موقع فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ
مرحبا بكم في منتدي فرع الجمعية الشرعية بقرية
البطاخ التابع لمحافظة سوهاج
يسعدنا انضمامكم لنا عبرسجيلكم فى المنتدى
منتدى فرع الجمعية الشرعية بالبطاخ
مع تحيات مدير المنتدى
مشرف الدعوة بالفرع
موقع فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ
مرحبا بكم في منتدي فرع الجمعية الشرعية بقرية
البطاخ التابع لمحافظة سوهاج
يسعدنا انضمامكم لنا عبرسجيلكم فى المنتدى
منتدى فرع الجمعية الشرعية بالبطاخ
مع تحيات مدير المنتدى
مشرف الدعوة بالفرع
موقع فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ هو أحد فروع الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية بمحافظة سوهاج
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
مرحبا بكم فى منتدي فرع الجمعية الشرعية بالبطاخ ساهموا فى نشر موقعنا
نسأل الله تعالى أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل
صلي الله على محمد صلي الله عليه وسلم
اللهم أعنا على رضاك حتى ترضي رضاءاً ليس بعده سخط ولا غضب
جميع حقوق الطبع والنشر والتوزيع والتصوير لأي كتاب موجود في المنتدي متااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااح بشرط دعوة صالحة بظهر الغيب
أرجو من كل من استفاد أو تعلم شيئاً من المنتدي أن لا ينسانا من صالح دعائه
نعدكم بإذن الله في كل زيارة لنا بالجديد وبالمفيد
بشري سارة لكل طلاب العلم : تم افتتاح ركن في منتدي فرع الجمعية الشرعية بالبطاخ للإجازات الشرعية المسندة لكل الراغبين في إجازة علمية بالسند مجاناً
هاااااااام جدا لمن لا يعلم :قد تظهر إعلانات على المنتدي بها صور نساء وهي لا تخص المنتدي بل هي تابعة لشركة جوجل ولا يمكن وقفها .

 

 مجامر الألوة بذكر شجرة النبوة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

مجامر الألوة بذكر شجرة النبوة  Empty
مُساهمةموضوع: مجامر الألوة بذكر شجرة النبوة    مجامر الألوة بذكر شجرة النبوة  I_icon_minitimeالخميس نوفمبر 28, 2013 2:11 pm

مقدمة
إن الحمد لله . . .
نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } (آل عمران:102)
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } (النساء:1)
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } (الأحزاب:70-71)
أما بعد . . .
فان اصدق الحديث كتاب الله ، وان خير الهدى هدى نبيه محمد  ، وان
شر الأمور محدثاتها ، وان كل محدثة بدعة ، وان كل بدعة ضلالة ، وان كل ضلالة في النار .
ثم أما بعد . . .
ستظل سيرة الرسول  هي الرصيد التاريخي الأول الذي تستمد منه الأجيال المتلاحقة من ورثه النبوة وحملة مشاعل العقيدة ، زاد مسيرها ، وعناصر بقائها .
لذلك كان من الأمور الجديرة بالعناية ، والتي يجب على كل مسلم موحد يؤمن بالله عز وجل وبرسوله  ، أن يتعرف على سيره نبيه  ، وسيرة آل بيته ، رضوان الله عليهم أجمعين .
فنحن مأمورون بحبه  ، وبحب آل بيته رضوان الله عليهم ، حتى ننال شفاعته يوم القيامة ، وحتى يكتمل الإيمان ، ولا يكون هذا إلا إذا كان النبي أحب إلينا من كل شئ ، حتى من أنفسنا التي بين جنبينا ، كما قال  .
والسؤال الآن : كيف يأتي هذا الحب للنبي  ، ولآل بيته ، ونحن لا نعرف أي شئ عن سيرته العطرة ، ولا عن سيرة آل بيته ، كيف يأتي ؟!!
لذلك قمت بعون الله وتوفيقه بجمع هذا الكتاب عن جانب واحد من بعض سيرته  ، والتي تختص بذكر أسرته الشريفة وآل بيته الكرام ، ولقد سميته : " مجامِرُ الألوة بذكر شجرة النبوة "
سائلاً الله عز وجل أن يجعل هذا العمل سبيلاً إلى محبه النبي  ، ومحبه آل بيته الكرام رضوان الله عليهم ، وأن يكون عملاً خالصاً لوجهه الكريم ، إنه ولى ذلك والقادر عليه .

شرف نسبه صلي الله عليه وسلم
إن شرف نسبه  ، وكرم بلده ومنشئوه  ، لا يحتاج إلى إقامة دليل عليه ، ولا بيان مشكل ولا خفي منه ، فإنه نخبه بنى هاشم ، وسلاله قريش ، وصميمها ، وأشرف العرب ، وأعزهم نفراً من قبل أبيه وأمه  . ومن أهل مكة أكرم بلاد الله على الله وعلى عبادة .
عن أبى هريرة أن رسول الله  قال : " بعثت في خير قرون بنى آدم قرناً فقرناً ، حتى كنت من القرن الذي كنت منه "1
وعن العباس قال : قال النبي  : " إن الله خلق الخلق ، فجعلني من خيرهم ، من خيرهم قرناً ، ثم تخير القبائل ، فجعلني من خير قبيلة ، ثم تخير البيوت ، فجعلني من خير بيوتهم ، فأنا خيرهم نفساً ، وخيرهم بيتاً "2
وعن واثلة بن الأسقع ، قال : قال رسول الله  : " إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل ، واصطفى من إسماعيل بنى كنانة ، واصطفى من بنى كنانة قريشاً ، واصطفى من قريش بنى هاشم ، واصطفاني من بنى هاشم "3
وقال  : " خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدني أبى وأمي ، ولم يصيبني من سفاح الجاهلية شئ "4
ولقد امتدح العباس بن عبد المطلب النبي  ، فقال :
من قبلها طبت في الظلال وفى مستودع حيث يخصف الورق
ثم هبطت البلاد لا بشر أنـــــت ولا مضغه ولا علــــــــــــــق
بل نطفة تركب السفين وقــــــد ألجم نسراً وأهله الغرقـــــــــ
تنقل من صلب إلى رحــــــــــم إذا مضى عالم بدا طبـــــــــق
حتى احتوى بيتك المهيمـــــــن من خندف علياء تحتها النطـق
وأنت لما ولدت أشرقت الأرض وضاءت بنورك الأفـــــــــــق
فنحن في ذلك الضياء وفى النور وسبل الرشاد نختـــــــــــرق5.
وقبل أن نتعرف على أسرته  ، وآل بيته ، نتعرف على نسبه  ، من البداية ، من لدن إبراهيم  ، إلى أن نصل إليه 


فضل آل البيت
يقول تعالى : { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } الأحزاب : 33 .
والرجس : اسم يقع على الإثم ، وما يشين صاحبه ، ، وعلى النجاسات ، وعلى النقائص ، وقد أذهب الله تعالى كل ذلك عن أهل بيت النبي  .
ويروى زيد بن أرقم فيقول : قام رسول الله  يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خماً ، بين مكة والمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه ، ووعظ وذكر ، وقال : " أما بعد . . . ، ألا أيها الناس ، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتى رسول ربى فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين ، أولهما : كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ، وأهل بيتى أذكركم الله فى أهل بيتى ، أذكركم الله فى أهل بيتى ، أذكركم الله فى أهل بيتى "6
ومن فضائل آل البيت تخصيصهم بالصلاة والسلام فى آخر صلاة كل عبد مسلم . والصلاة عليهم طلب رفعة ، وعلو الدرجة لهم ، والرحمة ، والمغفرة .
قال عبد الرحمن بن أبى ليلى ـ رحمه الله ـ : لقيت كعب بن عجرة فقال : ألا أهديك هدية ؟ خرج رسول الله  علينا ، فقلنا : قد عرفنا كيف نسلم عليك ، فكيف نصلى عليك ؟
فقال  : " قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد .
اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد "7
فرضوان الله على آل البيت ، فقد أذهب الله عنهم السوء والفحشاء وطهرهم من الأدناس والمعاصى .
ورضوان الله على آل البيت ، فهم خاصة الرسول  .
ورضوان الله على آل البيت ، فهم أهل الطهر والعفاف ، وأهل التقوى والصلاح .
نسأل الله تعالى أن يحشرنا في ذمرتهم يوم القيامة ، إنه ولى ذلك والقادر عليه


أقوام العرب
كلمة العرب تنبئ عن الصحارى والقفار، والأرض المجدبة التي لا ماء فيها ولا نبات ، وقد أطلق هذا اللفظ منذ أقدم العصور على جزيرة العرب ، كما أطلق على قوم قطنوا تلك الأرض واتخذوها موطنا لهم . ولجزيرة العرب أهمية بالغة من حيث موقعها الطبيعي والجغرافي ، فإنها في وضعها الداخلي محاطة بالصحارى والرمال من كل جانب ، فلأجل هذا الوضع صارت الجزيرة حصنا منيعا لم يستطع الأجانب أن يحتلوها ويبسطوا عليها سيطرتهم ، ولذلك نرى سكان الجزيرة أحراراً في جميع شئونهم منذ أقدم العصور، مع أنهم كانوا مجاورين لإمبراطوريتين عظيمتين لم يكونوا يستطيعون دفع هجماتهما لولا هذا السد المنيع
ولأجل هذا الوضع الجغرافي كان شمال الجزيرة وجنوبها موئلاً للأمم ، ومركزاً لتبادل التجارة ، والثقافة ، والديانة .
وأما أقوام العرب : فقد قسمها المؤرخون إلى ثلاثة أقسام ، بحسب السلالات التي ينحدرون منها إلى :
1 ـ العرب البائدة :وهم العرب القدامى الذين انقرضوا تماماً ولم يمكن الحصول على تفاصيل كافيه عن تاريخهم ، مثل : عاد ، وثمود ، وطسم ، وجديس ، وعملاق ، وجرهم ، وحضور ، وجاسم ، وحضرموت ، .... الخ
2 ـ العرب العاربة : وهم العرب المنحدرة من صلب يشجب بن يعرب بن قحطان ، وتسمى بالعرب القحطانية
3 ـ العرب المستعربة : وهى العرب المنحدرة من صلب إسماعيل ، وتسمى بالعرب العدنانية .
أما العرب العاربة : فمهدها بلاد اليمن ، وقد تشعبت قبائلها وبطونها من ولد سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، فاشتهرت منها قبيلتان: حمير بن سبا ، وكهلان بن سبا ، وأما بقية بنى سبا ـ وهم أحد عشر أو أربعة عشر بطناـ فيقال لهم : السبئيون ، وليست لهم قبائل دون سبا. فأما حمير فأشهر بطونها : 1ـ قضاعة : ومنها بهراء وبلى والقين وكلب وعذره ووبرة .
2ـ السكاسك : وهم بنو ذيد بن وائلة بن حمير .
3ـ ذيد الجمهور: ومنها حمير الأصغر ، وسبا الأصغر، وحضور.
وأما كهلان فأشهر بطونها : همدان ، وألهان ، والأسعر ، وطي ، ومذحج ، ولخم ، وجذام ، والأذد ، وعاملة ، وخولان , ومعافر ، وأنمار .
وهاجرت بنو كهلان عن اليمن ، وانتشرت في أنحاء الجزيرة العربية ، يقال : كانت هجرة معظمهم قبيل سيل العرم حين فشلت تجارتهم لضغط الرومان وسيطرتهم على طريق التجارة البحرية ، وإفسادهم طريق البر بعد احتلالهم بلاد مصر والشام . 8
وأما العرب المستعربة : فأصل جدهم الأعلى ـ وهو سيدنا إبراهيم  ـ من بلاد العراق ، من مدينة يقال لها "أر" على الشاطئ الغربي من نهر الفرات بالقرب من الكوفة ، وقد جاءت الحفريات والتنقيبات بتفاصيل واسعة عن هذه المدينة ، ومعلوم أن إبراهيم هاجر منها إلى حاران أو حرانً ، ومنها إلى فلسطين ، فاتخذها قاعدة لدعوته .
ثم رزقه الله تعالى من هاجر ابنه إسماعيل  ، وصار سببا لغيرة سارة حتى ألجأت إبراهيم إلى نفى هاجر مع ولدها الرضيع ـ إسماعيل ـ فقدم بهما إبراهيم إلى الحجاز ، وأسكنهما بواد غير ذي زرع عند بيت الله الحرام الذي لم يكن إذ ذاك إلا مرتفعا من الأرض كالرابية ، تأتيه السيول عن يمينه وشماله ، فوضعهما عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد ، وليس بمكة يومئذ أحد ، وليس بها ماء ، فوضع عندهما جرابا فيه تمر ، وسقاء فيه ماء ، ورجع إلى فلسطين .
ولم تمض أيام حتى نفد الزاد والماء ، وهناك تفجرت بئر زمزم بفضل الله ، فصارت لهما قوتا وبلاغا إلى حين ، والقصة معروفة بطولها .9
وجاءت قبيلة ـ وهى جرهم الثانيةـ فقطنت مكة بإذن من أم إسماعيل ، ويقال: أنهم كانوا قبل ذلك في الأودية التي بأطراف مكة .
ثم شب إسماعيل وتعلم العربية من جرهم ، فأعجبهم فزوجوه إمرأة منهم ، وماتت أمه ، ثم جاء إبراهيم بعد ذلك فلقي إسماعيل ، وهو يبرى نبلاً له تحت دوحة قريبا من زمزم ، فلما رآه قام إليه فصنع كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد ، وكان لقاؤهما بعد فترة طويلة من الزمن ، وفى هذه المرة بنيا الكعبة ، ورفعا قواعدها ، وأذن إبراهيم في الناس بالحج كما أمره الله .
وقد رزق الله إسماعيل من ابنة مضاض ـ زوجته ـ أثنى عشر ولدا ذكرا ، وهم: نابت أو نبايوط ، وقيدار ، وأدبائيل ، ومبشام ، ومشماع ، ودوما ، وميشا ، وحدد ، وتيما ، ويطور ،ونفيس ، وقيدمان ، وتشعبت من هولاء اثنتا عشرة قبيلة ، وسكنت كلها في مكة مدة من الزمان ، وكانت جل معيشتهم إذ ذاك التجارة من بلاد اليمن إلى بلاد الشام ومصر ، ثم انتشرت هذه القبائل في أرجاء الجزيرة بل والى خارجها ، ثم أدرجت أحوالهم في غياهب الزمان ، إلا أولاد نابت وقيدار.
وقد ازدهرت حضارة الأنباط ـ أبناء نابت ـ في شمال الحجاز ، وكونوا دولة قوية عاصمتها " البتراء" المدينة الأثرية القديمة المعروفة في جنوب الأردن ، ولم يستطع أحد أن يناوئها حتى جاء الرومان وقضوا عليها ، وأما قيدار بن إسماعيل فلم يزل أبناؤه بمكة ، يتناسلون هناك حتى كان منه عدنان وولده معد ، ومنه حفظت العرب العدنانية أنسابها .
وقد تفرقت بطون معد من ولده نزار ، فكان لنزار أربعة أولاد ، وتشعبت منهم أربعة قبائل عظيمة : أياد وأنمار وربيعة ومضر ، وهذان الأخيران هما اللذان كثرت بطونهما واتسعت أفخاذهما ، فكان من ربيعه : ضبيعة ، و أسد ، ومن أسد : عنزة ، وجديلة.
ومن جديلة: القبائل الكثيرة المشهورة مثل: عبد القيس ، والنمر ، وبنو وائل الذين منهم بكر وتغلب ، ومن بنى بكر: بنو قيس وبنو شيبان وبنو حنيفة وغيرها ، أما عنزة فمنها آل سعود ملوك المملكة العربية السعودية في هذا الزمان .
وتشعبت قبائل مضر إلى شعبتين عظيمتين : قيس بن عيلان بن مضر ، وبطون إلياس بن مضر ، فمن قيس عيلان : بنو سليم ، وبنوهوازن ، وبنو ثقيف ، وبنو صعصعة ، وبنو غطفان. ومن غطفان : عبس ، وذبيان ، أشجع ، وأعصر، ومن إلياس بن مضر: تميم بن مرة ، وهذيل بن مدركة ، وبنو أسد بن خزيمة ، وبطون كنانة بن خزيمة ، ومن كنانة قريش ، وهم أولاد فهر بن مالك بن النضر بن كنانة .
وانقسمت قريش إلى قبائل شتي ومن أشهرها، جمح وسهم وعدى ومخزوم وتيم وزهرة ، وبطون قصي بن كلاب ، وهى : عبد الدار بن قصي ، أسد بن عبد العزى بن قصي ، وعبد مناف بن قصي : وكان من عبد مناف أربع فصائل: عبد شمس ، ونوفل ، والمطلب ، هاشم .
وبيت هاشم هو الذي اصطفى الله منه سيدنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب  ، قال " أن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل ، واصطفى من ولد إسماعيل بنى كنانة ، واصطفى من بنى كنانة قريشاً ، واصطفى من قريش بنى هاشم ، واصطفاني من بنى هاشم " 10
وعن العباس قال: قال رسول الله  : "أن الله خلق الخلق فجعلني في خيرهم فرقة ، ثم جعلهم فرقتين فجعلني في خيرهم فرقة ، ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة ، ثم جعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتاً وخيرهم نفساً " 11



نسبه صلي الله عليه وسلم
نسب نبينا ينقسم إلى ثلاثة أجزاء ، جزء أتفق عليه أهل السير والأنساب وهو الجزء الذي يبدأ منه وينتهي إلى عدنان .
وجزء آخر كثر فيه الاختلاف ، حتى جاوز حد الجمع والائتلاف ، وهو الجزء الذي يبدأ بعد عدنان وينتهى إلى إبراهيم  .
أما الجزء الثالث فهو يبدأ من بعد إبراهيم  وينتهي إلى آدم  ، وجل الإعتماد فيه على نقل أهل الكتاب .
وفيما يلي الأجزاء الثلاثة من نسبه 
الأول : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى ين غالب ين فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركه بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .12
الثاني : ما فوق عدنان ، وعدنان هو ابن أد بن الهميسع بن سلامان بن عوص بن بوز بن قموال بن أبى بن عوام بن ناشد بن حزا بن بلداس بن يدلاف بن طابخ بن جاحم بن ناحش بن ماخى بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعان بن حمدان بن سنبر بن يثربى بن يحزن بن يلحن بن ارعوى بن عيض بن ديشان بن عيصر بن افناد بن إيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمى بن مزى بن عوضة بن عرام بن قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم  13
الثالث : ما فوق إبراهيم  ، وهو ابن تارح ـ واسمه آزر ـ بن ناحور ، بن ساروع بن راعو بن فالخ بن عابر بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح  ابن لامك بن متوشلخ بن اخنوخ ـ يقال هو إدريس ـ بن يرد بن مهلائيل بن قينان بن انوش بن شيث بن آدم  14


أجداده صلي الله عليه وسلم 15
كما سبق و أشرنا أن نسب النبي  ، ثلاثة أجزاء جزء اتفق عليه أهل السير والأنساب ، والباقي مختلف فيه ، و أخر ما اتفق على صحته من نسبه ، ينتهي إلى عدنان ، وهذه نبذه مختصرة عن أخبار أجداده  ، والتي تبدأ بعدنان ـ كما هو متفق على صحته ـ :

عدنان
اتفق أهل الأنساب والسير على أن عدنان هو أخر ما صح في نسب النبي  ، ولا خلاف أن عدنان من ولد إسماعيل نبي الله بن إبراهيم خليل الله ، وإنما الخلاف في عدد من بين عدنان وإسماعيل من الآباء ، وكذلك من إبراهيم إلى آدم ولا يعلم حقيقة ذلك إلا الله تعالى .
ولذلك كره مالك ـ رحمه الله ـ رفع النسب إلى ما بعد عدنان . 16
قال الطبري ـ رحمه الله تعالي ـ :
" وكان لعدنان من الولد سته: الريب وهو عك ، وعرق ، وبه سميت عرق اليمن ، وأد ، وأبى ، والضحاك ، وعبق ، وأمهم مهدد ، كما كان له أخوين يدعى أحدهم نبتا ، والآخر عامرا " 17

معد
أمه: مهده ابنه اللهم ، ويقال اللهم بن جلحت بن جديس ، وقيل بن طسم ، وإخوته من أبيه الريث ، وقيل عك ، وعدن بن عدنان ، وقيل: هو صاحب عدن ، وأد ، وأبى بن عدنان .
أما معد فولد له أربعة: نزار وقضاعة وقنص وأياد ، وكان قضاعة بكرة وبه كان يكنى ، وأما قنص فيقال أنهم هلكوا ولم يبق لهم بقية ، إلا أن النعمان بن المنذر الذي كان نائبا لكسري على الحيرة كان من سلالته .

نزار
أمه: معانة ابنه جوشم بن جلهم بن عمر بن جرهم ، ولد له ربيعة ومضر وأنمار وأياد ، وأياد ومضر شقيقان ، أمهما سودة بنت عك بن عدنان ، وأم ربيعه وأنمار شقيقة بنت عك بن عدنان ، ويقال جمعة بنت عك بن عدنان .
قال ابن إسحاق ـ رحمه الله تعالي ـ :
"فأما أنمار فهو والد خثعم وبجيلة ، قبيلة جرير بن عبد الله البجلى. قال: وقد تيامنت فلحقت باليمن ، قالوا وكان مضر أول من حدا ، وذلك لأنه كان حسن الصوت فسقط يوما عن بعيره فوثبت يده ، فجعل يقول: أيدياه ، فأعنقت الإبل لذلك "

مضر
قال الطبري ـ رحمه الله تعالي ـ :
" وأمه سودة بنت عك ، وأخوة لأبيه وأمه أياد ، ولهما أخوان من أبيهما من غير أمهما ، وهما ربيعة وأنمار ، أمهما جدالة بنت وعلان بن جوشم. وذكر بعضهم أن نزار بن معد لما حضرته الوفاة أوصى بنيه ، وقسم ماله بينهم ، فقال: يا بنى ، هذه القبةـ وهى قبة من آدم حمراء ـ وما أشبهها من مالي لمضر ، فسُمى مضرـ الحمراء ـ ، وهذا الخباء الأسود وما أشبهه من مالي لربيعه ، وهذا الخادم وما أشبهها من مالي لأياد ، وهذه البدرة والمجلس لأنمار يجلس فيه" 18
قال ابن إسحاق ـ رحمه الله تعالي ـ :
" ولد لمضر بن نزار إلياس وعيلان 19"

إلياس
أمه :الرباب بنت حيده بن معد ، وأخوه لأبيه وأمه ، هو عيلان ، وسمى عيلان ـ فيما ذكرـ لأنه كان يعاتب على جوده ، فيقال له :لتغلبن عليك العيله ياعيلان ، فلزمه ذا الاسم .

مدركه
أمه : خندف ، وهى بنت حلوان عمر بن الحاف بن قضاعة ، وسبب تسميتها بهذا الإسم ، أنها خرجت تمشى فقال لها إلياس: أين تخندفين ؟ فسميت خندف ، والخندف: ضرب من المشي ، وأخو مدركه لأبيه وأمه ، عامرـ طابخةـ وعمير، وهو قمعة ، ويقال: أنه أبو خزاعة ، وزعموا أن مدركة وطابخة كانا في إبل لهما يرعيانها ، فاقتنصا صيدا ، فقعدا عليه يطبخانه ، وعدت عادية على إبلهما ، فقال عامر لعمر: أتدرك الإبل أو تطبخ هذا الصيد ؟ فقال عمرو بل أطبخ الصيد ، فلحق عامر بالإبل ، فجاء بها ، فلما راحا على أبيهما ، فحدثاه بشأنهما ، قال لعامر ؟ أنت مدركة ، وقال لعمر أنت طابخة.

خزيمة
يكنى أبا أسد ، أمه سلمى بنت سليم بن إلحاف بن قضاعة ، وأخوه لأبيه وأمه هذيل وأخوهما لأمهما تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة .
وخزيمة هو الذي نصب هبل على الكعبة ، فكان يقال هبل خزيمة .

كنانة
يكنى أبا النضر ، وأم كنانة عوانة بنت سعد بن قيس بن عيلان ، وإخوته من أبيه أسد و أسده .

النضر
يكنى أبا يخلد ، وإنما قيل له النضر لجمالة ، واسم النضر قيس ، وأمه بره بنت مر بن أد بن طابخة ، وإخوته لأبيه وأمه نضير ومالك وملكان وعامر والحارث وعمر وسعد وعوف وغنم ومخرم وجرول وغزوان وحدال .

مالك
يكنى أبا الحارث ، أمه عكرشة بنت عمرو .

فهر
يكنى أبا غالب ، وفهر ـ كما قال ابن هشام ـ : هو جماع قريش ، قال: وأمه جندله بنت عامر بن الحارث بن معتاض الجرهمى ، وكان فهر في زمانه رئيس الناس بمكة .

غالب
يكنى أبا تيم ، وأم غالب ليلى بنت الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركه ، وأخوته من أبيه وأمه ، الحارث ، ومحارب ، أسد ، وعوف ، وجون ، وذنب .

لؤى
يكنى أبا كعب ، وأم لؤى: عاتكة بنت يخلد بن النضر بن كنانة ، وهو أولى العواتك اللائى ولدن رسول الله من قريش .

كعب
يكنى أبا هصيص ، وأم كعب ماويةـ فيما قال ابن إسحاق ـ وماوية بنت كعب القين بن جشر بن شيع الله ، وله أخوان من أبيه وأمه: أحدهما يقال له عامر ، والآخر سامه ، وهم بنو ناجيه .
وكان كعب عظيم القدر عند العرب ، فلهذا أرخوا لموته إلى عام الفيل ، ثم أرخوا بالفيل ، وكان يخط الناس أيام الحج ، وخطبته مشهورة يخبر الناس فيها بالنبي

مرة
يكنى أبا يقظة ، وأمه وحشية بنت شيبان بن محارب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة ، وأخوه لأبيه وأمه عدى وهصيص .

كلاب
يكنى أبا زهرة ، وأم كلاب هند بنت سرير بن ثعلبة بن الحارث بن فهر بن مالك ، وله أخوان من أبيه من غير أمه ، وهم تيم ويقظة .

قصي
 يذكر من أمر قصي : أن أباه مات وهو في حضن أمه ، ونكح أمه رجل من بنى عذرةـ وهو ربيعة بن حرام ـ فاحتملها إلى بلاده بأطراف الشام ، فلما شب قصي رجع إلى مكة ، وكان واليها إذ ذاك حليل بن حبشية من خزاعة ، فخطب قصي إلى حليل ابنته " حبي" ، فرغب فيه حليل وزوجه إياها . 20
فلما مات حليل قامت حرب بين خزاعة وقريش ، أدت أخيرا إلى تغلب قصى على أمر مكة والبيت وكان ذلك في أواسط القرن الخامس للميلاد سنه 440م ، وبذلك صارت لقصي ثم لقريش السيادة التامة والأمر النافذ في مكة ، وصار قصي هو الرئيس الديني لهذا البيت الذي كانت تفد إليه العرب من كافة أنحاء الجزيرة .
ومما فعلة قصي بمكة أنه جمع قومه من منازلهم إلى مكة ، وقطعها بين قومه ، وأنزل كل قوم من قريش منازلهم التي أصبحوا عليها ، وأقر النسأة وآل صفوان وعدوان ومرة ابن عوف علي ما كانوا عليه من المناصب ، لأنه كان يراه دينا في نفسه لا ينبغي تغييره .
 ومن مآثر قصي : أنه أسس دار الندوة بالجانب الشمالي من مسجد الكعبة ، وجعل بابها إلى المسجد ، وكانت مجمع قريش ، وفيها تفاصيل مهام أمورها .21
 وكان لقصي من مظاهر الرياسة والشرف :
1 ـ رياسة دار الندوة : ففيها كانوا يتشاورون فيما نزل بهم من عظام الأمور
2ـ اللواء : فكانت لا تعقد راية ولا لواء لحرب قوم من غيرهم إلا بيده أو بيد أحد من أبناءه .
3 ـ القيادة : وهى إمارة الركب ، فكانت لا تخرج ركب لأهل مكة في تجارة أو غيرها إلا تحت إمارته أو إمارة أحد من أولادة .
4 ـ الحجابة : وهى حجابة الكعبة ، لا يفتح بابها إلا هو ، وهو الذي يلي أمر خدمتها و سدانتها .
5 ـ سقاية الحاج : وهى أنهم كانوا يملأون للحجاج حياضا من الماء ، يحابونها بشيء من التمر .
6 ـ رفادة الحاج : وهى طعام كان يصنع للحاج على طريقة الضيافة ، وكان لقصي فرض على قريش خرجا تخرجه في الموسم من أموالها لقصي .22
قال الطبري ـ رحمه الله تعالي ـ :
" وكان قصي يقول فيما زعموا ، ولد لي أربعة ، فسميت اثنين بصنمي ، وواحداً بداري ، وواحداً بنفسي ، وهم : عبد مناف ، وعبد العزى ، وعبد الدار، وعبد قصي بن قصي ، وبرة بنت قصي ، أمهم جميعاً ، حبى بنت حليل "23

عبد مناف
واسمه المغيرة ، وكنيته أبو عبد شمس ، وكان يقال له القمر من جماله و حسنه
وكان عبد مناف قد شرف وساد في حياة أبيه قصي ، وكان عبد الدار بكره. فقال له قصي فيما قال: لألحقنك بالقوم وإن شرفوا عليك ، فأوصي له بما كان يليه من مصالح قريش ، فأعطاه دارالندوة واللواء والقيادة والحجابة والسقاية والرفادة ، وكان قصي لا يخالف ولا يرد عليه شئ صنعه ، وكان أمره في حياته وبعد مماته كالدين المتبع ، فلما هلك أقام بنوه أمره لا نزاع بينهم ، ولكن لما هلك عبد مناف نافس أبناؤه بنى عمهم عبد الدار في هذه المناصب ، وافترقت قريش فرقتين ، وكاد يكون بينهم قتال ، إلا أنهم تداعوا للصلح ، واقتسموا تلك المناصب ، فصارت السقاية والرفادة والقيادة إلى بني عبد مناف ، وبقيت دار الندوة واللواء والحجابة بيد بني عبد الدار .
ثم حكم بنو عبد مناف القرعة فيما أصابهم ، فصارت السقاية والرفادة لهاشم والقيادة لعبد شمس ، فكان هاشم بن عبد مناف هو الذي يلي السقاية والرفادة طول حياته . 24
{ فائدة } : وأما اشتقاق كلمة " قريش " فقيل من التقرش ، وهو التجمع بعد التفرق ، وذلك في زمن قصي بن كلاب ، فإنهم كانوا متفرقين فجمعهم بالحرم كما سبق .
وقال بعضهم : كان قصي يقال له قريش ، وقيل : من التجمع ، والتقرش : التجمع ، كما قال أبو خلدة اليشكرى :
إخوة قرشوا الذنوب علينا في حديث من دهرنا وقديم
وقيل : سميت قريش من التقرش ، وهو التكسب ، حكاه ابن هشام
وقيل : قريش تصغير قرش ، وهو دابة في البحر ، قال بعض الشعراء :
وقريش التي تسكن البحر بها سميت قريش قريشاً
تأكل الغث والسمين ولا تتركن لذي الجناحين ريشاً
هكذا في البلاد حي قريش يأكلون البلاد أكلا كميشاً
ولهم آخر الزمان نبي يكثر القتل فيهم والخموشا 25 ً


الأسرة النبوية
تعرف أسرته ، بالأسرة الهاشمية ، نسبة إلى جده هاشم بن عبد مناف وهذه نبذه مختصرة عن هاشم وما بعده من عائلته الشريفة :

هاشم بن عبد مناف
قد أسلفنا آن هاشما هو الذي تولى السقاية والرفادة من بني عبد مناف حين تصالح بنو عبد مناف وبنو عبد الدار على أقتسام المناصب فيما بينهم. وكان هاشم موسراً ذا شرف كبير ، وهو أول من أطعم الثريد للحجاج بمكة ، وكان اسمه عمرو، فما سمي هاشما لهشمه الخبز ، وهو أول من سن الرحلتين لقريش ، رحلة الشتاء والصيف .
ومن حديثه أنه خرج إلى الشام تاجراً ، فلما قدم المدينة تزوج سلمى بنت عمرو أحد بنى عدى بن النجار أقام عندها ، ثم خرج إلى الشام ـ وهى عند أهلها قد حملت بعبد المطلب ـ فمات هاشم بغزة من أرض فلسطين ، وولدت امرأته سلمى عبد المطلب سنه 497م ، وسمته شيبه ، لشيبه كانت في رأسه ، وجعلت تربيه في بيت أبيها في يثرب ، ولم يشعر به أحد من أسرته بمكة ، وكان لهاشم أربعة بنين وهم: أسد وصيفي ونضلة وعبد المطلب ، وخمس بنات وهن : الشفاء ، وخالدة ، وضعيفة ، ورقيه ، وجنة . 26

عبد المطلب بن هاشم
بعد وفاة هاشم صارت السقاية والرفادة إلى أخيه المطلب بن عبد مناف ، وكان شريفاً مطاعاً ذا فضل في قومه ، وكانت قريش تسميه الفياض لسخائه ولما صار شيبه ـ عبد المطلب ـ وصيفاً أو فوق ذلك ابن سبع سنين أو ثماني سنين سمع به المطلب ، فرحل في طلبه ، فلما راءه فاضت عيناه ، وضمه ، وأرد فه على راحلته فامتنع حتى تأذن له أمه ، فسألها المطلب أن ترسله معه ، فامتنعت ، فقال: إنما يمضى إلى ملك أبيه والى حرم الله فأذنت له ، فقدم به مكة مردفة على بعيره ، فقال الناس: هذا عبد المطلب ، فقال: ويحكم إنما هو ابن أخي هاشم ، فأقام عنده حتى ترعرع ، ثم أن المطلب هلك بـ " ردمان" من أرض اليمن ، فولى بعده عبد المطلب ، فأقام لقومه ما كان آباؤه يقيمون لقومهم ، وشرف في قومه شرفا لم يبلغه أحد من آبائه ، وأحبه قومه وعظم خطره فيهم . 27
ومن أهم ما وقع لعبد المطلب من أمور البيت شيئان :
الأول: انه أمر في المنام بحفر زمزم ووصف له موضعها ، فقام يحفر ، فوجد فبه الأشياء التي دفنها الجراهمة حين لجاًوا إلى الجلاء ـ اى السيوف والدروع والغزالين ـ فأقام سقاية زمزم للحجاج .
الثاني: أن أبرهه بن صباح الحبشي ، النائب العام للنجاشي على اليمن ، لما رأى العرب يحجون الكعبة بنى كنيسة كبيرة بصنعاء ، أراد أن يصرف حج العرب إليها ، وسمع بذلك رجل من بني كنانة ، فدخلها ليلاً فلطخ قبلتها بالعذرة ، ولما علم أبرهه ثار غيظه فسار بجيش عرمرم ـ عدده ستون ألف جندي ـ إلى الكعبة ليهدمها ، واختار لنفسه فيلاً من أكبر الفيلة .
حتى وصل إلى المغمس ، وتهيأ لدخول مكة ، فلما كان في وادي محسر بين المزدلفة ومنى برك الفيل ، ولم يقم ليقدم إلى الكعبة ، وكانوا كلما وجهوه إلى الجنوب أو الشمال أو الشرق يقوم يهرول ، وإذا صرفوه إلى الكعبة برك ، فبينا هم كذلك إذ أرسل الله عليهم طيراً أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل ، فجعلهم كعصف مأكول ، وكانت الطير أمثال الخطاطيف والبلسان ، مع كل طائر ثلاثة أحجار مثل الحمص ، لا تصب منهم أحدا إلا صارت تتقطع أعضاؤه وهلك ، وأما أبرهة فبعث الله عليه داء تساقطت بسببه أنامله ، ولم يصل إلى صنعاء إلا وهو مثل الفرخ ، وانصدع صدره عن قلبه ثم هلك .
وكانت هذه الوقعة في شهرالمحرم قبل مولد النبي بخمسين يوما ـ عند الأكثر ـ . 28

عبد الله بن عبد المطلب
أمه : فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم بن يقظة بن مرة وكان عبد الله أحسن أولاد عبد المطلب ، أعفهم ، وأحبهم إليه ، وهو الذبيح ، وذلك أن عبد المطلب لما تم أبناؤه عشرة ، وعرف أنهم يمنعونه أخبرهم بأنه نذر إن بلغ أبناؤه عشرة ليذبحن واحد منهم فأطاعوه ، فقيل: أنه أقرع بينهم أيهم ينحر ؟ فطارت القرعة على عبد الله ، وكان أحب الناس إليه ، فقال: اللهم هو أو مائة من الإبل ، ثم أقرع بينه و بين الإبل فطارت القرعة على المائة من الإبل . 29

آمنة بنت وهب
واختار يومئذ عبد المطلب لولده عبد الله آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب ، وهى يومئذ تعد أفضل امرأة في قريش نسباً وموضعاً ، وأبوها سيد بنى زهرة نسباً وشرفاً ، فزوجه بها ، فبنى بها عبد الله في مكة ، وبعد قليل أرسله عبد المطلب إلى المدينة يمتار لهم تمراً ، فمات بها ، وقيل : بل خرج تاجراً إلى الشام ، فأقبل في عير قريش ، فنزل بالمدينة وهو مريض فتوفى بها ، ودفن في دار النابغة الجعدي ، وله إذ ذاك خمس وعشرون سنة ، وكانت وفاته قبل أن يولد رسول الله ، وبه يقول أكثر المؤرخين ، وقيل : بل توفى بعد مولده بشهرين أو أكثر .
وجميع ما خلفه عبد الله خمسة أحمال ، وقطعة غنم ، وجارية حبشية أسمها بركة ، وكنيتها أم أيمن ، وهى حاضنة الرسول 30
 وفاتها :
رأت أمنه وفاء لذكرى زوجها الراحل ، أن تزور قبره بيثرب ، فخرجت من مكة قاطعة رحلة تبلغ نحو خمسمائة كيلو متر ومعها إذ ذاك ولدها اليتيم ـ  ـ وخادمتها أم أيمن ، وقيمها عبد المطلب فمكثت شهراً ثم قفلت ، وبينما هى راجعة إذ لحقها المرض في أوائل الطريق ، ثم اشتد حتى ماتت بالأبواء بين مكة والمدينة . 31


قصيدة في نظم النسب النبوي
ومن أحسن من نظم النسب النبوي الإمام أبو العباس عبد الله بن محمد الناشئ في قصيدته المشهورة المنسوبة إليه ، وهو قوله :
مدحت رسول الله أبغي بمدحــــــه. و فوز حظوظي من كريم المـــــــــــآرب
مدحت امرأ فاق المديح موحـــــدا بأوصافه عن مبعد و مقـــــــــــــــــــارب
نبيا تسامى في المشارق نـــــــوره. فلاحت هواديه لأهل المغــــــــــــــــارب
أتتنا به الأنباء قبل مجيئـــــــــــــه و شاعت به الأخبار في كل جانــــــــــــب
و أصبحت الكهان تهتف باسمــــه و تنفي به رجم الظنون الكـــــــــــــــواذب
و أنطقت الأصنام نطقا تبــــــرأت إلى الله فيه من مقال الأكـــــــــــــــــــاذب
و قالت لأهل الكفر قولا مبينـــــــا. أتاكم نبي من لؤي بن غالــــــــــــــــــــب
و رام استراق السمع جن فزيلــت مقاعدهم منها رجوم الكواكـــــــــــــــــب
هدانا إلى ما لم نكن نهتدي لـــــــه لطول العمى من واضحات المذاهــــــــــب
و جاء بآيات تبين أنهــــــــــــــــا دلائل جبار مثيب معاقــــــــــــــــــــــــب
فمنها انشقاق البدر حين تعممـــت شعوب الضيا منه رؤوس الأخاشـــــــــب
و منها نبوع الماء بين بنانـــــــــه و قد عدم الوراد قرب المشـــــــــــــارب
فروى به جما غفيرا و أسهلــــــت بأعناقه طوعا أكف المذانـــــــــــــــــــب
و بئر طغت بالماء من مس سهمـه و من قبل لم تسمح بمذقة شـــــــــــــــارب
و ضرع مراه فاستدر و لم يكـــــن به درة تصغي إلى كف حالـــــــــــــــــب
و نطق فصيح من ذراع مبينة لكيد عدو للعداوة ناصـــــــــــــــــــــــــــــــب
و إخباره بالأمر من قبل كونـــــــه و عند بواديه بما في العواقــــــــــــــــــب
و من تلكم الآيات وحي أتى بــــــه قريب المآتي مستجم العجائـــــــــــــــــب
تقاصرت الأفكار عنه فلم يطـــــع بليغا و لم يخطر علي قلب خاطـــــــــــــب
حوى كل علم و احتوى كل حكمـة و فات مرام المستمر المـــــــــــــــــوارب
أتانا به لا عن روية مرتـــــــــــئ و لا صحف مستمل و لا وصف كاتـــــب
يواتيه طورا في إجابة سائـــــــــل و إفتاء مستفت و وعظ مخاطـــــــــــــب
و إتيان برهان و فرض شرائـــــع و قص أحاديث و نص مـــــــــــــــــآرب
و تصريف أمثال و تثبيت حجــــة و تعريف ذي جحد و توقيف كــــــــــاذب
و في مجمع النادي و في حومــــة الوغى و عند حدوث المعضلات الغرائب
فيأتي علي ما شئت من طرقاتـــــه قويم المعاني مستدر الضرائـــــــــتــــــب
يصدق منه البعض بعضا كأنمــــا يلاحظ معناه بعين المراقـــــــــــــــــــــب
و عجز الورى عن أن يجيئوا بمثل ما وصفناه معلوم بطول التجــــــــــــارب
تأبى بعبد الله أكرم والد تبلج منــه عن كريم المناســــــــــــــــــــــــــــــــب
و شيبة ذي الحمد الذي فخرت بــه قريش علي أهل العلا و المناصــــــــــــب
و من كان يستسقي الغمام بوجهــه و يصدر عن آرائه في النوائــــــــــــــــب
و هاشم الباني مشيد افتخاره بغــر المساعي و امتنان المواهـــــــــــــــــــب
و عبد مناف و هو علم قومه اشــــ تطاط الأماني و احتكام الرغائـــــــــــــب
وان قصيا من كريم غراسه لفـــي منهل لم يدن من كف قاضــــــــــــــــــب
به جمع الله القبائل بعدما تقسمهــــا نهب الأكف السوالـــــــــــــــــــــــــــب
و حل كلاب من ذرى المجد معقـلا تقاصر عنه كل دان و غائــــــــــــــــــب
و مرة لم يحلل مريرة عزمـــــــــه سفاه سفيه أو محوبة حائــــــــــــــــــــب
و كعب علا عن طالب المجد كعبـه فنال بأدنى السعي أعلا المراتــــــــــــب
و ألوى لؤي بالعداة فطوعت لـــــه همم الشم الأنوف الأغالــــــــــــــــــــب
و في غالب بأس أبي البأس دونهــم يدافع عنهم كل قرن مغالــــــــــــــــــب
و كانت لفهر في قريش خطابة يعوذ بها عند اشتجار المخاطــــــــــــــــــــب
و ما زال منهم مالك خير مالــــــك و أكرم مصحوب و أكرم صاحـــــــــــب
و للنضر طول يقصر الطرف دونـه بحيث التقى ضوء النجوم الثواقـــــــــــب
لعمري لقد أبدى كنانة قبلــــــــــــه محاسن تأبى أن تطوع لغالــــــــــــــــب
و من قبله أبقى خزيمة حمـــــــــده تليد تراث عن حميد الأقـــــــــــــــــارب
و مدركة لم يدرك الناس مثلــــــــه أعف و أعلى عن دني المكاســــــــــــب
و إلياس كان اليأس منه مقارنـــــــا لأعدائه قبل اعتداد الكتائــــــــــــــــــــب
و في مضر يستجمع الفخر كلــــــه إذا اعتركت يوما زحوف المقانــــــــــــب
و حل نزار من رياسة أهله محــــلا تسامى عن عيون الرواقــــــــــــــــــــب
و كان معد عدة لوليه إذا خـــــــاف من كيد العدو المحــــــــــــــــــــــــارب
و ما زال عدنان إذا عد فضلــــــــه توحد فيه عن قرين و صاحــــــــــــــــب
و كلهم من نور آدم أقبســــــــــــوا و عن عوده أجنوا ثمار المناقــــــــــــــب
و كان رسول الله أكرم منجــــــــب جرى في ظهور الطيبين المناجـــــــــــب
مقابلة آباؤه أمهاته مبـــــــــــــــرأة من فاضحات المثالـــــــــــــــــــــــــــب32

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

مجامر الألوة بذكر شجرة النبوة  Empty
مُساهمةموضوع: مجامر الألوة بذكر شجرة النبوة   مجامر الألوة بذكر شجرة النبوة  I_icon_minitimeالخميس نوفمبر 28, 2013 2:16 pm

أعمامه صلي الله عليه وسلم
كان لعبد المطلب عشرة بنين ، وهم الحارث ، والزبير ، وأبو طالب ، وعبد الله ، وحمزة ، وأبو لهب ، والغيداق ، والمقوم ، وضرار ، وقيل: كانوا أحد عشر ، فزادوا ولد اسمه: قثم ، وقيل: كانوا ثلاثة عشر ، فزادوا ، عبد الكعبة وحجلا ، وقيل: أن عبد الكعبة هو المقوم ، وحجلا هو الغيداق ، ولم يكن من أولاده رجل اسمه قثم .
ولم يشتهر منهم في سيرة النبى  إلا أربعة فقط ، فمنهم من توفى قبل البعثة ، ومنهم من أسلم ومنهم من شهد البعثة ولم يسلم وهم كما يلى :

أبو طالب بن عبد المطلب
هو : أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، عم النبي شهد البعثة وناصر الرسول  نصرا كبيرا ولكنه أبى ان يسلم وتوفى مشركا ، وهذه بعض مناقبه مع النبي  :
* بعدما توفى عبد المطلب عهد أبو طالب بكفالة ابن أخيه ، فنهض أبو طالب بحق ابن أخيه على أكمل وجه ، وضمه إلى ولده وقدمه عليهم واختصه بفضل احترام وتقدير ، وظل أربعين سنة يعز جانبه ، ويبسط عليه حمايته ، ويصادق ويخاصم من أجله .
فحينما بلغ النبي اثنتي عشرة سنة ، أرتحل به أبو طالب تاجراً إلى الشام ، حتى وصل إلى بصري ، وهى معدودة من الشام ، كان في البلد راهب عرف ببحيري ، واسمه " جرجيس" ، فلما نزل الركب خرج إليهم ، وكان لا يخرج إليهم قبل ذلك ، فجعل يتخللهم حتى جاء فأخذ بيد رسول الله ، وقال: هذا سيد المرسلين ، هذا رسول رب العالمين ، هذا يبعثه الله رحمه للعالمين ، فقال له أبو طالب وأشياخ من قريش: وما علمك بذلك ؟ فقال: إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق حجر ولا شجر إلا خر ساجدا ، ولا يسجدان إلا لنبي ، وإني اعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه ، مثل التفاحة ، وأنا لنجده في كتبنا ، ثم أكرمهم بالضيافة ، وسأل أبو طالب أن يرده ، ولا يقدم به إلى الشام ، خوفاً عليه من اليهود ، فبعثه عمه مع بعض غلمانه إلى مكة .33
وعندما نزل على النبي  قوله تعالى : { وأنذر عشيرتك الأقربين } دعا عشيرته بني هاشم ، فجاءوا ومعهم نفر من بني عبد المطلب بن عبد مناف فكانوا نحو خمسة وأربعين رجلاً ، فدعاهم إلى الإسلام وقال " إن الرائد لا يكذب أهله ، والله الذى لا إله إلا هو ، إنى رسول الله إليكم خاصة والى الناس عامة ، والله لتموتن كما تنامون ، ولتبعثن كما تستيقظون ، ولتحاسبن بما تعملون ، وإنها لجنة أبدا أو لنار أبدا "
فقال أبو طالب :" ما أحب إلينا معاونتك ، وأقبلنا لنصيحتك ، وأشد تصديقاً لحديثك ، وهؤلاء بنو أبيك مجتمعون ، وإنما أنا أحدهم ، غير أنى أسرعهم إلى ما تحب ، فامض لما أمرت به ، فو الله ، لا أزال أحوطك وأمنعك ، غير أن نفسي لا تطاوعني على فراق دين عبد المطلب "
فقال أبو لهب : " هذه والله السوأة خذوا على يديه قبل أن يأخذ غيركم " ، فقال أبو طالب : " والله لنمنعنه ما بقينا" 34
قال ابن إسحاق ـ رحمه الله تعالي ـ :
" مشى رجال من أشراف قريش إلى أبى طالب ، فقالوا: يا آبا طالب إن ابن أخيك قد سب آلهتنا ، وعاب ديننا ، وسفه أحلامنا ، وضلل آباءنا ، فإما آن تكفه عنا ، وإما أن تخلى بيننا وبينه ، فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه ، فنكفيكه ، فقال لهم أبو طالب قولاً رقيقاً وردهم رداً جميلاً ، فانصرفوا عنه ، ومضى رسول الله على ما هو عليه ، يظهر دين الله ويدعو إليه. ولكن لم تصبر قريش طويلا حين رأته ماضيا في عمله ودعوته إلى الله ، بل أكثرت ذكره وتذامرت فيه حتى قررت مراجعة أبي طالب بأسلوب أغلظ وأقسى من السابق .
فجاءت سادات قريش الى أبى طالب فقالوا له: يا أبا طالب ، إن لك سنا وشرفا ومنزلة فينا ، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا ، وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آباءنا ، وتسفيه أحلامنا ، وعيب آلهتنا ، حتى تكفه عنا ، أو ننازله وإياك في ذلك ، حتى يهلك أحد الفريقين .
فعظم على أبى طالب هذا الوعيد والتهديد الشديد فبعث إلي رسول الله  وقال له: يا ابن أخي ، إن قومك قد جاءوني فقالوا لي كذا وكذا ، فابق على وعلى نفسك ، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق ، فظن رسول الله أن عمه خاذله ، وانه ضعف عن نصرته ، فقال  " يا عم ، والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته " ، ثم استعبر وبكى وقام ، فلما ولى ناداه أبو طالب ، فلما أقبل قال له : اذهب يا ابن أخي ، فقل ما أحببت ، فو الله لا أسلمك لشيء أبدا .35
ولما رأت قريش أن رسول الله ماض في عمله عرفت أن أبا طالب قد أبى خذلان رسول الله ، وانه مجمع لفراقهم وعداوتهم فى ذلك ، فذهبوا إليه بعمارة بن المغيرة وقالوا له: يا أبا طالب ، إن هذا الفتى أنهد فتى فى قريش وأجمله ، فخذه لك عقله ونصره ، واتخذه ولداً فهو لك ، وأسلم إلينا ابن أخيك هذا الذي خالف ديننا ودين آبائنا ، وفرق جماعة قومك ، فنقتله ، فإنما هو رجل برجل ، فقال: والله لبئس ما تسومونني ، أتعطونى أبنكم أغذيه لكم ، وأعطيكم ابني تقتلونة ! ، هذا والله ما لا يكون أبداً .
فقال المطعم بن عدى بن نوفل: والله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك ، وجهدوا على التخلص مما تكره ، فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئا ، فقال: والله ما أنصفتموني ولكنك قد أجمعت خذلاني ومظاهرة القوم على،فاصنع ما بدا لك.36 وقد بلغ من حماية أبو طالب للنبي ورعايته إلي أن قال  " ما نالت منى قريش شيئا أكرهه ، حتى مات أبو طالب "
 وفاته :
ثم ألح المرض بأبي طالب ، فلم يلبث أن وافته المنية ، وكانت وفاته في رجب سنة عشر من البعثة ، بعد الخروج من الشعب ـ شعب أبى طالب ـ بستة أشهر .
وفى الصحيح عن سعيد بن المسيب: أن أبا طالب لما حضرته الوفاة دخل عليه النبي  وعنده أبو جهل ، فقال " آي عم ، قل: لا إله إلا الله ، كلمة أحاج لك بها عند الله " ، فقال أبو جهل وعبد الله بن أمية: يا أبا طالب ، ترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فلما يزالا يكلماه حتى قال آخر شئ كلمهم به : على مله عبد المطلب ، فقال النبي " لأستغفرن لك ما لم أنه عنه " ، فنزلت { إنك لا تهدى من أحببت }37
وفى الصحيح عن العباس بن عبد المطلب ، قال للنبي  : ما أغنيت عن عمك ، فإنه كان يحوطك ويغضب لك ؟ قال : " هو في ضحضاح من النار ، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار " . وعن أبى سعيد الخدرى أنه سمع النبي  وذكر عنده عمه ـ فقال : " لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار تبلغ كعبيه "
وهكذا توفى الحصن الذي أحتمت به الدعوة الإسلامية من هجمات الكبراء والسفهاء ، ولكنه بقى على مله الأشياخ من أجداده ، فلم يفلح كل الفلاح .

أبو لهب بن عبد المطلب
هو: عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم ، أحد أعمام النبي ، وكنيته أبو عتبة ، وإنما سمي أبا لهب ، لإشراق وجهه ، ولتلهب وجنتيه ، وكان كنيته من جنس عمله ، ومآله إلى ذات اللهب ، وإمرأته أم جميل ، وأسمها أروى بنت حرب بن أميه ، وهى أخت أبى سفيان .
ولقد كان أبو لهب كثيرالإيذاء لرسول الله  والبغض له والاذدراء به والتنقيص له ولدينه ، وانظر الى نموذج من نماذج كيد أبى لهب لدعوة الرسول التى عاداها من اليوم الأول للدعوة .
دعا رسول الله عشيرته بنى هاشم ، فجاءوا ومعهم نفرمن بني المطلب بن عبد مناف ، فكانوا نحو خمسة وأربعين رجلاً ، فلما أراد رسول الله آن يتكلم ، بادره أبو لهب وقال: هؤلاء عمومتك وبنو عمك فتكلم ، ودع الصباة ، واعلم انه ليس لقومك قاطبة طاقة ، وأنا أحق من أخذك ، فحسبك بنو أبيك ، وإن أقمت على ما أنت عليه فهو أيسر عليهم من آن يثب بك بطون قريش، وتمدهم العرب ، فما رأيت أحداً جاء على بني أبيه بشر مما جئت به ، فسكت رسول الله ، ولم يتكلم في هذا المجلس .
وروى الإمام أحمد عن ربيعة بن عباد ، وكان جاهلياً فأسلم ، قال: رأيت النبي فى الجاهلية فى سوق ذى المجاز وهو يقول : " يا أيها الناس ، قولوا لا إله إلا الله تفلحوا " ، والناس مجتمعون عليه ، ووراءه رجل وضئ الجبهه أحول ذو غديرتين ، يقول: انه صابئا كاذبا ، يتبعه حيث يذهب ، فسألت عنه فقالوا: هذا عمه أبو لهب .
وروى البخاري عن ابن عباس آن النبي خرج إلى البطحاء فصعد الجبل فنادى " يا صباحاه " ، فاجتمعت اليه قريش فقال" ارأيتم آن حدثتكم آن العدو مصبحكم او ممسكم أكنتم تصدقونى ؟ " ، قالوا: نعم ، قال " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " ، فقال أبو لهب: فلهذا جمعتنا ؟ تبا لك ، فأنزل الله تعالى : { تبت يدا أبى لهب وتب } 38
قال القرطبي ـ رحمه الله ـ :
وإنما كناه الله بأبي لهب - عند العلماء - لمعان أربعة :
الأول: أنه كان اسمه عبد العزى ، والعزى: صنم ، ولم يضف الله في كتابه العبودية إلى صنم .
الثاني: أنه كان بكنيته أشهر منه بإسمه ؛ فصرح بها.
الثالث: أن الاسم أشرف من الكنية ، فحطه الله عز وجل عن الأشرف إلى الأنقص ؛ إذا لم يكن بد من الإخبار عنه ، ولذلك دعا الله تعالى الأنبياء بأسمائهم ، ولم يكن عن أحد منهم . ويدلك على شرف الأسم على الكنية: أن الله تعالى يُسمى ولا يُكنى ، وإن كان ذلك لظهوره وبيانه ؛ واستحالة نسبة الكنية إليه ، لتقدسه عنها .
الرابع: أن الله تعالى أراد أن يحقق نسبته ، بأن يدخله النار، فيكون أباً لها ، تحقيقا للنسب ، وإمضاء للفأل والطيرة التي اختارها لنفسه. وقد قيل: إسمه كنيته. فكان أهله يسمونه أبا لهب ، لتلهب وجهه وحسنه ؛ فصرفهم الله عن أن يقولوا: أبو النور، وأبو الضياء ، الذي هو المشترك بين المحبوب والمكروه ، وأجرى على ألسنتهم أن يضيفوه إلى اللهب الذي هو مخصوص بالمكروه المذموم ، وهو النار. ثم حقق ذلك بأن يجعلها مقره " ا هـ 39.
وكان أبو لهب قد زوج ولديه عتبة وعتيبة ببنتي رسول الله رقية وأم كلثوم قبل البعثة ، فلما كانت البعثة أمرهما بتطليقهما بعنف وشدة حتى طلقاهما ولم يكونا قد دخلا بهما .40
وكانت إمرأة أبى لهب لا تقل عن زوجها في عداوة النبي ، فكانت تحمل الشوك ، وتضعه في طريق النبي وعلى بابه ليلاً ، وكانت إمرأة سليطة تبسط فيه لسانها ، وتطيل عليه الإفتراء والدس ، وتؤجج نار الفتنة ، وتثير حربا شعواء على النبي ، ولذلك وصفها القرآن بحمالة الحطب .
ولما سمعت ما نزل فيها وزوجها من القرآن أتت رسول الله وهو جالس فى المسجد عند الكعبة ، ومعه أبو بكر ، وفى يدها فهر من حجارة ، فلما وقفت عليهما أخذ الله ببصرها عن رسول الله ، فلا ترى إلا ابا بكر ، فقالت: يا أبا بكر ، أين صاحبك ؟ قد بلغني أنه يهجوني ، والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه ، أما والله إني لشاعرة ، ثم قالت :
مذمماُ عصينا * وأمره أبينا * ودينه قلينا
ثم انصرفت ، فقال أبو بكر: يا رسول الله ، أما تراها رأتك ؟ فقال : " ما رأتنى ، لقد أخذ الله ببصرها عنى " 41
 نهايتهم :
قال أبو رافع مولى رسول الله  " رماه الله ، آى أبا لهب ، بالعدسة ، فقتلتة ، فلقد تركه أولاده بعد موته ثلاثاً ، فما دفناه حتى أنتن وكانت قريش تتقى هذه العدسة ، كما تتقى الطاعون ، حتى قال لهم رجل من قريش: ويحكما ،آلا تستحيان أبوكما قد انتن في بيته لا تدفنانه ؟ فقالا: أنا نخشى عدوة هذه القرحة ، فقال: انطلقا فأنا أعينكم عليه ، فوالله ما غسلوه إلا قذفا بالماء عليه من بعيد ما يدنون منه ، ثم احتملوه إلى أعلى مكة ، فأسندوه إلى جدار ، ثم رجموا عليه بالحجارة "
أما زوجته: قال الضحاك " كانت تعير النبي بالفقر وهى تحتطب فى حبل تجعله فى عنقها ، فخنقها الله به فأهلكها ، وهو فى الآخرة حبل من نار" 42.

حمزة بن عبد المطلب
هو: حمزة بن عبد المطلب بن هشام بن عبد مناف ، عم النبي  ، أسد الله عز وجل ، وأسد رسوله ، أسلم واتبع النبي ومات شهيداً ، فلقبه النبي بسيد الشهداء .
أمه: هالة بنت أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب ، وكان له من الولد : يعلى ،وعامر، وبنت اسمها: أمامه ، وانفرد الواقدى ، فقال: وعمارة .
 إسلامه
يقول ابن إسحاق ـ رحمه الله ـ :
" آن أبا جهل مر برسول الله  عند الصفا فأذاه وشتمه ونال منه بعض ما يكره ، من العيب لدينه والتضعيف لأمره ، فلم يكلمه رسول الله ، ومولاه لعبد الله بن جدعان في مسكن لها تسمع ذلك منه ، ثم انصرف عنه ، فعمد إلى نادى قريش عند الكعبة فجلس معهم فلم يلبث حمزة بن عبد المطلب أقبل متوشحا قوسه ، راجعا من قنص له ، كان يصطاد ـ وكان صاحب قنص يرميه ويخرج له ، وكان إذا رجع من قنصه لم يصل الى أهله حتى يطوف بالكعبة ، وكان أعز فتى فى قريش وأشدهم شكيمه ، فلما مر بمولاة عبد الله بن جدعان ، وقد رجع رسول الله الى بيته ، قالت له: يا أبا عمارة ، لو رأيت ما لقى ابن أخيك محمد آنفا من أبى الحكم بن هشام ، وجده ها هنا جالساً فأذاه وسبه وبلغ منه ما يكره ، ثم انصرف عنه ولم يكلمه .
فغضب حمزة غضباً شديداً لما أراد الله به من الكرامة ، فخرج يسعى ولم يقف على أحد ، معداً لأبى جهل إذا لقيه آن يوقع به ، فلما دخل المسجد نظر إليه جالسا في القوم فأقبل نحوه ، حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه به فشجه شجه منكرة ، ثم قال: أتشتمه وأنا على دينه أقول كما يقول ؟ ، فرد على أن استطعت ، فقامت رجال من بنى مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل ، فقال أبو جهل : دعوا أبا عمارة ، فإني والله قد سببت ابن أخيه سباً قبيحاً .43
وتم حمزة على إسلامه ، وعلى ما تابع عليه الرسول من قوله ، فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله قد عز وامتنع ، وأن حمزة سيمنعه ، فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه .
ومضى حمزة في طريق الإيمان ، والذود عن الدعوة ، حتى بلغ مقاماً لم يبلغه غيره من المسلمين ، فهو سيد الشهداء بشهادة سيد الخلق رسول الله  ، فكان إسلامه عزاً للمسلمين ، ومنعة وقوة لرسول الله ، إذ أذل الله به كبراء قريش ، وظهرت به الدعوة بعد استخفائها ، أعلنت بصوته كلمة الحق بعد استتارها ، وجهر بالتكبير لله تعالى على سمع طغاة الشرك ، فأراهم حقارة عقولهم في دناءة معبودا تهم ، وأراهم عزة الحق وانتصاره ، فكان إسلامه ظفراً ، ومنعه فتحاً .
 جهاده
وتمر الأيام وتأتى الفرصة المناسبة التي يكشر فيها الأسد عن أنيابه ليعلم المشركون إنهم لا طاقة لهم بهؤلاء الأبطال الذين يحرصون على الموت أكثر من حرص المشركين على الحياة .
* وها هو يوم بدر ، يوم الفرقان الأعظم ، يوم التقى الجمعان ، وقف المسلمون والمشركون وجهاً لوجه ، فكان أول وقود المعركة " الأسود بن عبد الأسد المخزومى " ، وكان رجلاً شرساً سيئ الخلق ، فقال: أعاهد الله لأشربن من حوضهم ، أو لأهدمنه ، أو لأموتن دونه ، فلما خرج خرج إليه حمزة ، فلما التقيا ضربه حمزة فأطن قدمه بنصف ساقه ، وهو دون الحوض ، فوقع على ظهره تشخب رجله دما نحو أصحابه ، ثم حبا إلى الحوض حتى اقتحم فيه ، يريد أن يبر يمينه ، واتبعه حمزة فضربة حتى قتله في الحوض .
وبعد أن استطاع حمزة قتل الأسود بن عبد الأسد في الحوض خرج بعده عتبة بن ربيعة ، بين أخيه شيبه بن ربيعة وابنه الوليد بن عتبة ، حتى إذا فصل الصف من الصف دعا إلي المبارزة ، فخرج إليه فتيه من الأنصار ثلاثة وهم : عوف ، ومعوذ ابنا الحارث ، ورجل آخر ، يقال: هو عبد الله بن رواحة ، فقالوا: من أنتم ؟ فقالوا: رهط من الأنصار. قالوا: ما لنا بكم حاجة. ثم نادى مناديهم: يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا. فقال رسول الله  " قم يا عبيدة بن الحارث ، وقم يا حمزة ، وقم يا علي " ، فلما قاموا ودنوا منهم ، قالوا: من أنتم ؟ قال عبيدة: عبيدة ، وقال حمزة: حمزة ، وقال علي: علي ، قالوا: نعم ، أكفاء كرام .
فبارز عبيدة ـ وكان أسن القوم ـ عتبة بن ربيعة ، وبارز حمزة شيبة بن ربيعة ، وبارز على الوليد بن عتبة ، فأما حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله ، وأما على فلم يمهل الوليد أن قتله ، واختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتين ، كلاهما أثبت صاحبه ، وكر حمزة وعلى بأسيافهما على عتبة فذففا عليه ، واحتملا صاحبهما ، فحازاه إلى أصحابه . 44
وفى يوم أحد كان حمزة يقاتل قتال الليوث المهتاجة فصد حمله اللواء من بنى عبد الدار واقتنص أرواحهم فرداً فرداً .
عن سعد بن أبى وقاص قال : " كان حمزة يقاتل يوم أحد بين يدي رسول الله  بسيفين ويقول : أنا أسد الله "
ولولا ترك الرماة مكانهم فوق الجبل ، ونزلوا الى أرض المعركة ليجمعوا غنائم العدو المهزوم ، لكانت غزوة أحد مقبرة قريش كلها ، رجالها ، ونسائها ، ...بل وخيلها . . . وإبلها !
فلقد دهم المشركون المسلمون من ورائهم على حين غفلة ، وأعملوا فيهم سيوفهم الظامئة المجنونة ، وراح المسلمون يجمعون أنفسهم من جديد ، ويحملون سلاحهم الذي كان بعضهم قد وضعه حين رأى جيش قريش ينسحب ويولى الأدبار . . . ، ولكن المفاجأة كانت قاسية جداً .
 استشهاده 
يرويها لنا وحشى بن حرب فيقول : "كنت غلاما لجبير بن مطعم ، وكان عمه طعيمه بن عدى قد أصيب يوم بدر ـ قتل ـ فلما سارت قريش الى أحد ، قال لى جبير: إن قتلت حمزة عم النبي بعمى فأنت عتيق ، قال: فخرجت مع الناس ، وكنت رجلاً حبشياً أقذف بالحربة قذف الحبشة ، قلما أخطئ بها شيئا ، فلما التقيا الناس خرجت أنظر حمزة ، واتبصره ، حتى رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأورق ، يهد الناس بسيفه هدا ، ما يقوم له شئ ، فوالله إني لأتهيا له ، أريده وأستتر منه بشجره أو حجر ليدنو منى إذا تقدمني إليه سباع بن عبد العزى ، فلما رآه حمزة قال: هلم يا ابن مقطعة البظور. قال: فضربه ضربه كأن ما أخطأ رأسه ، فهززت حربتي ، حتى إذا رضيت منها ، دفعتها عليه ، فوقعت في ثنته ، حتى خرجت من بين رجليه ، وذهب لينوء نحوى ، فغلب ، وتركته وإياها حتى مات ، ثم أتيته فأخذت حربتي ، ثم رجعت الى المعسكر ، فقعدت فيه ، ولم يكن لي بغيره حاجه ، وإنما قتلته لأعتق .
فلما قدمت مكة أعتقت ، ثم أقمت حتى إذا أفتتح رسول الله مكة هربت الى الطائف ، فمكثت بها ، فلما خرج وفد الطائف الى رسول الله ليسلموا فقلت: ألحق بالشام أوباليمن ، فوالله إنى لفى ذلك من همى إذ قال لى رجل : ويحك انه والله ما يقتل أحدا من الناس دخل دينه ، وتشهد شهادته .
فلما قال لي ذلك ، خرجت حتى قدمت على رسول الله المدينة ، فلم يرعه إلا بى قائماً على رأسه أتشهد بشهادة الحق ، فلما رآنى قال " وحشى " قلت : نعم يا رسول الله قال " أقعد حدثنى كيف قتلت حمزة " ، قال: فحدثته ، فلما فرغت من حديثي قال " ويحك غيب عنى وجهك ، فلا أرينك " ، فكنت أتنكب رسول الله حيث كان لئلا يراني ، حتى قبضه الله ـ آي توفاه. 45
ولم يكتف أعداء الله بقتل حمزة ، بل مثلوا بجسده ، فإنه عندما بحث عنه الصحابة ومعهم النبي وجدوه قد بقر بطنه ، واحتمل وحشى كبده الى هند بنت عتبه فى نذر نذرته حين قتل أباها يوم بدر .
فدفن في نمرة كانت له ، إذا رفعت رأسه ، بدت قدماه ، فغطوا قدميه بشيء من الشجر. قال  " رأيت الملائكة تغسل حمزة بن عبد المطلب وحنظله الراهب " 46
وهذه كرامة لحمزة بن عبد المطلب  وهكذا يؤيد الله أولياؤه بالنصرة والتأييد وبالكرامات فى حياتهم وبعد مماتهم .

العباس بن عبد المطلب
هو: العباس بن عبد المطلب بن هاشم ، أبو الفضل .
أمه: نتيلة بنت خباب ، وكان أسن من رسول الله بثلاث سنين ، وله من الولد: الفضل ، وهو أكبر ولده وبه يكنى ، وعبد الله وهو الحبر ، وعبيد الله وكان جواداً ، وعبد الرحمن ، وقثم ، ومعبد ، وحبيبة ، وأمهم جميعا أم الفضل ، وأسمها لبابة بنت الحارث بن حزن .
وكثير ، وتمام ، وصفية ، وأميمة ، وأمهم جميعا أم ولد ، والحارث ، وأمه حجيلة بنت جندب .
 صفته 
قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ : " كان طويلاً جميلاً أبيض بضا ذا طفرتين" 47
وقال الإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ : " دنا من الشام و تنحى ومعه غلام ، فعمد الى مركب غلامه فركبه ، وعليه فرو مقلوب ، وحول غلامه على رحل نفسه ، وأن العباس لبين يديه على فرس عتيق ، وكان رجلاً جميلاً ، فجعل البطارقة يسلمون عليه ، فيشير: لست به ، وانه ذاك " 48
 إسلامه
قال بعض المؤرخين: آن العباس كان قد أسلم قبل الهجرة وكتم إسلامه ، وقيل: انه أسلم قبل الفتح ، وكانت قريش تجد فى قلبها شيئا من ناحية العباس ، ولكنها لم تجد ما يؤيد ظنها ، وبخاصة انه كان فى ظاهر أمره موافقاً لهم ، فلما كانت غزوة بدر أرادت قريش أن تقطع الشك باليقين فجعلته يخرج معها في تلك الغزوة ، ولذلك نهى النبي  أصحابه عن قتل العباس .
عن ابن عباس أن النبي قال لأصحابه : " إني قد عرفت أن رجالاً من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرهاً ، لا حاجة لهم بقتالنا ، فمن لقى أحداً من بني هاشم فلا يقتله ، ومن لقى آبا البخترى بن هشاك فلا يقتله ، ومن لقى العباس بن عبد المطلب فلا يقتله ، فإنه إنما أخرج مستكرهاً " ، فقال أبو حذيفة بن عتبة: أنقتل آباءنا ، وأبناءنا ، وإخواننا ، وعشيرتنا ونترك العباس ، والله لئن لقيته لألحمنه بالسيف ، فبلغت رسول الله فقال لعمر بن الخطاب : " يا أبا حفص ، أيضرب وجه عم رسول الله بالسيف " ، فقال عمر " يا رسول الله ، دعني فأضرب عنقه بالسيف ، فوالله قد نافق "
فكان أبو حذيفة يقول " :ما أنا بآمن من تلك الكلمة التى قلت يومئذ ، ولا أزال منها خائفا إلا آن تكفرها عنى الشهادة ، فقتل يوم اليمامة شهيدا " 49
 فضائله
عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أن رجلاً من الأنصار وقع فى أب للعباس كان فى الجاهلية ، فلطمه العباس ، فجاء قومه ، فقالوا: والله لنلطمنه كما لطمه ، فلبسوا السلاح. فبلغ ذلك رسول الله ، فصعد المنبر ، فقال :" يا أيها الناس ، آي آهل الأرض أكرم على الله ؟ ، قالوا: أنت ، قال : " فإن العباس منى وأنا منه ، لا تسبوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا " فجاء القوم فقالوا: نعوذ بالله من غضبك يا رسول الله . وعن سعيد بن المسيب ، عن سعد قال: كنا مع النبي في نقيع الخيل ، فأقبل العباس ، فقال النبي : " هذا العباس عم نبيكم ، أجود قريش كفاً ، وأوصلها " 51
وعن المطلب بن ربيعة ، قال: قال رسول الله : " ما بال رجال يؤذونني في العباس ، وإن عم الرجل صنو أبيه ، من آذى العباس فقد آذاني " 52
 وفاته
قالت عائشة بنت سعد " جاءنا رسول عثمان ، ونحن بقصرنا على عشرة أميال من المدينة ، أن العباس قد توفى ، فنزل أبى وسعيد بن زيد ونزل أبو هريرة من السمرة ، فجاءنا أبى بعد يوم فقال: ما قدرنا آن ندنو من سريرهكثرة الناس ، غلبنا عليه ، وكنت أحب حمله " 53

عماته صلي الله عليه وسلم
أنجب عبد المطلب ست بنات وهم: أروى ، وعاتكة ، والبيضاء ، وبرة وصفية ، ونتكلم بإيجاز عن كل واحدة منهن :

أروى بنت عبد المطلب
هي: أروى بنت عبد المطلب ، تزوجها عمير بن طليب ، فولدت له : طليبا ، ثم تزوجها أرطأة ، فولدت له فاطمة .
 إسلامها :
أسلمت ، وهاجرت الى الرسول وأسلم أبنها طليب مبكراً فى دارالأرقم بن أبى الأرقم .
وذكر محمد بن سعد آن أروى رثت النبي  ، أنشدت له أبيات :
آلا يا رسول الله كنت رجاءنا وكنت بنا برا ولم تك جافيا
كان على قلبي لذكر محمد وما جمعت بعد النبي المجاويا
ولم تذكر سنه وفاتها . 54

عاتكة بنت عبد المطلب
هي: عاتكة بنت عبد المطلب الهاشمية ، عمه النبي .
 إسلامها :
أسلمت وهاجرت ، وهى صاحبة الرؤيا فى مهلك آهل بدر ، وملخصها :
" كانت عاتكة قد رأت رؤيا أفزعتها ، وعظمت في صدرها ، فأخبرت بها أخاها العباس بن عبد المطلب ، وقالت: أكتم على ما أحدثك فإنى أتخوف أن يدخل على قومك منها شر ومصيبة .
وكانت قد رأت في المنام قبل خروج قريش الى بدر ، راكبا أقبل على بعير حتى وقف بالإبطح ، ثم صرخ بأعلى صوته ، يا آل عذر انفروا الى مصارعكم ، في ثلاث ، صرخ بها ثلاث مرات .
قالت: فأرى الناس اجتمعوا إليه ، ثم دخل المسجد ، والناس يتبعونه إذا مثل به بعيره على ظهر الكعبة ، فيصرخ بمثلها ثلاثا ، ثم مثل به بعيره على أبى قبيس ، جبل ، فصرخ بمثلها ثلاثاً ، ثم أخذ صخرة من أبى قبيس فأرسلها فأقبلت تهوى حتى إذا كانت بأسفل الجبل انفضت فما بقى بيت من بيوت مكة ، ولا دار من دور مكة إلا دخلته منها فلذة ، ولم يدخل داراً ، ولا بيتا من بيوت بني هاشم ، ولا بني زهرة من تلك الصخرة شئ. فقال العباس: إن هذه لرؤيا ، فخرج مغتما حي لقي الوليد بن عتبة ، وكان له صديقاً فذكرها له ، واستكتمه ، ففشا الحديث في الناس فتحدثوا برؤيا عاتكة " 55
وقد تزوج من عاتكة أبو أميمة بن المغيرة ، والد أم سلمة زوج النبي ، ورزقت من عبد الله ، وقريبة ، وغيرهما .
قال ابن سعد : " أسلمت عاتكة بمكة ، وهاجرت الى المدينة" 56

برة بنت عبد المطلب
هي: برة بنت عبد المطلب بن هاشم القرشية الهاشمية .
قال الذهبي :" لم تدرك المبعث "
تزوجها في الجاهلية عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، فولدت له أبا سلمة بن عبد الأسد ، شهد بدراً ، وهو زوج أم سلمة بنت أبى أمية ، ثم تزوج برة بعد عبد الأسد ، أبو رهم بن عبد العزى ، فولدت له آبا سبرة بن أبى رهم ، شهد بدرا . 57

البيضاء بنت عبد المطلب ـ أم حكيم ـ
هي: البيضاء بنت عبد المطلب ، تكنى أم حكيم .
قال الذهبي :" ما أظنها أدركت نبوة المصطفى  "
تزوجها في الجاهلية كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس فولدت له عامرا ، وأروى ، وطلحة ، وأم طلحة. فتزوج أروى بنت كريز عفان بن أبي العاص ، فولدت له عثمان بن عفان ، ثم تزوجها عقبة بن أبى معيط فولدت له ، خالدا ، وأم كلثوم والوليد ، وللثلاثة صحبة . 58

أميمة بنت عبد المطلب
هي: أميمة بنت عبد المطلب الهاشمية ، القرشية .
أمها: فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران ، تزوجها فى الجاهلية جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة ، فولدت له عبد الله ، وزينب بنت جحش زوجه النبي وحمنه بنت جحش .
قال الذهبي : " أسلمت وهاجرت "
قال ابن حجر : " أختلف في إسلامها ، فنفاه محمد بن اسحاق ، ولم يذكرها غير محمد بن سعد " 59

صفية بنت عبد المطلب
هي: صفية بنت عبد المطلب الهاشمية ، وهى شقيقة حمزة ، أم الزبير بن العوام. وأمها من بني زهرة ، تزوجت الحارث ، أخو أبى سفيان بن حرب فتوفى عنها ، ثم تزوجها العوام ، أخو السيدة خديجة بنت خويلد ، فولدت له الزبير ، والسائب ، وعبد الكعبة .
هي من المهاجرات الأول ، ولقد حزنت حزناً شديداً على مصرع حمزة أخيها ، ولكنها صبرت واحتسبت .
قال ابن سعد :" أسلمت صفية وبايعت رسول الله ، وهاجرت الى المدينة ، فأطعمها رسول الله أربعين وسقا بخيبر "
عرفت صفية بالشجاعة والإقدام ، وليس أدل على ذلك من قيامها بقتل أحد من المشركين بالعمود على رأسه في غزوة الأحزاب .
تقول صفية : " أن رسول الله لما خرج إلى الخندق ، جعل نساؤه في إطم يقال له : " فارغ " ، وجعل معهن حسان بن ثابت .
فجاء إنسان من اليهود ، فرقى في الحصن ، حتى أظل علينا ، فقلت لحسان : قم فاقتله ، فقال: لو كان ذلك لكنت مع رسول الله  .
قالت صفية: فجأت إليه فضربته حتى قطعت رأسه ، وقلت لحسان: قم فاطرح رأسه على اليهود ، وهم أسفل الحصن ، فقال: وما ذاك !
قالت: فأخذت رأسه ، فرميت به عليهم ، فقالوا: قد علمنا آن هذا لم يكن ليترك أهله خلوا ، ليس مهم أحد ، فتفرقوا " 60
 وفاتها :
عاشت السيدة صفية حتى خلافة الفاروق عمر بن الخطاب وكانت وفاتها سنة عشرين ، ودفنت بالبقيع ، ولها بضع وسبعون سنة . 61


أخواله صلي الله عليه وسلم
أم النبي كانت من بني وهب بن عبد مناف بن زهرة .
ولذا قال ابن قتيبة :" لا يعلم انه كان لآمنه أخ فيكون خال النبي ، ولكن بني زهرة جميعا يفتخرون قائلين: نحن أخوال النبي ، لأن آمنة كانت منهم " ، وأشهر هؤلاء :

سعد بن أبى وقاص
هو: سعد بن مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مر ، وأمه حمنة .
ووهيب بن هو الذي زوج آمنة من عبد الله ، والد الرسول  ، فقد كان يتولى أمرها بعد وفاة أبيها .
 صفته
كان قصيراً غليظاً ذا هامة ، شثن الأصابع ، آدم ، أفطس ، أشعرالجسد ، يخضب بالسواد . 62
أولادة 
كان له من الولد ، عمر ، ، ومحمد ، قتله الحجاج صبرا لخروجه مع ابن الأشعث ، وأمهما: مارية بيت قيس ، وعمير ، هلك فى حياه أبيه ، وإبراهيم ، روى عنه الحديث . وصالح ، نزل بالحيرة ، وقتله عبيدة ، وروى عنه الحديث ، وكان قد نزل الحيرة لشر وقع بينه وبين أخيه عمر .
 فضائله
عن سعيد بن المسيب قال: قال سعد : " ما أسلم أحد فى اليوم الذى أسلمت فيه ، ولقد مكثت سبعه أيام وإنى لثلث الإسلام " 63
وعن على قال: ما سمعت رسول الله يفدى أحدا بأبويه إلا سعد بن ملك فإني سمعته يقول له في يوم أحد " :أرم سعد ، فداك أبى وأمى " 64
وعن جابر بن عبد الله قال: أقبل سعد ورسول الله فقال : " هذا خالي فليرني أمرؤ خاله" 65 . وقال  " اللهم استجب لسعد إذا دعاك66"
وعن عبد الله بن عمر ،عن سعد بن أبى وقاص ، عن رسول الله ، انه مسح على الخفين ، وان عبد الله بن عمر سأل عمرعن ذلك فقال: نعم ، إذا حدثك سعد عن رسول الله ، شيئاً فلا تسأل غيره.
 وفاته 
مات سعد بن ابى وقاص فى قصره بالعقيق على بعد عشرة أميال من المدينة ، فحمل على رقاب الرجال الى المدينة ، وصلى عليه مروان بن الحكم ، وهو يومئذ والى المدينة،ثم صلا عليه أزواج النبي فى حجرهن ، ودفن بالبقيع 67
وكان قد أوصى أن يكفن في جبة صوف له كان لقي المشركين فيها يوم بدر ، فكفن فيها ، وذلك في سنة خمس وخمسين ، ويقال سنة خمسين ، وهو ابن بضع وسبعين سنة ، ويقال اثنتين وثمانين . 68

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

مجامر الألوة بذكر شجرة النبوة  Empty
مُساهمةموضوع: مجامر الألوة بذكر شجرة النبوة   مجامر الألوة بذكر شجرة النبوة  I_icon_minitimeالخميس نوفمبر 28, 2013 2:19 pm

أبناء أعمامه صلي الله عيه وسلم

عبد الله بن العباس
هو: عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم ، حبر الأمة ، وترجمان القرآن ، ابن عم النبي ، يكني: أبا العباس ، ولد في الشعب وبنو هاشم محصورون قبل خروجهم منه بيسير ، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين .
توفى النبي ، وهو ابن ثلاث عشرة سنة وكان حبر الأمة ، وسمى البحر لغزارة علمه ، وكان عمر ، وعثمان ، يدعوانه فيشير عليهما مع آهل بدر ، وكان يفتى في عهدهما إلى آن مات .
كان له من الولد: العباس ، وعلى السجاد ، والفضل ، ومحمد ، وعبيد الله ، ولبابة ، وأسماء .
أمه: أم الفضل لبابة بنت الحارث ، أخت ميمونة بنت الحارث ، زوج النبي .
 صفته
قال ابن كثير : " كان جسيماً إذا جلس يأخذ مكان رجلين ، جميلاً له وفرة ، قد شاب مقدم رأسه ، وشابت لحيته ، وكان يخضب بالحناء ، وقيل السواد ، حسن الوجه يلبس حسناً ويكثر من الطيب بحيث انه إذا مر فى الطرق تقول النساء هذا ابن عباس ، وكان وسيماً أبيض طويلاً ، ولما عمى أعترى لونه صفرة يسيرة 69"
 فضائله
عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس آن رسول الله كان في بيت ميمونة فوضعت له وضوءاً من الليل. فقال: فقالت له ميمونة: وضع لك هذا يا رسول الله عبد الله بن عباس فقال : "اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل " 70
وعن عكرمة عن ابن عباس قال: ضمني إليه رسول الله  ، وقال " اللهم علمه الحكمة " 71
وقال ابن مسعود : " نعم ترجمان القران ابن عباس" 72
وعن مجاهد قال " : كان ابن عباس إذا فسر الشيء رأيت عليه نورا "
وعن الحسن قال " : كان ابن عباس يقوم على منبرنا هذا ، فيقرأ البقرة وآل عمران ، فيفسرهما آية آية "
وكان عمر إذا ذكره قال : " ذاكم الفتى الكهول ، له لسان سؤول ، وقلب عقول "
وعن أبى صالح قال " :لقد رأيت من ابن عباس مجلسا لو أن جميع قريش فخرت به لكان فخراً ، رأيت الناس اجتمعوا حتى ضاقت بهم الطريق فما كان أحد يقدر على آن يجئ ، ولا آن يذهب. قال: فدخلت عليه ، فأخبرته بمكانه معلى بابه فقال: ضع لي وضوءا. قال: فتوضأ وجلس ، وقال: أخرج فقل لهم : من أراد آن يسال عن القرآن وحروفه وما أراد منه فليدخل .
قال : فخرجت ، فآذنتهم ، فدخلوا حتى ملئوا البيت والحجرة ، فما سألوه عن شئ إلا أخبرهم عنه وزادهم مثل ما سألوا عنه وأكثر .
ثم قال: إخوانكم. قال فخرجوا ، ثم قال: أخرج فقل ، من أراد آن يسأل عن تفسير القران ، و تأويله فيدخل. قال: فخرجت فآذنتهم ، فدخلوا حتى ملئوا البيت والحجرة ، فما سألوه عن شئ إلا أخبرهم به وزادهم مثل ما سألوا وأكثر .
ثم قال: إخوانكم. قال: فخرجوا ، ثم قال: أخرج فقل: من أراد آن يسأل عن الحلال والحرام والفقه فليدخل. قال: فخرجت ، فقلت لهم: فدخلوا حتى ملئوا البيت والحجرة ، فما سألوه عن شئ إلا اخبرهم به وزادهم مثله .
ثم قال إخوانكم. قال: فخرجوا ، ثم قال: أخرج فقل: من أراد آن يسأل عن الفرائض ، وما أشبهها فليدخل. قال: فخرجت فآذنتهم ، فدخلوا حتى ملئوا البيت والحجرة. فما سألوه عن شئ إلا أخبرهم به وزادهم مثله .
ثم قال: إخوانكم. قال: فخرجوا ، ثم قال: أخرج فقل: من أراد آن يسأل عن العربية والشعر ، والغريب من الكلام فليدخل. قال: فدخلوا حتى ملئوا البيت والحجرة. فما سألوه عن شئ إلا أخبرهم به وزادهم مثله .
قال أبو صالح: فلو أن قريش كلها فخرت بذلك لكان لها فخراً ، فما رأيت مثل هذا لأحد من الناس.73
 وفاته 
توفى ابن عباس بالطائف سنة ثمان وستين ، وهو ابن إحدى وسبعين سنة . وعن ميمون بن مهران قال: شهدت جنازة عبد الله بن عباس بالطائف ، فلما وضع ليصلى عليه جاء طائر أبيض حتى دخل في أكفانه فالتمس فلم يوجد ، فلما سوى عليه سمعنا صوتا نسمع صوته ولا نرى شخصه يقول : { يا أيتها النفس المطمئنة }
ولما بلغ جابر بن عبد الله وفاة ابن عباس صفق بإحدى يديه على الأخرى وقال: مات أعلم الناس ، وأحلم الناس ، ولقد أصيبت هذه الأمة مصيبة لا ترتق. فرضي الله عنه . 74

عبيد الله بن العباس
هو : عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم ، القرشي الهاشمي
أمه : لبابه بنت الحرث بن حزن الهلالية
 فضائله
رأى النبي  وسمع منه ، وحفظ عنه ، وكان أصغر سنا من أخيه عبد الله ،يقال: كان بينهما في المولد سنه .
كان عظيم الكرم والجود ، يضرب به المثل في السخاء ، واستعمله علي أمير على اليمن ، ولم يزل واليا على اليمن حتى قتل على .
وكان من كرمه انه ينحر كل يوم جزوراً ، فنهاه أخوه عبد الله فلم ينتهه ، ونحر كل يوم جزورين ، وكان هو و أخوه عبد الله إذا قدما المدينة أوسعهم عبد الله علماُ وأوسعهم عبيد الله طعاماً .
قال الذهبي : " وكان أميراً شريفاً ، جواداً ، ممدوحا "ً .
 وفاته 
أختلف في تحديد سنة وفاته على عده أقوال :
قال الفسوى : " مات في زمن معاوية "
وقال خليفة وغيره :" مات سنة ثمان وخمسين "
وقيل: توفى في أيام يزيد بن معاوية ، وهو الأكثر ، وكان موته بالمدينة 75.

الفضل بن العباس
هو: الفضل بن العباس بن عبد المطلب ، وكنيته : أبو محمد ، وأبو عبد الله .
أمه: لبابة بنت الحارث بن حزن الهلالي ، وهو أكبر أبناء العباس ، وبه كان يكنى العباس .
أسلم قبل والده ، وغزا مع النبي في الفتح ، وحنينا ، وثبت معه حين أنهزم الناس ، وشهد معه حجه الوداع ، وكان رديفه يومئذ .
تزوج الفضل بن العباس من صفيه بنت محمية بن جزء ، وأنجب منها أم كلثوم .
أشترك مع الرسول في الغزوات النبوية ، وعاش حتى حضر اليرموك ، وموقعة مرج صفر ، وموقعة أجنادين .
وقد شهد الفضل غسل النبي بعد وفاته ، وكان يصب الماء عليه علي بن أبى طالب .
 وفاته
أختلف في تحديد سنة وفاته ، فمن قائل انه سنة ثلاث عشرة ، وقيل: بل مات في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة بالشام ، وقيل: بل أستشهد يوم اليرموك سنة خمس عشرة . 76

قثم بن العباس
هو: قثم بن العباس بن عبد المطلب ، أبن عم النبي ، أمه: لبابة بنت الحارث .
 فضائله
عرف قثم بن العباس بالأدب الجم ، والخلق الرفيع ، فقيل له: كيف ورث على بن طالب رسول الله دونكم ؟ فقال: انه كان أولنا لحوقاً ، وأشدنا لزوقاً .
وكان أخر الناس عهداً بالرسول ، وذلك لأنه كان آخر من خرج من قبره ممن نزل فيه .
ولما ولى على بن أبى طالب الخلافة أستعمل قثم بن العباس والياً على مكة ، فلم يزل عليها حتى قتل على .
وفاته
سار قثم في أيام خلافة معاوية بن أبى سفيان إلى سمرقند غازياً مع سعيد بن عثمان بن عفان فاستشهد هناك .
وليس لقثم آي نسل . 77

عبد الله بن الحارث
هو: عبد الله بن الحارث بن عبد المطلب ، وكان أسمه عبد شمس ، فغيرو أسمه إلى عبد الله ، أسلم قبل فتح مكة بقليل .
 وفاته
خرج عبد الله بن الحارث مع الرسول في بعض المغازى مجاهداً ، فمات في ناحية من المدينة يطلق عليها " الصفراء " فكفنه الرسول ، ودفنه . 78

ربيعة بن الحارث
هو: ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم ، وكان أسن من عمه العباس بسنتين .
له من الولد: محمد ، وعبد الله ، والحارث ، والعباس ، وأميه ، وعبد شمس ، أروى الكبرى ، وهند ، وأروى الصغرى ، وآدم. وقد قتل بنو ليث آدم بن ربيعة في حرب كانت بينهم وكان صغيراً يحبو أمام البيوت ، فأصابه حجر فقتله ، فأصبح والده صاحب دمه ، فقال النبي  " أول دم أضعه دم ابن ربيعة " 79
 إسلامه
لما خرج العباس ونوفل إلى رسول الله مهاجرين أيام الخندق ، شيعهما ربيعة إلى الأبواء ، ثم أراد الرجوع ، فقالا له: أين ترجع ؟ ، إلى دار الشرك تقاتلون رسول الله ، وتكذبونه ، وقد عز وكثف أصحابه ، أرجع ، فسار معهما حتى قدموا جميعا مسلمين .
 وفاته
أطعم رسول الله ربيعة بخيبر مائة وسق كل سنة ، وشهد معه الفتح ، وحنينا ، وابتنى دارا بالمدينة ، وعاش بعد وفاة الرسول ، وانتهت خلافة الصديق وجاءت خلافة الفاروق ، وفى سنة ثلاث وعشرين من خلافة الفاروق كانت وفاة ربيعة . 80

أبو سفيان بن الحارث
هو: المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب ، وأخو نوفل ، وربيعة .
 إسلامه
تلقى النبي في الطريق قبل أن يدخل مكة مسلماً ، فانزعج النبي  وأعرض عنه ، لأنه بدت منه أمور في أذيه النبي ، فتذلل للنبي حتى رق له ، ثم حسن أسلامه ، ولزم هو والعباس رسول الله يوم حنين إذ فر الناس ، وأخذ بلجام البغلة ، وثبت معه .
وكان أخا النبي  من الرضاعة ، أرضعتهما حليمة .
وكان إسلامه يوم الفتح قبل دخول النبي مكة ، لقيه بالأبواء فأسلم .
 وفاته
حج أبو سفيان بن الحارث ، فلما حلق الحلاق رأسه قطع ثؤلولاً ، وكان في رأسه ، فلم يزل مريضاً منه حتى مات بعد مقدمة من الحج ، سنة عشرين ، ودفن فى دار عقيل بن أبى طالب ، وصلى عليه عمر بن الخطاب . 81

نوفل بن الحارث
هو: نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، أبو الحارث ، أبن عم النبي 
 أولادة
ولد لنوفل بن الحارث ، الحارث ، وله صحبه ، ومن ولده: عبد الله بن الحارث بن نوفل ، الذي أتفق عليه أهل البصرة في الفتنة ، وهو الملقب بببه ، أمه: بنت أبى سفيان بن حرب ، وعبد الله بن نوفل بن الحارث ، ولاه مروان القضاء بالمدينة ، وبنوه: عبد الله ، وإسحاق ، والصلت .
وسعيد الفقية بن نوفل بن الحارث ، والمغيرة بن نوفل ، وتزوج المغيرة أمامة بنت أبى العاص بن الربيع ، وأمها زينب بنت رسول الله 
آخى النبي بينه وبين العباس ، وقد كان شريكين في الجاهلية متصافين ، متعاونين .
شهد نوفل بيعة الرضوان ، أعان رسول الله يوم حنين بثلاثة آلاف رمح ، وثبت معه يومئذ .
وقد أسر نوفل يوم بدر ، ولم يكن له مال ، ففداه عمه العباس ، ولما فداه أسلم وكان ممن شهد فتح مكة ، وحنينا ، والطائف .
 وفاته
أختلف في سنة وفاته لموته مبكراً. فقيل مات سنة عشرين ، وقيل: سنة خمس وعشرين ، وقال ابن عبد البر توفى بالمدينة في داره في خلافة عمر ، وصلى عليه عمر ، بعد أن مشى معه إلى البقيع ، ووقف على قبره حتى دفن82 .

عقيل بن أبى طالب
هو: عقيل بن أبى طالب بن عبد المطلب بن هاشم ، يكنى آبا يزيد ، وهو أكبر أخوته ، وآخرهم موتا .
أنجب عقيل بن أبى طالب عده أولاد ، منهم :
يزيد ، وبه كان يكنى ، وسعيدا ، لا بقيه لهما ، وأمهما: رايطة بنت عمرو
وجعفراً الأكبر ، وأبا سعيد الأحول ، لا بقيه لهما ، وأخوهما لأمهما عروة بن نافع بن عروة.
ومسلم بن عقيل ، قتل بالكوفة ـ وسيأتي عنه الحديث في الفصل الثالث ـ ولا بقية له .
وعبد الله الأكبر ، قتل بالطف ، وعبد الله الأصغر ، ولا بقية لهما ، أمهما ، وأم مسلم: أم ولد ، يقال لها: علية .
وحمزة ، وعيسي ، وعثمان ، وعليا ، ماتوا ، لأمهات أولاد شتي .
وأم هانئ ، واسمها: رملة ، وزينب الكبرى ، وفاطمة ، وزينب الصغرى ، وأم لقمان ، بنات عقيل لأمهات شتى .
وقد انقرض نسل عقيل إلا محمد بن عقيل ، وكانت عنده زينب الصغرى بنت على بن أبى طالب ، وهى لأم ولد ، فولدت له: عبد الله بن محمد ، روى عنه الثوري وغيره .
 هجرته
شهد عقيل بن أبى طالب غزوة بدر مشركا ، وأخرج إليها مكرهاً ، فأسر، ولم يكن له مال ، ففداه العباس .
قال ابن سعد : " خرج عقيل مهاجراً في أول سنة ثمان ، وشهد مؤتة ، ثم رجع فمرض مدة ، فلم يسمع له بذكر في فتح مكة ، ولا حنين ، ولا الطائف "  فضائله
كان عقيل بن أبى طالب سريع الجواب المسكت للخصم ، وكان أعلم قريش بالنسب ، وأعلمهم بأيامها ، ولكنه كان مبغضا إليهم ، لأنه كان يعد مساويهم .
قال ابن عباس : " كان في قريش أربعة يتنافر الناس إليهم ، ويتحاكمون : عقيل بن أبى طالب ، ومخرمة بن نوفل الزهري ، وأبو الجهم بن حذيفة العدوى ، وحويطب بن عبد العزى العامرى "
وكان الثلاثة يعدون محاسن الرجل إذا آتاهم ، فإذا كان أكثر محاسن نفروه ـ آي غلبوه على صاحبه ـ ، وكان عقيل يعد مساوئ ، فأيها كان أكثر مساوئ تركه ، فيقول الرجل : وددت أنى لم أته ، أظهر من مساويه ما لم يكن الناس يعلمون . 83
لذلك عادوه ، وقالوا فيه بالباطل واختلقوا عليه أحاديث مزورة ، وكان مما أعانهم عليه مفارقته أخاه علياً ، ومسيره إلى الشام إلى معاوية .
فقيل: أن معاوية قال له يوما: هذا أبو يزيد لولا علمه بأني خير له من أخيه ، لما أقام عندنا ، فقال له عقيل: أخي خير لي في ديني ، وأنت خير لي في دنياى وقد آثرت دنياى ، وأسال الله خاتمة خير بمنه .
قال: وقال له معاوية يوما: يا أهل الشام ، إن عم هذا أبو لهب. فقال عقيل : يا أهل الشام ، إن عمه هذا حمالة الحطب ، وكانت أم جميل امرأة أبى لهب وهى بنت حرب 84.
قال الضحاك : " إني لأعلم بمحاسن قريش ، وأن عقيلاً عالم بمساويها "
وفاته
عاش عقيل بن ابى طالب حتى أنتهت خلافة معاوية ، وفى خلافة يزيد قبل موقعة الحرة كانت وفاة عقيل بن أبى طالب . 85

جعفر بن أبى طالب
هو: جعفر بن أبى طالب بن عبد المطلب بن هاشم ، ابن عم النبي ، أخو على بن أبى طالب ، أمه: فاطمة بنت أسد ، وكان أسن من على بعشر سنين .
 أولاده
عبد الله ، ومحمد ، وعون ، أمهم: أسماء بنت عميس ، و انقرض نسل محمد ، من ناحيه ابنه القاسم ، ولعون نسل غير معروفين ، وأما عبد الله بن جعفر فله من الولد: على ، وأمه: زينب بنت على بن أبى طالب ، ومعاوية ، وإسماعيل ، وإسحاق لأمهات أولاد ،ولهم نسل .
ومحمد قتل بالطف ، وعون الأكبر ، ومات في حياة أبيه ، وعون الأصغر ، والحسين قتلا مع الحسين بن على ، وجعفر ، وعياض ، وأبو بكر، قتل يوم الحرة ، وعبيد الله ، ويحيى ، وصالح ، وموسى ، وهارون ، ويزيد ، ولا نسل لهم ، وأم كلثوم ، أمهما: زينب بنت على . 86
 فضائله
أسلم جعفر بن أبى طالب قديماً وهاجر الهجرتين ، ومعه إمراته أسماء بنت عميس ، فلم يزل هناك في الحبشة حتى فتحت خيبر ، فقال النبي  " ما أدرى بأيهما أفرح بقدوم جعفر أم بفتح خيبر " 87
أشتهر جعفر بن أبى طالب بالجود والكرم ، فقال أبو هريرة : " ما احتذى النعال ولا انتعل ولا ركب المطايا ولا ركب الكرو بعد رسول الله أفضل من جعفر بن أبى طالب " 88
ولقد كان في بني عبد مناف خمسة رجال يشبهون رسول الله  أشد الشبهة وهم: أبو سفيان بن الحارث ، وقثم بن العباس ، والسائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم جد الإمام الشافعى ، والحسن بن على ، وجعفر بن أبى طالب .
وعن أبى هريرة قال : " كان جعفر يحب المساكين ويجلس إليهم ، ويحدثهم ، ويحدثونه ، وكان رسول الله يسميه أبا المساكين "
 شجاعته
وقف أمام ملك الحبشة ، ودافع عن الإسلام ونبيه ، فقال: أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الرحم ، ونسئ الجوار ، يأكل القوى الضعيف ، فكنا على ذلك ، حتى بعث الله عز وجل إلينا رسولاً منا ، نعرف نسبه ، وصدقه ، وأمانته ، وعفافه ، فدعانا إلى الله عز وجل لنوحده ، ونعبده ، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه ، من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصله الأرحام ، وحسن الجوار ، والكف عن المحارم ، فصدقناه وآمنا به فعبدنا الله عز وجل وحده ، فلم نشرك به شيئا ، وحرمنا ما حرم علينا ، أحللنا ما أحل لنا ، فعدا علينا قومنا فعذبونا ، وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان ، فلما قهرونا وظلمونا ، وشقوا علينا ، وحالوا بيننا وبين قومنا خرجنا إلى بلدك ، فاخترناك على من سواك ، ورغبنا في جوارك ، ورجونا ألا نظلم عندك أيها الملك .89
 إستشهاده
عندما جهز رسول الله جيشا لتأديب الروم ، أمر عليه زيد بن حارثه ، وقال لهم : " إن أصيب ـ يعنى زيد ـ ، فالأمير جعفر بن أبى طالب " 90
وهنا يبرز الجهد العظيم ، والشرف الجليل الذي من أجله دخل جعفر الجنة ، لقد وصل المسلمون إلى مؤته ، وهى على مشارف الشام. وهناك وجدوا الروم قد جمعوا لهم جمعا عظيماً ، وهنا دار تهامس في صف المسلمين : أيرسلون لرسول الله يطلبون مدداً ، أم يقدمون على الحرب ؟ !
فقال عبد الله بن رواحة: يا قوم ، والله إن الذي تكرهون هو ما خرجتم له ، خرجتم تطلبون الشهادة ، ونحن ما نقاتل بقوة ، ولا بكثرة عدد ، ما نقاتل إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به ، فإنما هي إحدى الحسنيين ، إما الظهور على المشركين ، وإما الفوز بشهادة رب العالمين .
فقال الناس صدق: صدقت ، والله يا ابن رواحة ، ومضوا إلى القتال ، فلقوا هذه الجموع والتي كانت من كثرتها يخيل إلى الناظر لها أنها لا نهاية لها ، فقاتل الأمير زيد بن حارثة حتى استشهد ، فأخذ الراية جعفر بن أبى طالب ، وهو يقول غير هياب ولا وجل :
يا حبذا الحنة واقترابها طيبة و بارد شرابها
والروم قد دنا عذابها على أن لاقيتها ضرابها
وظل يقاتل حتى قتل .
قال ابن عمر : " جمعت جعفراً إلى صدري يوم مؤتة ، فوجدت في مقدم جسده بضعاً وأربعين من بين طعنة وضربه " 91
فقال  : " رأيت جعفر بن أبى طالب يطير في الجنة مع الملائكة بجناحين 92
واستشهد جعفر بمؤتة سنة ثمان من الهجرة ، وقد عاش بضعا وثلاثين سنة .

على بن أبى طالب
هو: على بن أبى طالب بن عبد المطلب بن هاشم ، أبو الحسن ، ابن عم رسول الله  .
أمه: فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف وهى بنت عم أبى طالب ، أسلمت وهاجرت ، وتوفيت في حياة النبي بالمدينة.
 صفته
يقول أبو رجاء العطاردى :" رأيت علياً شيخاً ، أصلع كثير الشعر ، كأنما اجتاب إهاب شاه ، ربعة ، عظيم البطن ، وعظيم اللحية " 93
ويخبرنا الشعبي ـ رحمه الله ـ :" انه رأى عليا ، ورأسه ، ولحيته بيضاء ، كأنها قطن " 94
ويكمل الشعبي فيقول :" ما رأيت أعظم لحيه منه ، وفى رأسه زغيبات والزغيبات: الشعرات الخفيفات "
ويقول أبو إسحاق :" رأيته يخطب ، وعليه إزار و رداء ، أنزع ، ضخم البطن ، أبيض الرأس واللحية ، أصلع ، أجلح "95
الجلح: ذهاب الشعر من مقدم الرأس ، فإذا انحسر الشعر على جانبي الجبهة ، فهو أنزع ، فإذا زاد قليلاً ، فهو أجلح ، فإذا بلغ النصف ونحوه ، فهو أجلى .
 إسلامه
كان من فضل الله وتوفيقه انه كان من أوائل الذين دخلوا الإسلام ، وقد جاءت بذلك الآثار الصحيحة والحسنة والتي في مجملها تبين أن علياً أول من أسلم من الصحب الكرام .
فهذا زيد بن أرقم  يقول :" أول من أسلم مع رسول الله على بن أبى طالب ، وأول رجل صلى مع رسول الله على بن أبى طالب "
قال أبو حمزة مولى الأنصار: فذكرته لإبراهيم النخعى فأنكره وقال " أبو بكر أول من أسلم "
ولا وجه للإنكار ، فإن أبو بكر أول من أسلم من الرجال ، وعلياً أول من أسلم من الصبيان أو الغلمان .
وكان ابن عباس يقول :" أول من أسلم من الناس بعد خديجة على ، و أول من صلى على " 96
 زوجاته
أول زوجة تزوجها على فاطمة بنت رسول الله ولم يتزوج عليها ، حتى توفيت عنده .
ثم تزوج أم البنين بنت حرام ، وتزوج ليلى أبنه مسعود بن خالد بن مالك ، وتزوج أسماء بنت عميس ، ثم تزوج من الصهباء أم حبيب بنت ربيعة ، ثم تزوج أمامة بنت أبى العاص. وأم سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفي .
وآخر من تزوج بهن محياه ابنه امرؤ القيس بن عدى.
 أولاده
كان للإمام على بن أبى طالب  من الأولاد: الحسن والحسين ، وزينب ، وأم كلثوم ، وأمهم جميعاً: فاطمة بنت الرسول وسيأتي ذكرهم في الفصل الثالث .
ومحمد بن على الأكبر ، ويقال له " ابن الحنفية" وأمه خوله بنت جعفر.
وعمر بن على ، ورقية ، وهما توأم ، وأمهما: الصهباء ، أم حبيب بنت ربيعة .
والعباس الأكبر ، يلقب بـ " السقاء" ويكنى أبا قربة ، وعثمان ، وجعفر الأكبر ، وعبد الله ، وقتلوا جميعاً مع الحسين ، وأمهم: أم البنين بنت حرام .
وعبيد الله بن على ، وأبو بكر بن على ، وأمهما: ليلى بنت مسعود .
ويحيى ، وعون ، وأمهما: أسماء بنت عميس .
ومحمد الأصغر ، لأم ولد .
وأم الحسين ، ورملة الكبرى ، وأمهما: أم سعيد بنت عروة.
وأم هانئ ، وميمونة ، وزينب الصغرى ، ورمله الصغرى ، وأم كلثوم الصغرى ، وفاطمة ، وخديجة ، وأم الكرام ، وأم جعفر ، وأسمها جمانة ، وأم سلمة ، ونفيسة ، وهن لأمهات شتى .
وابنه لم تسمى لنا ، هلكت وهى جارية ، وأمها: محياة بنت امرئ القيس97 .
 فضائله
يقول أحمد بن حنبل :" ما ورد لأحد من أصحاب رسول الله من الفضائل ما ورد لعلى " 98
فمن فضائله مع غيرة: انه من العشرة المبشرين بالجنة .
فعن أبى سعيد بن زيد قال: قال رسول الله : " عشرة في الجنة: أنا في الجنة ، وأبو بكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وعلى في الحنة ، والزبير في الجنة ، وسعد بن أبى وقاص في الجنة" ، قيل لسعيد بن زيد: فمن العاشر ؟ قال: أنا. 99
وعن على  ، قال: يا رسول الله إنك تبعثني إلى قوم هم أسن منى لأقضى بينهم ، قال : " اذهب فإن الله تعالى سيثبت لسانك ويهدى قلبك " 100
وعن حبشي بن جناده السلولى ، وكان قد شهد حجة الوداع قال: قال رسول الله  : " على منى وأنا من على ، ولا يؤدى عنى إلا أنا أو على " 101
وعن زر قال: قال على: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، انه لعهد النبي الأمي إلى " انه لا يحبني إلا مؤمن ، ولا يبغضني إلا منافق " 102
وعن ابن أبى حازم أن رجلاً جاء إلى سهيل بن سعد فقال هذا فلان ـ لأمير المؤمنين ـ يدعو علياً عند المنبر قال: ماذا يقول: قال: يقول له: أبو التراب ، فضحك ، قال: والله ما سماه إلا النبي ، وما كان له أسم أحب إليه منه ، فاستطعمت الحديث ، وقلت: يا أبا عباس كيف ذلك ؟
قال: دخل علي على فاطمة ثم خرج فاضطجع في المسجد ، فقال النبي أين ابن عمك ؟ قالت: في المسجد ، فخرج إليه فوجد رداءه قد سقط عن ظهره وخلص التراب إلي ظهره ، فجعل يمسح التراب عن ظهره ، فيقول " أجلس يا أبا التراب ، مرتين " 103
استشهاده
ما أن انتهت موقعة صفين ، وآل أمر التحكيم إلى ما آل إليه ، خرجت الخوارج ، فقاتلها على في موقعة النهروان .
وبعد ذلك تنغصت الأمور على أمير المؤمنين ، واضطرب عليه جيشه ، وخذلوه وتخلو عنه ، حتى كره الحياة ، وتمنى الممات ، وذلك لكثرة الفتن وظهور المحن .
يقول زيد بن وهب : " قدم على على قوم من البصرة من الخوارج ، فقال منهم الجعد بن نعجة: اتق الله يا على ، فإنك ميت . فقال على: بل مقتول ، ضربه على هذه تخضب هذه ، عهد معهود ، وقضاء مقضي ، وقد خاب من افترى "
ويدبر أحد الخوارج ، وهو عبد الرحمن بن ملجم المرادى لقتل على غدراً وخيانة ، وقد كان ابن ملجم من شيعة على بالكوفة ، وشهد معه صفين ، وكان عابدا ، ولكن سبق عليه الكتاب فعمل بعمل أهل النار ، نعوذ بالله من الخذلان .
فلما كثر الاختلاف على على ، أقبل عبد الرحمن بن ملجم مشتملاً على السيف ، وكان على يتولى التأذين بنفسه ، فكان إذا أراد أن يقول: حي على الصلاة ، أخرج رأسه من طاق باب المسجد إلى السوق ، فأقبل ابن ملجم فقام عند الطاق من خارج ، فلما أخرج على رأسه ضربه الخارجي ضربه أطار بها طائفة من قحفه ، وتنادى الناس: قتل أمير المؤمنين . وأقبلوا نحوه ، وهو يحمل عليهم حتى أخذوه ، وانتزعوا منه السيف من يده وعاش على يومه ذلك ، ومات في الليلة القابلة ، فقطعت يدا عبد الرحمن بن ملجم ، ورجلاه ، وسملت عينه ، ثم أدرج في بردين فاحرق . فيقول العلماء : ضربه عبد الرحمن بن ملجم بالكوفة يوم الجمعة لثلاث عشر بقيت من رمضان ، فبقى الجمعة والسبت ، ومات ليلة الأحد ، وغسله ابناه وعبد الله بن جعفر ، وصلى عليه الحسن ، ودفن في السحر . 104


بنات أعمامه صلي الله عليه وسلم
ضباعة بنت الزبير
هي: ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب بن هاشم ، القرشية ، أبنه عم النبي 
كانت زوج المقداد بن عمرو بن عائذ ، أنجبت له عبد الله ، وكريمة ، وقتل عبد الله مع عائشة يوم الجمل .
هاجرت ضباعة بنت الزبير من مكة إلى المدينة ، ولذا وصفها الذهبي بأنها من المهاجرات .
تعلم منها العلم وحفظ عنها: ابن عباس ، وجرير بن عبد الله ، وأنس بن مالك ، وعائشة ، وعروة بن الزبير ، والأعرج .
 وفاتها :
قال الذهبي :" بقيت ضباعة إلى بعد عام أربعين ، فيما أرى ، والله اعلم 105"

أم الحكم بنت الزبير
هي: أم الحكم بنت الزبير بن عبد المطلب القرشية ، الهاشمية ، بنت عم النبي  .
تزوجت أم الحكم بابن عمها ربيعة بن الحارث ، أنجبت له: محمدا ، وعبد الله وعباسا ، والحارث ، وعبد شمس ، وعبد المطلب ، وأروى الكبرى .
قال الزبير بن بكار " :ويقال: أنها كانت أخته ، يعنى النبي من الرضاعة ، وكان يزورها بالمدينة. " 106
ولم تذكر سنة وفاتها .

صفية بنت الزبير
هي: صفية بنت الزبير بن عبد المطلب ، بنت عم النبي  .
أمها: عاتكة بنت أبى وهب بن عمرو بن عائذ المخزومية .
أطعمها رسول الله من خيبر أربعين وسقا . 107

أم الزبير بنت الزبير
هي: أم الزبير بنت الزبيربن عبد المطلب ، القرشية ، الهاشمية .
أمها: عاتكة بنت أبى وهب بن عمرو بن عائذ المخزومية ، أطعمها الرسول  أربعين وسقا من خيبر . 108

فاختة بنت أبى طالب
هي: فاختة بنت أبى طالب بن هاشم ، القرشية ، وتكنى بأم هانئ ، ابنه عم الرسول ، وأخت على بن أبى طالب.
وأمها: فاطمة بنت أسد بن هاشم ببن عبد مناف ، بن قصي .
تزوجها هبيرة بن أبى وهب المخزومى ، ولدت له جعدة بن هبيرة ، وأطعمها رسول الله بخيبر أربعين وسقا .
تأخر إسلامها ، فقد أسلمت يوم فتح مكة .
روت أحاديث نبوية عدة ، وتعلم منها: مولاها أبو صالح باذام ، وكريب مولى ابن عباس ، وعبد الرحمن بن أبى ليلى ، ومجاهد بن رباح .
 فضائلها :
قالت أم هانئ: أجرت رجلين حموين لي ـ أقارب زوجها ـ من المشركين ، فدخل على بن أبى طالب ، فتفل عليهما ليقتلهما ، وقال: أتجيرين المشركين ؟
فقلت: والله لا تقتلها حتى يبدأني قبلهما ، ثم خرج فقلت: أغلقوا الباب دونه ، فأتيت النبي بأسفل الثنية فلم أجده ، ووجدت فاطمة فكانت أشد على من زوجها ، وقالت: لم تجيرين المشركين ؟
إلى أن طلع رسول الله وعليه ثوب واحد، فقال" مرحبا بفاختة أم هانئ "
فقلت: ماذا لقيت من ابن أمي ، أجرت رجلين حموين لي من المشركين ، فتفل عليهما ليقتلهما .
فقال " ما كان له ذلك ، قد أجرنا من أجرت ، وأمنا من أمنت "109
 وفاتها :
عاشت أم هانئ إلى بعد سنة خمسين . 110

أم طالب بنت أبى طالب
هي: أم طالب بنت أبى طالب بن هاشم ، القرشية .
قال ابن سعد ـ رحمه الله ـ " : لم يذكرها ابن الكلبي في كتاب النسب في أولاد أبى طالب ، وذكر انه كان لأبى طالب من البنات أم هانئ ، وجمانة ، وريطة ، ولعل ريطة هي أم طالب ، كما سماها محمد بن عمر في كتاب " طعم النبي .
أطعمها رسول الله في خيبر أربعين وسق . 111

جمانة بنت أبى طالب
هي: جمانة بنت أبى طالب بن عبد المطلب ، وأمها: فاطمة بنت أسد .
تزوجها أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، فأنجبت له جعفر بن أبى سفيان ، وأطعمها رسول الله في خيبر أربعين وسقا . 112

أمامه بنت حمزة بن عبد المطلب
هي: أمامه بنت حمزة بن عبد المطلب بن هاشم ، الهاشمية ، أمها: سلمى بنت عميس بن معد بن تيم بن مالك .
وهى التي أختصم فيها على وجعفر وزيد ، لما خرجت من مكة ، وسألت كل من مر بها من المسلمين أن يأخذها ، فاجتاز بها على فأخذها ، فطلب جعفر أن تكون عنده لأن خالتها أسماء بنت عميس عنده ، وطلبها زيد بن حارثة لتكون عنده لأنه كان آخي بينهما رسول الله ، فقضى بها رسول الله لجعفر ،لأن خالتها عنده .
ثم زوجها رسول الله من سلمة بن أبى سلمة 113.
وليس لحمزة أي بنات سواها .

خالدة بنت أبى لهب
هي: خالدة بنت أبي لهب بن عبد المطلب بن هاشم ، بنت عم النبي 
وأمها: أم جميل بنت حرب بن أمية حمالة الحطب .
تزوجت عثمان بن أبى العاص بن بشر الثقفى . 114

عزة بنت أبى لهب
هي: عزة بنت أبى لهب بن عبد المطلب ، الهاشمية ، ذكرها الدارقطنى في كتاب " الأخوة " ، وقال: لا رواية لها .
تزوجها أوفى بن حكيم بن أمية بن حارثة بن الوقص السلمي ، فولدت
عبيدة وسعيدا ، وإبراهيم بن أوفى . 115

درة بنت أبى لهب
هي: درة بنت أبى لهب بن عبد المطلب بن هاشم ، القرشية الهاشمية ، بنت عم الرسول .
أسلمت وحسن إسلامها ، وهاجرت إلى المدينة ، دار الهجرة ، وكانت عند الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، وأنجبت من الحارث أبنائها: عقبة والوليد وأبا مسلم .
ثم تزوجها الصحابي الجليل دحية الكلبي ، وعاشت في المدينة .116

أم حبيب بنت العباس
للعباس بنت واحدة هي: أم حبيب بنت العباس بن عبد المطلب ، وأمها: أم الفضل لبابة بنت الحارث الهلالية .
تزوجها الأسود بن سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن مخزوم ، فأنجبت له زرقاء ، ولبابة ، وعاشوا بمكة المكرمة .
وهى أخت الفضل ، وعبد الله بن العباس ، وغيرهما . 117

هند بنت المقوم
هي: هند بنت المقوم بن عبد المطلب بن هاشم ، وأمها: قلابة بنت عمرو بن جعونة بن غزية بن حذيم بن سعد .
تزوجها أبو عمره ، واسمه بشير بن عمرو بن محصن بن عمرو الأنصاري ، فأنجبت له عبد الله ، وعبد الرحمن . 118

أروى بنت المقوم
هي: أروى بنت المقوم بن عبد المطلب بن هاشم ، بنت عم النبي ، وأمها قلابة .
تزوجها أبو مسروح ، وهو الحارث يعمر بن حيان بن عميرة ، من هوازن ، وكان حليفا للعباس بن عبد المطلب ، فأنجبت له عبد الله بن ابى مسروح .
وقال ابن حجر ـ رحمه الله ـ " كانت زوج ابن عمها أبى سفيان بن الحارث
. " 119

أم عمرو بنت المقوم
هي: أم عمرو بنت المقوم بن عبد لمطلب بن هاشم. وأمها قلابة .
تزوجها مسعود بن معتب الثقفى ، فأنجبت له عبد الله بن مسعود .
ثم تزوجها أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، فأنجبت له عاتكة بنت أبى سفيان . 120



بيت النبي صلي الله عليه وسلم
 ميلاده r
ولد r بشعب بنى هاشم بمكة في صبيحة يوم الاثنين التاسع من شهر ربيع الأول ، لأول عام من حادثة الفيل .121
ولأربعين سنه خلت من ملك كسري انوشروان ، ويوافق ذلك عشرين أو اثنين وعشرين من شهر إبريل سنه ـ 571 ـ حسبما حققه العالم الكبير محمد سليمان المنصورفورى ـ رحمه الله ـ . 122
 أسمائه r
عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه قال : قال رسول الله r :" لي خمسة أسماء ، أنا محمد وأحمد ، وأنا الماحي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب " 123
وفى مسلم من حديث أبي موسى قال : سمي لنا رسول الله r نفسه فقال :"أنا محمد وأحمد ، والمقفى ، والماحي والحاشر ، ونبي التوبة والملحمة " وفى رواية : " نبي المرحمة " 124
فهو محمد وأحمد ، والعاقب ، والماحي ، والحاشر ، والبشير ، والنذير ، والعاقب ، والمقفى ، ونبي الرحمة ، ونبي التوبة والملحمة ، والشاهد ، والمبشر ، والسراج المنير ، والضحوك ، والقتال ، والمتوكل ، والفاتح ، والآمين ، والخاتم ، والنبي ، والرسول ، والأمي ، والقثم .
* والماحي : الذي يمحى الله به الكفر ، والحاشر : الذي يحشر الناس على قدميه أي : يقدمهم وهم خلفه ، والعاقب : آخر الأنبياء ، والمقفى : بمعنى العاقب ، لأنه تبع الأنبياء ، وكل شئ تبع شيئا فقد قفاه ، والملاحم : الحروب ، والضحوك : صفته في التوراة ، والقثم : لها معنيين ، أحدهما : من القثم ، وهو الإعطاء ، والثاني : من القثم الذي هو الجمع ، ويقال للرجل الجموع للخير : قثوم وقثم . والله اعلم .125
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ :
" أما محمد فهو أسم مفعول من حمد فهو محمد إذا كان كثير الخصال التي يحمد عليها ، ولذلك كان أبلغ من محمود فإن محمود من الثلاثي المجرد ومحمد من المضاعف للمبالغة ، فهو الذي يحمد أكثر مما يحمد غيره من البشر ، ولهذا والله أعلم سمي في التوراة لكثرة الخصال المحمودة التي وصف بها هو ودينه أمته في التوراة "126
( فائدة ) : قال القاضي عياض ـ رحمه الله ـ :
" وأما أحمد الذي في الكتب وبشرت به الأنبياء فمنع الله بحكمته أن يسمى به أحد غيره ولا يدعى به مدعو قبله ، حتى لا يدخل لبس على ضعيف القلب أو شك
وكذلك محمد لم يسمى به أحد من العرب ولا غيرهم إلى أن شاع قبل وجوده وميلاده أن نبيا يبعث أسمه محمد ، فسمي قوم قليل من العرب أبنائهم بذلك رجاء أن يكون أحدهم ، وهم : محمد بن سفيان بن مجاشع ، ومحمد بن أحيحه بن الجلاح الأوسى ، ومحمد بن سلمة الأنصاري ، ومحمد بن البراء الكندي ، ومحمد بن حمران الجحفى ، ومحمد بن خزاعى السلمى ، لا سابع لهم ، ثم آن الله حمى كل من تسمى به أن يدعى النبوة أو يدعيها له أحد ، أو يظهر عليه سبب يشكل أحد في أمرة حتى تحققت الشيمتان له r لم يستطع أحد أن ينازعة فيهما ".127
 صفته r
قالت أم معبد الخزاعية عن رسول الله r وهى تصفه لزوجها ، حين مر بخيمتها مهاجراً : " كان ظاهر الوضاءة ، أبلج الوجه ، حسن الخلق ، لم تعبه ثجلة ، ولم تزر به صعلة ، وسيم قسيم ، في عينيه دعج ، وفى أشفاره وطف ، وفى صوته صهل ، وفى عنقه سطع ، أحور ، أكحل ، أزج ، أقرن ، شديد سواد الشعر ، إذا صمت علاه الوقار ، وإن تكلم علاه البهاء ، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد ، أحسنه و أحلاه من قريب ، حلو المنطق ، فضل ، لا نزر ولا هذر، كأن منطقه خرزات نظمن يتحدرن ، ربعه ، لا تقتحمه عين من قصر، ولا تشنؤه من طول ، غصن بين غصنين ، فهو أنضرالثلاثة منظراً، وأحسنهم قدراً، له رفقاء يحفون به ، إذا قال استمعوا لقوله ، وإذا أمر تبادروا الي أمره ، محفود ، محشود ، لا عابس ولا مفند " .128
* التفسير :
الوضاءة : الجمال ، أبلج الوجه : مشرقة ومضيئة ، الثجلة : كبر البطن ، لم تزر به : تعبه ، والصعلة: صغر الرأس، والوسيم القسيم : الحسن الجميل، والدعج : شده سواد الحدقة ، وفى أشفاره وطف : فى شعر أجفانة طول، والصهل : بحة صغيرة ، سطع : طول ، أحور: شديد بياض العين في شدة سوادهما ، أزج : متقوس الحاجبين ، أقرن في غير قرن : ملتقى الحاجبين بين العينين ، لا نزر ولا هزر : لا قليل ولا كثير الكلام ، ربعه : متوسط بين الطول والقصر، محفود : الذين يسارعون أصحابه إلى خدمته وامتثال أمره، محشود الذي يجتمع الناس إليه الناس ، ولا مفند : أي لا يفند أحدا ، أي لا يهجنه ولا يستقل عقله .
وقال على بن أبى طالب t :
" لم يكن بالطويل الممغط ، ولا القصير المتردد وكان ربعه من القوم ، ولم يكن بالجعد القطط ، ولا بالسبط الرجل ، رجلا ، ولم يكن با لمطهم ، ولا بالمتكلثم ، وكان في وجه تدوير، وكان أبيض مشربا ، أدعج العينين ، أهدب الأشفار، جليل المشاش والكتد ، دقيق المسربة ، أجرد ، شثن الكفين والقدمين ، إذا مشى تقلع كأنما يمشى في صبب ، وإذا التفت التفت معا ، بين كتفيه خاتم النبوة ، أجود الناس كفا ، وأجراء الناس صدرا ، وأصدق الناس لهجة ، وأوفى الناس ذمه ، وألينهم عريكه ، وأكرمهم عشرة ، من رآه بديهه هابه ، ومن خالطه معرفه أحبه ، يقول ناعته : لم أر قبله ولا بعده مثله r ". 129
* التفسير :
الممغط : المفرط فى الطول ، الجعد القطط : شديد جعوده السعر ، والسبط : مسترسل الشعر ، ورجلاً : متوسط بين الجعودة والسبوطة ، والمطهم : الممتلئ الجسم ، والمكلثم : شديد تدوير الوجه ، أهدب الأشفار : طويل شعر الأجفان ، والمسربة : خط الشعر من اللبة الى السرة ، أجرد : خال من الشعر ، الشثن : الغليظ ، جليل المشاش والكتد : عظيم رءوس العظام مثل الركبتين والمنكبين ، والكتد : الكاهل وما يليه من الجسد ، تقلع في مشيته : أي شديد المشي ، الصبب : ما انحدر من الأرض .
وقال t : " إنه كان ضخم الرأس ، ضخم الكراديس ، طويل المسربة ، إذا تكفا تكفا كأنما ينحط من صبب "130
وقال أبو الطفيل t :
" كان أبيض ، مليح الوجه ، مقصدا "130
وقال جابر بن سمرة t :
" كان ضليع الفم ، أشكل العينين ، منهوس العقبين "132
وقال أنس بن مالك t :
"كان أزهر اللون ، ليس بأبيض أمهق ، ولا آدم ، قبض وليس له فى رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء " .133
وقال البراء t :
" كان بعيد مابين المنكبين ، له شعر يبلغ شحمه أذنيه "134
وقال أبو جحيفة t :
" رأيت بياضاَ تحت شفته السفلي ، العنفقة "135
وسئل البراء t أكان وجه النبي r مثل السيف ؟ ، قال : " لا بل مثل القمر " ، وفى روايه : " كان وجه مستديراً "136
وقالت الربيع بنت معوذ :
" لو رأيته رأيت الشمس طالعة "137
وقال جابر بن سمرة t :
" كان في ساقيه حموشه ، وكان لا يضحك إلا تبسماً ، وكنت إذا نظرت إليه قلت : أكحل العينين وليس بأكحل "138
وقال ابن عباس t :
" كان أفلج الثنيتين ، إذا تكلم رؤى كالنور يخرج من بين ثناياه "139
" وأما عنقه فكأنه جيد دمية في صفاء الفضة ، وكان في أشفاره وطف ، وفى لحيتة كثافة ، وكان واسع الجبين ، أزج الحواجب فى غير قرن ، أقنى العرنين سهلا ، أشعر الذراعين و المنكبين، سواء الصدر والبطن ، طويل الزند ، سبط القصب ، خمصان الأخمصين ، سائل الأطراف ، اذا ذال ذال قلعاً ، يخطو تكفياً ويمشى هونا " 140
* التفسير :
الدمية : الصورة المصورة ، والوطف : الطول ، وأقنى : طول و رقه ، والعرنين : الأنف ، والزند : طرف الذراع في الكف ، وسبط القصب : ممتد الساعدين والساقين ، وخمصان الأخمصين : الخمص من القدم الذي لا يلصق بالأرض منها عند الوطء ، وخمصان : مبالغة : وسائل الأطراف : ممتدها ، والقلع : رفع الرجل من الأرض عند المشى ، والتكفى : التمايل الى الأمام .
" وكان إذا غضب أحمر وجهه ، حتى كأنما فقئ في وجنتيه حب الرمان "141
وقال أبو هريرة t :
" مارأيت أحداً أسرع في مشيه من رسول الله r ، كأنما الأرض تطوى له ، وانا لنجهد أنفسنا " 142
وقال أنس بن مالك t :
" ما مسست حريراً ولا ديباجاً ألين من كف النبي r "143
وقال أبو جحيفه t :
" أخذت بيده ، فوضعتها على وجهى ، فإذا هى أبرد من الثلج ، وأطيب من رائحة المسك "144
وقال جابر t :
" لم يسلك طريقاً فيتبعه أحد إلا عرف انه قد سلكه من طيب عرفه ، أو قال : من ريح عرفه "145
" وكان بين كتفيه خاتم النبوة مثل بيضة الحمامة ، يشبه جسده ، وكان عند ناغض كتفه اليسرى جمعاً ، عليه خيلان كأمثال الثآليل "146
وقال سراقه بن مالك t :
" فنظرت إلى ساقيه ، وفى رواية قدميه فى الغرز ـ الركاب ـ كأنها جمارة : أى جمارة النخيل من بياضها "147
( فائدة ) : كان r متوسط ما بين الطول والقصر ، كبير الرأس ، أسود الشعر ، متوسط ما بين الخشونة والنعومة ، ينزل الى شحمه أذنيه ، وكان يفرقه ، واسع الجبين ، وكان وجهه مستديراً ، وكانت عينيه شديدة البياض فى شده السواد ، وكانت أهدابه طويله ، متقوس الحاجبين ملتقيين ، وكانت أنفه طويله مع دقه أرنبته ، وكان فمه واسع وفى صوته بحه صغيرة ، وكانت أسنانه مفلجه r ، وكان وجه متوسط البياض ، سهل الخدين ، كث اللحية ، وكانت تملأ صدرة ، وكان طويل العنق ، ظهره كأنه سبيكة فضة ، وكان خاتم النبوة في أعلى كتفه الأيسر ، كأنه بضعه لحم خارجه من كتفه مثل الشامة ، وكانت فيها مثل الخراج ، أما صدرة فكان مستوى مع بطنه ، يصل ما بين بطنه وصدره خط من الشعر ، ولم يكن في بطنه شعر غيره ، أما ساعديه فكانا طويلين مشعرين ، وكانت يده غليظه ورقيقه ، وكانت أصابعه طويله ، أما رجليه فكانت فبهما نحافه وكانا شديد البياض ، أما قدميه فكانت كبيرة غير ملتصقة بالأرض r ، وكان إذا مشى أسرع في مشيه ، والذي معه يجهد لكي يلحقه وهو غير مكترث ، وكانت رائحته طيبه ، وعرقه أطيب الطيب r
,,,,

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

مجامر الألوة بذكر شجرة النبوة  Empty
مُساهمةموضوع: مجامر الألوة بذكر شجرة النبوة   مجامر الألوة بذكر شجرة النبوة  I_icon_minitimeالخميس نوفمبر 28, 2013 2:22 pm

مرضعاته صلي الله عليه وسلم
ثويبه مولاه أبى لهب
أرضعته r مع أمه ، وهى مولاه عمه أبى لهب .
أخرج البخاري ومسلم عن عروة بن الزبير عن زينب بنت أم سلمه عن أم حبيبه بنت أبى سفيان قالت : يارسول الله أنكح أختى بنت أبى سفيان ، فقال : " أو تحبين ذلك ؟ " ، قلت نعم ، لست لك بمخيلة ، وأحب من شاركني في خير أختي ، فقال النبي r :" فان ذلك لا يحل لي " ، قالت فإنا نتحدث أنك تريد أن تنكح بنت أبى سلمه ، قال : " بنت أبى سلمة ؟ " ، قلت نعم قال : " أنها لولم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي ، إنها لإبنه أخي من الرضاعة ، أرضعتني ، وأبا سلمة ثويبة ، فلا تعرصن على بناتكم ولا أخواتكم " 148
زاد البخاري : قال عروة : وثويبة مولاة أبى لهب أعتقها فأرضعت رسول الله r فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله بشر خيبة ، فقال له ماذا لقيت ؟ فقال أبو لهب : لم ألق بعدكم خيراً غير أنى سقيت فى هذه بعتاقتى ثويبه ، وأشار الى النقرة التى بين الإبهام والتى تليها من الأصابع .149
وذكر السهيلى وغيره : أن الرائي له هو أخوة العباس وكان ذلك بعد سنه من
وفاة أبى لهب بعد وقعه بدر ، وفيه أن أبى لهب بعد وقعة بدر ، قال للعباس انه ليخفف على فى مثل يوم الأثنين ، قالو لأنه لما بشرته ثويبه بميلاد ابن أخيه محمد أعتقها من ساعته فجوزي بذلك لذلك .150

حليمة السعدية
هي : حليمة بنت عبد الله بن الحارث بن شجنة بن جابر ، وينتهى نسبها الى معد بن يكرب بن هوازن وعرفت بحليمة السعدية بنت أبى ذؤيب ، وهى أشهر مراضع العرب ، فقد أرضعت الرسول r ، وحمزه بن عبد المطلب ، وأبو سفيان بن الحارث ابن عم النبي r .
زوجها : الحارث بن عبد العزى بن رفاعة ، وإخوته من الرضاعة : عبد الله بن الحارث ، وأنيسة بنت الحارث ، وحذافة بنت الحارث ، وهى السماء ، غلب عليها ذلك فلا تعرف إلا به .
وهم لحليمة أم الرسول r وكانت الشيماء تفد على الرسول r ، فيكرمها ، ويبسط لها ردائه ، وظلت الشيماء وأسرتها وقومها في إكرام النبي r حتى توفيت 151.
 وملخص ما حدث من إرضاع حليمة السعدية للنبي r ، تقول :
" خرجت من بلدي مع زوجي ، وابن لي صغير في سنه شهباء لم تبق لنا شئ ، فخرجت على أتان 152 لى قمراء ، وما ننام ليلنا أجمع مع صبينا الذى معنا من بكائه من الجوع ، ما فى ثديى ما يغنيه ، فخرجت على إتانى ذلك ، حتى قدمت مكة نلتمس الرضعاء ، فما منا إمرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله r فتأباه ، إذا قيل لهم : إنه يتيم ، وذلك إنما كنا نرجو المعروف من آبي الصبي ، فكنا نقول : يتيم ! ، وما عسى تصنع أمه وجده ؟
فكنا نكرهه لذلك ، فما بقيت إمرأة قدمت معى إلا أخذت رضيعا غيرى ، فلما أجمعنا الأنطلاق قلت لزوجى : والله إنى لأكره أن أرجع من بين صواحبى ، ولم آخذ رضيعاً ، والله يجعل لنا فيه البركة .
قالت : فذهبت إليه فأخذته ، وما حملني على أخذه إلا أنى لم أجد غيره ، فلما أخذته وضعته في حجري فأقبل على ثدياى بما شاء من اللبن ، فشرب حتى روى ، وشرب معه أخوه حتى روى ثم ناما ، وما كنا ننام معه من قبل ذلك .
ثم قام زوجى الى شارفنا تلك فإنها لحافل 153، فحلب منها ماشرب ، وشربت معه حتى أنتهينا رياً وشبعاً ، فبتنا بخير ليله .
قالت : يقول زوجي حين أصبحنا : تعلمي والله يا حليمة لقد أخذت نسمة مباركة ، قالت ، والله أنى لأرجو ذلك .
ثم خرجنا وركبت إتانى وحملته عليها معي ، فوالله لقطعت بالركب ما يقدر عليها شئ من حمرهم حتى أن صواحبي ليقلن لى : يا ابنه ابى ذؤيب ويحك ! ، أربعى علينا ، اليست هذه إتانك التى كنت خرجت عليها ؟! ، فأقول لهن : بلى والله إنها لهى هي ، فيقلن والله إن لها لشأناً ؛ قالت : ثم قدمنا منازل من بلاد بنى سعد ، وما أعلم أرضاً من أرض الله أجدب منها ، فكانت غنمى تروح على حين قدمنا به معنا شباعاً لبناً ، فنحلب ونشرب وما يحلب إنسان قطرة لبن ، حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم : ويلكم ! ، أسرحوا حيث يسرح راعى بنت أبى ذؤيب ، فتروح أغنامهم جياعا ماتبض بقطرة لبن ، وتروح غنمي شباعاً لبناً ، فلم نزل نتعرف من الله البركة ، والزيادة في ذلك ، والخير المزيد ، حتى مضت سنتاه وفصلته . 154
وعاشت حليمة السعدية حتى قدمت على النبي r فأكرم وفادتها ، وتوفيت بالمدينة ، ودفنت بالبقيع .


زوجاته صلي الله عليه وسلم
من المعلوم أن النبي r كان يمتاز عن أمته بحل التزويج من أربع زوجات لأغراض كثيرة ، فكان عدد من عقد عليهن ثلاث عشرة امرأة ، منهن تسع مات عنهن ، واثنتان توفيتا فى حياته ، إحداهما خديجة ، والأخرى زينب بنت خزيمة ، واثنتان لم يدخل بهما ، و ها هي أسماؤهن وشئ عنهن :

خديجة بنت خويلد
هي : خديجة بنت خويلد زوج الرسول r عرفت فى الجاهلية بالطاهرة العفيفة ، ولقبت فى الإسلام بأم المؤمنين ، عرفت بنجابة الرأى ، والحزم والعقل ، ثم ورثت عن والدها خويلد بن أسد ثروة طائلة وتجارة دائرة .
أمها : فاطمة بنت زائدة بن جندب بن رواحة بن حجر .
كانت متزوجة من أبى هالة بن زرارة التميمى ، وعاشت معه فى نعمة ، وسكينة ، وأنجبت خلال ذلك هالة ، وهندا .
ثم مات أبو هالة ، فتزوجت من عتيق بن عائذ بن عبد الله المخزومى ، فعاش معه فترة من الزمان ، حتى أفترقا ، فتقدم لها الكثيرون من أشراف قريش ولكن أبت الزواج مرة جديدة ، فقد أحبت التفرغ لتربية أبنائها .
وتمر الأيام وتسمع خديجة بنت خويلد عن الرسول r بصفاته الفاضلة التى عرف بها قبل البعثة ، فأحبت أن تستأجره ليقود تجارتها ، وحدث بالفعل ، وقاد الرسول r تجارة خديجة ؛ فأعجبت به وبأمانته r ، فتزوجته r ، وكان عندها أربعون سنه ، وله خمسه وعشرون سنه .
 فضائلها :
قال رسول الله r : " خير نسائها خديجة بنت خويلد ، وخير نسائها مريم بنت عمران "155
وقال r : " سيدات نساء أهل الجنة بعد مريم : خديجة ، وفاطمة ، وآسية امرأة فرعون" 156
وكان من محبة النبي r لها أنه لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها ، فذكرها يوما من الأيام ، فأدركت الغيرة السيدة عائشة فقالت : " وهل كانت إلاعجوز ! ، فقد أبدلك الله خيراً منها " ، فغضب رسول الله r حتى اهتز مقدم شعره من الغضب ، ثم قال : " لا والله ، ما أبدلنى الله خيراً منها ، آمنت بي إذ كفر الناس ، وصدقتني وكذبني الناس ، وواستنى فى مالها إذ حرمنى الناس ، ورزقنى الله منها أولاداً ، إذ حرمنى أولاد الناس " 157 .
وذات يوم جاء جبريل u الى النبي r فقال له : " يا رسول الله : هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه طعام ، أو شراب ، فإذا هى أتتك ،فاقرأ عليها السلام من ربها ومنى ، وبشرها ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب "158
فقالت السيدة خديجة : " إن الله هو السلام ، وعلى جبريل السلام ، وعليك يا رسول الله ، ورحمه الله وبركاتة "
فما أعظم علمها وفهما ! ، لقد علمت أن الله لا يرد عيه السلام كما يرد على المخلوقين ، لأن السلام أسم من أسماء الله تعالى ، وهو أيضا دعاء بالسلامة ، فكأنها تقول : كيف أقول عليه السلام ، والسلام أسمه ومنه يطلب ، ومنه يحصل ؟!
ويتجلى قدر الزوجة الوفية عند خاتم الأنبياء من تقديره لصويحباتها ، وحرصه على إكرامهن .
تقول السيدة عائشة : " ماغرت على أحد من نساء النبي r ماغرت على خديجة ، وما رأيتها ! ، ولكن كان النبي r يكثر ذكرها ، وربما ذبح الشاة ، ثم يقطعها أعضاء ، ثم يبعث في صدائق خديجة ، فربما قلت له : كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة ؟! "159
 وفاتها :
توفيت السيد ة خديجة ، وصعدت روحها الى أعلى عليين قبل الهجرة بثلاث سنين ، ودفنت فى الحجون بمكه المكرمة ، وكان عمرها خمسا وستين سنه . 160

عائشة بنت أبى بكر
هي : عائشة بنت أبى بكر الصديق ابن أبى قحافة ، وأمها : أم رومان بنت عامر بن عويمر ، وقد كان مولدها قبل الهجرة النبوية بما يقارب ثمان سنين
تقريبا ، فكان مولدها فى الإسلام ، فى أثناء الدعوة المكية .
هاجر الصديق وأم رومان الى المدينة ، ومعها عائشة من بعدهما ، وكان رسول الله r قد تزوج بها قبل الهجرة ببضعة عشر شهراَ ، ودخل بها في شهر شوال من سنه أثنتين من الهجرة ، وذلك بعد رجوعه من غزوة بدر ، وهى ابنه تسع سنين بالغة ، عاقلة ، رشيدة .
ولم يتزوج النبي بكراً غيرها ، ولا أحب امرأة حبها ، وقد رأى صورتها فى المنام ،وقال له جبريل : إنها ستكون زوجتك . تقول السيدة عائشة : قال رسول الله r : " أريتك في المنام ثلاث ليال ، جاء بك الملك في سرقه من
حرير، فيقول : هذه إمرأتك ، فاكشف عن وجهك فإذا أنت فيه ، فأقول : إن يك هذا من عند الله يمضه "161
 فضائلها :
كانت السيدة عائشة ذا جمال وعقل ، وكانت ذا حسن ، فلقبت بالحميراء ، وكان النبي يحبها حباً شديداً بحيث أن عمرو ابن العاص ، سأل النبي فقال : يارسول الله ، أى الناس أحب اليك ؟
قال : " عائشة " ، قال فمن من الرجال ؟ قال : " أبوها "162
ولذا كان الصحب الكرام يتحرون بهداياهم الى الرسول r يوم عائشة ، حتى اشتكت باقى أمهات المؤمنين من ذلك ، فذكرت ذلك أم سلمة للنبي فأعرض عنها ، ثم ذكرت له ذلك ثانية فأعرض عنها ، فلما كان فى الثالثة
ذكرت له ذلك ، فقال r : " يا أم سلمة ، لا تؤذيني في عائشة ، فإنه والله ما نزل على الوحي ، وأنا في لحاف إمرأة منكن غيرها "163
وكان يمدحها ، ويظهر فضلها قائلا : " فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام "164
وإنما مثل الرسول r بالثريد لأنه أفضل طعام العرب ولا يرون في الشبع أغنى غناء منه . وكان البشير النذير r يداعبها قائلاً لها : " إني لأعلم إذا كنت عنى راضية ، وإذا كنت على غضبى " ، قالت : فقلت : يارسول الله من أين تعرف ذلك ، قال : " أما إذا كنت عنى راضية ، فإنك تقولين : لا ورب محمد ، وإذا كنت على غضبى قلت : لا ورب إبراهيم " ، فقالت : أجل يا رسول الله ، ما أهجر إلا اسمك 165.
 علمها :
وأما علم أم المؤمنين عائشة فقد صار مضرب الأمثال ، فهذا التابعى الجليل عروة ابن الزبير t يقول : " لقد صحبت عائشة ، فما رأيت أحدا قط كان أعلم بآية نزلت ، ولا فريضة ، ولا بسنة ، ولا بشعر، ولا أروى له ، ولا بيوم من أيام العرب ، ولا نسب ، ولا بقضاء ، ولا بطب منها "166
وكان أبو موسى الاشعرى t يقول : ما أشكل علينا أصحاب رسول الله حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً "167
وكان عروه يقول لعائشة : " يا أمتاه ، لا أعجب من فقهك ، وأقول زوجة نبي الله ، وابنه أبى بكر ، ولا أعجب من علمك بالشعر وأيام العرب ، أقول ابنه أبى بكر ، وكان أعلم الناس ، ولكن أعجب من علمك بالطب ، كيف هو ؟ أو من أين هو ؟ "
قالت : " آن رسول الله r كان يسقم فى آخرعمره ، وكانت الوفود تقدم من كل وجه ، فتنعت له الأنعات ، وكنت أعالجها له ، فمن ثم "168
 وفاتها :
وفى ليلة الثلاثاء لسبع عشرة مضت من رمضان بعد الوتر كانت وفاة أعلم النساء ، وكانت قد أوصيت أن تدفن بالبقيع مع باقى زوجات الرسول ، وصلى عليها أبو هريرة ، ودفنت بالبقيع ، ونزل قبرها أربعة ، عبد الله وعروة ابنى الزبير، والقاسم بن محمد بن أبى بكر، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبى بكر.169
وكانت وفاتها في الراجح في سنه سبع وخمسين ، وهى ابنه ست وستين سنه .

حفصة بنت عمر
هي : حفصة بنت عمر بن الخطاب ، من بنى عدى بن كعب ، وأمها زينب
بنت مظعون ، أخت الصحابى الجليل عثمان بن مظعون .
جاء في مولدها أنه كان قبل البعثة النبوية بخمس سنين ، وكانت قد تزوجت بخنيس بن حذافة السهمي قبل النبي r ، وكان ممن شهد بدراً ، وتوفى بالمدينة . ولقد كان من قدر الله أن أباها عرض زواجها على صحابيين جليلين قبل دخولها بيت النبوة .
يقول عمر بن الخطاب t : " آتيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة فقال : سأنظر في أمري ، فلبثت ليلى ، ثم لقينى فقال : قد بدا لى ألا أتزوج يومى هذا .
قال عمر : فلقيت أبا بكر الصديق ، فقلت : إن شئت زوجتك حفصة بنت عمر ، فصمت أبو بكر فلم يرجع إلى شيئا ، وكنت أوجد عليه منى على عثمان ، فلبثت ليالي ، ثم خطبها رسول الله r فأنكحتها إياه ، فلقينى أبو بكر فقال : لعلك وجدت على حين عرضت على حفصة ، فلم أرجع إليك شيئا ؟!
قال عمر : قلت : نعم ، قال أبو بكر : فإنه لم يمنعنى أن أرجع إليك فيما عرضت على إلا انى كنت علمت أن رسول الله r قد ذكرها ، فلم أكن لأفشى سر رسول الله r ، ولو تركها رسول الله r لقبلتها "170
 فضائلها :
عرفت السيدة حفصة بكثرة الصلاة والصيام ، حتى لقبت بـ " الصوامة القوامة " يقول نافع : ما ماتت حفصة حتى ما تفطر ـ أراد أنها تكثر من صيام التطوع ، وقد حدث أن النبي r قد طلقها طلقة فجاء الأمين جبريل الى الرسول r وقال : " يا محمد ، طلقت حفصة ، وهى صوامة ، قوامة ، وهى زوجتك في الجنة "171
فراجعها الرسول r بأمر من الله عز وجل .
وقد تأثرت بزهد والدها الفاروق t فقد دخل عليها ذات يوم ، فقدمت إليه مرقاً بارداً ، وخبزاً ، وصبت فى المرق زيتاً ، فقال لها : إدامان فى إناء واحد لا أذوقه حتى ألقى الله .
ورأت حفصة والدها يوما في شدة من العيش ، فقالت له : يا أمير المؤمنين لو لبست ثوبا ألين من ثوبك ، فقال لها : سأخصمك إلى نفسك ، أما تذكرين ما كان رسول الله يلقى من شدة العيش ، فما زال يذكرها حتى أبكاها 172.
ولعل من الأمور الجديرة بالذكر أن الصوامة القوامة قد ورثت الصحيفة الجامعة للكتاب الكريم ـ القرآن ـ بعد وفاة أبيها .
 وفاتها :
في شهر شعبان سنه إحدى وأربعين هجريه ، وفى خلافة معاوية بن أبى سفيان ، توفيت أم المؤمنين الصوامة القوامة حفصة بنت عمر ، وهى ابنه ستين سنه يومئذ .
وصلى عليها مروان ابن الحكم ، وكان والى المدينة حينئذ ، ونزل في قبرها أفراد أسرتها ، فنزل يلحدها عبد الله بن عمر وعاصم ابن عمر، وسالم وعبد الله وحمزة أبناء عبد الله بن عمر ، فرضى الله عنها .173

رملة بنت أبى سفيان
هي : رملة بنت أبى سفيان بن صخر بن حرب الأموية ، زوجة النبي r ، وأخت خليفة المسلمين معاوية .
كانت متزوجة بعبيد الله بن جحش بن رئاب الأسدى وهاجر معها إلى الحبشة ، ثم ارتد عن الإسلام إلى النصرانية ، فمات مرتداً ، نعوذ بالله من الخذلان . فأرسل الرسول r إليها بالحبشة فتزوجها ، زوجها إياه النجاشي ، ومهرها أربعة آلاف درهم ، وبعث بها مع شرحبيل بن حسنه ، وجهزها كله من عند النجاشي .
ولقد كانت أم حبيبة شديدة الإتباع لسنه النبي r ، فإنه لما جائها نعى أبيها دعت بطست فمسحت ذراعيها ، وقالت : ما لي من حاجة ، ولو لا أنى سمعت النبي r يقول : " لا يحل لإمرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ، إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً " 174
فأم حبيبة ـ رملة ـ تعلمنا أن الآسي والحزن ينبغى أن يتوقف على حدود ما شرع الإسلام الحنيف من ترك الزينة والطيب ، على ألا يتعدى ذلك حدود المدة التى قررها الإسلام ، فيا ليتنا نتعلم من أم حبيبة محبة إتباع السنة ، والمسارعة الى الإنقياد لها .
وروت أم حبيبة عن رسول r خمسة وستين حديثاً ، أخرج لها الشيخان أربعة أحاديث ، واتفقا على حديثين ، ولمسلم مثلهما .
 وفاتها :
وعاشت أم حبيبة ـ رملة ـ حتى توفيت سنة أربع وأربعين ، وقبرها بالمدينة النبوية ، فرضى الله عنها .

ميمونة بنت الحارث
هي : ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية ، زوج النبي r .
تزوجها في البدء مسعود بن عمرو الثقفي قبل الإسلام ، ففارقها ، فتزوجها أبو رهم ، ثم مات عنها ، فتزوجها الرسول r بعد انتهائه من عمرة القضاء فى السنة السابعة .
وكانت أم المؤمنين الهلالية تقية ، لا تخشى في الله لومة لائم ، يروى يزيد بن الأصم فيقول : دخل ذو قرابة لميمونة عليها ، فوجدت منه ريح شراب ، فقالت : لئن لم تخرج الى المسلمين فيجلدوك ، لا تدخل على أبدا .175
وقد روت أم المؤمنين عدة أحاديث ، وجميع ما روته ثلاثة عشر حديثا ، روى لها سبعة أحاديث في الصحيحين ، وانفرد لها البخاري بحديث ، ومسلم بخمسة ، وجملة مروياتها ستة وسبعين حديثا .
ولم يختلفوا أن اسمها كان برة فسماها الرسول r ميمونة .
 وفاتها :
وتوفيت ميمونة بموضع يسمى بـ " سرف " ، وهو الذى تزوجها فيه الرسول r، وذلك سنه إحدى وخمسين .
يقول ابن الأصم : دفنا ميمونة بسرف في الطلة التى بنى بها رسول الله ، وقد كانت حلقت في الحج ، ونزلت قبرها أنا وابن عباس .
وكان ابن عباس ، وهى خالته ، قد صلى عليها ، ودخل قبرها هو وابن الأصم ، وعبد الله بن شداد ، وهم بنو إخوانها . وكان ابن عباس قد أمر فحملت على الأعناق ، وقال لهم : إذا رفعتم نعشها ، فلا تزلزلوها ، ولا تزعزعوها ، وأرفقوا بها ، فإنها أمكم 176.

صفيه بنت حيي
هي : صفية بنت حيي بن أخطب ، ينتهى نسبها الى نبى الله هارون ، وكانت تحيا فى بيت أبيها على الديانة اليهودية ، وأبوها سيد قومه . تزوجها قبل الإسلام ، سلام بن أبى الحقيق ، ثم خلف عليها كنانة بن أبى الحقيق ، وكانا من شعراء اليهود ، فقتل كنانة يوم خيبرعنها ، وصارت فى عداد السبى ، فلما قسم السبايا صارت فى سهم دحية الكلبى ، فقيل للنبي r عنها ، وإنها جديرة بأن تكون تحت الرسول r ، فعوضة عنها .
يقول أنس بن مالك t : جمع السبي ـ يعنى بخيبر ـ فجاء دحية فقال : يا رسول الله أعطنى جارية من السبى فقال الرسول r ، : " إذهب فخذ جارية " ، فأخذ صفية بنت حيي ، فجاء رجل الى النبي r فقال : يانبى الله ، أعطيت دحية صفية بنت حيي سيد قريظة والنضير ، ما تصلح إلا لك ، فقال : " أدعو بها " ، فلما جاء بها ، فلما نظر إليها النبي r قال : " خذ جارية من السبى غيرها "
قال : وأعتقها وتزوجها .177
 فضائلها :
عاشت صفية بنت حيي فى بيت النبوة ، ودخلت فى الإسلام ، وحسن إسلامها ، الى أن كان ذلك اليوم الذى يحكى لنا فيه أنس بن مالك ماحدث فيه فيقول : بلغ صفية أن حفصة قالت : بنت اليهودى ! فبكت ، فدخل عليها النبي وهى تبكى ، فقال : " ما يبكيك ؟ " قالت : قالت لي حفصة انى بنت اليهودي
فقال النبي r : " إنك لأبنه نبي ، وان عمك لنبي ، وإنك تحت نبي ، ففيم تفخر عليك ؟! ، ثم قال : " اتق الله يا حفصة "178
وحدث وحجت نساء بيت النبوة في العهد النبوى ، فلما حج النبي r بنسائه برك بصفية جملها ، فبكت ، وجاء رسول الله r لما أخبروه ، فجعل يمسح دموعها بيده وهى تبكى، وهو ينهاها ، فنزل الرسول r بالناس .
فلما كان عند الرواح ، قال لزينب بنت جحش : " أفقري أختك جملاً " ، آي أعيريها وكانت زينب من أكثرهن ظهراً ، فقالت : " أنا أفقر يهوديتك ؟! "
فغضب r ، فلم يكلمها ، حتى رجع الى المدينة ، وظل على ذلك طوال شهر المحرم وصفر، فلم يأتها ، ولم يقسم لها ، ويئست منه .
فلما كان ربيع الأول دخل عليها ، فلما رأته قالت : يا رسول ، ما أصنع ؟
قال : وكانت لها جارية تخبؤها من رسول الله ، فقالت : هي لك ، فمشى النبي r الى سريرها وكان قد رفع ، فوضعه بيده ، ورضى عن أهله .
 وفاتها :
توفيت في خلافة معاوية بن أبى سفيان t سنه خمسين ، ودفنت بالبقيع . 179


مارية القبطية
هي : مارية القبطية زوج النبي r ، دخلت الى بيت النبوة ، فنالت شرف الدنيا والآخرة ، بعثها المقوقس عظيم مصر الى الرسول r فى سنه سبع من الهجرة وأختها سيرين ، وألف مثقال ذهباً ، وعشرين ثوبا لينا ، وبغلته الدلدل وحماره عفور ، ويقال : يعفور .
أرسلهما مع ابن عم لمارية شيخ كبير ، وبعث بذلك كله مع حاطب بن أبى بلتعه ، فوهب رسول الله r سيرين لحسان بن ثابت ، أسلمت مارية وأختها .
كان رسول الله r يحب مارية القبطية ، أنزلها في العالية في مقدمة مدخل المدينة النبوية ، وفى الموضع الذي يقال له : مشربة آم إبراهيم .
وكان رسول الله r يختلف إليها هناك ، وضرب عليها الحجاب ، وكان يطأها بملك اليمين ، فلما حملت وضعت هناك ، فجاء أبو رافع زوج سلمى فبشر الرسول بإبراهيم ، فوهب له عبدا ، وكان ذلك في ذي الحجة من سنه ثمان من الهجرة .
وكانت أم إبراهيم في دارها ، وابن عمها يأوي إليها ويأتيها بالماء والحطب فقال الناس في ذلك : علج يدخل على علجة !
فبلغ ذلك رسول الله r ، أرسل على بن أبى طالب فوجده على ، فلما رأى السيف وقع في نفسه ، فألقى الكساء الذي كان عليه ، وتكشف فإذا هو مجبوب.
يقول انس بن مالك t :
" كان رجل يتهم بأم إبراهيم أم ولد رسول الله r ، فقال لعلى : " اذهب فاضرب عنقه " ، فأتاه على فإذا هو ركى يتبرد فيها ، فقال له على : أخرج ، فناوله يده ، فأخرجه فإذا هو مجبوب ليس له ذكر ، فكف على عنه ، ثم أتى النبي r فقال : يا رسول الله ، إنه لمجبوب !
ثم قال : أكون كالسكة المحماة ، أو الشاهد يرى ما لا يرى الغائب ، فقال : " بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب " 180
 وفاتها :
عاشت مارية حتى توفى رسول الله r ، فكان أبو بكر الصديق ينفق عليها من بعده ، حتى توفى . ثم كان عمر t ، ينفق عليها حتى توفيت في خلافته ، وذلك في المحرم من سنه ست عشرة ، وكان عمر يحشر الناس بنفسه لشهود جنازتها وصلى عليها عمر بن الخطاب ، ودفنت فى البقيع بالمدينة النبوية .

زينب بنت جحش
هي : زينب بنت جحش القرشية ، ابنه عم النبي r ، وزوجته الشريفة .
أمها : أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم عمه الرسول r ، أسلمت مبكراً ، وهاجرت الهجرتين ، وكانت من خير النساء دينا ، وورعا ، ومعروفا ، وغلب عليها السخاء .
دخلت إلى بيت النبوة بخبر من السماء ، وأي خبر ؟
كان زيد بن حارثة حبيباً إلى النبي r ، يقال له : الحب ، ولإبنه أسامه يقال : الحب ابن الحب ، وما أرسله النبي r فى جيش إلا أمره عليه .
زوج النبي r زيداً من زينب بنت جحش ، ولكن كان من قدر الله ألا تدوم العشرة بينهما ، فيأتي زيد يشكو امرأته إلى النبي r ، فيقول له : " اتق الله ، وأمسك عليك زوجك "181
وكان من قدر الله وحكمته أن زينب ستصير زوجه لرسول الله r ، فطلقها زيد بن حارثة ، وتزوجها الرسول r ، قا ل تعالى : { فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً } 182
وهكذا زوجها الله من فوق سبع سموات ، ولها أن تفخر بذلك وتقول : زوجكن أهاليكن ، وزوجنى الله تعالى من فوق سبع سموات 183.
 فضائلها :
تقول السيدة عائشة : " لم أر إمرأة قط خيراً فى الدين من زينب ، وأتقى لله ، وأصدق حديثا ، وأوصل للرحم ، وأعظم صدقة ، واشد ابتذالاً لنفسها فى العمل الذى يتصدق به ، ويتقرب به الى الله عز وجل ، كانت تعمل بيديها ، وتتصدق فى سبيل الله عز وجل " .184
وكانت تكثر من فعل الخيرات الى المساكين ، والأرامل والمحتاجات حتى لقبت : بـ " أم المساكين "
ولقد بشرها النبي r بفضلها في تقديم الصدقات ، وأبان عن كرمها ، وعظم سخائها ،فقال لهن في معجزة نبوية : " أسرعكن بى لحوقاً أطولكن يداً "185
ومن مناقبها أن كانت وليمتها من الولائم المشهورة بين زوجات النبي r في فضل إطعامها وشرابها ، وبركته .
ولقد كان لزينب عند النبي r منزلة ومكانة لتقواها ، وصلاحها ، مما جلب لها أحيانا الغيرة من بعض الزوجات الطيبات فى بيت النبوة .
تقول السيدة عائشة : " كان النبي يمكث عند زينب بنت جحش ، فيشرب عندها عسلا ، فتواصيت أنا وحفصة آيتنا دخل عليها النبي فلتقل له : أكلت مغافير ؟ إنى أجد منك ريح مغافير .
فدخل على إحداهما فقالت له ذلك ، فقال : " لا ، ولكنى كنت شربت عسلاً عند زينب بنت جحش ، فلن أعود له ، وقد حلفت لا تخبري بذلك أحدا " .
فنزلت : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ } ، إلى قوله : { إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ } : لعائشة وحفصة .186
و " المغافير " شبيه الصمغ ، يوضع في الثوب بالماء فيشرب ، وله رائحة منكرة ، وقد كان النبي r يعجبه أن يوجد منه الريح الطيب ، أو يجدها ، ويكره الريح الخبيثة لمناجاته الملك .
 وفاتها :
سئلت أم عكاشة بن محصن : كم بلغت زينب بنت جحش يوم توفيت ؟ فقالت : قدمنا المدينة للهجرة وهى بنت بضع وثلاثين ، وتوفيت سنه عشرين .
وكانت ابنه ثلاث وخمسين سنه ، وبعد وفاتها جعلت عائشة تبكى وتذكر زينب ، وتترحم عليها ، فقيل لعائشة في بعض ذلك فقالت : " كانت إمرأة صالحة "
فسلام على زينب بنت جحش مع الصحابيات الصالحات 187.

جويرية بنت الحارث
هي : جويرية بنت الحارث بن أبى ضرار المصطلقية ، وكان أبوها مطاعا فى قومه .
تقول السيدة عائشة : لما أصاب الرسول r سبايا بنى المصطلق ، وقعت جويرية بنت الحارث فى السهم لثابت بن قيس ، فكاتبته على نفسها ، وكانت إمراة جميلة ، فأتت رسول الله r لتستعينه فى كتابتها .
قالت عائشة : فوالله ما هو إلا أن رأيتها على باب الحجرة فكرهتا ، وقلت سيرى منها مثل ما رأيت . فلما دخلت على رسول الله r قالت : يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث سيد قومه ، وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك ، فوقعت فى سهم ثابت ابن قيس ، وقد كاتبت على نفسى ، فأعنى على كتابتى .
فقال رسول الله r : " وهل لك في خير من ذلك ؟ "
قالت " وما هو ؟
قال : " أؤدي عنك كتابتك ، وأتزوجك "
قالت : نعم يا رسول الله ، قد فعلت ، ففعل الرسول r ، فخرج الخبر الى الناس أن رسول الله r تزوج جويرية بنت الحارث ، فقال الناس : أصهار رسول الله r ، فأرسلوا ما فى أيديهم من بنى المصطلق ، فلقد أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بنى المصطلق ، فما أعلم إمرأة كانت أعظم بركة على قومها منها .188
كانت المصطلقية تكثر من التسبيح ، فحدث وأتى عليها الرسول r غدوة ، وهى تسبح ، ثم انطلق لحاجته ، ثم رجع قريبا من نفس النار ، فقال : " أما زلت قاعدة ؟! "
قالت : " نعم " .
قال r : " ألا أعلمك كلمات لو عدلن بهن عدلتهن ، ولو وزن بهن وزنتهن يعنى جميع ماسبحت : سبحان الله عدد خلقه ثلاث مرات ، وسبحان الله زنه عرشة ، ثلاث مرات ، سبحان الله رضا نفسه ، ثلاث مرات ، سبحان الله مداد كلماتة ، ثلاث مرات " 189
 وفاتها :
توفيت في المدينة فى ربيع الأول من سنة ست وخمسين ، ودفنت فى البقيع ، رضى الله عنها 190.

سودة بنت زمعة
هي : سودة بنت زمعة بن قيس القرشية العامرية ، وكانت قبل دخولها بيت النبوة تحت ابن عم لها ، يقال له : السكران بن عمرو بن عامر بن لؤى .
وهى أول من تزوج بها النبي r بعد خديجة ، وانفردت به نحوا من ثلاث سنين أو أكثر حتى دخل بعائشة .
وهى التى وهبت يومها لعائشة رعاية لقلب رسول الله r ، وكان النبي r ، يقسم لعائشة بيومها ، ويوم سودة ، فلما أسنت سودة وهبت يومها لعائشة ، تبتغى بذلك رضى رسول الله r .
وأخرج لها أحاديث البخاري ، وأبو داود ، والنسائي ، وكانت من الصلاح بمكان حتى تمنت عائشة أن تكون في مثل هديها وطريقتها .
تقول السيدة عائشة :
" ما رأيت إمرأة أحب الى أن أكون فى مسلاخها من سودة بنت زمعة إلا أن بها حدة " 191
فسلاخها تشير به إلى هديها وطريقها ، كأنها تمنت آن تكون على مثله ، وسلاخ الحية جلدها .
وفاتها :
توفيت بالمدينة فى آخر خلافة عمر بن الخطاب .192
فرضى الله عنها أرضاها .

أم سلمة المخزومية
هي : هند بنت أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر ، القرشية المخزومية ، واسم أبيها ابى أميه : حذيفة ، ويلقب بزاد الراكب ، وكان من أجود قريش المشهورين بالكرم ، والجود ، والسخاء ، والعطاء .
وأمها : عاتكة بنت عامر بن ربيعة بن مالك .
أسلمت في بدءالإسلام ، وهاجرت مع زوجها إلى الحبشة ، ثم بعد وفاة زوجها هاجرت بمفردها الى دار الهجرة الثانية ـ المدينة ـ وكانت أول إمرأة وصلت الى المدينة مهاجرة بمفردها ، ثم توفى أبو سلمة زوجها ، وكان أخو الرسول r من الرضاعة ، وابن عمته برة بنت عبد المطلب .
تقول أم سلمة : " سمعت آبا سلمة يقول : سمعت رسول الله r يقول : " ما من أحد من المسلمين يصاب بمصيبة فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم انى أحتسب مصيبتى عندك ، اللهم أبدلنى بها خيرا منها ، ألا أبدله الله بها خيرا منها " ، فلما توفى أبا سلمة قلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم إني أحتسب مصيبتي في أبى سلمة ، اللهم أبدلني به خيراً منه ، فجعلت أقول في نفسي : من خير من أبى سلمة ؟ !
فجاء رسول الله r فخطبنى ، فقلت : أنا مصبية ، وأنا غيورة ، وأنا كبيرة السن ؟ !
فقال رسول الله r : " آما كبر السن فأنا أكبر منك ، وأما الغيرة فأنا أدعو الله أن يذهبها عنك ، وأما العيال فإلى الله ورسوله "193
فأمر عمر بن أبى سلمة فزوجني إياه .
ولقد حملت عن النبي r فقها غزيراً ، وعلما كثيراً ، ويبلغ مسندها ثلاثمائة وثمانية وسبعون حديثا ، واتفق البخارى ومسلم لها على عشر أحاديث .
وعاشت أم سلمة نحواً من تسعين سنة ، والراجح أن وفاتها كانت في سنة إحدى وستين ، فرضى الله عنها . 194

زينب بنت خزيمة
هي : زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله الهلالية ، قتل زوجها عبد الله بن جحش شهيداً فى غزوة " أحد " ، فتزوجها النبي r ولكنها لم تمكث عنده إلا شهرين أو ثلاثة ، وتوفيت .
فنالت شرف الدخول إلى بيت النبوة ، وكان ذلك في أواخر السنة الثالثة ، وتوفيت في بداية السنة الرابعة .
وكانت في حياتها من أرق ، وأرحم النساء للفقراء والمساكين في الجاهلية والإسلام ، فكانت تطعمهم ، وتكسوهم ، وتتصدق عليهم .195
رضى الله عنها .
(مسألة) : هناك إمرأتان لم يدخل بهما الرسول r وهما : أخت بنى الجون الكندى ، وهم حلفاء بنى فزارة ، وقصتها يرويها الإمام البخارى عن أسيد قال : خرجنا مع رسول الله r حتى انطلقنا الى حائط يقال له " الشوط " ، حتى أنتهينا الى حائطين جلسنا بينهما فقال : " إجلسوا هاهنا " ، فدخل وقد أتي بالجونية ، فأنزلت في محل بيت أميمة بنت النعمان ين شرحبيل ، ومعها حاضنة لها ، فلما دخل عليها رسول الله r قال : " هبي لي نفسك "
قالت : وهل تهب الملكة لسوقة ؟
قال : فأهوى بيده يضع يده عليها لتسكن ، فقالت : أعوذ بالله منك
قال  : " لقد عذت بمعاذ " : ، ثم خرج علينا فقال : " يا أبا أسيد أكسها رازقيتين وألحقها بأهلها " 196.
أما الثانية : فهى عمرة بنت يزيد الكلابية ، وهى التى أنبأ أن بها بياضاً فطلقها ولم يدخل بها .197
(مسألة) : إن من ينظر إلى حياة الرسول r يعرف جيداً أن زواجه بهذا العدد الكثير من النساء في أواخر عمره ، بعد أن قضى ما يقارب ثلاثين عاما من ريعان شبابه مقتصراً على زواجه بواحدة ـ خديجة ـ عرف أن هذا الزواج لم يكن لأجل أنه وجد بغته في نفسه قوة عارمة من الشبق لا يصبر معها إلا بمثل هذا العدد الكثير من النساء .
بل كانت هناك أغراض أخرى أجل وأعظم من الغرض الذي يحققه عامه الزواج .
فإتجاه الرسول r إلى مصاهرة أبى بكر وعمر ، وكذلك تزويجه ابنته لعلى بن أبى طالب ، وتزويجه ابنتيه رقيه وأم كلثوم بعثمان بن عفان ، يشير الى انه يبتغى من وراء ذلك توثيق الصلات بالرجال الأربع ، والذين عرف بلائهم وفدائهما للإسلام فى الأزمات التى مر بها .
وكان من تقاليد العرب الإحترام للمصاهرة ، فقد كان الصهر عندهم باباً من أبواب التقرب بين البطون المختلفة ، وكانوا يرون محاربة الأصهار سبه وعار على أنفسهم ، فأراد رسول الله r بزواج عده من أمهات المسلمين آن يكسر سورة عداء القبائل للإسلام ، فكانت أم سلمة من بنى مخزوم ، حي أبى جهل وخالد بن الوليد ، وكذلك أبو سفيان لم يواجه الرسول r بأي محاربة بعد زواجه بابنته أم حبيبة .الخ
وقد كان لأمهات المؤمنين فضل كبير فى نقل أحواله r المنزلية للناس ، خصوصا من طالت حياتها منهن كعائشة . رضى الله عنهم أجمعين .
,,,,
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

مجامر الألوة بذكر شجرة النبوة  Empty
مُساهمةموضوع: مجامر الألوة بذكر شجرة النبوة   مجامر الألوة بذكر شجرة النبوة  I_icon_minitimeالخميس نوفمبر 28, 2013 2:24 pm

[font=Times New Roman][color=#993333]
[size=24][center][b]أولاده صلي الله عليه وسلم
  لا خلاف أن جميع أولاده  r من خديجة بنت خويلد ، سوى إبراهيم فمن مارية بنت شمعون القبطية .
  قال ابن عباس  t  :
  " كان أكبر ولد الرسول  r القاسم ، وزينب ، ثم عبد الله ، ثم أم كلثوم ، ثم رقية ، ثم فاطمة ، فمات القاسم ، ثم مات عبد الله ، فقال العاص بن وائل السهمى : قد انقطع نسله فهو اأبتر ، فأنزل الله عز وجل : {إن شانئك هو الأبتر } ، أي مبغضك هو الأبتر من كل خير .
  قال : ثم ولدت له مارية بالمدينة إبراهيم فى ذى االحجة سنة ثمان من الهجرة ، فمات ابن ثمانية عشر أشهر .198
  وها هي لمحات من حياة أبنائه  :


السيدة زينب
  ولدت وكان سن النبي  r ثلاثين سنة ، فمولدها كان قبل البعثة النبوية بعشر سنين ، وكان زواجها مبكراً ، فقد كانت أول من تزوج من بنات النبي  r  .   تزوجها أبو العاص بن الربيع ، ابن خالتها هاله بنت خويلد ، فلما جاء نور الإسلام ، وبعث النبي r  بالرسالة والنبوة أسرعت زينب الى الإيمان ودخلت الى الإسلام ولكن ظل الزوج على الشرك بالله والكفر .
  وهنا أرادت زينب الهجرة الى المدينة حيث الوالد النبي  r والصحب الكرام  ولكن هيهات وهى تحت أبى العاص من كبار رجال مكة .
  فلما جائت غزوة بدر ، وأخذ المسلمون يقتلون ويأسرون الكفار ، وكان أبو العاص بن الربيع ممن شهد بدراً فى صف كفار قريش ، فأسره عبد الله بن جبير الأنصارى ، فكان فى أسرى بدر .
  فلما بعث آهل مكة فى فداء أسراهم ، ماذا حدث لأبى العاص بن الرببيع ؟
  تقول السيدة عائشة : " فلما رآها رسول الله  r رق لها رقه شديدة ، وذكر خديجة وترحم عليها ، وقال : " إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها ، وتردوا عليها الذى لها فعلتم " 199
  فقالوا : نعم يارسول الله ، فأطلقوه وردوا عليها الذى لها .
  ولقد كان رسول الله  r أخذ على أبى العاص أن يخلى سبيل زينب لكى تهاجر الى المدينة ، وكان رسول الله  r قد بعث زيد بن حارثة ورجلاً من الأنصار ، فقال لهما : " كونا ببطن يأجج حتى تمر بكما زينب فتصحباها حتى تأتيا بها "
  تقول السيدة عائشة : أن رسول الله  r لما قدم المدينة خرجت إبنته زينب من مكة مع كنانة ، فخرجوا فى إثرها ، فأدركها هبار بن الأسود فلم يزل يطعن بعيرها برمحه حتى صرعها ، وألقت ما فى بطنها  ـ وكانت حامل ـ وأهراقت دماً . فاشتجر فيها بنو هاشم وبنو أمية، فقال بنو أمية : نحن أحق بها، وكانت تحت ابن عمهم ، فصارت عند هند بنت عتبة بن ربيعة ، وكانت تقول لها هند : هذا بسبب أبيك .
  فقال رسول الله r  لزيد بن حارثة : " ألاتنطلق فتجيئنى بزينب ؟ "
  قال بلى يارسول ، قال : " فخذ خاتمى هذا فأعطها إياه "
  فانطلق زيد ، وترك بعيره ، فلم يزل يتلطف حتى لقى راعياً ، فقال : لمن ترعى ؟ قال : لأبى العاص ، قال ، فلمن هذه الغنم ؟ قال : لزينب بنت محمد ، فسار معه شيئاً ، ثم قال له ، هل لك أن أعطيك شيئاً تعطيها إياه ، ولا تذكره لأحد ؟
  قال نعم ، فأعطاه الخاتم . فانطلق الراعى ، فأدخل غنمه ، وأعطاها الخاتم فعرفته ، قالت : من أعطاك هذا ؟ قال : رجل : وأين أدركته ؟ قال : بمكان كذا وكذا ، قال فسكتت حتى إذا جاء الليل خرجت إليه ،حتى أتت ، فكان رسول الله   يقول : " هى أفضل بناتى ، أصيبت في "200  
  ثم دخل أبو العاص فى الإسلام ، ورد عليه النبي  r ابنته بنكاحها الأول ، وقد كان دخوله الى الإسلام قبيل فتح مكة ، وتوفي أبى العاص سنة اثنتى عشرة من الهجرة النبوية .
  وفاتها :
  توفيت أول سنة ثمان من الهجرة بعد معاناة شديدة مع المرض الدائم الذى لازمها من موقف سقوطها فى رحلة الهجرة .
  فلما ماتت زينب قال الرسول r لأم عطيه : " اغسلنها وتراً ، ثلاثاً ،أو خمساً ، واجعلن فى الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور ، فإذا غسلتنها فأعلمينى "
  فلما فرغنا آذناة فألقى إلينا حقوة201   ، وقال : " أشعرنها إياة " 202  

السيدة رقيه
  ولدت رقية ، سنة ثلاثة وثلاثين من مولد   فعاشت فى بيت النبوة ، وتأدبت بآداب الرسول r  ، فلما شبت رقية زوجها النبي  r من عتبة بن أبى لهب ، وزوج أختها أم كلثوم عتيبة بن أبى لهب ، فلما نزلت سورة " المسد " قا ل لهما أبوهما :  رأسى من رأسكما حرام إن لم تطلق ابنتيه ، ففارقهما قبل أن يدخلا بما كرامة من الله تعالى لهما وهوانا لأبنى أبى لهب .
  أسلمت رقية حين أسلمت أمها خديجة وبايعت النبي  r هى وأخواتها .
  ويتزوج عثمان بن عفان  t من رقية ، ويهاجر بها الهجرة الأولى الى الحبشة ، فكانا منا أوائل من هاجرفى سبيل الله .
  وفى أثناء رحلتها فى الهجرة تنجب رقية ابناً ، ويسمى : " عبد الله " ، ويشاء الله أن يتوفى عبد الله بن عثمان ، وذلك  فى سنة أربع من الهجرة ، وهو ابن ست سنين ، وصلى عليه صلاة الجنازة الرسول r  وأنزله فى حفرته والده عثمان بن عفان .
  يروى أسامة بن زيد  t  فيقول : " أرسلت ابنة النبي  r إليه : أن ابنا لى قبض ، فآتنا ، فأرسل يقرئ السلام ، ويقول الرسول : " إرجع إليها فأخبرها أن لله ما أخذ ، وله ما أعطى ، وكل شئ عنده بأجل مسمى ، فمرها فلتصبر ولتحتسب "203  
  وصبرت رقيه على فقيد رضيعها ، واحتسبت الأجر والثواب ، وظلت على ثباتها ، وقيامها بحق ربها حتى ابتليت بالحصبة .
  وفاتها :
 وعاشت رقية ما بقى لها من عمرها ، وهى مريضة تئن ، وتدع ربها ، الى أن توفيت فى شهر رمضان ، والرسول r  فى بدر ، وكان سنها إذ ذاك عشرين سنة ، وتوفيت يوم وصول زيد بن حارثة مبشراً بظفر رسول الله على المشركين .
  وهكذا عاشت رقية حميدة ، وماتت شهيدة  . 204    

السيدة أم كلثوم
 صحابية جليلة ، وبنت من بنات الرسول  r  ، وهى أصغر من أختها رقية ، ولذلك زوج النبي  r أختها رقية أولا الى عثمان ، فلما توفيت زوجه بأم كلثوم وما كان ليزوج الصغرى ويترك الكبرى .
  وكان قدر الله المبارك لعثمان  t أن يكون الوحيد من خلق الله الذى يتزوج ابنتى نبى من أنبياء الله تعالى ، لذلك لقب  : " بذى النورين "
  وفاتها :
   توفت سنة تسع ، وكانت الصحابية الجليلة أم عطية هى التى غسلتها فى نسوة من الأنصار وصلى عليها الرسول  r  .
  يقول أنس بن مالك t :
  "رأيت النبي r  جالسا على قبرها وعيناه تدمعان ، فقال : " أفيكم رجل لم يقارف   205الليلة " ، فقال آبا طلحة : أنا ، فقال  : " فانزل " فنزل فى قبرها .206  

السيدة فاطمة
  ولدت قبل البعثة النبوية بقليل ، قيل : بخمس سنين ، وكانت طيبة الأفعال ، حلوة اللسان ، تعين الفقراء والمساكين ، فكانت محبوبة من الجميع .
  فقد كانت من أحب الناس الى الرسول  r ، وأشبههم به.
  فتروى عائشة ، وبريدة : " كان أحب الناس الى الرسول r  : فاطمة "207  
  وتقول السيدة عائشة :
  "ما رأيت أحداً أشبه سمتاً ، ودلاً ، وهدياً برسول الله  r من ابنته فاطمة فى قيامها ، وقعودها ، وكانت إذا دخلت عليه قام إليها ، فقبلها ، وأجلسها فى مجلسه ، فلما مرض ، دخلت فأكبت عليه ، ثم رفعت رأسها فضحكت ، فسألتها عن ذلك ، فقالت : " أخبرنى أنه ميت من وجعه هذا ، فبكيت ، ثم أخبرنى أنى أسرع الناس لحوقاً به فضحكت " 208
  تزوجت من ابن عمها على بن أبى طالب ، وماكان لهما من فراش سوى جلد كبش بالليل ينامان عليه ، وبالنهار يجعلانه وسادة .
  يقول على  t : أن رسول الله r  لما زوجه بفاطمة بعث معه بخميلة ، ووسادة حشوها ليف ، ورحيين ، وسقاء ، وجرتين .
  ومع ذلك صبرت ، ولم تفتر عن طاعة الله ، و لم تطلب من والدها   شيئا ، فهى صابرة ، راضية بما قسم الله لها .
  فضائلها :
قال  r  : " فاطمة بضعة منى ، فمن أغضبها أغضبنى ، يريبنى ما رابها ، ويؤذينى ما أذاها "209  
  " بضعة منى " أى : قطعة منى ، كقطعة اللحم تماماً بعضها من بعض ،  يريبنى ما رابها " أى : يسوؤنى ما يسوؤها ، ويزعجنى ما يزعجها .
  وقال  r  : " يافاطمة ، ألا ترضين أن تكونى سيدة نساء المؤمنين ؟ أو سيدة نساء الأمة " 210
  ومن الخصائص  التى أختصت بها السيدة فاطمة أنها كانت رأس بنات أهل البيت ، ومنها جاء آل البيت  جميعهم ، فقد انقطع نسل آل البيت إلا منها ، فإن الذكور من أولاده  r ماتوا  صغاراً ، وأما البنات فلم يبقى من نسلهن شئ ، وبقى نسل فاطمة الى يوم الدين بمشيئة رب العالمين ، وكانت بدايتة فى الحسن والحسين السبطين  ، وسيأتى .
 وفاتها :
 عاشت بعد النبي  r سته أشهر فلما توفيت دفنها زوجها على ليلاً ، ولم يؤذن بها أبا بكر ، وصلي عليها .

إبراهيم
  ولد سنة ثمان من ذى الحجة من مارية زوج النبي  r ، ولكنه توفى سريعاً وهو ابن ثمانية عشر شهراً .  
    يقول أنس بن مالك t :   " ما رأيت أحداً أرحم بالعيال من رسول الله r  ، كان إبراهيم مسترضعاً فى عوالى المدينة ، وكان ينطلق معه فيدخل الى البيت ، وإنه ليدخن ، وكان ظئره فينا فيأخذه فيقبله ثم يرجع "
   قال عمرو  :
   فلما توفى إبراهيم ، قال رسول الله r  : " إن إبراهيم ابنى ، وإنه مات فى الثدى وإن له لظئرين تكملان رضاعه فى الجنة "211  
  وعن على  t قال  :
  " لما توفى إبراهيم ابن رسول الله  r ، بعث على بن ابى طالب الى أمه مارية القبطية فى مشربه ، فحمله علي فى سفط وجعله بين يدية على الفرس وخرج به وخرج الناس معه ، فدفنه فى الزقاق الذى يلى دار محمد بن زيد ، فدخل على فى قبره حتى سوى عليه ودفنه ، ثم خرج ورش علي قبره ، وأدخل الرسول   يده فى قبره ، فقال : " أما والله إنه لنبى ابن نبى " وبكى رسول الله   وبكى المسلمون من حوله حتى أرتفع الصوت ، ثم قال رسول الله r  : " تدمع العين ، يحزن القلب ، ولا نقول ما يغضب الرب ، وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون "212  
,,,,

مواليه صلي الله عليه وسلم   213
  ومنهم : أسامة بن زيد بن حارثة ، ويقال أبو محمد مولى رسول الله    وابن مولاه ، وحبه وابن حبه ، وأمه أم أيمن واسمها بركة ، كانت حاضنه رسول الله  r فى صغره ، وممن آمن به قديماً بعد بعثته ، وقد أمره الرسول r على جيش كثيف منهم عمر بن الخطاب ، فلما توفى رسول الله r  ، وجيش أسامة مخيم بالجرف ، أستطلق أبو بكر من أسامة عمر بن الخطاب فى الإقامة عنده ليستضئ برأيه فأطلقه له ، وأنفذ أبو بكر جيش أسامة بعد مراجعه كثيرة من الصحابة له فى ذلك ، وكل ذلك يأبى عليهم ويقول : والله لا أحل رايه عقدها رسول الله r ، فساروا حتى بلغوا تخوم البلقاء من الشام حيث قتل أبوه زيد وجعفر بن أبى طالب وعبد الله بن رواحة  y  .
  فأغار على تلك البلاد فغنم وسبى وكر راجعاً سالماً مؤيدا بإذن الله ، فلهذا كان عمر بن الخطاب t  لا يلقى أسامة إلا قال له  : " السلام عليك أيها الأمير "
    وروى البخارى عن أسامة   أنه قال : كان رسول الله  r  يأخذنى والحسن فيقول : " اللهم إنى أحبهما فأحبهما " 214
  وكان t  أسود كالليل ، أفطس ، حلواً ، حسناً ، كبيراً ، فصيحاً ، عالماً ربانياً ، ومات فى أيام على بن أبى طالب t .
  ومنهم : حنين مولى النبي  r  وهوجد إبراهيم بن عبد الله بن حنين ، وروى أنه كان يخدم النبي   ويوضئه ، فإذا فرغ النبي  r  خرج بفضله الوضوء الى أصحابة ، فمنهم من يشرب منه ، و منهم من يتمسح به ، فاحتبسه حنين فخبأة عنده فى جرة حتى شكوة الى النبي r  فقال : " ماتصنع به " فقال أدخره عندى أشربه يا رسول الله ، فقال r  : " هل رأيت غلاماً أحصى ما أحصى هذا ؟ "
  ثم أن النبي  r وهبه لعمة العباس فأعتقه .  
  ومنهم : آنسة بن زيادة بن مشرح ، ويقال أبو مسرح ، من مولدى السراة ، مهاجرى  شهد بدراً فيما ذكره عروة والزهرى .
  قالوا : وكان ممن يأذن على النبي  r إذا جلس ، وتوفى فى حياة أبو بكر الصديق t .
  ومنهم : أيمن بن عبيد بن زيد الحبشى ، وهو ابن أم أيمن ، أخو أسامة بن زيد لأمه .
  قال ابن إسحاق :
  " وكان على مطهرة النبي  r  ، وكان ممن ثبت يوم حنين ، ويقال أن فيه وفى أصحابه نزل قوله تعالى "  { قلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً }  الكهف110              
  والجمهور كابن إسحاق وغيرة ، ذكروة فيمن قتل من الصحابة يوم حنين والله أعلم .
  ومنهم : ثوبان بن بحدد ويقال ابن جحدر ، أصله من أهل السراه ـ مكان بين مكة واليمن ـ  وقيل : من مذحج ، أصابه سبى فى الجاهلية ، فاشتراة رسول الله  r  ، فأعتقه وخيره إن شاء أن يرجع الى قومه ، وإن شاء يثبت فأنه منهم أهل البيت ، فأقام على ولاء رسول الله ولم يفارقه حضراً ولا سفراً حتى توفى الرسول  r  ، وشهد فتح مصر أيام عمر ، ونزل حمص بعد ذلك  وابتنى فيها داراً ، وأقام بها الى أن مات سنة أربع وخمسين ، روى له البخارى ومسلم .
  ومنهم : أسلم أبو رافع القبطى أسلم قبل بدر ولم يشهدها لأنه كان فى مكة مع سادته آل العباس وكان ينحت القداح ، وقصته مع الخبيث أبى لهب حين جاء خبر وقعة بدر معروفة .
  ثم هاجر وشهد أحداً وما بعدها ، وكان كاتباً ، وشهد فتح مصر فى أيام عمر ، وقد كان أولاً للعباس فوهبه للنبي  r  فأعتقه وزوجة مولاتة سلمى .
  وروى الأمام أحمد : عن أبى رافع أن رسول الله  r  بعث رجلاً من بنى مخزوم على الصدقة ، فقال لأبى رافع أصحبنى كيما تصيب منها ، فقال : لا حتى آتى رسول الله  r  فأساله ، فأتى رسول الله فسأله فقال : " الصدقة لا تحل لنا ، وإن مولى القوم منهم "215  
  ومات فى أيام  على  t .
  ومنهم : سفينة أبو عبد الرحمن ويقال كان أسمه مهران وقيل عبس ، فلقبة رسول الله  r لسبب ، فغلب عليه ، وكان مولى لأم سلمة فأعتقته واشترطت عليه أن يخدم رسول الله r  حتى يموت فقبل ذلك
  وروى الإمام أحمد : عن سفينة قال : كنا فى سفر ، فكان كلما أعيا رجل على ثيابه ، ترساً أو سيفاً حتى حملت من ذلك شيئا كثيراً ، فقال النبي  r  : " أنت سفينة "216   ، وهذا هو المشهور فى تسميته سفينه .
  ويقول سفينة : ركبت البحر فى سفينة فكسرت بنا ، فركبت لوحاً منها فطرحنى فى جزيرة فيها أسد ، فلم يرعنى إلا به ، فقلت : يا أبا الحارث ـ يعنى الأسدـ أنا مولى رسول الله   فجعل يغمزنى بمنكبة حتى أقامنى على الطريق  ثم همم فظننت أنه السلام .
  ومنهم : سلمان الفارسى أبو عبد الله مولى الأنصار، وأصله من فارس وتنقلت به الأحوال الى أن صار لرجل من يهود المدينة ، فلما هاجر رسول الله   الى المدينة أسلم سلمان وأمره رسول الله  r  فكاتب سيده اليهودى ، وأعانه رسول الله  r  على أداء ما عليه    توفى سلمان سنه خمسه وثلاثين فى آخر أيام عثمان ، أو فى سنة ست وثلاثين                                                            
   ومنهم : شقران الحبشى وأسمه صالح بن عدى ، ورثه  r  من أبيه ، وقال مصعب الزبيرى : كان لعبد الرحمن بن عوف فوهبه للنبي   .
 وروى الترمذى ، عن إبن أبى رافع قال : سمعت شقران يقول : " أنا والله طرحت القطيفة تحت رسول الله  r  فى القبر "217  
  وذكر الحافظ أبو الحسن بن الأثير فى الغابة أنه أنقرض نسله فكان آخرهم موتاً بالمدينة فى أيام الرشيد .
  ومنهم : زيد بن حارثة الكلبى ، أبو أسامة بن زيد  ، قتل فى غزوة مؤتة ، وذلك فى جمادة من سنة ثمان قبل الفتح بأشهر ، وقد كان هو الأمير المقدم ، ثم بعده جعفر ثم بعدهما عبد الله بن رواحة .
  وعن عائشة قالت : ما بعث رسول الله  r  زيد بن حارثة فى سرية إلا   أمره عليهم ، ولو بقى بعده لاستخلفه .
  ومنهم : رباح الأسود ، وكان يأذن على النبي  r  وهو الذى أخذ الأذن لعمر بن الخطاب حتى دخل على رسول الله r  فى تلك المشربة يوم ألى من نسائه واعتزلهن فى تلك المشربة وحده   .
  ومنهم : رويفع مولاه  r ، هكذا عدة فى الموالى مصعب بن عبد اللهالزبيرى ، وأبو بكر بن خيثمة قالاً : وقد وفد ابنه على عمر بن عبد العزيز فى أيام خلافته ففرض له  . قالا :  ولا عقب له .
  ومنهم : ضميرة بن أبى ضميرة الحميرى ، أصابه سبى فى الجاهلية فاشتراه النبي r  فأعتقه ، فذكرة الزبيرى قال : وكانت له دار بالبقيع ، وولد .
 ومنهم : كركرة ، كان على ثقل النبي r  فى بعض غزواتة .
 قال عبد الله بن عمرو : كان على ثقل النبي  r رجل يقال له كركرة ، فمات فقال r : " هو فى النار " فنظروا فإذا عليه عباءة قد غلها ، أو كساء قد غله .218  
   ومنهم : مدعم ، وكان أسود من مولدى حسمى ، أهداه رفاعة بن زيد الجذلامى ، فقتل فى حياة النبي  r ، وذلك عند مرجعهم من خيبر ، فلما وصلوا الى وادى القرى فبينما مدعم يحط ناقة رسول الله   رحلها ، إذ جاءة سهم غائر فقتله ، فقال الناس : هنيئا له الشهادة ، فقال رسول الله  r  : " كلا والذى نفسى بيدة ، إن الشملة التى أخذها يوم خيبر لتشتعل عليه ناراً " فلما سمعوا بذلك جاء رجل بشراك ، أو بشراكين ـ نعلين ـ فقال النبي r  : " شراك من نار ، أو شراكين من نار " 219
  ومنهم : نفيع ، و يقال مسروح ، ويقال : نافع بن مسروح ، والصحيح نافع بن الحارث بن كلدة ، وهو أبو بكرة الثقفى ، تدلى هو وجماعة من العبيد من سور الطائف فأعتقهم رسول الله  r  وكان نزوله فى بكرة فسماة رسول الله  r أبو بكرة .
  قال أبو نعيم : وكان رجلاً صالحا آخى رسول الله  r  بينه وبين أبى برزة الأسلمى ، وكانت وفاته فى سنة إحدى و خمسين ، وقيل اثنتين وخمسين .
  ومنهم : أبو الحمراء مولى النبي  r  وخادمه ، وهوالذى يقال أن أسمه هلال بن الحارث ، وقيل : ابن مظفر ، وقيل : هلال بن الحارث بن ظفر السلمى ، أصابه سبى فى الجاهلية ، وقال أبو الحمراء : رابطت المدينة سبعة أشهر كيوم  فكان النبي  r  يأتى باب على وفاطمة كل غداة فيقول : " الصلاة الصلاة "  
 ومنهم : أبو صفية مولى النبي  r ، قال أبو القاسم البغوى : أن أبى صفية كان يوضع له نطع ويجاء بزبيل فيه حصى فيسبح به الى نصف النهار ، ثم يرفع فإذا صلى الأولى سبح حتى  يمسى .
 ومنهم : أبو سلمة راعى النبي  r ، ويقال : أبو سلام وأسمه حريث ، وقد روى له النسائى ، وأخرج له ابن ماجة .
 ومنهم : أبو عبيد مولى النبي r  ، روى الأمام أحمد عن أبو عبيد أنه طبخ لرسول الله  r  قدراً فيها لحم فقال النبي   : "  ناولنى ذراعها  "  فناولته ، فقال : "  ناولنى ذراعها  " فناولته ، فقال : " ناولنى ذراعها " فقلت : يا نبىالله كم للشاة من ذراع ؟  فقال : " والذى نفسى بيده لو سكت لأعطيتنى ذراعها ما دعوت به " ورواة الترمذى فى الشمائل .
  ومنهم : أبو عشيب ، وقد شهد الصلاة على النبي  r ، وحضر دفنة ، وقال مسلم بن عبيد : سمعت أبا عشيب مولى الرسول  r  قال : أن النبي   قال : " أتانى جبريل بالحمى والطاعون ، فأمسكت الحمى بالمدينة ، وأرسلت الطاعون الى الشام ، فالطاعون شهادة لأمتى ورحمة لهم ، ورجس على الكافر "220  
  ومنهم : أبو كبشة الأنمارى من أنمار مذحج على المشهور ، مولى النبي  ، وكان ممن شهد بدراً ، وتوفى يوم أستخلف عمر بن الخطاب ، وذلك فى يوم الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة من الهجرة .
  وروى الإمام أحمد : عن أبى كبشة الأنمارى قال : كان رسول الله r  جالساً فى أصحابه ، فدخل ثم خرج ، وقد أغتسل ، فقلنا يارسول الله قد كان شئ  ؟  قال  :  " أجل ، مرت بى فلانة فوقع فى نفسى شهوة النساء ،  فأتيت بعض أزواجى فأصبتها ، كذلك ففعلوا ،  فإنه من أماثل أعمالكم إتيان الحلال "221  
  ومنهم : أبو مويهبة ، من مولدى مزينة ، أشتراه الرسول  r  فأعتقه ولا يعرف أسمه ، وقال أبو مصعب الزبيرى : شهد أبو مويهبة المريسيع ، وهو الذى كان يقود لعائشة بعيرها .
ومنهم :أبو ضميرة، والد ضميرة المتقدم، وزوج أم ضميرة مولى النبي r  



إماؤة r 222
  ومنهن : بركة أم أيمن وأم أسامة بن زيد ، وهى بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حصين بن مالك بن سلمة ، غلب عليها كنيتها أم أيمن وهو ابنها من زوجها الأول عبيد  بن زيد الحبشى ،  ثم تزوجها بعده زيد بن حارثة ، وتعرف بأم الطباء ، وقد هاجرت الهجرتين ، وهى حاضنة رسول الله  r مع أمه آمنة بنت وهب ، وقد كانت ممن ورثها رسول الله  r من أبيه  ، قاله الواقدى ، وقال غيرة : بل ورثها من أمه .
  وزارها أبو بكر وعمر y بعد وفاة النبي  r ، فوجدوها تبكى فقالا لها : " أما تعلمين أن ماعند الله خير لرسول الله  r ؟  " فقالت : بلى ، ولكن أبكى لأن الوحى قد انقطع من السماء ، فجعلا يبكيان معها .
  ومنهن : أميمة ، قال ابن الأثير : وهى مولاة رسو ل الله r  ، وروى حديثها أهل الشام ، وروى عنها جبير بن نفير أنها كانت توضئ رسول الله  r ، فأتاة رجل يوما فقال له : أوصنى فقال : " لا تشرك بالله شيئا وإن قطعت أو حرقت بالنار ، ولا تدع صلاة متعمداً ، فمن تركها متعمداً فقد برئت منه ذمة الله وذمة رسوله ، ولا تشربن مسكراً فإنه رأس كل خطيئة ، ولا تعصين والديك وإن أمراك أن تختلى من أهلك ودنياك "223  
   ومنهن :  خضرة ذكرها ابن منده فقال : روى معاوية عن هشام عن سفيان عن جعفر بن محمد عن أبيه قال : كان للنبي r  خادمة يقال لها خضرة  
  وقال الواقدى : قالت سلمى : كان خدم رسول الله  r أنا وخضرة ورضوى وميمونة بنت سعد .  أعتقهن رسول الله  r كلهن .
  ومنهن : خليسة مولاة حفصة بنت عمر .
  قال ابن الأثير ـ رحمه الله ـ  : روت حديثها عليلة بنت الكميت عن جدتها عن خليسة مولاة حفصة فى قصة حفصة وعائشة مع سودة بنت زمعة ومزحهما معها بأن الدجال قد خرج ، فاختبأت فى بيت كانوا يقودون فيه ، واستضحكت ، وجاء رسول الله r  فقالت : يارسول الله أخرج الدجال ؟  فقال : " لا " ، فخرج وجعلت تنفض منها بيض العنكبوت .
   ومنهن : خوله خادمة النبي  r ، كذا قال ابن الأثير ، وقد روى حديثها الحافظ أبو نعيم من طريق حفص بن سعيد القرشى عن أمه عن خوله وكانت تخدم النبي r  .
   ومنهن : رزينة ، قال ابن عساكر : والصحيح أنها كانت لصفية بنت حيي ، وكانت تخدم النبي  r .
   ومنهن : سلامة حاضنة إبراهيم بن رسول الله  r ، روت عنه حديثاً فى فضل الحمل والطلق والرضاع والسهر .
  ومنهن : سانية مولاة رسول الله  r ، روت عنه حديثا فى اللقطة ، وعنها طارق بن عبد الرحمن روى حديثها أبو موسى المدينى  ، هكذا ذكر ابن الأثير فى الغابة .
  ومنهن : سلمى وهى أم رافع امرأة أبى رافع ، كما رواة الواقدى عنها أنها قالت : كنت أخدم الرسول  r  أنا وخضرة ورضوى وميمونة بنت سعد ، فأعتقنا رسول الله  r كلنا .
  قال مصعب : وقد شهدت سلمى حنين ، وقد ورد أنها كانت تطبخ للنبي   الحريرة فتعجبه ، وقد تأخرت الى بعد موته  r ، وشهدت وفاة فاطمة ، وقد كانت أولا لصفية بنت عبد المطلب ، ثم صارت لرسول الله  r ، وكانت قابلة أولاد فاطمة وهى التى قبلت إبراهيم ابن رسول الله  r ، وقد شهدت غسل فاطمة وغسلتها مع زوجها على بن أبى طالب .
  ومنهن : سيرين ، ويقال شيرين ، أخت مارية القبطية خالة إبراهيم ، وتقدم أن المقوقس واسمه جريج بن مينا أهداهما مع غلام أسمه مابور وبغلة أسمها الدلدل ، فوهبها رسول الله  r لحسان بن ثابت .
  ومنهن : عنقودة أم مليح الحبشية جارية عائشة ، وكان أسمها عنبة فسماها رسول الله r  عنقودة ، رواه أبو نعيم ، ويقال أسمها عفيرة .
  ومنهن : ميمونة بنت أبى عسيب ، قالة أبو عمرو بن منده ، كذلك روى حديثها المشجع بن مصعب أبو عبد الله عن ربيعة بنت يزيد .
  ومنهن : أم عياش بعثها رسول الله  r مع إبنته تخدمها حين زوجها بعثمان بن عفان ، قالت أم عياش : كنت أمغث لعثمان التمر غدوة فشرب به عشية وأنبذه عشية فيشربة غدوة ، فسألنى ذات يوم فقال تخلطين فيه شيئا ؟ فقلت : أجل ، قال : لا تعودى .
  ومنهن : ريحانة بنت يزيد القرظية ، وكانت تكون فى نخل من نخل الصدقة فكان رسول الله  r يقيل عندها أحيانا ، وكان سباها فى شوال سنه أربع ، وماتت قبل النبي r  .

,,,,

فصل
فى وفاة النبي صلي الله عليه وسلم
 قال الله تعالى : { إنك ميت وأنكم ميتون } 224   ،  قال تعالى : { إذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا * فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا } . قال عمر بن الخطاب و  ابن عباس  : هو أجل رسول الله نعي إليه .225  
  و قال r لابنته فاطمة  : " إن جبريل كان يعارضني بالقرآن في كل سنة مرة ، و إنه عارضني به العام مرتين ، و ما أرى ذلك إلا اقتراب أجلي "226  
   قال  محمد بن إسحاق  : " رجع رسول الله r من حجة الوداع في ذي الحجة فأقام بالمدينة بقيته و المحرم و صفراً ، و بعث أسامة بن زيد فبينا الناس على ذلك ابتدئ رسول الله r بشكواه الذي قبضه الله فيه إلى ما أراده الله من رحمته و كرامته في ليال بقين من صفر ، أو في أول شهر ربيع الأول فكان أول ما ابتدئ به رسول الله من ذلك فيما ذكر لي أنه خرج إلى بقيع الغرقد في جوف الليل ، فاستغفر لهم ، ثم رجع إلى أهله ، فلما أصبح ابتدئ بوجعه من يومه ذلك " . 227
  وعن عبد الله بن عمرو بن العاص ، عن أبي مويهبة مولى رسول الله   r . قال : بعثني رسول الله من جوف الليل فقال : " يا أبا مويهبة إني قد أمرت أن أستغفر لأهل هذا البقيع ، فانطلق معي ، فانطلقت معه ، فلما وقف بين أظهرهم قال : السلام عليكم يا أهل المقابر ليهنأ لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس فيه ، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم ، يتبع آخرها أولها . الآخرة شر من الأولى ، ثم أقبل علي فقال : يا أبا مويهبة إني قد أوتيت مفاتيح خزائن الدنيا و الخلد فيها ، ثم الجنة ، فخيرت بين ذلك و بين لقاء ربي و الجنة " ، قال : قلت : بأبي أنت و أمي فخذ مفاتيح خزائن الدنيا و الخلد فيها ثم الجنة . قال : " لا و الله يا أبا مويهبة ، لقد اخترت لقاء ربي و الجنة " ، ثم استغفر لأهل البقيع ، ثم انصرف فبدئ برسول الله وجعه الذي قبضه الله فيه "228  
وعن عائشة ، قالت : رجع رسول الله r من البقيع ، فوجدني و أنا أجد صداعاً في رأسي و أنا أقول : وارأساه . فقال : " بل أنا و الله يا عائشة وارأساه "  قالت : ثم قال : " و ما ضرك لو مت قبلي فقمت عليك و كفنتك و صليت عليك و دفنتك ؟ "  قالت : قلت : و الله لكأني بك لو فعلت ذلك ، لقد رجعت إلى بيتي فأعرست فيه ببعض نسائك . قالت : فتبسم رسول الله r ، و تتام به وجعه و هو يدور على نسائه ، حتى استعز به في بيت ميمونة ، فدعا نساءه فاستأذنهن أن يمرض في بيتي فأذن له . 229
وعن عائشة قالت : " لما ثقل رسول الله و اشتد به وجعه ، استأذن أزواجه أن يمرض في بيتي فأذن له ، فخرج و هو بين الرجلين تخط رجلاه الأرض بين عباس قال ابن عبد المطلب ، و بين رجل آخر . قال عبيد الله فأخبرت عبد الله ـ يعني  ابن عباس  ـ بالذي قالت عائشة ، فقال لي  عبد الله بن عباس هل تدري من هو الرجل الآخر الذي لم تسمه عائشة ؟ قال : قلت : لا ! قال  ابن عباس  : هو علي ، فكانت عائشة تحدث أن رسول الله لما دخل بيتي و اشتد به وجعه . قال : " هريقوا علي من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن ، لعلي أعهد إلى الناس " ، فأجلسناه في مخضب لحفصة زوج النبي r ثم طفقنا نصب عليه من تلك القرب ، حتى طفق يشير إلينا بيده أن فعلتن . قالت عائشة : ثم خرج إلى الناس فصلى بهم و خطبهم " 230
عن أبي سعيد . قال : خطب رسول الله الناس فقال : " إن الله خير عبداً بين الدنيا و بين ما عنده ، فاختار ذلك العبد ما عند الله " . قال : فبكى أبو بكر . قال : فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله عن عبد ، فكان رسول الله هو المخير ، و كان أبو بكر أعلمنا به . فقال رسول الله : " إن آمن الناس علي في صحبته و ماله أبو بكر ، لو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلاً ، و لكن خلة الإسلام و مودته ، لا يبقي في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر "231  
  عن عائشة قالت : لما دخل رسول الله r بيتي قال : " مروا أبا بكر فليصل بالناس " . قالت : قلت : يا رسول الله : إن أبا بكر رجل رقيق إذا قرأ القرآن لا يملك دمعه فلو أمرت غير أبي بكر . قالت : و الله ! ما بي إلا كراهية أن يتشاءم الناس بأول من يقوم في مقام رسول الله r ، قالت : فراجعته مرتين أو ثلاثاً . فقال : " ليصل بالناس أبو بكر  ، فإنكن صواحب يوسف " .232  
عن عبد الله بن مسعود  : قال : دخلت على النبي و هو يوعك فمسسته فقلت : يا رسول الله إنك لتوعك و عكاً شديداً . قال : " أجل ! إني أوعك كما يوعك الرجلان منكم " ، قلت : إن لك أجرين . قال : "  نعم ! و الذي نفسي بيده ما على الأرض مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله عنه خطاياه كما تحط الشجرة ورقها "233  
عن أنس رضي الله عنه قال : لما ثقل رسول الله r جعل يتغشاه الكرب فقالت فاطمة رضي الله عنها : وا كرب أبتاه ، فقال لها :  " ليس على أبيك كرب بعد اليوم " . فلما مات قالت : يا ابتاه أجاب رباً دعاه ، يا أبتاه من جنة الفردوس مأواه ، يا ابتاه إلى جبريل أنعاه ، فلما دفن قالت فاطمة : يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله r التراب .234  
  وعن عائشة كانت تقول : إن من نعمة الله علي أن رسول الله r توفي في يومي و في بيتي ، و بين سحري و نحري ، و أن الله جمع بين ريقي و ريقه عند الموت . قالت : دخل علي أخي بسواك معه ، و أنا مسندة رسول الله  r إلى صدري ، فرأيته ينظر إليه . و قد عرفت أنه يحب السواك و يألفه . فقلت : آخذه لك فأشار برأسه أي نعم ! فلينته له فأمره على فيه . قالت : وبين يديه ركوة أو علبة فيها ماء فجعل يدخل يده في الماء فيمسح بها وجهه ، ثم يقول :  " لا إله إلا الله ، إن للموت سكرات " ، ثم نصب أصبعه اليسرى و جعل يقول : "  في الرفيق الأعلى ، في الرفيق الأعلى "  ، حتى قبض و مالت يده في الماء "235  
وعن عائشة رضي الله عنها أن أبا بكر أقبل على فرس من مسكنه بالسنح حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة فتيمم رسول الله r و هو مغشى بثوب حبرة فكشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبله و بكى ثم قال : بأبي أنت و أمي يا رسول الله ، و الله لا يجمع الله عليك موتتين ، أما الموتة التي كتبت عليك فقد متها .
قال  ابن شهاب  : و حدثني أبو سلمة عن عبد الله بن عباس أن أبا بكر خرج و عمر ابن الخطاب t يكلم الناس ، فقال : اجلس يا عمر فأبى عمر أن يجلس ، فأقبل الناس إليه و تركوا عمر ، فقال أبو بكر : أما بعد ، فإن من كان منكم يعبد محمد r ، فإن محمداً قد مات ، و من كان منكم يعبد الله فإن الله حي لا يموت ، قال الله تعالى " و ما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل " إلى قوله " الشاكرين " .
و قال : و الله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر فتلقاها منه الناس كلهم ، فما أسمع بشراً من الناس إلا يتلوها . فأخبرني  سعبد بن المسيب  أن عمر قال : و الله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى ما تقلني رجلاي ، و حتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها إن النبي r قد مات . 236  
   صفة غسله وتكفينه r
عن  ابن عباس t قال : لما أجمع القوم لغسل رسول الله r و ليس في البيت إلا أهله : عمه العباس ، و علي بن أبي طالب ، و الفضل بن العباس ، و قثم بن العباس ، و أسامة بن زيد ، و صالح مولاه ، فلما أجمعوا على غسله نادى من وراء الباب أوس بن خولي الأنصاري ، و كان بدرياً ، علي بن أبي طالب فقال : يا علي نشدتك الله حظنا من رسول الله r  ،فقال له علي : ادخل . فدخل فحضر غسل رسول الله r و لم يل من غسله شيئاً ، قال : فأسنده علي إلى صدره و عليه قميصه ، و كان العباس و الفضل و قثم يقلبونه مع علي ، و كان أسامة و صالح يصبان الماء ، و جعل علي يغسله و لم ير من رسول الله r شيء مما يرى من الميت و هو يقول : بأبي و أمي ما أطيبك حياً و ميتاً .
حتى إذا فرغوا من غسل رسول الله r و كان يغسل بالماء و السدر جففوه ثم صنع به ما يصنع بالميت ثم أدرج في ثلاثة أثواب : ثوبين أبيضين و برد حبرة0  
 قال : ثم دعا العباس رجلين فقال : ليذهب أحدكم إلى أبي عبيدة بن الجراح و كان أبو عبيدة يضرح لأهل مكة ، و ليذهب الآخر إلى أبي طلحة بن سهل الأنصاري : و كان أبو طلحة يلحد لأهل المدينة ، قال : ثم قال العباس حين سرحهما : اللهم خِر لرسولك . قال : فذهبا فلم يجد صاحب أبي عبيدة أبا عبيدة ، و وجد صاحب أبي طلحة أباطلحة ، فلحد لرسول الله r .237  
   ذكر موضع قبره r
  عن  ابن جريج  قال : أخبرني أبي أن أصحاب محمد r لم يدروا أين يقبر النبي r ؟ حتى قال أبو بكر t: سمعت رسول الله r يقول : " لم يقبر نبي إلا حيث يموت " ، فأخروا فراشه و حفروا له تحت فراشه . 238

,,,,

فصل
فى بعض آثار النبي صلي الله عليه وسلم
   فى هذا الفصل نتناول بعض آثار النبي  r  التى كان يختص بها فى حياته من ثياب وسلاح ومراكب ، الى آخره ، ونبدأ بذكر خاتمه  r  .
  خاتمه  r  
  روى أبو داود عن أنس بن مالك  t قال : " أراد رسول الله r  أن يكتب الى بعض الأعاجم فقيل له : إنهم لا يقرؤون كتاباً إلا بخاتم ، فاتخذ خاتماً من فضة ، ونقش فيه : "  محمد رسول الله  "  وهكذا أورده البخارى .239  
  وقال أنس بن مالك  t : " كان خاتم النبي r  من ورق فصه حبشى " 240
  وقال أنس  t  : " أصطنع رسول الله  r  خاتماً ، فقال : إنا اتخذنا خاتماً ونقشنا فيه فلا ينقش عليه أحد ، قال : فإنى أرى بريقه فى خنصره "241  
  وقال شريك  t  : " أخبرنى أبو سلمة بن عبد الرحمن أن رسول الله كان يتختم فى يمينه " . 242
  وقال ابن عمر t : " اتخذ رسول الله  r  خاتماً من ذهب وجعل فصه مما يلى بطن كفه ، ونقش فيه " محمد رسول الله "  فاتخذ الناس خواتم الذهب فلما رآهم قد اتخذوها رمى به ، وقال : " لا ألبسه أبداً " ، ثم اتخذ خاتماً من فضة فيه " محمد رسول الله " ، ثم لبس الخاتم بعده أبو بكر ، ثم لبسه بعد أبو بكر عمر ، ثم لبسه بعده عثمان ، حتى وقع فى بئر أريس "243  
  وقال أنس بن مالك  t : " كان خاتم النبي  فى يده ، وفى يد أبى بكر، وفى يد عمر بعد أبى بكر ، قال : فلما كان عثمان جلس على بئر أريس ، فأخذ الخاتم فجعل يعبث به فسقط  ، فاختلفنا ثلاثة أيام مع عثمان فنزح البئر فلم يجده " 244
   سلاحه r
  قال ابن الأثير ـ رحمه الله ـ :
  كان له r  سيف يقال له المأثور ، ورثه عن أبيه ، وقدم به المدينة ، والعضب ، أرسل إليه به  ابن سعد بن عبادة عند توجهه الى بدر ، وذو الفقار ، كان فى وسطة مثل فقرات الظهر ، غنمه يوم بدر ، وكان معه فى الحروب كلها ، وكانت قبيعته وقائمته وحلقته وعلاقته من فضه .  
  عن ابن عباس  t  قال : تنفل رسول الله  r  سيفه ذا الفقار يوم بدر، وهو الذى رأى الرؤيا يوم أحد ، قال : " رأيت فى سيفى ذا الفقار فلاً فأولته فلاً يكون فيكم ، ورأيت أنى مردف كبشاً ، فأولته كبش الكتيبة ، ورأيت أنى فى درع حصينة فأولتها المدينة ، ورأيت بقراً تذبح ، فبقر والله خير فبقر والله  خير " ، فكان الذى قال رسول الله  r . 245
  والصمصامة ، سيف عمرو بن معدى كرب ، وكان مشهوراً ، وأصاب من سلاح بني قينقاع ثلاثة أسياف ، سيف قلعياً ، بفتح اللام ، والبتار ، والحتف ، وكان له أيضا الرسوب ، والمخدم ، أصابهما مما كان على الفلس ، والقضيب ، فتلك عشرة.  
  وكان له درع يقال لها : ذات الفضول ، لطولها ، أرسل إليه بها سعد بن عبادة حين سار الى بدر ، وذات الوشاح ، وذات الحواشى ، ودرعان أصابهما من بنى قينقاع : السغدية ، وفضة ، والبتراء ، والخرنق ، فتلك سبع .
  وكان له من القسي خمس : الروحاء ، والصفراء ، من نبع ، والبيضاء من شوحط ، أصابهما من بني قينقاع ، والزوراء ، والكتوم ، لانخفاض صوتها إذا رمى منها .
  وكانت له جعبة ، وهى الكنانة ، يجمع فيها النبل .
  وثلاثة أتراس : الزلوق ، وفتق ، وأهدى له ترس فيه تمثال عقاب أو كبش ، فوضع يده عليه ، فأذهب الله ذلك التمثال .
  وخمسة أرماح : ثلاثة من بني قينقاع ، والمثوى ، والمثنى .
  وكانت له حربة   : تسمى النبعة ، ذكرها السهيلى .
  وكان له مغفران : الموشح ، والسبوع ، أو ذو السبوع .
  وفى الصحيحين من حديث مالك عن الزهرى عن أنس أن رسول الله  r دخل يوم الفتح وعلى رأسه المغفر ، فلما نزعه قيل له : هذا ابن خطل متعلق بأستار الكعبة ، فقال : " أقتلوه " 246
  وراية سوداء ، مربعة ، يقال لها : العقاب .
  ثيابه   r  
  ثبت فى الصحيح عن ابن عمر أن رسول الله  r كان يلبس النعال السبتية ، وهى التى لا شعر عليها . 247
  وقال عيسى بن طهمان : خرج إلينا  أنس بن مالك بنعلين لهما قبالان ، فقال ثابت البنانى : هذة نعل النبي  r  .248  
  وفى روايه قال : أخرج إلينا أنس نعلين جرداوين  لهما قبالان .249  
   وروى مسلم من حديث ابى الزبير ، عن جابر أن رسول الله  r  دخل يوم الفتح وعليه عمامة سوداء .
  وقال وكيع عن مساور الوراق عن جعفر بن عمرو بن حريث ، عن أبيه ، قال : خطب رسول الله  r  الناس وعليه عمامة دسماء . 250
  وعن ابن عمر t  قال : كان رسول الله  r  إذا أعتم سدلها بين كتفيه . 251
   أفراسه ومراكيبه  r
  قال ابن الأثير ـ رحمه الله ـ :
  كان له r  فرس يقال له : السكب ، وكان اسمه قبل أن يشتريه : الضرس ، والضرس ، السيئ الخلق ، اشتراه بعشر أواق .
  وفرس أبى برده بن دينار ، ويسمى الملاوح ، وكان أغر ، محجلاً ، طلق اليمين ، روى ذلك ابن عباس .
  وكانت له فرس يقال له المرتجز ، وسمى بذلك لحسن صهيله ، كأنه ينشد رجزاً ، وكان أبيض .
  وكان له ايضا اللحيف ، ولزاز ، والظرب ، فأما اللحيف فأهداه له ربيعة بن أبى البراء ، وأما لزاز ، فأهداه له المقوقس ، وأما الظرب فأهداه له فروة بن عمرو الجذامى .
  وفرس يقال له الورد ، أهداه له تميم الدارى ، فأعطاه عمر بن الخطاب .
وفرس يدعى سبحه ، من قولهم : فرس سابح ، إذا كان حسن مد اليدين فى الجرى ، وسبح الفرس : جريه .
  قال الشيخ الحافظ أبو محمد الدمياطى ـ رحمه الله ـ : فهذه سبعه متفق عليها ، وهى السكب ، والمرتجز ، ولزاز ، واللحيف ، والظرب ، والورد ، وسبحه ، وقيل : كان له أفراس غيرها ، وهى : الأبلق ، وذو العقال ، وذو اللمة ، والمرتجل ، والمرواح ، والسرحان ، واليعسوب ، والبحرـ وهو كميت ـ ، والأدهم ، والشحا ، والسجل ، وملاوح ، والطرف ، والنجيب ، هذه خمسة عشرة مختلف فيها .
  وأما البغال والحمر فكانت له :
  بغله شهباء ، يقال لها دلدل ، أهداها له المقوقس ، مع حمار يقال له عفير .
  وبغله يقال لها فضة ، أهداها له عروة بن عمرو الجذامى .
  وبغله أهداها له ابن العلماء صاحب أيله . وبعث صاحب دومة الجندل الى الرسول r  ببغله وجبه من سندس . وعن ابن عباس : أهدى النجاشى الى رسول الله  r بغله فكان يركبها ، فهذه ست .252  
,,,,

رأس بنات أهل البيت
اختصت السيدة فاطمة ـ  رضي الله عنها ـ أنها كانت رأس بنات آهل البيت  رضوان الله عليهم أجمعين .
  فلقد انقطع نسل الرسول   إلا منها ، فإن الذكور من أولاده ، ماتوا صغاراً  وأما البنات ، فإن رقية ولدت عبد الله بن عثمان فتوفى صغيراً ، وأما أم كلثوم فلم تلد .
  وأما زينب فولدت علياً  ، ومات صبياً ، وولدت أمامة بنت أبي العاص فتزوجها على بن أبى طالب ، ثم بعده المغيرة بن نوفل ، وانقرض نسل زينب رضي الله عنها .
وبقي نسل فاطمة إلى يوم الدين بمشيئة رب العالمين ، وكانت بدايته في الحسن والحسين  .


أحفاده صلي الله عليه وسلم
  الحسن بن على  
  هو:  الحسن بن على بن أبى طالب بن عبد المطلب ، ريحانة رسول الله ، أبو محمد سبط رسول الله ، ولد في النصف من رمضان سنه ثلاث من الهجرة ، وأذن رسول الله   في أذنه ، وحنكه بريقه وسماه حسنا ً.
 فضائله  
 كان الحسن   عاقلاً ، رزيناً ، جواداً ، خيراً ، ورعاً ، كبير الشأن ، وكان أشبه الناس بالنبي  
 قال    " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة 253"  
  وعن البراء قال:  رأيت رسول الله   واضعاً الحسن بن على علي عاتقه وهو يقول : " اللهم أنى أحبه فأحبه " 254
  وقال أبى بكرة:  رأيت رسول الله على المنبر ، والحسن بن على إلى جنبه ، وهو يقبل على الناس مرة وعليه مرة أخرى ، ويقول : " إن ابني هذا سيد ، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين "255  
  والسيد:  هو الذي لا يغلبه غضبه ، وهو الذي يفوق قومه في الخير.
  وأخرج ابن سعد عن عبد الله بن الزبير قال:  أشبه أهل النبي  به وأحبهم إليه الحسن بن على ، رأيته يجئ وهو ساجد فيركب رقبته ـ أو قال ظهره ـ فما ينزله حتى يكون هو الذي ينزل ، ولقد رأيته وهو راكع فيفرج له بين رجليه حتى يخرج من الجانب الأخر.
  وثبت في الحديث أنه  بينما هو يخطب إذ رأى الحسن والحسين مقبلين فنزل إليهما فاحتضنهما وأخذهما معه إلى المنبر وقال : " صدق الله { إنما أموالكم وأولادكم فتنة } ، إني رأيت هذين يمشيان ويعثران فلم أملك أن نزلت إليهما "256  
  وروى أبى هريرة  قال:  كنت مع النبي   في سوق من أسواق المدينة فانصرف وانصرفت معه ، فجاء إلى فناء فاطمة فقال : " أى لكع، أى لكع أي لكع "  فلم يجبه الحسن .
  قال أبو هريرة:  ظننا أن أمه حبسته لتجعل في عنقه السخاب ، فلما دخل ألتزمه رسول الله ، وألتزم هو رسول الله ، ثم قال : " إني أحبه وأحب من يحبه ثلاث مرات " 257
  وعن أبى هريرة   قال:  قال رسول الله  " من أحب الحسن والحسين فقد أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني " 258
  وعن المقدام بن معد كرب قال:  سمعت رسول الله يقول :  " الحسن منى والحسين من على " 259
 خلافته 
   في آخر لحظات أمير المؤمنين على بن أبى طالب ، قالوا له:  استخلف يا أمير المؤمنين ، فقال:  لا ، ولكن أدعكم كما ترككم رسول الله  يعنى بلا استخلاف ، فإن يرد الله بكم خيراً يجمعكم على خيركم ، كما جمعكم على خيركم بعد رسول الله   .
  وهنا بايع الناس الحسن بن على ، وكان أول من تقدم إلى المبايعة قيس بن سعد بن عبادة ، فقال قيس للحسن:  أبسط يدك أبايعك على كتاب الله ، وسنة نبيه   فبايعه .
  ثم توالى الناس أفواجا ، فوج بعد فوج ، على مبايعه الحسن بن على ، وفى هذا الوقت كان معاوية بن أبى سفيان على إمرة الشام ينظر إليه من آهل الشام كخليفة للمسلمين .
  فألح أهل العراق على الحسن  على مقاتلة أهل الشام ، ولم يكن في نية الحسن أن يقاتل أحداً ، ولكن كثرة إلحاح أهل العراق ، واجتماع الناس إجتماعاً عظيم لم يسمع مثله من قبل ، جعله يدعو الناس إلى الخروج لقتال أهل الشام .
  فسار الحسن بالجيوش قاصداً ديار الشام حتى نزل المدائن ، وأمر قيس بن سعد على المقدمة في اثني عشر ألفاً ، فبينما هو في المائد معسكراً بظاهرها ، إذ نادى منادى:  أيها الناس ، ألا إن قيساً قد قتل ، فثار الناس ، واختلفوا ، فانتهبوا أمتعه بعضهم ، حتى انتهبوا سرادق الحسن ، حتى نازعوه بساطاً كان يجلس عليه ، وطعنه بعضهم حين ركب طعنه أثبتوه ، فكرههم الحسن كراهية شديدة .
  ثم ركب فدخل القصر الأبيض من المدائن فنزله وهو جريح ، ولما رأى الحسن تفرق جيشه عليه ، مقتهم ، وكتب عند ذلك إلى معاوية ، فبعث إليه معاوية عبد الله بن عامر وعبد الرحمن بن سمرة ، فقدما عليه الكوفة ، فبذلا له من الأموال ، فاشترط أن يأخذ من بيت مال الكوفة خمسة ألاف درهم ، وأن لا يسب وهو يسمع ، وأن تكون الخلافة له من بعد معاوية ، فإذا فعل ذلك نزل عن الإمرة لمعاوية ، فاصطلحوا على ذلك ، واجتمعت الكلمة على معاوية ، وسمي ذلك العام بعام الجماعة ، وكان سنة أربعين على المشهور .
   وقد لام الحسين أخوة الحسن على ذلك ، وكان أصحابه يقولون له:  يا عار المؤمنين ، فيقول:  العار خير من النار، وقال له رجل:  السلام عليك يا مذل المؤمنين ، فقال:  لست بمذل المؤمنين ، ولكني كرهت أن أقتلكم على الملك .
  ثم أرتحل الحسن إلى المدينة فأقام بها ، وجعل كلما مر يجئ قوم يبكتونه على ما صنع من نزوله عن الأمر لمعاوية ، وهو في ذلك هو البار الأرشد الممدوح ، وليس يجد في صدرة حرجاً ولا ضيقاً ولا ندماً ، بل هو راض بذلك مستبشر به 260.  
  وهكذا تحققت نبؤة المصطفى   حين قال : " إن ابني هذا سيد ، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين " 261
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

مجامر الألوة بذكر شجرة النبوة  Empty
مُساهمةموضوع: مجامر الألوة بذكر شجرة النبوة   مجامر الألوة بذكر شجرة النبوة  I_icon_minitimeالخميس نوفمبر 28, 2013 2:30 pm

 وفاته 
لما احتضر الحسن بن على ، قال: أخرجوني إلى الصحراء لعلى أنظر في ملكوت السماءـ يعنى الآيات ـ فلما أخرج به ، قال: اللهم إني احتسبت نفسي عندك فإنها أعز الأنفس على ، فكان ما صنع لله عز وجل أنه احتسب نفسه.262
وعن أبى حازم ، قال: لما أحتضر الحسن قال للحسين: ادفني عند أبى ، يعنى النبي  إلا أن تخافوا الدماء ، فادفني في مقابر المسلمين ، فلما قبض ، تسلح الحسين ، وجمع مواليه ، فقال أبو هريرة: أنشدك الله ووصيه أخيك ، فإن القوم لن يدعوك حتى يكون بينكم دماء ، فدفنه بالبقيع ، فقال أبو هريرة : أرأيتم لو جئ بابن موسى ليدفن مع أبيه ، فمنع ، أكانوا قد ظلموه ؟ فقالوا نعم . قال: فهذا ابن نبي الله  قد جئ ليدفن مع أبيه .
قال أبو هريرة مرة يوم دفن الحسن: قاتل الله مروان ، قال: والله ما كنت لأدع ابن أبى تراب يدفن مع رسول الله  ، وقد دفن عثمان بالبقيع .
وعن ابن عمر، قال: حضرت موت الحسن ، فقلت للحسين: أتق الله ، ولا تثر فتنة ، ولا تسفك الدماء ، إدفن أخاك إلى جنب أمه ، فإنه قد عهد بذلك إليك
قال ابن عبد البر: وروينا من وجوه: أن الحسن لما احتضر، قال للحسين : يا آخى: إن أباك لما قبض رسول الله ، أستشرف لهذا الأمر ، فصرفه الله عنه ، فلما احتضر أبو بكر ، تشرف أيضا لها ، فصرفت عنه إلى عمر ، فلما احتضر عمر ، جعلها شورى ، أبى أحدهم ، فلم يشك أنها لا تعدوه ، فصرفت عنه إلى عثمان ، فلما قبل عثمان ، بويع ، ثم نوزع حتى جرد السيف وطلبها ، فما صفا له منها شئ ، وأن الله ما أرى أن يجمع الله فينا آهل البيت ، النبوة والخلافة ، فلا أعرف ما استخفك سفهاء أهل الكوفة ، فأخرجوك ، وقد كنت طلبت إلى عائشة أن أدفن في حجرتها ، فقالت: نعم ، وأنى لا أدري لعل ذلك كان منها حياء ، فإذا ما مت فاطلب ذلك إليها ، وما أظن القوم إلا سيمنعونك ، فان فعلوا ، فادفني في البقيع
فلما مات قالت عائشة: نعم وكرامة. فبلغ ذلك مروان ، فقال: كذب وكذبت والله لا يدفن هناك أبدا ، منعوا عثمان من دفنة في المقبرة ، ويريدون دفن الحسن في بيت عائشة ، فلبس الحسين ومن معه السلاح ، واستلأم مروان أيضا في الحديد ، ثم قام في إطفاء الفتنة أبو هريرة .263
قال جويرية بن أسماء: لما أخرجوا جنازة الحسن ، حمل مروان سريره ، فقال الحسين: تحمل سريره! أما والله لقد كنت تجرعه الغيظ .
قال: كنت أفعل ذلك بمن يوازن حلمه الجبال. 264

الحسين بن على 
هو: الإمام الشريف ، سبط رسول الله ، وريحانته من الدنيا ، ومحبوبة ، أبو عبد الله ابن أمير المؤمنين أبى الحسن على بن أبى طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي القرشي الهاشمي .
قال الزبير: ولد في الخامس من شعبان سنة أربع من الهجرة ، وما كان بينه وبين أخيه الحسن في الحمل إلا طهر واحد .
وروى عن النبي أنه حنكه ، وتفل في فيه ، ودعا له ، وسماه حسيناً ، وقد كان سماه أبوه قبل ذلك حرباً ، وقيل جعفرا ، وقيل: إنما سماه يوم سابعة وعق عنه .
وقال على  : " الحسن أشبه الناس برسول الله ما بين الصدر إلى الرأس ، والحسين أشبه الناس به ما بين أسفل من ذلك " 265
أولاده
رزق الإمام الحسين بأربع بنات ، وهم :
أم كلثوم الصغرى ، ولقبت بالصغرى تمييزاً لها عن خالتها إبنه على بن أبى طالب ، وزينب الصغرى ، ولقبت بالصغرى تمييزاً لها عن خالتها زينب الكبرى ، إبنه على بن أبى طالب ، وسكينه ، وفاطمة الصغرى ، تمييزاً عن جدتها أم الحسن والحسين فاطمة بنت الرسول 
وأنجب أيضا على بن الحسين " زين العابدين" ، وسوف نذكر بأذن الله تعالى بعض من سيرتهم  .
 فضائله 
عن ابن أبى نعم ، قال: كنت عند ابن عمر ، فسأله رجل عن دم البعوضة ، فقال ممن أنت ؟ فقال: من أهل العراق. قال: أنظر إلى هذا يسألني عن دم البعوضة ، وقد قتلوا ابن رسول الله ، وقد سمعت رسول الله يقول " هما ريحانتاي من الدنيا " 266
وعن عبد الله: رأيت رسول الله آخذ بيد الحسن والحسين ، ويقول : " هذان ابناي ، فمن أحبها فقد أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني " 267
وعن العيزار بن حريث ، قال: بينا عمرو بن العاص في ظل الكعبة ، إذا رأى الحسين ، قال " هذا أحب أهل الأرض إلى أهل السماء اليوم " 268
وعن الزهري: أن عمر كسا أبناء الصحابة ، ولم يكن في ذلك ما يصلح للحسن والحسين ، فبعث إلى اليمن ، فأتى بكسوة لهما ، فقال: الآن طابت نفسي .269
وقال  " حسين منى وأنا من الحسين ، أحب الله من أحب حسيناً ، حسين سبط من الأسباط "270
وقال  : " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، إلا ابني الخالة ، يحيى وعيسى " 271
وعن أبى هريرة قال: سمعت رسول الله يقول في الحسن والحسين " من أحبني فليحب هذين 272"
استشهاده 
أخبرنا النبي أن الحسين سيقتل في العراق كما روى الإمام أحمد عن على بن أبى طالب قال: دخلت على رسول الله ذات يوم وعيناه تفيضان فقلت: ما أبكاك يا رسول الله ؟ قال " بلى قام من عندي جبريل قبل ، فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات " ، قال: فقال: هل لك أن أشمك من تربته ؟ قال : فمد يده فقبض قبضه من تراب فأعطانيها ، فلم لأملك عيني إلا أن فاضتا "273
وها هي صفه خروجه إلى العراق بعد استدعاء أهلها له هو وأهل بيته ، وما دار بينه وبين أمراء يزيد بن معاوية ، وكيفية مقتلة هو وآل بيته ، نقلاً من كتاب " البداية والنهاية " للإمام ابن كثير ، باختصار .

فصل في صفه
خروجه إلى العراق واستشهاده 
قال الإمام ابن كثير ـ رحمه الله تعالى ـ :
لما أخذت البيعة ليزيد بن معاوية في حياة أبيه معاوية ، كان الحسين ممن امتنع من مبايعته ، هو وابن الزبير وعبد الرحمن بن أبى بكر وابن عمر وابن عباس ، ثم مات ابن أبى بكر وهو مصمم على ذلك ، فلما مات معاوية سنة ستين وبويع ليزيد ، بايع ابن عمر وابن عباس ، وصمم على المخالفة الحسين وابن الزبير ، وخرجا من المدينة فارين إلى مكة فأقاما بها ، فعكف الناس على الحسن يفدون إليه ، ويقدمون عليه ، ويجلسون حوا ليه .
وفى أثناء ذلك كثر ورود الكتب عليه من العراق يدعونه إليهم ـ وذلك حين بلغهم موت معاوية وولاية يزيد ـ فاجتمعت الرسل كلها بكتبها عند الحسن ، وجعلوا يستحثونه ويستقدمونه عليهم ليبايعوه عوضا عن يزيد بن معاوية ، ويذكرون في كتبهم أنهم فرحوا بموت معاوية ، فعند ذلك بعث الحسن بن عمه مسلم ابن عقيل بن أبى طالب إلى العراق ، ليكشف له حقيقة الأمر والإتفاق ، فإن كان متحتما بعث إليه ليركب في أهله وذويه .
فلما دخل مسلم الكوفة نزل على رجل يقال له مسلم بن عوسجة الأسدى ، فتسامع أهل الكوفة بقدومه فجاءوا إليه فبايعوه على إمرة الحسين ، وحلفوا له لينصرنه بأنفسهم وأموالهم ، فاجتمع على بيعته من أهلها اثنا عشر ألفا .
فكتب مسلم إلى الحسين ليقدم عليها فقد تمهدت له البيعة ، والأمور ، فتجهز الحسين من مكة قاصداً الكوفة ـ كما سيأتي ـ .
وانتشر خبرهم حتى بلغ أمير الكوفة النعمان بن بشير فجعل يضرب عن ذلك صفحاً ولا يعبأ به ، ولكنه خطب الناس ونهاهم عن الإختلاف والفتنة ، وأمرهم بالائتلاف والسنة .
ثم كتب رجل إلى يزيد يعلمه بما حدث وبما قال النعمان بن بشير ، فبعث يزيد، فعزل النعمان عن الكوفة وضمها إلى عبيد الله بن زياد مع البصرة ، فوله إياها ، ثم كتب يزيد إليه: إذا قدمت الكوفة فاطلب مسلم بن عقيل فإن قدرت عليه فاقتله أو انفه ، فسار ابن زياد إلى الكوفة ، فنزل قصر الإمارة ، فلما استقر أمرة أرسل مولى أبى رهم ، ومعه ثلاث ألاف درهم في صورة قاصد من بلاد حمص ، وإنه إنما جاء لهذه البيعة ، فذهب ذلك المولى فلم يزل يتلطف ويستدل على الدار التي يبايعون فيها مسلم بن عقيل حتى دخلها ، فبايعوه وأدخلوه على مسلم ، فرجع ذلك المولى وأعلم عبيد الله بالدار وصاحبها ، وكان صاحبها هانئ بن عروة وقد تحول إليها مسلم بن عقيل من الدار الأولى .
وكان هانئ أحد الأمراء الكبار ، ولم يسلم على عبيد الله منذ قدم ، فذكره عبيد الله وقال: ما بال هانئ لم يأتني مع الأمراء ؟ فقالوا: أيها الأمير إنه يشتكى ، فقال أرسلوا إليه ، فلم يزالوا بهانئ حتى أدخلوه على عبيد الله بن زياد فلم سلم هانئ على عبيد الله قال: يا هانئ أين مسلم بن عقيل ؟ قال: لا أدرى ، فقام ذلك المولى الذي دخل على هانئ في داره ، فقال: أتعرف هذا ؟ قال : نعم! فلما رآه هانئ قطع ، وأسقط في يده ، فقال: أصلح الله الأمير والله ما دعوته إلى منزلي ـ يقصد مسلم ـ ، ولكنه جاء فطرح نفسه على ، فقال عبيد : فأتني به ، فقال: والله لو كان تحت قدمي ما رفعتها عنه ، فضربه عبيد بحربة على وجهة فشجه على حاجبه وكسر أنفه ، ثم أمر به فحبسه في جانب الدار ، وجاء قومه فوقفوا على باب القصر ويظنون أنه قد قتل ، فسمع عبيد الله لهم جلبه ، فقال لشريح القاضى وكان عنده ، أخرج إليهم ، فقل لهم: أن الأمير لم يحبسه إلا ليسأله عن مسلم بن عقيل ، فتفرقوا إلى منازلهم ، فسمع مسلم الخبر فركب ونادى بشعاره " يا منصور أمت " فاجتمع إليه أربعة ألاف من أهل الكوفة فسار إلى عبيد وهو يخطب في الناس في أمر هانئ ويحذرهم من الإختلاف .
فلم علم عبيد الله بن زياد بقدوم مسلم دخل القصر وأغلق الباب ، فلما انتهى مسلم إلى القصر وقف بجيشة هناك ، فأشرف أمراء القبائل الذين عند عبيد الله بن زياد في القصر ، فأشاروا إلى قومهم الذين مع مسلم بالإنصراف ، وتهددوهم وتوعدوهم فتخاذل الناس ، وقصروا وانصرفوا فلم يبقى معه أحد يدله على الطريق ، ولا من يؤنسة بنفسه ، فذهب على وجهه واختلط الظلام وهو يتردد في الطريق لا يدرى أين يذهب ، فأتى باباً فنزل عنده وطرقه فخرجت منه امرأة يقال لها طوعه ، فقال لها مسلم: اسقني ماء فسقته ، وأدخلته بيتا غير دارها الذي كانت فيه .
وأما عبيد الله بن زياد فإنه نزل من القصر بمن معه فصلى بهم العشاء في المسجد الجامع ، ثم خطبهم وطلب منهم مسلم بن عقيل وحث على طلبه ، ولما علم عبيد الله مكان مسلم بن عقيل وذلك عن طريق ابن هذه المرأة ـ طوعه ـ ، أرسل إليه عمر بن حريث المخزمى ـ وكان صاحب شرطته ـ فلم يشعر مسلم إلا وقد أحيط بالدار التي هو فيها ، فدخلوا عليه فقام إليهم بالسيف ، فأخرجهم من الدار ، وأصيبت شفته العليا والسفلى ، فخرج إليهم حتى ضاق بهم ذرعاً ، فأعطى الأمان ، فجاؤا ببغله فأركبوه عليها ، وسلبوا منه سيفه ، فبكى عند ذلك وعرف أنه مقتول ، فقال بعض من حوله: أن من يطلب مثل الذي تطلب لا يبكى إذا نزل به هذا ، فقال: أما والله لست أبكى على نفسي ، ولكني أبكى على الحسين وآل الحسين ، وإنه قد خرج إليكم اليوم أو أمس من مكة .
فما أن وصل مسلم بن عقيل إلى عبيد الله بن زيد ، أمر عبيد الله بمسلم أن يصعد أعلا القصر ، فصعد وهو يهلل ويكبر ويستغفر ، ثم ضرب عنقه رجل يقال هل " بكير بن حمراء " ، ثم ألقى رأسه إلى أسفل القصر ، وأتبع رأسه بجسده ، ثم أمر بهانئ فضربت عنقه بسوق الغنم ، ثم أن ابن زياد قتل معهما أناساُ آخرين ، ثم بعث برأسيهما إلى يزيد بن معاوية إلى الشام .
وفى ذلك الوقت تجهز الحسين  للمسير إلى العراق ، وهو لا يعلم شئ عن مقتل مسلم بن عقيل ، فاتفق خروجه أيام التروية قبل قتل مسلم بيوم واحد ، ولما استشعر الناس خروجه أشفقوا عليه من ذلك ، وحذروه منه ، وأشار عليه ذوي الرأى منهم والمحب له بعدم الخروج إلى العراق، وأمروه بالمقام في مكة.
قال ابن عباس  : استشارني الحسين في الخروج فقلت: لولا أن يزرى بي وبك الناس لنشبت يدي في رأسك فلم أتركك تذهب .
وقال له ابن عمر  : إني محدثك حديثاً ، أن جبريل أتى النبي فخيره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا ، وإنك بضعة رسول الله ، والله ما يليها أحد منكم أبداً ، وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير لكم ، فأبى أن يرجع .
ثم بعث إلى المدينة لكي يقدم عليه من خف بني طالب ، وهم تسعة عشر رجلاً ونساء وصبيان من إخوته وبناته ونسائه ، وخرج من مكة متجهاً إلى العراق ، فلما بلغ الحاجر من بطن ذي الرمة ، بعث قيس بن مسهر الصيداوى إلى الكوفة ، لكي يخبرهم بقدوم الحسين ، فلما وصل أخذه الحصين بن نمير فبعثه إلى عبيد الله بن زياد فقال ابن زياد: اصعد أعلا القصر فسب الكذاب ابن الكذاب ، فصعد فحمد الله وأثني عليه ثم قال: أيها الناس! إن الحسن خير خلق الله ، وهو ابن فاطمة بنت رسول الله ، وأنا رسوله إليكم ، وقد فارقته بالحاجر من بطن ذي الرمة ، فأجيبوه واسمعوا له ، ثم لعن عبيد الله بن زياد وأبيه ، فأمر به ابن زياد فألقى من رأس القصر فتقطع .
ثم أقبل الحسين يسير نحو الكوفة ولا يعلم شئ مما وقع من الأخبار ، حتى لقيا رجلان فسألهما عن أخبار العراق فقالا له: إن مسلم بن عقيل ومن معه قد قتلا ، فقال: أن لله وإنا إليه راجعون ، ولما سمع أصحاب الحسين بمقتل مسلم ، وثب عند ذلك بنو عقيل ، فقالوا والله لا نرجع حتى ندرك ثأرنا ، فلما كان السحر أمر فتيانه أن يسقوا الماء ، ويكثروا منه ، ثم سار حتى مر ببطن العقبة فنزل بها .
ولما وصل إلى كربلاء قال: ما أسم هذه الأرض ؟ قالوا: كربلاء ، قال : كرب ، وبلاء ، وبعث عبيد الله بن زياد عمرو بن سعد بن أبى وقاص لقتالهم ، فلما وصل قال له الحسين: يا عمر اختر منى إحدى ثلاث خصال ، إما أن تتركني أرجع كما جئت ، فإن أبيت هذه فسيرني إلى يزيد فأضع يدي في يده فيحكم في ما أرى، فإن أبيت هذه فسيرني إلى الترك أقاتلهم فأقاتلهم حتى أموت .
فأرسل إلى ابن زياد بذلك ، فهم أن يسيره إلى يزيد ، فقال شمر بن ذي الجوشن ـ وهو أمير من أمراء ابن زياد ـ ، لا ، حتى ينزل على حكمك ، فأرسل إلى الحسين بذلك فقال الحسين: لا أفعل ، وأبطأ عمر عن قتاله فأرسل ابن زياد شمر بن ذي الجوشن إلى الحسين مع ثلاثين رجلاً من أعيان أهل الكوفة ، ومنهم الحر بن زياد ، فلما سمع ما يقول الحسين ، قال لهم: ألا تتقون الله ؟ ألا تقبلون من هؤلاء ما يعرضون عليكم ، فضرب الحر وجه فرسه وانطلق إلى الحسين ، فلما دنا منهم قلب فرسه وسلم عليهم ثم كر على أصحاب بن زياد فقتل منهم رجلين ثم قتل .
وأقبل الحسين يكلم من بعث إليه ابن زياد ، فلما كلمهم انصرف فرماه رجل من بنى تميم بسهم بين كتفيه ، فلما أبوا عليه رجع إلى مصافه وأصحابه وهم قريب من مائة رجل ، فأمرهم أن يدنوا بيوتهم بعضاً من بعض ، وأن لا يجعلوا للعدو مخلصاً إليهم إلا من جهة واحدة ، وبات الحسين و أصحابه طول ليلهم يصلون ويدعون ويستغفرون ويتضرعون ، وخيول حرس عدوهم تدور من ورائهم .
ثم أصبح الصبح وكان يوم عاشوراء ، صلى الحسين بأصحابه وهم اثنان وثلاثون فارساً وأربعون رجلاً ، ثم انصرف فصفهم فجعل على ميمنتة زهير بن القيس ، وعلى الميسرة حبيب بن المطهر ، وأعطى رايته للعباس بن على أخاه .
وجعل عمر بن سعد على ميمنته عمرو بن الحجاج الذبيدى ، وعلى الميسرة شمر بن ذي الجوشن ، وتواقف الناس في ذلك الموضع ، فعدل الحسين إلي خيمته قد نصبت فاغتسل ، وتطيب بمسك كثير ، ثم ركب الحسين على فرسه ، وركب ابنه على بن الحسين ، وكان مريضاً ، وجعل البيوت بما فيها من النساء وراء ظهورهم ، وأخذ يدعو الله عز وجل ، فلما سمع ذلك إخوته وبناته ، ارتفعت أصواتهم بالبكاء فقال عند ذلك ، لا يبعد الله ابن عباس ، يعنى حين أشار عليه أن لا يخرج بالنساء معه ويدعهن بمكة إلى أن ينتظم الأمر .
ثم شرع يذكر الناس فضله وعظمه نسبه ويقول: راجعوا أنفسكم وحاسبوها هل يصلح لكم قتال مثلى ، وأنا ابن بنت نبيكم وليس على وجه الأرض ابن بنت نبي غيري ، ويحكم أما تتقون الله ؟
فقال شمر بن ذي الجوشن: هو يعبد الله على حرف ، إن كنت أدرى ما يقول ؟ فقال له حبيب بن مطهر: والله يا شمر إنك لتعبد الله على سبعين حرف ، وأما نحن فوالله إنا لندرى ما يقول .
وخرج من أصحاب الحسين زهير بن القيس على فرس فقال: يا أهل الكوفة: إن حقاً على المسلم نصيحة أخيه ، ونحن الآن إخوة ، وعلى دين واحد ، ما لم يقع بيننا وبينكم السيف ، إنا ندعوكم إلى نصره ، وخذلان الطاغية عبيد الله بن زياد ، قال: فسبوه وأثنوا على ابن زياد ودعوا له ، فرماه شمر بسهم وقال له: أسكت الله نامتك ، أبرمتنا بكثرة كلامك ، فقال له زهير: يا ابن البوال على عقبيه ، إياك أخاطب ؟ إنما أنت بهيمة ، والله ما أظنك تحكم من كتاب الله آيتين. فقال له شمر: إن الله قاتلك وصاحبك بعد ساعة ، ثم أقبل زهير على الناس رافعاً صوته يقول: عباد الله لا يغرنكم عن دينكم هذا الجلف الجافي وأشباهه ، فوالله لا ينال شفاعة محمد قوم أهرقوا دماء ذريته .
ثم تقدم عمر بن سعد وقال لمولاه: يا دريد أدن رايتك ، فأدنا ثم شمر سعد عن ساعده ورمى بسهم وقال أنى أول من رمى القوم ، فترامى الناس بالنبال ، وخرج يسار مولى زياد وسالم مولى عبيد الله ، فقالا: من يبارز ؟ فبرز لهما عبيد الله بن عمر بعد استئذان الحسين فقتل يساراً أولا ثم قتل سالماً بعده .
وكثرت المبارزة يومئذ بين الفريقين والنصر في ذلك لأصحاب الحسين لقوة باسهم ، وإنهم مستميتون لا عاصم لهم إلا سيوفهم ، وحمل عمرو بن الحجاج أمير ميمنة جيش ابن زياد ، وقد قتل في هذه الحملة مسلم بن عوسجة ، وكان أول من قتل من أصحاب الحسين ، ثم حمل شمر بن ذي الجوشن بالميسرة ، وقصدوا نحو الحسين فدافعت عنه الفرسان من أصحابه دفاعاً عظيماً ، فأرسلوا يطلبون من عمر بن سعد طائفة من الرماة ، فبعث إليهم نحوا من خمسمائة ، فجعلوا يرمون خيول أصحاب الحسين حتى عقروها كلها حتى بقى جميعهم رجاله ، وجاء شمر بن ذي الجوشن إلى فسطاط الحسين فطعنه برمح ـ يعنى الفسطاط ـ وقال: ايتونى بالنار لأحرقه على من فيه ، فصاحت النسوة وخرجن منه ، وشد زهير بن القيس في رجال من أصحاب الحسين على شمر فأزالوه عن موقفه ، وكان الرجل من أصحاب الحسين إذا قتل بان فيهم الخلل ، وإذا قتل من أصحاب ابن زياد الجماعة الكثيرة لم يتبين ذلك فيهم لكثرتهم .وقاتل حبيب بن مطهر قتالاً شديداً ، ثم حمل عليه رجل من بني تميم فطعنه فوقع ، ونزل إليه فاحتز رأسه وحمله إلى ابن زياد ، ولما قتل حبيب هد ذلك الحسين ، وقال عند ذلك: أحتسب نفسي ، ثم قاتل هو وزهير قتالاً شديداً ، حتى رماه ابن زياد بالنبل فسقط بين يدي الحسين ، فشد عليه كثير بن عبد الله الشعبي ومهاجر بن أوس فقتلاه .
ثم أقبل شمر فحمل على أصحاب الحسين وتكاثر الناس معه حتى كادوا يصلوا إلى الحسين ، فلما رأى أصحاب الحسين أنهم قد كثروا عليهم ، وأنهم لا يقدرون على أن يمنعوا الحسين ولا أنفسهم ، تنافسوا أن يقتلوا بين يديه ، ثم أتاه أصحابه مثنى وفرادى يقاتلون بين يديه وهو يدعو لهم ويقول: جزاكم الله أحسن الجزاء فجعلوا يسلمون على الحسين ويقاتلون حتى يقتلوا ولم يبق معه احد إلا سويد بن عمرو بن أبى مطاع ، وكان أول قتيل من أهل الحسين من بنى أبى طالب على الأكبر بن الحسين بن على ، فخرجت جارية كأنها الشمس حسناً فقالت: يا آخياه ويا ابن أخاه ، فإذا هي زينب بنت على ، فأكبت عليه وهو صريع ، فجاء الحسين فأخذ بيدها وأدخلها الفسطاط .
ومكث الحسين نهاراً طويلاُ وحده لا يأتي أحد إليه إلا رجع عنه ، لا يحب أن يلي قتله ، ثم أن الحسين أعيا فقعد على باب فسطاطه وأتى بصبي صغير من أولاده اسمه عبد الله ، فأجلسه في حجره ، ثم جعل يقبله ويشمه ويودعه ويوصى أهله ، فرماه رجل من بنى أسد يقال له " ابن موقد النار" بسهم فذبح ذلك الصبي ، فتلقى حسين دمه في يده وألقاه نحو السماء ، وقال: رب انتقم لنا من الظالمين .
وقد اشتد عطش الحسين فحاول أن يصل إلى أن يشرب من ماء الفرات فما قدر ، بل مانعوه عنه ، فخلص إلى شربه منه ، فرماه رجل بسهم في حنكه فأثبته فانتزعه الحسين من حنكه ففار الدم فتلقاه بيديه ثم رفعهما إلى السماء وقال: اللهم أحصهم عددا ، و اقتلهم بددا ، ولا تذر على الأرض منهم أحدا .
ثم جاء شمر ومعه جماعة من الشجعان حتى أحاطوا بالحسين وهو عند فسطاطه ولم يبق معه أحد يحول بينهم وبينه ، فجاء غلام يشتد من الخيام كأنه البدر، فخرجت زينب بنت على لترده ، فامتنع عليها ، وجاء يدافع عن عمه فضربه رجل منهم بالسيف فاتقاه بيده فأطنها سوى جلده ، فقال: يا أبتاه ، فقال له الحسين: يا بنى احتسب أجرك عند الله ، ثم حمل على الحسين الرجال من كل جانب وهو يجول فيهم بالسيف يميناً وشمالاً ، فيتنافرون عنه كتنافر المعزى عن السبع ، حتى نادى شمر: ويحكم ماذا تنتظرون بالرجل ؟ فاقتلوه ثكلتكم أمهاتكم ، فحملت الرجال من كل جانب على الحسين وضربه زرعه بن شريك على كتفه الأيسر ، وضربه على عاتقه ، ثم انصرفوا عنه وهو ينوء ويكبو ، ثم طعنه سنان بن أنس بن عمرو النخعى بالرمح فوقع ، ثم نزل فاحتز رأسه ودفعه إلى خولي بن يزيد .
وهم شمر بقتل على بن الحسين الأصغر ـ زين العابدين ـ وهو صغير مريض حتى صرفه عن ذلك حميد بن مسلم ، وجاء عمرو بن سعد فقال: لا يدخلن على هذه النسوة أحد ، ولا يقتل هذا الغلام أحد ، ومن أخذ من متاعهم شئ فليرده .
وقتل من أصحاب الحسين اثنان وسبعون نفسا ، وعن الحسن البصري : قتل مع الحسين ستة عشر رجلاً كلهم من أهل بيته ، وما على وجه الأرض يومئذ لهم شبه .
وقال غيره: قتل معه من ولده ، وإخوته ، وأهل بيته ثلاثة وعشرون رجلاً ، فمن أولاد على: جعفر والحسين ، والعباس ، ومحمد ، وعثمان ، وأبو بكر ، ومن أولاد الحسين: على الأكبر ، وعبد الله ، ومن أولاد أخيه الحسن ثلاثة ، عبد الله ، والقاسم ، وأبو بكر ، ومن أولاد عبد الله بن جعفر اثنان ، عون ومحمد ، ومن أولاد عقيل ، جعفر ، وعبد الله ، وعبد الرحمن ، ومسلم قتل قبل ذلك ، واثنان آخران هما: عبد الله بن مسلم بن عقيل ، ومحمد بن أبى سعيد بن عقيل ، فكملوا ستة من ولد عقيل ، وفيهم يقول الشاعر :
واندبي تسعه لصلب على قد أصيبوا وستة لعقيل
وسمي النبي غودر فيهم قد علوه بصارم مصقول
وقد اختلف العلماء بعدها في رأس الحسين هل سيره ابن زياد إلى الشام إلى يزيد أم لا ، على قولين ، الأظهر منهما أنه سيره إليه ، وقد ورد في ذلك آثار كثيرة والله أعلم .
قيل: أن عمر بن سعد أرسل النساء إلى ابن زياد ، ولم يكن بقى من آل الحسين إلا غلام ، وكان مريضاً مع النساء ، فأمر ابن زياد بقتله فطرحت زينب نفسها عليه وقالت : والله لا يقتل حتى تقتلوني ، فرق لها وكف عنها ، ثم أرسلهم إلى يزيد بن معاوية ، ثم أدخلهم يزيد على عياله ، ثم حملهم إلى المدينة
وكان مقتل الحسين يوم الجمعة، يوم عاشوراء من المحرم سنه إحدى وستين ، فرحم الله الحسين وآل بيته وأدخلهم فسيح جناته . ا هـ 274

أم كلثوم بنت على
هي : أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي وأمها: فاطمة بنت رسول الله ، وأمها: خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي .
تزوجها عمر بن الخطاب ، وهي جارية لم تبلغ ، فلم تزل عنده إلى أن قتل ، وولدت له: زيد بن عمر ، ورقية بنت عمر .
أخبرنا أنس بن عياض الليثي عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر بن الخطاب خطب إلى علي بن أبي طالب ابنته أم كلثوم ، فقال علي: إنما حبست بناتي على بني جعفر ، فقال عمر: أنكحنيها يا علي فوالله ما على ظهر الأرض رجل يرصد من حسن صحابتها ما أرصد ، فقال علي: قد فعلت ، فجاء عمر إلى مجلس المهاجرين بين القبر والمنبر وكانوا يجلسون ، علي وعثمان والزبير وطلحة وعبد الرحمن بن عوف فإذا كان الشيء يأتي عمر من الآفاق جاءهم فأخبرهم ذلك واستشارهم فيه ، فجاء عمر فقال: رفئوني ، فرفؤوه ، وقالوا: بمن يا أمير المؤمنين ، قال: بابنة علي بن أبي طالب ، ثم أنشأ يخبرهم فقال ، إن النبي قال ، كل نسب وسبب منقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي ، وكنت قد صحبته فأحببت أن يكون هذا أيضا .
أخبرنا وكيع بن الجراح عن هشام بن سعد عن عطاء الخراساني: أن عمر أمهر أم كلثوم بنت علي أربعين ألفا .
قال محمد بن عمر وغيره: لما خطب عمر بن الخطاب إلى علي ابنته أم كلثوم قال: يا أمير المؤمنين إنها صبية ، فقال: إنك والله ما بك ذلك ولكن قد علمنا ما بك فأمر علي بها فصنعت ثم أمر ببرد فطواه ، وقال: انطلقي بهذا إلى أمير المؤمنين فقولي أرسلني أبي يقرئك السلام ، ويقول: إن رضيت البرد فأمسكه وإن سخطته فرده ، فلما أتت عمر قال: بارك الله فيك وفي أبيك قد رضينا ، قال: فرجعت إلى أبيها فقالت: ما نشر البرد ولا نظر إلا إلي ، فزوجها إياه فولدت ، له غلاما يقال له زيد .
ثم خلف على أم كلثوم بعد عمر ، عون بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب ، فتوفي عنها ، ثم خلف عليها محمد بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب ، فتوفي عنه ، فخلف عليها يتحقق عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، بعد أختها زينب بنت علي بن أبي طالب ، فقالت أم كلثوم: إني لأستحيي من أسماء بنت عميس إن ابنيها ماتا عندي وإني لأتخوف على هذا الثالث فهلكت عنده ولم تلد لأحد منهم شيئا .
 وفاتها :
أخبرنا وكيع بن الجراح عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر قال: مات زيد بن عمر وأم كلثوم بنت علي فصلى عليهما بن عمر فجعل زيدا مما يليه وأم كلثوم مما يلي القبلة وكبر عليهما أربعا .
قال نافع: وضعت جنازة أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب امرأة عمر بن الخطاب وابن لها يقال له زيد ، والإمام يومئذ سعيد بن العاص .
أخبرنا عبد الله بن نمير حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عامر قال: صلى بن عمر على أخيه زيد وأم كلثوم بنت علي وكان سريرهما سواء ، وكان الرجل مما يلي الإمام .275

زينب بنت على
هي: زينب بنت علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ، وأمها: فاطمة بنت رسول الله 
تزوجها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب ، فولدت له: عليا وعباساً ، ومحمداً ، وأم كلثوم .
قال عبد الرحمن بن مهران: أن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب تزوج زينب بنت علي ، وتزوج معها امرأة علي ليلى بنت مسعود ، فكانتا تحته جميعا .276

أمامة بنت أبى العاص
هي: أمامة بنت أبى العاص ، حفيدة النبي ، أمها زينب بنت الرسول  ، الإبنه الكبرى له ، وقد رزقت بغلام أسمته على ، توفى وقد ناهز الحلم ، وكان رديف النبي في يوم فتح مكة. وكان يحبها لأنها كانت تذكرة بابنته الكبرى زينب التي رحلت إلى الدار الآخرة ، وكان يسر بها ، ويلاعبها ، ويحملها على عاتقة إذا صلى .
يقول أبو قتادة الأنصاري : بينا نحن على باب الرسول إذ خرج علينا يحمل أمامة بنت أبى العاص بن الربيع ، وأمها زينب ، وهى صبية ، فصلى رسول الله وهى على عاتقه ، يضعها إذا ركع ، ويعيدها إلى عاتقه إذا قام ، حتى قضى صلاته ، يفعل ذلك بها . 277
قال العلامة الفاكهاني ـ رحمه الله ـ :
" وكان السر في حملة أمامة في الصلاة دفعا لما كانت العرب تألفه من كرامة البنات وحملهن ، فخالفهم في ذلك حتى في الصلاة للمبالغة في ردعهم ، والبيان بالفعل قد يكون أقوى من القول . وفيه: تواضعه ، وشفقته على الأطفال ، وإكرامه لهم جبرا لهم ولوالديهم " 278
وظلت أمامة في كفالة جدها ، ورعاية والدها ، بعد وفاة أمها ، وظل الرسول يبرها ، ويتذكر بها ابنته الكبرى زينب .
تقول السيدة عائشة: أهدى للنبي قلادة من جزع معلمة بالذهب ، ونساؤه مجتمعات في بيت كلهن ، وأمامة جارية تلعب في جانب البيت بالتراب ، فقال رسول الله  " كيف ترين هذه ؟ "
فنظرنا إليها فقلنا: يا رسول الله ما رأينا أحين من هذه .
فقال " أرددنها إلى" ، فلما أخذها قال " والله لأضعنها في رقبة أحب آهل البيت إلى"
قالت عائشة: " فأظلمت على الأرض بيني وبينه ، خشيه أن يضعها في رقبة غيري منهم ، ولا أراهن إلا أصابهن مثل الذي أصابني ووجمنا جميعا ، فأقبل بها حتى وضعها في رقبة أمامة بنت أبى العاص " 279
ولما كبرت أمامة تزوجها على بن أبى طالب  بعد وفاة فاطمة ، وكانت فاطمة قد أوصت بذلك .
وكان زواج على بها في خلافة عمر بن الخطاب ، زوجها منه الزبير بن العوام ، لان أبى العاص قد أوصى بذلك ، فلما جرح على وخاف أن يتزوجها معاوية بن ابن أبى سفيان ، أمر المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب أن يتزوجها بعده .
فلما توفى على ، وقضت العدة تزوجها المغيرة بن نوفل ، وماتت عنده .
 وفاتها :
وكانت وفاة أمامة بيت أبى العاص في أيام خلافة معاوية بن أبى سفيان ، فرضي الله عنها وأرضاها . 280


أبناء الحسن 
زيد بن الحسن بن على 
هو: زيد بن الحسن بن على بن أبى طالب بن عبد المطلب ، وأمه: أم بشير بنت أبى مسعود .
قال عبد الحمن بن أبى الموال: رأيت زيد بن حسن يركب فيأتي سوق الظهر فيقف به ، ورأيت الناس ينظرون إليه ويعجبون من عظم خلقه ويقولون : جده رسول الله
 أولاده 
ولد زيد بن الحسن محمداً ، وأمه ، أم ولد ، وقد مات ولا بقيه له .
وحسن بن زيد ، ولى المدينة لأبى جعفر المنصور ، وأمه أم ولد .
ونفيسة بنت زيد ، تزوجها الوليد بن عبد الملك بن مروان فتوفيت عنده ، وأمها لبابة بنت عبد الله بن العباس بن عبد المطلب .
 وفاته 
أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرني عبد الله بن أبى عبيدة قال: ردفت أبى يوم مات زيد بن حسن ، ومات ببطحاء ابن أزهر على أميال من المدينة ، فحمل إلى المدينة ، فلما أوفينا على رأس الثنية بين المنارتين طلع بزيد بن الحسن في قبة على بعير ميتا ، وعبد الله بن حسن بن الحسن يمشى أمامه قد حزم وسطه بردائه ليس على ظهره شئ ، فقال لي أبى: يا بني انزل وأمسك بالركاب ، فوالله لئن ركبت وعبد الله يمشى لا تبلني عنده باله أبداً ، فركبت الحمار ونزل أبى فمشى فما زال يمشى حتى أدخل زيداً داره ببنى جديلة ، فغسل ، ثم أخرج به على السرير إلى البقيع . 281

حسن بن الحسن بن على 
هو: حسن بن الحسن بن على بن أبى طالب ، وأمه: خوله بنت منظور بن زبان بن سيار بن عمرو بن جابر بن عقيل بن هلال .
 أولاده 
ولد لحسن: محمداً ، وأمه: رمله بنت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل .
وعبد الله بن حسن ، مات في سجن أبى جعفر المنصور بالكوفة .
وحسن بن حسن ، وإبراهيم بن حسن ، وماتوا في السجن أيضاً .
وزينب بنت حسن ، تزوجها الوليد بن عبد الملك بن مروان ثم فارقها .
وأم كلثوم بنت حسن ، وأمهم فاطمة بنت حسين بن على بن أبى طالب .
وجعفر بن حسن ، وداود بن حسن ، وفاطمة ، وأم القاسم ، وهى قسيمة ، و مليكة ، وأمهم أم ولد تدعى: حبيبة ، فارسية كانت لآل أبى أبس من جديلة .
وأم كلثوم بنت حسن ، لأم ولد .
قال الفضيل بن مرزوق: سمعت الحسن بن الحسن يقول لرجل ممن يغلو فيهم: ويحكم أحبونا لله ، فإن أطعنا الله فأحبونا ، وإن عصينا الله فابغضونا . فقال له رجل: إنكم قرابة رسول الله وأهل بيته. فقال: ويحك لو كان الله مانعا بقرابة من رسول الله أحداً بغير طاعة الله لنفع بذلك من هو أقرب إليه منا أبا أما والله إنى لأخاف أن يضاعف للعاصي منا العذاب ضعفين ، وإني لأرجو أن يؤتى المحسن منا أجره مرتين. ويلكم اتقوا الله وقولوا فينا الحق ، فإنه أبلغ فيما تريدون ، ونحن نرضى به منكم . 282


أبناء الحسين 
على بن الحسين " زين العابدين "
هو: على بن الحسن بن على بن أبى طالب بن عبد المطلب ، الهاشمي ، القرشي .
أمه: أم ولد ، واسمها: سلامة ، أو سلافة ، بنت ملك الفرس يزدجرد .
ولد في سنة ثمان وثلاثين تقريبا ، وكان مع والده الشهيد الحسين في يوم كربلاء ، وله ثلاث وعشرون سنة ، وكان يومئذ مريضاً فلم يقاتل ، ولا تعرضوا له ، بل أحضروه مع آله إلى دمشق ، فأكرمه يزيد بن معاوية ، ورده إلى المدينة .
 مكانته 
قال الزهري: لم أدرك من أهل البيت أفضل من على بن الحسين .
وقال زيد بن أسلم: ما رأيت فيهم مثل على بن الحسين .
وقال مالك: لم يكن في أهل البيت مثله ، وهو ابن أمه .
لذلك كان على بن الحسين أهلا للإمامة العظمى ، لعلمه ، وعلو قدره ، ولما حج هشام بن عبد الملك قبيل ولايته للخلافة ، فكان إذا أراد أن يستلم الحجر
الأسود ، زوحم عليه ، وإذا دنا على بن الحسين من الحجر تفرقوا عنه إجلالا له فوجم لها هشام ، وقال: من هذا ؟ فما أعرفه !!
فأنشأ الفرزدق يقول :
هذا الذي تعرف البطحاء و طأتـــه و البيت يعرفه و الحل و الحــــــــــرم
هذا ابن خير عباد الله كلهـــــــــــم هذا التقي النقي الطاهر العلــــــــــــــم
إذا رأته قريش قال قائلهـــــــــــــا إلى مكارم هذا ينتهي الكــــــــــــــــرم
ينمى إلى ذروة العز التي قصرت عن نيلها عرب الإسلام و العجـــــــــم
يكاد يمسكه عرفان راحتـــــــــــه ركن الحطيم إذا ما جاء يستلــــــــــــم
يغضي حياءً و يغضى من مهابته فما يكلم إلا حين يبتســـــــــــــــــــــــم
بكفه خيزران ريحها عبـــــــــــق من كف أروع في عرنينه شمــــــــــم
مشتقة من رسول الله نبعتـــــــــه طابت عناصرها و الخيم و الشيــــــــم
ينجاب نور الهدى من نور غرته كالشمس ينجاب عن إشراقها الغيــــــم
حمال أثقال أقوام إذا فدحــــــــوا حلو الشمائل تحلو عنده نعتــــــــــــــم
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهلــــه بجده أنبياء الله قد ختمــــــــــــــــــــوا
الله فضله قدماً و شـــــــــــــرف جرى بذاك له في لوحه القلــــــــــــــم
من جده دان فضل الأتبياء لــــه و فضل أمته دانت لها الأمـــــــــــــــم
عم البرية بالإحسان فانقشعـــــت عنها الغواية و الإملاق و الظلــــــــــم
كلتا يديه غياث عم نفعهمــــــــا يستوكفان و لا يعروهما العــــــــــــدم
سهل الخليقة لا تخشى بـــوادره يزينه اثنتان حسن الحلم و الكــــــــرم
لا يخلف الوعد ميمون نقيبتـــــه رحب الفناء أريب حين يعتــــــــــــزم
من معشر حبهم دين و بغضهــم كقر و قربهم منجى و معتصــــــــــــم
يستدفع السوء و البلوى بحبهـــم و يسترب به الإحسان و النعـــــــــــــم
مقدم بعد ذكر الله ذكرهـــــــــــم في كل حكم و مختوم به الكلـــــــــــــم
إن عد أهل التقى كانوا أئمتهــــم أو قيل:من خير أهل الأرض؟قيل هـــم
لا يستطيع جواد بعد غايتــــــــه و لا يدانيهم قوم و إن كرمــــــــــــــوا
هم الغيوث إذا ما أزمة أزمــــت و الأسد أسد الشرى و البأس محتـــــدم
يأبى لهم أن يحل الذم ساحتهـــم خيم كريم و أيد بالندى هضـــــــــــــــم
لا يتقص العدم بسطاً من أكفــهم سيان ذلك إن أثروا و إن عدمــــــــــوا
أي الخلائق ليست في رقابهــــم لأولية هذا أو له نعـــــــــــــــــــــــــــم
فليس قولك من هذا بضائــــــره العرب تعرف من أنكرت و العجـــــــم
من يعرف الله يعرف أوليـــة ذا فالدين من بيت هذا ناله الأمــــــــــــــم
فأمر هشام بن عبد الملك بحبس الفرزدق ، فحبس بعسفان ، وبعث إليه على بن الحسن بإثنى عشر ألف درهم ، وقال: أعذر آبا فراس .
فردها وقال: ما قلت ذلك إلا غضباً لله ولرسوله ، فردها عليه ، وقال : بحقي عليك لما قبلتها ، فقد علم الله نيتك ورأى مكانك ، فقبلها . 283
 تواضعه 
قال نافع بن جبير لعلى بن الحسين: إنك تجالس أقواماً دوناً !!
فقال على بن الحسين: آتى من أنتفع بمجالسته في ديني .
وقال هشام بن عروة: كان على بن الحسن يخرج على راحلته إلى مكة ، ويرجع لا يقرعها ، وكان يجالس أسلم مولى عمر ، فقيل له: تدع قريشا ، وتجالس عبد بني الدار ؟!
فقال: إنما يجلس الرجل حيث ينتفع . 284
وكان على بن الحسين يدخل المسجد ، فيشق الناس حتى يجلس في حلقة زيد بن أسلم ، فقال له نافع بن جبير :
غفر الله لك ، أنت سيد الناس ، تأتى تتخطى حتى تجلس مع هذا العبد ؟!
فقال " العلم يبتغى ، ويؤتى ، ويطلب من حيث كان ". 285
 ورعه وخشوعه 
قال رجل لابن المسيب: ما رأيت أورع من فلان !!
قال ابن المسيب : " هل رأيت على بن الحسين ؟ قال: لا. قال: ما رأيت أورع منه "
وقال جويرية بن أسماء: ما أكل على بن الحسين بقرابته من رسول الله درهما قط .
يقول أبو نوح : وقع حريق في بيت فيه على بن الحسين ، وهو ساجد ، فجعلوا يقولون: يا ابن رسول الله النار ، فما رفع رأسه حتى طفئت .
فقيل له في ذلك ، فقال: ألهتني عنها النار الأخرى .286
وحج على بن الحسين ، فلما أحرم ، أصفر ، وانتفض ، ولم يستطع أن يلبى فقيل: ألا تلبى ؟ قال: أخشى أن أقول: لبيك. فيقول لي: لا لبيك .
فلما لبى ، غشى عليه ، وسقط من راحلته .287
و عن عبد الرحمن بن حفص القرشي قال: كان علي بن الحسين إذا توضأ يصفر ، فيقول له أهله: ما هذا الذي وتهيأت ثم الوضوء فيقول " تدرون بين يدي من أريد أن أقوم " 288
 كلامه
قال على بن الحسين: " أن الجسد إذا لم يمرض آشر ، ولا خير في جسد يأشر"
وكان يقول : " إن قوماً عبدوا الله عز وجل رهبة ، فتلك عبادة العبيد ، وآخرين عبدوه رغبة ، فتلك عبادة التجار ، وقوماً عبدوا الله شكرا ، فتلك عبادة الأحرار "
وكان يقول : "عجبت للمتكبر الفخور الذي كان بالأمس نطفة ثم هو غدا جيفة وعجبت كل العجب لمن شك في الله وهو يرى خلقه وعجبت كل العجب لمن أنكر النشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى ، وعجبت كل العجب لمن عمل لدار الفناء وترك دار البقاء "
وكان إذا أتاه السائل رحب به وقال : " مرحباً بمن يحمل زادي إلى الآخرة "
وعن أبي جعفر محمد بن علي قال: أوصاني أبي قال: لا تصحبن خمسة ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق ، قال قلت: جعلت فداءك يا أبت من هؤلاء الخمسة؟
قال: لا تصحبن فاسقا فإنه يبيعك بأكلة فما دونها ، قال قلت: يا آبه وما دونها قال: يطمع فيها ثم لا ينالها .
قال قلت: يا أبه ومن الثاني ، قال: لا تصحبن البخيل فإنه يقطع بك في ماله أحوج ما كنت إليه .
قال قلت: يا أبه ، ومن الثالث ، قال : لا تصحبن كذاباً فإنه بمنزلة السراب يبعد منك القريب ويقرب منك البعيد .
قال قلت: يا أبه ومن الرابع قال لا تصحبن أحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك .
قال قلت: يا أبه ومن الخامس ، قال: لا تصحبن قاطع رحم ، فإني وجدته ملعوناً في كتاب الله في ثلاثة مواضع. 289
 جوده وكرمه
عن شيبة بن نعامة قال: كان علي بن الحسين يبخل فلما مات وجدوه يقوت مائة أهل بيت بالمدينة .
وعن محمد بن إسحاق قال: كان أُناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين كان معاشهم ، فلما مات علي بن الحسين ، فقدوا ما كانوا يؤتون به بالليل .
وعن أبي حمزة الثمالي قال: كان علي بن الحسين يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل فيتصدق به ويقول: إن صدقة السر تطفئ غضب الرب عز وجل .
وعن عمرو بن ثابت قال: لما مات علي بن الحسين فغسلوه جعلوا ينظرون إلى آثار سود في ظهره ، فقالوا: ما هذا ، فقالوا: كان يحمل جراب الدقيق ليلاً على ظهره يعطيه فقراء أهل المدينة .
وعن ابن عائشة قال: قال أبي: سمعت أهل المدينة يقولون: ما فقدنا صدقة السر حتى مات علي بن الحسين .
وعن عمرو بن دينار قال: دخل علي بن الحسين على محمد بن أسامة ابن زيد في مرضه فجعل محمد يبكي ، فقال: علي ما شأنك قال: علي دين ، قال : كم هو؟ قال خمسة عشر ألف دينار ، قال: فهو على .
 حلمه
وعن سفيان قال: جاء رجل إلى علي بن الحسين  فقال له إن فلانا قد آذاك ووقع فيك ، قال: فانطلق بنا إليه ، فانطلق معه وهو يرى أنه سينتصر لنفسه فلما أتاه قال: يا هذا إن كان ما قلت في حقاً فغفر الله لي ، وإن كان ما قلت في باطلاً فغفر الله لك .
وعن أبي يعقوب المدني قال: كان بين حسن بن حسن وبين علي بن الحسين بعض الأمر ، فجاء حسن بن حسن إلى علي بن الحسين وهو مع أصحابه في المسجد فما ترك شيئاً إلا قاله له ، قال: وعلي ساكت فانصرف حسن ، فلما كان في الليل أتاه في منزله ، فقرع عليه بابه فخرج إليه فقال له علي: يا أخي إن كنت صادقاً فيما قلت لي فغفر الله لي ، وإن كنت كاذباً فغفر الله لك ، السلام عليكم وولى ، قال: فأتبعه حسن فالتزمه من خلفه وبكى ، حتى رثى له ثم قال: لا جرم لا عدت في أمر تكرهه فقال: علي وأنت في حل مما قلت لي .
 وفاته
وتوفي بالمدينة سنة أربع وتسعين ، وقيل اثنتين وتسعين ، ودفن بالبقيع وهو ابن ثمان وخمسين سنة رضي الله عنه . 290
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

مجامر الألوة بذكر شجرة النبوة  Empty
مُساهمةموضوع: مجامر الألوة بذكر شجرة النبوة   مجامر الألوة بذكر شجرة النبوة  I_icon_minitimeالخميس نوفمبر 28, 2013 2:34 pm

زينب بنت الحسين
هي: زينب بنت الحسين بن على بن أبى طالب ، حفيدة من حفيدات النبي  قدمت دمشق مع أخواتها بعد مقتل والدها ، وكانت زينب بنت الحسين تبكى على والدها بكاء شديداً .
قال حميد بن مسلم الأزدى :
" سمعت آذني من الحسين ، وهو يقول: قتل الله قوما قتلوك ـ يعنى ابنه عليا الأكبر بن الحسين ، ما أجرئهم على انتهاك حرمة رسول الله ، على الدنيا بعدك الدثار.
وكأني أرى امرأة خرجت كأنها الشمس طالعة تنادى: يا أبتاه . . .
فقيل: هي زينب بنت الحسين ، وأكبت عليه ، فجاء الحسين ، وأخذ بيدها ، وردها إلى الفسطاط ، وكان ذلك قبل مصرعه .
وانتهت رحله زينب بنت الحسين سريعاً ، وقد أشار المدائنى في كتب التواريخ إلى تزوج زينب بنت الحسين عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي بها . 291

فاطمة بنت الحسين
هي: فاطمة بنت الحسين بن على بن أبى طالب ، حفيدة من حفيدات النبي  ، روت عن جدها مرسلاً ، وأبيها الحسين بن على ، وعمتها زينب بنت على ، وأخيها على بن الحسين ، وعبد الله بن عباس ، وعائشة أم المؤمنين .
فهي تعد من التابعيات الراويات للحديث النبوي .
أمها: أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التيمى ، تزوجها ابن عمها حسن بن حسن بن على بن أبى طالب ، فولدت له: عبد الله ، وإبراهيم ، وحسنا ، وزينب ثم مات عنها فخلف عليها: عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان ، زوجها إياه ابنها عبد الله بن حسن بأمرها ، فولدت القاسم ومحمدا ، الملقب بـ " بالديباج " ، وقد لقب بذلك لجماله ، ثم مات عنها .
شهدت فاطمة مقتل أبيها في كربلاء ، وهى التي ألقت بنفسها على على بن الحسين ، لما أرادوا قتله .
قيل: آن عمر بن سعد أرسل النساء إلى ابن زياد ، ولم يكن بقى من آل الحسين إلا غلام ، وكان مريضا مع النساء ، فأمر ابن زياد بقتله فطرحت زينب نفسها عليه وقالت: والله لا يقتل حتى تقتلوني ، فرق لها وكف عنها .
وفاتها :
عاشت فاطمة بنت الحسين ، وعمرت حتى ماتت ، وقد قاربت التسعين سنة ، واختلف في سنة وفاتها ، فقيل: سنة عشر ومائة ، وأربع عشرة ، وقيل : سنة ست عشرة ، وقيل: سنة سبع عشرة ، وقيل: سنة ثماني عشرة .
ورجع كثيرون أنها توفيت في سنة عشر ومائة ، وكان ذلك في خلافة هشام بن عبد الملك .
وذكرت السيدة فاطمة بنت الحسين عند عمر بن عبد العزيز ، وكان لها معظما فقيل: أنها لا تعرف الشر. فقال عمر: عدم معرفتها الشر جنبها الشر.292

سكينة بنت الحسين
هي: سكينة بنت الحسيين بن على بن أبى طالب ، حفيدة من حفيدات النبي ، وسكينة لقبها ، أما أسمها : " آمنة "
أمها: الرباب بنت أمري القيس .
تزوجها ابن عمها عبد الله بن الحسن الأكبر ، فقتل مع أبيها قبل الدخول بها ، ثم تزوجها مصعب أمير العراق ، وشهدت معه حرب عبد الملك بن مروان ، فلقد دخل عليها مصعب ـ ذات يوم ـ فنزع عنه ثيابه ، وتوشح بثوب ، واخذ سيفه ، فعلمت سكينة انه لا يريد أن يرجع،فصاحت من خلفه: واحزناه عليك يا مصعب .
فالتفت أليها ، وقد كانت تخفى ما في قلبها منه ، فقال : أو كل هذا لي في قلبك ؟!
فقالت: آي والله وما كنت أخفى أكثر .
فقال: لو كنت اعلم أن هذا كله لي عندك لكانت لي ولك حال ، ثم خرج ولم يرجع .
ولما أرادت سكينة الخروج إلى المدينة ، فطاف بها أهل العراق ، وقالوا :
أحسن الله صحابتك يا ابنه رسول الله ، فقالت: فلا جزاكم الله عنى خيرا ، ولا اخلف عليكم بخير من أهل بلد ، قتلتم أبى ، وجدي ، وعمى ، وزوجي ، أيتمتموني صغيرة ن وأرملتمونى كبيرة ، فلا عافاكم الله من أهل بلد ، ولا أحسن عليكم الخلافة .
ثم بعد ذلك تزوجها عبد الله بن عثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام بن خويلد فولدت له : حكيما ، وعثمان ، وربيحة ، وتزوج ربيحة العباس بن الوليد بن عبد الملك بن مروان ، ثم خلف على سكينة زيد بن عمرو بن عثمان بن عفان ، ثم خلف عليها إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، فلم يتم نكاحه ، فرق بينهما هشام بن عبد الملك ، لأنها تزوجت بغير ولى .
ثم تزوجها الأصبغ بن عبد العزيز بن مروان ، وكان يتولى مصر ، فبلغ عبد الملك زواجه إياها ، فنفس بها عليه ، فكتب إليه: اختر مصر أو سكينة ؟
فبعث إليها بطلاقها ولم يدخل بها ومتعها بعشرين ألف دينار .
 وفاتها :
وفى يوم الخميس لخمس خلون من ربيع الأول من سنة سبع عشرة ومائة ماتت سكينة بنت الحسين ،وعلى المدينة خالد بن عبد الملك بن الحارث بن الحلم ,فقال :
انتظروني حتى أصلى عليها ، وخرج إلى البقيع فلم يدخل حتى الظهر ، وخشوا أن تتغير ، فاشتروا لها كافورا بثلاثين دينارا .
فلما دخل ابن عبد الملك أمر شيبة بن نصاح فصلى عليها ، وفى رواية أخري: أن قبرها بالعقيق ، وليس بالبقيع ، وقد صوب ذلك الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق . 293



أبناء على بن الحسين 
أبو جعفر الباقر 
هو: الإمام أبو جعفر محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب ، الهاشمي ، القرشي
أمه: أم عبد الله بنت حسن بن على بن أبى طالب .
ولد سنة ست وخمسين في حياة بعض الصحابة الكرام ، كعائشة ، وأبى هريرة وغيرهما .
 أولاده 
أولاد أبى جعفر هم: جعفر بن محمد ، وعبد الله بن محمد ، وأمهما: أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق .
وإبراهيم بن محمد ،وأمه: أم حكيم بنت أسد بن المغيرة بن الأخنس بن شريق الثقفي .
وعلي بن محمد ، وزينب بنت محمد ، وأمهما: أم ولد
وأم سلمة بنت محمد وأمها: أم ولد
 فضله وقدره 
كان أحد من جمع بين العلم والعمل والسؤدد ، والشرف ، والثقة ، وكان أهلا للخلافة .
و كان أبو جعفر إماما ، مجتهدا ، تاليا لكتاب الله ، كبير الشأن . 294
 علمه 
كان أبو جعفر الباقر من العلم بمكان , فقد سمع من ابن عباس ، وأم سلمة ، ابن عمر ، وجابر بن عبد الله ، أبى سعيد الخدرى ، وعبد الله بن جعفر ، وسعبد بن المسيب ، وأبيه زين العابدين ، وابن الحنفية ، وأبى هريرة .
وتعلم منه وحفظ عنه جم غفير ، منهم: ابنه جعفر ، وعطاء بن أبى رباح ، والأعرج ، وعمرو بن دينار ، والزهرى ، وأبو إسحاق السبيعى ، ويحيي ابن أبى كثير ، وغيرهم .
ويمدحه القرظى على علمه ، فيقول :
يا باقر العلم لأهل التقى وخير من لبي على الأجبل
وقال فيه مالك بن أعين :
إذا طلب الناس القــــــــرآن كانت قريش عليه عيالا
وإن قيل: ابن بنت الرسول نلت بذلك فرعا طــوالا
تحوم تهلل للمدلجيـــــــــــن جبال تورث علما جبالا295
 من كلامه 
قال أبو جعفر الباقر : " ما دخل قلب امرئ شئ من الكبر إلا نقص من عقله مثل ما دخله من ذلك ، قل ذلك أو كثر "
ويحدثنا جابر الجعفى أنه سمع محمد بن على يقول له :" يا جابر ، إني لمحزون ، وإني لمشتغل القلب " ، قلت: ولم حزنك ، وشغل قلبك ؟!
قال " يا جابر ، إنه من دخل وقلبه صاف خالص دين الله شغله عما سواه ، يا جابر ، ما الدنيا ؟ وما عسى أن يكون ؟ ، هل هو إلا مركب ركبته ، أو ثوب لبسته ، أو امرأة أصبتها ؟!
يا جابر ، إن المؤمنين لم يطمئنوا إلى الدنيا لبقاء فيها ، ولم يأمنوا قدوم الآخرة عليهم ، ولم يصمهم عن ذكر الله ما سمعوا بآذانهم من الفتنة ، ولم يعمهم عن نور الله ما رأوا بأعينهم من الزينة ، ففازوا بثواب الأبرار .
إن أهل التقوى أيسر أهل الدنيا مؤنة ، وأكثرهم لك معونة ، إن نسيت ذكروك وإن ذكرت أعانوك ، قوالين بالحق ، قوامين بأمر الله ، قطعوا محبتهم بمحبة الله ونظروا إلى الله عز وجل ، وإلى محبته بقلوبهم ، وتوحشوا من الدنيا لطاعة مليكهم ، وعلموا أن ذلك منظور إليهم من شأنهم ، فأنزل الدنيا بمنزل نزلت به ، وارتحلت عنه ، أو كمال أصبته في منامك فاستيقظت ، وليس معك منه شئ ، واحفظ الله تعالى ما استرعاك من دينه وحكمته " 296
وقال : " أشد الأعمال ثلاثة: ذكر الله على كل حال ، وإنصافك من نفسك ، ومواساة الأخ في المال "
وقال : " كان لي أخ في عيني عظيم ، وكان الذي عظمه في عيني صغر الدنيا في عينه "
وقال : " يدخل أحدكم يده في كم صاحبه فيأخذ ما يريد ، قلنا: لا. قال: فلستم إخوانا كما تزعمون "
وقال ابنه جعفر: فقد أبى بغله له ، فقال :" لئن ردها الله تعالى على لأحمده محامد يرضاها " ، فما لبث أن أتى بها بسرجها ، ولجامها ، فركبها ، فلما استوى فيها ، وضم إليه ثيابه رفع رأسه إلى السماء ، فقال : " الحمد لله ، لم يزد عليها " ، فقيل له في ذلك ؟ فقال: " وهل تركت أو بقيت شيئا ، جعلت الحمد كله لله عز وجل " 297
 وفاته 
اختلف في تحديد سنة وفاة أبى جعفر الباقر ، وأرجح الأقوال أن وفاته كانت في سنة 114هـ بالمدينة ، فرحمه الله رحمه واسعة 298.

جعفر بن محمد العلوي 
هو: جعفر بن محمد بن على بن الشهيد أبى عد الله ، ريحانة النبي  ، وسبطة ومحبوبة الحسين بن أمير المؤمنين على بن أبى طالب ، الإمام الصادق ، العلوى ، المدنى ، أحد الأعلام .
أمه: أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبى بكر التيمى ، وأمها: هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبى بكر ، ولهذا كان يقول ، ولدني أبو بكر الصديق مرتين .
 مولده 
ولد جعفر الصادق في سنة ثمانين هجرية ، ورأى من الصحابة كبارهم كأنس بن مالك ، وسهل بن سعد .
 فضله 
كان جعفر بن محمد من أئمة أهل البيت فقها ، وعلما ، وزهدا ، حتى قال الإمام مالك: اختلفت إليه زمانا فما أراة إلا على ثلاث خصال: إما مصل ، وإما صائم ، وإما يقرأ القرآن ، وما رأيته يحدث إلا على طهارة .
قيل للشافعي: كيف جعفر بن محمد عندك ؟ قال: ثقة
وقال أبو حاتم الرازى: جعفر بن محمد الصادق لا يسأل عن مثله .
 من كلامه 
قال جعفر بن محمد :" أوحى الله إلى الدنيا: أن اخدمي من خدمني ، وأتعبي من خدمك "
وكان رجل من أهل السواد يلزم جعفر بن محمد ففقده فسأل عنه ، فقال له رجل: إنه نبطي !! يريد أن يضع منه .
فقال جعفر :" أصل الرجل عقله ، وحسبه دينه ، وكرمه تقواه ، والناس في آدم مستوون "
وقال :" لا يتم المعروف إلا بثلاثة: بتعجيله ، وتصغيره ، وستره" 299
( قصة ) : قال ابن شبرمة: دخلت أنا وأبو حنيفة على جعفر بن محمد ، فقال لابن أبى ليلى: من معك ؟ قال: هذا رجل له بصر ونفاذ في أمر الدين .
قال: لعله يقيس أمر الدين برأيه ؟ قال: نعم ؛ فقال جعفر لأبى حنيفة: ما اسمك ؟ قال: نعمان .
قال: يا نعمان ، هل قست رأسك بعد ؟
قال: كيف أقيس رأسي ؟!
قال: ما أراك تحسن شيئا !
قال جعفر: فهل علمت كلمة أولها كفر ، وآخرها إيمان ؟
قال: لا
فقال ابن أبى ليلى: يا ابن رسول الله ، أخبرني بهذه الأشياء التي سألته عنها ؟
قال جعفر: إذا قال العبد لا إله فقد كفر ، فإذا قال إلا الله فهو إيمان ، ثم أقبل على أبى حنيفة ، فقال: يا نعمان ، أول من قاس أمر الدين برأيه إبليس ، قال تعالى له ، اسجد لآدم ، فقال: أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ، فمن قاس الدين برأيه قرنه الله تعالى يوم القيامة بإبليس لأنه اتبعه القياس .
ثم قال جعفر: أيهما أعظم قتل النفس أو الزنا ؟
قال: قتل النفس
قال: فإن الله تعالى قبل في قتل النفس شاهدين ، ولم يقبل في الزنا إلا أربعة
ثم قال: أيهما أعظم الصلاة أو الصيام ؟
قال: الصلاة
قال: فما بال الحائض تقضى الصوم ولا تقضى الصلاة ؟! ؛ فكيف ويحك يقوم لك قياس ؟! اتق الله ولا تقس الدين برأيك . 300
 وفاته 
وفى سنة 148 هـ كانت وفاة جعفر الصادق ، رحمه الله تعالى . 301

موسى بن جعفر الكاظم 
هو: موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب ، الهاشمي ، القرشي. يكنى أبا الحسن .
 مولده 
ولد بالمدينة في سنة ثمان وعشرين و مائة ، وقيل سنة سبع وعشرين ومائة .
 أولاده 
رُزق بعدة من الولد ، الجميع من إماء ، وهم: على ، والعباس ، وإسماعيل ، وجعفر ، وهارون ، وحسن ، وأحمد ، ومحمد ، وعبيد الله ، وحمزة ، وزيد ، وإسحاق ، وعبد الله ، والحسين ، وفضل ، وسليمان ؛ سوى البنات ، سمي الجميع: الزبير في " النسب "
 جوده وكرمه 
كان سخياً كريماً ، يبلغه عن الرجل أنه يؤذيه ، فيبعث إليه بصرة فيها ألف دينار ، وكان يصر الصرر بثلاث مائة دينار ، وأربعمائة مائة ، ومائتين ، ثم يقسمها بالمدينة ، فمن جاءته صرة استغنى .
* عن محمد بن عبد الله البكري ، قال: قدمت المدينة أطلب بها ديناً ، فقلت : لو أتيت موسى بن جعفر فشكوت إليه ، فأتيته بنقمي في ضيعته ، فخرج إلى ، وأكلت معه ، فذكرت له قصتي ، فأعطاني ثلاثمائة دينار .
* وذكر أن العمرى كان يزرع بأرض ، فركب إليه في مزرعته ، فوجده ، فدخل بحماره فصاح العمرى لا توطئ زرعنا ، فوطئ بالحمار حتى وصل إليه ، فتزل عنده وضاحكه ؛ وقال: كم غرمت في زرعك هذا ؟ قال: مائة دينار ، قال: فكم ترجو ؟ قال: لا أعلم الغيب وأرجو أن يجيئني مئتا دينار ، فأعطاه ثلاثمائة دينار .
 وفاته 
يقول عبد السلام بن السندى: كان موسى بن جعفر عندنا محبوساً ، فلما مات بعثنا إلى جماعة من العدول ، من الكرخ فأدخلناهم عليه ، فأشهدناهم على موته ، ودفن في مقابر الشونيزية .
وكانت وفاة موسى الكاظم في شهر رجب من سنة ثلاث وثمانين ومائة ؛ وقد عاش خمساً وخمسين سنة . 302

على الرضي بن موسى الكاظم 
هو: الإمام أبو الحسن ، على الرضي بن موسى الكاظم ، بن جعفر الصادق ، بن محمد الباقر ، بن على ، بن الحسين ، الهاشمي العلوي المدني ، وأمه نوبية اسمها سكينة .
 مولده 
بالمدينة في سنة ثمان وأربعين ومائة ، عام وفاة جده .
 أولاده 
ترك على بن موسى عدة أولاد ، فترك محمداً ، والحسن ، وجعفراً ، وإبراهيم والحسين ، وعائشة .
 علمه 
سمع من أبيه ، وأعمامه: إسماعيل ، وإسحاق ، وعبد الله ، وعلى ، أولاد جعفر ، وعبد الرحمن بن أبى الموالى ، وكان من العلم والدين والسؤدد بمكان.
يقال: أفتى وهو شاب في أيام مالك ؛ استدعاه المأمون إليه في خراسان وبالغ في إعظامه ، وصيره ولى عهده ، فقامت قيامه آل المنصور ، فلم تطل أيامه وتوفى .
 كلامه 
قال على بن موسى الرضي: " اللهم كما سترت على ما أعلم فاغفر لي ما تعلم وكما وسعني علمك ، فليسعني عفوك ، وكما أكرمتني بمعرفتك ، فاشفعها بمغفرتك ، يا ذا الجلال والإكرام " 303
وسئل على بن موسى الرضي: أيكلف الله العباد ما لا يطيقون ؟ قال :" هو أعدل من ذلك " ، قيل: فيستطيعون أن يفعلوا ما يريدون ؟ قال : " هم أعجز من ذلك " 304
 وفاته 
قال ابن جرير: دخلت سنة ثلاث ومائتين ، فسار المأمون إلى طوس ، وأقام عند قبر أبيه الرشيد أياماً ، ثم إن على ببن موسى الرضى أكل عنباً ، فأكثر منه ، فمات فجأة في آخر صفر ، فدفن عند الرشيد ، واغتم المأمون لموته . 305

محمد بن على الجواد 
هو : أبو جعفر محمد بن على الرضي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر . ويلقب بالجواد .
كانت ولادته يوم الثلاثاء خامس عشر من رمضان ، وقيل منتصفه ، سنة خمس وتسعين ومائة .
قدم من مدينة رسول الله  إلى بغداد وااً على أبى إسحاق المعتصم ومعه امرأته أم الفضل بنت المأمون ، فتوفى في بغداد ودفن في مقابر قريش عند جده موسى بن جعفر ، وحملت امرأته أم الفضل إلى قصر المعتصم فجعلت مع الحرم
وقد أسند محمد بن على الحديث عن أبيه ، وسمع منه : عبد العظيم بن عبد الله الحسنى ، ومحمد بن زيد الشبيبه .
 وفاته 
قال الذهبي : كان يلقب بالجواد، وبالقانع، وبالمرتضى.كان من سروات آل بيت النبي 
وتوفى ببغداد في آخر سنة عشرين ، شاباً طرياً له خمس وعشرون سنة ، وقبره عند جده موسى .
وقيل : توفى في آخر سنة تسع عشرة رحمه الله تعالى .
قال ابن خلكان : توفى يوم الثلاثاء لخمس خلون من ذي الحجة سنة عشرين ومائتين ، ودفن عند جده موسى ابن جعفر ، في مقابر قريش ، وصلى عليه الواثق بن المعتصم . 306

على بن محمد بن على العلوي 
هو : الإمام أبو الحسن الحسيني ، بعلي بن محمد بن على بن موسى بن جعفر بن محمد بن زين العابدين ، لقب بالهادي .
 رحلته 
طلب الخليفة المتوكل على الله من على الهادي القدوم من المدينة إلى بغداد ، ثم إلى سامراء ، فقدمها وأقام بها عشرين سنة ، وتسعة أشهر ، إلى أن توفى ، ودفن بها في أيام المعتز بالله .
 وفاته 
قال الذهبي : توفى على ـ رحمه الله ـ سنة أربع وخمسين ، وله أربعون سنة
وقال السمعانى : ولد أبو الحسن العسكرى في سنة أربع عشرة ومائتين ، ومات بسامراء في اليوم الاثنين لخمس ليال بقين من جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين ومائتين ، ودفن في داره . 307

أبو محمد العسكري 
هو : أبو محمد الحسن بن على بن محمد بن على بن موسى الرضي بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن على زين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب لقبه الذي عرف به العسكري، وهى نسبة إلى عسكر سُر من رأى (سامراء) الذي بناه المعتصم لما كثر عسكره ، وضاقت عليه بغداد ، وتأذى به الناس ، فانتقل إلى هذا الموضع بعسكره ، وبنى بها هذا البنيان ، فمن نسب إلى العسكر بالعراق فلأجل سكنى سامراء .
وإنما نسب الحسن المذكور إليها ، لأن المتوكل أرسل أباه علياً إليها ، وأقام بها عشرين سنة وتسعة أشهر ، فنسب هو وولده إليها .
 مولده 
كانت ولادته ـ رحمه الله ـ يوم الخميس في بعض شهور سنة إحدى وثلاثين ومائعة ، وقيل : سادس شهر ربيع الأول ، وقيل : الآخر ، سنة أثنيتن وثلاثين ومائتين .
 وفاته 
توفى بسامراء في ثامن ربيع الأول من سنة ستين ومائتين ، وله تسع وعشرون سنة ، ودفن إلى جانب ولده . 308

محمد بن الحسن العسكري 
هو : الشريف أبو القاسم ، محمد بن الحسن العسكري بن على الهادي بن محمد الجواد بن على الرضي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب القرشي الهاشمي .
كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين ، وقد توفى والده ، وكان عمره خمس سنين .
وقال ابن خلكان : ولد في ثامن شعبان سنة ست وخمسين ، وهو الأصح .
ولا تذكر لنا المراجع شيئاً عن أحداث حياته ، بل أن العلامة التاريخي ابن جرير الطبري قال : إن الحسن العسكري لم يترك أولاداً ، وهذا يضعف الكلام حول شخصية محمد بن الحسن العسكري . 309
( مسألة ) : اشتد بعضاً من المسلمين في حبهم لسيدنا على بن أبى طالب وذريته ، وتغالوا في تكريمهم ، لدرجة أن بعضهم اعتقد ألوهية سيدنا على بن أبى طالب ، وأعتقد البعض أنه النبي المرسل ، وغلط جبريل فنزل بالوحي على سيدنا محمد  ، ومنهم من قال : أنهما شريكان في النبوة ، وهذا كله من الكذب والافتراء والجهالة التي تؤدى بصاحبها إلى الكفر ولعياذ بالله .
ومن أشهر فرقهم الموجودة الآن هم الشيعة الإمامية .
وهم الذين قالوا بإمامة أثنى عشر من آل بيت النبي  ـ وهم أبناء زين العابدين ـ ويسمون بالإثنى عشرية ، لأن الأئمة عندهم هم : على ، الحسن ، الحسين ، على زين العابدين ، وكانت الإمامة لابنه الأكبر " زيد " فلما رفضوه ولوا أخاه محمدا الباقر ، ثم جعفر الصادق ، وكان له سته أولاد ، أكبرهم إسماعيل ثم موسى .
ولما مات إسماعيل في حياة أبيه أوصى والده بالإمامة إلى ابنه موسى الكاظم ، وبعد وفاة جعفر انقسم الأتباع ، فمنهم من استمر على إمامة إسماعيل وهم : الإسماعيلية أو السبعية ، والباقون اعترفوا بموسى الكاظم ، وهم الموسوية . ومن بعده على الرضا ، ثم ابنه محمد الجواد ، ثم ابنه الهادي ، ثن ابنه العسكري ، وهو الإمام الحادي عشر ، ثم ابنه محمد الإمام الثاني عشر ، وقد مات ولم يعقب ، فوقف تسلسل الأئمة . ويقول الإمامية : أن المهدي المنتظر هو محمد بن الحسن العسكري ، ويقولون في صفتة : الحاضر في الأمصار ، الغائب عن الأبصار ، وإنه دخل سرداب " سامراء " وكان طفلاً صغيراً منذ أكثر من خمسمائة عام ، فلم تره العيون بعد ذلك ولم يحفيه بخبر ، وهم ينتظرونه كل يوم ، يقفون بالخيل على باب السرداب ، ويصيحون به أن يخرج إليهم ثم يرجعون !! وقال في ذلك بعض الشعراء :
ما آن للسرداب أن يلد الذي كلمتموه بجهلكم ما آنا
فعلى عقولكم العفاء فإنـــكم ثلثتم العنقاء والغيلانا 310


وفى الختام . . .
اعلم أخا الإسلام : أن الإنتساب الحق للنبي  ، إنما يكون بإتباع سنته  ، واقتفاء أثره  ، فدعوى بعض الناس بالإنتساب إلى أهل البيت لكي يعظمهم الناس ، ويجلونهم ، ويعطونهم الهدايا باطلة ، فالإنتساب الصحيح للنبي  ، هو أن يتصف المرء بأخلاق الإسلام التي حضنا عليها النبي  .
فكيف يكون المرء منتسباً إلى النبي  وهو متخلى عن السنة بعيداً عنها ، وكيف تكوني يا أختاه منتسبه للنبي  ، وأنت متبرجة سافرة ، كيف ؟!!
إذن فليعمل كل امرئ منا على الإنتساب الصحيح إلى النبي  ولينأى بنفسه عن الإنتساب الكاذب ، وليتعظ بحديث النبي  الذي يقول فيه : " أنا فرطكم على الحوض ، من ورده شرب منه ، ومن شرب منه لم يظمأ بعد أبداً ، وليردن على أقوام أعرفهم ويعرفوني ، ثم يحال بيني وبينهم ، فأقول : إنهم منى ، فيقال : إنك لا تدرى ما بدلوا بعدك ، فأقول : سحقاً سحقاً لمن بدل بعدى "311 ، فهنيئاً لمن انتسب إلى النبي  انتساباً صحيحاً .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

المراجع
القرآن الكريم .
السنة النبوية .
" البداية والنهاية " لابن كثير
" تاريخ الأمم والملوك " لمحمد بن جرير الطبري
" الكامل في التاريخ " لعز الدين ابن الأثير
" سير أعلام النبلاء " للذهبي
" حلية الأولياء " لأبى نعيم
" الجرح والتعديل " لابن أبى حاتم
" طبقات خليفة " لخليفة بن خياط
" الإصابة في تمييز الصحابة " لابن حجر العسقلانى
" أسد الغابة في معرفة الصحابة " لابن الأثير
" وفيات الأعيان " لابن خلكان
" الرحيق المختوم " للمباركفورى
" سيرة ابن هشام " لابن هشام
" شذرات الذهب في أخبار من ذهب " لعبد الحى بن محمد بن أحمد العماد
" الإستيعاب " لابن عبد البر
" تاريخ بغداد " للخطيب البغدادي
" تاريخ دمشق " لابن عساكر
" الطبقات الكبرى " لمحمد بن سعد
" زاد المعاد في هدى خير العباد " لابن القيم
" جمهرة أنساب العرب " لابن حزم
" نسب قريش " لأبى عبد الله الزبيرى
" تاريخ الإسلام " للذهبي
" الجامع لأحكام القرآن " للقرطبى
" صفة الصفوة " لابن الجوزى
" تهذيب الكمال " للحافظ المزي
" أصحاب الرسول  " لمحمود المصري " أبو عمار "
" سيرة آل بيت النبي الأطهار " مجدي فتحي السيد

1رواة البخاري (3557)
2أخرجه الترمذي (3607)
3رواة مسلم (2276)
4 حسن : حسنه الألباني في " صحيح الجامع " (3225)

5" البداية والنهاية " لابن كثير 2/218
6رواة مسلم (2408) ، وأحمد 4/367 ، والطبراني (3986) ، والحاكم 3/148
7رواة البخاري 4/178 ، ومسلم (406)
8أنظر لتفصيل هذه القبائل وهجرتها : نسب معد واليمن الكبير ، جمهرة النسب ، العقد الفريد ، تاريخ ابن خلدون ، وكتب الأنساب الأخرى .
9والقصة في البخاري (2217 ، 2635)
10رواة مسلم ، كتاب الفضائل (1782)
11رواة الترمذي (3607،3608)
12 سيرة ابن هشام 1/2 ، وتاريخ الطبري 2/239
13ذكره ابن سعد 1/56 ، وتاريخ الطبري 2/271 ، وفتح الباري 6/621
14ابن هشام 1/4 ، وتاريخ الطبري 2/276
15 لمزيد من التفصيل أنظر : " الكامل في التاريخ " لابن الأثير ، و البداية والنهاية ، وتاريخ الطبري
16 أنظر : " البداية والنهاية " لابن كثير
17" تاريخ الأمم والملوك " للطبري
18" تاريخ الأمم والملوك " للطبري
19" البداية والنهاية " لابن كثير
20سيرة ابن هشام 1/117
21ابن هشام 1/125 ، وإخبار الكرام بأخبار المسجد الحرام ص 152
22 ابن هشام 1/130 ، وتاريخ اليعقوبى 1/240
23" تاريخ الأمم والملوك " للطبري
24ابن هشام 1/129،179 ، وتاريخ اليعقوبى 1/241
25" البداية والنهاية " لابن كثير
26سيرة ابن هشام 1/107
27سيرة ابن هشام 1/137، وتاريخ الطبري 2/247
28سيرة ابن هشام 1/56
29ابن هشام 1/151 ، وتاريخ الطبري 2،240
30صحيح مسلم (1771)، وتلقيح فهوم أهل الأثر ص :4
31ابن هشام 1/167 ، وتلقيح فهوم أهل الأثر ص: 7
32 انظر : سيرة ابن كثير
33أنظر : تاريخ الطبري 2/278 ، ودلائل النبوة للبيهقى 2/24
34" الكامل في التاريخ " لابن الأثير 1/584،585
35 سيرة ابن هشام 1/165
36سيرة ابن هشام 1/266
37، 2 ، 3 صحيح البخاري ، باب قصة أبى طالب 1/548
38رواة البخارى (2753 ، 3525 ، 3527 ، 4771 ) , مسلم 1/114
39" الجامع لأحكام القرآن " للقرطبي
40ابن هشام 1/652
41ابن هشام 1/335 ، والتاريخ للبخاري 1/22 ، والبخارى مع الفتح 7/162
42" الجامع لأحكام القرآن " للقرطبي
43ابن هشام 1/291
44 أخرجه ابن سعد فى الطبقات 3/1/6 ، والحاكم 3/194 ، وصححه ، وأبو داود (2665) وغيرهم
45رواة البخارى (4072) ، والطبرى فى تاريخه 2/516
46رواة الطبراني فى الكبير عن ابن عباس وحسنه الألبانى فى صحيح الجلمع (3463)
47" البداية والنهاية " لابن كثير
48" سير أعلام النبلاء " للذهبي 2/78
49سيرة ابن هشام 2/458 ، وابن سعد فى الطبقت 4/807
50رواة أحمد 1/300 ، والحاكم وصححه 3/329 ووافقه الذهبى
51 أخرجه الحلكم 3/328 ، وصححه ووافقه الذهبى
52أخرجه الترمذى (3758) وقال : حسن صحيح
53ابن سعد فى الطبقات 4/32
54طبقات ابن سعد 8/42،43
55 تاريخ الطبرى 2/428 ، والبيهقي فى الدلائل 3/30 ، والحاكم فى المستدرك 3/19
56أظر : طبقات ابن سعد 8/44 ، والإصابة 8/137 ، والإستيعاب 4/1880
57طبقات ابن سعد 8/45 ، تاريخ خليفة (109)
58سير أعلام النبلاء 2/273 ، تاريخ خليفة (156)
59طبقات ابن سعد 8/46 ، السير 2/273
60تاريخ الطبرى 2/577 ، والبهقى فى الدلائل 3/442
61أنظر : أسد الغابة 7/173 ، جمهرة أنساب العرب ص :115 ، العقد الثمين 8/258 ، الإصابة 8/128
"62 صفة الصفوة " لابن الجوزى
63رواة البخارى (3727) ، وابن ماجه (132)
64رواة البخارى (3729) ، ومسلم (2966) ، وغيرهم
65أخرجه الحاكم في المستدرك 3/498 ، وقال : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ووافقه الذهبي
66رواة الترمذى (3752) ، والحاكم 3/499 وصححه ووافقه الذهبي
67" صفة الصفوة " لابن الجوزى 1/147
68 أخرجه الحاكم 3/496 ، والطبراني فىالكبير (316)
69" البداية والنهاية " لابن كثير
70أخرجه أحمد 1/266 ، وابن سعد 2/365 ، والحاكم 3/534 ، وصححه ووافقه الذهبي
71رواة البخارى 7/78 ، والترمذى (3824) ن وابن ماجه (166 ) و، غيرهم
72 طبقات ابن سعد 2/366 ، والحاكم 3/537 وصححه ووافقه الذهبي
73" صفة الصفوة " ابن الجوزى
74" صفة الصفوة " ابن الجوزى ، السير 3/357
75أنظر : نسب قريش (27) ، طبقات خليفة (1972) ، أسد الغابة 3/524 ، البداية والنهاية 8/90
76طبقات ابن سعد 4/54 ، الجرح والتعديل 7/63 ، الإستيعاب (1269)
77طبقات خليفة (1982) ، أسد الغابة 2/256 ، تهذيب الكمال (886)
78طبقات ابن سعد 4/48 ، العقد الثمين5/126 ، تاريخ خليفة (184)
79رواة مسلم(1218) ، وأبو داود (1905) ، وغيرهم
80طبقات ابن سعد 4/1/32 ، التاريخ الكبير 3/283 ، الاستيعاب 3/258 ، أسد الغابة 2/205
81طبقات ابن سعد 4/1/34 ، أسد الغابة 6/144
82أنظر : طبقات خليفة (6) ، الجرح والتعديل 8/487 ، الاستيعاب 4/1513
83 أسد الغابة 4/65
84عيون الأخبار 2/215
85 أنظر : طبقات اين سعد 4/4/28 ، طبقات خليفة (126) ، التاريخ الصغير 1/145 ، الجرح والتعديل 6/218 ، العقد الثمين 6/113
86 جمهرة الأنساب ص : 68
87 أخرجه الحاكم فى المستدرك 4/211 ، عن الشعبي مرسلا وقال الحاكم : صحيح
88رواة الترمذى (3764) وقال : حسن صحيح غريب ، وهو موقوف صحيح
89أخرجه أحمد 1/201 ، وأبو نعيم 1/115 فى الحلية
90 أخرجه أحمد 5/300 ، وابن سعد 4/1/25 ، والحلية 1/118
91رواة البخارى (4260)
92صحيح : رواة الترمذى (3727) ، والحاكم 3/209 ، وصححه على شرط مسلم
93ابن سعد 3/36 ، في طبقاته ، والطبراني (161)
94أورده الذهبي في السير 4/633
95أخرجه ابن سعد 3/25 ، والطبراني (153) ، وأسد الغابة 4/133
96ابن سعد 3/31 ، والترمذى (3817)
97أنظر : طبقات ابن سعد 3/20 ، تاريخ الطبري 5/155
98صحيح :أخرجه الحاكم 3/107 ، وصححه ووافقه الذهبي
99 رواة أحمد 1/188 ، وأبو داود (4649) ، والترمذي (3758) ، وغيرهم
100 صحيح : رواة احمد 1/83 ـ 88 ، والحاكم 4/93 وصححه ووافقه الذهبي ،
101 رواة أحمد 4/164 ، والترمذي (3803) ، والنسائي (66) ، وغيرهم
102رواة مسلم (78 )، والترمذي (3819) ، وابن ماجه (114) ، وغيرهم
103رواة البخاري 1/130 ، ومسلم (3409)
104 أنظر : طبقات ابن سعد 3/36 . وكتب التاريخ والسيرة
105أنظر : مسند أحمد 6/4419 ، طبقات ابن سعد 8/46 أ أسد الغابة 7/178
106المعجم الكبير للطبراني 25/84 ، أسد الغابة 7/319
107طبقات بن سعد 8/47
108طبقات ابن سعد 8/47
109أخرجه الترمذي (1628) ، وأحمد 6/341،343 ، والحاكم 4/52 ، والبيهقى 9/95
110 أنظر : طبقات ابن سعد 8/47 ، الاستيعاب 4/1963 ، تاريخ الإسلام 2/332
111الإصابة 8/252
112أسد الغابة 7/49
113 أسد الغابة 7/21 ، الإصابة 7/13
114طبقات ابن سعد 8/51
115 الإصابة 8/143
116الإصابة 8/76
117الاستيعاب 4/1928 ، أسد الغابة 7/313
118طبقات ابن سعد 8/49 ، الإصابة 8/207
119طبقات ابن سعد 8/49
120طبقات ابن سعد 8/49
121 أنظر : " نتائج الأفهام فى تقويم العرب قبل الإسلام " ص : 28 لمحمود الفلكى
122انظر : " رحمه للعالمين " للمنصورفورى
123رواة البخارى (3532 ) ، ومسام (2354 )
124رواه مسلم (2355)
125"صفه الصفوة " ابن الجوزى
126" زاد المعاد " ابن القيم
127" الشفا بتعريف حقوق المصطفى " للقاضى عياض
128" زاد المعاد " لابن القيم
129" السيرة النوية " لابن هشام
130" تحفة الأحوزى شرح صحيح الترمذى " للمباركفورى 4/ 303، والكراديس : رؤوس العظام
131 رواه مسلم ، المقصد : متوسط الجسم
132ضليع الفم : واسع الفم ، أشكل : طويل شق العين ، منهوس العقب : قليل لحم العقب
133رواه البخارى ، والأمهق : كرية البياض
134رواه البخارى
135رواه البخارى
136رواه البخارى ومسلم
137 رواه الدارمى
138" تحفة الاحوذى " للمباركفورى 4 / 306
139رواه الدارمى ، والثنيتين : الأسنان
140" خلاصة السير " ص 19/20
141" مشكاة المصابيح " لولى الدين التبريزى 1/22
142 تحفة الأحوزى 4/306
143رواه البخارى 1/503
144رواه البخارى 1/502
145رواه الدارمى ، مشكاة المصابيح 2/517
146رواه مسلم 2/259
147" البداية والنهاية " لابن كثير 6/ 21
148رواه البخارى ( 5106 ) ، ومسلم ( 1449 )
149رواه البخارى ( 5101 )
150" البداية والنهاية " 2 / 230
151انظر : " السيرة النبوية " لا بن هشام ، والاصابة 8/ 223 ، وأسد الغابة 7/163ـ167
152الإتان : أنثى الحمار
153حافل : ضرعها ممتلئ باللبن
154انظر : السيرة النبوية ـ لابن هشام 1/162 ـ 164 ، وتاريخ الطبرى 2/158ـ159 ، وطبقات ابن سعد
155رواه البخارى ومسلم
156صحيح : اخرجه الطبرانى فى الكبير
157صحيح : اخرجه احمد والحاكم وصححه
158رواه البخارى ومسلم
159رواة البخارى (3818) ، ومسلم (3435) ،والترمذى (3885() ، وابن ماجه (1997)
160أنظر : طبقات ابن سعد 8/53 ، سير أعلام النبلاء 2/109 ، أسد الغابة 7/78 ، شذرات الذهب 1/14
161رواه البخارى (3895) ، ومسلم (2438)
162رواه البخارى (3362) ، ومسلم (2384)
163رواه البخارى ومسلم
164رواه البخارى ومسلم
165رواه البخارى ومسلم
166أخرجه أبونعيم فى الحلية 2/49
167 صحيح : رواه الترمذى (3882) وقال : حديث حسن صحيح
168خبر صحيح : اخرجه احمد ، وابو نعيم فى الحلية ، والطبرانى فى " الاوسط"
169أنظر : طبقات ابن سعد 8/58 ، والحلية 2/ 43 ، واسد الغابة 7/ 188
170 رواه البخارى (5122)
171 صحيح : اخرجه الحاكم ( 4/15 ) ، والطبرانى فى الكبير
172 الطبقات الكبرى 3/277
173 لمزيد من التفاصيل : أنظر : طبقات ابن سعد (8/81) ، الاستيعاب (4/181) ، اسد الغابة (7/65) ، تهذيب الكمال (1680) ، شذرات الذهب (1/10،16)
174 رواة البخارى ومسلم
175خبرحسن: اخرجه ابن سعد فى الطبقات (8 / 139)
176خبرحسن : اخرجه ابن سعد فى طبقاتة (8/40) ، والحاكم من طريقين
177 رواه البخارى ومسلم
178حسن : اخرجه احمد (6/337ـ338)
179 أنظر : طبقات ابن سعد 8/120ـ129 ، تاريخ الإسلام 2/228 ، شذرات الذهب 1/12ـ56 ، أسد الغابة 7/ 169
180صحيح : اخرجه ابن عبد البر (4/1912) فى الاستيعاب ،وابو نعيم (3/178) فى الحلية
181رواه الخبارى (4787) ، والترمذى (3212 )
182 الأحزاب : 37
183رواه لبخارى (7421)
184رواه مسلم (2422)
185رواة البخارى (1419) ، ومسلم (2453)
186رواة البخارى (4912) ، ومسلم (1474) ، وأبو داود (3714)
187لمزيد من التفصيل أنظر : طبقات ابن سعد 8/101ـ115 ، المستدرك 4/23 ، الإستيعاب 4/1849 ، تهذيب الكمال 1643 ، أسد الغابة 7/125
188أخرجه أحمد 6/267ـ277 ، وابن سعد 8/116 ، وأبو داود (3912) ، وغيره
189 رةاه مسلم (2726)
190انظر :طبقات ابن سعد 8/116، وصفه الصفوة (3/49ـ50)
191رواه مسلم (1463) ، وابن عبد البر(4/1867) فى الاستيعاب
192انظر : طبقات ابن سعد (8/52ـ58) اسد الغابة (7/157) ، تهذيب الكمال (1685)
193أخرجه أحمد 6/313 ، والترمذى (3578) ، والنسائي (1070) ، وابن ماجه (1598)
194أنظر : أسد الغابة 4/1920 ، شذرات الذهب 1/69 ، مجمع الذوائد 9/245
195أنظر : طبقات ابن سعد 8/115 ، المستدرك 4/33 ، الإستيعاب 4/1853 ، سير أعلام النبلاء 2/218
196رواة البخارى (5255،5257)
197" البداية والنهاية " لابن كثير 5/246
198" البداية والنهاية " لابن كثير 5/254
199صحيح : اخرجه ابوداود (2692) ، والحاكم وصححه ، واقرة الذهبى
200 أخرجه الحاكم 4/43 ، والبيهقي 3/156
201 الحقو : الإزار
202رواة البخاري (1254) ، ومسلم (939) ، وأبو داود (3122) وغيرهم
203رواة البخاري (1284) ، ومسلم (923)
204أنظر : طبقات ابن سعد 8/37ـ36 ، أسد الغابة 7/113 ، الإصابة 8/83 ، شذرات الذهب 1/57
205يقارف : المقارفة في الأصل : ارتكاب الذنوب ، وهي هنا كناية عن الجماع ، ومباشرة النساء
206رواة البخارى 2/114 ، وأحمد 3/126 ، والترمذى (312) ، وابن سعد 8/26
207أخرجه الترمذى (3960) ،/ والحاكم 3/154ـ155
208 أخرجه أحمد 6/240 ، وأبو داود (5217) ، والترمذى (3871)
209رواة البخاري (3767) ، ومسلم (2449) ، وأبو داود(2069) ، والترمذى (3866)
210رواة البخارى (6286) ، ومسلم (2450)
211رواة مسلم (2316)
212رواة البخارى ومسلم
213هذا الفصل من كتاب " البداية والنهاية " لابن كثير 5/258،268
214رواة البخارى (3747)
215صحيح : السلسلة الصحيحة (1613)
216مسند أحمد 5/220،221،222 ، والهيثمى فىمجمع الزوائد 9/366 ، ورجال أحمد ثقات
217صحيح : سنن الترمذى (1047) بتحقيق الألبانى رحمه الله .
218رواة البخارى (3074)
219رواة البخارى (4234) ، ومسلم (115)
220السلسة الصحيحة (761)
221 السلسلة الصحيحة (235)
222" البداية والنهاية " لابن كثير 5/269،274
223 الحاكم فى المستدرك 4/44
224الزمر : 30
225" البداية والنهاية " 5/186
226رواة البخارى (3624،6286) ، ومسلم (6467،6468)
227" البداية والنهاية " 5/186
228أخرجه الحاكم فى المستدرك 3/57 ، وصححه الهيثمى فى المجمع 9/24
229حسن : سنن ابن ماجه(1465) بتحقيق الألبانى رحمه الله
230رواة البخارى (198،44،5714)
231رواة البخارى (466) ، ومسلم (2383)
232رواة مسلم ( 418)
233رواة البخارى (5648،5660،5667) ، ومسلم (2517)
234 رواة البخارى
235رواة البخارى (4449)
236رواة البخارى (445)
237رواة الإمام أحمد ، وابن الجوزى فى " صفة الصفوة "
238صحيح : صحيح الجامع (5201)
239رواة البخارى (2938) ، ومسلم (2092)
240صحيح : أخرجه أبو داود 4216) بتحقيق الألبانى رحمه الله .
241 رواة البخارى (5874)
242صحيح : أخرجه أبو داود (4226) بتحقيق الألبانى رحمه الله .
243رواة البخارى (5866) ، ومسلم (2091)
244رواة البخارى (5879)
245رواة أحمد فى المسند 1/271
246رواة البخارى (1846) ، ومسلم (1357)
247رواة البخارى (166) والسبتية : النعال التى تتخذ من جلد مدبوغ
248رواة البخارى (5858)
249رواة البخارى (3107)
250رواة مسلم (1359) دسماء : سوداء
251صحيح : أخرجه الترمذى (1726) بتحقيق الألبانى رحمه الله .
252" الكامل فى التاريخ " لابن الأثير
253صحيح: أخرجه أحمد 3/3،62،64،84 ، وأبو نعيم في الحلية 5/71 ، وغيرهم
254رواة البخاري (3749) ، ومسلم (2442)
255رواة البخاري (2704) ، وأبو داود (4662)
256صحيح : صحيح الجامع (3757)
257رواة أحمد فىالمسند 2/331
258رواة أحمد في المسند 2/288
259 حسن : حسنه الألباني في " السلسلة الصحيحة (811)
260لمزيد من التفصيل أنظر : " البداية والنهاية " لابن كثير 8/13،17
261 سبق تخريجه .
262حلية الأولياء 2/38
263" الاستيعاب " لابن عبد البر 1/377
264أنظر : " سير أعلام النبلاء " 3/275،276
265حسن : أخرجه الترمذي (3781)
266رواة البخاري (3753)
267سبق تخريجه .
268سير أعلام النبلاء 3/285
269 البداية والنهاية 8/177
270حسن : حسنه الألباني في " صحيح الترمذي " (2970)
271صحيح : صحيح الجامع (3181)
272حسن : حسنه الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 321)
273صحيح : صححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (1171)
274 لمزيد من التفصيل أنظر : " البداية والنهاية " لابن كثير 8/137،174
275أنظر : " السير " للذهبي ، " الحلية " لأبى نعيم
276أنظر : " الطبقات " لابن سعد
277رواة البخاري (516) ، ومسلم (543)
278فتح الباري لابن حجر 1/592
279حسن : أخرجه أحمد 6/101 ، وابن سعد 8/40
280لمزيد من التفصيل أنظر : طبقات ابن سعد 8/40 ، أسد الغابة 7/22 ، الإصابة 8/14 ، الاستيعاب 4/1789
281طبقات ابن سعد 5/318،319
282طبقات ابن سعد 5/320
283سير أعلام النبلاء 2/399 ، البدابة والنهاية 9/91
284طبقات اين سعد 5/216
285الحلية 3/137
286سير أعلام النبلاء 4/392
287سير أعلام النبلاء 4/392
288" صفة الصفوة " لابن الجوزى
289أنظر : " صفة الصفوة " لابن الجو زى
290أنظر : طبقات ابن سعد 5/211 ، طبقات خليفة (2044) ، البداية و والنهاية 9/103 ، الحلية 3/133 ، صفة الصفوة .
291البداية والنهاية 9/78
292الطبقات لابن سعد 8/473 ، الكامل في التاريخ 5/518 ، تاريخ بغداد 5/386
293طبقات ابن سعد 8/475 ، تاريخ خليفة (348) ، تاريخ دمشق (155) ، السير 5/262
294سير أعلام النبلاء 4/402
295معجم المرزبانى (268)
296الحلية 3/182
297الحلية 3/186
298طبقات ابن سعد 5/320 ، الحلية 3/180 ، تهذيب الكمال (1244) ، شذرات الذهب 1/149
299السير 6/263
300الحلية 3/198 ، الجرح والتعديل 2/487
301طبقات خليفة (269) ، وفيات الأعيان 1/327 ، الحلية 3/192
302تاريخ بغداد 13/27 ، سير أعلام النبلاء 6/270
303السير 9/389
304تهذيب الكمال (995)
305تاريخ الطبري 8/568
306أنظر " المحبر لابن حبيب 62 ، والمعارف لابن قتيبة 391 ، وتاريخ الطبري 8/566 ، وتاريخ بغداد 3/55
307أنظر : تاريخ اليعقوبى 2/484 ، وتاريخ الطبري 9/163 ، وتاريخ بغداد 12/56 ، والكامل في التاريخ 7/189 ، والبداية والنهاية 11/14
308أنظر : تاريخ حلب (2649للعظيمى ، والكامل في التاريخ 7/274 ، وتاريخ ابن الوردي 1/236 ، وتاريخ بغداد 7/366 ، ووفيات الأعيان 2/95 ، ومقاتل الطالبيين (46) ، وشذرات الذهب 2/141
309أنظر : وفيات الأعيان 4/376 ، وسر أعلام النبلاء 13/119 ، وتاريخ الإسلام 20/160 ، شذرات الذهب 2/150
310" بيان للناس " من الأزهر الشريف ص: 33
311رواة البخاري (7050) ، ومسلم (2290)

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
 
مجامر الألوة بذكر شجرة النبوة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» دراجة هوائية في جزع شجرة
» سبحان الله جزع شجرة راكع
» سبحان الله شجرة راكعة
» بيت داخل جذع شجرة ! إبداع بلا حدود
» بيت داخل جذع شجرة ! إبداع بلا حدود

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ :: كتابات وأبحاث مشرف الدعوة بالفرع :: السير والتراجم :: مجامر الألوة بذكر شجرة النبوة-
انتقل الى: