم ولم يزل يقاتلهم وحده ويقاتلونه حتى تمكن من فتح الحديقة , ودخل المسلمون يكبرون وانتهوا إلى قصر مسيلمة وهو واقف خارجه عند جدار كأنه جمل أزرق ـ أي من سمرته ـ فابتدره وحشي بن حرب الأسود قاتل حمزة بحربته وأبو دجانة سماك بن خرشة الأنصاري فسبقه وحشي فأرسل الحربة عليه من بعد فأنفذها منه .
وجاء إليه أبو دجانة فعلاه بسيفه فقتله , لكن صرخت جارية من فوق القصر واأميراه قتله العبد الأسود .
ويقال : إن عمر مسيلمة يوم قتل مائة وأربعين سنة . 60

لا أخرج حتى أعلم أني قتلته
عن البراء بن عازب  قال :
بعث رسول الله  إلى أبي رافع اليهودي رجالاً من الأنصار , فأمر عليهم عبد الله بن عتيك , وكان أبو رافع يؤذي رسول الله  ويعين عليه , وكان في حصن له بأرض الحجاز , فلما دنوا منه وقد غربت الشمس وراح الناس بسرحهم فقال عبد الله لأصحابه : أجلسوا مكانكم فإني منطلق ومتلطف للبواب لعلي أن أدخل , فأقبل حتى دنا من الباب ثم تقنع بثوبه كأنه يقضي حاجة وقد دخل الناس , فهتف به البواب : يا عبد الله إن كنت تريد أن تدخل فادخل فإني أريد أن أغلق الباب , فدخلت فكمنت , فلما دخل الناس أغلق الباب ثم علق الأغاليق على وتد .
قال : فقمت إلى الأقاليد فأخذتها ففتحت الباب , وكان أبو رافع يسمر عنده وكان في علالي له , فلما ذهب عنه أهل سمره صعدت إليه فجعلت كلما فتحت باب أغلقت علي من الداخل , قلت : إن القوم نذروا بي لم يخلصوا إلي حتى أقتله , فانتهيت إليه فإذا هو في بيت مظلم وسط عياله لا أدري أين هو من البيت , فقلت : يا أبا رافع .
قال : من هذا ؟
فأهويت نحو الصوت فأضربه ضربة بالسيف وأنا دهش , فما أغنيت شيئاً , وصاح فخرجت من البيت فأمكث غير بعيد ثم دخلت إليه فقلت : ما هذا الصوت يا أبا رافع ؟
فقال : لأمك الويل , إن رجلاً في البيت ضربني قبل بالسيف , قال : فأضربه ضربة أثخنته ولم أقتله , ثم وضعت ظبة السيف ـ طرف ـ في بطنه حتى أخذ في ظهره , فعرفت أني قتلته , فجعلت أفتح الأبواب باباً باباً حتى انتهيت إلى درجة له فوضعت رجلي وأنا أرى أني قد انتهيت إلى الأرض فوقعت في ليلة مقمرة فانكسرت ساقي فعصبتها بعمامة , ثم انطلقت حتى جلست على الباب فقلت : لا أخرج الليلة حتى أعلم أقتلته ؟
فلما صاح الديك قام الناعي على السور فقال : أنعى أبا رافع تاجر الحجاز , فانطلقت إلى أصحابي فقلت : النجاء فقد قتل أبا رافع , فانتهيت إلى النبي  فحدثته فقال : " ابسط رجلك " فبسطت رجلي فمسحها فكأنها لم أشتكها .61

فكيف بمن لا يستطيع الجهاد
عن زيد بن ثابت  قال :
كنت إلى جنب رسول الله  فغشيته السكينة فوقعت فخذ رسول الله  على فخذي , فما وجدت ثقل شىء أثقل من فخذ رسول الله  ثم سري عنه فقال " اكتب " فكتبت في كتف : { لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله . . } إلى آخر الآية , فقام ابن أم مكتوم وكان رجلاً أعمى لما سمع فضيلة المجاهدين فقال : يارسول الله فكيف بمن لا يستطيع الجهاد من المؤمنين ؟!
فلما قضى كلامه غشيت رسول الله  السكينة فوقعت فخذه على فخذي ووجدت من ثقلها في المرة الثانية كما وجدت في المرة الأولى , ثم سري عن رسول الله  فقال " اقرأ يا زيد " فقرأت { لا يستوي القاعدون من المؤمنين } فقال رسول الله  { غير أولي الضرر } الآية كلها .
قال زيد : فأنزلها الله وحدها فألحقتها والذي نفسي بيده لكأني أنظر إلى ملحقها عند صدع في كتف62 .

إنه يلقي بيديه إلى التهلكة !!
عن أسلم أبي عمران قال :
غزونا من المدينة نريد القسطنطينية وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد , والروم ملصقو ظهورهم بحائط المدينة , فحمل رجل على العدو فقال الناس : مه مه لا إله إلا الله يلقي بيديه إلى التهلكة .
فقال أبو أيوب : إنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار لما نصر الله نبيه  وأظهر الإسلام , قلنا هلم نقيم في أموالنا ونصلحها فأنزل الله تعالى { وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } , فالإلقاء بالأيدي إلى التهلكة أن نقيم في أموالنا ونصلحها وندع الجهاد .
قال أبو عمران : فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى دفن بالقسطنطينية . 63

ما هذا الخنجر ؟!
عن أنس  قال :
أن أم سليم اتخذت يوم حنين خنجراً فكان معها , فرآها أبو طلحة فقال : يا رسول الله هذه أم سليم معها خنجر , فقال لها رسول الله  : " ما هذا الخنجر ؟! " .
قالت : اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين بقرت به بطنه , فجعل رسول الله  يضحك .
قالت : يا رسول الله أقتل من بعدنا من الطلقاء انهزموا بك , فقال رسول الله  : " يا أم سليم إن الله قد كفى وأحسن " . 64

قم يا حذيفة فأتنا بخبر القوم
عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال :
كنا عند حذيفة  , فقال رجل : لو أدركت رسول الله  قاتلت معه وأبليت
فقال حذيفة : أنت كنت تفعل ذلك ؟ , لقد رأيتنا مع رسول الله  ليلة الأحزاب وأخذتنا ريح شديدة وقر ـ برد ـ , فقال رسول الله  : " ألا رجل يأتيني بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة ؟ " , فسكتنا فلم يجبه منا أحد , ثم قال : " ألا برجل يأتينا بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة ؟ " , فسكتنا فلم يجبه منا أحد , ثم قال : " ألا برجل يأتينا بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة ؟ " , فسكتنا فلم يجبه منا أحد .
فقال : " قم يا حذيفة فأتنا بخبر القوم " .
فلم أجد بداً إذ دعاني باسمي أن أقوم , قال : " اذهب فأتني بخبر القوم ولا تذعرهم علي " , فلما وليت من عنده جعلت كأنما أمشي في حمام حتى أتيتهم فرأيت أبا سفيان يصلى ظهره بالنار , فوضعت سهماً في كبد القوس فأردت أن أرميه فذكرت قول رسول الله  : " ولا تذعرهم علي " , ولو رميته لأصبته فرجعت وأنا أمشي في مثل الحمام , فلما أتيته فأخبرته بخبر القوم وفرغت قررت , فألبسني رسول الله  من فضل عباءة كانت عليه يصلي فيها , فلم أزل نائماً حتى أصبحت , فلما أصبحت قال : " قم يا نومان " .65

من يردهم عنا وله الجنة
عن أنس بن مالك  :
أن رسول الله  أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش فلما رهقوه قال : " من يردهم عنا وله الجنة , أو هو رفيقي في الجنة ؟ " فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل , ثم رهقوه أيضاً فقال : " من يردهم عنا وله الجنة , أو هو رفيقي في الجنة ؟ " , فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل , فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة , فقال رسول الله  لصاحبيه : " ما أنصفنا أصحابنا " .66

والذي بعثك بالحق لأفرينهم فري الأديم
عن عائشة ـ رضى الله عنها ـ :
أن رسول الله  قال : " اهجو قريشاً فإنه أشد عليهم من رشق بالنبل " , فأرسل إلى ابن رواحة فقال : " اهجهم " , فهجاهم فلم يرض , فأرسل إلى كعب بن مالك , ثم أرسل إلى حسان بن ثابت فلما دخل عليه قال حسان : قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه , ثم أدلع لسانه فجعل يحركه فقال والذي بعثك بالحق لأفرينهم بلساني فري الأديم , فقال رسول الله  : " لا تعجل , فإن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها , وإن لي فيهم نسباً حتى يلخص لك نسبي " , فأتاه حسان ثم رجع , فقال : يا رسول الله قد لخص لي نسبك والذي بعثك بالحق لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين .
قالت عائشة : فسمعت رسول الله  يقول لحسان : " إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله " .
وقالت : سمعت رسول الله  يقول : " هجاهم حسان فشفى واشتفى " .
قال حسان :
هجوت محمداً فأجبت عنـــــــــــه وعند الله في ذاك الجــــــــــــــــزاءُ
هجوت محمداً براً تقيــــــــــــــــاً رسول الله شيمته الوفــــــــــــــــــاءُ
فإن أبي ووالده وعرضــــــــــــي لعرض محمد منكم وِقـــــــــــــــــاءُ
ثكلت بنيتي إن لم تروهـــــــــــــا تثير النقع من كنفي كــــــــــــــــداءُ
يبارين الأعنة مصعــــــــــــــدات على أكتافها الأسل الظمـــــــــــــاءُ
تظل جيادنا متمطــــــــــــــــــرات تلطمهن بالخمر النســــــــــــــــاءُ
فإن أعرضتمو عنا اعتمرنــــــــــا وكان الفتح وانكشف الغطـــــــــاءُ
وإلا فاصبروا لضراب يــــــــــوم يعز الله فيه من يشـــــــــــــــــــاءُ
وقال الله قد أرسلت عبــــــــــــــداً يقول الحق ليس به خفــــــــــــــاءُ
وقال الله قد يسرت جنـــــــــــــــداً هم الأنصار عرضتها اللقـــــــــاءُ
لنا في كل يوم من معـــــــــــــــــد سباب أو قتال أو هجـــــــــــــــاءُ
فمن يهجو رسول الله منــــــــــــك ويمدحه وينصره ســـــــــــــــواءُ
وجبريل رسول الله فينــــــــــــــــا وروح القدس ليس له كفـــــــــاءُ 67

قتل سبعة ثم قتلوه
عن أبي برزة  :
أن النبي  كان في مغزى له فأفاء الله عليه فقال لأصحابه : " هل تفقدون من أحد ؟ " .
قالوا : نعم , فلاناً وفلاناً وفلاناً , ثم قال : "هل تفقدون من أحد ؟ " .
قالوا : نعم , فلاناً وفلاناً وفلاناً , ثم قال : " هل تفقدون من أحد ؟ " .
قالوا لا , قال : " لكني أفقد جلبيباً فاطلبوه " , فطلب في القتلى فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه , فأتى النبي  فوقف عليه فقال : " قتل سبعة ثم قتلوه هذا مني وأنا منه , هذا مني وأنا منه " , قال : فوضعه على ساعديه ليس له إلا ساعدا النبي  .
قال : فحفر له ووضع في قبره ولم يذكر غسلاً .68

من يحرسنى الليلة ؟
عن عائشة ـ رضى الله عنها ـ قالت :
سهر رسول الله  مقدمه المدينة ليلة , فقال : " ليت رجلاً صالحاً من أصحابي يحرسني الليلة " , قالت : فبينا نحن كذلك سمعنا خشخشة سلاح , فقال : " من هذا ؟ " .
قال : سعد بن أبي وقاص , فقال له رسول الله  : " ما جاء بك ؟ " .
قال : وقع في نفسي خوف على رسول الله  فجئت أحرسه فدعا له رسول الله  ثم نام . 69

انثرها لأبي طلحة
عن أنس  قال :
لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي  وأبو طلحة بين يدي النبي  مجوب به عليه بحجفة له , وكان أبو طلحة رجلاً رامياً شديد القد , كسر يومئذ قوسين أو ثلاثاً , وكان الرجل يمر معه الجعبة من النبل فيقول : انثرها لأبي طلحة .
فأشرف النبي  ينظر إلى القوم فيقول أبو طلحة : يا نبي الله بأبي أنت وأمي لا تشرف يصبك سهم من سهام القوم نحري دون نحرك .
ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم وإنهما لمشمرتان أرى خدم سوقهما تنقزان القرب على متونهما تفرغانه في أفواه القوم , ثم ترجعان فتملآنها ثم تجيآن فتفرغانه في أفواه القوم , ولقد وقع السيف من يدي أبي طلحة إما مرتين وإما ثلاثاً .70

أو هل رأيتنى يا بني ؟!
عن عبد الله بن الزبير قال :
كنت يوم الأحزاب جعلت أنا وعمر بن أبي سلمة في النساء , فنظرت فإذا أنا بالزبير على فرسه يختلف إلى بني قريظة مرتين أو ثلاثاً , فلما رجعت قلت يا أبت رأيتك تختلف ؟
قال : أو هل رأيتني يا بني ؟
قلت : نعم .
قال : كان رسول الله  قال : " من يأت بني قريظة فيأتيني بخبرهم " .
فانطلقت , فلما رجعت جمع لي رسول الله  أبويه فقال  : " فداك أبي وأمي " .71
    
جودهـــم وإنفقاهـــم 
إنفاق أبى بكر الصديق 
عن هشام بن عروة عن أبيه قال :
أسلم أبو بكر وله أربعون ألفاً ، فأنفقها فى سبيل الله ، أعتق سبة كلهم يعذب فى الله ، اعتق بلالاً ، وعامر بن فهيرة ، وزنيرة ، والنهدية وابنتها ، وجارية بنى مؤمل ، وأم عبيس . 72
وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : " أنفق أبو بكر على رسول الله  أربعين ألفاً " .
ولقد وصل درجة الإنفاق من أبى بكر فى سبيل الله أن قال  : " ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافأناه ، ما خلا أبا بكر ، فإن له عندنا يداً يكافئه الله بها يوم القيامة ، وما نفعنى مال أحد قط ، ما نفعنى مال أبى بكر ، ولو كنت متخذاً خليلاً ، لاتخذت أبا بكر خليلاً ، ألا وإن صاحبكم خليل الله " . 73

أبقيت لهم الله ورسوله
عن عمر بن الخطاب  قال :
أمرنا رسول الله  أن نتصدق ، فوافق ذلك منى مالاً ، فقلت : اليوم أسبق أبا بكر ، فجئت بنصف مالى ، فقال رسول الله : " ما أبقيت لأهلك ؟ " قلت مثله .
قال : وأتى أبو بكر بكل ما عنده ، فقال له رسول الله : " ما أبقيت لأهلك ؟ " قال : أبقيت لهم الله ورسوله ، قلت : لا أسبقك إلى شئ أبداً . 74

إنفاق عمر بن الخطاب 
عن قسامة بن زهير قال :
وقف أعرابى على عمر بن الخطاب فقال :
يا عمر الخير جزيت الجنة جهز بنياتى وأكسهنـــــــــه
أقسم بالله لتفعلنـــه
قال : فإن لم أفعل يكون ماذا يا أعرابى ؟
قال : أقسم بالله لأمضينه .
قال : فإن مضيت يكون ماذا يا أعرابى ؟ّ!
فقال :
والله عن حالى لتسألنـــــــه ثم تكون المسألات عنـــــــه
والواقف المسئول بينهنــــه إما إلى نار وإما إلى جنـــــه
قال : فبكى عمر حتى أخضلت لحيته بدموعه ، ثم قال : يا غلام ، أعطه قميصى هذا ، لذلك اليوم لا لشِعره ، والله ما أملك قميصاً غيره . 75
وقال مجاهد :
كتب عمر بن الخطاب إلى أبى موسى أن يبتاع له جارية من سبى جلولاء ، ففعل ، فدعاها عمر فأعتقها ، ثم تلا هذه الآية .{ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } .
ويقول أسلم مولى عمر :
سألنى ابن عمر عن بعض شأنه ؟ يعنى عمر : فأخبرته .
فقال : ما رأيت أحداً قط بعد رسول الله  من حين قبض كان أجد ، وأجود حتى انتهى : من عمر .76

مرحباً بنسب قريش
عن زيد بن أسلم ، عن أبيه قال :
خرجت مع عمر  إلى السوق , فلحقته امرأة شابة فقالت : يا أمير المؤمنين هلك زوجي و ترك صبية صغاراً والله ما ينضجون كراعاً ، و لا لهم زرع و لا ضرع و خشيت عليهم الضبع , وأنا بنت خفاف بن إيماء الغفاري و قد شهد أبي الحديبية مع النبي  فوقف معها عمر و لو يمضي و قال : مرحباً بنسب قريب , ثم انصرف إلى بعير ظهير كان مربوطاً في الدار فحمل عليه غرارتين ملأهما طعاماً و جعل بينهما نفقة و ثياباً ثم ناولها خطامه فقال : اقتاديه فلن يفنى حتى يأتيكم الله بخير .
فقال رجل : يا أمير المؤمنين أكثرت لها !
قال عمر : ثكلتك أمك و الله إني لأرى أبا هذه و أخاها قد حاصرا حصناً زماناً فافتتحناه ثم أصبحنا نستفيء سهمانهما فيه . 77

إنهم إخوة بعضهم من بعض
عن مالك الدارني :
أن عمر بن الخطاب  عنه أخذ أربعمائة دينار فجعلها في صرة , فقال للغلام : اذهب بها إلى أبي عبيدة بن الجراح , ثم تلبث ساعة في البيت حتى تنظر ما يصنع , فذهب بها الغلام فقال : يقول لك أمير المؤمنين : اجعل هذه في بعض حاجتك .
فقال : وصله الله ورحمه , ثم قال : تعالي يا جارية اذهبي بهذه السبعة إلى فلان , وبهذه الخمسة إلى فلان , وبهذه الخمسة إلى فلان حتى أنفذها , فرجع الغلام إلى عمر  عنه وأخبره فوجده قد أعد مثلها لمعاذ بن جبل فقال : اذهب بها إلى معاذ , وتله في البيت ساعة حتى تنظر ما يصنع فذهب بها إليه فقال : يقول لك أمير المؤمنين : اجعل هذه في بعض حاجتك .
فقال : رحمه الله ووصله , تعالي يا جارية اذهبي إلى بيت فلان بكذا , اذهبي إلى بيت فلان بكذا , فاطلعت امرأة معاذ فقالت : ونحن والله مساكين فأعطنا ولم يبق في الخرقة إلا ديناران , فدحا بهما إليها ورجع الغلام إلى عمر فأخبره فسر بذلك وقال : إنهم إخوة بعضهم من بعض . 78


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

المواقف المستطابة من حياة الصحابة  Empty
مُساهمةموضوع: الانباء المستطابة   المواقف المستطابة من حياة الصحابة  I_icon_minitimeالخميس نوفمبر 28, 2013 1:49 pm

إنفاق عثمان بن عفان 
روى عبد الرحمن بن سمرة :
أن عثمان بن عفان  جاء الى النبي  بألف دينار فى كمه حين جهز جيش العسرة ، فنثرها فى حجرة ، فرأيت النبي  يقلبها فى حجرة ، ويقول : " ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم ، ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم " .
وقال ابن شهاب الزهرى :
" قدم عثمان لجيش العسرة فى غزوة تبوك تسعمائة وأربعين بعيراً ، وستين فرساً ، أتم بها الألف " .
ولما كفى الله المؤمنين القتال برجوع الروم , ورجع الجيش بكل عتاده الذى أمده به عثمان , ما استرجع عثمان من ذلك شيئاً ، وما استرد منها بعيراً ولا خطاماً .
ولما كان المسلمون لا يجدون الماء العذب الذى هم فى أشد الحاجة إليه ، قام النبى  يعرض على أصحابه تلك الصفقة الرابحة ، فقال : " من حفر رومة وله الجنة " .79
فقام عثمان السباق الى كل خير فحفرها ، ففاز بثواب كل من شرب شربة ماء , أو توضأ من هذا الماء .

هل لديكم مزيد ؟!
عن ابن عباس  قال :
قحط الناس فى زمان أبى بكر الصديق ، فقال الخليفة لهم : إن شاء الله لا تمسون غداً حتى يأتيكم فرج الله . .
فلما كان صباح الغد ، قدمت قافلة لعثمان ، فغدا عليه التجار ، فخرج إليهم وعليه ملاءة قد خالف بين طرفيها على عاتقه ، وسألوه أن يببيعهم قافلته .
فسألهم : كم تربحوننى ؟
قالوا : العشرة اثنى عشر .
قال : قد زادنى .
قالوا : فالعشرة خمسة عشر .
قال : قد زادنى .
قالوا : من الذى زادك ، ونحن تجار المدينة ؟
قال : إنه الله ، زادنى بكل درهم عشراً ، فهل لديكم أنت مزيد ؟
فانصرف التجار عنه ، وهو ينادى : اللهم إنى وهبتها فقراء المدينة بلا ثمن وبلا حساب .80

إنفاق طلحة بن عبيد الله 
عن موسى ، عن أبيه طلحة  :
أنه أتاة مال من حضر موت سبع مئة ألف ، فبات ليلته يتململ .
فقالت زوجته : ما لك ؟
قال : تفكرت منذ الليلة ، فقلت : ما ظن رجل بربه وهذا المال فى بيته ؟!
قالت : فأين أنت عن بعض أخلائك ، فإذا أصبحت ، فادع بجفان وقصاع وقسمه .
فقال لها : رحمك الله ، إنك موفقة بنت موفق ، فلما أصبح ، دعا بجفان ، فقسمها بين المهاجرين والأنصار ، فبعث إلى علىّ منها بجفنة ، فقالت زوجته أبا محمد ! أما كان لنا فى هذا المال نصيب ؟
قال : فأين كنت منذ اليوم ؟ فشأنك بما بقى .
قالت : فكانت صرة فيها نحو ألف درهم . 81
وعن الحسن البصرى :
أن طلحة بن عبيد الله باع أرضاً له بسبع مئة ألف , فبات أرقاً من مخافة ذلك المال ، حتى أصبح ففرقه . 82

إنفاق عبد الرحمن بن عوف 
عن طلحة  قال :
كان أهل المدينة عيالاً على عبد الرحمن بن عوف ، ثلث يقرضهم ماله ، وثلث يقضى دينهم ، ويصلُ ثلثاً . 83
وعن أبى هريرة  قال :
قال رسول الله  : " خيركم خيركم لأهلى من بعدى " ، قال : فباع عبد الرحمن بن عوف حديقة بأربع مائة ألف قسمها فى أزواج النبي  .84
بل لقد تصدق عبد الرحمن بن عوف على عهد رسول الله  بشطر ماله ، ثم تصدق بعد بأربعين ألف دينار ، ثم حمل على خمسمائة فرس فى سبيل الله ، وخمسمائة راحلة ، وكان أكثر ماله من التجارة ، وقيل : إنه أعتق فى يوم واحد ثلاثين عبداً . 85

إنفاق على بن أبي طالب 
عن أبي جعفر قال :
ما مات علي بن أبي طالب  حتى بلغت غلته مائة ألف , ولقد مات يوم مات وعليه سبعون ألفاً ديناً .
فقلت : من أين كان عليه هذا الدين ؟
قال : كان تأتيه حاميته من أصهاره ومعارفه ممن لا يرى لهم في الفيء نصيباً فيعطيهم , فلما قام الحسن بن علي باع وأخذ من حواشي ماله حتى قضى عنه ثم كان يعتق عنه كل عام خمسين نسمة حتى هلك , ثم كان الحسين
يعتق عنه خمسين نسمة حتى قتل , ثم لم يفعله أحد بعدهما . 86

كم من عذق رداح لأبي الدحداح
عن أنس  :
أن رجلاً قال : يا رسول الله ، إن لفلان نخلة وأنا أقيم حائطي بها ، فأمره أن يعطيني حتى أقيم حائطي بها .
فقال له النبي  : " أعطه إِياها بنخلة في الجنة " فأبى .
قال : فأتاه أبو الدحداح  فقال : بعني نخلتك بحائطي .
قال : ففعل , فأتى النبي  فقال : يا رسول الله إبتعت النخلة لحائطي فاجعلها له فقد أعطيتكها .
فقال : " كم من عَذْق رَدَاح لأبي الدحداح في الجنة " قالها مراراً.
قال : فأتى إمرأته فقال : يا أم الدحداح ، أخرجي من الحائط فإني قد بعته بنخلة في الجنة ، فقالت : ربح البيع أو كلمة تشبهها .87

والله ما رأيت من لاقط قِشَع خيراً من اليوم
عن أبي حازم قال :
ما كان بالمدينة أحد سمعنا به كان أكثر حملاً في سبيل الله من حكيم بن حزام  .
قال : لقد قدم أعرابيان المدينة يسألان من يحمل في سبيل الله ـ يريدان الجهاد ـ , فدُلا على حكيم بن حِزام فأتياه في أهله ، فسلهما , ما يريدان ؟ فأخبراه ما يريدان .
فقال لهما : لا تعجلا حتى أخرج إليكما ، وكان حكيم يلبس ثياباً يُؤتى بها من مصر كأنها الشِباك ثمنها أربعة دراهم ، ويأخذ عصا في يده ، ويخرج معه غلامان له , وكلما مر بكناسة أو قمامة فرأى فيها خرقة تصلح في جَهَاز الإِبل التي يُحمل عليها في سبيل الله , أخذها بطرف عصاه فنفضها ثم قال لغلاميه :
أمسكا بسلعتكما في جَهازكما .
فقال الأعرابيان أحدهما لصاحبه وهو يصنع ذلك : ويحك أنجُ بنا ، فوالله ما عند هذا إلا لقط القِشَع , فقال له صاحبه : ويحك لا تعجل حتى ننظر .
فخرج بهما إلى السوق فنظر إلى ناقتين خلفتين ، سمينتين خَلِفتين ، فابتاعهما وابتاع جَهازهما ، ثم قال لغلاميه : رُمّا بهذه الخرق ما ينبغي له المرمَّة من جَهازكما ، ثم أوقرهما طعاماً وبُراً وودكاً ، وأعطاهما نفقة ثم أعطاهما الناقتين .
قال : يقول أحدهما لصاحبه : والله ما رأيت من لاقط قِشَع خيراً من اليوم .88

كان أخير الناس للمساكين
عن أبي هريرة  :
أن الناس كانوا يقولون : أكثر أبو هريرة , وإني كنت ألزم رسول الله  بشبع بطني حين لا آكل الخمير , ولا ألبس الحبير , ولا يخدمني فلان ولا فلانة , وكنت ألصق بطني بالحصباء من الجوع , وإن كنت لأستقرئ الرجل الآية هي معي كي ينقلب بي فيطعمني , وكان أخير الناس للمسكين جعفر بن أبي طالب , كان ينقلب بنا فيطعمنا ما كان في بيته حتى إن كان ليخرج إلينا العكة التي ليس فيها شيء فنشقها فنعلق ما فيها .89

دراهم مباركة
عن أبي نضرة قال :
أتيت عثمان بن أبي العاص  في أيام العشر ـ وكان له بيت قد أخلاه للحديث ـ فمُر عليه بكبش فقال لصاحبه : بكم أخذته ؟
فقال : بإثني عشر درهماً .
فقلت : لو كان معي إثنا عشر درهماً إشتريت بها كبشاً فضحيت وأطعمت عيالي .
فلما قدمت أتبعني بصرة فيها خمسون درهماً ، فما رأيت دراهم قط كانت أعظم بركة منها أعطاني وهو لها محتسب وأنا إليها محتاج .90

ليس في بيتها إلا رغيف
أخرج مالك في الموطأ :
أنه بلغه عن عائشة زوج النبي  ورضي الله عنها أن مسكيناً سألها وهي صائمة وليس في بيتها إلا رغيف .
فقالت لمولاة لها : يعطيه إياه ، فقالت : ليس لك ما تُفطرين عليه .
فقالت : أعطيه إياه , قالت : ففعلت .
فلما أمسينا أهدى لنا أهل بيت أو إنسان ما كان يهدي لنا شاة وكفنها ، فدعتني عائشة ـ رضي الله عنها ـ فقالت : كلي من هذا،هذا خير من قرصك .91

إنفاق عبد الله بن عمر 
عن نافع :
أن ابن عمر  كان يجمع أهل بيته على جفنته كل ليلة قال : فربما سمع بنداء مسكين فيقوم إليه بنصيبه من اللحم والخبز فإلي أن يدفعه إليه ويرجع قد فرغوا مما في الجفة , فإن كنت أدركت فيها شيئاَ فقد أدرك فيها ثم يصبح صائماً .
وعن حبيب بن أبي مرزوق :
أن ابن عمر  اشتهى سمكاً قال : فطلبت له صفية امرأته فأصابت له سمكة فصنعتها , فأطابت صنعتها , ثم قربتها إليه , قال : وسمع نداء مسكين على الباب فقال : ادفعوها إليه .
فقالت صفية : أنشدك الله لما رددت نفسك منها بشيء .
فقال : ادفعوها إليه , فقالت : نحن نرضيه منها .
قال : أنتم أعلم , فقالوا للسائل : إنه قد اشتهى هذه السمكة .
قال : وأنا والله اشتهيتها .
قال : فماكسهم حتى أعطوه ديناراً , قالت : إنا قد أرضيناه , قال : لذلك قد أرضوك ورضيت وأخذت الثمن ؟ , قال نعم .92
وعن نافع قال :
خرجت مع عبد الله بن عمر فى بعض نواحى المدينة ومعه أصحاب له ، فوضعوا سفرة ـ طعاماً ـ ، فمر بهم راع ، فقال له عبد الله : هلم يا راعى فأصب من هذه السفرة ، فقال : إنى صائم .
فقال له عبد الله : فى مثل هذا اليوم الشديد حره , وأنت فى هذه الشعاب فى آثار هذه الغنم وبين الجبال ترعى هذه الغنم و أنت صائم .
فقال الراعى : أبادر أيامى الخالية .
فعجب ابن عمر وقال : هل لك أن تبيعنا شاة من غنمك تنحرها ونطعمك من لحمها ما تفطر عليه ونعطيك ثمنها ؟
قال : إنها ليست لى ، إنها لمولاى .
قال : فما عسى أن يقول لك مولاك إن قلت : أكلها الذئب ، فمضى الراعى وهو رافع إصبعه الى السماء وهو يقول : فأين الله ؟
قال : فلم يزل ابن عمر يقول : قال الراعى : فأين الله ؟ فما عدا أن قدم المدينة فبعث الى سيده فاشترى منه الراعى والغنم ، فأعتق الراعى ، ووهب له الغنم .93

ويؤثرون على أنفسهم
عن أبي هريرة  :
أن رجلا أتى النبي  فبعث إلى نسائه فقلن : ما معنا إلا الماء .
فقال رسول الله  : " من يضم أو يضيف هذا ؟ " .
فقال رجل من الأنصار : أنا , فانطلق به إلى امرأته فقال : أكرمي ضيف رسول الله  .
فقالت : ما عندنا إلا قوت صبياني .
فقال : هيئي طعامك وأصبحي سراجك , ونومي صبيانك إذا أرادوا عشاء .
فهيأت طعامها , وأصبحت سراجها , ونومت صبيانها , ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته , فجعلا يريانه أنهما يأكلان , فباتا طاويين , فلما أصبح غدا إلى رسول الله  فقال : " ضحك الله الليلة أو عجب من فعالكما " فأنزل الله : { ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون" .94

عبادتهـــــــم 
كنت في سورة فلم أحب أن أقطعها
عن جابر  قال :
خرجنا مع رسول الله  ـ يعني في غزوة ذات الرقاع ـ فأصاب رجل امرأة رجل من المشركين فحلف أن لا أنتهي حتى أهريق دماً في أصحاب محمد فخرج يتبع أثر النبي  , فنزل النبي  منزلاً فقال : من رجل يكلؤنا ؟
فانتدب رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار فقال : " كونا بفم الشعب "
قال : فلما خرج الرجلان إلى فم الشعب اضطجع المهاجري , وقام الأنصاري يصلي , وأتى الرجل فلما رأى شخصه عرف أنه ربيئة ـ طليعة ـ للقوم , فرماه بسهم فوضعه فيه فنزعه , حتى رماه بثلاثة أسهم , ثم ركع وسجد ثم انتبه صاحبه فلما عرف أنهم قد نذروا به هرب , فلما رأى المهاجري ما بالأنصاري من الدم قال : سبحان الله , ألا أنبهتني أول ما رمى ؟!
قال : كنت في سورة أقرؤها فلم أحب أن أقطعها .95

أخذ هذا بالقوة
عن أبى قتادة :
أن رسول الله  قال لأبى بكر  : " متى توتر ـ تصلى ـ ؟ " قال : أوتر من أول الليل ، وقال لعمر  : " متى توتر ؟ " قال : آخر الليل ، فقال لأبى بكر : " أخذ هذا بالحذر، وقال لعمر أخذ هذا بالقوة " . 95
وعن أسلم أن عمر بن الخطاب  كان يصلى ما شاء الله حتى إذا كان من آخر الليل يعظ أهله ويقول : الصلاة . . الصلاة ، ويتلو هذه الآية : { وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها } . 97
وقال زياد بن حدير :
رأيت عمر بن الخطاب  أكثر الناس صياماً ، وأكثرهم سواكاًَ .98
وعن ابن عمر قال :
ما مات عمر حتى سرد الصوم . 99
وقال أحمد بن حنبل عن ليل عمر :
" كان يصلى بالناس العشاء ثم يدخل بيته ، فلا يزال يصلى إلى الفجر , وقال عمر لمعاوية بن خديج : لئن نمت بالنهار لأضيعن الرعية ، ولئن نمت بالليل لأضيعن نفسى ، فكيف بالنوم مع هذين يا معاوية " .100

يقرأ القرآن كله في ركعة
قال عبد الرحمن بن عثمان التيمى :
قلت لأغلبن الليلة على المقام ، فسبقت إليه , فبينا أنا قائم أصلى إذ وضع رجل يده على ظهرى ، فنظرت فإذا هو عثمان بن عفان  وهو خليفة ، فتنحين عنه ، فقام فما برح حتى فرغ من القرآن كله فى ركعة لم يزد عليها .
فلما انصرفت قلت : يا أمير المؤمنين ، إنما صليت ركعة ؟!
قال : أجل هى وترى . أى ركعة الوتر .101
وعن ابن سيرين قال :
قالت امرأة عثمان حين قتل : لقد قتلتموه ، وإنه ليحيى الليل كله بالقرآن فى ركعة .102
وعن الحسن قال :
قال عثمان : لو أن قلوبنا طهرت ما شبعنا من كلام ربنا ، وإنى لأكره أن يأتى على يوم لا أنظر فى المصحف " ، وما مات عثمان حتى خًرق مصحفه من كثرة ما يديم النظر فيه .13
وكان  لا يوقظ أحداً من أهله إذا قام من الليل ليعينه على وضوئه ، إلا أن
يجده يقظاناً ، وكان يصوم الدهر ، وكان يعاتب ، فيقال : لو أيقظت بعض الخدم ؟
فيقول : لا ! الليل لهم ليسترحون فيه . 104

عبادة أنس بن مالك 
قال أبو هريرة  :
ما رأيت أحداً أشبه بصلاة رسول الله  من ابن أم سليم ـ يعنى أنساً ـ .
وقال أنس بن سيرين :
كان أنس بن مالك  أحسن الناس صلاة فى الحضر والسفر . 105
وعن ثابت قال :
كان أنس بن مالك  إذا ختم القرآن جمع ولده وأهل بيته فدعا لهم .106

لقد سمعت خشف نعليك فى الجنة
عن أبي هريرة  قال :
قال رسول الله  لبلال عند صلاة الغداة : " يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته عندك في الإسلام منفعة , فإني سمعت الليلة خشف نعليك بين يدي في
الجنة " .
قال بلال : ما عملت عملاً في الإسلام أرجى عندي منفعة من إني لا أتطهر طهوراً تاماً في ساعة من ليل ولا نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب الله لي أن أصلي . 107

ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة
عن أبي هريرة  قال :
قال رسول الله  : " من أصبح منكم اليوم صائماً ؟ " .
قال أبو بكر : أنا .
قال : " فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟ " .
قال أبو بكر : أنا .
قال : " فمن أطعم منكم اليوم مسكيناً ؟ " .
قال أبو بكر : أنا .
قال : " فمن عاد منكم اليوم مريضاً ؟ " .
قال أبو بكر : أنا .
فقال رسول الله  : " ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة " .108


نعم الرجل لو كان يصلي الليل
عن ابن عمر  قال :
كان الرجل في حياة النبي  إذا رأى رؤيا قصها على النبي  فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على النبي  , وكنت غلاماً شاباً عزباً , وكنت أنام في المسجد على عهد النبي  فرأيت في المنام كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار , فإذا هي مطوية كطي البئر , وإذا لها قرنان كقرني البئر , وإذا فيها ناس قد عرفتهم , فجعلت أقول : أعوذ بالله من النار , أعوذ بالله من النار فلقيهما ملك آخر فقال لي : لن تراع .
فقصصتها على حفصة فقصتها حفصة على النبي  فقال : " نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي بالليل " .
قال سالم : فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلا .109
    
بكاؤهم وخشيتهم 
أأنت تحمل عنى وزري يوم القيامة
عن زيد بن أسلم عن أبيه قال :
خرجت مع عمر بن الخطاب إلى حرة واقم ، حتى إذا كنا بصرار إذا نار تؤرث ، فقال : يا أسلم : إنى أرى ركباً قصر بهم الليل والبرد ، انطلق بنا ، فخرجنا نهرول حتى دنونا منهم ، فإذا امرأة لها ، وقدر منصوبة على النار ، وصبيانها يتضاغون .
فقال عمر : السلام عليكم يا أصحاب الضوء ، وكره أن يقول يا أصحاب النار ، قالت : وعليك السلام .
قال : أأدنو ؟
قالت : أدن بخير أو دع ، فدنا فقال : ما بالكم ؟
قالت : قصر بنا الليل والبرد .
قال : فما بال هؤلاء الصبية يتضاغون ؟
قالت : من الجوع .
قال : وأى شئ فى هذا القدر ؟
قالت : ماء أسكتهم به حتى يناموا ، الله بيننا وبين عمر ! قال : أى رحمك الله ، ما يدرى عمر بكم ؟
قالت : يتولى أمرنا ، ويغفل عنا ! . .
فأقبل على فقال : انطلق بنا , فخرجنا نهرول حتى أتينا دار الدقيق ، فأخرج عدلاً فيه كبه شحم فقال : احمله على ! فقلت : أنا أحمله عنك .
قال : احمله على ، مرتين أو ثلاثاً ، كل ذلك أقول : أنا أحمله عنك ، فقال لى فى آخر ذلك : أنت تحمل عنى وزرى يوم القيامة ؟! لا أم لك ، فحملته عليه ، فانطلق ، وانطلقت معه نهرول ، حتى انتهينا إليها ، فألقى ذلك عندها ، وأخرج من الدقيق شيئاً ، فجعل يقول لها : ذرى على ، وأنا أحرك لك ، وجعل ينفخ تحت القدر ـ وكان ذا لحية عظيمة ـ فجعلت أنظر إلى الدخان من خلل لحيته حتى أنضج وأدم القدر ، ثم أنزلها ، وقال : ابغنى شيئاً فأتته بصحفة فأفرغها فيها ، ثم جعل يقول : أطعميهم ، وأنا أسطح لك ، فلم يزل حتى شبعوا ، ثم خلى عندها فضل ذلك ، وقام وقمت معه .
فجعلت تقول : جزاك الله خيراً ، أنت أولى بهذا الأمر من أمير المؤمنين !
فيقول : قولى خيراً ، إنك إذا جئت أمير المؤمنين ، وجدتنى هناك إن شاء الله .
ثم تنحى ناحية عنها ، ثم استقبلها وربض مربض السبع ، فجعلت أقول له : إن لك شأناً غير هذا ، وهو لا يكلمنى ، حتى رأيت الصبية يصطرعون ويضحكون ، ثم ناموا ، وهدؤوا ، فقام ، وهو يحمد الله .
ثم أقبل على فقال : يا أسلم إن الجوع أسهرهم وأبكاهم ، فأحببت ألا انصرف حتى أرى ما رأيت منهم . 110

أبكي لأن الوحي انقطع من السماء
عن أنس  قال :
قال أبو بكر  بعد وفاة الرسول  لعمر : انطلق بنا إلى أم إيمن نزورها كما كان رسول الله  يزورها .
فلما انتهينا إليها بكت ، فقالا لها : ما يبكيك ؟ ما عند الله خير لرسول الله  فقالت : ما أبكى أن أكون أعلم أن ما عند الله خير لرسول الله  ، ولكن أبكى أن الوحى قد انقطع من السماء ، فهيجتهما على البكاء فجعلا يبكيان معها . 111

كان لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن
عن عائشة رضي الله عنها ـ قالت :
لم أعقل أبوي قد إلا وهما يدينان الدين , ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله  طرفي النهار بكرة وعشية , فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجراً قبل الحبشة , حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارة فقال : أين تريد يا أبا بكر ؟
فقال أبو بكر : أخرجني قومي , فأنا أريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربي .
قال ابن الدغنة : إن مثلك لا يَخرج ولا يُخرج , فإنك تكسب المعدوم , وتصل الرحم , وتحمل الكل , وتقري الضيف , وتعين على نوائب الحق , وأنا لك جار فارجع فاعبد ربك ببلادك .
فارتحل ابن الدغنة فرجع مع أبي بكر فطاف في أشراف كفار قريش فقال لهم : إن أبا بكر لا يخرج مثله ولا يخرج , أتخرجون رجلاً يكسب المعدوم ويصل الرحم , ويحمل الكل , ويقري الضيف , ويعين على نوائب الحق .
فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة وآمنوا أبا بكر , وقالوا لابن الدغنة : مر أبا بكر فليعبد ربه في داره فليصل وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك , ولا يستعلن به فإنا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا .
قال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر , فطفق أبو بكر يعبد ربه في داره ولا يستعلن بالصلاة ولا القراءة في غير داره , ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجداً بفناء داره وبرز , فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن , فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون وينظرون إليه , وكان أبو بكر رجلاً بكاء لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن , فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين , فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم فقالوا له : إنا كنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره وإنه جاوز ذلك , فابتنى مسجداً بفناء داره وأعلن الصلاة والقراءة , وقد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا , فأته فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل وإن أبى إلا أن يعلن ذلك فسله أن يرد إليك ذمتك , فإنا كرهنا أن نخفرك ولسنا مقرين لأبي بكر الإستعلان .
قالت عائشة : فأتى ابن الدغنة أبا بكر فقال : قد علمت الذي عقدت لك عليه فإما أن تقتصر على ذلك , وإما أن ترد إلي ذمتي , فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له .
قال أبو بكر : إني أرد لك جوارك وأرضى جوار الله . . " 112.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

المواقف المستطابة من حياة الصحابة  Empty
مُساهمةموضوع: الانباء المستطابة   المواقف المستطابة من حياة الصحابة  I_icon_minitimeالخميس نوفمبر 28, 2013 1:52 pm

فذاك الذي أبكاني
عن زيد بن أرقم :
أن أبا بكر استسقى ، فأتى بإناء فيه ماء وعسل ، فلما أدناه من فيه بكى ، وأبكى من حوله ، فسكت وما سكتوا ، ثم عاد فبكى حتى ظنو أن لا يقدروا على مساءلته ، ثم مسح وجهه وأفاق ، فقالوا : ما هاجك على هذا البكاء ؟
قال : كنت مع النبي  ، وجعل يدفع عنه شيئاً ، ويقول : " إليك عنى ، إليك عنى " ولم أر معه أحداً ، فقلت : يا رسول الله ، أراك تدفع عنك شيئاً ، ولا أرى معك أحداً ؟
قال : " هذه الدنيا تمثلت لى بما فيها ، فقلت لها : عليك عنى , فتنحت وقالت : أما والله لئن انفلت منى لا ينفلت منى من بعدك " , فخشيت أن تكون قد لحقتنى ، فذاك الذى أبكانى . 113

بكاء عمر بن الخطاب 
عن عبد الله بن شداد بن ألهاد قال :
سمعت عمر يقرأ فى صلاة الصبح سورة يوسف , فسمعت نشيجه وإنى لفى آخر الصفوف وهو يقرأ : { إنما أشكو بثى وحزنى إلى الله } .
وعن عبد الله بن عيسى قال :
كان فى وجه عمر خطان أسودان من البكاء ، وفى رواية : خطان مثل الشراك البالى .
وعن ابن عمر قال :
غلب على عمر عليه البكاء ، وهو يصلى بالناس صلاة الصبح ، فسمعت حنينه من وراء ثلاثة صفوف .
وعن الحسن قال :
كان عمر يمر بالآية من ورده بالليل فيبكى حتى يسقط ويبقى فى البيت حتى يعاد للمرض . 114

أتق الله في الرعية
قال قتادة :
خرج عمر بن الخطاب  من المسجد ومعه الجارود ، فإذا امرأة بارزة على الطريق ، فسلم عليها ، فردت عليه ، أو سلمت عليه ، فرد عليها .
فقالت : هيه يا عمر ، عهدتك وأنت تسمى عميراً فى سوق عكاظ ، تصارع الصبيان ، فلم تذهب الأيام حتى سميت عمر ، ثم لم تذهب الأيام حتى سميت أمير المؤمنين ، فاتق الله فى الرعية ، واعلم أنه من خاف الموت خشى الفوت فبكى عمر .
فقال الجارود : هيه ، لقد تجرأت على أمير المؤمنين ، وأبكيتيه .
فقال عمر : دعها ، أما تعرف من هذه ؟!
هى خوله بنت حكيم التى سمع الله قولها من فوق سبع سموات ، فعمر والله أحرى أن يسمع كلامها .115

أعليك أغار يا رسول الله
عن أبى هريرة  قال :
قال رسول الله  : " بينا أنا نائم رأيتنى فى الجنة ، فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر ، فقلت : لمن هذا القصر ؟
قالوا : لعمر ، فذكرت غيرته ، فوليت مدبراً " .
فبكى عمر وقال : أعليك أغار يا رسول الله ؟! . 116

هذا الذي تقولون أنه غليظ
ويقول أبو سعيد مولى أبى أسيد :
كان عمر إذا صلى أخرج الناس من المسجد فأخذ إلينا ، فلما رأى أصحابه ألقى الدرة وجلس ، فقال : ادعوا ، فدعوا .
قال : فجعل يدعو ويدعو حتى انتهت الدعوة إلى ، فدعوت وأنا مملوك ، فرأيته دعا وبكى بكاء لا تبكيه الثكلى ، فقلت فى نفسى : هذا الذى تقولون إنه غليظ !! . 117

أسألك أن تدخليني معكما
عن زيد بن أسلم قال :
خرج عمر بن الخطاب  ليلة يحرس ، فرأى مصباحاً فى بيت ، فدنا منه فإذا عجوز تطرق شعيراً لها تغربله بقدح وهى تقول :
على محمد صلاة الأبـــــــــرار صلى عليك المصطفون الأخيــــار
قد كنت قواما بكى الأسحـــــار يا ليت شعرى والمنايا أطــــــــوار
هل تجمعنى وحبيبى الـــدار
تعنى النبى  هو حبيب الدار .
فجلس عمر يبكى ، فما زال يبكى حتى قرع الباب عليها فقالت : من هذا ؟
قال : عمر بن الخطاب .
قالت : مالى ولعمر ؟ ! وما يأتى بعمر هذه الساعة ؟!
قال : افتحى رحمك الله ، ولا بأس عليك ، ففتحت له ، فدخل ، فقال : ردى على الكلمات التى قلت آنفاً ، فردته عليه .
فلما بلغت آخره ، قال : أسألك أن تدخلينى معكما .
قالت : وعمر فاغفر له يا غفار .
فرجع عمر ، وقد رضى . 118

بكاء عبد الرحمن بن عوف 
عن نوفل إياس الهذلى قال :
كان عبد الرحمن  لنا جليساً وكان نعم الجليس ، وإنه انقلب بنا يوماً حتى دخلنا بيته ، ودخل فاغتسل ثم خرج فجلس معنا ، وأتينا بصحفة فيها خبز ولحم ، فلما وضعت بكى عبد الرحمن بن عوف ، فقلنا له : يا أبا محمد ! ما يبكيك ؟ قال : هلك رسول الله  ولم يشبع هو وأهل بيته من خبز الشعير، ولا أرانا أخرنا لما هو خير لنا .
وعن سعد بن إبراهيم عن أبيه :
أن عبد الرحمن بن عوف  أتى بطعام ، وكان صائماً ، فقال : قتل مصعب بن عمير وهو خير منى ، كفن فى بردة ، إن غطى رأسه بدت رجلاه وإن غطى رجلاه بدا ـ أى ظهر رأسه ـ وأراه قال : وقتل حمزة وهو خير منى ، ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط ، أو قال : أعطينا من الدنيا ما أعطينا ، وقد خشينا أن تكون حسناتنا قد عجلت لنا ، ثم جعل يبكى حتى ترك الطعام . 119

بكاء عثمان بن عفان 
يروى هانئ مولى عثمان فيقول :
كان عثمان  إذا وقف على قبر يبكى حتى يبل لحيته ، فقيل له : تذكر الجنة والنار فلا تبكى ، وتبكى من هذا ؟!
فقال : إن الرسول  قال : " إن القبر أول منزل من منازل الآخرة ، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه ، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه " .
وقد يتساءل المرء : عن سبب بكاء ذى النورين وهو من المبشرين بالجنة ؟
قيل : إنما كان عثمان يبكى وإن كان من جملة المشهود لهم بالجنة ، إما الاحتمال أنه لا يلزم من التبشير بالجنة عدم عذاب القبر ، بل ولا عدم عذاب النار مطلقاً ، مع احتمال أن يكون التبشير مقيداً بقيد معلوم أو مبهم ، ويمكن أن ينسى البشارة حينئذ لشدة الفظاعة ، ويمكن أن يكون خوفاً من ضغطة القبر .120

بكاء عبد الله بن رواحة 
قال أبو بكر المزنى ـ رحمه الله ـ :
حينما نزلت هذه الآية : { وإن منكم إلا وارردها } ، ذهب عبد الله بن رواحة إلى بيته فبكى ، فجاءت امرأته فبكت ، فجاءت الخادم فبكى ، وجاء أهل البيت فجعلوا يبكون .
فلما انقطعت عبرته قال : يا أهلاه ، ما الذى أبكاكم ؟
قالوا : لا ندرى ، ولكن رأيناك بكيت فبكينا .
قال : إنه أنزل على رسول الله  آية ينبئنى فيها ربى عز وجل أنى وارد النار ، ولم ينبئنى أنى صادر عنها ، فذلك الذى أبكانى .121

كان أبو بكر أعلمنا
عن أبي سعيد الخدري  قال :
خطب رسول الله  الناس وقال : " إن الله خير عبداً بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله " .
قال : فبكى أبو بكر , فعجبناً لبكائه أن يخبر رسول الله  عن عبد خير فكان رسول الله  هو المخير وكان أبو بكر أعلمنا فقال رسول الله  : " إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبا بكر , ولو كنت متخذا خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر , ولكن أخوة الإسلام ومودته , لا يبقين في المسجد باب
إلا سد إلا باب أبي بكر " . 122

بكاء عبد الله بن عمر 
عن سمير الراحى عن أبيه قال :
شرب عبد الله بن عمر  ماء مبرداً فبكى ، واشتد بكاؤه ، فقيل له : ما يبكيك ؟
فقال : ذكرت آيه فى كتاب الله عز وجل { وحيل بينهم وبين ما يشتهون }
فعرفت أن أهل النار لا يشتهون شيئاً ، شهوتهم الماء ، وقد قال الله تعالى : { أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله } .123

بكاء عبد الله بن عمرو 
بينما عبد الله بن عمرو وراء المقام يصلى ، وقد شفا القمر ليغيب ، مر به عبد الله بن طارق فوقف ، فقال :
مالك يا ابن أخى ؟! أتعجب من أن أبكى ؟!
فوالله إن هذا القمر ليبكى من خشية الله ، أما والله لو تعلمون حق العلم لبكى أحدهم ، حتى ينقطع صوته ، ولسجد حتى ينكسر صلبه .
أتعجب من أن أبكى من خشية الله ؟! فإن لم تبكوا فتباكوا ،إن هذا القمر ليبكى من خشية الله .124

بكاء الأنصار 
عن أبي سعيد الخدري  قال :
لما أعطي رسول الله  ما أعطي من تلك العطايا في قريش وقبائل العرب ولم يكن في الأنصار منها شيء , وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم حتى كثرت فيهم القالة , حتى قال قائلهم : لقي رسول الله  قومه .
فدخل عليه سعد بن عبادة فقال : يا رسول الله إن هذا الحي قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت , قسمت في قومك وأعطيت عطايا عظاماً في قبائل العرب , ولم يكن في هذا الحي من الأنصار شيء .
قال : " فأين أنت من ذلك يا سعد ؟ " .
قال : يا رسول الله ما أنا إلا امرؤ من قومي , وما أنا .
قال : " فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة " .
قال : فخرج سعد فجمع الناس في تلك الحظيرة , قال : فجاء رجال من المهاجرين فتركهم فدخلوا وجاء آخرون فردهم , فلما اجتمعوا أتاه سعد فقال : قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار .
قال : فأتاهم رسول الله  فحمد الله وأثنى عليه بالذي هو له أهل ثم قال : "
يا معشر الأنصار , مقالة بلغتني عنكم , وجدة وجدتموها في أنفسكم , ألم آتكم ضلالاً فهداكم الله , وعالة فأغناكم الله , وأعداء فألف الله بين قلوبكم " .
قالوا : بل الله ورسوله أمن وأفضل .
قال : " ألا تجيبونني يا معشر الأنصار ؟ " .
قالوا : وبماذا نجيبك يا رسول الله , ولله ولرسوله المن والفضل .
قال : " أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم وصدقتم : أتيتنا مكذباً , فصدقناك ومخذولاً فنصرناك , وطريداً فآويناك , وعائلاً فأغنيناك , أوجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوماً ليسلموا , ووكلتكم إلى إسلامكم , أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله  في رحالكم , فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار , ولو سلك الناس شعباً وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار , اللهم ارحم الأنصار , وأبناء الأنصار , وأبناء أبناء الأنصار"
قال : فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم , وقالوا : رضينا برسول الله قسماً وحظاً , ثم انصرف رسول الله  وتفرقنا .125
    
تقواهم وورعهم 
أعثرات عمر تتبع ؟ !
عن الأوزاعي :
أن عمر بن الخطاب  خرج في سواد الليل , فرآه طلحة , فذهب عمر فدخل بيتاً ثم دخل بيتاً آخر .
فلما أصبح طلحة ذهب إلى ذلك البيت فإذا بعجوز عمياء مقعدة ، فقال لها : ما بال هذا الرجل يأتيك ؟
قالت : إنه يتعاهدني منذ كذا و كذا ، يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى .
قال طلحة : ثكلتك أمك طلحة أعثرات عمر تتبع ؟ . 126

ادع الله أن لا أتكشف
عن عطاء بن أبي رباح قال :
قال لي ابن عباس : ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟
قلت : بلى , قال : هذه المرأة السوداء أتت النبي  قالت : إني أصرع وإني أتكشف , فادع الله لي .
قال : " إن شئت صبرت ولك الجنة , وإن شئت دعوت الله أن يعافيك " .
قالت : أصبر , قالت : فإني أتكشف فادع الله أن لا أتكشف , فدعا لها . 127

عليه قميص يجره
عن أبي سعيد الخدري  قال :
قال رسول الله  : " بينا أنا نائم رأيت الناس يعرضون وعليهم قمص , منها ما يبلغ الثدي , ومنها ما يبلغ دون ذلك , ومر عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره " .
قالوا : ماذا أولت ذلك يا رسول الله ؟
قال : " الدين " 128.

خشيت أن ينبت شئ من جسدي من هذه اللقمة
وعن زيد بن أرقم قال :
كان لأبي بكر مملوك يغل عليه , فأتاه ليلة بطعام فتناول منه لقمة ، فقال له المملوك : مالك كنت تسألني كل ليلة و لم تسألني الليلة ؟
قال : حملني على ذلك الجوع من أين جئت بهذا ؟
قال : مررت بقوم في الجاهلية فرقيت لهم فوعدوني , فلما أن كان اليوم مررت بهم فإذا عرس لهم فأعطوني .
فقال : أف لك كدت تهلكني , فأدخل يده في حلقه فجعل يتقيأ ، و جعلت لا تخرج , فقيل له : إن هذه لا تخرج إلا بالماء ، فدعا بعس من ماء فجعل يشرب و يتقيأ حتى رمى بها , فقيل له : يرحمك الله ، كل هذا من أجل هذه اللقمة ؟ فقال : لو لم تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها ، سمعت رسول الله  يقول : " كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به " , فخشيت أن ينبت شيء من جسدي من هذه اللقمة .129

خشيت أن يضيعا , فيسألني الله عنهما
بينا عثمان بن عفان  فى مال له بالعالية فى يوم صائف ـ شديد الحر ـ إذ رأى رجلاً يسوق بكرين ـ من الإبل ـ وعلى الأرض مثل الفراش من الحر ، فقال : ما على هذا لو أقام بالمدينة حتى يبرد ، ثم يروح .
ثم دنا الرجل فقال لمولاه : انظر من هذا ؟
فنظر فقال : أرى رجلاً معتماً بردائه ، يسوق بكرين .
ثم دنا الرجل فقال : انظر . أنظر ، فإذا عمر بن الخطاب !!
فقال : هذا أمير المؤمنين .
فقام عثمان فأخرج رأسه من الباب فإذا نفح السموم ، فأعاد رأسه حتى حاذاه فقال : ما أخرجك هذه الساعة ؟!!
فقال عمر : بكران من إبل الصدقة تخلفا ، وقد مضى بإبل الصدقة ، فأردت أن ألحقهما بالحمى وخشيت أن يضيعا ، فيسألنى الله عنهما .
فقال عثمان : يا أمير المؤمنين ، هلم إلى الماء والظل ، ونكفيك .
فقال : عد إلى ظلك يا عثمان .
فقال عثمان : من أحب أن ينظر إلى القوى الأمين ، فلينظر إلى هذا ، فعاد إلينا فألقى نفسه .139

ويحك يا معيقيب !!
عن قتادة قال :
كان معيقيب على بيت مال عمر , فكسح ـ كنس ـ بيت المال يوماً فوجد فيه درهماً ، فدفعه إلى ابن عمر .
قال معيقيب : ثم انصرفت إلى بيتى ، فإذا رسول عمر قد جاء يدعونى ، فجئت فإذا الدرهم فى يده فقال : " ويحك يا معيقيب ! أوجدت على فى نفسك سبباً ؟ أو مالى ومالك ؟ " .
فقلت : وما ذاك ؟!
قال : أردت أن تخاصمنى أمة فى هذا الدرهم يوم القيامة .131
وعن مجاهد قال :
أنفق عمر بن الخطاب  فى حجة حجها ثمانين درهماً من المدينة إلى مكة ومن مكة إلى المدينة ، قال : ثم جعل يتأسف ، ويضرب بيده على الأخرى ، ويقول : ما أخلقنا أن نكون أسرفنا فى مال الله تعالى .132

بيني وبينك قاضي المسلمين
وجد على بن أبى طالب  درعاً له عند يهودى ، التقطها فعرفها على .
فقال : درعى سقطت عن جمل لى أروق .
فقال اليهودى : درعي وفى يدى .
ثم قال اليهودى : بينى وبينك قاضى المسلمين ، فأتوا شريحاً قاضى الكوفة وافتتحت الجلسة .
قال شريح : ما تشاء يا أمير المؤمنين ؟
قال : درعى سقطت عن جمل لى أورق فالتقطها هذا اليهودى .
قال شريح : صدقت يا أمير المؤمينين ، إنها لدرعك ، ولكن لا بد من شاهدين ، فدعا على " فنبرأ " مولاه ، والحسن بن على ولده ، وشهدا أنها درعه .
فقال شريح : أما شهادة مولاك فقد أجزتها ، وأما شهادة ابنك فلا نجيزها .
فقال على : ثكلتك أمك ، أما سمعت عمر بن الخطاب يقول : قال رسول الله " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة " ، قال : نعم .
قال على : أفلا تجيز شهادة سيد شباب أهل الجنة ؟
قال : بلى ، ولكنه ولدك ؟!
ثم قال اليهودى : خذ الدرع , أمير المؤمنين جاء معى إلى قاضى المسلمين فقضى لى ورضى ، صدقت والله يا أمير المؤمنين إنها لدرعك سقطت عن جمل لك والتقطها ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، فوهبها له على وزاد تسعمائة عطاء .133

بئس الوالى أنا إن فعلت ذلك
عن زيد بن أسلم عن أبيه قال :
كان عمر  يصوم الدهر , و كان زمان الرمادة إذا أمسى أتى بخبز قد ثرد في الزيت , إلى أن نحروا يوماً من الأيام جزوراً فأطعمها الناس وغرفوا له طيبها , فأتي به فإذا قِدر من سنام و من كبد فقال : أنى هذا ؟
قالوا : يا أمير المؤمنين من الجزور التي نحرنا اليوم .
قال : بخ بخ ـ كلمة تعجب ـ ، بئس الوالي أنا إن أكلت أطيبها و أطعمت الناس كراديسها , أرفع هذه الجفنة ، هات لنا غير هذا الطعام .
فأتى بخبز و زيت فجعل يكسر بيده و يثرد ذلك الخبز ثم قال : ويحك يا يرفأ ارفع هذه الجفنة حتى تأتي بها أهل بيت بثمغ , فإني لم آتهم منذ ثلاثة أيام و أحسبهم مقفرين فضعها بين أيديهم .1344

هل اكتسيت ثوباً ألين من ثوبك
عن الحسن :
قال : خطب عمر الناس و هو خليفة و عليه إزار فيه ثنتا عشرة رقعة , و عن أنس قال : كان بين كتفي عمر ثلاث رقاع .
وعن مصعب بن سعد قال :
قالت حفصة لعمر : يا أمير المؤمنين هل اكتسيت ثوباً هو ألين من ثوبك ، و أكلت طعاماً هو أطيب من طعامك ، فقد وسع الله من الرزق و أكثر من الخير .
فقال : إني سأخاصمك إلى نفسك ، أما تذكرين ما كان رسول الله  يلقي من شدة العيش ، و كذلك أبو بكر ؟ فما زال يذكرها حتى أبكاها .
فقال لها : أما والله لأشاركنهما في مثل عيشهما الشديد لعلي أدرك عيشهما الرخي .

إنما حبسني قميصي
قال ابن الجوزى :
قال عبد لعزيز بن جميله : أبطأ عمر بن الخطاب جمعة بالصلاة , فلما خرج صعد المنبر ، واعتذر إلى الناس فقال : " إنما حبسنى قميصى هذا لم يكن لى قميص غيره كان يخاط " , وكان أبيض ، لا يجاوز كمه رسغ كفيه . 135

ما هذا ياجابر ؟!
عن جابر بن عبد الله قال :
رأى عمر بن الخطاب فى يدى لحماً معلقاُ ، فقال : ما هذا يا جابر ؟!
قلت : اشتهيت لحماً فاشتريته .
فقال عمر : كلما اشتهيت أشتريت ! أما تخاف هذه الآية : { أذهبتم طيباتكم فى حياتكم الدنيا } . 136
وعن أنس  قال :
تقرقر بطن عمر عام الرماده ، فكان يأكل الزيت ، وكان قد حرم على نفسه السمن .
قال : فنقر عمر بطنه بأصبعه ، وقال : تقرقر، إنه ليس عندنا غيره حتى يحيى المسلمين .137

هل لك أن تحرسهم الليلة من السرق ؟
عن ابن عمر  قال :
قدمت رفقة من التجار فنزلوا المصلى , فقال عمر لعبد الرحمن : هل لك أن تحرسهم الليلة من السرق ؟
فباتا يحرسانهم و يصليان ما كتب الله لهما ، فسمع عمر بكاء صبي فتوجه نحوه فقال لأمه : اتقي الله وأحسني إلى صبيك .
ثم عاد إلى مكانه فسمع بكاءه فعاد إلى أمه فقال لها مثل ذلك ، ثم عاد إلى مكانه فلما كان من آخر الليل سمع بكاءه فأتي أمه فقال لها : ويحك إني لأراك أم سوء ، ما لي أرى ابنك لا يقر منذ ليلة ؟
قالت : يا عبد الله قد أبرمتني منذ الليلة إني أريغه عن الفطام فيأبى .
قال : و لم ؟
قالت : لأن عمر لا يفرض إلا للفطم .
قال : و كم له ؟
قالت : كذا و كذا شهراً .
قال : و يحك لا تعجليه ، فصلى الفجر و ما يستبين الناس قراءته من غلبة البكاء فلما سلم قال : يا بؤساً لعمر ، كم قتل من أولاد المسلمين .
ثم أمر منادياً فنادى أن لا تعجلوا صبيانكم على الفطام فإنا نفرض لكل مولود في الإسلام , و كتب بذلك إلى الآفاق أن يفرض لكل مولود في الإسلام .138

لمن هذه الإبل ؟!
عن عبد الله بن عمر  قال :
اشتريت إبلاً وسقتها إلى الحمى ، فلما سمنت قدمت بها ، فدخل عمر السوق فرأى إبلاً سماناً ، فقال : لمن هذه الإبل ؟
فقيل : لعبد الله بن عمر ، فجعل يقول : يا عبد الله : بخ بخ . . ابن أمير المؤمنين ! فجئته أسعى ، فقلت : مالك يا أمير المؤمنين ؟
قال : ما هذه الإبل ؟!
قلت : إبل أنضاء ـ هزيلة ـ اشتريتها وبعثت بها إلى الحمى ابتغى ما يبتغى المسلمون .
فقال عمر : ارعوا إبل أمير المؤمنين ! اسقوا إبل أمير المؤمنين !
يا عبد الله بن عمر خذ رأس مالك ، واجعل الربح فى بيت مال المسلمين . 139

لأن زيد أحب إلى النبي  من عمر
عن زيد بن أسلم قال :
أن عمر بن الخطاب فضل المهاجرين الأولين وأعطى أبناءهم دون ذلك وفضل أسامة بن زيد على عبد الله بن عمر .
فقال عبد الله بن عمر : فقال لى رجل : فضل عليك أمير المؤمنين من ليس بأقدم منك سناً , ولا أفضل منك هجرة ، ولا شهد من المشاهد ما لم تشهد .
فقال عبد الله : وكلمته ، فقلت : يا أمير المؤمنين فضلت على من هو ليس بأقدم منى سناً ولا أفضل منى هجرة ، ولا شهد المشاهد ما لم أشهد ؟
قال : ومن هو ؟
قلت : أسامة بن زيد .
قال : صدقت لعمر الله ! فعلت ذلك لأن زيد بن حارثة كان أحب إلى رسول الله  من عمر ، وأسامة بن زيد كان أحب إلى رسول الله  من عبد الله بن عمر لذلك فعلت . 140

ألا ترى ما صنعت عائشة ؟!
عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت :
خرجنا مع رسول الله  في بعض أسفاره , حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقد لي , فأقام رسول الله  على التماسه , وأقام الناس معه وليسوا على ماء , وليس معهم ماء , فأتى الناس أبا بكر فقالوا : ألا ترى ما صنعت عائشة ؟ , أقامت برسول الله  وبالناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء .
فجاء أبو بكر ورسول الله  واضع رأسه على فخذي قد نام , فقال : حبست رسول الله  والناس وليسوا على ماء , وليس معهم ماء .
قالت : فعاتبني وقال ما شاء الله أن يقول , وجعل يطعنني بيده في خاصرتي فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله  على فخذي , فنام رسول الله  حتى أصبح على غير ماء , فأنزل الله آية التيمم فتيمموا .
فقال أسيد بن الحضير : ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر .
فقالت عائشة : فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته .141

قم يا على فاجلده
قال حنين بن المنذر :
شهدت عثمان بن عفان ، وأتى بالوليد ـ أخيه ـ قد صلى الصبح ركعتين ، ثم قال : أزيدكم ؟
فشهد عليه رجلاًن أحدهما " حمران " أنه شرب خمراً ، وشهد آخر أنه رآه يتقيأ .
فقال عثمان : إنه لم يتقيأ حتى شربها ، فقال : قم يا على فاجلده ، فقال على : قم يا حسن فاجلده ، فقال الحسن : ول حارها من تولى قارها ـ أى ولى العقوبة من توليه العمل ـ فكأنه وجد عليه ، فقال : يا عبد الله بن جعفر ، قم فاجلده ، فجلده ـ وعلى يعد ـ حتى بلغ أربعين ، فقال : أمسك ، ثم قال : جلد النبي أربعين ، وجلد أبو بكر اربعين ، وعمر ثمانين ، وهذا أحب الى . 142
قلت ـ المصنف ـ : لقد وصل عدل ذى النورين  وتقواه أنه أقام الحدود على أخيه من أمه الوليد بن عقبه ، لم تأخذه شفقة عليه ولا رحمه .


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

المواقف المستطابة من حياة الصحابة  Empty
مُساهمةموضوع: الانباء المستطابة   المواقف المستطابة من حياة الصحابة  I_icon_minitimeالخميس نوفمبر 28, 2013 1:55 pm

وأى عبد هو أعبد منى ومن الأحنف ؟
قدم على عمر بن الخطاب  وفد من العراق فيهم الأحنف بن قيس , وفى يوم صائف شديد الحر ، وعمر معتجر ـ معتم ـ بعباءة يهنأ بعيراً من إبل الصدقة ـ أى يطلبه ـ فقال : يا أحنف ، ضع ثيابك وهلم ، فأعن أمير المؤمنين على هذا البعير ، فإنه من إبل الصدقة ، فيه حق اليتيم ، والأرملة والمسكين ، فقال رجل من القوم : يغفر الله لك يا أمير المؤمنين فهلا تأمر عبداً من عبيد الصدقة فيكفيك ؟
فقال عمر : وأى عبد هو أعبد منى ومن الأحنف ؟ إنه من ولى أمر المسلمين , يجب عليه لهم , ما يجب على العبد لسيده فى النصيحة , وأداء الأمانة . 143

ما هذه الريح ؟!
عن نعيم بن أبي هند :
أن عمر بن الخطاب  كان يدفع إلى امرأته طيباً للمسلمين كانت تبيعه فتزن , فترجح وتنقص , فتكسر بأسنانها فتقوم لهم الوزن , فعلق بإصبعها منه شيء , فقالت بأصبعها في فيها فمسحت به خمارها , وأن عمر جاء فقال : ما هذه الريح , فأخبرته خبرها .
فقال : تطيبين بطيب المسلمين , فانتزع خمارها فجعل يقول بخمارها في التراب , ثم يشمه , ثم يصب عليه الماء , ثم يقول به في التراب حتى ظن أن ريحه قد ذهبت .
ثم جاءتها العطارة مرة أخرى فباعت منها فوزنت لها فعلق بإصبعها منها شيء فقالت فأصبعها في فيها , ثم قالت بأصبعها في التراب .
فقالت العطارة : ما هكذا صنعت أول مرة ؟!
فقالت : أو ما علمت ما لقيت منه , لقيت منه كذا وكذا .144

أو ما تعرفها ؟ إنها إحدى بناتك
بينما عمر بن الخطاب يمشي ذات يوم في نفر من أصحابه إذا صبية في السوق يطرحها الريح لوجهها من ضعفها .
فقال عمر : يا بؤس هذا من يعرف هذه ؟
قال له عبد الله : أوما تعرفها ؟ هذه إحدى بناتك .
قال : وأي بناتي ؟ قال : بنت عبد الله بن عمر .
قال : فما بلغ بها ما أرى من الضيعة ؟
قال : إمساكك ما عندك , قال : إمساكي ما عندي عنها يمنعك أن تطلب لبناتك ما تطلب الأقوام , أما والله ما لك عندي إلا سهمك مع المسلمين وسعك أو عجز عنك , بيني وبينكم كتاب الله . 145

إنك لن تصنع ذلك خيلاء
عن عبد الله بن عمر  قال :
قال رسول الله  : " من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " .
فقال أبو بكر : إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه , فقال رسول الله  : " إنك لن تصنع ذلك خيلاء " .146

احتسب ابنك
عن أنس  قال :
مات ابن لأبي طلحة من أم سليم , فقالت لأهلها : لا تحدثوا أبا طلحة بابنه حتى أكون أنا أحدثه .
قال : فجاء فقربت إليه عشاء فأكل وشرب , فقال : ثم تصنعت له أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك , فوقع بها , فلما رأت أنه قد شبع وأصاب منها .
قالت : يا أبا طلحة أرأيت لو أن قوماً أعاروا عاريتهم أهل بيت , فطلبوا عاريتهم ألهم أن يمنعوهم ؟
قال : لا .
قالت : فاحتسب ابنك .
قال : فغضب وقال : تركتني حتى تلطخت ثم أخبرتني بإبني , فانطلق حتى أتى رسول الله  فأخبره بما كان .
فقال رسول الله  : " بارك الله لكما في غابر ليلتكما " .
قال : فحملت , قال : فكان رسول الله  في سفر وهي معه , وكان رسول
الله  إذا أتى المدينة من سفر لا يطرقها طروقاُ , فدنوا من المدينة فضربها المخاض فاحتبس عليها أبو طلحة , وانطلق رسول الله  .
قال : يقول أبو طلحة : إنك لتعلم يا رب إنه ليعجبني أن أخرج مع رسولك إذا خرج , وأدخل معه إذا دخل , وقد احتبست بما ترى , قال : تقول أم سليم : يا أبا طلحة ما أجد الذي كنت أجد , انطلق , فانطلقنا .
قال : وضربها المخاض حين قدما , فولدت غلاماً , فقالت لي أمي : يا أنس لا يرضعه أحد حتى تغدو به على رسول الله  , فلما أصبح احتملته فانطلقت به إلى رسول الله  قال فصادفته ومعه ميسم , فلما رآني قال : " لعل أم سليم ولدت ؟ " , قلت : نعم فوضع الميسم , قال : وجئت به فوضعته في حجره ودعا رسول الله  بعجوة من عجوة المدينة فلاكها في فيه حتى ذابت ثم قذفها في في الصبي فجعل الصبي يتلمظها .
قال : فقال : رسول الله  : " انظروا إلى حب الأنصار للتمر " , قال فمسح وجهه وسماه عبد الله . 147

وما محمد إلا رسول
عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت :
أن رسول الله  مات وأبو بكر بالسنح - قال إسماعيل : يعني بالعالية - فقام عمر يقول : والله ما مات رسول الله  .
قالت : وقال عمر : والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك , وليبعثنه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم .
فجاء أبو بكر فكشف عن رسول الله  فقبله قال : بأبي أنت وأمي , طبت حياً وميتاً , والذي نفسي بيده لا يذيقنك الله الموتتين , أبداً , ثم خرج فقال : أيها الحالف على رسلك , فلما تكلم أبو بكر جلس عمر , فحمد الله أبو بكر , وأثنى عليه وقال : ألا من كان يعبد محمدا  فإن محمداً قد مات , ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت .
وقال { أنك ميت وإنهم ميتون } . وقال { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين } .
فنشج الناس يبكون قال : واجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة فقالوا : منا أمير ومنكم أمير , فذهب إليهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح فذهب عمر يتكلم فأسكته أبو بكر , وكان عمر يقول : والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيأت كلاماً قد أعجبني خشيت أن لا يبلغه أبو بكر , ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس فقال في كلامه : نحن الأمراء وأنتم الوزراء .
فقال حباب بن المنذر : لا والله لا نفعل منا أمير ومنكم أمير , فقال أبو بكر لا ولكنا الأمراء وأنتم الوزارء , هم أوسط العرب داراً , وأعربهم أحساباً فبايعوا عمر أو أبا عبيدة بن الجراح , فقال عمر : بل نبايعك أنت , فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله  فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس .148

لأعملن فيها ما كان يعمل رسول الله 
عن عروة قال :
أن فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من النبي  مما أفاء الله على رسوله  تطلب صدقة النبي  التي بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر فقال أبو بكر : إن رسول الله  قال : " لا نورث ما تركنا فهو صدقة إنما يأكل آل محمد من هذا المال - يعني مال الله - ليس لهم أن يزيدوا على المأكل " .
وإني والله لا أغير شيئا من صدقات النبي  التي كانت عليها في عهد النبي
ولأعملن فيها بما عمل فيها رسول الله  فتشهد علي ثم قال : إنا قد عرفنا يا أبكر فضيلتك وذكر قرابتهم من رسول الله  وحقهم فتكلم أبو بكر فقال : والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله  أحب إلي أن أصل من قرابتي .149

إنما ذلك من من الله
عن المسور بن مخرمة  قال :
لما طعن عمر جعل يألم , فقال له ابن عباس وكأنه يجزعه : يا أمير المؤمنين ولئن كان ذاك لقد صحبت رسول الله  فأحسنت صحبته , ثم فارقته وهو عنك راض , ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته , ثم فارقته وهو عنك راض , ثم صحبتهم فأحسنت صحبتهم ولئن فارقتهم لتفارقنهم وهم عنك راضون .
قال : أما ما ذكرت من صحبة رسول الله  ورضاه فإنما ذاك مَنٌّ مِن الله تعالى مَن به علي , وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكر ورضاه فإنما ذاك من من الله جل ذكره من به علي , وأما ما ترى من جزعي فهو من أجلك وأجل أصحابك , والله لو أن لي طلاع الأرض ذهباً لافتديت به من عذاب الله عز وجل قبل أن أراه . 150
    
أخلاقهــــــــــم 
أقسم عليك أن تصعد على ظهري
عن عبد الله بن عباس  قال :
كان للعباس بن عبد المطلب ميزاب ـ ماسورة لتصريف المياة ـ على طريق عمر ، فلبس عمر ثيابه يوم الجمعة ، وكان قد ذبح للعباس فرخان , فلما وافى الميزاب صب ماء بدم الفرخين فأصاب عمر ، فأمر عمر بقلعه ، ثم رجع فطرح ثيابه ولبس ثياباًَ غير ثيابه ، ثم جاء فصلى بالناس ، فأتاه العباس فقال : والله إنه للموضع الذى وضعه رسول الله  .
فقال عمر للعباس : وأنا أقسم عليك أن تصعد على ظهرى وتضعه فى الموضع الذى وضعه رسول الله  ، ففعل العباس ذلك .151

هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا
كان زيد بن ثابت  كاتب الوحى , ورأس أهل المدينة فى القضاء والفقه والقراءات والفرائض يهم بركوب دابته ، فيقف عبد الله بن عباس بين يديه ، ويمسك له ركابه ، ويأخذ بذمام دابته .
فقال له زيد : دع عنك يا ابن عم رسول الله .
فقال ابن عباس : هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا .
فقال له زيد : أرنى يدك ، فأخرج له ابن عباس يده ، فمال عليها وقبلها ، وقال : هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا  .

لعمرى لأحلبنها لكم
عن أبى صالح الغفارى قال :
أن عمر بن الخطاب كان يتعاهد عجوزاً كبيرة عمياء صماء فى بعض حواشى المدينة من الليل ، فيستقى لها ، ويقوم بأمرها ، فكان إذا جاء وجد غيره قد سبقه إليها فأصلح ما أرادت ، فجاءها غير مرة كلا يسبق إليها ، فرصده عمر فإذا هو أبى بكر الصديق الذى يأتيها ، وهو يومئذ خليفة .
فقال عمر : أنت هو لعمرى !
وكان  يحلب للحي أغنامهم , فلما بويع له بالخلافة قالت جارية من الحي الآن لا يحلب لنا منائحنا .
فسمعها أبو بكر فقال : بلى لعمري لأحلبنها لكم , وإني لأرجو أن لا يغيرني ما دخلت فيه عن خلق كنت عليه .
فكان يحلب لهم , فربما قال للجارية : أتحبين أن أرغي لك , أو أن أصرح فربما قالت : أرغ .
وربما قالت صرح .
فأي ذلك قالت فعل .152

ما أنا إلا رجل من المسلمين
عن محمد ابن الحنفية قال :
قلت لأبي ـ على بن أبي طالب ـ أي الناس خير بعد رسول الله  ؟
قال : أبو بكر , قلت : ثم من ؟
قال : ثم عمر , وخشيت أن يقول عثمان , قلت : ثم أنت ؟
قال : ما أنا إلا رجل من المسلمين .153

أتمشي ونحن ركبان ؟!
وعن سعيد بن المسيب :
أن أبا بكر  لما بعث الجنود نحو الشام أمر يزيد بن أبى سفيان ، وعمرو بن العاص ، وشرحبيل بن حسنة ، ولما ركبوا مشى أبو بكر مع أمراء جنوده يودعهم حتى بلغ ثنية الوداع .
فقالوا : يا خليفة رسول الله ، تمشى ونحن ركبان ؟!
فقال : إنى أحتسب خطاى هذه فى سبيل الله .154

أركب , وأنا أركب خلفك
عن الحسن قال :
خرج عمر بن الخطاب  فى يوم حار واضعاً رداءه على رأسه ، فمر به غلام على حمار ، فقال : يا غلام ، احملنى معك .
فوثب الغلام على الحمار ، وقال : أركب يا أمير المؤمنين .
قال : لا ، اركب وأنا أركب خلفك . تريد تحملنى على المكان الوطئ ، وتركب أنت على الموضع الخشن !! فركب خلف الغلام ، فدخل المدينة ، وهو خلفه والناس ينظرون إليه . 155

يا أمير المؤمنين , لا ينبغي لك هذا
قال عروة بن الزبير :
رأيت عمر بن الخطاب  على عاتقه قربه ماء ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، لا ينبغى لك هذا .
فقال : لما أتانى الوفود سامعين مطيعين ، دخلت نفسى نخوة ، فأردت أن أكسرها .156

أردت أن أعرفها نفسها
عن محمد بن عمر المخزومى عن أبيه قال :
نادى عمر بن الخطاب : الصلاة جامعة , فلما اجتمع الناس وكثروا صعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، وصلى على نبيه  ، ثم قال : أيها الناس ، لقد رأيتنى أرعى على خالات لى من بنى مخزوم ، فيقبضن لى القبضة من التمر والزبيب فأظل يومى وأى يوم . . , ثم نزل .
فقال عبد الرحمن بن عوف : يا أمير المؤمنين ، ما زلت على أن قمئت نفسك ـ عبت ـ ؟!
فقال : ويحك يا ابن عوف !! إنى خلوت فحدثتنى نفسى ، فقالت : أنت أمير المؤمنين ، فمن ذا أفضل منكك ؟! فأردت أن أعرفها نفسها .157

إنما هو زوجي وأبي
عن أم المؤمنين عائشة قالت :
كنت أدخل البيت الذى دفن فيه رسول الله  وأبى واضعة ثوبى ، وأقول : أنما هو زوجى وأبى .
فلما دفن عمر فوالله ما دخلته إلا مشدودة على ثيابى حياء من عمر .158


يا أبتاه لا زوجة لي فزوجني
عن أسلم قال :
بينما أنا مع عمر بن الخطاب ، وهو يعس بالمدينة إذ عيى فاتكأ على جانب جدار فى جوف الليل ، وإذا امرأة تقول لإبنتها : يا بنتاه قومى إلى ذك اللبن فامذقيه بالماء .
قالت لها : يا أمتاه أو ما علمت بما كان من عزمة أمير الؤمنين ؟
قالت : وما كان من عزمتة ؟
قالت : إنه أمر مناديه فنادى لا يشاب اللبن بالماء .
فقالت لها : يا بينه قومى إلى اللبن فامذقيه بالماء ، فإننا بموضع لا يراك عمر ، ولا منادى عمر .
فقالت الصبية لأمها : يا أمتاه ، والله ما كنت لأطيعه فى الملأ ، وأعصيه فى الخلاء ، وعمر يسمع ذلك كله ، فقال : يا أسلم علم الباب ، واعرف الموضع ثم مضى فى عسسه ، فلما أصبح قال : يا أسلم أمض إلى الموقع ، فانظر من القائلة ، ومن المقول لها ، وهل لهما من بعلل ؟ ـ زوج ـ .
فأتيت الموضع فنظرت فإذا جارية أيم لا بعل لها ، وإذ تيك أمها ليس لها بعل ، فأتيت عمر فأخبرته ، فدعا عمر ولده ، فجمعهم فقال : هل منك من يحتاج إلى امرأة فأزوجه ؟
لو كان بأبيكم حركة إلى النساء ما سبقه منكم أحد إلى هذه الجارية ، فقال عبد الله : لى زوجة ، وقال عبد الرحمن لى زوجة ، وقال عاصم : يا أبتاه لا زوجة لى ، فزوجنى ، فبعث إلى الجارية فزوجها من عاصم ، فولدت له بنتاً ، فولدت البنت عمر بن عبد العزيز .159

لعلك وجدت على ؟!
عن عبد الله بن عمر  عنهما :
يحدث أن عمر بن الخطاب حين تأيمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي , وكان من أصحاب رسول الله  فتوفي بالمدينة .
فقال عمر بن الخطاب : أتيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة فقال سأنظر في أمري , فلبثت ليالي ثم لقيني فقال : قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا .
قال عمر : فلقيت أبا بكر الصديق فقلت : إن شئت زوجتك حفصة بنت عمر فصمت أبو بكر فلم يرجع إلي شيئاً , وكنت أوجد عليه مني على عثمان , فلبثت ليالي , ثم خطبها رسول الله  فأنكحتها إياه .
فلقيني أبو بكر فقال : لعلك وجدت ـ غضبت ـ علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك شيئا ؟
قال عمر : قلت : نعم .
قال أبو بكر : فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت علي إلا أني كنت علمت أن رسول الله  قد ذكرها فلم أكن لأفشي سر رسول الله  ولو تركها
رسول الله  قبلتها .160

حفظك الله بما حفظت به نبيه
عن أبي قتادة  قال :
خطبنا رسول الله  فقال : " إنكم تسيرون عشيتكم وليلتكم وتأتون الماء إن شاء الله غداً " , فانطلق الناس لا يلوي أحد على أحد .
قال أبو قتادة : فبينما رسول الله  يسير حتى إبهار الليل وأنا إلى جنبه قال فنعس رسول الله  فمال عن راحلته , فأتيته فدعمته ـ أسندته ـ من غير أن أوقظه حتى اعتدل على راحلته .
قال : ثم سار حتى تهور الليل مال عن راحلته , قال : فدعمته من غير أن أوقظه حتى اعتدل على راحلته , قال : ثم سار حتى إذا كان من آخر السحر مال ميلة هي أشد من الميلتين الأوليين حتى كاد ينجفل ـ يسقط ـ فأتيته فدعمته فرفع رأسه فقال : " من هذا ؟ " , قلت : أبو قتادة .
قال : " متى كان هذا مسيرك منى ؟ " , قلت : ما زال هذا مسيري منذ الليلة قال : " حفظك الله بما حفظت به نبيه " .161

يغفر الله لك يا أبا بكر
عن أبي الدرداء  قال :
كنت جالساً عند النبي  إذ أقبل أبو بكر آخذاً بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته , فقال النبي  : " أما صاحبكم فقد غامر " .
فسلم وقال : إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء , فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى علي . فأقبلت إليك .
فقال : " يغفر الله لك يا أبا بكر " ثلاثاً , ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل : أثم أبو بكر ؟
فقالوا : لا , فأتى إلى النبي  فسلم فجعل وجه النبي  يتمعر ـ يتغير ـ حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال : يا رسول الله والله أنا كنت أظلم مرتين , فقال النبي  : " إن الله بعثني إليكم فقلتم : كذبت , وقال أبو بكر : صدق , وواساني بنفسه وماله فهل أنتم تاركوا لي صاحبي " مرتين , فما أوذي بعدها . 162

يا إخوتاه أأغضبتكم ؟!
عن عائذ بن عمرو :
أن أبا سفيان أتى على سلمان و صهيب وبلال في نفر فقالوا : والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها .
قال : فقال أبو بكر : أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم ؟
فأتى النبي  فأخبره , فقال : " يا أبا بكر لعلك أغضبتهم لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك " .
فأتاهم أبو بكر فقال : يا إخوتاه أغضبتكم ؟
قالوا : لا , يغفر الله لك يا أخي . 163

لأكونن بواب رسول الله 
عن أبي موسى الأشعري :
أنه توضأ في بيته ثم خرج , فقال : لألزمن رسول الله  ولأكونن معه يومي هذا , قال : فجاء المسجد فسأل عن النبي  فقالوا : خرج ووجه ها هنا فخرجت على إثره أسأل عنه , حتى دخل بئر أريس , فجلست عند الباب وبابها من جريد , حتى قضى رسول الله  حاجته فتوضأ , فقمت إليه فإذا هو جالس على بئر أريس , وتوسط قفها وكشف عن ساقيه , ودلاهما في البئر فسلمت عليه ثم انصرفت , فجلست عند الباب فقلت : لأكونن بواب رسول الله  اليوم , فجاء أبو بكر فدفع الباب فقلت من هذا ؟
فقال : أبو بكر , فقلت : على رسلك , ثم ذهبت فقلت : يا رسول الله هذا أبو بكر يستأذن ؟
فقال : " ائذن له وبشره بالجنة " , فأقبلت حتى قلت لأبي بكر : ادخل ورسول الله  يبشرك بالجنة , فدخل أبو بكر فجلس عن يمين رسول الله  معه في القف , ودلى رجليه في البئر كما صنع النبي  وكشف عن ساقيه ثم رجعت , فجلست وقد تركت أخي يتوضأ ويلحقني , فقلت : إن يرد الله بفلان خيرا - يريد أخاه - يأت به , فإذا إنسان يحرك الباب فقلت من هذا ؟
فقال : عمر بن الخطاب , فقلت : على رسلك , ثم جئت إلى رسول الله  فسلمت عليه فقلت : هذا عمر بن الخطاب يستأذن ؟
فقال : " ائذن له وبشره بالجنة " , فجئت فقلت : أدخل , وبشرك رسول الله  بالجنة , فدخل فجلس مع رسول الله  في القف عن يساره , ودلى رجليه في البئر , ثم رجعت فجلست فقلت : إن يرد الله بفلان خيراً يأت به , فجاء إنسان يحرك الباب , فقلت من هذا ؟
فقال : عثمان بن عفان , فقلت : على رسلك , فجئت إلى رسول الله  فأخبرته فقال : " ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه " , فجئته فقلت له أدخل وبشرك رسول الله  بالجنة على بلوى تصيبك , فدخل فوجد القف قد ملئ فجلس وجاهه . 164

بارك الله لك في أهلك ومالك
عن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن جده قال :
لما قدموا المدينة آخى رسول الله  بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع .
قال لعبد الرحمن : إني أكثر الأنصار مالاً فأقسم مالي نصفين , ولي امرأتان فانظر أعجبهما إليك فسمها لي أطلقها , فإذا انقضت عدتها فتزوجتها .
قال : بارك الله لك في أهلك ومالك أين سوقكم ؟
فدلوه على سوق بني قينقاع , فلما انقلب إلا ومعه فضل من أقط وسمن ثم تابع الغدو ثم جاء يوما وبه أثر صفرة فقال النبي  : " مهيم " .
قال : تزوجت .
قال : " كم سقت إليها " .
قال : نواة من ذهب أو وزن نواة من ذهب . شك إبراهيم .165

سقها وخذ أثمانها
عن أنس بن مالك  قال :
إن أعرابياً جاء بإبل له يبيعها , فجعل عمر ينخس ـ يضرب ـ بعيراً بعيراً يضربه برجله ليبعث البعير لينظر كيف قواده .
فجعل الأعرابي يقول : خل إبلي لا أبا لك , فجعل عمر لا ينهاه قول الأعرابي أن يفعل ذلك ببعير بعير .
فقال الأعرابي لعمر : إني لأظنك رجل سوء .
فلما فرغ منها اشتراها فقال : سقها وخذ أثمانها .
فقال الأعرابي : حتى أضع عنها أحلاسها ، وأقتابها ـ ما تحمله ـ .
فقال عمر : اشتريتها وهي عليها فهي لي كما اشتريتها .
فقال الأعرابي : إنك رجل سوء .
فبينما هما يتنازعان إذ أقبل علي .
فقال عمر : ترضي بهذا الرجل بيني وبينك .
فقال الأعرابي : نعم .
فقصا على علي قصتهما .
فقال علي : يا أمير المؤمين إن كنت اشترطت عليه أحلاسها ، وأقتابها فهي لك كما اشترطت ، وإلا فالرجل يزين سلعته بأكثر من ثمنها .
فوضع عنها أحلاسها ، وأقتابها .
فساقها الأعرابي فدفع إليه عمر الثمن .166
    

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

المواقف المستطابة من حياة الصحابة  Empty
مُساهمةموضوع: الانباء المستطابة   المواقف المستطابة من حياة الصحابة  I_icon_minitimeالخميس نوفمبر 28, 2013 1:57 pm

كراماتهــــــــم 
يا سارية الجبل
عن ابن عمر  :
أن عمر وجه جيشاً ورأس عليه رجلا يقال له : " سارية " .
قال : فبينما عمر يخطب فى الناس فجعل ينادى : يا سارية الجبل ، يا سارية الجبل ، ثلاثاً ، ثم قدم رسول الجيش ، فسأله عمر ، فقال : يا أمير المؤمنين هزمنا ، فبينما نحن كذلك إذ سمعنا مناديا : يا سارية الجبل ثلاثاً ، فأسندنا ظهورنا بالجبل فهزمهم الله .
قال : فقيل لعمر : إنك كنت تصيح بذلك .167
قال الشيخ الألبانى :
القصة صحيحة ثابتة ، وهى كرامة أكرم الله بها عمر ، حيث أنقذ به جيش المسلمين من الأسر والفتك به ، ولكن ليس فيها ما زعمه المتصوفة من الإطلاع على الغيب ، وإنما هو من باب الإلهام " فى عرف الشرع " أو " التخاطر " فى عرف العصرالحاضر الذى ليس معصوماً ، فقد يصيب كما فى هذه الحادثة ، وقد يخطئ كما هو الغالب على البشر .168

من عمر بن الخطاب إلى نيل مصر
عن قيس بن الحجاج عمن حدثه قال :
لما افتتحت مصر أتى أهلها عمرو بن العاص حين دخل بؤنة من أشهر العجم ـ فقالوا : أيها الأمير ، لنيلنا هذا سُنة لا يجرى إلا بها .
قال : وما ذاك ؟
قالوا : إذا كانت اثنتى عشرة ليلة خلت من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر من أبويها ، فأرضينا أبويها وجعلنا عليها من الحلى والثياب أفضل ما يكون ، ثم ألقيناها فى هذا النيل .
فقال لهم عمرو : إن هذا مما لا يكون فى الإسلام ، إن الإسلام يهدم ما قبله قال : فأقاموا بؤنة وأبيب ومسرى والنيل لا يجرى قليلاً ولا كثيراً ، حتى هموا بالجلاء ، فكتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب بذلك ، فكتب إليه : إنك قد أصبت بالذى فعلت ، وإنى قد بعثت إليك بطاقة داخل كتابى ، فألقها فى النيل , فلما قدم كتابه أخذ عمرو البطاقة فإذا فيها :
" من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل مصر , أما بعد : فإن كنت تجرى من قبلك ومن أمرك فلا تجر فلا حاجة لنا فيك ، وإن كنت إنما تجرى بأمر الله الواحد القهار ، وهو الذى يجريك فنسأل الله تعالى أن يجريك " .
قال : فألقى البطاقة فى النيل ، فأصبحوا يوم السبت وقد أجرى الله النيل ستة عشر ذراعاً فى ليلة واحدة وقطع الله السنة السيئة عن أهل مصر إلى اليوم . 169

أقرأ أبا يحيى
عن أسيد بن حضير  :
أنه كان من أحسن الناس صوتاً بالقرآن ، قال : فقرأت ليله سورة البقرة وفرس لى مربوط ، ويحيى ابنى مضطجع قريب منه ، فجالت جولة ، فقمت مالى هم إلا ابنى يحيى ، فسكنت الفرس ، ثم قرأت فجالت الفرس , فقمت ليس لى هم إلا ابنى ، ثم قرأت فجالت الفرس فرفعت رأسى فإذا بشئ كهيئة الظلة فيها المصابيح تقبل من السماء فهالنى فسكت .
فلما أصبحت غدوت على الرسول  فأخبرته ، فقال : " أقرأ أبا يحيى " قلت : قد قرأت فجالت الفرس ، فقمت ليس لى هم إلا ابنى يحيى .
فقال : " اقرأ أبا يحيى " .
فقلت : قد قرأت فجالت الفرس فقمت ليس لى هم إلا ابنى يحيى ، فقال : " اقرأ يا ابن حضير " , فقلت : قد قرأت يا رسول الله فرفعت رأسى فإذا كهيئة الظلة فيها مصابيح فهالنى .
قال : " تلك الملائكة دنوا لصوتك ، ولو قرأت حتى تصبح لأصبح الناس ينظرون إليهم " . 170

العصا تضــــئ
عن أنس  قال :
أن أسد بن حضير وعباد بن بشر كانا عند رسول الله  فى ليلة ظلماء ، فلما خرجا أضائت عصا أحدهما ، فجعلا يمشيان بضوئها ، فلما تفرقا أضاءت عصا الآخر .171

حذيفة يرى ملكاً
عن حذيفة بن اليمان  قال :
صلى الرسول  العشاء ، ثم خرج فتبعته ، فإذا عارض قد عرض له ، فقال لى : " يا حذيفة هل رأيت العارض الذى عرض لى ؟ " قلت : نعم ، قال " ذاك ملك من الملائكة , استاذن ربه يسلم على ويبشرنى بالحسن والحسين أنهما سيدا شباب أهل الجنة ، وأن فاطمة سيده نساء أهل الجنة " .172

هل رأيته يا عبد الله ؟
عن ابن عباس  قال :
كنت مع أبى عند رسول الله  ومعه رجل يناجيه ، فكان كالمعرض عنى فلما خرجنا قال : يا بنى ألم تر أن ابن عمك كان كالمعرض عنى ، عن أبيه ، فقلت : يا أباه ، أنه كان عنده رجل يناجيه ، فرجع إلى رسول الله  فقال : يا رسول الله ، قلت لعبد الله : كذا وكذا ، فقال : أنه كان عندك رجل تناحيه ويناجيك ، فهل كان عندك أحد ؟
فقال رسول الله : " وهل رأيته يا عبد الله ؟ " قال : نعم ! .
قال : " ذاك جبريل هو الذى كان يشغلنى عنك " 173.

وقد رد عليك السلام
عن حارثة بن النعمان  قال :
مررت برسول الله  ، ومعه جبريل جالس فى المقاعد ، فسلمت عليه ، ومررت ، فلما رجعنا انصرف رسول الله  فقال لى : " هل رأيت الذى كان معى ؟ " ، قلت : نعم !
قال : " فإنه جبريل ، وقد رد عيك السلام " .174

لو أقسم على الله لأبره
عن أنس بن مالك  قال :
قال رسول الله  : " كم من ضعيف متضعف ذو طمرين لو أقسم على الله عز وجل لأبره منهم البراء بن مالك " .
وإن البراء لقى زحفاً من المشركين وقد أوجف المشركون فى المسلمين ، فقالوا : يا براء ، إن رسول الله قال : لو أقسمت على الله لأبرك ، فأقسم على الله ، فقال : أقسمت عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم ، فمنحوا أكتافهم .
ثم التقوا على قنطرة السوس ، فأوجفوا فى المسلمين ، فقالوا : أقسم يا براء على ربك ؟.
فقال : أقسمت عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم وألحقتنى بنبيي  فمنحوا أكتافهم ، وقتل البراء شهيداً  .175

لو سلم لرددنا عليه السلام
عن محمد بن مسلمة  قال :
مررت فإذا برسول الله  على الصفا ، واضعاً خده على خد رجل ، قال : فذهبت فلم ألبث أن نادانى رسول الله  قال : فقمت ، فقال : " يا محمد ما منعك أن تسلم ؟ " .
قال محمد بن مسلمة : رأيتك فعلت بهذا الرجل شيئاً ما فعلته بأحد من الناس فكرهت أن أقطع عليك حديثك ، فمن كان يا رسول الله يكلمك ؟
قال : " جبريل , قال : محمد بن مسلمة لم يسلم ، أما وإنه لو سلم لرددنا عليه السلام " .
قال : وما قال لك يا رسول الله ؟
قال : " ما زال جبريل يوصينى بالجار , حتى كنت أنتظر متى يأمرنى فأورثه " .176

اللهم اهتك ستره
عن مغيرة :
أن أيمن بن صعصعة هو الذى عقر الجمل ، فقالت السيدة عائشة : اللهم اهتك ستره " .
فاستعمله على بن أبى طالب ، فقدم البصرة وجارية ابن قدامة السعدى عليها فأرسل إلى جارية : أن فرغ دار الإمارة .
قال : حتى أصبح فأتى داراً فنزلها ، فقام فى بعض الليل يبول فوقع من الأحار فمات ، فأدركوه ميتا عرياناً . 177

إنه لرزق رزقه الله خبيباً
عن أبي هريرة  قال :
بعث رسول الله  عشرة عيناً , فأمر عليهم عاصم بن ثابت , حتى إذا كانوا بالهدة بين عسفان و مكة ذكروا لحي من هذيل ، يقال لهم بنو لحيان ، فنفروا إليهم بقريب من مائة رجل رام , فاقتصوا آثارهم حتى و جدوا مأكلهم التمر في نزلوه فقالوا : تمر يثرب , فاتبعوا آثارهم .
فلما أحس بهم عاصم و أصحابه لجأوا إلى موضع ، فأحاط بهم القوم فقالوا لهم : انزلوا فأعطوا بأيديكم و لكم العهد و الميثاق أن لا نقتل منكم أحداً .
فقال عاصم : أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر ، اللهم أخبر عنا نبيك .
فرموهم بالنبل فقتلوا عاصماً في سبعة , و نزل إليهم نفر على العهد و الميثاق : منهم خبيب ، و زيد بن الدثنة ، و رجل آخر .
فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فربطوهم بها , فقال الرجل الثالث هذا أول الغدر فو الله لا أصحبكم إن لي بهؤلاء أسوة ، يريد القتلى , فجرروه و عالجوه فأبى أن يصحبهم فقتلوه و انطلقوا بخبيب و زيد بن الدثنة حتى باعوهما بمكة بعد وقعة بدر .
فابتاع بنو الحارث بن عامر بن نوفل خبيباً ، و كان خبيب هو الذي قتل الحارث بن عامر يوم بدر , فلبث خبيب عندهم أسيراً حتى أجمعوا قتله ، فاستعار من بعض بنات الحارث موسى يستحد بها فأعارته , فدرج بني لها و هي غافلة حتى أتاه فوجدته مجلسه على فخذه و الموس بيده .
قالت : ففزعت فزعة عرفها خبيب .
فقال : أتخشين أن أقتله ؟ ما كنت لأفعل ذلك .
قالت : و الله ما رأيت أسيراً قط خيراً من خبيب ، و الله لقد وجدته يوماً يأكل قطفاً من عنب في يده و إنه لموثق بالحديد وما بمكة من ثمرة .
و كانت تقول : إنه لرزق رزقه الله خبيباً , فلما خرجوا به من الحرم ليقتلوه في الحل قال لهم خبيب : دعوني أصلي ركعتين فتركوه فركع ركعتين و قال : و الله لولا أن تحسبوا أن ما بي جزع لزدت , اللهم أحصهم عداً , و اقتلهم بدداً و لا تبق منهم أحداً .
و قال :
و لست أبالي حين أقتل مسلمــاً على أي جنب كان في الله مصرعي
و ذلك في ذات الإله و إن يشــأ يبارك على أوصال شلو ممــــــزع
ثم قام إليه أبو سروعة عقبة بن الحارث فقتله , و كان خبيب هو سن لكل مسلم قتل صبراً الصلاة . 178
وقال سعيد بن عامر بن حذيم :
شهدت مصرع خبيب وقد بضعت قريش لحمه ، ثم حملوه على جذعه فقالوا : أتحب أن محمداً مكانك ؟
فقال : و الله ما أحب أني في أهلي و ولدي و أن محمداً شيك بشوكة , ثم نادى : يا محمد .
وعن إبراهيم بن إسماعيل قال :
أخبرني جعفر بن عمرو بن أمية عن أبيه أن رسول الله  بعثه و حده عيناً إلى قريش .
قال : فجئت إلى خشبة خبيب و أنا أتخوف العيون , فرقيت فيها فحللت خبيباً
فوقع إلى الأرض , فانتبذت عنه غير بعيد ثم التفت فلم أر خبيباً , و لكأنما ابتلعته الأرض فلم ير لخبيب أثر حتى الساعة .
و قد روي عن معاوية بن أبي سفيان أنه قال : كنت فيمن حضر قتل خبيب فلقد رأيت أبا سفيان ، حين دعا خبيب فقال : اللهم أحصهم عدداً ، يلقيني إلى الأرض فزعاً من دعوة خبيب .
و كانوا يقولون : إن الرجل إذا دعي عليه فاضطجع زالت عنه الدعوة .179

ما ماتت حتى ذهب بصررها
عن عروة بن الزبير :
أن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل خاصمته أروى بنت أوس بن الحكم ، وادعت أنه أخذ شيئاً من أرضها .
فقال سعيد : أنا كنت آخذ من أرضها شيئاً بعد الذى سمعت من رسول الله ؟!
قال : ماذا سمعت من رسول الله  ؟ !
قال : سمعت رسول الله  يقول : " من أخذ شبراً من الأرض ظلماً طوقه الله إلى سبع أرضين " .
فقال سعيد : اللهم أن كانت كاذبة ، فاعم بصرها ، واقتلها فى أرضها .
قال : فما ماتت حتى ذهب بصرها ، وبينما هى تمشى فى أرضها إذ وقعت
فى حفرة فماتت .180

قم إلى هذه النار
خرجت نار بالحرة ، فجاء عمر بن الخطاب إلى تميم الدارى فقال : قم إلى هذه النار .
قال : يا أمير المؤمنين ومن أنا ؟ وما أنا ؟
قال : فلم يزل به حتى قام معه .
قال الراوى : وتبعتها ، فانطلقا إلى النار ، فجعل تميم يحشوها بيديه حتى دخلت الشعب ودخل تميم خلفها .
قال : فجعل عمر يقول : ليس من رأى كمن لم ير ـ قالها ثلاث ـ .181

ثلاث دعوات مستجابات
عن سهم بن منجاب قال :
غزونا مع العلاء بن الحضرمي " دارين " فدعا بثلاث دعوات فاستجيبت له فيهن : نزلنا منزلاً فطلب الماء ليتوضأ , فلم يجده فقام فصلى ركعتين و قال : اللهم إنا عبيدك , و في سبيلك نقاتل عدوك ، اللهم اسقنا غيثاً نتوضأ منه و نشرب فإذا توضأنا لم يكن لأحد فيه نصيب غيرنا .
فسرنا قليلاً فإذا نحن بماء حين أقلعت عنه السماء , فتوضأنا منه و تزودنا و ملأت إداوتي , و تركتها مكانها حتى أنظر هل استجيب له أم لا ؟ فسرنا قليلاً ثم قلت لأصحابي : نسيت إداوتي .
فجئت إلى ذلك المكان فكأنه لم يصبه ماء قط .
ثم سرنا حتى أتينا " دارين " و البحر بيننا و بينهم فقال : يا عليم يا حليم يا علي يا عظيم إنا عبيدك و في سبيلك نقاتل عدوك ، اللهم فاجعل لنا إليهم سبيلاً .
فتقحم البحر فخضنا ما يبلغ لبودنا , فخرجنا إليهم فلما , رجع أخذه وجع البطن فمات , فطلبنا ماء نغسله فلم نجده فلففناه في ثيابه ودفناه .
فسرنا غير بعيد فإذا نحن بماء كثير , فقال بعضنا لبعض : لو رجعنا فاستخرجناه فغسلناه فرجعنا فطلبناه فلم نجده .
فقال رجل من القوم : إني سمعته يقول : يا علي يا عظيم يا حليم أخف علي موتي , أو كلمة نحوها و لا تطلع على عورتي أحداً , فرجعنا وتركناه .182

رزق رزقكموه الله
عن عبادة بن الصامت  قال :
بعث رسول الله  سرية سيف البحر , عليهم أبو عبيدة بن الجراح وزودهم جراباً من تمر ، فجعل يقوتهم إياه ، حتى صار إلى أن يعده عليهم عدداُ .
قال : ثم نفذ التمر ، حتى كان يعطى كل رجل منهم كل يوم تمرة .
قال : فقسم يوماُ بيننا , قال : فنقصت تمرة عن رجل ، فوجدنا فقدها ذلك اليوم ، قال : فلما جهدنا الجوع أخرج الله لنا دابة من البحر ، فأصبنا من لحمها وودكها ، وأقمنا عليها عشرين ليلة ، حتى سمنا وابتللنا ، وأخذ أميرنا ضلعاُ من أضلاعها ، فوضعها على طريفه ، ثم أمر بأجسم بعير معنا ، فحمل عليه أجسم رجل منا .
قال : فجلس عليه , قال : فخرج من تحتها وما مست رأسه .
قال : فلما قدمنا على رسول الله  أخبرناه خبرها ، وسألناه عما صنعنا فى ذلك من أكلنا إياه ، فقال : " رزق رزقكموه الله " .183

انظر أين بلغت ؟
عن ثابت البنانى قال :
جاء قيم أرض أنس ، فقال : عطشت أرضوك ، فتردى أنس ، ثم خرج إلى البرية ، ثم صلى ، ودعا ، فثارت سحابة ، وغشيت أرضه ومطرت ، حتى ملأت صهريجه وذلك فى الصيف ، فأرسل بعض أهله ، فقال : انظر أين بلغت ؟ فإذا هى لم تعد أرضه إلى يسيراً .
قال الذهبى :
هذه كرامة بينة ثبتت بإسنادين . 184

اللسان يتحرك والجسد ميت
عن أنس بن مالك  قال :
لما مات زيد بن خارجة  تنافست الأنصار في غسله , حتى كاد يكون بينهم شر , ثم استقام رأيهم على أن يغسله الغسلة الغسلتين الأوليتين ثم يدخل من كل فخذ سيدها فيصب عليه الماء صبة في الغسلة الثالثة , وأدخلت أنا فيمن دخل , فلما ذهبنا نصب عليه تكلم فقال : مضت اثنتان وغبر أربع , فأكل غنيهم فقيرهم , فانفضوا فلا نظام لهم , أبو بكر لين رحيم شديد على الكفار لا يخاف في الله لومة لائم , وعثمان لين رحيم بالمؤمنين , وأنتم على منهاج عثمان فاسمعوا وأطيعوا , ثم خفت , فإذا اللسان يتحرك , وإذا الجسد ميت .185

أدركتني دعوة سعد
عن مصعب قال :
أن سعداً خطبهم بالكوفة , ثم قال : يا أهل الكوفة أي أمير كنت لكم ؟
فقام رجل فقال : اللهم إن كنت ما علمتك لا تعدل في الرعية , ولا تقسم بالسوية , ولا تغزو في السرية .
فقال سعد : اللهم إن كان كاذباً فأعم بصره , وعجل فقره , وأطل عمره وعرضه للفتن .
قال : فما مات حتى عمي .
قال : فكان يلتمس الجدران , وافتقر حتى سأل الناس , وأدرك فتنة المختار الكذاب فقتل فيها , وكان إذا قيل له كيف أنت ؟ قال : أعمى فقير أدركتني دعوة سعد . 186

إنا نتوسل إليك بعم نبيك فاسقنا
عن أنس  قال :
أن عمر بن الخطاب  إذا أقحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب .
قال : ويقول : اللهم إنا كنا إذا أقحطنا توسلنا إليك بنبينا فتسقينا , وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا .
قال : فيسقون .187
( مسألـــة ) : هذا الحديث احتج به جماعة من المخالفين فقالوا : أنه يجوز التوسل بالأحياء كما فعل عمر بن الخطاب  بتوسله بالعباس في طلب الاستسقاء ، وعلى جواز التوسل بالأموات كما قال عمر بن الخطاب  !! .
الجواب : قال الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ :
إن من القواعد المهمة في الشريعة الإسلامية : أن النصوص الشرعية يفسر بعضها بعضاً ، ولا يفهم شيء منها في موضوع ما بمعزل عن بقية النصوص الواردة فيه , وبناء على ذلك فحديث توسل عمر السابق إنما يفهم على ضوء ما ثبت من الروايات والأحاديث الواردة في التوسل بعد جمعها وتحقيقها ، ونحن والمخالفون متفقون على أن في كلام عمر : " كنا نتوسل إليك بنبينا , وإنا نتوسل إليك بعم نبينا " , شيئاً محذوفاً ، لا بد له من تقدير ، وهذا التقدير إما أن يكون : كنا نتوسل بــ ( جاه ) نبينا ، وإنا نتوسل إليك بــ ( جاه ) عم نبينا على رأيهم هم .
أو يكون : كنا نتوسل إليك بــ ( دعاء ) نبينا ، وإنا نتوسل إليك بــ ( دعاء ) عم نبينا , على رأينا نحن .
ولا بد من الأخذ بواحد من هذين التقديرين ليفهم الكلام بوضوح وجلاء ولنعرف أي التقديرين صواب لا بد من اللجوء إلى السنة ، لتبين لنا طريقة توسل الصحابة الكرام بالنبي  .
ترى هل كانوا إذا أجدبوا وقحَطوا قبع كل منهم في داره ، أو مكان آخر ، أو اجتمعوا دون أن يكون معهم رسول الله  ، ثم دعوا ربهم قائلين : " اللهم بنبيك محمد ، وحرمته عندك ، ومكانته لديك اسقنا الغيث " مثلاً .
أم كانوا يأتون النبي  ذاته فعلاً ، ويطلبون منه أن يدعو الله تعالى لهم ، فيحقق  طلبتهم ، ويدعو ربه سبحانه ، ويتضرع إليه حتى يسقوا ؟
أما الأمر الأول فلا وجود له إطلاقاً في السنة النبوية الشريفة ، وفي عمل الصحابة  ، ولا يستطيع أحد من المخالفين أو الطرقيين أن يأتي بدليل يثبت أن طريقة توسلهم كانت بأن يذكروا في أدعيتهم اسم النبي  ، ويطلبوا من الله بحقه وقدره عنده ما يريدون .
بل الذي نجده بكثرة ، وتطفح به كتب السنة هو الأمر الثاني ، إذ تبين أن طريقة توسل الأصحاب الكرام بالنبي  إنما كانت إذا رغبوا في قضاء حاجة أو كشف نازلة أن يذهبوا إليه  ، ويطلبوا منه مباشرة أن يدعو لهم ربه ، أي أنهم كانوا يتوسلون إلى الله تعالى بدعاء الرسول الكريم  ليس غير .
ويرشد إلى ذلك قوله تبارك وتعالى : } ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً { النساء : 64 .
ومن أمثلة ذلك ما جاء في حديث أنس 188 , الذي ذكر فيه مجيء الأعرابي إلى المسجد يوم الجمعة حيث كان رسول الله  يخطب ، وعرضه له ضنك حالهم ، وجدب أرضهم ، وهلاك ماشيتهم ، وطلبه منه أن يدعو الله سبحانه لينقذهم مما هم فيه ، فاستجاب له ، وهو الذي وصفه ربه بقوله : } لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عَنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم { التوبة : 128، فدعا  لهم ربه ، واستجاب سبحانه دعاء نبيه ورحم عباده ونشر رحمته ، وأحيا بلدهم الميت .
ومن ذلك ما روته السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ حيث قالت : شكا الناس إلى رسول الله قحوط المطر ، فأمر بمنبر فوضع له في المصلى ، ووعد الناس يوماً يخرجون فيه , قالت : فخرج رسول الله  حين بدا حاجب الشمس فقعد على المنبر ، فكبر وحمد الله ، ثم قال : " إنكم شكوتم جدب دياركم ، واستئخار المطر إبان زمانه عنكم ، وقد أمركم الله أن تدعوه ، ووعدكم أن يستجيب لكم . . . الحديث "189 ، وفيه أنه  دعا الله سبحانه ، وصلى بالناس ، فأغاثهم الله تعالى حتى سالت السيول ، وانطلقوا إلى بيوتهم مسرعين ، فضحك الرسول  حتى بدت نواجذه ، وقال : " أشهد أن الله على كل شيء قدير، وأني عبد الله ورسوله " .
فهذه الأحاديث وأمثالها مما وقع زمن النبي  وزمن أصحابه الكرام  تبين بما لا يقبل الجدال أو المماراة أن التوسل بالنبي  أو بالصالحين الذي كان عليه السلف الصالح هو مجيء المتوسل إلى المتوسل به ، وعرضه حاله له ، وطلبه منه أن يدعو له الله سبحانه ، ليحقق طلبه ، فيستجيب هذا له ، ويستجيب , من ثم الله سبحانه وتعالى .
وهذا الذي بيناه من معنى الوسيلة هو المعهود في حياة الناس واستعمالهم ، فإنه إذا كانت لإنسان حاجة ما عند مدير أو رئيس , أو موظف مثلاً ، فإنه يبحث عمن يعرفه ثم يذهب إليه ويكلمه ، ويعرض له حاجته فيفعل ، وينقل هذا الوسيط رغبته إلى الشخص المسئول ، فيقضيها له غالباً , فهذا هو التوسل المعروف عند العرب منذ القديم ، وما يزال ، فإذا قال أحدهم : إني توسلت إلى فلان ، فإنما يعني أنه ذهب إلى الثاني وكلمه في حاجته ، ليحدث بها الأول ، ويطلب منه قضاءها ، ولا يفهم أحد من ذلك أنه ذهب إلى الأول وقال له : بحق فلان ( الوسيط ) عندك ، ومنزلته لديك اقض لي حاجتي .
وهكذا فالتوسل إلى الله عز وجل بالرجل الصالح ليس معناه التوسل بذاته وبجاهه وبحقه ، بل هو التوسل بدعائه وتضرعه واستغاثته به سبحانه وتعالى وهذا هو بالتالي معنى قول عمر  " اللهم إنا منا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا "
أي : كنا إذ قل المطر مثلاً نذهب إلى النبي  ، ونطلب منه أن يدعو لنا الله جل شأنه .
ويؤكد هذا ويوضحه تمام قول عمر  " وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا " أي : إننا بعد وفاة نبينا جئنا بالعباس عم النبي  ، وطلبنا منه أن يدعو لنا ربنا سبحانه ليغيثنا .
ترى لماذا عدل عمر  عن التوسل بالنبي  إلى التوسل بالعباس  ، مع العلم أن العباس مهما كان شأنه ومقامه فإنه لا يذكر أمام شأن النبي  ومقامه؟
أما الجواب برأينا فهو : لأن التوسل بالنبي  غير ممكن بعد وفاته ، فأنى لهم أن يذهبوا إليه  ويشرحوا له حالهم ، ويطلبوا منه أن يدعو لهم ، ويؤمنوا على دعائه ، وهو قد انتقل إلى الرفيق الأعلى ، وأضحى في حال يختلف عن حال الدنيا وظروفها مما لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى ، فأنى لهم أن يحظوا بدعائه  وشفاعته فيهم ، وبينهم وبينه كما قال الله عز شأنه : } ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون{ المؤمنون : 100.
ولذلك لجأ عمر  ، وهو العربي الأصيل الذي صحب النبي  ولازمه في أكثر أحواله ، وعرفه حق المعرفة ، وفهم دينه حق الفهم ، ووافقه القرآن في مواضع عدة ، لجأ إلى توسل ممكن فاختار العباس  ، لقرابته من النبي  من ناحية ، ولصلاحه ودينه وتقواه من ناحية آخرى ، وطلب منه أن يدعو لهم بالغيث والسقيا .
وما كان لعمر ولا لغير عمر أن يدع التوسل بالنبي  ، ويلجأ إلى التوسل بالعباس أو غيره لو كان التوسل بالنبي  ممكناً ، وما كان من المعقول أن يقر الصحابة  عمر على ذلك أبداً ، لأن الإنصراف عن التوسل بالنبي  إلى التوسل بغيره ما هو إلا كالإنصراف عن الإقتداء بالنبي  في الصلاة إلى الإقتداء بغيره ، سواء بسواء ، ذلك أن الصحابة  عليهم كانوا يعرفون قدر نبيهم  ومكانته وفضله معرفة لا يدانيهم فيها أحد .
كما نرى ذلك واضحاً في الحديث الذي رواه سهل بن سعد الساعدي  قال " أن رسول الله  ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم ، فحانت الصلاة ، فجاء المؤذن إلى أبي بكر ، فقال : أتصلي بالناس ، فأقيم ؟ قال : فصلى أبو بكر ، فجاء رسول الله  والناس في الصلاة ، فتخلص حتى وقف في الصف ، فصفق الناس ، وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة ، فلما أكثر الناس التصفيق التفت ، فرأى رسول الله  ، فأشار إليه رسول الله  أن أمكث مكانك ، فرفع أبو بكر يديه ، فحمد الله عز وجل على ما أمره به رسول الله  من ذلك ، ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف ، وتقدم النبي  فصلى ثم انصرف ، فقال : " يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك ؟ " , قال أبو بكر : ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله  .
فأنت ترى أن الصحابة  لم يستسيغوا الاستمرار على الإقتداء بأبي بكر  في صلاته عندما حضر الرسول  ، كما أن أبا بكر  لم تطاوعه نفسه على الثبات في مكانه مع أمر النبي  له بذلك ، لماذا ؟
كل ذلك لتعظيمهم نبيهم  ، وتأدبهم معه ، ومعرفتهم حقه وفضله ، فإذا كان الصحابة  لم يرتضوا الإقتداء بغير النبي  عندما أمكن ذلك ، مع أنهم كانوا بدأوا الصلاة في غيابه  عنهم ، فكيف يتركون التوسل به  أيضاً بعد وفاته ، لو كان ذلك ممكناً ، ويلجئون إلى التوسل بغيره ؟ وكما لم يقبل أبو بكر أن يؤم المسلمين , فمن البديهي أن لا يقبل العباس أيضاً أن يتوسل الناس به ، ويدعوا التوسل بالنبي  لو كان ذلك ممكناً .190

ما ذهبت الدنيا حتى أعطى كل واحد ما سأل
عن الشعبي قال :
لقد رأيت عجباً , كنا بفناء الكعبة أنا و عبد الله بن عمر و عبد الله بن الزبير و مصعب بن الزبير و عبد الملك بن مروان , فقال القوم بعد أن فرغوا من حديثهم : ليقم كل رجل منكم فليأخذ بالركن اليماني ويسأل الله حاجته فإنه يعطى من ساعته , قم يا عبد الله بن الزبير فإنك أول مولود ولد في الهجرة .
فقام فأخذ بالركن ثم قال : اللهم إنك عظيم ترجى لكل عظيم , أسألك بحرمة
وجهك , وحرمة عرشك ألا تميتني من الدنيا حتى توليني الحجاز ويسلم علي الخلافة وجاء وجلس .
فقالوا : قم يا مصعب بن الزبير , فقام حتى أخذ بالركن اليماني فقال : اللهم إنك رب كل شيء وإليك مصير كل شيء , أسألك بقدرتك على كل شيء ألا تميتني من الدنيا حتى توليني العراق وتزوجني سكينة بنت الحسين , وجاء حتى جلس .
فقالوا : قم يا عبد الملك بن مروان , فقام حتى أخذ بالركن اليماني فقال : اللهم رب السموات السبع ورب الأرضين , ذات النبت بعد القفر , أسألك بما سألك عبادك المطيعون لأمرك , وأسألك بحرمة وجهك , وأسألك بحقك على جميع خلقك , ألا تميتني من الدنيا حتى توليني شرق الدنيا وغربها ولا ينازعني أحد إلا أتيت برأسه , ثم جاء حتى جلس .
فقالوا : قم يا عبد الله بن عمر , فقام حتى أخذ الركن اليماني ثم قال : اللهم إنك رحمن رحيم أسألك برحمتك التي سبقت غضبك , وأسألك بقدرتك على جميع خلقك ألا تميتني من الدنيا حتى توجب لي الجنة .
قال الشعبي :
فما ذهبت عيناي من الدنيا حتى رأيت كل رجل منهم قد أعطى ما سأل وبشر عبد الله بن عمر بالجنة , وزينت له .191

إن الله يحفظ عبده المؤمن
قال ابن اسحاق :
قتل أبا سعد بن أبي طلحة سعد بن أبي وقاص , وقاتل عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح فقتل نافع بن أبي طلحة وأخاه الحلاس , كلاهما يشعره سهماً , فيأتي أمه سلافة فيضع رأسه في حجرها فتقول : يا بني من أصابك ؟
فيقول : سمعت رجلاً حين رماني يقول : خذها وأنا ابن أبى الأقلح , فنذرت أن أمكنها الله من رأس عاصم أن تشرب فيه الخمر , وكان عاصم قد عاهد الله لا يمس مشركاً أبداً ولا يمسه .
فلما قتل عاصم أرادت هذيل أخذ رأسه ليبيعوه من سلافة بنت سعد بن سهيل وكانت قد نذرت حين أصاب ابنيها يوم أحد لئن قدرت على رأس عاصم لتشربن في قحفه ـ رأسه ـ الخمر , فمنعته الدبر ـ الزنابير ـ فلما حالت بينهم وبينه قالوا : دعوه حتى يمسي , فيذهب عنه فنأخذه , فبعث الله الوادي فاحتمل عاصماً فذهب به , وقد كان عاصم قد أعطى الله عهداً أن لا يمسه مشرك ولا يمس مشركا أبداً تنجساً .
فكان عمر بن الخطاب  يقول حين بلغه أن الدبر منعته : يحفظ الله العبد المؤمن , كان عاصم نذر أن لا يمسه مشرك , ولا يمس مشركاً أبداً في حياته فمنعه الله بعد وفاته , كما امتنع منه في حياته 192.

ما زالت الملائكة تظله حتى رفع
عن جابر بن عبد الله  :
لما كان يوم أحد , جيء بأبي مسجى , وقد مُثل به , قال : فأردت أن أرفع الثوب فنهاني قومي , ثم أردت أن أرفع الثوب فنهاني قومي , فرفعه رسول الله  أو أمر به فرفع , فسمع صوت باكية أو صائحة فقال : " من هذه ؟ " .
فقالوا بنت عمرو أو أخت عمرو فقال : " ولم تبكي ؟ فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع " . 193

ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا
وعن جابر بن عبد الله  أيضاً قال :
لقيني رسول الله  فقال لي : " يا جابر ما لي أراك منكسراً ؟ " .
قلت : يا رسول الله استشهد أبي , قتل يوم أحد وترك عيالاً وديناً .
قال : " أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك ؟ " .
قال : قلت : بلى يا رسول الله .
قال : " ما كلم الله أحدا قط إلا من وراء حجاب , وأحيا أباك فكلمه كفاحاً فقال : يا عبدي تمن علي أعطك , قال : يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية , قال الرب عز وجل : إنه قد سبق مني , أنهم إليها لا يرجعون , قال : وأنزلت هذه الآية : { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا } " . 194

نفذت وصيته بعد موته
عن عطاء الخراساني قال :
قدمت المدينة , فأتيت ابنة ثابت بن قيس بن شماس  فذكرت قصة أبيها قالت : لما أنزل الله على رسوله  { لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي } الآية , وآية { و الله لا يحب كل مختال فخور } جلس أبي في بيته يبكي , ففقده رسول الله  فسأله عن أمره فقال : إني امرؤ جهير الصوت , و أخاف أن يكون قد حبط عملي .
فقال : " بل تعيش حميداً , و تموت شهيداً , و يدخلك الله الجنة بسلام " .
فلما كان يوم اليمامة مع خالد بن الوليد استشهد , فرآه رجل من المسلمين في منامه فقال : إني لما قتلت انتزع درعي رجل من المسلمين , و خبأه في أقصى العسكر وهو عنده , و قد أكب على الدرع برمة , و جعل على البرمة رحلاً فآئت الأمير فأخبره و إياك أن تقول هذا حلم فتضيعه , و إذا أتيت المدينة فأت فقل لخليفة رسول الله  : إن علي من الدين كذا و كذا , و غلامي فلان من رقيقي عتيق , و إياك أن تقول هذا حلم فتضيعه .
قال : فأتاه , فأخبره الخبر , فوجد الأمر على ما أخبره , و أتى أبا بكر فأخبره فأنفذ وصيته , فلا نعلم أحداً بعدما مات أنفذ وصيته غير ثابت بن قيس بن شماس . 195

بعد سبعة أيام من الوت لم يتغير
عن أنس  قال :
أن أبا طلحة قرأ سورة براءة فأتى على هذه الآية : { انفروا خفافا وثقالا } فقال : ألا أرى ربي يستنفرني شاباً وشيخاً جهزوني , فقال له بنوه : قد غزوت مع رسول الله  حتى قبض , وغزوت مع أبي بكر حتى مات , وغزوت مع عمر فنحن نغزوا عنك .
فقال : جهزوني , فركب البحر فمات , فلم يجدوا له جزيرة يدفنونه فيها إلا بعد سبعة أيام فلم يتغير . 196

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

المواقف المستطابة من حياة الصحابة  Empty
مُساهمةموضوع: الانباء المستطابة   المواقف المستطابة من حياة الصحابة  I_icon_minitimeالخميس نوفمبر 28, 2013 2:00 pm

وفياتهم 
وفاة أبى بكر الصديق 
عن أبى السفر قال :
" مرض أبو بكر ، فعاده الناس ، فقالوا : ألا ندعو لك الطبيب ؟
قال : قد رآني .
قالوا : فأي شئ قال لك ؟
قال : إني فعال لما أريد " . 197
وعن عائشة قالت :
لما حضر أبا بكر الوفاة جلس فتشهد ثم قال : " أما بعد يا بنية ، فإن أحب الناس غناً إلى بعدى أنت ، وإن أعز الناس على فقراً بعدى أنت ، وإني كنت نحلتك جداد عشرين وسقا من مالي ، فوددت والله أنك حزته ، وإنما هو أخواك وأختاك ؟ قالت : هذان أخواي , فمن أختاى ؟
قال : ذو بطن ابنه خارجة ، فإني أظنها جارية .
وفى رواية : قد ألقى في روعي أنها جاريه فولدت أم كلثوم " . 198
وعنها قالت :
لما ثقل أبو بكر قال : أى يوم هذا ؟
قلنا : يوم الإثنين .
قال : فإني أرجو ما بيني وبين الليل .
قالت : وكان عليه ثوب ردع من مشق ، فقال : إذا أنا مت فاغسلوا ثوبي هذا وضموا إليه ثوبين جديدين ، وكفنوني في ثلاثة أثواب . .
فقلنا : أفلا نجعلها جدداً كلها ؟
قال : لا ، إنما هو للمهلة ، فمات ليلة الثلاثاء .199
قال أهل السير :
وأوصى أن تغسله أسماء زوجته فغسلته ، وأن يدفن إلى جنب رسول الله  وصلى عليه عمر بين القبر والمنبر ، ونزل في حفرته ابنه عبد الرحمن وعمر وعثمان وطلحة بن عبيد الله ، رحمه الله تعالى . 200

وفاة عمر بن الخطاب 
عن عمر بن ميمون قال :
إني لقائم ما بيني وبين عمر إلا عبد الله بن عباس غداة أصيب ، وكان إذا مر بين الصفين قال : استووا حتى إذا لم ير فيهن خللاً تقدم فكبر ، وربما قرأ سورة يوسف ، أو النحل ، أو نحو ذلك في الركعة الأولى حتى يجتمع الناس ، فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول : قتلني ، أو أكلني الكلب ، حين طعنه وطار العلج بسكين ذات طرفين ، لا يمر على أحد يميناً وشمالاً ، إلا طعنه ، حتى طعن ثلاثة عشر رجلا ، مات منهم سبعة ، فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه برنساً ، فلما ظن العلج أنه مأخوذ نحر نفسه ، وتناول عمر بيد عبد الرحمن بن عوف فقدمه ، فمن يلي عمر فقد رأى الذي رأى ، وأما نواحي المسجد فإنهم لا يدرون , غير أنهم فقدوا صوت عمر ، وهم يقولون : سبحان الله , سبحان الله ، فصلى بهما عبد الرحمن بن عوف صلاة خفيفة .
ثم احتمل إلى بيته فانطلقا معه ، وكأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ ، فقائل يقول : لا بأس ، وقائل يقول : أخاف عليه ، فأتى بنبيذ فشربه ، فخرج من جوفه ، ثم أتى بلبن فشربه ، فخرج من جرحه ، فعرفوا أنه ميت .
فقال : يا عبد الله بن عمر أنظر ما على من الدين فحسبوه ، فوجدوه سبعة وثمانين ألفا أو نحوه .
قال : إن وفاة مال آل عمر فأده منهم , وإلا فسل في بنى عدى بن كعب ، وانطلق إلى عائشة أم المؤمنين ، فقل لها : يقرأ عمر عليك السلام ، ولا تقل أمير المؤمنين ، فإني لست اليوم أميرا .
قل : يستأذن عمر بن الخطاب ، أن يدفن مع صاحبيه ، فمضى فسلم واستأذن ، ثم دخل عليها ، فوجدها قاعدة تبكى ، فقال : يقرأ عليك عمر السلام ويقول لك : يستأذن أن يدفن مع صاحبيه ، فقالت : كنت أريده لنفسي ولأوثرنه اليوم على نفسي .
فلما أقبل قيل : هذا عبد الله بن عمر قد جاء . قال : ارفعوني , فأسنده رجل إليه ، فقال : ما لديك ؟
قال : الذي تحب يا أمير المؤمنين أذنت .
قال : الحمد لله ما كان شئ أهم إلى من ذلك ، فإذا أنا قبضت فاحملوني ، ثم سلم وقل : يستأذن عمر بن الخطاب ، فإن أذنت لي فأدخلوني ، وإن ردتني فردوني إلى مقابر المسلمين .201
وعن عثمان بن عفان  قال :
أنا آخركم عهداً بعمر ، دخلت عليه ورأسه في حجر ابنه عبد الله ، فقال له : ضع خدي بالأرض , قال : فهل فخذي والأرض إلا سواء ؟
قال : ضع خدي بالأرض لا أم لك ، في الثانية والثالثة , وسمعته يقول :
ويلي وويل أمي إن لم تغفر لي ، حتى فاضت نفسه . 202

وفاة عثمان بن عفان 
عن مسلم أبى سعيد مولى عثمان :
" أن عثمان  أعتق عشرين مملوكاً له ، ودعا بسراويل فشدها عليه ـ ولم يلبسها في جاهلية ولا إسلام ـ وقال : إني رأيت رسول الله  البارحة في المنان ورأيت أبا بكر وعمر ، وإنهم قالوا : اصبر ، فإنك تفطر عندنا القابلة ، ثم دعا بمصحف فنشره بين يديه فقتل وهو بين يديه " .203

وفاة على بن أبى طالب 
ما أن انتهت موقعة صفين ، وآل أمر التحكيم إلى ما آل إليه ، خرجت الخوارج ، فقاتلها على في موقعة النهروان .
وبعد ذلك تنغصت الأمور على أمير المؤمنين ، واضطرب عليه جيشه ، وخذلوه وتخلو عنه ، حتى كره الحياة ، وتمنى الممات ، وذلك لكثرة الفتن وظهور المحن .
يقول زيد بن وهب :
" قدم علي على قوم من البصرة من الخوارج ، فقال منهم الجعد بن نعجة: اتق الله يا على ، فإنك ميت .
فقال علي : بل مقتول ، ضربه على هذه تخضب هذه ، عهد معهود ، وقضاء مقضي ، وقد خاب من افترى " .
ويدبر أحد الخوارج ، وهو " عبد الرحمن بن ملجم المرادى " لقتل على غدراً وخيانة ، وقد كان ابن ملجم من شيعة على بالكوفة ، وشهد معه صفين ، وكان عابداً ، ولكن سبق عليه الكتاب فعمل بعمل أهل النار ، نعوذ بالله من الخذلان .
فلما كثر الإختلاف على على ، أقبل عبد الرحمن بن ملجم مشتملاً على السيف ، وكان على يتولى التأذين بنفسه ، فكان إذا أراد أن يقول: حي على الصلاة ، أخرج رأسه من طاق باب المسجد إلى السوق ، فأقبل ابن ملجم فقام عند الطاق من خارج ، فلما أخرج على رأسه ضربه الخارجي ضربه أطار بها طائفة من قحفه .
وتنادى الناس: قتل أمير المؤمنين , وأقبلوا نحوه ، وهو يحمل عليهم حتى أخذوه ، وانتزعوا منه السيف من يده وعاش على يومه ذلك ومات في الليلة القابلة ، فقطعت يدا عبد الرحمن بن ملجم ، ورجلاه ، وسملت عينه ، ثم أدرج في بردين فأحرق .
فيقول العلماء: ضربه عبد الرحمن بن ملجم بالكوفة يوم الجمعة لثلاث عشر بقيت من رمضان ، فبقى الجمعة والسبت ، ومات ليلة الأحد ، وغسله ابناه وعبد الله بن جعفر ، وصلى عليه الحسن ، ودفن في السحر . 204

وفاة عبد الرحمن بن عوف 
عن سعد بن إبراهيم عن أبيه قال :
" لقد رأيت سعد بن أبى وقاص في جنازة عبد الرحمن بن عوف عند قائمتي السرير ، فجعل قول : واجبلاه " .205
وعن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن جده أنه قال :
" سمعت على بن أبى طالب يقول يوم مات عبد الرحمن : أذهب ابن عوف فقد أدركت صفوها , وسبقت رنقها " .206
وعاش  خمساً وسبعين سنة ، وتوفى سنة اثنتين وثلاثين سنة ، ودفن في البقيع ، وصلى عليه عثمان .

وفاة سعد بن أيى وقاص 
عن مصعب بن سعد أنه قال :
كان رأس أبى في حجري ، وهو يقضى , فبكيت ، فرفع رأسه إلى ، فقال : أى بنى ما يبكيك ؟
قلت : لمكانك وما أرى بك .
قال : لا تبك فإن الله لا يعذبني أبدا , وإني من أهل الجنة .207
وعن الزهري :
أن سعد بن أبى وقاص لما احتضر ، دعا بخلق جبة صوف ، فقال : كفنوني فيها ، فإني لقيت المشركين فيها يوم بدر ، وإنما خبأتها لهذا اليوم 208.
وعن أم سلمة أنها قالت :
لما مات سعد وجئ بسريره ، فأدخل عليها ، جعلت تبكى وتقول : بقية أصحاب رسول الله  .209
ومات في قصره بالعقيق على عشرة أميال من المدينة ، فحمل على رقاب الرجال إلى المدينة وصلى عليه مروان بن الحكم ، وهو يومئذ والى المدينة ، ثم صلى عليه أزواج النبي  في حجرهن ، ودفن بالبقيع .210

وفاة خباب بن الأرت 
عن طارق بن شهاب قال :
جاء خباباً نفر من أصحاب النبي  فقالوا : أبشر يا أبا عبد الله ، إخوانك تقدم عليهم غداً , فبكى ، وقال : أما إنه ليس بي جزع ، ولكن ذكرتموني أقواما وسميتم لي إخواناً ، وإن أولئك مضوا بأجورهم كما هي ، وإني أخاف أن يكون ثواب ما تذكرون من تلك الأعمال ما أوتينا بعدهم . .
وعن أبى وائل شقيق ابن سلمه قال :
دخلنا على خباب بن الأرت في مرضه فقال : إن في هذا التابوت ثمانين ألف درهم ، والله ما شددت لها خيط ، ولا منعتها من سائل , ثم بكى فقيل : ما يبكيك ؟
فقال : أبكى أن أصحابي مضوا ولم تنقصهم الدنيا شئ ، وإنا بقينا بعدهم حتى ما نجد موضعاً إلا التراب . . .
وتوفى خباب بالكوفة سنة سبع وثلاثين ، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة ، وصلى عليه على بن أبى طالب حين منصرفه من صفين ، وهو أول من قبر بظهر الكوفة .211

وفاة سعد بن معاذ 
عن محمود بن لبيد قال :
لما أصيب أكحل سعد فثقل ، حولوه عند امرأة يقال لها : " رفيدة " , تداوى الجرحى , فكان النبي  إذا مر به يقول : كيف أصبحت ، وكيف أمسيت ؟
فيخبره , حتى كانت الليلة التي نقله قومه فيها وثقل ، فاحتملوه بنى عبد الأشهل إلى منازلهم ، وجاء رسول الله  ، فقيل : انطلقوا به ، فخرج وخرجنا معه ، وأرع حتى تقطعت شسوعُ نعالنا ، وسقطت أرديتنا ، فشكا ذلك إليه أصحابه ، فقال : " إني أخاف أن تسبقه الملائكة , فتغسله كما غسلت حنظلة " فانتهى إلى البيت ، وهو يغسل ، وأمه تبكيه وتقول :
ويل أم سعد سعدا حزامة وجِــــــــــدا
فقال  : " كل باكية تكذب إلا أم سعد " ثم خرج به .
قال : يقول له القوم : ما حملنا يا رسول الله ميتاً أخف علينا منه , قال : " ما يمنعه أن يخف وقد هبط من الملائكة كذا وكذا لم يهبطوا قط قبل يومهم ، وقد حملوه معكم " .212
وعن جابر قال :
خرجنا مع رسول الله  يوما إلى سعد بن معاذ حين تُوفى , قال : فلما صلى عليه رسول الله  ، ووضع في قبره ، وسوى عليه ، سبح رسول الله تسبيحاً طويلا , ثم كبر فكبرنا .
فقيل : يا رسول الله ، لم سبحت ثم كبرت ؟ قال : " لقد تضايق على هذا العبد الصالح قبره حتى فرجه الله عز وجل عنه " .213

وفاة عبد الله بن مسعود 
عن أبى ظبية قال :
مرض عبد الله ، فعاده عثمان ، وقال : ما تشتكى ؟
قال : ذنوبي . . .
قال : فما تشتهى ؟
قال : رحمه ربى . .
قال : ألا آمر لك بطبيب ؟
قال : الطبيب قد أمرضني . .
قال : ألا آمر لك بعطاء ؟
قال : لا حاجة لي فيه .
ومات  بالمدينة ودفن بالبقيع . 214

وفاة معاذ بن جبل 
ذكر أبي نعيم في " الحلية " :
أن معاذ بن جبل  أنه لما حضره الموت قال : انظروا أصبحنا , فأتي فقيل : لم تصبح .
فقال : انظروا أصبحنا , فأتي فقيل له : لم تصبح , حتى أتي في بعض ذلك فقيل : قد أصبحت , قال : أعوذ بالله من ليلة صباحها إلى النار , مرحباً بالموت , مرحباً زائر مغيب , حبيب جاء على فاقة , اللهم إني قد كنت أخافك فأنا اليوم أرجوك , اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لجري الأنهار , ولا لغرس الأشجار , ولكن لظمأ الهواجر , ومكابدة الساعات ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر .215


وفاة حمزة بن عبد المطلب 
يرويها لنا وحشي بن حرب فيقول :
" كنت غلاماً لجبير بن مطعم ، وكان عمه طعيمه بن عدى قد أصيب يوم بدر ـ قتل ـ فلما سارت قريش إلى أحد ، قال لي جبير: إن قتلت حمزة عم النبي بعمى فأنت عتيق .
قال: فخرجت مع الناس ، وكنت رجلاً حبشياً أقذف بالحربة قذف الحبشة ، قلما أخطئ بها شيئاً ، فلما التقيا الناس خرجت أنظر حمزة واتبصره ، حتى رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأورق ، يهد الناس بسيفه هدا ، ما يقوم له شئ ، فوالله إني لأتهيأ له ، أريده وأستتر منه بشجره أو حجر ليدنو منى , إذا تقدمني إليه سباع بن عبد العزى ، فلما رآه حمزة قال : هلم يا ابن مقطعة البظور.
قال: فضربه ضربه كأن ما أخطأ رأسه ، فهززت حربتي ، حتى إذا رضيت منها ، دفعتها عليه ، فوقعت في ثنته ، حتى خرجت من بين رجليه ، وذهب لينوء نحوى ، فغلب ، وتركته وإياها حتى مات ، ثم أتيته فأخذت حربتي ، ثم رجعت إلى المعسكر ، فقعدت فيه ، ولم يكن لي بغيره حاجه ، وإنما قتلته لأعتق .
فلما قدمت مكة أعتقت ، ثم أقمت حتى إذا أفتتح رسول الله مكة هربت إلى الطائف ، فمكثت بها ، فلما خرج وفد الطائف إلى رسول الله ليسلموا فقلت: ألحق بالشام أو باليمن ، فوالله إني لفي ذلك من همي إذ قال لي رجل : ويحك إنه والله ما يقتل أحدا من الناس دخل دينه ، وتشهد شهادته .
فلما قال لي ذلك ، خرجت حتى قدمت على رسول الله المدينة ، فلم يرعه إلا بي قائماً على رأسه أتشهد بشهادة الحق .
فلما رآني قال : " وحشى !" .
قلت : نعم يا رسول الله .
قال " أقعد حدثني كيف قتلت حمزة " ، قال: فحدثته ، فلما فرغت من حديثي قال " ويحك غيب عنى وجهك ، فلا أرينك" ، فكنت أتنكب رسول الله حيث كان , لئلا يراني ، حتى قبضه الله ـ آي توفاه ـ. 216

وفاة العباس بن عبد المطلب 
قالت عائشة بنت سعد :
جاءنا رسول عثمان ، ونحن بقصرنا على عشرة أميال من المدينة ، أن العباس قد توفى ، فنزل أبى وسعيد بن زيد ونزل أبو هريرة من السمرة ، فجاءنا أبى بعد يوم فقال: ما قدرنا آن ندنو من سريره من كثرة الناس ، غلبنا عليه ، وكنت أحب حمله" .217

وفاة بلال بن رباح 
قال ابن كثير :
لما توفى رسول الله  كان بلال فيمن خرج إلى الشام للغزو , ويقال : إنه قام يؤذن لأبى بكر أيام خلافته ، والأول أصح وأشهر .218
وظل في بلاد الشام عابداً ، زاهداً , ينتظر اليوم الذي يلحق فيه بالحبيب وأصحابه .
قال سعيد بن عبد العزيز :
لما احتضر بلال قال : غداً نلقى الأحبة محمداً وصحبه .
قال : تقول امرأته : وا ويلاه !
فقال : وافرحاه ! .219

وفاة عبد الله بن عباس 
عن ميمون بن مهران قال:
شهدت جنازة عبد الله بن عباس بالطائف ، فلما وضع ليصلى عليه جاء طائر أبيض حتى دخل في أكفانه , فالتمس فلم يوجد ، فلما سوى عليه سمعنا صوتاً نسمع صوته , ولا نرى شخصه يقول : { يا أيتها النفس المطمئنة } .
ولما بلغ جابر بن عبد الله وفاة ابن عباس صفق بإحدى يديه على الأخرى ,
وقال: مات أعلم الناس ، وأحلم الناس ، ولقد أصيبت هذه الأمة مصيبة لا ترتق , فرضي الله عنه . 220
وتوفى بالطائف سنة ثمان وستين ، وهو ابن إحدى وسبعين سنة .

وفاة سفيان بن الحارث 
حج أبو سفيان بن الحارث ، فلما حلق الحلاق رأسه قطع ثؤلولاً كان في رأسه ، فلم يزل مريضاً منه حتى مات بعد مقدمة من الحج ، سنة عشرين ، ودفن في دار عقيل بن أبى طالب ، وصلى عليه عمر بن الخطاب . 221

وفاة الحسن بن علي 
لما احتضر الحسن بن على ، قال: أخرجوني إلى الصحراء لعلى أنظر في ملكوت السماء ـ يعنى الآيات ـ فلما أخرج به ، قال: اللهم إني احتسبت نفسي عندك فإنها أعز الأنفس على ، فكان ما صنع لله عز وجل أنه احتسب نفسه.222
وعن أبى حازم قال:
لما احتضر الحسن قال للحسين: إدفني عند أبى ، يعنى النبي  إلا أن تخافوا الدماء ، فادفني في مقابر المسلمين ، فلما قبض ، تسلح الحسين ، وجمع مواليه .
فقال أبو هريرة: أنشدك الله ووصيه أخيك ، فإن القوم لن يدعوك حتى يكون بينكم دماء ، فدفنه بالبقيع .
فقال أبو هريرة: أرأيتم لو جئ بابن موسى ليدفن مع أبيه ، فمنع ، أكانوا قد ظلموه ؟
فقالوا : نعم .
قال: فهذا ابن نبي الله  قد جئ ليدفن مع أبيه .
قال أبو هريرة مرة يوم دفن الحسن: قاتل الله مروان ، قال: والله ما كنت لأدع ابن أبى تراب يدفن مع رسول الله  ، وقد دفن عثمان بالبقيع .
وعن ابن عمر قال:
حضرت موت الحسن ، فقلت للحسين: أتق الله ، ولا تثر فتنة ، ولا تسفك الدماء ، ادفن أخاك إلى جنب أمه ، فإنه قد عهد بذلك إليك .
قال ابن عبد البر: وروينا من وجوه أن الحسن لما احتضر، قال للحسين: يا آخى: إن أباك لما قبض رسول الله ، أستشرف لهذا الأمر ، فصرفه الله عنه فلما احتضر أبو بكر ، تشرف أيضا لها ، فصرفت عنه إلى عمر ، فلما احتضر عمر ، جعلها شورى ، أبى أحدهم ، فلم يشك أنها لا تعدوه ، فصرفت عنه إلى عثمان ، فلما قبل عثمان ، بويع ، ثم نوزع حتى جرد السيف وطلبها ، فما صفا له منها شئ ، وأن الله ما أرى أن يجمع الله فينا آهل البيت النبوة والخلافة ، فلا أعرف ما استخفك سفهاء أهل الكوفة فأخرجوك ، وقد كنت طلبت إلى عائشة أن أدفن في حجرتها ، فقالت: نعم ، وأنى لا أدري لعل ذلك كان منها حياء ، فإذا ما مت فاطلب ذلك إليها ، وما أظن القوم إلا سيمنعونك ، فان فعلوا ، فادفني في البقيع .
فلما مات قالت عائشة: نعم وكرامة.
فبلغ ذلك مروان ، فقال : كذب وكذبت , والله لا يدفن هناك أبداً ، منعوا عثمان من دفنة في المقبرة ، ويريدون دفن الحسن في بيت عائشة ، فلبس الحسين ومن معه السلاح ، واستلأم مروان أيضا في الحديد ، ثم قام في إطفاء الفتنة أبو هريرة 223.
قال جويرية بن أسماء:
لما أخرجوا جنازة الحسن ، حمل مروان سريره ، فقال الحسين: تحمل سريره! أما والله لقد كنت تجرعه الغيظ .
قال: كنت أفعل ذلك بمن يوازن حلمه الجبال224.

وفاة حذيفة بن اليمان 
عن النزال بن سبرة قال :
قلت لأبى مسعود الأنصاري : ماذا قال حذيفة عند موته ؟
قال : لما كان عند السحر ، قال : أعوذ بالله من صباح إلى النار . ثلاثاً .
ثم قال : اشتروا لي ثوبين أبيضين ، فإنهما لن يتركا إلا قليلاً حتى أبدل بهما خير منهما ، أو أسلبهما سلباً قبيحا .225
وعن زياد مولى ابن عياش ، قال : حدثني من دخل على حذيفة في مرضه الذي مات فيه فقال : لولا أنى أرى هذا اليوم آخر يوم , وأول يوم من الآخرة لم أتكلم به ، اللهم إنك تعلم أنى كنت أحب الفقر على الغنى ، وأحب الذلة على العز ، وأحب الموت على الحياة ، حبيب جاء على فاقة لا أفلح من ندم .226
وكانت وفاته سنة ست وثلاثين من الهجرة بعد عثمان بأربعين يوما .227

وفاة معاوية بن أبى سفيان 
قال محمد بن سيرين :
جعل معاوية لما احتضر يضع خده على الأرض , ثم يقلب وجهه ويضع الخد الآخر ويبكى ويقول : اللهم إنك قلت في كتابك : { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } .
اللهم اجعلني فيمن شئت أن تغفر له .228
وعن ابن عباس  قال :
لما احتضر معاوية ، قال : إني كنت مع رسول الله  على الصفا ، وإني دعوت بمشقص ـ مقص ـ ، فأخذت من شعره وهو في موضع كذا وكذا ، فإذا أنا مت ، فخذوا ذلك الشعر ، فاحشوا به فمي ومنخري .229
وعن عبد الأعلى بن ميمون بن مهران عن أبيه :
أن معاوية أوصى فقال : كنت أوضئ رسول الله  فنزع قميصه وكسانيه ، فرفعته ، وخبأت قََََََََلامة أظفاره ، فإذا أنا مت ، فألبسوني القميص على جلدي ، واجعلوا القلامة مسحوقة في عيني ، فعسى الله أن يرحمني ببركتها .230
وقال أبو ابن العلاء :
لما احتضر معاوية قيل له : ألا توصى ؟
فقال : اللهم أقل العثرة ، وأعف عن الزلة ، وتجاوز بحلمك عن جهل من لم يرج غيرك ، فما ورائك مذهب .
وقال :
هو الموت لا منجى من المـــــــوت والذي تحاذر بعد الموت أدهى وأفظع 231.

وفاة أبى هريرة
عن سلم بن بشير :
أن أبا هريرة بكى في مرضه .
قيل : مايبكيك ؟
قال : ما أبكى على دنياكم هذه ، ولكن على بعد سفري ، وقلة زادي ، وأنى أمسيت في صعود ، ومهبطه على جنة أو نار ، وفلا أدرى أيهما يؤخذ بي.232
وعن المقبرى قال :
دخل مروان على أبى هريرة في شكواه ، فقال : شفاك الله يا أبا هريرة .
فقال : اللهم إني أحب لقائك ، فأحب لقائى .
قال : فما بلغ مروان أصحاب القطا ، حتى مات .233

وفاة سلمان الفارسى 
عن أنس  قال :
دخل سعد وابن مسعود على سلمان عند الموت ، فبكى .
فقيل له : ما يبكيك ؟
قال : عهد عهده إلينا رسول الله  لم نحفظه , قال : " ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب " .
وأما أنت يا سعد فاتق الله في حكمك إذا حكمت ، وفى قسمك إذا قسمت ، وعند همك إذا هممت .
قال ثابت :
فبلغني أنه ما ترك إلا بضعة وعشرين درهما نفيقة كانت عنده . 234
وعن بقيرة امرأة سلمان أنها قالت :
لما حضره الموت دعاني وهو في علية له لها أربعة أبواب ، فقال : افتحي هذه الأبواب ، فإن لي اليوم زواراً لا أدرى من أى هذه الأبواب يدخلون على ، ثم دعا بمسك فقال : أديفيه في تور , ثم انضحيه حول فراشي ، فاطلعت عليه فإذا هو قد أخذ روحه ـ مات ـ فكأنه نائم على فراشه .235

وفاة أبى موسى الأشعرى 
عن موسى الطلحي قال :
اجتهد الأشعري قبل موته اجتهاداً شديداً ، فقيل له : لو أمسكت ورفقت بنفسك ؟
قال : إن الخيل إذا أرسلت فقاربت رأس مجراها ، أخرجت جميع ما عندها , والذي بقى من أجلى أقل من ذلك .236

وفاة عثمان بن مظعون 
عن خارجة بن زيد بن ثابت :
أن أم العلاء ـ امرأة من نسائهم بايعت النبي  ـ أخبرته أن عثمان بن مظعون طار لهم في السكنى , حيث اقترعت الأنصار على سكنى المهاحرين .
قالت أم العلاء : فاشتكى عثمان عندنا فمرضته حتى توفى ، وجعلناه في أثوابه ، فدخل علينا النبي  فقلت : رحمه الله عليك أبا السائب ـ عثمان بن مظعون ـ شهادتي عليك لقد أكرمك الله .
فقال النبي  : " وما يدريك أن الله أكرمه ؟ " .
قالت : قلت : لا أدرى بأبي أنت وأمي يا رسول الله فمن ؟
قال : " أما هو فقد جاءه والله اليقين ، والله إني لأرجو له الخير ، وما أدرى والله وأنا رسول الله ما يفعل بي " .
قالت : فوالله لا أزكى أحداً بعده ، قالت : فأحزنني ذلك , فنمت فرأيت لعثمان عيناً تجرى ، فجئت رسول الله وأخبرته فقال : " ذلك عمله " . 237
وعن عائشة أن رسول الله  قبل عثمان بن مظعون وهو ميت ، ودموعه تسيل على خد عثمان بن مظعون .238
وعن أبى النضر قال :
لما مر بجنازة عثمان بن مظعون قال رسول الله  : " ذهبت ولم تلبس منها بشئ ـ أى من الدنيا ـ " .239
وعن المطلب بن عبد الله قال :
لما دفن النبي  عثمان بن مظعون ، قال لرجل : " هلم تلك الصخرة ، فاجعلها عند قبر أخيك أعرفه بها ، أدفن إليه من دفنت من أهلي " , فقام الرجل فلم يطقها ، فقال ـ يعنى الذي حدثه ـ فلكأني انظر إلى بياض ساعدي رسول الله  حين احتملها ، حتى وضعها عند قبره . 240

وفاة أبى الدرداء 
عن معاوية بن قرة قال :
أن أبا الدرداء اشتكى فدخل عليه أصحابه فقالوا : ما تشتكى ؟
قال : أشتكى ذنوبي .
قالوا : فما تشتهى ؟
قال : أشتهى الجنة .
قالوا : أفلا ندعو لك طبيبا ؟
قال : هو الذي أضجعني .
وفاضت روحه على أرض دمشق سنه اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان بن عفان . 241

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

المواقف المستطابة من حياة الصحابة  Empty
مُساهمةموضوع: الانباء المستطابة   المواقف المستطابة من حياة الصحابة  I_icon_minitimeالخميس نوفمبر 28, 2013 2:03 pm

وفاة خالد بن الوليد 
لما حضرت خالد الوفاة قال : لقد طلبت القتل في مظانه فلم يقدر لي إلا أن أموت على فراشي , وما من عملي شئ أرجى عندي بعد التوحيد من ليله بتها وأنا متترس ، والسماء تهلني ننتظر الصبح حتى نغير على الكفار .
ثم قال : إذا مت ، فانظروا إلى سلاحي وفرسي ، فاجعلوه عده في سبيل الله.
فلما توفى ، خرج عمر في جنازته ، فذكر قوله : ما على آل الوليد أن يسفحن على خالد من دموعهن ما لم يكن نقعاً أو لقلقة .242
وعن نافع قال :
لما مات خالد لم يدع إلا فرسه وسلاحه وغلامه ، فقال عمر : رحم الله أبا سليمان ، كان على ما ظننا به 243.

وفاة عمر بن العاص 
عن عوانة بن الحكم قال :
قال عمر بن العاص : عجبا لمن نزل به الموت وعقله معه كيف لا يصفه ؟ فلما نزل به الموت ، ذكره ابنه بقوله ، وقال : صفه .
قال : يا بنى ! الموت أجل من أن يوصف ، ولكني سأصف لك ، أجدني كأن جبال رضوى على عنقي ، وكأن في جوفي الشوك ، وأجدني كأن نفسي يخرج من إبرة 244.
وعن ثابت البناني قال :
كان عمرو على مصر فثقل , فقال لصاحب شرطته : أدخل وجوه أصحابك فلما دخلوا نظر إليهم وقال : ها قد بلغت هذه الحال ردوها عني , فقالوا : مثلك أيها الأمير يقول هذا , هذا أمر الله الذي لا مرد له .
قال : قد عرفت ولكن أحببت أن تتعظوا , لا إله إلا الله , فلم يزل يقولها حتى مات .
وعن الحسن قال :
بلغني أن عمرو بن العاص دعا حرسه ثم الموت فقال : امنعوني من الموت قالوا : ما كنا نحسبك تكلم بهذا .
قال : قد قلتها وإني لأعلم ذلك , ولأن أكون لم أتخذ منكم رجلاً قط يمنعني من الموت أحب إلي من كذا وكذا , فيا ويح ابن أبي طالب إذ يقول حرس امرءا أجله , ثم قال : اللهم لا بريء فأعتذر , ولا عزيز فأنتصر , وإن لا تدركني منك رحمة أكن من الهالكين .
وعن عبد الله بن عمرو :
أن أباه أوصاه إذا مت فاغسلني غسلة بالماء , ثم جففني في ثوب ثم اغسلني الثانية بماء قراح , ثم جففني , ثم اغسلني الثالثة بماء فيه كافور ثم جففني وألبسني الثياب , وزر علي فإني مخاصم , ثم إذا أنت حملتني على السرير فامش بي مشيا بين المشيتين , وكن خلف الجنازة فإن مقدمها للملائكة وخلفها لبني آدم , فإذا أنت وضعتني في القبر فسن علي التراب سناً .
ثم قال : اللهم إنك أمرتنا فأضعنا , ونهيتنا فركبنا , فلا بريء فأعتذر ولا عزيز فأنتصر , ولكن لا إله إلا أنت , وما زال يقولها حتى مات 245.

وفاة عبد الله بن عمر 
عن ابن عمر : أنه قام إلى الحجاج وهو يخطب فقال : يا عدو الله !! استحل حرم الله ، وخرب بيت الله .
فقال الحجاج : يا شيخاً قد خرف .
فلما صدر الناس ، أمر الحجاج بعض مسودته فأخذ حربه مسمومة وضرب بها رجل ابن عمر ، فمرض منها أياماً ومات بمكة ودفن بها .
ودخل عليه الحجاج عائداً فسلم ، فلم يرد عليه السلام ، وكلمه فلم يجبه .246
وعن سعيد بن جبير قال :
لما احتضر ابن عمر ، قال : ما آسى على شئ من الدنيا إلا على ثلاث ، ظمأ الهواجر ـ الأيام شديدة الحر ـ ، ومكابدة الليل ، وأنى لم أقاتل الفئة الباغية التي نزلت بنا ، يعنى الحجاج .247

وفاة عبد الله ذو البجادين 
قال ابن مسعود  :
" قمت من جوف الليل ، وأنا مع رسول الله في غزوة تبوك ، قال : فرأيت شعلة من نار في ناحية المعسكر ، قال : فاتبعتها أنظر إليها ، فإذا رسول الله وأبو بكر وعمر ، وإذا عبد الله ذو البجادين المزني قد مات ، وإذا هم قد حفروا له ، ورسول الله في حفرته ، وأبو بكر وعمر يدليانه إليه ، وهو يقول : " أدنيا إلى أخاكما " ، فدلياه إليه ، فلما هيأه لشقه قال : " اللهم إني أمسيت راضياً عنه ، فارض عنه " .
قال عبد الله بن مسعود : " يا ليتني كنت صاحب الحفرة " . 248

وفاة أبي ذر الغفاري 
قال ابن كثير واصفاً موت أبى ذر  :
لما مات رسول الله  ومات أبو بكر خرج إلى الشام فكان فيه حتى وقع بينه وبين معاوية , فاستقدمه عثمان إلى المدينة , ثم نزل الربذه فأقام بها حتى مات في ذي الحجة من هذه السنة , وليس عنده سوى امرأته وأولاده فبينما هم كذلك لا يقدرون على دفنه إذ قدم عبد الله بن مسعود من العراق في جماعة من أصحابه , فحضروا موته وأوصاهم كيف يفعلون به , وقيل قدموا بعد وفاته فولوا غسله ودفنه , وكان قد أمر أهله أن يطبخوا لهم شاة من غنمه ليأكلوه بعد الموت , وقد أرسل عثمان بن عفان إلى أهله فضمهم مع أهله .249
    
كلامهــــــــم  250
من كلام أبى بكر الصديق 
قال  : " لوددت أني شعرة في جنب عبد مؤمن " .
وقال  : " يا ليتني شجرة تعضد ثم تؤكل " .
وعن قيس قال : رأيت أبا بكر آخذاً بطرف لسانه و يقول : " هذا الذي أوردني الموارد " .
وعن عن هشام بن عروة عن أبيه قال :
لما ولي أبو بكر خطب الناس فحمد الله و أثنى عليه بما هو أهل ثم قال : " أما بعد أيها الناس ، قد وليت عليكم و لست بخيركم ، و لكن قد نزل القرآن و سن النبي  السنن فعلمنا ، اعلموا أن أكيس الكيس التقوى ، و أن أحمق الحمق الفجور ، إن أقواكم عندي الضعيف حتى آخذ له بحقه ، و إن أضعفكم عندي القوي حتى آخذ منه الحق ، أيها الناس إنما أنا متبع و لست بمبتدع ، فإن أحسنت فأعينوني و إن زغت فقوموني " .
وعن عبد الله بن عكيم قال :
خطبنا أبو بكر فقال : " أما بعد , فإني أوصيكم بتقوى الله , و أن تثنوا عليه
بما هو أهله ، و أن تخلطوا الرغبة بالرهبة و تجمعوا الإلحاف بالمسألة , إن الله أثنى على زكريا و أهل بيته فقال : { إنهم كانوا يسارعون في الخيرات و يدعوننا رغباً و رهباً و كانوا لنا خاشعين } اعلموا عباد الله أن الله قد ارتهن بحقه أنفسكم ، و أخذ على ذلك مواثيقكم , و اشترى منكم القليل الفاني بالكثير الباقي ، و هذا كتاب الله فيكم لا تفنى عجائبه ، و لا يطفأ نوره ، فصدقوا قوله و انتصحوا كتابه , و استضيئوا منه ليوم القيامة ، و إنما خلقكم لعبادته , و وكل بكم الكرام الكاتبين يعلمون ما تفعلون ، ثم اعلموا عباد الله أنكم تغدون و تروحون في أجل قد غيب عنكم علمه ، فإن استطعتم أن تنقضي الآجال و أنتم في عمل الله فافعلوا , ولن تستطيعوا ذلك إلا بالله ، فسابقوا في مهل آجالكم قبل أن تنقضي آجالكم فتردكم إلى سوء أعمالكم ، فإن أقواماً جعلوا آجالهم لغيرهم و نسوا أنفسهم فأنهاكم أن تكونوا أمثالهم ، الوحا الوحا النجاء النجاء إن وراءكم طالباً حثيثاً مره سريع " .

من كلا م عمر بن الخطاب 
قال عمر بن الخطاب  : " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا ، أهون عليكم فى الحساب غداً أن تحاسبوا نفوسكم اليوم وتزينوا للعرض الأكبر ، { يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافيه }" .
وعن الأحنف بن قيس قال :
قال عمر  : " يا أحنف من كثر ضحكه قلت هيبته ، ومن مزح استخف
به ، ومن كثر من شي عرف به ، ومن كثر كلامه كثر سقطه ، ومن كثر سقطه قل حياؤه ، ومن قل حياؤه قل ورعه ، ومن قل ورعه مات قلبه " .
وعن ربيعه الأنصارى قال :
سمعت عمر بن الخطاب وهو يعظ رجل ويقول : " لا تتكلم فيما لا يعنيك واعتزل عدوك واحذر صديقك ، إلا الأمين ، ولا أمين إلا من يخشى الله عز وجل ، ولا تمش مع الفاجر فيعلمك ، ولا تطلعه على سرك ، ولا تشاور فى أمرك إلا الذين يخشون الله عز وجل " .
وعن مجاهد قال :
قال عمر  : " أيها الناس , إياكم والبطنة من الطعام ، فانها مكسلة عن الصلاة ، مفسدة للجسد ، مورثة للسقم ، وأن الله عز وجل يبغض الحبر السمين ولكن عليكم والقصد فى قوتكم ، فإنه أدعى من الإصلاح وأبعد من السرف وأقوى على طاعة الله عز وجل ، ولن يهلك عبد حتى يؤثر شهوته على دينه "
وعن عبد الله الشيبانى قال :
قال عمر لإبنه : " يا بنى اتق الله يقك ، وأقرض الله يجزك ، واشكره يزدك واعلم أنه لا جديد لمن لا خلق له ، ولا عمل لمن لا نية له " .
عن يزيد قال :
قال عمر  : " من عرض نفسه للتهمة فلا يلومن من أساء به الظن ، ومن كتم سره كانت الخيرة فى يده , و ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يعليك ، ولا تظن بكلمة خرجت من أخيك المسلم شراً وأنت تجد لها فى الخير محملاً ، وما كافأت به من عصى الله فيك بمثل آن تطع الله فيه ، وعليك بإخوان الصدق فكثر فى اكتسابهم , فإنهم زين فى الرخاء , وعده عند عظيم البلاء , ولا تهاون فى الحلف فيهتك الله سترك " .
وقال  : " التؤدة فى كل شي خير ، إلا ما كان من أمر الآخرة " .
وقال  : " أفضل الأعمال أداء ما افترض الله تعالى ، والتورع عما حرم الله تعالى ، وصدق النية فيما عند الله تعالى " .
وقال  : " من اتقى الله لم يشف غيظه ، ومن خاف الله لم يفعل ما يريد ولولا يوم القيامة لكان غير ماترون " .
وقال  : " إنى لأعلم أجود الناس وأحلم الناس ، أجود الناس من أعطى من حرمه ، وأحلم الناس من عفى عمن ظلمه " .
وقال  : " عليكم بذكر الله , فإنه شفاء وإياكم وذكر الناس فإنه داء " .
وقال  : " إذا رأيتم الرجل يضيع من الصلاة فهو لغيرها من حق الله أشد تضييعاُ " .
وقال  : " أوشك أن يقبض هذا العلم قبضاً سريعاً فمن كان عنده منه شي فلينسه غير الغالى فيه ولا الجافى عنه " .
وقال  : " إن الحكمة ليست من كبر السن , ولكنه عطاء الله يعطيه من يشاء فإياك ودناءه الأمور " .
وقال  : " إن شقائق الكلام من شقائق الشيطان " .
وقال  : " لا تنظروا إلى صيام إمرئ ولا إلى صلاته , ولكن انظروا إلى صدق حديثه وإلى ورعه إذا أشفى ، وإلى أمانته إذا أؤتمن " .
وقال  : " لا يتعلم العلم لثلاث ولا يترك لثلاث ، لا يتعلم ليمار به ، ولا يباهى به ، ولا يراءى به ، ولا يترك حياء من طلبه ، ولا زهاده فيه ، ولا رضى بالجهل منه " .
وقال  : " إن أخوف ما أخاف عليكم ثلاثة : منافق يقرأ القرآن لا يخطئ منه واواً ، يجادل الناس أنه أعلم منهم ليضلهم عن الهدى ، وزله عالم ، وأئمة مضلون " .
وقال  :" إن الناس لن يزالوا مستقيمين ما استقام أئمتهم وهداتهم " .
وقال  : " إذا رزقك الله مودة امرئ مسلم فتشبث بها ما استطعت " .
وقال  : " لا يرحم من لا يرحم ، ولا يغفر لمن لا يغفر ، ولا يتاب على من لا يتوب ، ولا يوقى من لا يتوقه " .
وقال  : " عليك بالصبر ، واعلم أن الصبر صبران ، أحدهما أفضل من الأخر : الصبر فى المصيبات ، وأفضل منه الصبر على ما حرم الله تعالى ، واعلم أن الصبر ملاك الإيمان ، وذلك بإن التقوى أفضل البر ، والتقوى بالصبر " .
وسمع عمر  رجلا يثنى على رجل فقال : " أسافرت معه ؟ " قال : لا ، قال : " أخالطته ؟ " قال : لا ، قال : " والله الذى لا إله إلا هو ما تعرفه " .
وعنه  أنه قال لأصحابه : " تمنوا " .
فقال رجل : أتمنى لو أن لى هذه الدار مملوءة ذهباً أنفقه فى سبيل الله عز وجل ، ثم قال : " تمنوا " .
فقال رجل : أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤاً وزبرجداً أو جوهراً أنفقه فى سبيل الله عز وجل وأتصدق به .
ثم قال : " تمنوا " , فقالوا : ما ندرى ما أمير المؤمنين ، فقال : " أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة رجالاً مثل أبى عبيدة بن الجراح " .
وعن عبد الله بن عمر قال :
كان عمر بن الخطاب  يقول : " لو مات جدي بطف الفرات لخشيت أن يحاسب الله به عمر " .
وعن عبد الله بن عامر قال :
رأيت عمر بن الخطاب  أخذ تبنة من الأرض فقال : " ليتني كنت هذه التنبة ، ليتني لم أخلق ، ليت أم لم تلدني ، ليتني لم أكن شيئاً ، ليتني كنت نسياً منسياً " .

من كلام على بن ابى طالب 
عن عبد خير قال :
قال على  : " ليس الخير أن يكثر مالك وولدك ، و لكن الخير أن يكثر عملك و يعظم حلمك ، و لا خير في الدنيا إلا لأحد رجلين : رجل أذنب ذنوباً فهو يتدارك ذلك بتوبة ، أو رجل يسارع في الخيرات , و لا يقل عمل في تقوى و كيف يقل ما يتقبل ".
وعن مهاجر بن عمر قال :
قال على بن ابى طالب  : " إن أخوف ما أخاف اتباع الهوى ، وطول الأمل ، فاتباع الهوى فيصد عن الحق , وأما طول الأمل فينس الآخرة , إلا وإن الدنيا قد ترحلت مدبرة ، إلا وإن الأخرة قد ترحلت مقبلة ، ولكل واحدة منهما بنون ، فكونوا من أبناء الأخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، فاليوم عمل ولا حساب ، وغداً حساب ولا عمل " .
وعن الشعبى :
أن على  قال : " يا أيها الناس ، خذوا عنى هؤلاء الكلمات ، فلو ركبتم المطى حتى تنضوها ما أصبتم مثلها : لا يرجون عبد إلا ربه ، ولا يخافن إلا ذبيه ، ولا يستحى إذا لم يعلم أن يتعلم ، ولا يستحى إذا سئل عما لا يعلم أن يقول : لا أعلم ، واعلموا أن الصبرمن الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، ولا خير فى جسد لا رأس له " .
وقال  : " أما بعد : فإن المرء يسوءه فوت ما لم يكن ليدركه ، ويسره درك ما لم يكن يفوته ، فليكن سرورك بما نلت من أمر آخرتك ، وليكن أسفك على ما فاتك منها ، وما نلت من دنياك فلا تكثرن به فرحاً ، وما فاتك منها فلا تتأس عليه حزناً ، وليكن همك فيما بعد الموت " .
وعن عاصم بن ضمرة :
عن على  قال : " ألا إن الفقيه الذى لا يقنط الناس من رحمه الله , ولا يؤمنهم من عذاب الله ، ولا يرخص لهم فى معاصى الله ، ولا يدع القرآن رغبه عنه إلى غيره ، ولا خير فى عبادة لا علم فيها ، ولا خير فى علم لا فهم فيه ، ولا خير فى قراءه لا تدبر فيها " .
وقال  : " العلم خير لك من المال ، العلم يحرسك وأنت تحرس المال ، العلم يزكو على العمل ، والمال تنقصه النفقة ، العلم حاكم والمال محكوم عليه وصنيعه المال تزول بزواله ، ومحبه العالم دين يدان بها ، العلم يكسبه الطاعة فى حياته ، وجميل الأحدوثة بعد مماته ، مات خزان المال وهم أحياء ، والعلماء باقون ما بقى الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم فى القلوب موجودة " .
وقال  : " كونوا فى الناس كالنملة فى طيرانها ، وليس من الطير شي إلا هو يستضعفها ، ولو يعلم الطير ما فى أجوافها من البركة ، لم يفعلوا ذلك بها ، خالطوا الناس بألسنتكم وأجسادكم ، وزايلوهم بأعمالكم وقلوبكم ، فإن للمرء ما اكتسب ، وهو يوم القيامة مع من أحب " .
وقال  : " كونوا لقبول العمل أشد هماً منكم بالعمل ، ألم تسمعوا الله يقول : { إنما يتقبل الله من المتقين } " .
وقال  : " من كان ظاهره أرجح من باطنه خف ميزانه يوم القيامة ، ومن كان باطنه أرجح من ظاهره ثقل ميزانه يوم القيامة " .

من كلام عبد الله بن مسعود 
عن قيس بن جبير قال :
قال عبد الله  : " حبذا المكروهان : الموت ، والفقر ، وأيم الله أن هو إلا الغنى والفقر ، وما أبالى بأيهما بليت ، إن حق الله فى كل واحد منهما واجب ، وإن كان الغنى إن فيه للعطف ، وإن كان الفقر إن فيه للصبر " .
وعن عبد الله بن الوليد قال :
سمعت عبد الرحمن بن حجرة يحدث عن أبيه ، عن ابن مسعود أنه كان يقول إذا قعد يذكر : " إنكم فى ممر من الليل والنهار فى آجال منقوصة ، وأعمال محفوظة ، والموت يأتى بغتة ، فمن زرع خيراً فيوشك أن يحصد رغبه ، ومن زرع شراً ، فيوشك أن يحصد ندامة ، ولكل زارع مثل ما زرع ، لا يسبق بطئ بحظه ، ولا يدرك حريص ما لا لم يقدر عليه ، فإن أعطى خيرا فالله أعطاه ، ومن وقى شراً فالله وقاه ، المتقون سادة ، والفقهاء قادة ، ومجالسهم زيادة " .
وعن الحسن قال :
قال عبد الله بن مسعود  : " ما أبالى إذا رجعت إلى أهلى على أيه حال
أراهم ، بخير أو بشر , أم بضر ، وما أصبحت على حاله فتمنيت أنى على سواها " .
وعن أبى إياس البجلى قال :
سمعت عبد الله بن مسعود  يقول : " من تطاول تعظماً خفضه الله ، ومن تواضع تخشعاً رفعه الله ، وإن للملك لمة ، وللشيطان لمة , فلمة الملك إيعاد بالخير وتصديق بالحق ، فإذا رأيتم ذلك ، فاحمدوا الله عز وجل ، ولمة الشيطان إيعاد بالشر وتكذيب بالحق ، فإذا رأيتم ذلك فتعوذوا بالله " .
وقال  : " إن الناس قد أحسنوا القول ، فمن وافق قوله فعله فذاك الذى أصاب حظه ، ومن لا يوافق قوله فعله فذاك الذى يوبخ نفسه " .
وعن موسى بن أبى عيسى المزنى قال :
قال عبد الله بن مسعود  : " من اليقين أن لا يرضى الناس بسخط الله ، ولا تحمدن أحداً على رزق الله ، ولا تلومن أحداً على ما لم يؤتك الله ، فإن رزق الله لا يسوقة حرص الحريص ، ولا يرده كره الكاره ، وإن الله بقسطه وحكمه وعدله جعل الروح والفرح فى اليقين والرضا ، وجعل الهم والحزن فى الشك والسخط " .
وقال  : " ما دمت فى الصلاة فأنت تقرع باب الملك ، ومن يقرع باب الملك يفتح له " .
وقال  " إنى لأحسب الرجل ينسى العلم الذى كان يعلمه بالخطيئة يعملها"
وقال  : " لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يحل بذروته حتى يكون الفقر أحب إليه من الغنى ، والتواضع أحب إليه من الشرف ، وحتى يكون حامده وذامه عنده سواء " .
ففسرها أصحاب عبد الله فقالوا : حتى يكون الفقر فى الحلال أحب إليه من الغنى فى الحرام ، والتواضع فى طاعة الله أحب إليه من الشرف فى معصيه الله ، وحتى يكون حامده وذامه عنده فى الحق سواء .
وقال  : " ما منكم إلا ضيف وماله عارية ، فالضيف مرتحل ، والعارية مؤداة إلى أهلها " .
وروى عن خيثمة قال :
قال عبد الله  : " الحق ثقيل مرئ ، والباطل خفيف وبئ ، ورب شهوة تورث حزناً طويلاً " .
وعن عنبسة بن عقبة قال :
قال عبد الله بن مسعود : " والله الذى لا إله إلا هو ما على وجه الأرض شئ أحوج إلى طول سجن من لسان " .
وقال  : " لا تكونن إمعة " .
قال : وما الإمعة ؟
قال : يقول : " أنا مع الناس ، إن اهتدوا اهتديت , وإن ضلوا ضللت ، إلا ليوطنن أحدكم نفسه على أنه إن كفر الناس أن لا يكفر " .
وقال  : " أرض بما قسم الله تكن من أغنى الناس ، واجتنب المحارم تكن من أورع الناس ، وأد ما افترض عليك تكن من أعبد الناس " .
من كلام سلمان الفارسى 
عن أبى الأحوص قال :
افتخرت قريش عند سلمان  ، فقال : " لكنى خلقت من نطفة قذرة ، ثم أعود جيفة منتنة ، ثم يؤدى بى إلى الميزان , فإن ثقلت ، فأنا كريم ، وأن خففت , فأنا لئيم " .
عن أبى سعيد الوهبى :
عن سلمان  قال : " إنما مثل المؤمن فى الدنيا كمثل مريض معه طبيبه الذى يعلم داءه ودواءه ، فإذا انتهى ما يضره منعه وقال : لا تقربه ، فإنك إن أتيته أهلكك ، فلا يزال يمنعه حتى يبرأ من وجعه ، وكذلك المؤمن يشتهى أشياء كثيرة مما قد فضل به غيرة من العيش ، فيمنعه الله عز وجل إياه ، ويحجزه حتى يتوفاه ، فيدخله الجنة " .
وعن أبى البخترى :
عن سلمان  قال : " مثل القلب والجسد مثل أعمى ومقعد , قال المقعد : إنى أرى تمرة ولا أستطيع أن أقوم إليها ، فاحملنى فحمله ، فأكل وأطعمه " .
وعن قتادة قال :
قال سلمان  : " إذا أسات سيئة فى سريرة ، فأحسن حسنة فى سريرة ، وإذا أسات سيئة فى علانية ، فأحسن حسنة فى علانية لكى تكون هذه بهذه " .
وعن أبى عثمان النهدى :
عن سلمان  قال : " ثلاث أعجبتنى حتى أضحكتنى : مؤمل دنيا والموت يطلبه ، وغافل ليس بغفول عنه ، وضاحك ملء فيه لا يدرى أساخط رب العالمين عليه أم راض .
وثلاث أحزنتنى حتى أبكيتنى ، فراق محمد وحزبه ، وهول المطلع ، والوقوف بين يدى ربى عز وجل ، ولا أدرى إلى جنه أو إلى نار " .
من كلام أبى الدرداء 
عن أبي الدرداء  قال : " تفكر ساعة خير من قيام ليلة " .
وعن رجلاً أتى أبا الدرداء وهو يريد الغزو فقال : يا أبا الدرداء أوصني , فقال " أذكر الله في السراء يذكرك في الضراء , وإذا أشرفت على شيء من الدنيا فانظر إلى ما يصير " .
وقال  : " ما يسرني أن أقوم على الدرج من باب المسجد فأبيع وأشتري فأصيب كل يوم ثلاثمائة دينار أشهد الصلاة كلها في المسجد ما أقول إن الله عز وجل لم يحل البيع ويحرم الربا , ولكن أحب أن أكون من الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله " .
وعن أبي الدرداء  قال : " كم من نعمة لله تعالى في عرق ساكن " .
وعنه قال : " من فقه الرجل رفقه في معيشته " .
وعنه قال : " اعبدوا الله كأنكم ترونه , وعدوا أنفسكم من الموتى واعلموا أن قليلاً يغنيكم خير من كثير يلهيكم , واعلموا أن البر لا يبلى , وأن الإثم لا ينسى " .
وعنه قال : " ليس الخير أن يكثر مالك وولدك , ولكن الخير أن يعظم حلمك ويكثر علمك , وأن تباري الناس في عبادة الله عز وجل , فإن أحسنت حمدت الله تعالى , وإن أسأت استغفرت الله عز وجل " .
وكان  يقول : " إن أخوف ما أخاف إذا وقفت على الحساب أن يقال لي قد علمت فما عملت فيما علمت " .
وعنه  قال : " معاتبة الأخ خير لك من فقده , ومن لك بأخيك كله " .
وروى أن أبا الدرداء كان إذا رأى جنازة قال : " اغدوا فإنا رائحون أو روحوا فإنا غادون , موعظة بليغة وغفلة سريعة , كفى بالموت واعظاُ يذهب الأول فالأول ويبقى الآخر لا حلم له " .
وعن رجلاً قال لأبي الدرداء علمني كلمة ينفعني الله عز وجل بها , قال " وثنتين وثلاثاً وأربعاً وخمساً من عمل بهن كان ثوابه على الله عز وجل الدرجات العلا قال : لا تأكل إلا طيباً , ولا تكسب إلا طيباً , ولا تدخل بيتك إلا طيباً , وسل الله عز وجل يرزقك يوماً بيوم , وإذا أصبحت فاعدد نفسك من الأموات فكأنك قد لحقت بهم , وهب عرضك الله عز وجل فمن سبك أو شتمك أو قاتلك فدعه لله عز وجل , وإذا أسأت فاستغفر الله عز وجل " .
من كلام معاذ بن جبل 
قال معاذ بن جبل  لإبنه : " يا بني إذا صليت صلاة فصل صلاة مودع لا تظن أنك تعود إليها أبداً , واعلم يا بني أن المؤمن يموت بين حسنتين حسنة قدمها وحسنة أخرها " .
وقال  : " إنك تجالس قوماً لا محالة يخوضون في الحديث , فإذا رأيتهم غفلوا فارغب إلى ربك عز وجل عند ذلك رغبات " .
وقال  : " تعلموا العلم , فإن تعلمه لله تعالى خشية , وطلبه عبادة , ومذاكرته تسبيح , والبحث عنه جهاد , وتعلميه لمن لا يعلم صدقة , وبذله لأهله قربة , لأنه معالم الحلال والحرام , ومنار أهل الجنة والأنس في الوحشة والصاحب في الغربة , والمحدث في الخلوة , والدليل على السراء والضراء والسلاح على الأعداء , والدين عند الأجلاء , والزين عند الأخلاء , يرفع الله تعالى به أقواماً ويجعلهم في الخير قادة وأئمة تقتبس آثارهم ويقتدى بفعالهم وينتهى إلى رأيهم , ترغب الملائكة في خلتهم , وبأجنحتها تمسحهم , يستغفر لهم كل رطب ويابس حتى الحيتان في البحر , وهوامه وسباع الطير وأنعامه لأن العلم حياة القلوب من الجهل , ومصباح الأبصار من الظلم , يبلغ بالعلم منازل الأخيار والدرجة العليا في الدنيا والآخرة " .
    
الخاتمــــــــــــــــــــــــة
وبعد أن طوفنا في هذا البستان اليانع الماتع مع خير الناس وأفضلهم وأزكاهم وأحسنهم بعد الأنبياء والمرسلين , أرجو أن يكون هذا الكتاب قد فتح أذاناً صما وقلوباً غلفا لكثير من المسلمين حتى يعرفوا تمام المعرفة ، ويتيفوا تمام التيقن ما كان عليه أسلافهم السابقين الذين جاهدوا في الله حق جهاده ، وبذلوا كل ما هو غال ونفيس في سبيل هذا الدين , حتى يصل إلينا على هذا النحو .
فرضي الله عنهم وأرضاهم ، وجعل الجنة دار مقرهم ومثواهم ، وجزاهم الله عنا وعن الإسلام خير .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين .
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك .
    
1انظر : " التبصرة " لابن الجوزي 1/567 ـ 568 .
2 أخرجه البخاري في كتاب " الأدب " رقم : ( 5816 ) .
3 انظر : " أسد الغابة " لابن الأثير 1/156 , و " الإصابة في تمميز الصحابة " لابن حجر العسقلاني 1/203 .
4رواة مسلم في كتاب " التوبة " باب : توبة كعب بن مالك وصاحبيه رقم : (2769) , والبخاري في كتاب " المغازي " باب : حديث كعب بن مالك رقم (4156) .
5 أخرجه البخاري في كتاب " المناقب " رقم : ( 3328 ) ومسملم رقم : ( 2474 )
6انظر : " البداية والنهاية " للإمام ابن كثير 3/153 .
7أخرجه الإمام أحمد في " المسند " رقم : ( 3598 ) وقال شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن .
8صحيح : أخرجه النسائي في " السنن " رقم : ( 4067 ) وصححه الألباني .
9 أخرجه البيهقي في " الدلائل " 2/219 , و ابن سعد في " الطبقات الكبرى " 3/267 , والحاكم في " المستدرك " 4/59 .
10 أخرجه الطبراني مرسلاً ورجاله ثقات " مجمع الزوائد " 9/267 .
11 أنظر : " سيرة ابن هشام " لابن هشام 3/213ـ214 .
12 أنظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 1/253 , و " أسد الغابة " لابن الأثير 4/207
13انظر : " سيرة ابن هشام " 2/50 .
14أخرجه البخاري في كتاب " الأنبياء " رقم : ( 3151 ) . والبهت : الظلم .
15أخرجه أحمد في " المسند " 4/198 , والبيهقي في " السنن " 9/123 , وحسنه الألباني في " الإرواء " 5/122 .
16أخرجه الإمام أحمد في " المسند " رقم ( 23788 ) وقال شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن .
17 أخرجه مسلم رقم : ( 2491 ) . مجاف : أي مغلق , خشف : أي صوتهما في الأرض خضخضة : خضخضة الماء صوت تحريكه .
18 أخرجه مسلم في كتاب " الحدود " رقم : ( 1695 ) . صاحب مكس : معنى المكس الجباية , وغلب استعماله فيما يأخذه أعوان الظلمة عند البيع والشراء .
19 انظر : " تاريخ الخلفاء " للسيوطي ( ص : 37 ) .
20أخرجه البخاري رقم : ( 3856 ) .
21انظر : " البداية والنهاية " لابن كثير 3/29ـ30 .
22 انظر : " البداية والنهاية " لابن كثير 3/82 .
23صحيح : أخرجه الترمذي رقم : ( 3691 ) وصححه الألباني .
24 انظر : " أسد الغابة " لابن الأثير 4/144 بسند صحيح .
25أخرجه البخاري رقم : ( 3683 ) . ويبتدرن الحجاب أي : يتسارعن ويتسابقن للإختباء .
26أخرجه مسلم وأحمد وصححه الألباني رقم : ( 1009 ) .
27انظر : " تفسير القرآن العظيم " لابن كثير 3/72 , و" فتح الباري " لابن حجر 7/336
28 أخرجه الحاكم مختصراً 3/369 , وقال الألباني في " الصحيحة " ( 2171) حسن بمجموع طرقه .
29 انظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 1/32 .
30انظر : " فتح الباري " لابن حجر 7/361 .
31 انظر : " حلية الأولياء " لأبي نعيم ورجاله ثقات .
32أخرجه البخاري رقم : ( 3776 ) مدجج : مغطى بالسلاح , العترة : الرمح , الجهد : المشقة العظيمة حين نزعتها .
33رواة الهيثمي في " مجمع الزوائد " 6/84 . وقال : هو مرسل صحيح الإسناد .
34انظر : " تهذيب ابن عساكر " 2/250 .
35 أخرجه البخاري رقم : ( 3975 ) .
36 انظر : " فتوح مصر والمغرب " ( ص : 61 ) .
37 انظر : " قادة فتح الشام ومصر " ( ص : 209 ) .
38انظر : " صفة الصفوة " للإمام ابن الجوزي 1/177 .
39انظر : " صفة الصفوة " للإمام ابن الجوزي 1/203 , و " حلية الأولياء " لأبي نعيم 1/109 .
40انظر : " صفة الصفوة " للإمام ابن الجوزي 1/207 .
41 أخرجه مسلم في كتاب " الجهاد والسير " رقم : ( 1807 ) يوم الرضع : معناه اليوم يوم هلاك اللئام وهم الرضع من قولهم : لئيم راضع أي : رضع اللؤم ,وقيل لأنه يمص حلمة الشاة والناقة لئلا يسمع السؤال والضيفان صوت الحلاب فيقصدوه .
42 أخرجه مسلم في كتاب " الجهاد والسير " رقم : ( 1807 ) .
43صحيح : أخرجه الترمذي رقم : ( 2557 ) وصححه الألباني .
44أخرجه النسائي 4/60 , والحاكم 3/595 وإسناده صحيح .
45أخرجه الحاكم في " المستدرك " رقم : ( 4329 ) .
46انظر : " الطبقات الكبرى " لابن سعد 3/1/100 .
47انظر : " مجمع الزوائد " للهيثمي رقم : ( 14851 ) .
48أخرجه مسلم رقم : ( 2414 ) .
49أخرجه البخاري رقم : ( 4059 ) .
50انظر : " الطبقات الكبري " لابن سعد 3/1/298 .
51انظر : " صفة الصفوة " لابن الجوزي 1/162 .
52انظر : " سيرة ابن هشام " 2/73 .
53 أنظر : " صلاح الأمة في علو الهمة " د . سيد حسين العفاني 3/372 .
54انظر : " سيرة ابن هشام " 2/81 .
55أخرجه مسلم رقم : ( 1775 ) .
56أخرجه مسلم رقم : ( 1752 ) أضلع : أقوي , سوادي سواده : شخصي شخصه , أنشب : ألبث
57 أنظر : " سيرة ابن هشام " 3/183ـ184 . ضبث : قبض عليه ,
58انظر : " تاريخ دمشق " لابن عساكر 27/358 .
59انظر : " الطبقات الكبري " لابن سعد 3/440 .
60 انظر : " البداية والنهاية " لابن كثير 6/268 .
61 أخرجه البخاري رقم : ( 3813 ) .
62أخرجه أبي داود رقم : ( 2507 ) وقال الألباني: حسن صحيح .
63صحيح : أخرجه أبي دواد رقم : ( 2512 ) وصححه الألباني .
64أخرجه مسلم رقم : ( 1809 ) .
65أخرجه مسلم رقم : ( 1788 ) والقر : البرد , وتذعرهم على : لا تفزعهم على , يصلى ظهره : يدفئه .
66أخرجه مسلم رقم : ( 1789 ) . رهقوه : قربوا منه .
67أخرجه مسلم رقم : (2490 ) .
68 أخرجه مسلم رقم : ( 2472 ) .
69أخرجه مسلم رقم : ( 2410 ) خشخشة سلاح : صوت سلاح صدم بعضه بعضا .
70أخرجه البخاري رقم : ( 3600) . مجوب : مترس عليه , بحجفة : ترس من الجلد , الجعبة : الكنانة , شديد القد : وتر قوسه شديد .
71 أخرجه البخاري رقم : ( 3515 ) ومسلم رقم : ( 2416 ) .
72 انظر : " أسد الغابة " 3/325 .
73صحيح : صححه الألباني في " صحيح الجامع رقم: ( 5517 ) والخليل هو : الحبيب .
74حسن : أخرجه أبي داود رقم : ( 1678 ) وحسنه الألباني .
75انظر : " أسد الغابة " 4/155 .
76 أخرجه البخاري رقم : ( 2687 ) .
77 أخرجه البخاري رقم : ( 3928 ) .
78انظر : " الحلية " 1/237 ، و" الصفوة " 1/491 .
79 أخرجه البخاري رقم : ( 2778 ) .
80انظر : " خلفاء الرسول " لخالد محمد خالد ( ص : 246 ) .
81انظر : " سير أعلام النبلاء " 1/30 .
82انظر : " سير أعلام النبلاء " 1/32 .
83انظر : " سير أعلام النبلاء " 1/88 .
84 أخرجه الحاكم في " المستدرك " 3/311 وقال : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه
85انظر : " الإصابة " 4/91 .
86انظر : " مكارم الأخلاق " لابن أبي الدنيا ( ص : 127 ) .
87أخرجه الإمام أحمد في " المسند , رقم ( 12504 ) وقال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم .
88أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " رقم ( 3074 ) والقشع : الجلد اليابس .
89أخرجه البخاري رقم : ( 3505 ) . الخمير : الخبز , الحبير : الجديد , الحصباء : الأرض , العكة : الوعاء .
90أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " رقم : ( 8330 ) وقال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح .
91 أخرجه مالك في " الموطأ " رقم : ( 1810 ) .
92انظر : " الطبقات الكبرى " لابن سعد 4/165 .
93 انظر : " صفة الصفوة " لابن الجوزى 1/339 .
94متفق عليه .
95حسن : أخرجه أبي داود رقم : ( 198 ) وحسنه الألباني .
96صحيح : أخرجه أبي داود رقم : ( 1271 ) وصححه الألباني .
97أخرجه مالك في " الموطأ " رقم ( 259 ) .
98انظر : " الطبقات الكبرى " لابن سعد 3/220 .
99انظر : " صفه الصفوة " 1/286 .
100انظر : " الزهد " لأحمد ( ص : 123 ) .
101انظر : " الزهد " لابن المبارك ( 1276 ) و " الطبقات " لابن سعد 3/75.
102انظر : " الزهد " لأحمد ( ص : 127 ) .
103انظر : " البداية والنهاية " لابن كثير 5/307 .
104انظر : " البداية والنهاية " لابن كثير 5/307 .
105 انظر : " سير أعلام النبلاء " 3/400 .
106 انظر : " صفه الصفوة " 1/304 .
107أخرجه مسلم رقم : ( 2458 ) .
108أخرجه مسلم رقم : ( 1028 ) .
109أخرجه البخاري رقم : ( 3530 ) .
110انظر : " تاريخ الطبرى " للطبرى2/658 بسند رجاله رجال الصحيح .
111 أخرجه مسلم رقم : ( 2454 ) .
112 أخرجه البخاري رقم : ( 2175 ) .
113 أخرجه الحاكم والبزار ، وقال العراقي : إسناده جيد .
114انظر : " مناقب عمر " لابن الجوزي ( ص : 124 ) .
115 انظر : " العقد الفريد " 2/358 .
116أخرجه البخاري رقم : ( 3680 ) ومسلم رقم : ( 2395 ) .
117 أخرجه ابن أي شيبه في " مصنفه " 8/296 .
118أخرجه ابن المبارك في " الزهد " رقم : ( 1024 ) و " تاريخ دمشق " لابن عساكر 53/267 .
119 أخرجه البخاري رقم : ( 1275 ) .
120انظر : " تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي " للمباركفوري 6/595 .
121انظر : " الزهد " لابن المبارك ( 09 ) و " حلية الأولياء " لأبي نعيم 1/218 .
122أخرجه البخاري رقم : ( 3454 ) .
123انظر : " صفة الصفوة " 1/578 .
124 انظر : " الزهد " لابن المبارك ( 529 ) .
125 أخرجه أحمد رقم : ( 11748 ) وقال شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن .
126انظر : " صفة الصفوة " 1/281 .
127متفق عليه .
128أخرجه مسلم رقم : ( 2390 ) .
129 انظر : " حلية الأولياء " 1/31 .
130 انظر : " تاريخ دمشق " 44/274 .
131انظر : " مناقب عمر " لابن الجوزي ( ص : 307 ) .
132 انظر : " أسد الغابة " 4/161 .
133انظر : " حلية الأولياء " 4/139 .
134انظر : " الطبقات الكبرى " لابن سعد 3/312 .
135أنظر : " الطبقات الكبرى " لابن سعد 3/251 .
136انظر : " الزهد " لأحمد ( ص : 153 ) .
137انظر : " الزهد " لأحمد ( ص : 150 ) .
138انظر : " صفة الصفوة " 1/282 .
139انظر : " مناقب عمر " لابن الجوزي ( ص : 292 ) .
140انظر : " الطبقات الكبرى " لابن سعد 4/52 .
141 أخرجه البخاري رقم : ( 3469 ) .
142 أخرجه مسلم رقم : ( 1707 ) .
143انظر : " مناقب عمر " ( 343 ) .
144 انظر : " الورع " لابن أبي الدنيا ( ص : 74 ) .
145 انظر : " مناقب عمر " لابن الجوزي .
146 أخرجه البخاري رقم : ( 3465 ) .
147 أخرجه مسلم رقم : ( 2144 ) يتلمظها : أي يتتبع بلسانه بقيتها ويمسح به شفتيه
148 أخرجه البخاري رقم : ( 3467 ) .
149أخرجه البخاري رقم : ( 3508 ) .
150أخرجه البخاري رقم : ( 3489 ) .
151 أخرجه أحمد في " المسند " رقم : ( 1790 ) وقال شعيب : حسن .
152 انظر : " أسد الغابة " 3/326 .
153 أخرجه البخاري رقم : ( 3468 ) .
154 أخرجه البيهقي 9/85 .
155انظر : " حياة الصحابة " للكاندهلوي 2/55 .
156انظر : " مدارج السالكين " لابن القيم 2/330 .
157 انظر : " الطبقات الكبرى " لابن سعد 3/293 .
158 أخرجه أحمد رقم : (25701) وقال شعيب : إسناده صحيح على شرط الشيخين .
159 أخرجه ابن حبان في : " العقلاء " ( ص : 54 ) بسند حسن .
160أخرجه البخاري رقم : ( 5122) .
161 أخرجه مسلم رقم : ( 681 ) .
162أخرجه البخاري رقم : ( 3461 ) .
163 أخرجه مسلم رقم : (2504) .
164أخرجه البخاري رقم : ( 3471 ) ومسلم رقم : ( 2403 ) .
165أخرجه البخاري رقم : ( 3569 ) مهيم : ما حالك .
166انظر : " كنز العمال " للمتقي الهندي 2/221 .
167 انظر : " البداية والنهاية " لابن كثير 7/134 .
168انظر : " السلسلة الصحيحة " للألباني رقم ( 1110 ) .
169انظر : " البداية والنهاية " لابن كثير 7/103 .
170أخرجه البخاري رقم : ( 3045 ) , ومسلم رقم : ( 796 ) .
171 أخرجه البخاري رقم : ( 3805 ) .
172أخرجه الحاكم في " المستدرك " 3/381 وقال الذهبي : صحيح .
173 أخرجه البيهقي في " الدلائل " 75/7 , وذكره الهيثمي في المجمع وقال : رواة أحمد والطبراني بأسانيد ورجالهما رجال الصحيح .
174أخرجه أحمد والبيهقي في " الدلائل " 7/74 .
175أخرجه الحاكم في " المستدرك " 3/292 وقال : صحيح الإسناد .
176 أخرجه البيهقي في " الدلائل " 7/77 .
177 انظر : " البداية والنهاية " لابن كثير 7/245 .
178 أخرجه البخاري رقم : ( 3045 ) .
179 انظر : " صفة الصفوة " لابن الجوزي 1/622 .
180 أخرجه البخاري رقم : ( 3198 ) ومسلم رقم : ( 1610 ) .
181انظر : " دلائل النبوة " للبيهقي 6/175 .
182انظر : " صفة الصفوة " لابن الجوزي 1/352
183 أخرجه مسلم رقم : ( 1535 ) .
184انظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 3/401 .
185انظر : " من عاش بعد الموت " لابن أبي الدنيا ( ص : 15 ) .
186 انظر : " كرامات الأولياء " ( ص : 129 ) .
187 أخرجه البخاري رقم : ( 964 ) .
188رواة البخاري رقم : ( 891 ) ومسلم رقم : ( 897 ) وغيرهم .
189حسن : رواة أبو داود رقم : ( 1173 ) وحسنة الألباني .
190انظر : " التوسل أحاكمه وأنواعه " للإمام الألباني ( ص : 63 ، 65 ) , طبعة ( المكتب الإسلامي ـ بيروت ) .
191انظر : " مجابو الدعوة " لابن أبي الدينا (ص : 120 ) .
192 انظر : " البداية والنهاية " لابن كثير 4/64 .
193أخرجه مسلم رقم : ( 2417 ) .
194أخرجه الترمذي رقم : ( 3013 ) وصححه الحاكم 3/204 ووافقه الذهبي .
195أخرجه الحاكم 3/235 , والهيثمي 9/322 .
196 أخرجه الهيثمي 9/313 وقال : رواة أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح .
197 انظر : " صفة الصفوة " لابن الجوزى 1/105 .
198 انظر : " صفة الصفوة " لابن الجوزى 1/105 .
199رواة البخاري رقم : (1387) .
200انظر : " صفة الصفوة " لابن الجوزى 1/105 .
201 أخرجه البخاري رقم : ( 3497 ) .
202 أنظر : " طبقات ابن سعد " لابن سعد 3/360 .
203ذكره الهيثمي في " المجمع " 7/232 وقال : رجاله ثقات .
204انظر : " طبقات ابن سعد " 3/36 , والقصة موجودة في كتب التاريخ والسيرة
205 انظر : " طبقات ابن سعد " 3/135 .
206رواة الطبراني في " الكبير " رقم (263) .
207" الطبقات " لابن سعد 3/104 .
208 أخرجه الحاكم 3/496 , والطبراني في الكبير (316) .
209 " سير أعلام النبلاء " للذهبي 1/123 .
210" صفة الصفوة " لابن الجوزى 1/147 .
211" صفة الصفوة " لابن الجوزى 1/176 .
212انظر : " طبقات ابن سعد " 3/8 , وحسنه الأرنؤوط في " السير " 2/287 .
213 رواة أحمد 3/360 , والحاكم 3/206 وصححه .
214" سير أعلام النبلاء " للذهبي 1/498 .
215 " حلية الأولياء " لأبي نعيم 1/239 .
216رواة البخارى رقم : (4072) ، والطبري في تاريخه 2/ 516 .
217 ابن سعد في " الطبقات " 4/32 .
218 انظر : " البداية والنهاية " 5/289 .
219 انظر : " سير أعلام النبلاء " 1/359.
220" صفة الصفوة " ابن الجوزى ، السير 3/357
221انظر : " طبقات ابن سعد " 4/1/34 ، " أسد الغابة " 6/144 .
222انظر : " حلية الأولياء " 2/38
223انظر : " الإستيعاب " لابن عبد البر 1/377.
224انظر : " سير أعلام النبلاء " 3/275،276.
225انظر : " المستدرك " للحاكم 3/381 .
226 انظر : " صفة الصفوة " لابن الجوزى 1/256 .
227 انظر : " مختصر تاريخ دمشق " 6/262 .
228انظر : " البداية والنهاية " 5/647 .
229وتقصيره عن رسول الله  شعره بمشقص ثابت عند البخارى 3/448 ، ومسلم (1246) .
230انظر : " تاريخ الإسلام " للذهبي 2/323 .
231انظر : " السير " للذهبي 3/169 .
231انظر : " الطبقات " لابن سعد 4/334 .
233انظر : " تاريخ دمشق " لابن عساكر 19/1328 .
234 رواة ابن ماجه (4104) , والحاكم 4/317 وصححه ووافقه الذهبي .
235انظر : " الحلية " لأبي نعيم 1/208 ، و الهيثمي في " المجمع " 9/344 .
236الخبر في " سير الأعلام " 2 / 393 , وتاريخ الإسلام ( حوادث سنة 41 - 60 ص (145 ) .
237رواة البخاري رقم : ( 3929) .
238رواة الترمذي رقم : (989) , وقال : صحيح .
239رواة مالك (166) مرسلاً .
240رواة أبو داود (3206) ، والبيهقي 3/412 وسنده حسن ، لكنه مرسل كما قال الذهبي
241انظر : " صفوة الصفوة " لابن الجوزي .
242انظر : " الإصابة " 3/73 .
243انظر : " الطبقات " لابن سعد 7/121 .
244انظر : " الطبقات " لابن سعد 4/260 .
245انظر : " سير أعلام النبلاء " 3/76 .
246انظر : " سير أعلام النبلاء " للذهبي 3/230 .
247 انظر : " الطبقات " لابن سعد 4/185 .
انظر : " البداية والنهاية " لابن كثير 5/28 , و " الإصابة " 4/99 .
انظر : " البداية والنهاية " لابن كثير 7/165 .
250هذا الفصل مأخوذ من هذه الكتب التالية لمن أراد أن يستزيد : " حلية الأولياء " لأبي نعيم , و " صفة الصفوة " لابن الجوزي , و " سير أعلام النبلاء " للذهبي


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
 
المواقف المستطابة من حياة الصحابة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتاوي تيوب الشيخ حسان توفيت في حياة والدها فهل لأبنائها ميراث في مال جدهم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ :: كتابات وأبحاث مشرف الدعوة بالفرع :: السير والتراجم :: المواقف المستطابة من حياة الصحابة-
انتقل الى: