موقع فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ
مرحبا بكم في منتدي فرع الجمعية الشرعية بقرية
البطاخ التابع لمحافظة سوهاج
يسعدنا انضمامكم لنا عبرسجيلكم فى المنتدى
منتدى فرع الجمعية الشرعية بالبطاخ
مع تحيات مدير المنتدى
مشرف الدعوة بالفرع
موقع فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ
مرحبا بكم في منتدي فرع الجمعية الشرعية بقرية
البطاخ التابع لمحافظة سوهاج
يسعدنا انضمامكم لنا عبرسجيلكم فى المنتدى
منتدى فرع الجمعية الشرعية بالبطاخ
مع تحيات مدير المنتدى
مشرف الدعوة بالفرع
موقع فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ هو أحد فروع الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية بمحافظة سوهاج
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
مرحبا بكم فى منتدي فرع الجمعية الشرعية بالبطاخ ساهموا فى نشر موقعنا
نسأل الله تعالى أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل
صلي الله على محمد صلي الله عليه وسلم
اللهم أعنا على رضاك حتى ترضي رضاءاً ليس بعده سخط ولا غضب
جميع حقوق الطبع والنشر والتوزيع والتصوير لأي كتاب موجود في المنتدي متااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااح بشرط دعوة صالحة بظهر الغيب
أرجو من كل من استفاد أو تعلم شيئاً من المنتدي أن لا ينسانا من صالح دعائه
نعدكم بإذن الله في كل زيارة لنا بالجديد وبالمفيد
بشري سارة لكل طلاب العلم : تم افتتاح ركن في منتدي فرع الجمعية الشرعية بالبطاخ للإجازات الشرعية المسندة لكل الراغبين في إجازة علمية بالسند مجاناً
هاااااااام جدا لمن لا يعلم :قد تظهر إعلانات على المنتدي بها صور نساء وهي لا تخص المنتدي بل هي تابعة لشركة جوجل ولا يمكن وقفها .

 

 القول الفصيح شرح غرامي صحيح

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

القول الفصيح شرح غرامي صحيح  Empty
مُساهمةموضوع: القول الفصيح شرح غرامي صحيح    القول الفصيح شرح غرامي صحيح  I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 01, 2013 2:09 pm

مقدمة
إن الحمد لله . . .
نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } (آل عمران:102)
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } (النساء:1)
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } (الأحزاب:70-71)
أما بعد . . .
فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وأن خير الهدى هدى نبيه محمد  ، وأن شر الأمور محدثاتها ، وأن كل محدثة بدعة ، وأن كل بدعة ضلالة ، وأن كل ضلالة في النار .
ثم أما بعد . . .
إن الحياة البشرية على الأرض بثقلها ومسؤولية الحفاظ على توازنها ليس هينة العبء ولا سهلة القياد ، وذلك لما تتضمنه من عمق وتشعب ودقة ، وما تزدحم به من رغبات تتفق وتختلف ، ومصالح تتعارض وتصطلح ، ومطامح تلتقي وتفترق ، وأمزجة تصفو وتتكدر ، وأصناف من السلوك ، وأنواع من الظروف ، وبما فيها من شعوب تتباين استعداداتها وأهدافها ، وقبائل تتنوع مساعيها ، وبما يعتريها من أحداث الزمن وتقلبات الأيام وصروف الدهر ، وبما يلابسها من لمسات الخير ووخزات الشر ، وما ينتظمها من حركة لا تتوقف ، وبما تتطلبه من علاقة بمبدع الوجود وعلائق بالمخلوقات عموماً وبين البشر على وجه الخصوص .
هذه الحياة لا بد لها من ميزان تنضبط به أمورها وترجع إليه مبهماتها وتوزن به اختلافاتها ، وتقاس به جميع حالاتها .
ولقد وهب الخالق سبحانه وتعالى للإنسان العقل ليميز به ويزن به الأمور ، ولكنه لم يترك هذا العقل يتخبط وحده في متاهات الحياة ، والعقل عرضة للتأثر باضطرابات النفوس واعتلال الأجسام ومؤثرات البيئة . . . الخ ، فجاء عونه تعالى للعقل البشري ببيان مرتكزات مصالح البشر التي تشمل مصالحهم في الحياة الدنيا وفي الحياة الآخرة ، فبين للناس أصول النظم التي يسيرون بها الحياة ويبصرون بها الطريق حتى يحقق الإنسان معنى خلافته في الأرض {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} البقرة .
وحتى يستطيع الاهتداء والسير بلا عثرات ، وحتى يطمئن للغايات الصالحة.
كان هذا العون الإلهي للعقل البشري عن طريق وحيه تعالى لرسوله عليه الصلاة والسلام وعصمته له ، فتجلت في القرآن الكريم والسنة الشريفة أصول الأحكام ومرتكزاتها ، فقد فصل لنا هذان المصدران ما فصلا من الأحكام وتضمنا من المبادئ والقواعد والتوجيهات العامة ما يقود العقول إلى سواء السبيل .
وحديثنا بإذن الله تعالى في هذا الكتاب سوف يكون عن المصدر الثاني من هذين المصدرين الجليلين .
فنقول وبالله التوفيق : إن علوم السنة النبوية المشرفة من أجل العلوم أو أجلها ، وأحقها بالتعلم والتعليم ، وأولاها بكل اهتمام وعناية .
فهي العلوم التي عرفنا بها معاني كتاب الله ، وبيان مجمل آياته ، وتفسير حكمه وعظاته .
وهي العلوم التي أدت لنا أحاديث النبي  ، وأسمعتنا منير حروفها ، وأرتنا مواقع العبر ، وبصرتنا معالم الإقتداء ، ومثلت لنا فيها الأسوة الحية في شخصه  .
وهي العلوم التي حرست الدين ، وحمت الشريعة ، من كذب الكاذبين ، وافتراء المبطلين ، وجهل المسلمين . ‍
وهذه العلوم الشريفة ـ كشرف ما تخدمه من سنة النبي  ـ قام بإنشائها وبنائها وإبداعها وإتمامها علماء أمة محمد  عبر العصور ، وأئمة المسلمين على مر الدهور .
فهم أصحاب تلك المفخرة ، وبناة ذلك الصرح الخالد ، وملاك مفاتيح قصوره .
وكيف لا وهم ورثة الأنبياء ، ورسل الرسل ، وحملة الشريعة ، وأمناء الملة وحراس الدين ، والموقعين عن رب العالمين !!
لذلك فقد خرجت علوم السنة من عصارة تلك العقول ، ومن نتائج تلك الأفكار ، علوماً عميقة ، بعيدة الغور ، دقيقة المسالك ، فليس من السهل فهمُها ولا من المتيسر إدراكها .
وعبر عن ذلك قائلهم ، بنوع من الطرافة ، فقال : " الحديث ذكر ، يحبه ذكور الرجال ، ويكرهه مؤنثوهم " . 1
ولقد خلف لنا هؤلاء الأئمة الحفاظ ثروة علمية زاخرة ، من تأمل في فنونها وعلومها المختلفة علم الجهد الشاق ، والصبر الطويل ، الذي بذله سلفنا وعلماؤنا في جمعها ، وبيانها والاستنباط منها ، وتمييز ضعيفها من صحيحها وبذل الغالي والنفيس في سبيل ذلك ، و علم أيضاً مقدار ما حظي به السلف من تأييد رباني وفضل إلهي وتوفيق سماوي لما صدقوا في الطلب والعلم والعمل والدعوة وصبروا على ذلك { ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم } الجمعة : 4.
ومن هذه الثروات العلمية التى خلفها هؤلاء الأجلاء ما يسمى بـ " الشعر التعليمي " , والذي قد خصص نطاق عمله في نظم هذه العلوم في قصائد ومنظومات تسهيلاً لطالب هذه العلوم على حفظها واستيعابها ، ومن ثَم الغوص في معانيها , والوقوف على أسرارها .
ومن ضمن ما ألف في هذا الميدان " الشعر التعليمي " , قصيدة في علوم الحديث , للإمام ابن فرح الإشبيلي والمسماة بـ " القصيدة الغزلية " أو " غرامي صحيح " .
والتى هي موضوع حديثنا في هذا الكتاب الذي أسأل الله تعالى أن يجعله خالصاً لوجهه تعالى ، وأن ينفعنا به يوم نلقاه .
لذلك فقد قمت بعون الله وتوفيقه في هذا الكتاب بعمل الآتي :
 أولاً : التعريف بمؤلف هذه القصيدة تعريفا وجيزاً .
 ثانياً : التعريف بهذا العلم الجليل " علم أصول الحديث " .
 ثالثاً : بيان أهمية هذا العلم في حفظ السنة النبوية الشريفة .
 رابعاً : شرح هذه القصيدة شرحاً يسيراً وجيزاً يستطيع من خلاله القارئ الكريم , أو طالب العلم المبتدئ أن يقف على حدود هذا العلم , وأن يفهمه بلا تعقيد أو غموض .
 خامساً : اعتمدت فى عرض هذا الكتاب على كثير من الدراسات الحديثة , والكتب التى تتناول هذا العلم المعاصرة ، لما فيها من سهوله العرض والبيان , مع عزو كل كلمة إلى مصدرها الأصلي .
 وأخيراً : لا أقول أني أتيت بما لم يأت به أحد غيري , إنما هو جهد قليل من كثير وضعه علماؤنا وأئمتنا , فجزاهم الله عنا خير الجزاء على ما قدموه لنا .
وأوصي كل من يقرأ هذا الكتاب أن لا ينسانا من صالح دعائه ، حتى يقول له الملك : ولك بمثل , فدعوة المسلم لأخيه المسلم مستجابة بظهر الغيب .
    
القصيـــدة
غَرَامِي صَحِيحٌ وَالرَّجَا فِيك مُعْضـــلُ وَحُزْني وَدَمعِي مُرْسَلٌ وَمُسَلسَــلُ
وَصَبْرِي عَنكُمْ يَشْهَد العقلُ أنـــــــــــهُ ضَعِيفٌ ، وَمَترُوكٌ وَذُليَ أجْمَـــــــلُ
وَلا حَسَنٌ إلا سَمَاعُ حَدِيِثكُـــــــــــــــمْ مُشافَهَة يُملى عليَّ فَأنقُـــــــــــــــــلُ
وَأمْرِيَ مَوْقوفٌ عَليكَ وَلَيْسَ لِـــــــــي على أحَدٍ إلا عليْك المُعَـــــــــــــولُ
ولوْ كَانَ مَرْفوعا إليْكَ لَكنتَ لِـــــــــي على رَغْمِ عُذالِي ترِق وَتعْـــــــــدِلُ
وَعَذلُ عَذوِلي مُنكرٌا لا أسِيغــــــــــــــهُ وَزُورٌ ، وتدليسٌ يُرَد وَ يُهْمَـــــــــــــلُ
أقَضي زَمَانِي فِيك مُتصِلَ الأسَــــــــى وَمُنقَطِعاً عّما بِهِ أتوَصَّـــــــــــــــــــــلُ
وَهَا أنَا في أكفَانِ هَجْرِك مُــــــــــدْرجٌ تُكلفنِي مَا لاَ أطِيقُ فَأحْمِـــــــــــــلُ
وَأجْرَيتُ دَمْعِي فَوْقَ خَدِّي مُدَبَّجـــاً وَمَا هِي إلا مُهْجَتِي تتحــــــــــــــللُ
فمتفِقٌ جِسمِي وَسُهْدِي وَعبرتِـــــــــي وَمُفترِقٌ صَبْرِي وَقَلبِي المُبَلبـــــــلُ
وَمُؤتلِفٌ وَجْدِي وَشَجْوِي وَلَوْعَتِـــــي وَمختلِفٌ حَظي وَمَا مِنك آمُــــــلُ
خُذِ الوَجْدَ مِني مُسْنَداً ، وَمُعَنْعَنـــــــــاً فغيْرِي بِمَوْضُوع الهَوَى يَتحَــــــــللُ
وَذِي نُبَذ مِنْ مُبْهَمِ الحُب فَاَعتبِــــــــرْ وَغَامِضُهُ إنْ رُمْتَ شَرْحاً أطــــــــولُ
عَزِيزٌ بِكُمْ صَب ذلِيلٌ لِعِزكــــــــــــــــــمْ وَمَشْهُورُ أوْصَافِ المُحِب التذلـــــلُ
غَرِيبٌ يُقَاسِي البُعْدَ عنْكَ وَ مَالـــــــــــه وحَقك عَن دَارِ القِلى مُتحَـــــــــولُ
فرفقاً بِمَقطوع الوَسائِلِ مالــــــــــــــــــه إليْك سَبِيلٌ لا وَلا عنك مَعْــــــــــدِلُ
فَلا زلتَ في عِزَ مَنيعٍ وَرِفعَــــــــــــــــــــةٍ ولا زِلتَ تعلوُ بالتجَني فَأنْــــــــــــزلُ
أوَرِّي بِسُعدَى وَالربَابِ وزيْنَــــــــــــــبٍ وَأنْتَ الذِي تُعنى وأنت المُؤمـــلُ
فخُذ أولا مِن آخرٍ ثـــــــــــــــــــــــم أولا مِنَ النصْفِ مِنْهُ فهوَ فِيهِ مُكَمَّــــــــلُ
أبَر إذا أقسمْتُ أني بِحُبــــــــــــــــــــــهِ أهيِمُ وَقَلبِي بالصبابة مُشْعَـــــــــــــــلُ
    
التعريف بمؤلف القصيدة
قال الإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ :
هو الإمام : شهاب الدين أبو العباس أحمد بن فرح بن أحمد اللخمي الإشبيلي الشافعي نزيل دمشق .
ولد سنة أربع وعشرين وست مائة , وأسرته الفرنج ثم نجاه الله , وحج وسمع بمصر من شيخ الشيوخ عبد العزيز الأنصاري , والإمام عز الدين بن عبد السلام وطبقتهما .
وبدمشق من ابن عبد الدائم والكرماني وفراس العسقلاني وابن أبي اليسر وخلق سواهم , وعني بهذا الشأن , ثم أقبل على تقييد الألفاظ وفهم المتون ومذاهب العلماء , وكانت له حلقة إقراء للحديث وفنونه , حضرت مجالسه ونعم الشيخ كان علماً وفضلاً ووقاراً وديانة واستحضاراً واستبحاراً وثقة وصدقاً وتعففاً وقصداً .
تخرج به جماعة وكتب الكثير من الفقه والحديث , وانتقل إلى رحمة الله تعالى حميداً مفيداً بمنزلة في تربة " أم الصالح " مبطوناً في جمادي الآخرة سنة تسع وتسعين الملقبة سنة " قازان " إذ أخذ الشام . 2
وقال الزركلي :
ابن فرح (625 - 699 هـ = 1227 - 1300 م ) أحمد بن فرح " بسكون الراء" بن أحمد بن محمد بن فرح اللخمي الاشبيلي , نزيل دمشق ، أبو العباس شهاب الدين , فقيه شافعي ، من علماء الحديث .
له منظومة في ألقاب الحديث تسمى " القصيدة الغرامية " لقوله في أولها : غرامي صحيح والرجا فيك معضل , وقد شرحها كثيرون .
وله " شرح على الأربعين حديثا النووية – خ " و " مختصر خلافيات البيهقي – خ " في الخلاف بين الحنفية والشافعية ، في شستربتي . 3
وقال ابن صفدي في " الوافي بالوفيات " :
أحمد بن فرح ـ بالحاء المهملة ـ بن أحمد بن محمد الإمام الحافظ الزاهد بقية السلف , شهاب الدين أبو العباس اللخمي الإشبيلي الشافعي ، ولد سنة خمس وعشرين وست مائة بإشبيلية , وأسره الفرنج سنة ست وأربعين وخلص وقدم مصر سنة بضع وخمسين , وتفقه على الشيخ عز الدين بن عبد السلام قليلاً وسمع من شيخ الشيوخ شرف الدين الأنصاري الحموي والمعين أحمد بن زين الدين , وإسماعيل بن عزوز والنجيب بن الصقيل , وابن علاق , وبدمشق من ابن عبد الدايم وخلق .
وعني بالحديث وأتقن ألفاظه ومعانيه وفقهه وصار من كبار الأئمة إلى ما فيه من الورع والصدق والديانة ، وكان فقيهاً بالشامية وله حلقة أشغال بكرة بالجامع ، وعرضت عليه مشيخة دار الحديث النورية فامتنع وكان بزي الصوفية ، سمع عليه الشيخ شمس الدين واستفاد منه وله قصيدة غزلية في صفات الحديث سمعها منه وأولها :
غرامي صحيحٌ والرجا فيك معضل ودمعي وحزني مرسلٌ ومسلسل
وهي عشرون بيتاً وسمعها منه الدمياطي واليونيني وسمع منه البرزالي والمقاتلي والنابلسي وأبو محمد بن الوليد .
مات بالإسهال بتربة " أم صالح " وشيعه الخلق سنة تسع وتسعين وست مائة . 4
 التعريف بالقصيدة .
القصيدة التى قام بنظمها الإمام ابن فرح هي قصيدة " غزلية " في ظاهرها وما أراد بها ناظمها إلا الترويح عن نفسه وإخوانه ، ولم يعبها عليه من ترجموا له ، بل ذكرها العلماء في ترجمته ، دون اعتراضٍ عليها ، وسمعها منه : الذهبي ، والدمياطي ، واليونيني ، وأبو العباس النابلسي ، فلا تثريب عليه في الترويح عن نفسه بمثل هذه الأبيات .
ومِما يؤكد طهر الناظم ، ما ذكروه في ترجمته ، فهو ذو ديانة ، وورع ، وصيانة ، وصلاح ، وصدق ، وسكينة ، ووقار ، اشتهر بالعبادة والزهد ، وكان إماماً حافظاً محدثاً .
ولعل الناظم لما رأى إقبال الناس على الهوى والمحبة ، قال : لا طريق
لتعريفهم بالمصطلح إلا بأن نسلك هذا السبيل ، فنظم الناظم ـ رحمه الله ـ هذه القصيدة في هيئة الغزل ، لكنها في الحقيقة تحتوي على أقسام الحديث وأنواعه في علم مصطلح الحديث .
قال عنها الشيخ تاج الدين السبكي ـ رحمه الله ـ :
" قصيدة بليغة , جامعة لغالب أنواع الحديث أ.هـ " . 5
وقال الشيخ عبدالحي ابن العماد الحنبلي ـ رحمه الله ـ :
" حفظها جماعة ، وعلى فهما عولوا أ.هـ ". 6
وقال الشيخ الأديب أحمد بن محمد المَقرِي ـ رحمه الله ـ :
" شرح هذه القصيدة جماعة من أهل المشرق والمغرب يطول تعدادهم ، وهي وحدها دالة على تمكن الرجل أ. هـ " .7
وقال العلامة محمد السفاريني ـ رحمه الله ـ :
" نظم قصيدته اللامية ، فأبدع على سبيل الطرق الفَراسية ، وأتى بجملةٍ من أقسام المصطلح في ضمنها على سبيل التورية ، فزادت بذلك ملاحتها ، وظهرت فصاحتها أ.هـ " .8
 شروح القصيدة .
قام بشرح هذه القصيدة عدة من أهل العلم ، منهم :
الإمام : خليل بن أيبك أبو الصفاء الصفدي ( 764هـ ) في : " التذكرة " .
شرح الشيخ : محمد بن أحمد بن جماعة ( 806هـ ) , وأسماها : " زوال الترح في شرح منظومة ابن فرح " .
شرح الشيخ : يحيى بن عبد الرحمن القَرَافي .
شرح الشيخ : محمد بن محمد الأمير المالكي ( 1232هـ ) .
ويظهر أن الذين قاموا بشرحها إنما اقتصروا على بيان المراد منها فيما يخص أنواع علوم الحديث ، ولم يتعرض أحد منهم لحل معانيها البديعة ، وكلماتها البليغة الرفيعة ، وهذا ما جعل العلامة السفاريني ـ رحمه الله ـ ينتهض لشرحها ، فقام بعمله على أكمل وجه ، في رسالة علمية أدبية بديعة ، سماها : " الملح الغرامية شرح منظومة ابن فرح اللامية " .
والتى قال في أول شرحه لها : " الحمد لله الذي رفع ذكر أهل المحبة وفضل وأجرى دمعهم مدبجاً على وجنة خد المعلل ، وأوقفهم على الحسن فكلهم في قيد الغرام مسلسل لا مرسل ، وذللهم للجمال وإن كانوا من أعز العالم وأبسل ، وأعضلهم عن مشافهة من علقوا به فليست دفاترهم تملى على غيره أو تنقل ، سبحانه وتعالى من إله وفق من أحبه لصحيح القصد وخول ، وفرق شمل من مقته وضعف قلبه وزلزل ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تقطع عنا علائق الشرك وبها إلى خالص التوحيد نتوصل ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي ما ترك منكراً إلا بتكه بسيفه العدل وأبطل ، نبي ألف الله به بين قلوب كانت قبله مختلفة لا توجل " .
إلى آخر المقدمة , ذكر فيها فضل علم الحديث ، وأن هذه القصيدة قد احتوت أقسام المصطلح ضمنها فيه على سبيل التورية فزادت بذلك ملاحتها ، وظهرت فصاحتها .
    
التعريف بعلم أصول الحديث 9
قال الإمام ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ :
إن الله بعث محمداً  بالهدى ودين الحق ، ليظهره على الدين كله ، وأنزل عليه الكتاب والحكمة ، فالكتاب هو : القرآن ، والحكمة هي : السنة , ليبين للناس ما نزل إليهم ، ولعلهم يتفكرون فيهتدون ويفلحون .
فالكتاب والسنة هما الأصلان اللذان قامت بهما حجة الله على عباده ، واللذان تنبني عليهما الأحكام الإعتقادية والعملية إيجاباً ونفياً .
والمستدل بالقرآن يحتاج إلى نظر واحد وهو : النظر في دلالة النص على الحكم ، ولا يحتاج إلى النظر في مسنده , لأنه ثابت ثبوتاً قطعياً بالنقل المتواتر لفظاً ومعنى ، يقول تعالى : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } ( الحجر: 9) .
والمستدل بالسنة يحتاج إلى نظرين :
أولها : النظر في ثبوتها عن النبي  , إذ ليس كل ما نسب إليه صحيحاً.
ثانيهما : النظر في دلالة النص على الحكم .
ومن أجل النظر الأول احتيج إلى وضع قواعد يميز بها المقبول من المردود فيما ينسب إلى النبي  ، وقد قام العلماء - رحمهم الله - بذلك وسموه : { علم مصطلح الحديث } .
وهــو : مجمــوع القــواعــد والمباحث الحديثيــة المتعلقــة بالإسناد والمتن ، أو بالراوي والـمـروي حـتـى تقـبـل الرواية أو ترد ، والتي بدأ تأسيسها في منتصف القرن الأول للهجرة حتى تكاملت ، ونضـجت ، وانصرفت في أواخر القرن التاسع لحفظ حديث رسول الله  من الـدس والـتزوير ، والخطأ والتغيير ، وهي تتصل بضبط الحديث سنداً , ومتناً ، وبيان حال الراوي والـمروي , ومعرفة المقبول والمردود ، والصحيح والضعيف , والناسخ والمنسوخ ، وما تفرع عن ذلك كـلـــه مــــن الفنون الحديثية الكثيرة ، وكل ذلك يسمى : " علم مصطلح الحديث " ، أو " علم أصول الحـديـث " ، أو " علم المصطلح " اختصاراًً .
والإسناد هو : سلسلة الرواة الموصلة إلى المتن , أو : رفع الحديث الى قائله , والإسناد والسند بمعني واحداً تقريباً .
والمتن هو : ما انتهى إليه السند من قول أو عمل أو إقرار .
والراوي هو : من يروي الحديث بسنده .
والرواية هي : حمل الحديث ونقله وإسناده إلى من نسب إليه بصيغة من صيغ الأداء ، كقول الراوى : حدثنى أو حدثنا فلان ، وللرواية ركنان هما :
1ـ التحمل : وهو نقل الحديث عن الغير ، وهذا الغير يسمى فى عرف المحدثين " شيخاً " .
2ـ الأداء : وهو رواية الحديث للتلميذ ، وهو ما يعرف " بطالب العلم " .
ولتوضيح هذه المصطلحات نعطي مثالاً فنقول :
قال الإمام البخارى في صحيحه : حدثنا الحميدي قال : حدثنا سفيان قال : حدثنا يحيي بن سعيد الأنصاري قال : أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي ، أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي ، يقول : سمعت عمر بن الخطاب  على المنبر قال : سمعت رسول الله  يقول : " إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " . 10
فالمقصود بالإسناد في هذا الحديث : هو عبارة عن السلسلة المكونة من الرواة الذي نقلوا المتن ، وهو هنا قول البخاري : حدثنا الحميدي قال : حدثنا سفيان , حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي , أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي سمعت عمر بن الخطاب  .
والمتن هو : ما انتهى إليه السند ، وهو في المثال قول النبي  : " إنما الأعمال بالنيات ، ... " إلى آخره .
والحديث هنا هو : عبارة عن مجموع الإسناد والمتن ، وهو هنا من قول الإمام البخاري : حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير ... ، إلى آخر قوله : "
ما هاجر إليه " .
ورواة الحديث هنا :
الحميدي " عبد الله بن الزبير " .
وشيخه سفيان .
وشيخه يحيى بن سعيد الأنصاري .
وشيخه محمد بن إبراهيم .
وشيخه علقمة بن وقاص الليثي .
وشيخه عمر بن الخطاب  عن النبي  .
    
نشأة علم مصطلح الحديث
لا شك أن نشوء علوم الحديث قديم قدم بدء الوحي على النبي  !
فأول علم نشأ منها علم الرواية ، وأول رواية من هذا العلم سماع ورواية خديجة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ لحديث بدء الوحي وقصة مجيء جبريل عليه السلام بأوائل سورة " أقرأ " إلى النبي  في غار حراء .
هذا أول حديث من وحي السنة ، فهو أول ما نشأ من علومها , ومن ذلك الحين ، حين إنباء النبي  وإرساله ، وإسلام السابقين الأولين ، بزغ نور السنة مع القرآن ، وسطعت شمس الإسلام بالآيات والحكمة ، وبدأت ملحمة الصراع بين الحق والباطل .
وخلال هذه الفترة ، فترة سنوات البعثة المحمدية التي امتدت لثلاثة وعشرين عاماً كانت السنة النبوية قد أنزلت منزلتها في مصادر التشريع الإلهي , وعلم من ذلك الحين أنه لا سبيل إلى رضى الله عز وجل ، وإلى الفوز بسعادة الدارين ، إلا بكلام الله تعالى المنزل ، وبيانه من سنة النبي  : القولية والفعلية والتقريرية .
ولن أطيل في ذكر عظيم حرص الصحابة  على الاقتباس من هذا النور لملازمتهم للنبي  ، وإصغائهم إليه بالألباب قبل الأسماع ، ومد القلوب للنظر قبل الأبصار ، واحتفافهم به  بالأرواح قبل الأجساد .
فما تركوا من أقواله قولاً إلا وفي القلوب نقشوه ، ولا فعلاً إلا وضبطوه ، ولا تقريراً إلا وأحاطوا به علماً , علموا أنه رسول الله فتتلمذوا عليه ، وأيقنوا أنه وحي بجسده وروحه  فاقتدوا به ، وأدركوا أنه سيد ولد آدم فلم يفوتوا فرصة حياته ، وآمنوا أن حبه أحب الأشياء إليهم ـ بعد حب الله تعالى ـ فتفانوا وبذلوا حتى رضي الله عنهم وأرضاهم , فلله درهم .‍‍‍
فلما كمل الدين وتمت النعمة ، ورضي الله لنا الإسلام ديناً ، وبلغ النبي  الرسالة ، وأدى الأمانة ، ونصح للأمة ، وجاهد في الله حق جهاده أتاه اليقين ، ولحق بالرفيق الأعلى ، وانقطع الوحي . ‍‍‍
عندها ختم على السنة بما كان في صدور الصحابة  ، وفقدت الأسوة إلا بما تمثله الجيل الأول رضي الله عنه .
فعلم الصحابة  عظم الأمانة التي عليهم للأمة عبر العصور ، وأدركوا ثقل هذا الحمل الذي سيسائلهم الله تعالى عنه ، ثم رغبوا أيضاً بالأجر العظيم الذي سينالونه إذا أدوا هذه الأمانة ، وبالثواب الممتد الجزيل إذا حملوا ذلك الثقل للأجيال من بعدهم كما تحملوها هم ، وعقلوا أن عليهم من واجب نشر الدين ، وتبليغ الدعوة ونصرة الإسلام ، وانتشال العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة من لن يكون إلا بنشر العلوم السنية ، وتبليغ الآثار المصطفوية ، وتأديب الخلق بالأخلاق المحمدية .
لكنهم كانوا يعملون تمام العلم خطورة الأمر ، وأنه تشريف وتكليف ـ وأي
تكليف ؟‍‍ـ أن تكون الأمة إلى قيام الساعة ، ليس لها طريق إلى العلم بدين الله ، إلا عن طريق هذا الجيل ، من تلامذة محمد  ورضي عنهم .
ثم إن الله تعالى قد أدبهم ورسوله  على التوثق في الأخبار ، والتحري في قبول ناقليها , ومن ذلك قوله تعالى { يأيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبإٍ فتبينوا . . } الحجرات : 6 , وقوله سبحانه : { إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم }.
وقال عز وجل : { وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردّوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلاً } .
ومنه أيضاً قوله  : " كفى بالمرء كذباً ـ وفي رواية : إثماً ـ أن يحدث بكل ما سمع " .11
وقوله  : " من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " .12
وقوله  : " من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين " .13
لذلك فقد اجتمع في هذا الجيل ، من دوافع نشر السنة وتعليمها ، ومن أسباب التوثق والتورع , ما جعله يقوم بأداء الأمانة خير أداء ، من غير زيادةٍ ولا نقصان ، على الوجه الذي تكفل بتحميل تلك الأمانة للأجيال من بعدهم ، وإخلاء المسؤلية عنهم بعد ذلك الكمال والشمول والدقة المتناهية في التبليغ والأداء .
أما بعد وفاته  ، فقد ازداد شعور الصحابة بالضرورة القصوى للتوثق للسنة ، إذ لم يمكنهم الرجوع إلى معدنها وأصلها ، بعد أن فقدوا شخص النبي  ، وواروه التراب !!
ومن ذلك ما كان من أمر الخلفية الثاني عمر بن الخطاب  .
فعن أبي سعيد الخدري  قال : " كنا في مجلسٍ عند أبي بن كعب ، فأتى أبو موسى الأشعري مغضباً ـ وفي رواية : فزعاً أو مذعوراً ـ حتى وقف ، فقال : أنشدكم الله ! هل سمع أحدُ منكم رسول الله  يقول : " الاستئذان ثلاث فإن أذن لك ، وإلا فارجع " قال أبي : وما ذاك ؟ ! قال : استأذنت على عمر بن الخطاب أمس ثلاث مرات ، فلم يؤذن لي ، فرجعت , ثم جئت .
ثم جئته اليوم ، فدخلت عليه ، فأخبرته أني جئت أمس ، فسلمت ثلاثاً ، ثم انصرفت .
قال : قد سمعناك ، ونحن حينئذ في شغل ، فلو استأذنت حتى يؤذن لك ؟ قال استأذنت كما سمعت رسول الله  .
قال : فوالله لأوجعن ظهرك وبطنك ، أو لتأتين بمن شهد لك على هذا .
فقال أبي بن كعب : فوالله لا يقوم معك إلا أحدثنا سناً ! قم يا أبا سعيد , فقمت حتى أتيت عمر ، فقلت : قد سمعت رسول الله  يقول هذا " .
هكذا بدأ أول عصر الصحابة  ، ومن وقت مبكر جداً فيه ، وقبل فتنة مقتل عثمان  ، بل قبل مقتل عمر  على التشديد البالغ في رواية السنن ، والترهيب من دواعي وقوع الخطأ فيها !!
فإلى أي حس سوف ينتهي تثبتهم في الرواية ، بل هل سيكون لتثبتهم حد , فيما إذا ظهرت بوادر الفتنة ، وبدت دواعي الكذب ؟!!!
لا شك أن مقتل عثمان بن عفان  كان ثلمة في حصن الإسلام ، فلم تجتمع الأمة بعده على خليفة إلى اليوم , وكان له من الآثار العظيمة ، عقب الجريمة مباشرة ، وبعدها . . إلى اليوم ، ما يكاد يكون بها السبب الأول لما تلاه من نكبات وكبوات في تاريخ هذه الأمة .
وكان من أكبر آثار فتنة مقتل عثمان  ، افتراق الأمة ، وظهور بعض الأحزاب ، لا سياسية فحسب ، بل عقدية سياسية .
عندها بدأت دواعي التقول على النبي  تظهر ، نصرة للمذهب الاعتقادي الذي يتحزب له بعض مرضى النفوس والجهلة .
فظهر بناء على هذا موضوع الإسناد وقيمته في قبول الأخبار أو ردها .
فقد جاء في مقدمة صحيح مسلم عن ابن سيرين قال : " لم يكونوا يسألون عن الإسناد ، فلما وقعت الفتنة قالوا : سموا لنا رجالكم ، فينظر الى أهل السنة فيؤخذ حديثهم ، وينظر الى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم " .14
وبناء على أن الخبر لا يقبل إلا بعد معرفة سنده ، فقد ظهر علم الجرح والتعديل ، والكلام على الرواة ، ومعرفة المتصل أو المنقطع من الأسانيد ، ومعرفة العلل الخفية ، وظهر الكلام في بعض الرواة لكن على قلة ، لقلة الرواة المجروحين في أول الأمر .
ثم توسع العلماء في ذلك , حتى ظهر البحث في علوم كثيرة تتعلق بالحديث من ناحيه ضبطه وكيفيه تحمله وأدائه ، ومعرفة ناسخه من منسوخه ، وغير ذلك ، إلى أن ذلك كان يتناقله العلماء شفوياً .
ثم تطور الأمر وصارت هذه العلوم تكتب وتسجل ، لكن في أمكنة متفرقة من الكتب ممزوجة بغيرها من العلوم الأخرى كعلم الأصول ، وعلم الفقه ، وعلم الحديث .
ومن ذلك : مانجده أثناء بعض مباحث كتاب " الرسالة " ، وفي ثنايا كتاب " الأم " للإمام الشافعي المتوفى سنة : (204 هـ ) .
وما سجله الإمام البخاري المتوفي سنة : ( 256 هـ ) في تواريخه الثلاثة وغيرها من كتبه .
وما كتبه غير هؤلاء الأئمة الأعلام من علماء الجرح والتعديل من معاصريهم ومن بعدهم الذين كانوا يسوقون بعض قواعد هذا العلم في مصنفاتهم .
وأخيراً لما نضجت العلوم ، وأينعت ثمارها ، وحان قطافها ، واستقر أهل الاصطلاح ، واستقل كل فن عن غيره ، وذلك في القرن الرابع الهجري أفرد العلماء علم المصطلح في كتاب مستقل ، وكان أول من أفرده بالتصنيف القاضي " أبو محمد الرامهرمزي " المتوفي سنة : ( 360 هـ ) في كتابة " المحدث الفاصل بين الراوي والواعي " .
ثم توالت بعد ذلك المصنفات في هذ العلم ، وكثرت وتشعبت , وكان للخطيب البغدادي ـ رحمه الله ـ اليد الطولى في هذا الفن , فما ترك مبحث من مباحث هذا العلم إلا وقد أفرد فيه بالتصنيف .
    
أهمية علم أصول الحديث
مما لا شك فيه أن ما جاء به الرسول  مما هو بيانُ القرآن ، لا طريق إليه إلا بمعرفة المنقول عنه ، وبالضرورة علمنا أن ذلك المنقول لم يصلنا كما وصلنا القرآن ، وإنما هي الرواية التي يغلب عليها نقل الفرد ، أو الأفراد القليلين عن أمثالهم ، وما عاد إلى مثل ذلك ، جاز عليه ما يجوز أن يقع من غير معصوم ، كالخطأ والوهم ، بل والكذب .
لذا كان العمل على تمييز الصحيح من السقيم فرضاً على الأمة ، أن توجد من بينها من يحقق لها الكفاية فيه ، حيث لا سبيل إلى معرفة بيان الرسول  إلا بذلك .
ولا شك أن السنة أساس يقوم عليه نظر الفقيه ويبني عليه اجتهاده ، كالقرآن العظيم ، فإن لم يتبين له ما يصح أنه سنة مما لا يصح ، فعلى أي أساس سيقيم بنيانه ؟!
من أجل ذلك أدرك الأولون أن تمييز الصحيح من السقيم ضرورة للفقيه ، ومقدمة لابد منها ، فحرروا وحققوا ، واجتهدوا في نخل المنقول ، ولم يزل يناظر بعضهم بعضاً , ويرد بعضهم على بعض في شأن صحة نقل الدليل ، ولـم ينظروا إلى هذه المقدمة إلا كجزء من المقدمات الضرورية للاستدلال .
قال الإمام علي بن المديني :
" التفقه في معاني الحديث نصف العلم ، ومعرفة الحديث نصف العلم " ، أراد بمعرفة الحديث : تمييز صحيحه من سقيمه .
وعد معرفة ما يثبت من الحديث مما لا يثبت شرطاً في المجتهد والمفتي ، مما لا ينبغي أن يُرتاب فيه ، فإنه إن لم يفهم ذلك صار ولا بد إلى أن يبني ويفرع على ما لا يثبت به دين من الروايات .
قال الإمام عبد الرحمن بن مهدي :
" لا يجوز أن يكون الرجل إماماً ، حتى يعلم ما يصح ممـا لا يصح ، وحتى لا يحتج بكل شيء ، وحتى يعلم مخارج العلم " .
وهذا يبينه الحافظ أبو حاتم بن حبان بقوله :
" من لم يحفظ سُنن النبي  ، ولم يحسن تمييز صحيحها من سقيمها ، ولا عرف الثقات من المحدثين ، ولا الضعفاء والمتروكين ، ومن يجب قبول أفراد خبره ممن لا يجب قبول زيادة الألفاظ في روايته ، ولم يُحسن معاني الأخبار ، والجمع بين تضادها في الظواهر ، ولا عرف المفسر من المجمل ، ولا المختصر من المفصل ، ولا الناسخ من المنسوخ ، ولا اللفظ الخاص الذي يراد به العام ، ولا اللفظ العام الذي يراد به الخاص ، ولا الأمر الذي هو فريضة وإيجاب ، ولا الأمر الذي هو فضيلة وإرشاد ، ولا النهي الذي هو حتم لا يجوز ارتكابه ، من النهي الذي هو ندب يباح استعماله ، مع سائر فصول السنن وأنواع أسباب الأخبار , كيف يستحل أن يفتي ، أو كيف يسوغ لنفسه تحريم الحلال ، أو تحليل الحرام ، تقليداً منه لمن يخطئ ويُصيب ؟ " .
وقال الحافـظ زين الدين عبد الرحيم العراقي في أول " شرح ألفيته " التي لخص فيها " كتاب ابن الصلاح " في هـــذا الفن حيث قال :
" وبعد , فعلم الحديث خطير وقعه ، كبير نفعُه ، عليه مدار أكثر الأحكامِ ، وبه يعرف الحلال والحرام ، ولأهله اصطلاح لا بُد للطالب من فهمه , فلهذا نُدب إلى تقديم العناية بكتاب في علمه " .
وقال القنوجي :
اعلم : أن أصل العلوم الشرعية ومفتاحها , ومشكاة الأدلة السمعية ومصباحها , وعمدة المناهج اليقينية ورأسها , ومبنى شرائع الإسلام وأساسها ومستند الروايات الفقهية كلها , ومأخذ الفنون الدينية دقها وجلها , وأسوة جملة الأحكام وأسها , وقاعدة جميع العقائد وسقفها , وسماء العبادات وقطب مدارها ومركز المعاملات ومحط حارها وقارها , هو علم الحديث الشريف الذي تعرف به جوامع الكلم , وتنفجر منه ينابيع الحكم , وتدور عليه رحى الشرع بالأسر , وهو ملاك كل نهي وأمر , ولولاه لقال من شاء ما شاء , وخبط الناس خبط عشواء , وركبوا متن عمياء , فطوبى لمن جد فيه , وحصل منه على تنويه , يملك من العلوم النواصي , ويقرب من أطرافها البعيد القاصي .
ومن لم يرضع من دره , ولم يخض في بحره , ولم يقتطف من زهره , ثم تعرض للكلام في المسائل والأحكام فقد جار فيما حكم , وقال على الله تعالى ما لم يعلم , كيف وهو كلام رسول الله  والرسول أشرف الخلق كلهم أجمعين وقد أوتى جوامع الكلم , وسواطع الحكم من عند رب العالمين , فكلامه أشرف الكلم وأفضلها , وأجمع الحكم وأكملها , كما قيل : كلام الملوك ملك الكلام , وهو تلو كلام الله تعالى العلام , وثاني أدلة الأحكام .
فإن علوم القرآن وعقائد الإسلام بأسرها , وأحكام الشريعة المطهرة بتمامها وقواعد الطريقة الحقة بحذافيرها , وكذا الكشفيات والعقليات بنقيرها وقطميرها تتوقف على بيانه  فإنها ما لم توزن بهذا القسطاس المستقيم , ولم تضرب على ذلك المعيار القويم , لا يعتمد عليها , ولا تصار إليها , فهذا العلم المنصوص , والبناء المرصوص بمنزلة الصراف لجواهر العلوم عقليها ونقليها , وكالنقاد لنقود كل فنون أصليها وفرعيها من وجوه التفاسير والفقهيات ونصوص الأحكام ومأخذ عقائد الإسلام , وطرق السلوك إلى الله سبحانه وتعالى ذي الجلال والإكرام .15
فإذا علم هذا فلا شك أن الإسناد وتأريخ الرواة ، ووفياتهم ، ونقد الرواة ، وبيان حالهم من تزكية أو جرح ، وسبر متن الحديث ومعناه ، وعلم الجرح والتعديل ، وعلم علل الحديث : هي شعب كبرى من " علم مصطلح الحديث " فهو المقسم العام ، وتلك أقسام منه .
وللأستاذ الشيخ سليمان الندوي ـ رحمه الله ـ كلمة مهمة في بيان أهمية الرواية حيث قال وهو يتحدث عن " تحقيق معنى السنة ومكانتها " :
" الرواية أمر ضروري , لا مـنـدوحــة عنه لعلم من العلوم ، ولا لشأن من شؤون الدنيا عن النقل والرواية , لأنه لا يمكن لكل إنسان أن يكون حاضراً في
كل الحوادث .
فإذاً لا يتـصـور علم الوقائع للغائبين عنها إلا بطريق الرواية شفاهاً ، أو تحريراً .
وكذلك المولودون بعد تلك الحوادث لا يمكنهم العلم بها إلا بالرواية عمن قبلهم .
هذه تواريخ الأمـم الـغــابرة والحاضرة ، والمذاهب والأديان ، ونظريات الحكماء والفلاسفة ، وتجارب العلماء واختراعاتهم : هل وصلت إلينا إلا بطريق النقل والرواية ! .
ولما كانت الأحاديث أخباراً وجب أن نستعمل ـ في نقدها وتمييز الصحيح من غيره ـ أصول النقد التي نستعملها في ســـائـر الــــروايات والأخبار التي تبلغنا , فهذه القواعد وأشباهها استعملها المحدثون في نقد الأحاديث وسـمــوها " أصــول الـحـديث " , وبذلك ميزوا الأحاديث الصحيحة من غيرها.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

القول الفصيح شرح غرامي صحيح  Empty
مُساهمةموضوع: القول الفصيح شرح غرامي صحيح   القول الفصيح شرح غرامي صحيح  I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 01, 2013 2:11 pm

أقسام علم الحديث
لما كان البحث في السنة النبوية الشريفة يتناول أقوال النبي  ، وأفعاله ، وتقريراته ، وصفاته ، كما يتناول ما يتعلق بالراوي والمروي من حيث القبول والرد ، قسم علماء الحديث الأبحاث الخاصة بذلك الى قسمين هما :
 علم الحديث رواية 
وهو : علم يشتمل على نقل ما أضيف إلى النبي  من قول أو فعل أو تقرير أو صفة ، وكذا ما أضيف الى الصحابة والتابعين من أقوالهم وأفعالهم على الرأي المختار .16
والمعنى : أن الحديث هو قول أو فعل أو تقرير أو صفة .
مثال القول : كالأمر والنهي الصادرين منه  ، أما الأمر فكقوله  : " مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين . . " .17
وأما النهي فكقوله  : " لا تحاسدوا ولا تباغضوا " .18
ومثال الفعل : ما حكي عن فعله  للوضوء ، والصلاة والفعل والحج .
ففي الوضوء : " أن النبي  مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما " . 19
ومثال التقرير : إقراره  أكل الضب على مائدته  ولم يأكل منه معللاً عدم الأكل بأنه لم يوجد بأرض قومه فلم يعتاده .20
ومثال الصفة : فهي إما خلقية ـ بكسر الخاء ـ ومثالها : " كان  ربعة من القوم ليس بالطويل البائن ولا بالقصير " .21
وأما خلقيه ـ بضم الخاء ـ كوصفه  بأنه : " كان خلقه القرآن " .22
ونسبته : فهو المصدر الثاني من مصادر الشريعة الإسلامية , لأن المصدر الأول هو كتاب الله ، والمصدر الثاني هو سنة رسول الله  ، ومنزلته من القرآن الكريم البيان والتوضيح والتفسير ، فهو يخصص عامه ، ويقيد مطلقه ، ويفسر مجمله , ويفصل قواعده , ويبين علله وأحكامه , ويرشد إلى دلالته .
 علم الحديث دراية 
وهو : علم بقواعد وقوانين يعرف بها أحوال السند والمتن 23 , من حيث الصحة والحسن والضعف والعلو والنزول والرفع والوقف والقطع ، وكيفيه التحمل والأداء , وصفات الرجال ، وغير ذلك .
وقال الإمام ابن حجر ـ رحمه الله ـ :
" هو علم يعرف به أحوال الراوي والمروي من حيث القبول والرد " .
وأول من صنف فيه : القاضي أبو محمد الرامهرمزي المتوفي سنة ( 360 هـ ) فهو أول من وضع كتاباً مستقلاً في هذا العلم ، وميز أبحاثه عن أبحاث علم الحديث رواية فألف كتابه : " المحدث الفاصل بين الراوي والواعي " .
وهو لعلم الحديث رواية كأصول الفقه للفقه ، فكما أن المقصود من علم أصول الفقه هو الوصول إلى أحكام الفقه ، فإن المقصود من علم الحديث دراية هو الوصول إلى أحكام الحديث من حيث الصحة والحسن والضعيف .
    
أنواع علوم الحديث
لقد كثرت مباحث علم الحديث دراية ، وكان التأليف فيها في أول الأمر على أنها مباحث تندرج تحت علم الحديث دراية .
ولكن لما شاع التدوين فيها ، اتجه العلماء الى التأليف فيها على أنها فن مستقل ، وأطلقوا عليها اسم : " علوم الحديث " .
والحق : أن أنواع علوم الحديث كثيرة لا تعد ، وكما قال الحازمي : " علم الحديث يشتمل على أنواع كثيرة تبلغ مائة ، كل نوع منها علم مستقل لو أنفق الطالب فيه عمره لما أدرك نهايته " .
وسنذكر بمشيئة الله تعالي أهم أنواع هذا العلم مع ما يندرج تحت كل علم من المباحث المتعلقه به , ومن هذه العلوم :
 علم معرفة رجال الحديث 
وهذا العلم في الغالب يختص بالكلام على سند الحديث , لذا فهو من أجل العلوم , إذ به تعرف طبقات الرواة ومراتبهم ، ومواليدهم ، ووفياتهم ، وأوطانهم , ورحلاتهم ، وغير ذلك مما يميزهم , ويعين أشخاصهم , ويكشف حالهم .
وأهميه هذا العلم تكمن في أن من المعلوم أن الرواية وقعت ممن يجب قبول خبره ، و ممن يجب رده ، و ممن يجب التوقف فيه ، وهيهات أن يُعرف ما هو الحق الذي بلغه خاتم الأنبياء عن ربه عز وجل ، و ما هو الباطل الذي يبرأ عنه الله و رسوله ، إلا بمعرفة أحوال الرواة .
لذلك فقد كثرت مباحث هذا العلم وتشعبت ، ومن هذه المباحث التى تتعلق بعلم رجال الحديث :
 علم مختلف الحديث 
هذا فن من أهم الأنواع , ويضطر إلى معرفته جميع العلماء من الطوائف وهو : أن يأتي حديثان متضادان في المعنى ظاهراً , فيوفق بينهما أو يرجح أحدهما , وإنما يكمل له الأئمة الجامعون بين الحديث والفقه والأصوليون الغواصون على المعاني .
وصنف فيه الإمام الشافعي ولم يقصد رحمه الله استيفاءه بل ذكر جملة ينبه بها على طريقه , ثم صنف فيه ابن قتيبة فأتى بأشياء حسنة وأشياء غير حسنة لكون غيرها أقوى وأولى وترك معظم المختلف .24
 علم ناسخ الحديث منسوخه 
وهو : علم يبحث في الأحاديث المتعارضة التي لا يمكن التوفيق بينها من حيث الحكم على بعضها بأنه ناسخ ، وعلى الآخر بعضها بأنه منسوخ .
فما ثبت تقدمه يقال له : منسوخ ، وما ثبت تأخره يقال له ناسخ .
والنسخ لغة : يطلق على معنيين : الإزالة والنقل ، والنسخ بمعنى الإزالة كقولهم : نسخت الشمس إلى الظل ، والنسخ بمعني النقل كقوله : نسخت الكتاب إذا نقلت ما فيه إلى كتاب آخر .
والنسخ عند علماء الأصول : هو رفع الشارع حكماً شرعياً بدليل شرعي متراخ عنه . 25
 علم أسباب ورود الحديث 
هو : العلم الذي يبحث عن الأسباب الداعية إلى ذكر الرسول  للحديث أولاً .
وهذا السبب قد يكون سؤالاً , أو قصة , أو حادثة , فيقول الرسول  الحديث بسببها .
ونظيره في علم القرآن : علم أسباب النزول .
 علم علل الحديث 
هو : علم يبحث عن الأسباب الخفية الغامضة التي تقدح في الحديث مع أن الظاهر من الحديث السلامة ، وذلك كوصل منقطع ، ورفع موقوف ، وإدخال حديث في حديث ونحو ذلك ، وهذا العلم من أجل علوم الحديث إذ به يعرف الصحيح من غيره .
وإذا كان كل علم يشرف بمدى نفعه , فإن علم علل الحديث لذلك يعد من أشرف العلوم ، لأنه من أكثرها نفعاً ، فهو نوع من أجل أنواع علم الحديث و فن من أهم فنونه ، و رحم الله الإمام النووي حيث قال : " ومن أهم أنواع العلوم تحقيق الأحاديث النبويات ، أعني : معرفة متونها صحيحها و حسنها و ضعيفها ، متصلها و مرسلها و منقطعها و معضلها و مقلوبها ، و مشهورها و غريبها و عزيزها ومتواترها و آحادها و أفرادها ، معروفها و شاذها و منكرها و معللها و موضوعها و مدرجها و ناسخها و منسوخها " .26
    
أقســــام الخبـــــر
من المعروف أن الأحاديث قبل الإمام " الترمذى " كانت تقسم إلى أحاديث صحيحة تتوافر فيها شروط الصحة ، فتكون مقبولة ، وإلى أحاديث ضعيفة لا تتوافر فيها هذه الشروط ، وعلى ذلك يدخل فى النوع الثانى الحديث الحسن ، كما يدخل فى الحديث الضعيف الذى ارتفع إلى درجة الحسن بتععد الطرق .
قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ :
" أول من عرف أنه قسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف : أبو عيسى الترمذى ، ولم تعرف هذه القسمة عن أحد قبله " .
وكان الضعيف عندهم نوعين : ضعيفاً ضعفاً لا يمنع العمل به ، وهو يشبه الحسن فى اصطلاح الترمذى ، وضعيف صعفاً يوجب تركه وهو : الواهى .
فابن تيمية يرى أنهم كانوا يدرجون الحسن فى قسم الضعيف .
وأما ابن الصلاح فيرى أنهم كانوا يدرجون الحسن فى قسم الصحيح ، لأن الحسن يشارك الصحيح فى الاحتجاج به .
والذى يترجح عندنا أن الحديث الذى كانوا يدرجونه فى نوع الصحيح هو : الحديث الحسن لذاته ، وعلى هذا يجمل كلام ابن الصلاح ، وأن الذى كانوا يدرجونه فى الضعيف هو : الحسن لغيره ، وعلى هذا يحمل كلام ابن تيمية .
وواضح أن الحديث من حيث القبول والرد ينقسم إلى قسمين : إلى مقبول ومردود ، والمقبول نوعان : صحيح وحسن ، وكل منهما ينقسم إلى قسمين إما لذاته أو لغيره ، وأما المردود فهو الضعيف ، والحديث المقبول إذا اشتمل على أعلى صفات القبول فهو صحيح ، وأما إذا لم يشتمل على أعلى صفات القبول بل اشتمل على أدناها فهو الحديث الحسن ، والمردود هو : الحديث الضعيف .
وأما الحديث الموضوع ، فلم يذكر ضمن التقسيم ، لأنه ليس فى الحقيقة بحديث فى اصطلاح العلماء ، وأنما هو مكذوب ، ومختلق ، وإطلاق كلمة الحديث عليه إنما على حسب زعم واضعه لا غير . 27
والخبر ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
1 ـ الخبر من حيث عدد رواته .
2 ـ الخبر من حيث من أضيف إليه .
3 ـ الخبر من حيث القبول والرد .
ولتوضيح هذه الأقسام وما تضم من أنواع الحديث المتعلقة بها انظر إلى الخريطة التالية والتى يتضح فيها أقسام الخبر , وما يتصل بكل قسم .

شــــــرح القصيــــــدة
يقول الإمام ابن فرح الإشبيلي ـ رحمه الله ـ :
غرامي صحيحُ والرجا فيك معضــــلُ
وحزني ودمعي مرسلُ ومسلســــــلُ
في هذا البيت يذكر الناظم أربعة أنواع من الحديث وهي كما يلي :
 الحديث الصحيح : وذلك في قوله : " غرامي صحيح " .
 الحديث المعضل : وذلك في قوله : " والرجا فيك معضل " .
 الحديث المرسل : وذلك في قوله : " وحزنى ودمعى مرسل " .
 الحديث المرسل : وذلك في قوله : " ومسلسل " .
والغرام هو : الشر الدائم والعذاب , وقوله تعالى { إن عذابها كان غراما } قال أبو عبيدة أي : هلاكاً ولزاماً لهم , وقد أغْرم بالشيء أي : أولع به .28
وإليك أخي القارئ شرح هذه الأنواع من الحديث التي ذكرت في هذا البيت وأولها الحديث الصحيح , فنقول وبالله التوفيق :
الحديث الصحيح
كما سبق وذكرنا أن الخبر ينقسم إلى ثلاثة أقسام ، ومن هذا الأقسام : الخبر من حيث القبول والرد , والحديث الصحيح هو من أحد أقسام الخبر من حيث القبول .
وتعريفه .
اصطلاحاً : استقر أهل هذا الفن على تعريف الحديث الصحيح بأنه : " ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط من أول الإسناد إلى منتهاه ، ولا يكون شاذاً ولا معللاً " . 29
شرح التعريف :
هذا التعريف هو الذي استقر عليه أهل الاصطلاح إذا تكلموا عن الحديث الصحيح ، وفي هذا التعريف كما نري شروط يجب أن تتوافر في الحديث , حتى نستطيع أن نطلق عليه بأنه حديث صحيح , وهي خمسة شروط :
اتصال السند عدالة الرواي
ضبط الراوي عدم الشذوذ
عدم العلة
 اتصـــال السنـــد 
قد سبق وقمنا بتعريف السند فيما مضي ، فقلنا : هو سلسلة الرواة الموصلة للمتن , والمقصود باتصال السند هنا : أن يكون كل راو ، أو كل رجل من رجال الإسناد قد روى عمن قبله ، وهكذا من أول الإسناد الى آخره حتى يصل إلى رسول الله  .
أو هو : تصريح كل من سلسلة الإسناد بما يدل على سماعه للحديث من مصدره الذي روى عنه ذلك الحديث ، كقوله : ( سمعت فلاناً ) أو ( سمعنا فلاناً ) أو ( حدثني فلان ) أو ( حدثنا ) أو ( قرأت عليه ) أو ( حدثني قراءة عليه ) أو ( حدثنا قراءة عليه ) أو ( أخبرني ) أو ( أخبرنا ) أو ( أنبأني ) أو ( أنبأنا ) أو (قال لي ) أو ( قال لنا ) ، أو نحو ذلك من العبارات الدالة على أن الراوي قد لقى من فوقه ، وأنه سمع منه ذلك الحديث .
وللإسناد أهمية كبيرة عند المسلمين و أثر بارز ، و ذلك لما للأحاديث النبوية من أهمية ، إذ أن الحديث النبوي الشريف ثاني أدلة أحكام الشرع ، ولولا الإسناد واهتمام المحدثين به لضاعت علينا سنة نبينا  ، و لاختلط بها ما ليس منها ، و لما استطعنا التمييز بين صحيحها من سقيمها ، فغاية دراسة الإسناد و الاهتمام به هي : معرفة صحة الحديث أو ضعفه ، فمدار قبول الحديث غالباً على إسناده .
قال القاضي عياض ـ رحمه الله تعالى ـ :
" فاعلم أولا أن مدار الحديث على الإسناد , فبه تتبين صحته و يظهر اتصاله " .30
و قال ابن الاثير – رحمه الله تعالى - :
" اعلم أن الإسناد في الحديث هو الأصل , وعليه الاعتماد و به تعرف صحته و سقمه "31 , و هذا المعنى مقتبس من عبارات المتقدمين .
قال سفيان الثوري ـ رحمه الله ـ :
" الإسناد سلاح المؤمن ، إذا لم يكن معه سلاح فبأي شيء يقاتل ؟ " . 32
وعن يحيي بن سعيد القطان قال :
" لا تنظروا إلى الحديث ، ولكن انظروا إلى الإسناد ، فإن صح الإسناد وإلا فلا تغتر بالحديث إذا لم يصح الإسناد " .33
والذي يحتاج إليه من الإسناد قد فرغ منه ، حين دونت الكتب في الرواية ، وصار مرجع الناس إليها ، وبقى اعتبار صحة تلك الكتب إلى من نسبت إليه .
قال ابن الصلاح :
" إن الرواية بالأسانيد المتصلة ليس المقصود بها في عصرنا وكثير من الأعصار قبله إثبات ما يروى بها ، إذ لا يخلو إسناد منها عن شيخ لا يدري ما يرويه ولا يضبط ما في كتابه ضبطاً يصلح لأن يعتمد عليه في ثبوته ، وإنما المقصود منها إبقاء سلسلة الإسناد ، والتي خصت بها هذه الأمة " .34
وقال ابن حزم :
" نقل الثقة عن الثقة حتى يبلغ به النبي  مع الإتصال ، ويخبر كل واحد منهم باسم الذي أخبره ونسبه ، وكلهم معروف الحال والعين والعدالة والزمان والمكان , خص الله به المسلمين دون سائر أهل الملل كلها ، وأبقاه عندهم غَضاً جديداً على قديم الدهور ، يدخل في طلبه إلى الآفاق البعيدة من لا يُحصي عددهم إلا خالقهم ، ويواظب على تقييده من كان الناقل قريباً منه .
وقد تولى الله حفظه عليهم والحمد لله رب العالمين , فلا تفوتهم زلة في كلمة فما فوقها في شئ من النقل إن وقعت لأحدهم , ولا يمكن فاسقاً أن يقحم كلمة موضوعة ولله تعالى الشكر .
وأما مع الإرسال والإعضال فيوجد في كثير من اليهود ولكنهم لا يَقربون فيه من موسى عليه الصلاة والسلام قربنا من محمد  ، بل يقفون بحيث يكون ببينهم وبين موسى أكثر من ثلاثين عصراً في أزيد من ألف وخمسمائة عام ، وإنما يبلغون بالنقل إلى شمعون ونحوه ، وأما النصارى فليس عندهم من صفة هذا النقل إلا تحريم الطلاق وحده فقط ، على أن مخرجه من كذاب قد صح كذبه وأما النقل بالطريق المشتملة على كذاب أو مجهول العين فكثير في نقل اليهود والنصارى .
وأما أقوال الصحابة والتابعين  فلا يمكن اليهود أن يبلغوا إلى صاحب نبي أصلا , ولا إلى تابع له ، ولا يمكن النصارى أن يصلوا إلى أعلى من شمعون وبولص " . 35
 عدالـــة الـــراوي 
والمراد بعدالته : أن يكون موثوقاً به فى دينه ، وذلك بأن يكون مسلماً بالغاً عاقلاً سالماً من أسباب الفسق وخوارم المروءة .
والعدالة : ملكة نفسية تحمل صاحبها على ملازمة التقوى والمروءة .
والتقوى : هى امتثال المأمورات ، واجتناب المنهيات ، من نحو كفر أو فسق أو ما شاكل ذلك .
فالإنسان العدل : لا يقترف كبيرة من الكبائر ، ولا يصر على فعل صغيرة من الصغائر ، ولا يكون اعتقاده مخالفاً لما كان عليه رسول الله  ، ولما كان عليه السلف الصالح  .
وأما المروءة فهى : آداب نفسية تحمل صاحبها على التحلى بالفضائل ، والتخلى عن الرذائل ، والذى يخل بالمروءة يتلخص فى أمرين :
1 ـ فعل الذنوب الصغائر التى تدل على الخسة ، كسرقة الشئ الحقير .
2ـ فعل المباحات التى تورث الإحتقار ، وتذهب الكرامة ، كفرط المزاح الخارج عن حد الأدب .
وتثبت عدالة الراوى بالشهرة ، وباستفاضة الثناء عليه بالعدالة ، أو بتنصيص عالمين أو واحد عليها . 36
 ضبـــط الــراوي 
والمراد بضبطه : أن يكون موثوقاً به فى روايته ، وذلك بأن يكون الراوى حافظاً متيقظاً لما يرويه ، حافظا لروايته من حفظه ، وضابطاً لكتابه إن يروى من كتاب ، وأن يكون عالماً بالمعنى ، وبما يحيل المعنى عن المراد إن روى بالمعنى .
قال مالك بن أنس :
" لقد أدركت في هذا البلد ـ يعني المدينة ـ مشيخة ، لهم فضل وصلاح وعبادة ، يحدثون ، ما سمعت من أحد منهم حديثاً قط " ، قيل له : ولم يا أبا عبد الله ؟ قال : " لم يكونوا يعرفون ما يحدثون " . 37
لذلك لا بد لتحقيق الضبط أن يكون الراوى دقيقاً فى روايته وسماعه وحفظه بحيث لا يرد فى الحفظ ، وبحيث يظل ثابتاً على الضبط من وقت سماعه إلى وقت الأداء ، إذ أن الراوى قد يتغير حفظه وضبطه فى آخر حياته ، ومن هنا فقد فرق علماء الحديث بين ما يروى قبل التغيير والاختلاط ، وبين ما يروى بعد ذلك ، فقد يضعف الضبط ويتغر الراوى فيقال فيه مثلا : " تغير بأخرة ".
 أنواع الضبط .
والضبط نوعان :
1 ـ ضبط صدر : بأن يحفظ الراوى ما سمعه ، وأن يثبت منه ويعيه ، بحيث يتمكن من استحضاره متى شاء .
فهذا أبو هريرة  حافظ ، وأكثرهم حديثاً عن النبي  ، ما حدث إلا من حفظه بصدره .
فكثير من كبار الأئمة كان اعتمادهم على الحفظ ، كسفيان الثوري ، وشعبة بن الحجاج ، ومالك بن أنس ، وسفيان بن عيينة ، وحماد بن زيد .
2 ـ ضبط كتاب : وهو أن يصون كتابه , ويحفظه من أن يتطرق إليه الخلل من حين كتابه أو سماعه إلى أن يؤدى منه ، ولا يدفعه إلى من يمكن أن يغير فيه .
قال الرامهرمزي :
" الأولى بالمحدث والأحوط لكل راو أن يرجع عند الراوية إلى كتابه ؛ ليسلم من الوهم " .38
وقال الثقة مروان بن محمد الطاطري :
" ثلاثة ليس لصاحب الحديث عنه غنى : الحفظ ، والصدق ، وصحة الكتب
فإن أخطأت واحدة وكانت فيه ثنتان لم تضره , إن أخطأ في الحفظ ورجع إلى صدق وصحة كتب لم يضره " , وقال مروان : " طال الإسناد وسيرجع الناس إلى الكتب " . 39
 عــــدم الشـــذوذ 
وهو : أن يخالف الثقة من هو أوثق منه عدداً أو حفظاً .
وهذا التعريف مأخوذ من تعريف الشافعي للشاذ ، فقد روي عن يونس بن عبد الأعلى ، قال : قال لي الشافعي - رحمه الله - : " ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة ما لا يروي غيره ، إنما الشاذ : أن يروي الثقة حديثاً يخالف ما روى الناس " .40
ثم إن مخالفة الثقة لغيره من الثقات أمر طبيعي ، إذ إن الرواة يختلفون في مقدار حفظهم وتيقظهم وتثبتهم من حين تحملهم الأحاديث عن شيوخهم إلى حين أدائها ، وهذه التفاوتات الواردة في الحفظ تجعل الناقد البصير يميز بين الروايات ، ويميز الرواية المختلف فيها من غير المختلف فيها ، والشاذة من المحفوظة ، والمعروفة من المنكرة .
مثال على ذلك :
ما رواه عبد الواحد بن زياد قال : حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي
هريرة ، قال : قال رسول الله  : " إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع على يمينه " .
فقد أخطأ عبد الواحد بن زياد ، وشذ حينما جعل الحديث من قول النبي  والصواب أنه من فعله  .
هكذا رواه سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه عند ابن ماجه رقم ( 1199 ) ، والنسائي في الكبرى ( 1456 ) ، وكذا رواه محمد بن إبراهيم ، عن أبي صالح عند البيهقي ( 3/45 ) .
وقد صرح جمع من الأئمة بشذوذ رواية عبد الواحد بن زياد ، منهم : البيهقي في السنن الكبرى ( 3/45 ) ، فقال عن رواية الفعل : " وهذا أولى أن يكون محفوظاً لموافقته سائر الروايات عن عائشة وابن عباس " . 41
 عـــدم العلــــة 
والعلة لغة : عل - بلام مشددة مفتوحة - : متعد و لازم ، نقول فيهما : عل يعل - بضم العين و كسرها - و مصدرهما : علا .
وأعله الله ، أي : أصابه بعلة .
والعلة : المرض ، و حدث يشغل صاحبه عن وجهه ، كأن تلك العلة صارت شغلاً ثانياً منعه من شغله الأول .
و عرفها النووي بقوله : " عبارة عن سبب غامض قادح مع أن الظاهر السلامة منه " .42
وبهذا يتضح لنا أن العلة شيء خارج عن الجروح الموجهة إلى رجال الإسناد , و ذلك لأن ميدان التعليل إنما هو الأحاديث التي ظاهرها الصحة ، و لذلك يقول الحاكم " و إنما يعلل الحديث من أوجه ليس للجرح فيها مدخل " .43
ويقول ابن الصلاح :
" المعلل هو : الذي أطلع فيه على علة تقدح في صحته مع أن ظاهره السلامة منها ، و يتطرق ذلك إلى الإسناد الذي رجاله ثقات الجامع شروط الصحة من حيث الظاهر " .44
( مسألة ) : لكننا مع ذلك نجد بعض العلماء يطلق العلة و يريد بها ما هو أعم من ذلك , حيث يدخل فيها العلة الظاهرة ، و العلة غير الظاهرة , فهذا الحافظ ابن الصلاح يقول : " ثم اعلم أنه قد يطلق اسم العلة على غير ما ذكرناه من باقي الأسباب القادحة في الحديث المخرجة له من حال الصحة إلى حال الضعف المانعة من العمل به على ما هو مقتضى لفظ العلة , و كذلك تجد في كتب العلل الكثير من الجرح بالكذب و الغفلة و سوء الحفظ و نحو ذلك من أنواع الجرح ، و سمى الترمذي النسخ علة من علل الحديث ثم أن بعضهم أطلق اسم العلة على ما ليس بقادح , من وجوه الخلاف نحو إرسال من أرسل
الحديث الذي أسنده الثقة الضابط " . 45
و قال الحافظ ابن حجر :
" و العلة أعم من أن تكون قادحة أو غير قادحة خفية أو واضحة " .46
وللجمع ما بين الرأي الأول للعلة والرأي الثاني نقول : أن القادح في أنواع الحديث الضعيف الأخرى إذا كان ظاهراً ، فإذا لم يذكر الصحابي مثلاً فالعلة ظاهرة لظهور انقطاع السند وحينئذ يسمى بالمرسل .
وإذا اتهم الراوي بالفسق أو الغفلة فالعلة ظاهرة أيضاً ، وهى فقد العدالة أو الضبط , ويسمى بالمتروك .
أما الحديث المعل فلا يكون القادح فيه ظاهراً بل خفياً , فإن كان الإرسال خفياً واكتشف لقب بالمعل ولم يلقب بالمرسل .
وإذا كان انقطاع السند ظاهراً سمى بالمنقطع ، وإذا كان خفياً سمي بالمعل ولم يسم بالمنقطع .
وهكذا كلما خفيت العلة فلم تعرف إلا بعد البحث والسبر والتفتيش لقب بالمعل ، وكلما كانت ظاهرة غير خفية لقب بنوعها ولقبها .
مثال على العلة :
ما رواة الترمذي عن : شعبة عن سلمة بن كهيل ، عن حجر بن العنبس ،
عن علقمة بن وائل عن أبيه أن النبي  قرأ : { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ } , فقال : " آمين " ، وخفض بها صوته .
ورواية سفيان الصحيحة هي ما قال فيها : عن سلمة بن كهيل ، عن حجر بن عنبس ، عن وائل بن حجر ، قال : سمعت النبي  قرأ : { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ } ، فقال : " آمين " ، ومد بها صوته .
فهذا مثال الحديث المعل بالمعنى الاصطلاحي الخاص ، و ذلك لأن الذي ينظر إلى رواية شعبة بن الحجاج ـ رحمه الله ـ لا يظن أن فيها علة , لأنها رواية جاءت بسند متصل برواية الثقات المعروفين , لا سيما و هو من رواية شعبة المعروف بالتشدد في رواية الأحاديث النبوية ، لكن عرفت علته بجمع الطرق و الموازنة و النظر الدقيق في أسانيده و متونه .
 تنبيــــــــــــــــــه 
إذا فقد الحديث أي شرط من هذه الشروط السابق ذكرها , فإن الحديث في هذا الحالة ينزل من مرتبة الصحيح إلى مرتبة أقل .
ويندرج تحت كل شرط من هذه الشروط ـ إذا فقد في الحديث ـ نوع من أنواع الحديث الضعيف وهي :47

أقسام الحديث الصحيح
ينقسم الحديث الصحيح إلى قسمين :
 الصحيح لذاته 
وهو : الحديث الذى اشتمل على أعلى صفات القبول ، بأن كان متصل السند بنقل العدول الضابطين ضبطاً تاماً من مبدأ السند إلى منتهاه ، من غير شذوذ ولا علة ـ كما تقدم بيانه ـ .
والسر فى تسميته بذلك : لأن صحته نشأت من ذاته ، وليست من غيره ، فلم يكن فى حاجة إلى ما يجبره ، وذلك لاستيفاء شروط الصحة .
مثاله :
ما أخرجه البخاري في صحيحه قال : حدثنا عبد الله بن يوسف , قال أخبرنا مالك , عن ابن شهاب , عن محمد بن جبير بن مطعم , عن أبيه قال : " سمعت رسول الله  قرأ في المغرب بالطور " . 48
فهذا الحديث صحيح لأن سنده متصل , إذ أن كل راو من رواته سمعه من شيخه .
ولأن رواته عدول ضابطون , وهذا أوصافهم عند علماء الجرح والتعديل .
 عبدالله بن يوسف : ثقة متقن .
 مالك بن أنس : إمام حافظ .
 ابن شهاب الزهري : فقيه حافظ متفق على جلالته وإتقانه .
 محمد بن جبير : ثقة .
 جُبير بن مُطعم : صحابي .
ولأنه غير شاذ : إذ لم يعارضه ما هو أقوى منه .
ولأنه ليس فيه علة من العلل .
 الصحيح لغيره 
وهو : ما اتصل سنده بنقل العدل الذي خف ضبطه , ولا يكون شاذاً ولا معللاً .
أو هو : الحديث الذى قصرت شروطه عن الدرجة العليا ، بأن كان الضبط فيه غير تام ، وهذا القصور صالح لأن يجبر بتعدد الطرق ، وإلا فهو حديث حسن لذاته .
والسر فى تسميته بذلك : لأن صحته نشأت من غيره من طريق , أو من طرق أخرى قوته فجعلته يرتقى من درجة الحسن إلى درجة الصحيح لغيره ، وأطلق عليه اسم " الصحيح لغيره " تمييزاً له عن الصحيح لذاته ، وهو فى الأصل حسن لذاته , ثم ارتقى بالتقوية والمتابعة إلى درجة الصحيح فسمى صحيحاً لغيره .49
مثاله :
حديث محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة  أن رسول الله  قال : " لولا أن أشق على أمتى لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة " . 50
قال ابن الصلاح :
" محمد بن عمرو بن علقمة من المشهورين بالصدق والصيانة ، لكنه لم يكن من أهل الإتقان , حتى ضعفه بعضهم من جهه سوء حفظه , ووثقه بعضهم لصدقه وجلالته ، فحديثه من هذه الجهة حسن .
وبالبحث وجد أن للحديث طريقاً أخرى أقوى منه ، وهو طريق الأعرج عن أبى هريرة  أن رسول الله  قال : " لولا أن اشق على أمتى لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة " ، وهو طريق صحيح عند الإمام البخارى , فى كتاب " الجمعة " ، وبمجئ الحديث من هذا الطريق القوى : لأن الأعرج ثقة تام الضبط , انجبر النقص الذى فى الطريق الأول ، وارتقى الحديث إلى مرتبة الصحيح لغيره . 51
    

مراتب الحديث الصحيح
يتفاوت الحديث الصحيح من حيث قوته وقلتها , بحسب تفاوته فى الأوصاف المقتضية للتصحيح , فما يكون رواته فى الدرجة العليا من العدالة والضبط يكون أصح مما دونه ، وعبارات علماء الجرح والتعديل تدل على هذا التفاوت الواقع بين الرواة العدول الضابطين فى الصفات .
وإذا نظرنا إلى اصطلاحات علماء الحديث وأوصافهم للرواة يقولون فى وصف الرواة : أهل الثقة , وهو الذين تكون أحاديثم صحيحة ، يقولون هذا الراوى : " ثقة " ، فهذا أرادوا أن يصفوا راوياً بوصف أعلى وأقوى من الوصف السابق قالوا عنه : " ثقة ثقة " ، بالتكرار الذى يفيد القوة والتأكيد ، فإذا أرادوا أن يصفوا الراوى بوصف أعلى وأقوى مما سبق قالوا : " أوثق الناس " .
ومن أجل هذا نرى أن علماء الحديث قد رتبوا الأحاديث الصحيحة ، وجعلوها مراتب بعضها أعلى وأقوى من بعض ، بناء على التفاوت فى درجة الأوصاف التى تدرو حول العدالة والضبط ونحوهما مما يقتضى الصحيح :
 المرتبة الأولى : ما اتفق عليه الشيخان ـ البخارى ومسلم ـ بمعنى أنهما قد أخرجاه فى صحيحيهما ، وهذا النوع يقال له : " المتفق عليه " .
 المرتبة الثانية : ما انفرد به البخارى بروايته فى صحيحه دون مسلم ،
ووجه تأخر حديث هذه المرتبة عن المرتبة الأولى : اختلاف العلماء أيهما أرجح .
 المرتبة الثالثة : ما انفرد مسلم بروايته فى صحيحه دون البخارى .
المرتبة الرابعة : الصحيح الذى جاء على شرطهما ، ولكنهما لم يخرجاه فى صحيحيهما ، وإنما تأخر حديث هذه المرتبة عما أخرجه أحدهما : تلقى الأمة بالقبول للصحيحين .
قال الإمام النووى ـ رحمه الله تعالى ـ :
" والمراد بقولهم على شرطهما : أن يكون رجال إسناده فى كتابيهما , أى فى صحيح البخارى ومسلم لأنه ليس لهما شرط فى كتابيهما ولا فى غيرهما "
 المرتبة الخامسة : ما كان على شرط البخارى ولكنه لم يخرجه فى صحيحه .
 المرتبة السادسة : ما كان على شرط مسلم ولكنه لم يخرجه فى صحيحه .
 المرتبة السابعة : ما كان صحيحاً عند غير البخارى ومسلم من الأئمة المعتمدين , وليس على شرطهما , ولا على شرط واحد منهما .
وذلك مثل الأحاديث التى خرجها الإمام أحمد فى مسنده ، وأصحاب السنن الأربعة وحكموا عليها بالصحة .
وكذلك الأحاديث التى خرجها ابن خزيمة وابن حبان فى صحيحيهما ، والإمام الحاكم فى " مستدركه " ، وقد فاضل العلماء بين الثلاثة الأواخر ، فقالوا : ان تصحيح ابن خزيمة أعلى من تصحيح ابن حبان ، وتصحيح ابن حبان أعلى من تصحيح الحاكم .
وتظهر ثمرة هذا الترتيب لمراتب الحديث الصحيح : عندما يكون هناك تعارض مثلاً , ويحتاج إلى الترجيح ، ففى هذه الحالة يقدم ما كان رواته فى الدرجة العليا من العدالة والضبط وبقيه الصفات على غيره , فما كان من المرتبة الأولى مثلاً يقدم على ما فى الثانية وهكذا . 52
    
الحديث المعضل
الحديث المعضل من أنواع الخبر من حيث القبول والرد ، وهو من القسم المردود الضعيف ، وسبب ضعفه فقده شرط من شروط الحديث الصحيح وهو شرط " اتصال السند " كما سبق وقلنا .
 وتعريفه .
لغة : من قولك : " أعضل الأمر " إذا اشتد واستغلق .53
وأما في الاصطلاح : فهو الحديث الذي سقط من سنده راويان فأكثر على التوالي من أي موضع كان ، سواء أكان السقوط من أول السند , أو من وسطه أم من آخره .
مثاله :
أن يروي مالك حديثاً مثلاً يقول فيه : عن عمر بن الخطاب ، وهو إنما وصل إليه بواسطة " نافع , عن عبد الله بن عمر عن عمر " ، فأسقط نافعاً وعبد الله ، وربما بلغه عن " الزهري , عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه جده عمر " فأسقط ثلاثة على نسق ، وجعله عن عمر .
ومثال آخر :
ما أخرجه الحافظ أبو محمد الدارمي 54 ، قال : أخبرنا إبراهيم بن موسى ، حدثنا ابن المبارك ، عن سعيد بن أبي أيوب ، عن عبيد الله بن أبي جعفر ، قال قال رسول الله  : " أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار " .
وإسناد هذا الحديث من الدارمي إلى ابن أبي جعفر ليس له علة ، لكن ابن أبي جعفر هذا من طبقة أتباع التابعين ، ومن كان كذلك فأدنى ما يكون بينه وبين النبي  رجلان ، فأسقط الواسطة بينه وبين رسول الله  ، فسقط بذلك الحديث .
(فائدة ) : ويعرف الإعضال في الإسناد بما يلي :
التاريخ : وذلك ببعد طبقة الراوي عن طبقة شيخه ، بحيث إنه لو روى حديثاً من طريق ذلك الشيخ كان بينهما راويان على أقل تقدير .
    

الحديث المرسل
وهذا النوع أيضاً من أقسام الحديث الضعيف , والذي كان ضعفه ناشئ بسب فقد شرط : " اتصال السند " .
 وتعريفه .
لغة : من " أرسلت الشيء " إذا أطلقته . 55
واصطلاحاً : هو الحديث الذي يرفعه التابعي إلى النبي  ، فيقول : " قال رسول الله  " لا يذكر له إسناداً بذلك عن واحد من الصحابة .
هذا هو المحرر في معناه الاصطلاحي بعد استقراره ، ويسمى بـ " الإرسال الظاهر " لظهوره ، ويقابله " الخفي " وسيأتي .
مثاله :
قال أبو داود : حدثنا محمد بن سليمان الأنباري ، حدثنا كثير بن هشام ، عن عمر بن سليم الباهلي ، عن الحسن ، قال : قال رسول الله  : " حصنوا أموالكم بالزكاة ، وداووا مرضاكم بالصدقة ، واستقبلوا أمواج البلاء بالدعاء والتضرع " . 56
فإسناد هذا الحديث حسن إلى الحسن ، وهو البصري الإمام من سادة التابعين لكنه أرسله إلى النبي  ، ولم يذكر عمن حمله ، فهو ضعيف من جهة إرساله.
 مراسيل الصحابة .
مرسل الصحابي هو : هو ما أخبر به الصحابي عن قول الرسول  أو فعله ولم يسمعه أو يشاهده ، إما لصغر سنه أو تأخر إسلامه أو غيابه ، ومن هذا النوع أحاديث كثيرة لصغار الصحابة كابن عباس وابن الزبير وغيرهما . 57
مثاله :
حديث السيدة عائشة ـ رضى الله عنها ـ قالت : أول ما بدئ به رسول الله  من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح . . الحديث . 58
وصورة هذه المسألة صورة التدليس ـ على ما سيأتي بيانه في الحديث المدلس ـ ، وذلك أن الصحابي يروي عن النبي  مباشرة ، ويروي عنه بالواسطة ، وتارة يسقطها , وإسقاط الواسطة بين الراوي وشيخه تدليس .
لكن هل يجوز إطلاق مثل ذلك على ما وقع صنيع الصحابة ؟
والرد : أنه لا يجوز أن ينسب للصحابة تدليس ، فلفظ التدليس وإن كان له معنى اصطلاحي يتناول ما نسميه بمراسيل الصحابة ، إلا أن الاصطلاح منشأ من قبلنا ، قصدنا به دفع ما وقع من الموصوفين بالتدليس من إسقاط الواسطة المجروحة ، مما يوهم سلامة الإسناد في الظاهر ، وهو أمر حادث بعد
الصحابة .
وقد صح عن البراء بن عازب قال : " ما كل ما نحدثكموه سمعناه من رسول الله  ، ولكن حدثنا أصحابنا ، وكانت تشغلنا رعْية الإبل " .59
وفي رواية عن البراء ، قال : " ما كل ما نحدثكم عن رسول الله  سمعناه ولكن سمعناه ، وحدثنا أصحابنا ، ولكنا لا نكذب " .60
قلت : فهذا يبطل وصف ما وقع من الصحابة من هذا القبيل بالتدليس .
كذلك ، فإن النظر في اتصال الإسناد لصحة الحديث إنما يجب أن يراعى فيما دون الصحابي , أما الصحابي عن النبي  فإنه لا يخلو من أن يكون سمعه من رسول الله  ، أو سمعه من صحابي آخر سمعه من رسول الله  ، لا يروي الصحابي عن تابعي عن صحابي آخر عن النبي  إلا في صور نادرة تستطرف ، ولعلها لا يثبت منها كبير شيء ، فحيث عادت " مراسيل الصحابة " إلى وسائط من الصحابة أنفسهم ، وهم جميعاً عدول فليس لهذه الصورة إذاً تأثير في صحة الإسناد ، وإن أطلق عليها لفظ " الإرسال " .
قال الخطيب في كلامه عن " المرسل " :
" إن كان من مراسيل الصحابة قبل ووجب العمل به , لأن الصحابة مقطوع بعدالتهم ، فإرسال بعضهم عن بعض صحيح " .61
 مراسيل التابعين .
مراسيل التابعين متفاوتة في القوة بحسب قدم التابعي المرسل وكبره ، أو صغره , وتصور ذلك بتقسيم التابعين إلى طبقات ثلاث بحسب من لقوا وسمعوا منه من الصحابة :
الطبقة الأولى : كبار التابعين ، وهم الذين أدركوا كبار الصحابة ، كأبي بكر وعمر وعثمان وابن مسعود ومعاذ بن جبل ، وجُل أو أكثر رواياتهم إذا سموا شيوخهم عن الصحابة .
وهؤلاء مثل : قيس بن أبي حازم ، وسعيد بن المسيب ، ومسروق بن الأجدع .
ويندرج في جملتهم من يطلق عليه اسم " المخضرمين " وهم التابعون الذين أدركوا الجاهلية والإسلام ، لكنهم لم يثبت لهم شرف الصحبة ، مثل : سويد بن غفلة ، وعمرو بن ميمون الأودي ، وأبي رجاء العطاردي ، وغيرهم .
فمراسيل هذه الطبقة تقرب من المتصل .
الطبقة الثانية : أوساط التابعين ، وهم الذين أدركوا علي بن أبي طالب ، ومن بقي حياً إلى عهده وبعيده من الصحابة ، كحذيفة بن اليمان ، وأبي موسى الأشعري ، وأبي أيوب الأنصاري ، وعمران بن حصين ، وسعد بن أبي وقاص ، وعائشة أم المؤمنين ، وأبي هريرة ، والبراء بن عازب ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عباس ، ووقع سماعهم من بعضهم .
ومثال هؤلاء التابعين : الحسن البصري ، ومحمد بن سيرين ، وعطاء بن أبي رباح ، وطاوس اليماني ، والقاسم بن محمد ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، وعامر الشعبي ، ومجاهد بن جبر .
فمراسيل هذه الطبقة صالحة تكتب ويعتبر بها .
الطبقة الثالثة : صغار التابعين ، وهم من أدرك وسمع ممن تأخر موته من الصحابة في الأمصار ، الواحد والإثنين والعدد اليسير ، كمن سمع من أنس بن مالك ، وسهل بن سعد ، وأبي أمامة الباهلي .
وهؤلاء مثل : ابن شهاب الزهري ، وقتادة بن دعامة السدوسي ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وحميد الطويل ، وشبههم .
فمراسيل هذه الطبقة ألصق بالمعضل منها بالمرسل ، من أجل أن أكثر حديثهم حملوه عن التابعين ، فإذا أرسل أحدهم فالمظنة الغالبة أن يكون أسقط من الإسناد رجلين فأكثر .
المرسل الخفي .
وليس المراد هنا ما سبق من حد المرسل ، لكنه نوع خاص أردت بيانه للتشابه في الاسم وفي السبب أيضاً ، فكلاهما ينتج عن فقد الإتصال , وعلى هذا فالمرسل نوعان :
ظاهر : وهو أن يروى الرجل عمن لم يعاصره , أي لم تثبت معاصرته أصلاً بحيث لايشتبه إرساله باتصال أهل الحديث .
خفي : وله ثلاث صور :
الأولى : هى أن يروى الراوي عمن عاصره ولم يلقه حديثاً لم يسمعه منه بصيغة توهم السماع منه ـ كعن ، وأن ـ مسقطاً في الحقيقة شيخه الذي أخذ الحديث مباشرة عنه ، وهذه الصورة متفق عليها عند أهل الحديث .
الثانية : أن يروى عمن لقيه وسمع منه حديثاً لم يسمعه منه بصيغة توهم السماع منه مسقطاً في الحقيقة شيخه الذي أخذ الحديث مباشرة منه .
الثالثة : أن يروى الراوي عمن لقيه ولم يسمع منه حديثاً بصيغة توهم السماع منه مسقطاً في الحقيقة شيخه الذي أخذ الحديث مباشرة عنه .
وهذه الصور الثلاث من التدليس ـ وسيأتي ـ والقول المعتمد عند جمهور المحدثين في المرسل الخفي إنه يتحقق في الصورة المتفق علها فقط دون الصورتين المختلف فيهما .62
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

القول الفصيح شرح غرامي صحيح  Empty
مُساهمةموضوع: القول الفصيح شرح غرامي صحيح   القول الفصيح شرح غرامي صحيح  I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 01, 2013 2:13 pm

الحديث المسلسل
هذا النوع من الحديث يذكره معظم العلماء في باب الإسناد وما يتعلق به من مباحث ، وعامة ما جاءنا من هذا النوع من الحديث قال عنه علماؤنا أنه ضعيف ولا يحتج به .
حيث ليس من لازم التسلسل صحة الإسناد ، فقد يكون الحديث مسلسلاً ويكون ضعيفاً .
قال السيوطي :
" وهو الغالب ، فإن كثيراً منها لا يسلم من الضعف في أسانيدها ما كان أصلها صحيح " .
وقال الذهبي :
" وعامة المسلسلات واهية ، وأكثرها باطلة , لكذب رُواتها ، وأقواها : المسلسل بقراءة سورة الصف ، والمسلسل بالدمشقيين ، والمسلسل بالمصريين والمسلسل بالمحمدين إلى ابن شهاب " .63
 وتعريفه .
لغة : اسم مفعول من سلسلت الشئ أي : جعلته مسلسل .
والتسلسل هو : التتابع .64
واصطلاحاً : ما تتابع فيه الرواة كلهم واحداً فواحداً على صفة واحدة ، أو حالة للرواة أو الرواية .65
 أنواعه .
وينقسم المسلسل من حيث الرواة إلى أربعة أقسام :
الأولى : بأحوال الرواة القولية . 66
مثاله :
حديث معاذ بن جبل  أن النبي  قال : " يا معاذ إني أحبك ، فقل دبر كل صلاة : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك " , أخرجه مسلسلاً أبو داود في " سننه " رقم : ( 1522 ) , فكان كل راو يقول لمن حدثه : " وأنا أحبك " , ثم يوصيه بقوله : لا تدع دبر كل صلاة . . . .
الثاني : بأحوال الرواة الفعلية .
كاتفاق الرواة على تشبيك الأيدي في بعض الروايات .
مثاله :
حديث أبي هريرة قال : شبك بيدي أبو القاسم وقال : " خلق الله التربة والأرض يوم السبت . . . " .67
الثالث : بأحوال الرواة القولية والفعلية .
مثاله :
حديث أنس قال : قال رسول الله  : " لا يجد العبد حلاوة الإيمان حتى يؤمن بالقدر خيره وشره ، حلوه ومره " , وقبض النبي  على لحيته وقال : " آمنت بالقدر خيره وشره حلوه ومره " .68
الرابع : بوصف الراوة .
كأن يكون أسماؤهم كلها " محمد " فيكون مسلسل بالمحمدين .
مثاله :
إذا كانوا يلقبون بالحافظ كقوله : حدثنا الحافظ حدثنا الحافظ أو من الثقات .
    

البيــت الثانـــي
يقول الإمام ابن فرح الإشبيلي ـ رحمه الله ـ :
وَصَبْرِي عَنكُمْ يَشْهَد العقلُ أنـــــــــهُ
ضَعِيفٌ ، وَمَترُوكٌ وَذُليَ أجْمَــــــلُ
في هذا البيت يذكر الناظم نوعين من أنواع الحديث ومبحث من مباحث المصطلح وهي كما يلي :
 الحديث الضعيف : وذلك في قوله : " أنه ضعيف " .
 الحديث المتروك : وذلك في قوله : " ومتروك وذلي أجمل " .
 الإستشهاد : وذلك في قوله : " يشهد العقل أنه " .
وإليك تفصيل لهذه الأنواع :

الحديث الضعيف
هذا النوع من الحديث يدخل تحت قسم الخبر من حيث القبول والرد ، وهو من النوع الثاني المردود , ويدخل تحته أنواع كثيرة من الحديث كما سبق ووضحنا هذا الأمر .
 وتعريفه .
اصطلاحاً : اختلف العلماء في تعريف الحديث الضعيف إلى أقوال منها :
1ـ الحديث الضعيف : هو كل حديث لم تجتمع فيه صفات الحديث الصحيح ولا صفات الحديث الحسن .69
2ـ الحديث الضعيف : هو الذي فقد شرطاً أو أكثر من شروط القبول الخمسة ولم يجبر بجابر معتبر يرفعه إلى درجة الحسن .70
وهذه الشروط ـ كما مرت بنا ، هى : اتصال السند ، وعدالة الراوى ، وضبطه , وعدم الشذوذ ، وعدم العلة ، ومجئ الحديث من وجه آخر إذا كان فى الإسناد مستور غير متهم بالكذب ولا بكثرة الغلط ، فكل حديث فقد هذه الشروط أو بعضها فهو ضعيف .
 أنواع الضعيف .
1ـ الذي ينجبر .
هذا النوع من الضعيف هو : ما كان ضعفه ناشئاً بسبب انقطاع فى سنده مثل " المعلق " و " المنقطع " و " المعضل " و " المرسل " بشرط أن لا يخالف نوع من هذه الأنواع المنقطعة ما صح من حديث متصل ، أو أن لا يكون غريباً ، أى : لا يعرف الحديث من وجه آخر .
أو كان سبب الضعف فى ضبط الرجال كالوهم أو الإختلاط ، أو سوء الحفظ أو كان الضعف بسبب عدم ثبوت العدالة كالمستور ومجهول العين والمبهم .
كما يقع تحت هذا النوع : ما رواه الضعيف غير المتروك ، ولم يتبين خطؤه ولا صوابه .
فهذا النوع الذى يعتبر به وينجبر بغيره ، وهو المقصود بقول بعض العلماء : " يعمل به فى فضائل الأعمال ونحوها . . . " ، وهذا القسم هو الذى تصح روايته للمتابعة والاستشهاد .
2ـ الذى لا ينجبر .
هو : ما كان ضعيفاً ضعفاً غير منجبر ، وهو ما لا يعتبر به ، ولا يشهد له أصل شرعى ، وهذا النوع هو ما كان ضعفه ناشئاً بسبب اتهام راويه بالكذب أو كان بسبب فسق الراوى ، أو فحش غلطه ، أو فحش غفلته .
وهذا القسم لا يعمل به إطلاقاً لا فى الفضائل ولا فى غيرها ، ولا يصح أن يروى ولا أن يدون ، إلا لتوضيح حاله فقط ، مثله مثل الحديث الموضوع تماماً بتمام .71
وللعلماء مذاهب فى الأخذ بالحديث الضعيف وهي :
الأول : مذهب كبار الحفاظ والمحدثين كالبخارى ومسلم وهو : أنه لا يعمل بالأحاديث الضعيفة مطلقاً لا فى الأحكام ، ولا للاعتبار والمواعظ ، ووجهتهم فى ذلك : أن أمور الدين لا تؤخذ إلا من كتاب الله تعالى وسنة رسوله الصحيحة ، أما الأحاديث الضعيفة فغير صحيحة ، والأخذ بها إنما هو زيادة فى الشرع على غير علم ، بل أنه يعتبر منهياً عنه من قوله تعالى : { ولا تقف ما ليس لك به علم } الإسراء : 36 .
الثاني : أنه يعمل بالحديث الضعيف مطلقاً ، قال السيوطى : وعزى ذلك إلى أبى داود ، وأحمد ، لأنهما يريان ذلك أقوى من رأى الرجال ، أى أن أصحاب هذا المذهب يأخذان بالضعيف إذا لم يكن فى الباب حديث صحيح أو حسن أو فتوى صحابى .
الثالث : مذهب بعض علماء الفقه ، وهو أنه يعمل بالأحاديث الضعيفة فى الفضائل .72
( فائدة ) : ولذلك اشترط الحافظ ابن حجر فى الأخذ بالأحاديث الضعيفة
شروطاً هى :
الشرط الأول : أن يكون الضعف بسيطاً غير شديد، وهذا الشرط متفق عليه .
الشرط الثانى : أن يندرج تحت أصل معمول به ، حتى لا يكون غريباً عن قواعد الإسلام .
الشرط الثالث : ألا يعتقد ثبوته , بل يحتاط الحديث لاحتمال أن تصح نسبته إلى النبي  .
الشرط الرابع : أن يكون فى الفضائل ونحوها ، كالوعظ والترغيب والترهيب , لا فى العقائد والأحكام .73
    

الحديث المتروك
هذا النوع من أنواع الحديث الضعيف ، والذي كان سبب ضعفه فقده شرط من شروط الحديث الصحيح وهو : " عدالة الراوي " .
 وتعريفه .
لغة : اسم مفعول من الترك ، وتسمي العرب البيضة بعد أن تخرج الفرخ التريكة , أي متروكة لا فائدة فيها .
وفسره بعضهم بمعنى الساقط ، وهو قريب من الأول ، وقيل المتروك بمعنى المرتحل عنه والمفارق رغبه عنه .74
واصطلاحاً : هو الحديث الذي في إسناده متهم بالكذب . 75
وهذا النوع سببه اتهام الرواى بالكذب بخلاف الموضوع ـ وسيأتي ـ فإن راويه كذب فعلاً على رسول الله  ، أما هذا فقد عرف بالكذب في كلامه العادي ولم يظهر منه الكذب في الحديث , وله صورتان :
الأولى : أن لا يروى ذلك الحديث إلا من جهته ويكون مخالفاً للقواعد المعلومة من الشريعة بالضرورة .76
وهي التى استنبطها العلماء المجتهدون من النصوص الشرعية سواء كانت من الكتاب أو من السنة أو منهما جميعاً .
مثل قاعدة : الأصل براءة الذمة ، وكثيراً ما يقول العلماء بعد رواية الحديث فيه فلان متهم بالكذب فيتركوا حديثه .
الثانية : أن يكون الراوي معروفاً بالكذب في كلامه العادي وإن لم يظهر وقوع ذلك في الحديث النبوي ، وذلك لأن التساهل في غير الحديث قد يجر إلى التساهل في الحديث .77
مثاله :
حديث عمرو بن شمر الجعفي الكوفي التيمي عن جابر عن أبي الطفيل عن على وعمار قالا : " كان النبي  يقنت في الفجر ويكبر يوم عرفة من صلاة الغداة ويقطع صلاة العصر آخر آيام التشريق " .
وقد قال النسائي والدارقطني وغيرهما عن عمرو بن شمر : " متروك الحديث " . 78
( مسألة ) : من العلماء من يسمي المتروك " مطروحاً " , فالترك يمعنى الطرح ، ومنهم من جعل المطروح نوعاً مستقلاً وعرفه بأنه :
ما نزل عن الضعيف وارتفع عن الموضوع .
وممن ذكره على أنه نوع مستقل الحافظ الذهبي ، وقد استقى هذا النوع مما جاء في كلام بعض المحدثين في كتب الحديث من قولهم : فلان مطروح الحديث .
حيث قال : يروى في الأجزاء كثيراً وفي بعض المسانيد الطوال وفي سنن ابن ماجة وجامع الترمذي مما يروى من المتروكين ، وهو داخل في أخبار المتروكين الضعفاء ودون آخر مراتبها . 79
    

الإستشهاد
 تعريفه .
لغه : اسم فاعل من " الشهادة " وسمي بذلك : لأنه يشهد أن للحديث الفرد أصلاً ويقويه ، كما يقوي الشاهد قول المدعي ويدعمه .
اصطلاحاً : : أن تكون المشاركة في الحديث بين صحابيين أو أكثر ، مع اتفاقهم في المتن وإن لم يكن بلفظه ، دون اختلافهم ـ زيادة ونقصاً ، أو تعميماً وتخصيصاً ، أو إطلاقاً وتقييداً ـ فيعد حديث كل واحد منهم شاهداً للآخر .
كحديث يروى عن جابر بن عبد الله ، ويروى مثله , أو نحوه , أو معناه عن عائشة أم المؤمنين ، فيقال عن حديث جابر : له شاهد من حديث عائشة وكذلك العكس .
    

البيت الثالث
يقول الإمام ابن فرح الإشبيلي ـ رحمه الله ـ :
وَلا حَسَنٌ إلا سَمَاعُ حَدِيِثكُـــــــــــــــمْ
مُشافَهَة يُملى عليَّ فَأنقُــــــــــــــــلُ
في هذا البيت يذكر الناظم نوع من أنواع الحديث وثلاثة مباحث من مباحث المصطلح وهى :
 الحديث الحسن : وذلك في قوله : " ولا حسن " .
 مبحث السماع : وهذا في قوله : " إلا سماع حديثكم " .
 مبحث المشافهة : وذلك في قوله : " سماع حديثكم مشافهة يملي علي " .
 مبحث الإملاء : وذلك في قوله : " يملي علي فأنقل " .
وإليك أخي القارئ تفصيل لهذه الأنواع :

الحديث الحسن
هذا النوع من الحديث يدخل تحت قسم : الخبر من حيث القبول والرد .
 وتعريفه .
اصطلاحاً : اختلفت أقوال العلماء فى تعريف الحديث الحسن ، والسبب فى هذا لأنه متوسط بين الصحيح والضعيف ، ولهم فى تعريفه عدة أراء ، وذلك لعدم ضبط الأقدمين له .
والتعريف الأصح المختار من هذه التعريفات للحديث الحسن ، قول الإمام ابن حجر العسقلانى حيث قال :
" الحديث الحسن هو : ما اتصل سنده , بنقل العدل الذى خف ضبطه عن مثله ، إلى منتهاه ، من غير شذوذ ولا علة " .
وهكذا فإنه يتفق مع الحديث الصحيح فى معظم الشروط وهى : أن يكون متصل السند ، وأن يكون راوية عدلاً ، وأن يسلم من الشذوذ ، وأن يسلم من العلة .
ولكنه يختلف عن الصحيح فى أن العدل فى الحديث الحسن خفيف الضبط ، وفى الحديث الصحيح تام الضبط . 80

 أقسام الحديث الحسن 
وينقسم الحديث الحسن إلى قسمين :
 الحســــن لذاتــــــه 
وهو : ما اتصل إسناده بنقل عدل خفيف الضبط عن مثله , من أول السند إلى آخره , وسلم من الشذوذ والعلة .
وسمى الحسن لذاته : لأن حسنه لم يأته من أمر خارجى ، وأنما جاء من ذاته .
ويرتقى الحسن لذاته إلى درجه الصحيح لغيره ، إذا تربع بمثله أو بأقوى منه ، أو بأقل منه مع التعذر ، فيزول حينئذ ما يخشى عليه من جهة سوء حفظ راويه ويرتفع إلى درجه الصحيح .81
ويتفق الحديث الحسن مع الحديث الصحيح لغيره فى جميع شروطه السابقة المذكورة وهى : اتصال السند ، وعدالة الراوى ، وكون الضبط غير تام ، والسلامة من الشذوذ والعلة ، إلا أن الصحيح لغيره يختلف عن الحسن لذاته فى كون الصحيح لغيره لا بد من روايته من طريق آخر يكون أقوى من طريقه الأول ، أو يساويه فى الضبط والصدق ، أو يأتى من طريقين فأكثر , أما الحديث الحسن فإنه لا يشترط فيه ذلك .

 الحســــن لغيــــره 
وهو : ما كان فى إسناده مستور لم تتحقق أهليته ، غير مغفل ولا كثير الخطأ فى روايته ، ولا متهم بتعمد الكذب فيها ، ولا ينسب إلى مفسق آخر ، وعضد بمتابع أو شاهد ، أو هو : ما فقد شرطاً من شروط الحسن لذاته , وروى من طريق آخر بنحوه , وأمكن أن ينجبر ما فيه من نقص ، كأن يفقد مثلا شرط " اتصال السند " أو فقد شرط " الضبط " ويروى من وجه آخر متصلاً ، أو ما يفيد الضبط .
أما إذا كان الشرط الذى فقده من الشروط التى لاينجبر بفقدها الحديث ككون الرواى متهماً بالكذب ، أو كان الراوى فاسقاً ، فمهما جاء الحديث من طريق أخرى من نفس هذا النوع فإنه لا ينجبر ما فيه من نقص , بل بالعكس يزداد ضعفاً إلى ضعف ، لأنه كون المتهمين بالكذب أو الفسق قد تفردوا بروايته بحيث لا يرويه غيرهم برفع الثقة به ، ويؤكد ضعفه أكثر .
وسمى الحسن لغيره : لأن حسنه لم يأته من ذاته ، وإنما أتاه من تعدد طرقه . 82
مثاله :
ما رواة الترمذى وحسنه : من طريق هشيم عن يزيد بن أبى زياد , عن عبد
الرحمن بن أبى ليلى ، عن البراء بن عازب مرفوعاً : " أن حقا على المسلمين أن يغتسلوا يوم الجمعة ، وليمس أحدهم من طيب أهله ، فإن لم يجد ، فالماء له طيب " .
فهشيم موصوف بالتدليس ـ وسيأتي الكلام عن هذا النوع ـ ، فلما تابعه أبو يحيى التميمي كما هو عند الترمذى ، وكان للمتن شواهد ، من حديث أبى سعيد وغيره ، ومن أجل هذا حسنه الترمذى .
( فائدة ) : ويمكن أن نفرق بين الحسن لذاته ، والحسن لغيره ، بأن الحسن لذاته ما كان مستوفياً لجميع شروطه المتقدمة ، وأما الحسن لغيره فيجوز أن يفقد واحداً أو أكثر من الشروط ، بحيث يكون المفقود مما يمكن أن ينجبر معه الحديث حين يجئ من وجه آخر .
ويطلق عليه اسم الحسن لغيره ، لأن الحسن جاء إليه من أمر خارجى ، وهو تعدد الطرق ، ولم يأت إليه من ذاته ، فالحسن إذا نوع من أنواع الحديث الضعيف ، ولكنه قوى بطرق أخرى عضدته حتى أصبح حسناً لغيره .83
    


مبحث السماع والمشافهة والإملاء
اعلم أيها القارئ الكريم : أن للرواية ركنان أساسيان وهما :
التحمل : وهو نقل الحديث عن الغير ، وهذا الغير يسمى في عرف المحدثين " شيخاً " .
والأداء : هو رواية الحديث للتلميذ , وهو ما يعرف بـ : " طالب الحديث " .
وقد اعتني علماء المصطلح بهذا النوع من علوم الحديث ، ووضعوا له القواعد والضوابط والشروط بشكل دقيق رائع , وذلك تأكيداً منهم للعناية بحديث رسول الله  ، وحسن انتقاله من شخص إلى شخص ، كي يطمئن المسلم في طريقة وصول الحديث النبوي إليه ، ويوقن أن هذه الطريقة في منتهي السلامة والدقة .
وللتحمل طرق وكيفيات مخصوصة ، وعلى من تحمل بطريق من هذه الطرق أن يعبر عن الأداء بصيغة تدل على ذلك الطريق الذي تحمل منه ، ويسميها المحدثون " صيغ الأداء " .
وطرق التحمل ثمانية كما أشار إلى ذلك أهل الاصطلاح ، كابن الصلاح في المقدمة ، وابن الملقن في " المقنع " والنووي في " تقريبه " وتبعه السيوطي في " تدريبه " , وهي : السماع من لفظ الشيخ , القراءة على الشيخ ، الإجازة المناولة , الكتابة ، الإعلام ، الوصية ، الوجادة , وهي باختصار كما يلي :

 السماع من لفظ الشيخ 
وهو : أن يؤدي الشيخ الحديث لمن تحمله مشافهة سواء كان ذلك إملاء أو قراءة ، وسواء كان من حفظه أو من كتابه .
قال ابن الملقن :
" وهذا القسم أرفع الأقسام عند الجماهير " .84
 ألفاظ الأداء بهذه الطريقة .
لقد أخذ الإصطلاح في الأداء بهذه الطريقة وغيرها مرحلتين ، فقبل التخصيص يجزئ في الأداء أي من هذه الصيغ : " سمعت " , " حدثنا " , " أخبرنا " , " أنبأنا " , " قال لي " , " ذكر لي " , سواء بصيغة الجمع أو الإفراد .
أما المرحلة الثانية ، وهي مرحلة التخصيص ، حيث خصص لكل قسم من أقسام التحمل لفظ معين كما يلي :
للسماع : سمعت , أو حدثني .
للقراءة : أخبرني .
للإجازة : أنبأني .
لمساع المذاكرة : قال لي , أو ذكر لي .85

 القراءة على الشيخ 
قال ابن الملقن :
ويسميها أكثر المحدثين " عرضاً " .86
وصورتها : أن يقرأ الطالب والشيخ يسمع , سواء قرأ الطالب ، أو قرأ غيره وهو يسمع ، وسواء كانت قرائته من حفظه أو من كتابه , وإيما كانت متابعة الشيخ له ، سواء كان الشيخ يتبع للقارئ من حفظه أو أمسك كتابه هو ، أو ثقة غيره .
 ألفاظ الأداء بها .
هناك ثلاث طرق للأداء بهذه الطريقة من طرق التحمل وهي :
1ـ أعلى أن يقول : " قرأت على فلان " أو " قرئ عليه وأنا أسمع " فأقر به وجود ذلك ابن الملقن في المقنع وقال : " والأجود والأسلم في الرواية بها . . . ثم ساق عبارتها .88
2ـ ويجوز له الأداء بعبارات السماع إذا قيد لفظ الأداء بالقراءة مثل : " حدثنا قراءة عليه " .89
3ـ والذي شاع استعماله وعليه كثير من المحدثين بعد التخصيص إطلاق لفظ " أخبرنا " فقد دون غيرها .90

 الإجــــــــــــــازة 
وهي : أن يأذن الشيخ للراوى بالرواية ، لفظاً أو كتابة .
مثال : أن يقول الشيخ للطالب : أجزت لك صحيح البخاري ، أو أجزت لفلان جميع ما اشتمل عليه فهرسي . 91
والإجازة إما بالتلفظ وإما بالكتابة ، وينبغي للمجيز كتابة أن يتلفظ بها أيضاً , فإن اقتصر على الكتابة مع قصد الإجازة صحت .
 أنواع الإجازة .
للإجازة سبعة أنواع وهي كما يلي :
1ـ أن يجيز لمعين في معين .
كأجزتك " البخاري " أو " ما اشتملت عليه فهرستي " وهذا أعلى أنواعها المجردة عن المناولة كما قاله ابن الملقن .92
وقد اختلف المحققون في حكمها , والراجح من أقوالهم فيها أنها جائزة ،
وهو قول الجمهور .93
2ـ أن يجيز لمعين في غير معين .
كـ " أجزتم مسموعاتي ، أو مروياتي " , وهذا النوع الخلاف فيه أشد من الأول , ولكن الجمهور من المحدثين والفقهاء وغيرهم جوزوا الرواية بها .
3ـ أن يجيز غير معين بغير معين .
مثالها : ما قاله الجرجاني : " كأجزت للمسلمين أو لمن أدرك زماني " , وحكاه كذك صاحب المقنع . 94
وحكمها : عارض بعض العلماء هذا النوع من الإجازة , وجوزه آخرون وفريق جوزها ولكن بشروط , ومن هؤلاء الإمام السيوطي حيث قال : " فإن كان هذا النوع من الإجازة مقيداً بوصف حاصل كأجزت طلبة العلم ببلد كذا , ومن سمع منى كتاب كذا ، فأقرب إلى الجواز من غير المقيدة " 95.
4ـ أن يجيز بمجهول أو لمجهول .
مثالها : أن يقول : أجزت لمحمد بن خالد الدمشقي السنن , ومحمد هذا يشترك معه في الاسم أكثر من شخص ، وكان لهذا المجيز أكثر من كتاب في السنن قد رواه, وهذا النوع فاسد لا يصح كما ذكر ابن الصلاح ـ رحمه الله ـ
في المقدمة .96
5 ـ الإجازة لمعدوم .
كأن يقول : أجزت لمن يولد لفلان ، أو يجيز لمعين موجود والمعدوم تبعاً له كأجزت لفلان وولده أو لعقبك ما تناسلوا .
وحكم هذا النوع : البطلان ، لأن من كان مجهولاً في السند يقدح فيه , فكيف بالمعدوم .
6ـ أجازة ما لم يسمعه المجيز ، ولم يتحمله أصلاً بعد ليرويه الماجز له إذا تحمله المجيز بعد ذلك 97.
وحكمها : غير صحيحة .
7ـ إجازة المجاز كـ " أجزتك مجازاتي " أو " ما أجيز لي " .
فمنعه بعضهم من المتأخرين , واحتج بأن الإجازة ضعيفة فيقوى الضعف باجتماع إجازتين , والصحيح الذي عليه العمل جوازه . 98
 ألفاظ الأداء بها .
الأولى : أن يقول : " أجاز لي فلان " .
الثانية : وتجوز بعبارات السماع والقراءة مقيدة مثل : " حدثنا إجازة " أو "
أخبرنا إجازة " ؟.
الثالث : اصطلاح المتأخرين : " أنبأنا " , وذلك بعد التخصيص .

 المناولــــــــــــــــــــــــة 
وهي لغة : إعطاء الشئ للغير .
 أنواعها .
المناولة نوعان .
1- مقرونة بالإجازة : وهي أعلي أنواع الإجازة مطلقاً , ومن صورها أن يدفع الشيخ إلى الطالب كتابه ويقول له : هذا روايتي عن فلان فاروه عني ، ثم يبقيه معه تمليكاً أو إعارة لينسخه .
2- مُجردة عن الإجازة : وصورتها أن يدفع الشيخ إلى الطالب كتابه مقتصرا على قوله هذا سماعي .
 حكم الرواية بها .
1- أما المقرونة بالإجازة : فتجوز الرواية بها ، وهي أدني مرتبة من السماع والقراءة على الشيخ .
2- وأما المجردة عن الإجازة : فلا تجوز الرواية بها على الصحيح . 99
 ألفاظ الأداء .
1- الأحسن أن يقول : " ناولني " أو " ناولني " وأجاز لي " إن كانت المناولة مقرونة بالإجازة .
2- ويجوز بعبارات السماع والقراءة مقيدة مثل " حدثنا مناولة " أو " أخبرنا مناولة وإجازة " . 100

 الكتابــــــــــــــــــــــة 
وهي : أن يكتب الشيخ مسموعه لحاضر أو غائب بخطه أو بأمره .101
 أنواعها .
1ـ مقرونة بالإجازة ، بأن يقول : أجزت لك ما كتبته أو نحوها .
2ـ مجردة من الإجازة مقتصرة على الكتابة .
وحكمها : المقرونة بالإجازة صحيحة وأشبه بالمناولة المقرونة بالإجازة , وأما المجردة عن الإجازة فعلى الصحيح من قولى العلماء صحتها ، واختاره ابن الصلاح .
 ألفاظ الأداء بها .
الصحيح قوله : " كتب على فلان " ، أو " أخبرني فلان مكاتبة ، أو كتابة " أو نحوها , ولا يصح إطلاق ألفاظ السماع كحدثنا وأخبرنا .102

 الإعــــــــــــــــــلام 
وهو : أن يعلم الشيخ الطالب أن هذا الحديث أو الكتابة سماعه من فلان مقتصراً عليه دون أن يأذن له بالرواية عنه .
وحكمها : اختلف العلماء في الرواية بها على قولين ما بين مجيز ومانع .
والصحيح : الجواز ، وهو الصحيح الذي اختاره وذهب إليه غير واحد من العلماء من أصحاب الحديث والفقه والأصول ، وذلك لأن المنع من الرواية بما أخبر به الشيخ كتماً للعلم ، كما قال تعالى : { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم } البقرة : 159 .
 لفظ الأداء بها .
أن يقول الراوي : " أعلمنى شيخي بكذا " .

 الوصيــــــــــــــــــــــة 
وهى : أن يوصي الراوي أو الشيخ للطالب بكتاب عند موته أو سفره لشخص ما بأحد كتبه التى يرويها .
وحكمها : هناك من قال بالجواز ، وحكاه السيوطي في " التدريب " .
وقال ابن الصلاح في " المقدمة " هذا بعيد جداً .
وقال النووي : والصواب أنه لا يجوز .103
 ألفاظ الأداء بها .
أن يقول الطالب أو المحدث : " أوصي إلى فلان بكذا " أو " حدثني فلان وصية " .104

 الوجـــــــــــــــــــادة 
هي : أن يقف الواجد على أحاديث بخط راويها لا يرويها عنه وله القول : " وجدت " أو " قرأت " بخط فلان . 105
مثالها :
أن يقف الواجد على كتاب أو كتب لشخص ما وفيها أحاديث رواها بخطه وربما أن الواجد لم يلق صاحب هذه الكتب أو لقيه ولم يسمع منه ما وجده ، ولم يجزه بذلك أن يرويه عنه فهذه تسمى " الوجادة " . 106
 وحكمها .
لا شي في بيانها بلفظ " وجدت بخط فلان " ولكن لا يجز له أن يرويها كأنها رواية بسند متصل , إذ هى من قبيل المنقطع , وربما إذا فعل ذلك وقع في التدليس . 107
ألفاظ الأداء بها .
على من يؤديها أن يقول : " وجدت بخط فلان ، أو قرأت بخط فلان , أو بلغنا إذا لم يكن ثقة " .108
    

البيت الرابع
يقول الإمام ابن فرح الإشبيلي ـ رحمه الله ـ :
وَأمْرِيَ مَوْقوفٌ عَليكَ وَلَيْسَ لِـــــــي
على أحَدٍ إلا عليْك المُعَــــــــــوَّلُ
في هذا البيت يذكر الناظم نوع من أنواع الحديث وهو :
 الحديث الموقوف : وذلك في قوله : " وأمري موقوف عليك " .
والمعوّل : بالتشديد من الاستعانة , يقال عَوَّلت به وعليه أي : استعنت .109
وإليك أخي القارئ تفصيل هذا النوع :

الحديث الموقوف
هذا النوع من أنواع الحديث يدخل تحت قسم الخبر من حيث من أضيف إليه وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام : مرفوع ، وموقوف ، ومقطوع .
ووجه الحصر في هذه الأقسام الثلاثة : هو أن السند إن انتهي إلى النبي  فهو مرفوع ، وإن انتهى إلى الصحابي فهو موقوف ، وإن انتهى إلي التابعي أو من دونه فهو مقطوع .
وهذه الأقسام الثلاثة مختصة بالمتن دون السند , فيقال مرفوع , أو موقوف أو مقطوع على اعتبار متنه , ولا يقال سند مقطوع مثلاً , إنما يقال منقطع , فالقطع من خواص المتن , والإنقطاع من خواص الإسناد .
والحديث الموقوف هو : ما أضيف إلى الصحابي من قول أو فعل أو تقرير هذا إذا استعمل الموقوف مطلقاً ، وقد يستعمل مقيداً غير الصحابي ، فيقال مثلاُ حديث كذا وقفه فلان على نافع أو على الزهري ، ونافع والزهري تابعيان . 110
والمعنى : أي ما نسب , أو ما أسند إلى الصحابي , أو جمع من الصحابة سواء أكان هذا المنسوب إليهم قولاً أو فعلاً أو تقريراً ، وسواء أكان السند إليهم متصلاً أو منقطعاً .
ولقد اشتهر بين فقهاء خراسان تسمية الموقوف بـ " الأثر " ، والمرفوع بـ " الخبر " وأطلق شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر في " النخبة " على الموقوف
والمقطوع بالأثر .
أما المحدثون فيسمون كل ذلك " أثر " لأنه مأخوذ من أثرت الشئ ، أي : رويته .
 أنواعه .
1 ـ موقوف قولي , ومثاله :
أن يقول الراوي قولاً ينسبه إلى الصحابي ، مثل قول الراوي : قال على بن
أبى طالب : " حدثوا الناس بما يعرفون ، أتريدون أن يكذب الله ورسوله " . 111
2 ـ الموقوف الفعلي , ومثاله :
أن ينسب الراوي إلى الصحابي فعلاً معيناً ، مثل قول البخاري : " أم ابن عباس وهو متيمم " .112
3 ـ الموقوف التقريري , ومثاله :
قول بعض التابعين مثلاً : فعلت أو فعلنا كذا أمام أحد الصحابة فلم ينكر علينا .
( مسألة ) : هناك صور من الحديث المرفوع في ألفاظها وشكلها ، لكن المدقق في حقيقتها يرى أنها بمعنى الحديث المرفوع ، لذا أطلق عليها العلماء اسم : " المرفوع حكماً " , أي : أنها من الموقوف لفظاً , المرفوع حكماً , ومن هذه الصور :
أولاً : قول الصحابي : " كنا نفعل كذا ، أو نقول كذا " . وله حالتان :
الأولى : أن يكون غير مضاف صراحة إلى زمان رسول الله  وحكمه أنه موقوف ، هكذا قال ابن الصلاح .113
الثاني : أن يكون مضافاً إلى زمان رسول الله  مثل قولهم : " كنا نقول كذا على عهد رسول الله  ، أو رسول الله فينا ، أو بين أظهرنا ، أو والقرآن ينزل فينا " , وهكذا ، وحكمه أنه مرفوع على الصحيح الذي قطع به جمهور العلماء .
ثانياً : قول الصحابي : " أمرنا بكذا ، أو نهينا عن كذا " , وذلك كقول أم عطية : " نهينا عن إتباع الجنائز ولم يعزم علينا " .114
فهذا وما أشبهه من قبيل المرفوع على الصحيح الذي قاله الجمهور .
ثالثاً : قول الصحابي الذي لم يعرف بالأخذ عن الإسرائيليات ، أو فعله فيما لا مجال للرأي فيه ، ولا مدخل فيه للإجتهاد ، وذلك مثل : الإخبار عن المغيبات من بدء الخليقة ، وأحوال القبور ، ومواقف القيامة . . الخ . 115
رابعاً : تفسير الصحابي لشئ من القرآن الكريم ، هل هو من قبيل المرفوع
أو من قبيل الموقوف ؟ .
الجواب : أن تفسير الصحابي منه ما هو مرفوع ومنه ما هو موقوف ، فالمرفوع : ما يتعلق بسبب نزول آية , ونحو ذلك مما لا يمكن أن يأخذ إلا عن النبي  ولا مدخل للرأي فيه .
وأما سائر التفاسير المروية عن الصحابة ـ عدا ما تقدم ـ فهي من قبيل الموقوف . 116
خامساً : ومن قبيل المرفوع صريحاً قول الراوي عند ذكر الصحابي : " يرفعه أو يبلغ به " .
مثاله :
قول ابن عباس  : " الشفاء في ثلاثة : شربة عسل ، وشرطة محجم , وكية نار "117 , وفيه رفع الحديث .
فكل هذا وما أشبهه مرفوع عند أهل العلم .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

القول الفصيح شرح غرامي صحيح  Empty
مُساهمةموضوع: القول الفصيح شرح غرامي صحيح   القول الفصيح شرح غرامي صحيح  I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 01, 2013 2:53 pm

البيت الخامس
يقول الإمام ابن فرح الإشبيلي ـ رحمه الله ـ :
ولوْ كَانَ مَرْفوعا إليْكَ لَكنتَ لِــــــــي
على رَغْمِ عُذالِي ترِق وَتعْــــــــــدِلُ
في هذا البيت يذكر الناظم نوع من أنواع الحديث وهو :
 الحديث المرفوع : وذلك في قوله : " ولو كان مرفوعاً إليك " .
وإليك أخي القارئ تفصيل هذا النوع :


الحديث المرفوع
الحديث المرفوع هو : ما أضيف إلى النبي  من قول أو فعل أو تقرير أو صفة .
والمعنى : أي ما نسب إليه  ، أو ما أسند إليه  سواء أكان هذا المضاف قولاً للنبي  أو فعلاً أو تقريراً أو صفة ، وسواء أكان المضيف هو الصحابي أو من دونه ، متصلاً كان الإسناد أو منقطعاً .
فيدخل في المرفوع : الموصول , والمتصل ، والمنقطع ، والمرسل ، هذا هو المشهور في حقيقته .
أنواعه .
1 ـ المرفوع القولى , ومثاله :
أن يقول الصحابي أو من دونه : قال رسول الله  : " كذا . . . " .
2 ـ المرفوع الفعلي , ومثاله :
أن يقول الصحابي أو من دونه : فعل رسول الله  : كذا . . . " .
3 ـ المرفوع التقريري , ومثاله :
أن يقول الصحابي أو من دونه : فعل بحضرة الرسول  : كذا . . ." , ولا يروى إنكاره لذلك الفعل .
4 ـ المرفوع الوصفي , ومثاله :
أن يقول الصحابي أو من دونه : كان رسول الله  أحسن الناس خلقاً " . 118
 حكم الحديث المرفوع .
يتضح لنا من تعريف المرفوع أنه لا يشترط فيه أن يكون متصلاً دائماً ، فقد يسقط منه الصحابي فيكون مرسلاً ، أو يسقط من إسناده رجل , أو يذكر فيه رجل مبهم فيكون منقطعاً ، أو يسقط اثنان أو أكثر فيكون معضلاً ، وهو في هذه الحالات يوصف بالضعيف حتى ولو كان مرفوعاً ، فليس مجرد رفع الحديث كافياً لإطلاق الحكم بصحته ، بل ينظر فيه ، فإن اتصل سنده صلح لأن يوصف بالصحة أو الحسن ، وإن كان في إسناده انقطاع سمي باسم من أسماء الضعيف . 119
    

البيت السادس
يقول الإمام ابن فرح الإشبيلي ـ رحمه الله ـ :
وَعَذلُ عَذوِلي مُنكرٌ لا أسِيغــــــــــــهُ
وَزُورٌ ، وتدليسٌ يُرَد وَ يُهْمَـــــــــلُ
في هذا البيت يذكر الناظم أربعة أنواع من الحديث وهي :
 الحديث المنكر : وذلك في قوله : " وعذل عذولي منكر " .
 الحديث المدلس : وذلك في قوله : " وزور وتدليس " .
 الحديث المردود : وذلك في قوله " تدليس يرد " .
 الحديث المهمل : وذلك في قوله :" يرد ويهمل " .
وإليك أخي القارئ تفصيل هذه الأنواع :

الحديث المنكر
هذا النوع من أنواع الحديث المردود الضعيف ، وذللك لأنه فقد شرطاً من شروط الحديث الصحيح ، وهي شرط : " عدالة الراوي " .
 وتعريفه .
المنكر فى اللغة : ضد المعروف ، فقد ورد فى لسان العرب : " نكر الأمر نكيراً ، وأنكره إنكاراً : جهله " .120
والمنكر اصطلاحاً : عرفه العلماء في الاصطلاح بتعريفات عدة أشهرها تعريفان :
الأول : هو الحديث الذي في إسناده راو فحش غلطه ، أو كثرت غفلته ، أو ظهر فسقه .
الثاني : هو الحديث الذى رواة الضعيف مخالفاً لرواية الثقات .
وهذا التعريف هو الذي ذكره الحافظ ابن حجر واعتمده , وفيه زيادة على التعريف الأول وهي قيد مخالفة الضعيف لم رواة الثقات .
ولكثرة استعمال المحدثين لكلمة " منكر " فيما رواه الضعيف استقر لدى بعض المتأخرين أن المنكر هو : ما رواه الضعيف مخالفاً للثقات ، كما حرر ذلك الحافظ ابن حجر في كتابه النكت ونخبة الفكر ، وتبعه جل اللاحقين .
قال الإمام مسلم ـ رحمه الله ـ :
" وعلامة المنكر في حديث المحدث إذا ما عرضت روايته للحديث على رواية غيره من أهل الحفظ والرضا خالفت روايته روايتهم ، أو لم تكد توافقها فإذا كان الأغلب من حديثه كذلك ـ يعني المخالفة أو عدم الموافقة ـ كان مهجور الحديث غير مقبوله ولا مستعملة " . 121
مثاله :
روى أبو داود : عن همام عن ابن جريح عن الزهري عن أنس قال : " كان النبي  إذا دخل الخلاء وضع خاتمه " .
ثم قال أبو داود :
هذا حديث منكر ، وإنما يعرف عن ابن جريح عن زياد بن سمعان عن الزهري عن أنس : " أن النبي  اتخذ خاتماً من ورق ثم ألقاه " والوهم فيه من همام ، ولم يروه إلا همام .122
فقول أبي داود بأن حديث همام هذا " منكر" جاء على معنى أنه غير معروف عن مصدره الذي عزاه إليه ، وهو ابن جريج ، ويدل على ذلك سياق قوله : " وإنما يعرف عن ابن جريج عن زياد بن سمعان عن الزهرى عن أنس : " أن النبي  اتخذ خاتماً " والوهم من همام ، ولم يروه إلا همام ، وهمام هذا ثقة معروف من أصحاب ابن جريج .
وعند إمعان النظر في سياق قول أبي داود يفهم ما يلي :
أن هماماً قد أخطأ حين أضاف حديث ابن جريح إلى غير مصدره الحقيقي ، والذي رواه همام غير معروف عن ابن جريج ، وكان عليه أن يروي عنه لفظ " اتخذ خاتماً " بسند عن زياد بن سمعان عن الزهري عن أنس ، لكنه وهم فأضاف إليه ما لم يقله ، وهو لفظ : " إذا دخل الخلاء وضع خاتمه " .
بذلك أصبح همام منفرداً بما لا أصل له عند ابن جريج ، ومخالفاً للواقع الحديثى ، ليصدق عليه معنى " المنكر " .
    

الحديث المدلس
هذا أيضاً من أنواع الحديث الضعيف ، والذي كان سبب ضعفه فقد شرط : " اتصال السند " .
 وتعريفه .
لغة : كتمان العيب ، ومنه التدليس في البيع ، وهو كتمان العيب في السلعة على المشتري ، فيوهم السلامة منه .
واصطلاحاًَ : إخفاء عيب في الإسناد وتحسين ظاهره .123
ولاحظ من هذا التعريف سبب تسميته بذلك ، فهو خداع وخيانة ، لأن المدلس يخون السامع ويوهمه بأنه قد سمع من شيخه مع أنه لم يسمع منه .
وهو بهذا يكتم عيباً في الإسناد كأن يكون شيخه ـ ضعيفاً مثلاً ـ فيستره ويحسنه ، ولما كان هذا فعل المدلس فكأنه لتغطيته عى السامع أو الواقف على الحديث أظلم أمره فصار الحديث مدلساً ، ومن قام بهذا الفعل صار مدلساً .
 أنواع التدليس .
 تدليـــس الإسنـــاد 
 تعريفه .
هو : أن يروى الراوي عمن عاصره ولقيه ولم يسمع منه ، أو لقيه وسمع منه حديثاً لم يسمعه منه بصيغة توهم السماع منه وله صورتان :
الأولى : أن يروى الراوي عمن لقيه ولم يسمع منه حديثاً بصيغة توهم السماع منه ، مثل : " أن وعن " ، وقال مسقطاً في الحقيقة شيخه الذي أخذ الحديث مباشرة منه .
الثانية : أن يروى عمن لقيه وسمع منه حديثاً لم يسمعه منه بصيغه توهم السماع منه مسقطاً في الحقيقة شيخه الذى أخذ الحديث منه مباشرة .124
ويشترط كما عرفت من الصورتين أن يستخدم أدوات الرواية التى تحتمل السماع المباشر وغير المباشر ، أما لو صرح بأداة تفيد السماع المباشر كأن يقول : سمعت أو حدثنى فإنه يكون كذاباً .
مثاله :
ما أخرجه الحاكم بسنده إلى على بن خشرم قال : قال لنا ابن عيينة عن الزهرى ، فقيل له سمعته من الزهري قال : لا و لا ممن سمعه من الزهرى , حدثنى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري . 125
ففي هذا المثال أسقط ابن عيينة اثنين بينه وبين الزهرى .
( تنبيه ) : الفرق بين التدليس والإرسال الخفي : أن كلا من المدلس والمرسل إرسالاً خفياً يروى عن شيخه شيئاً لم يسمع منه بلفظ يحتمل السماع وغيره ، غير أن المدلس يختص بأن يروى عمن عرف لقاؤه إياه سمع منه , أو لم يسمع ، ويختص المرسل الخفي بأنه يروى عمن عاصره ولم يعرف أنه لقيه .
 تدليـــس الشيـــوخ 
 تعريفه .
هو : أن يذكر الراوي شيخه الذي سمع منه أو من فوقه من الشيوخ بما لا يعرف عند أهل الحديث ، بأن يسميه أو يكتبه أو ينسبه أو يصفه لما ليس مشهوراً به ، كيلا يسهل معرفته عند غيره .126
وسمي بتدليس الشيوخ لأنه كما ترى أن التدليس وقع من الراوي في شيخه وسماه أو وصفه بما ليس مشهوراً به كي لا يعرف .
مثاله :
ما روى عن أبي بكر بن مجاهد المقرئ ، أنه روى عن أبي بكر عبد الله بن داود السجستاني فقال : حدثنا عبد الله بن أبي عبد الله , وهو لا يعرف بذلك عند المحدثين ، وإنما هو مشهور بينهم بأنه عبد الله بن داود .
وكذلك ما روي عن أبي بكر محمد بن الحسن النقاش المفسر أنه روى عن محمد بن الحسن بن زياد بن هارون بن جعفر بن سند فقال : حدثنا محمد بن سند وهو لا يعرف بذلك عند المحدثين ، وإنما هو مشهور بينهم بأنه محمد بن الحسن .127
تدليـــس القطـــع 
هذا النوع يتفرع من تدليس الإسناد وله صورتان :
الأولى : أن يسقط الراوي أداة الرواية مقتصراً على اسم شيخه ويفعله أهل الحديث كثيراً .
مثاله :
قول على بن خشرم : كنا عند أبي عيينة فقال : الزهري , فقيل له حدثك ؟ فسكت ثم قال : الزهري , فقيل له : أسمعته منه ؟ فقال لم أسمعه منه ولا ممن سمعه منه ، حدثني عبد الرزاق عن معمر عن الزهري .
الثاني : أن يسقط الراوي اسم شيخه الذي سمع الحديث منه مباشرة مقتصراً على ذكر أداة الرواية , وهى عكس الصورة الأولى .128
مثالها :
ما ورى عن ابن عدي وغيره عن معمر بن عبيد الطنافسي أنه كان يقول : حدثنا , ثم يسكت ، وينوي القطع ، ثم يقول : هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ، وسمي هذا النوع بتدليس القطع لما في الصورة الأولى من قطع الراوي عن أداة الرواية وعدم اتصالها بها ، أوقطع أداة الرواية عن الراوي وعد اتصالها به كما في الصورة الثانية .
 تدليـــس العطــــف
وهو كسابقه يرجع إلى الإسناد .
وصورته : أن يصرح الراوي بالتحديث عن شيخ له ، ويعطف عليه شيخاً آخر لم يسمع ذلك المروي منه .
مثاله :
ما رواة الحاكم في " معرفة علوم الحديث " أن جماعة من أصحاب هُشيم بن بشير اجتمعوا يوماً على أن لا يأخذوا منه التحديث ، ففطن لذلك , فكان يقول في كل حديث يذكره : حدثنا حصين ومغيرة عن إبراهيم فلما فرغ قال : هل دلست عليكم اليوم شيئاً ؟
فقالوا : لا .
فقال : لم أسمع من مغيرة حرفاً مما ذكرته , إنما قلت حدثني حصين ومغيرة
ومغيرة غير مسموع لي . 129
وسمي هذا النوع بتدليس العطف لما فيه من إيهام الراوي السماع من المعطوف وهو لم يسمع منه الحديث مباشرة .
 تدليـــس البــــلاد 
قد يعمد بعض المدلسين إلى لفظ مبهم متشابه يلوى لسانه تعظيماً لشيخه وأيهاماً للقائه والرحلة إليه .
وذلك من خلال تعظيم البلد أو الحى الذي ينسب إليه ، كأن يقول الراوي المصري : حدثنى فلان بالأندلس ، ويريد موضعاً بالقرافة ، أو بزقاق حلب ، أو موضعاً بالقاهرة .
أو يقول : حدثنا من وراء النهر ، يوهم أنه نهر دلجة ، أو جيحون في حين أنه يقصد نهر النيل بمصر .
وهذا النوع ألحقه ابن حجر بتدليس الشيوخ ، وسماه تدليس البلاد .
    

الحديث المردود
 تعريفه .
هو : الذي لم يترجح صِدق المخْبِر به , وذلك بفقد شرط أو أكثر من شروط القبول التي مرت بنا في بحث الصحيح .
 أقسامه وأسباب رده .
لقد قسم العلماء الخبر المردود إلى أقسام كثيرة ، وأطلقوا على كثير من تلك الأقسام أسماء خاصة بها ، ومنها ما لم يطلقوا عليها اسماً خاصاً بها بل سموها باسم عام هو " الضعيف " .
أما أسباب رد الحديث فكثيرة ، لكنها ترجع بالجملة إلى أحد سببين رئيسيين هما :
الأول : سَقْط من الإسناد .
الثاني : طعن في الراوي .
وتحت كل من هذين السببين أنواع متعددة ، مر منها أنوع وسيأتي الحديث عن الباقي بأبحاث مستقلة مفصلة إن شاء الله تعالى .
    

الحديث المهمل
هذا النوع من الحديث يندرج تحت قسم " علم رجال الحديث " , وهو يختص بالبحث عن رجال الإسناد الذين رووا الحديث .
 وتعريفه .
لغة : اسم مفعول من : " الإهمال " بمعنى " الترك " , كأن الراوي ترك الاسم بدون ذكر ما يميزه عن غيره .
واصطلاحاً :أن يروى الراوي عن شخصين متفقين في الاسم فقط , أو مع اسم الأب أو نحو ذلك ، ولم يتميزا بما يَخص كل واحد منهما .
ويضر الإهمال في حالة : إن كان أحد الرواة ثقة والآخر ضعيفاً ، لأنه لا ندرى من الشخص المروي عنه هنا ، فربما كان الضعيف منهما ، فيضعف الحديث .
أما إذا كانا ثقتين ، فلا يضر الإهمال بصحة الحديث ، لأن أياً منهما كان المروى عنه فالحديث صحيح .
مثاله :
إذا كانا ثقتين : ومنه ما وقع للبخاري من روايته عن " أحمد " ـ غير منسوب ـ عن ابن وهب , فإنه : إما أحمد بن صالح , أو أحمد بن عيسي ، وكلاهما ثقة .
إذا كان أحدهما ثقة والآخر ضعيفاً : مثل " سليمان بن داود " و " سليمان بن داود " فإن كان : " الخولاني " فهو ثقة , وإن كان " اليمامي " فهو ضعيف .
ومن أشهر المصنفات في هذا النوع كتاب : " المُكمل في بيان المُهْمل " للخطيب البغدادي .
    

البيت السابع
يقول الإمام ابن فرح الإشبيلي ـ رحمه الله ـ :
أقَضي زَمَانِي فِيك مُتصِلَ الأسَــــــــــى
وَمُنقَطِعاً عّما بِهِ أتوَصَّــــــــــــــــلُ
في هذا البيت يذكر الناظم نوعين من الحديث وهم :
 الحديث المتصل : وذلك في قوله " أقضي زماني فيك متصل الأسى"
 الحديث المنقطع : وذلك في قوله : " ومنقطعاً عما به أتوصل " .
وإليك تفصيل هذين النوعين :

الحديث المتصل
 تعريفه .
لغة : اسم فاعل من " اتصل " ضده " انقطع " ويسمى هذا النوع بـ " الموصول " أيضاً.
واصطلاحاً : ما اتصل سنده مرفوعاً كان أو موقوفاً .
مثاله :
مثال المتصل المرفوع : " مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن رسول الله  أنه قال : كذا ....... " .
ومثال المتصل الموقوف : " مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال كذا ... " .
( مسألة ) : هل يسمى قول التابعي متصلاً ؟
قال العراقي :
" وأما أقوال التابعين ـ إذا اتصلت الأسانيد إليهم ـ فلا يسمونها متصلة في حالة الإطلاق ، أما مع التقييد فجائز ، وواقع في كلامهم ، كقولهم : هذا متصل إلى سعيد بن المسيب أو إلى الزهري أو إلى مالك ونحو ذلك ، قيل والنكتة في ذلك أنها تسمي " مقاطيع " فإطلاق المتصل عليها كالوصف لشيء واحد بمتضادين لغة " .

الحديث المنقطع
 تعريفه .
لغة : هو اسم فاعل من " الانقطاع " ضد الاتصال .
واصطلاحاً : ما سقط من إسناده راو واحد في موضع واحد أو أكثر .
يعني : أن كل إسناد انقطع من أي مكان كان ، سواء كان الإنقطاع من أول الإسناد أو من آخره أو من وسطه ، فيدخل فيه ـ على هذا ـ المرسل والمعلق والمعضل ، لكن علماء المصطلح المتأخرين خصوا المنقطع بما لم تنطبق عليه صورة المرسل أو المعلق أو المعضل ، وكذلك كان استعمال المتقدمين في الغالب .
ولذلك قال النووي : " وأكثر ما يستعمل في رواية من دون التابعي عن الصحابي ، كمالك عن ابن عمر " .130
فالمنقطع عند المتأخرين من أهل الحديث : هو ما لم يتصل إسناده مما لا يشمله اسم المرسل أو المعلق أو المعضل .
فكأن المنقطع اسم عام لكل انقطاع في السند ما عدا صوراً ثلاثاً من صور الإنقطاع وهي : حذف أول الإسناد ، أو حذف آخره ، أو حذف اثنين متواليين من أي مكان كان ، وهذا هو الذي مشي عليه الحافظ ابن حجر في " النخبة "
وشرحها . 131
ثم أنه قد يكون الإنقطاع في مكان واحد من الإسناد ، وقد يكون في أكثر من مكان واحد ، كأن يكون الإنقطاع في مكانين أو ثلاثة مثلاً .
مثال :
ما سقط راو واحد من الإسناد :
ما أخرجه الإمام أبو داود ، قال : حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا أبان ، حدثنا قتادة ، قال : حدثني أبو مجلز ، عن حذيفة : أن رسول الله  " لعن من جلس وسط الحلقة " .132
وأبان هو ابن يزيد العطار ، ولم ينفرد بهذا الحديث عن قتادة ، بل تابعه شعبة بن الحجاج ، عند الإمام أحمد وغيره .
وليس في رجال هذا الإسناد أحد غير ثقة ، بل كلهم ثقات ، والاتصال صريح فيه إلى أبي مجلز ، واسمه لاحق بن حميد ، أما بينه وبين حذيفة بن اليمان فليس بمتصل ، فإن شعبة قال بعد روايته : " لم يدرك أبو مجلز حذيفة " ، وحيث إن أبا مجلز هذا تابعي لقي بعض الصحابة ، فإن أقصى ما يتصور من السقط بينه وبين حذيفة لا يعدو أن يكون رجلاً واحداً ، هذا على اعتبار الأغلب .
وهذه الصورة من الإنقطاع كثيرة , شائعة ، خصوصاً فيما بين التابعين و
الصحابة الذين لم يسمعوا منهم .
مثال :
الإنقطاع في موضعين :
قال الإمام الترمذي : حدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا يزيد بن هارون , أخبرنا الحجاج بن أرطاة ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : فقدت رسول الله  ليلة ، فخرجت فإذا هو بالبقيع ، فقال : " أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله ؟ " قلت : يا رسول الله ، إني ظننت أنك أتيت بعض نسائك ، فقال : " إن الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا ، فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب " .133
قال الترمذي :
" حديث عائشة لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث الحجاج ، وسمعت محمداً ـ يعني البخاري ـ يضعف هذا الحديث ، وقال : " يحيى بن أبي كثير لم يسمع من عروة ، والحجاج بن أرطاة لم يسمع من يحيى بن أبي كثير " .
وهذا المثال وهو سقوط ما يزيد على راو سقطاً غير متوال قليل نادر الورود إذا قارنته بسقط واحد .
    

البيت الثامن
يقول الإمام ابن فرح الإشبيلي ـ رحمه الله ـ :
وَهَا أنَا في أكفَانِ هَجْرِك مُـــــــــدْرجٌ
تُكلفنِي مَا لاَ أطِيقُ فَأحْمِـــــــــــــلُ
في هذا البيت يذكر الناظم نوع من أنواع الحديث ومبحث من مباحث المصطلح وهما :
 الحديث المدرج : وذلك في قوله : " وها أنا في أكفان هجرك مدرجاً "
مبحث التحمل : وذلك في قوله : " تكلفني ما لا أطيق فأحمل " , وقد مضي الحديث عن هذا المبحث فلا حاجة لإعادته مرة أخرى .
وإليك أخي القارئ بيان هذه الأنواع :

الحديث المدرج
هذا النوع من الحديث من أنواع الضعيف ، وذلك لأنه فقد شرط من شروط الصحة وهو شرط : " ضبط الراوي " .
 وتعريفه .
المُدْرَجُ فى اللغة - بضم الميم وفتح الراء - : اسم مفعول من " أدرج " ، تقول : أدرجت الكتاب إذا طويته ، وتقول : أدرجت الميت في القبر إذا أدخلته فيه ، وتقول : أدرجت الشيء في الشيء إذا أدخلته فيه وضمنته إياه .134
والمدرج فى اصطلاح المُحدثين : هو ما كانت فيه زيادة ليست منه .
أو هو : الحديث الذي يعرف أن في سنده أو متنه زيادة ليست منهُ ، وإنما من أحد الرواة من غير توضيح لهذه الزيادة .
 أنواعه .
اتفق الباحثون والكتاب في مجال علوم الحديث على جعل المدرج على أنواع لكن تقسيمهم لهذه الأنواع يختلف زيادة ونقصاً ، كَما يختلف باعتبار الحيثيات التي ينبني عليها ذَلك التقسيم .
وهكذا نجد الحافظ ابن الصلاَح يصدر كلامه عن المدرج بقوله :
" وهو أقسام ، منها ما أدرج في حديث رسول الله  من كلام بعض رواته بأن يذكر الصحابِي أو من بعده عقيب ما يرويه من الحديث كلاماً من عند نفسه ، فيرويه من بعده موصولاً بالحديث غير فاصل بينهما بذكر قائله ، فيلتبس الأمر فيه علَى من لا يعلم حقيقة الحال ، ويتوهم أن الجميع عن رسول الله  " .135
فنراه قيد وقوع الإدراج بكونه عقب الحديث ، والحق أن هذا التنظير خلاف الواقع ، وإذا كَان غالب الإدراج أن يقع عقب الحديث ، فليس هذا مسوغاً لحصر الإدراج بِه ، فنجد أنه قَد يقع في أول الحديث كَما يقع وسطه وآخره .
زد على أنه يقع في الإسناد أيضاً لا كما يوهم كلام ابن الصلاَحِ من انحصاره بالمتن فَقَط .
وعلى هذا يدل صنيع الخطيب البغدادي في كتابه " الفصل للوصل المدرج في النقل " .136
وتأسيساً على ما مضى يمكننا أن نقسم الإدراج من حيث مكان وقوعه إلى نوعين :
النوع الأول : الإدراج في المتن .
وهو أن تقع الزيادة في متن الحدِيث دون إسناده .
ويمكن تقسيم هذَا النوع باعتبار مكان وقوعه من المتن إلى ثلاثة أقسام :137
الأول : أن يقع الإدراج في أول المتن .
{ مثاله } : ما وقع الإدراج في أول المتن حديث أبي هريرة  عن رسول الله  : " أسبغوا الوضوء ، ويل للأعقاب من النار " .138
فرواه الخطيب البغدادي في كتابه " الفصل " من طريق أبي قطن وشبابة ـ فرقهما- عن شعبة ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة بِه .
فقوله : " أسبغوا الوضوء " مدرج من كلام أبي هريرة ، نص علَى هذا الخطيب وغيره فَقَال : " وهم أبو قطن ـ عمرو بن الهيثم ـ وشبابة بن سوار في روايتهما هذا الحديث عن شعبة علَى ما سقناه ، وذلك أن قوله : " أسبغوا الوضوء " كلام أبي هريرة وقوله: " ويل للأعقاب من النار " كلام النبِي  .
وهذا القسم أقل الأقسام وروداً ، وهو قليل جداً ، الأمر الذي دفع الحافظ ابن حجر لأن يقول : " وفتشت ما جمعه الخطيب في المدرج ، ومقدار ما زدت عليه منه فَلم أجد له مثالاً آخر إلا ما جاء في بعض طرق حديث بسرة " .139
الثانى : أن يقع الإدراج فى وسط المتن .
{ مثاله } : ما رواه الدارقطني في " سننه "140 من طريق عبد الحميد بن
جعفر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن بسرة بنت صفوان ، قالت : سمعت رسول الله  يقول : " من مس ذكره ، أو أنثييه أو رفغه فليتوضأ " .
فقد أدرج عبد الحميد بن جعفر ذكر : " الأنثيين والرفغ " في الحديث المرفوع .
قال الدارقطني :
" والمحفوظ أن ذلك من قول عروة غير مرفوع " .141
وقال الخطيب البغدادي :
" وذكر الأنثيين والرفغين ليس من كلام رسول الله  ، وإنما من قول عروة بن الزبير فأدرجه الراوي في متن الحديث ، وقد بين ذلك حماد بن زيد وأيوب السختياني في روايتهما عن هشام " .142
الثالث : أن يقع الإدراج فى آخر المتن .
{ مثاله } : ما رواه زهير بن معاوية ، عن الحسن بن الحر ، عن القاسم بن مخيمرة ، عن علقمة ، عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله  علمه التشهد في الصلاة ، فقال : " قل : التحيات لله ... ، " فذكر الحديث ، وفي آخره : " أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، فإذا قلت هذا فقد قضيت صلاتك إن شئت أن تقوم فقم ، وإن شئت أن تقعد فاقعد " .143
فزيادة : " فإذا قلت هذا … " إلى نهاية الرواية ، مدرجة من قول ابن مسعود  أدرجها زهير بن معاوية في روايته عن الحسن بن الحر ، نص على هذا جمع من الحفاظ منهم : الدارقطني ، والحاكم ، والبيهقي ، والخطيب البغدادي ، ونقل النووي في " الخلاصة " اتفاق الحفاظ على إدراجها .144
وهذا النوع من الإدراج هو الغالب من حيث وقوعه في متون الأحاديث .145
النوع الثانى : وقوع الإدراج في السند دون المتن .
ويمكن أن نجعل هذا النوع على خمسة أقسام : 146
القسم الأول :
أن يكون المتن مختلف الإسناد بالنسبة إلى أفراد رواته ، فيرويه راو واحد عنهم ، فيحمل بعض رواياتهم على بعض ولا يميز بينها .
{ مثاله } : ما رواه عبد الرحمن بن مهدي ومحمد بن كثير العبدي ، عن سفيان الثوري ، عن منصور والأعمش وواصل الأحدب ، عن أبي وائل ، عن عمرو بن شرحبيل ، عن ابن مسعود ، قلت : " يا رسول الله أي الذنب أعظم ؟ … " الحديث .147
فقد أدرج عبد الرحمن بن مهدي ومحمد بن كثير في هذا السند ، إذ إن منصوراً والأعمش يرويانه عن أبي وائل ، عن عمرو بن شرحبيل ، عن ابن مسعود ، أما واصل فيرويه عن أبي وائل ، عن ابن مسعود لا يذكر فيه عمرو بن شرحبيل .
القسم الثاني :
أن يكون متن الحديث عند الراوي بإسناد إلا طرفاً منه فإنه عنده بإسناد آخر فيدرجه من رواه عنه على الإسناد الأول ويسوق المتن تاماً ، ولا يذكر الإسناد الثاني .
مثاله : ما رواه سفيان بن عيينة وزائدة بن قدامة ، عن عاصم بن كليب ، عن أبيه ، عن وائل بن حجر - وذكر حديث صفة صلاة النبي  وفي آخره : " ثم جئتهم بعد ذلك في زمان فيه برد شديد فرأيتهم يحركون أيديهم من تحت الثياب " .148
فقوله : " ثم جئتهم بعد ذلك . . . " من رواية عاصم بن كليب ، عن عبد الجبار بن وائل ، عن بعض أهله ، عن وائل بن حجر ، وممن رواه على هذه الشاكلة فميز بين جزأي المتن :
زهير بن معاوية : وروايته عند : أحمد ، والطبراني ، والخطيب .
شجاع بن الوليد : عند الخطيب .
قال الحافظ موسى بن هارون الحمال : " وذلك - يعني رواية سفيان وزائدة - عندنا وهم ، وإنما أدرج عليه ، وهو من رواية عاصم ، عن عبد الجبار بن وائل ، عن بعض أهله ، عن وائل ، هكذا رواه مبيناً زهير بن معاوية وأبو بدر شجاع بن الوليد ، فميزا قصة تحريك الأيدي من تحت الثياب وفصلاها من الحديث وذكرا إسنادهما كما ذكرنا " .
ثم قال : " وهذه رواية مضبوطة ، اتفق عليه زهير وشجاع بن الوليد ، وهما أثبت له رواية ممن روى " رفع الأيدي من تحت الثياب " عن عاصم بن كليب , عن أبيه ، عن وائل . 149
القسم الثالث :
أن يكون المتنان مختلفي الإسناد ، فيدرج بعض الرواة شيئاً من أحدهما في الآخر ولا يكون ذلك الشيء من رواية ذلك الراوي .
مثاله : ما رواه أبو محمد سعيد بن أبي مريم الحكم بن محمد المصري عن مالك ، عن الزهري ، عن أنس ، أن رسول الله  قال : " لا تباغضوا ، ولا تحاسدوا ، ولا تدابروا ، ولا تنافسوا ، وكونوا عباد الله إخوانا . . . " .
رواه من هذا الطريق : الخطيب ، وابن عبد البر .
قال الحافظ حمزة بن محمد الكناني :
" لا أعلم أحداً قال في هذا الحديث عن مالك : " ولا تنافسوا " غير سعيد بن أبي مريم " . 150
فسعيد أدرج لفظ : " ولا تنافسوا " من متن حديث آخر ، رواه مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة مرفوعاً : " إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث ، ولا تجسسوا ، ولا تحسسوا ، ولا تنافسوا ، ولا تحاسدوا " .
والحديثان على الصواب عند رواة " الموطأ " كافة منهم :
إسحاق بن عيسى الطباع ، عند أحمد .
فظهر أن الحديثين اختلطا على سعيد بن أبي مريم فأدرج من متن الثاني لفظاً في المتن الأول بإسناد الأول 151.
القسم الرابع :
أن يكون المتن عند راو إلا جزءاً منه ، فإنه لم يسمعه من شيخه فيه ، وإنما سمعه من واسطة بينه وبين شيخه ، فيدرج الرواة الجزء من الحديث من غير تفصيل .
مثاله : الحديث الذي رواه إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير ، عن حميد الطويل ، عن أنس في قصة العرنيين ، وأن رسول الله  قال لهم : " لو خرجتم إلى إبلنا فشربتم من ألبانها وأبوالها " . 152
فلفظه : " وأبوالها " لم يسمعها حميد من أنس مباشرة ، وإنما سمعها من قتادة عن أنس ، فأدرجها إسماعيل في المتن الأول بإسناد الحديث الأول من غير تفصيل .
قال الحافظ الخطيب البغدادي :
" هكذا روى إسماعيل بن جعفر بن أبي كثيرالأنصاري جميع هذا الحديث عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك ، وفيه لفظة واحدة لم يسمعها حميد عن أنس ، وإنما رواها عن قتادة عن أنس ، وهي قوله : " وأبوالها " .153
وقد روى هذا الحديث على الصواب ، ففصل رواية قتادة عدة رواة من أصحاب حميد ، منهم :
ابن أبي عدى عند : أحمد ، والنسائي ، والخطيب .
خالد بن الحارث ، عند النسائي .
قال الحافظ ابن حجر :
" كلهم يقول فيه : " فشربتم من ألبانها " قال حميد : قال قتادة ، عن أنس : " وأبوالها " فرواية إسماعيل على هذا فيها إدراج وتسوية ".154
هكذا مثل الخطيب البغدادي وابن حجر لهذا النوع بهذا المثل .
القسم الخامس :
أن يسوق المحدث إسناده فقط من غير أن يذكر المتن ، ثم يقطعه قاطع فيذكر كلاماً فيظن بعض من سمعه أن ذلك الكلام هو متن الإسناد .
{ مثاله } : الحديث الذي رواه ثابت بن موسى الزاهد ، عن شريك القاضي ، عن الأعمش , عن أبي سفيان ، عن جابر مرفوعاً : " من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار " .
قال الحاكم :
" هذا ثابت بن موسى الزاهد دخل على شريك بن عبد الله القاضي والمستملي بين يديه ، وشريك يقول : حدثنا الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال : قال رسول الله  ولم يذكر المتن ، فلما نظر إلى ثابت بن موسى قال : " من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار " وإنما أراد بذلك ثابت بن موسى لزهده وورعه ، فظن ثابت بن موسى أنه روى الحديث مرفوعاً بهذا الإسناد ، فكان ثابت بن موسى يحدث به عن شريك ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، وليس لهذا الحديث أصل إلا من هذا الوجه ، وعن قوم من المجروحين سرقوه من ثابت بن موسى فرووه عن شريك " .155
قال الحافظ العراقي :
" فعلى هذا هو من أقسام المدرج " .156
 أسباب وقوع الإدراج .
إن الباعث للراوي على الإدراج يختلف من شخص لآخر ، ومن حديث إلى حديث غيره ، ما بين بيان لتفسير كلمة ، أو استنباط لحكم ، أو قلة ضبط .
ويمكننا أن نجمل سبب وقوع الإدراج فيما يأتي :157
 أن يريد الراوي تفسير بعض الألفاظ الغريبة الواردة في متن الحديث ، فيحملها عنه بعض الرواة من غير تفصيل لتفسير تلك الألفاظ .
مثاله : حديث عقيل ، عن ابن شهاب الزهري ، عن عروة بن الزبير , عن عائشة أم المؤمنين في قصة بدء الوحي ، وفيه : " وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه ، وهو التعبد . . " .158
فقوله : " وهو التعبد " مدرج من كلام الزهري في الحديث .159
 أن يقصد الراوي إثبات حكم ويستدل عليه بالحديث المرفوع .
مثاله : ما ورد في حديث أبي هريرة  : " أسبغوا الوضوء ، ويل للأعقاب من النار " .
 أن يريد الراوي بيان حكم يستنبط من كلام النبي  .
مثاله : ما تقدم في حديث بسرة بنت صفوان : " من مس ذكره أو رفغه أو أنثييه فليتوضأ " .
قال السيوطي :
" فعروة لما فهم من لفظ الخبر أن سبب نقض الوضوء مظنة الشهوة جعل حكم ما قرب من الذكر كذلك فقال ذلك ، فظن بعض الرواة أنه من صلب الخبر فنقله مدرجاً فيه ، وفهم الآخرون الحال ففصلوا " . 160
 اختصار الحديث والرواية بالمعنى .
 الخطأ الناشئ عن عدم ضبط الراوي لمروياته .
 طريق معرفة الإدراج .
يعرف الإدراج في المتن بأمور :
أولها : وجود قرينة في السياق تدل على أن الجملة مدرجة ، كاستحالة إضافته إلى النبي  .
مثل : ما وقع في رواية البخاري 161 , عن أبي هريرة قال : قال رسول الله  : " للعبد المملوك الصالح أجران , والذي نفسي بيده ، لولا الجهاد في سبيل الله ، والحج ، وبر أمي ، لأحببت أن أموت وأنا مملوك " .
فقوله : " والذي نفسي بيده " إلى آخره ، ليس من كلام النبي  ، بقرينة قوله : " وبر أمي " ، فإن أمه  ماتت عنه وهو صغير .
وهذه الصورة من الإدراج متميزة دون حاجة إلى دليل خارجي .
ثانيها : تصريح الصحابي راوي الحديث بأن تلك الجملة من كلامه .
وذلك كحديث عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله  : " من مات يشرك بالله شيئاً دخل النار " ، وقلت أنا : " من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة " .162
قلت : وهذا الإدراج لا يخفى .
ثالثها : تصريح بعض رواة الحديث بفصلها عن أصل الحديث .
مثاله : ما وقع من بعض الرواة لحديث أبي هريرة ، قال : قال رسول الله  : " إن لله تسعة وتسعين اسماً ، مئة إلا واحداً ، من أحصاها دخل الجنة " فأدرج فيه بعضهم سياق الأسماء ، كما أخرجه الترمذي163 , وغيره ، من طريق الوليد بن مسلم ، قال : حدثنا شعيب بن أبي حمزة ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة مرفوعاً ، زاد بعد قوله  : " دخل الجنة " : " هو الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم الملك . . " إلى آخرها ، لم تفصل فيه هذه الزيادة عن الحديث ، مما ظنه بعض الناس في جملة الحديث .
    

البيت التاسع
يقول الإمام ابن فرح الإشبيلي ـ رحمه الله ـ :
وَأجْرَيتُ دَمْعِي فَوْقَ خَدِّي مُدَبَّجـــــــاً
وَمَا هِي إلا مُهْجَتِي تتحــــــــــــــللُ
في هذا البيت يذكر الناظم مبحث من مباحث المصطلح وهو :
 مبحث المدبج : وذلك في قوله : " وأجريت دمعي فوق خدي مدبجاً "
وإليك أخي القارئ تفصيل هذا النوع :

الحديث المدبج
من المعلوم عن أهل الاصطلاح أن للرواية قاعدتان : الأولى وهي الشيخ ، والثانية وهي التلميذ ، وهذا هو المستقر لدي الجميع .
لذلك حينما يحدث اختلال في هذا القاعدة , فإن العلماء قد وضوا لهذا الاختلال أسماء وقواعد بها يعرف نوع هذا الذي قد اختل واضطرب .
ومن هذا الذي قد خالف القاعدة ما يمسى " بالمدبج " .
 وتعريفه .
لغة : اسم مفعول من : " التدبِيج " , بمعنى : التزيين , والتدبيج مشتق من ديباجتي الوجه أي : الخدين ، وكأن المُدبج سُمى بذلك لتساوي الراوي والمروي عنه ، كما يتساوي الخدان .164
واصطلاحاً : أن يروي القرينان كل واحد منهما عن الآخر .
والقرين لغة : بمعنى المَصَاحِب .165
واصطلاحاً : المتقاربون في السن والإسناد .166
وأهميته : أن الأصل أن يروي التلميذ عن شيخه ، فإذا روي عن قرينه ربما
ظن من لم يدرس هذا النوع أن ذكر القرين المروي عنه زيادة من الناسخ .
أمثلته :
 في الصحابة : في رواية عائشة عن أبي هريرة ، ورواية أبي هريرة عن عائشة .
 في التابعين : رواية الزهري عن عمر بن عبد العزيز , ورواية عمر بن عبد العزيز عن الزهري .
 في أتباع التابعين : رواية مالك عن الأوزاعي ، ورواية الأوزاعي عن مالك .
( فائدة ) : " المدبج المقلوب " نوع عجيب مستظرف من الحديث المدبج , وهو ليس من أنواع المقلوب الضعيف .
مثاله :
 رواية مالك بن أنس عن سفيان الثوري عن عبد الملك بن جريج .
 ورواية عبد الملك بن جريج عن سفيان الثوري عن مالك بن أنس .
فهذا الإسناد جاء في الرواية الأولى على صورة ، ثم في الرواية الأخرى على صورة مقلوباً كما ترى . 167

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

القول الفصيح شرح غرامي صحيح  Empty
مُساهمةموضوع: القول الفصيح شرح غرامي صحيح   القول الفصيح شرح غرامي صحيح  I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 01, 2013 2:57 pm

البيت العاشر
يقول الإمام ابن فرح الإشبيلي ـ رحمه الله ـ :
فمتفِقٌ جِسمِي وَسُهْدِي وَعبرتِــــــــــــي
وَمُفترِقٌ صَبْرِي وَقَلبِي المُبَلبــــــلُ
في هذا البيت يذكر الناظم مبحث من مباحث الحديث وهو :
 مبحث المتفق والمفترق : وذلك في قوله : " فمتفق جسمي , ومفترق صبري " .
وإليك أخي القارئ بيان هذا النوع :

علم المتفق والمفترق
 تعريفه .
لغة : المُتفق اسم فاعل من : " الاتفاق " , والمُفترق اسم فاعل من : " الافتراق " ضد الإتفاق .
واصطلاحاً : أن تتفق أسماء الرواة وأسماء آبائهم فصاعداً خطاً ولفظاً ، وتختلف أشخاصهم ، ومن ذلك أن تتفق أسماؤهم وكناهم ، أو أسماؤهم ونسبتهم ، ونحو ذلك . 168
أمثلته :
الأول : أن تتفق أسماءهم وأسماء آباءهم : كالخليل بن أحمد , أكثر من ستة أسماء متفقين في هذا الاسم .
الثاني : أنه تتفق أسماؤهم وأسماء آباءهم وأجدادهم : كأحمد بن جعفر بن حمدان , أربعة متعاصرون في طبقة واحدة .
الثالث : أن تتفق الكنية والنسبة معاً : كأبي عمران الجونى , رجلان .
الرابع : أن يتفق الاسم , واسم الأب والنسبة : كمحمد بن عبد الله الأنصاري اثنان في الطبقة وهذا قريب مما قبله .
الخامس : أن تتفق كناهم وأسماء آباءهم : كأبي بكر بن عياش .
السادس : عكسه , وهو أن تتفق أسماءهم وكنى آباءهم : كصالح بن أبي صالح , أربعة من التابعين .
السابع : أن تتفق أسمائهم غير منسوبة نحو : عبد الله إذا أطلق , فإن كان بمكة فابن الزبير , أو بالمدينة فابن عمر ، أو بالكوفة فابن مسعود , أو بالبصرة فابن عباس ، أو بخراسان فابن المبارك , أو بالشام فابن عمرو بن العاص .
الثامن : أن يتفقا في الكنية فقط : كأبي حمزة , ستة كلهم يروون عن ابن عباس ، أو في النسبة فقط وهذا يصلح أن يُعد تاسعاً : كالحنفي , جماعة منهم أبو بكر وأبو علي وآخرون ، وقد يفترقان فيما تقع النسبة إليه , فمنهم من يُنسب إلى مذهب كأبي حنيفة , ومنهم من يُنسب إلى قبيلة بني حنيفة , والله أعلم .169
 فائدته .
ومعرفة هذا النوع مهم جداً ، فقد زلق بسبب الجهل به غير واحد من أكابر العلماء , ومن فوائده :
 عدم ظن المشتركين في الاسم واحداً ، مع أنهم جماعة , وهو عكس
المُهمل الذي يُخشي منه أن يُظن الواحد اثنين . 170
 التمييز بين المشتركين في الاسم ، فربما يكون أحدهما ثقة , والآخر ضعيفاً ، فيضعف ما هو صحيح أو بالعكس .
( فائدة ) : ويحسن إيراده فيما إذا اشترك الراويان أو الرواة في الاسم ، وكانوا في عصر واحد ، واشتركوا في بعض الشيوخ أو الرواة عنهم ، أما إذا كانوا في عصور متباعدة فلا إشكال في أسمائهم .
    

البيت الحادي عشر
يقول الإمام ابن فرح الإشبيلي ـ رحمه الله ـ :
وَمُؤتلِفٌ وَجْدِي وَشَجْوِي وَلَوْعَتِــــــي
وَمختلِفٌ حَظي وَمَا مِنك آمُـــــــــلُ
في هذا البيت يذكر الناظم مبحث من مباحث الحديث وهو :
 مبحث المؤتلف والمختلف : وذلك في قوله : " ومؤتلف وجدي ، ومختلف حظي " .
وإليك أخي القارئ تفصيل هذا النوع :

علم المؤتلف والمختلف
 تعريفه .
لغة : المُؤتلف اسم فاعل من : " الإئتلاف " بمعنى : الإجتماع والتلاقي وهو ضد النفرة , والمُختلف اسم فاعل من : " الإختلاف " ضد الإتفاق.
اصطلاحاً : أن تتفق الأسماء أو الألقاب أو الكنى أو الأنساب خطاً ، وتختلف لفظاً . 171
 أنواعه .
وهو نوعان : أحدهما وهو الأكثر : مالا ضابط له يُرجَعُ إليه لكثرته , وإنما يُعرف بالنقل والحفظ كأسيد , وهو أبو عَتاب ، وأسُيد بالضم , هو ابن حُضير
ومثله : سَليم- بفتح السين- وهو ابن أخضر البصري ، وسُليم وهم جماعة .
ومثله : حَبان ـ بفتح الحاء المهملة وموحدة تحت- ، وحِبان مثله لكن ـ بكسر الحاء- , وحُبان- بضم المهملة وتشديد الموحدة - ، وجَيان ـ بفتح الجيم وتشديد المثناة من تحت - ، وجِنان ـ بكسر الجيم وتخفيف النون- وحَنَان - بفتح المهملة وتخفيف النون - ، وحبَان- بفتح المهملة وتخفيف الموحدة .
النوع الثاني : ما ينضبط لقلته , وهو قسمان :
الأول : ما يراد فيه التعميم بأن يُقال : سَلام - كله مشدد اللام إلا خمسة ـ : عَبْد اللهِ بن سَلاَم ، الصحابي ، وابن أخته ، وجد أبي علي الجُبائي وهو : محمد بن عبدالوهاب بن سَلام , وجد السّيدي , وهو : سعد بن جعفر بن سلام ، وجد النسفي وهو : أبو نصر محمد بن يعقوب ابن اسحاق بن محمد بن موسى بن سلام ، ووالد البيكندي وهو : محمد بن سلام بن الفرج البِيكندي شيخ البخاري , وابن أبي الحقيق .
الثاني : ما يراد فيه التخصيص , وهو تارة بكتب مخصوصة : كقولهم ليس في " الصحيحين " و " الموطأ " خازم ـ بالمعجمة ـ إلا محمد بن خازم , أبو معاوية ، ومن عداه مما في الكتب الثلاثة , فَحَازم بمهملة كأبي حازم الأعرج وجرير بن حازم .
وتارة بالقبائل : كحِزام في قريش ـ بالزاي ـ وفي الأنصار حَرَامَ ـ بالراء- ومن هذا النوع في الكنى : أبو نصر الضَّبي وغيره ـ بالصاد- ، وأبو النضر ـ بالضاد - البغدادي , ومنه في الألقاب : البَطِين ـ بالباء – مفتوحة , وزن : كريْم ـ اسمه : مسلم بن عمران ، وذو البُطِين ـ بالباء- مفتوحة وزن ـ كرِيم ـ واسمه : مسلم بن عمران ، وذو البُطين ـ بالموحدة مضمومة ـ على وزن حُسين , وهو : أسامة بن زيد , ومنه في الأنساب : السَّيباني ـ بالنون وكسر المهملة في أوله ـ ، والشيباني ـ بالمعجمة المفتوحة ـ أبو عمرو وأبو إسحاق .
ومنه النسائي بالمهملة ـ صاحب " السنن " ـ ، والنسائي ـ بالمعجمة- محمد بن حرب . والخُراز ـ براء وزاي ـ عبد الله بن عون وخالد بن حَيان ، والخزاز ـ بزايين ـ أبو عامر صالح بن رستم .172
وفائدته .
معرفة هذا النوع من مهمات علم الرجال ، حتى قال على بن المديني : " أشد التصحيف ـ التغيير ـ ما يقع في الأسماء " , لأنه شيء لا يدخله القياس ، ولا قبله شيء يدل عليه ولا بعده . 173
وفائدته تكمن في تجنب الخطأ وعدم الوقوع فيه .
    

البيت الثاني عشر
يقول الإمام ابن فرح الإشبيلي ـ رحمه الله ـ :
خُذِ الوَجْدَ مِني مُسْنَداً ، وَمُعَنْعَنـــــــــاً
فغيْرِي بِمَوْضُوع الهَوَى يَتحَـــــللُ
في هذا البيت يذكر الناظم ثلاثة أنواع من الحديث وهم :
 الحديث المسند : وذلك في قوله : " خذ الوجد مني مسنداً " .
 الحديث المعنعن : " وذلك في قوله " ومعنعناً " .
 الحديث الموضوع : " وذلك في قوله : " فغيري بموضوع الهوي " .
وإليك أخي القارئ تفصيل هذه الأنواع :

الحديث المسند
واصطلاح " الحديث المسند " عند أهل الحديث ، قال الخطيب : " يريدون أن إسناده متصل بين راويه وبين من أسْند عنه ، إلا أن أكثر استعمالهم هذه العبارة هو فيما أسند عن النبي  واتصال الإسناد فيه أن يكون كل واحد من رواته سمعه ممن فوقه حتى ينتهى ذلك إلى آخره ، وإن لم يبين فيه السماع بل اقتصر على العنعنة " .174
قلت : وبهذا المعنى الذي عند أكثرهم عرف الحاكم " المسند " .
لكن ابن عبد البرّ جعله مرادفاً لـ " المرفوع " ، فلم يشترط فيه الإتصال حكاه عن طائفة .175
( فائدة ) : وليس وصفه بالاتصال عند من ذكره يعني الصحة ، وإنما المراد مجرد الإحالة ، وقد يكون ضعيفاًَ .
مثاله :
ما أخرجه البخاري قال : " حدثنا عبد الله بن يوسف عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال : أن رسول الله  قال : " إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً " .176
فهذا حديث اتصل سنده من أوله إلى منتهاه، وهو مرفوع إلى النبي  .
    

الحديث المعنعن
 تعريفه .
لغة : هى مصدر عنعن الحديث : إذا رواه بلفظ عن .177
واصطلاحاً : هو الحديث الذي يقول فيه سنده الرواى حين يؤدي الحديث : " فلان عن فلان " بلفظ " عن " دون غيرها من صيغ الأداء ، سواء في السند كله أو في موضع منه ، ويقال للأول : سند معنعن ، والثاني : سند معنعن في موضع أو في موضعين . . إلخ , حسب تعدد مواضع العنعنة فيه .
والعنعنة حال من أحوال السند دون المتن ، فيوصف بها السند ولا يوصف بها المتن ، فيقال : سند معنعن ، ولا يقال : حديث معنعن ، إلا على تقدير معنعن سنده , والرواى يقال معنعِن بكسر العين الثانية .178
 حكمه .
اختلف العلماء من أهل الحديث وغيرهم في الحكم على السند المعنعن هل هو من قبيل المتصل فيكون الحديث مقبولاً ، ويلزم العمل به ، أو هو ليس من قبيل السند المتصل فلا يكون الحديث مقبولاً ولا يلزم العمل به .
والراجح من المذهبين وهو مذهب جمهور المحدثين وغيرهم من أهل الفقه وأصحاب الأصول إلى أن السند المعنعن من قبيل المتصل حتى يتبين لنا خلاف ذلك ، لكن بشروط ثلاثة :
الأول : عدالة الراوي . وقد سبق الحديث عنها .
الثاني : براءة الرواة بلفظ " عن " من وصمه التدليس بأن يكون الراوى معروفاً بين أهل الحديث أنه ليس من المدلسين .
الثالث : ثبوت لقاء الرواى بمن روى عنه , ولو مرة واحدة , وهو مذهب الإمام البخاري وعلى ابن المديني .
    

الحديث الموضوع
الحديث الموضوع هو : ما أضيف إلى النبي  كذباًَ ، من قول أو فعل أو تقرير , وقد يكون ذلك من نسخ خيال الراوي الكاذب ، أو قولاً لأحد الحكماء ، أو لأحد الصحابة ، أو التابعين ، أو غير ذلك من الأمثال العربية أو الإسرائيليات ، سواء أكان ذلك لأغراض سيئة ، أم حسنة .
وإطلاق مصطلح : " الموضوع " في هذا المعنى هو الأغلب ، لا سيما عند المتأخرين ، بل استقر عندهم ، بحيث لا ينصرف إلى ذهنهم غير ذلك ، غير أن بعض القدامى أطلقوا لفظة " الموضوع " أيضاً فيما أخطأ الراوي من غير قصد ، وخاصة عندما يتبين ذلك الخطأ بجلاء ، وإن كان ذلك الراوي ثقة .
وإن كان الحديث الموضوع يختلف عن الحديث المعلول بتعمد الراوي الخطأ في الأول ، وبأنه لا يعذر في ذلك مهما كان قصده ، فإنهما في الحكم سواء ، ألا وهو الحديث باعتباره خطأ .
وبما أن الكشف عن الكذب في الأحاديث ، والإفتراء على النبي  أصبح أمراً سهلاً ، بعد أن قام النقاد بتمييز الوضاعين من المقبولين من الرواة
فإن الأئمة النقاد انصبت عنايتهم في بيان أخطاء الثقات والضعفاء ، لغموضها وصعوبة الوقوف عليها .
وعلى كل فإن الحديث الموضوع كان محل اهتمام القدامى من النقاد ، غير أن الكثيرين من الأئمة المتأخرين بذلوا جهداً كبيراً في إبراز ذلك بذكر المقاييس العلمية التي تعرف بها الأحاديث المكذوبة على النبي  اعتقاداً منهم بأن ذلك يبلور جهد المحدثين في نقد المتون .
وما شرحه ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ في كتابه " المنار المنيف " يعد أكثر استيعاباً لما يتعلق بالمقاييس التي يعرف بها الكذب .
 نشأة الحديث الموضوع .
قال الإمام ابن الجوزى ـ رحمه الله تعالى ـ :
" بعدما أفضى رسول الله  إلى ربه الكريم ، راضياً مرضياً ، وكلامه محفوظ غير مكتوب ، ومضى خير القرون - ولم يدون الحديث ولا وضع فيه كتاب , لكن كانت خلال ذلك أطلت الفتن برؤوسها ، فقتل عمر الفاروق الملهم وعثمان الحيى الكريم ، وعلى القوى الحكيم ، وطلحة الصالح المبشر , والزبير الحوارى الشهيد ، وسواهم وسواهم كثير ، ثم قتل ممن بعدهم الحسين بن على ، ومعه أمة من الصالحين ، ووراء كل هذا نصراء ، وأصحاب وشيعة ، وأحزاب .
وعلى امتداد عصر الراشدين ـ وخاصة على ـ وعلى امتداد حكم الأمويين ، وخاصة أيام معاوية إلى عبد الملك ، وفى مطلع أيام العباسيين ، وخاصة أيام أبى عبد الله السفاح ، وأبى مسلم الخراساني ، في إبان تلك الأيام ، طوراً طوراً وفى مختلف الأنحاء من معمور الأرض والبلاد ـ بلاد المسلمين ـ على تباين الأجناس ، وتفرق الأهواء والقوميات والعصبيات ، والسياسة في خدمة المعركة ، والإثارة في خدمة السياسة ، والهوى مستحكم ، والشر مستطار ، والفتن يقظى بعد هجوع ، والحكم للسيف ، والغلب لمن كثر أعوانه . . .
في هذا الوقت المضطرب ، عبر الأيام ، سعى الخصوم وراء الخصوم ، كل يعزز رأيه وحزبه ، العرب ـ في الأغلب ـ بالشعر والنثر والمأثور والخطابة , والعجم ـ في الأغلب ـ بالكيد والوقيعة والسعاية والدعاية ، وكان من أفعل الكيد , وأخبث الدعاية ، أن يُصنع حديث على نمط مقارب لآخر صحيح ، في لفظه وجرسه ، وشكله وسمته ، وينسب إلى الرسول الكريم  ، تمييزاً لشخص على آخر ، أو إنباء بحادث له دلالة لم يكن وقع آنذاك ، ثم وقع مؤخراً , أو نصرة لرأى أو مذهب اختصم فيه الأخصام ، أو إشادة بمنقبة ، أو افتعال لمثلبة ، وجرى ذلك وشاع في ندرة وقلة أيام عمر وعثمان ، خاصة من اليهود , وفى غلبة وكثرة أيام على ومعاوية - خاصة من فرس ـ وهاجت حمى وضع الأحاديث ونسبتها إلى رسول الله  فيما تلا ذلك من أيام ، وجاءت تترى من كل صوب ، تزاحم الصحيح لتزيله وتستقر في الأذهان مكانه .
ومن ورائها الغرض الخبيث ، والكيد للإسلام ، وإحلال القثور في مواضع اللباب ، والتفاهات في ثوب المهمات ، والشرك في مواضع التوحيد ، والخرافات والترهات بدلاً من الحقائق والبديهيات ، وتطور فن وضع الحديث مع الزمن ، وتدهور من أغراض الحرب والسياسة تبعاً لخور النفوس وانحطاط الأغراض ، إلى أغراض أخر دون ما تحرج ولا تأثم ، حتى تجاوز الوضع حدود الخصومات والخلافات السياسية والمذهبية إلى التكسب به ، كاسترضاء الخلفاء والأمراء رغبة فيما في أيديهم من المال والضياع ، أو طلباً للرياسة والجاه وبعد الصيت ، والمباهاة عند العامة ، وانحطت الأغراض في الوضع والكذب على رسول الله  ، أكثر فأكثر حتى وصلت إلى حد الخبل والبلاهة وما يشبه كلام الصبيان .
إلى حد أنه لا يستعظم على كذاب أن يضع حديثا ويقيم له سنداً يصل به إلى الرسول  ، يمدح به قبيلته ، أو بلدته ، أو نوع ثوبه ، أو طعاماً يحبه ، أو شراباً يسيغه ، أو فاكهة يؤثرها على غيرها . . ، إلى ما لا نهاية له من الخلط والتهريج ، بالعمد والنية السيئة والقصد في الأغلب ، وبالبلاهة والغباء والتعالم في الأقل .
وبشئ من الإيجاز يمكن تصور الموقف بالنسبة لتناقل الحديث وتفشى الوضع فيه ، مع تلخيص الأسباب المباشرة لنجاح الكذابين في وضع ما وضعوه .
من قبيل ذلك :
ما نقل عن ابن أبى العوجاء أنه قال حين أخذ لتضرب عنقه : لقد وضعت فيكم أربعة آلاف حديث أحرم فيها وأحلل .
و روى أن غياث بن إبراهيم دخل على المهدى - وكان يلهو بالرهان على الحمام ـ فروى له حديث : " لا سبق إلا في خف أو حافر أو جناح " فكافأه بعشرة آلاف درهم ، فلما قام غياث ليخرج قال المهدى : أشهد أن قفاك قفا كذاب على رسول الله  فما قال رسول الله : " جناح " ولكن أراد ليتقرب إلينا
وذكر سفيان الثوري : أنه سمع فيما أسند إلى جابر بن عبد الله وحده ، ثلاثين ألف حديث ما يستحل جابر نفسه أن يذكر شيئا منها .
ولقد كان السبب فى وضع الأحاديث وإشاعتها بين المسلمين بالصورة الوبائية المعلومة لدى أهل الحديث على النحو التالي :
أولاً : انحراف المزاج الفكري والعاطفي للشعوب الأعجمية التى دخلت الإسلام في أعقاب الفتوح ، أو التى عاشت تحت حكمه على دينها ، والأفراد الذين تظاهروا بالإسلام تقية كبعض اليهود والمجوس .
ثانياً : مات الرسول الكريم  ، وكان عدد من بقى بعد موته من أصحابه الذين رأوه وسمعوا منه زهاء مائة ألف أو يزيدون ، سمع منهم من التابعين وتابعي التابعين من لا يحصى كثرة ، من مختلف الأجناس وفى مختلف البقاع في غمرة هذه الكثرة ، وافتقاد ضابط الصحة للرواية ، في الزمان والمكان ، غافل الكذابون الناس ووضعوا ما شاءوا ، وتعذر ، بل استحال حصر ما وضعوه .
ثالثاً : انتهز الكذابون فرصة كثرة ما رواه ـ أمثال أبى هريرة ـ من الأحاديث الصحيحة عن النبي  - وهى كثيرة جداً - فوضعوا من الأحاديث المكذوبة شيئاً كثيراً نسبوه للنبى  زوراً عن طريق أبى هريرة ، ليتوه كثيرهم المكذوب في كثيره الصحيح ، وليشق تمييز صحيحه من سقيمهم ، وقد كان .
وعاش إلى جوار الوضاعين الشانئين ، وضاعون آخرون من طراز مختلف ، شأنهم أعجب ، وسلو كهم أغرب , وضاعون صالحون غيورون على الإسلام , يضعون الحديث ، ويزورون على الرسول ما لم يقل ، تقربا لله سبحانه وتزلفاً إليه ، وما كأنهم أثموا ، ولا جاءوا ظلماً من القول وزورا .
ولقد أدرك ابن عباس أوائل ذلك الزمن فقال متحسراً : كنا نحدث عن رسول الله  ، فلما ركب الناس الصعب والذلول تركنا الحديث .
فهذا أبو عصمة نوح بن أبى مريم ، يتعقب سور القرآن واحدة واحدة ، فليصق بكل سورة فضيلة ، ويرتب لها فائدة ، ويضع فيها حديثاً ينسبه إلى الرسول  زوراً بعد أن يصنع له سنداً ينتهى في غالب ما وضع إلى ابن عباس  ثم إلى النبي  عن طريق عكرمة بن أبى جهل ، كما كان أحيانا يرفع إلى أبى بن كعب أو سواه .
والعجب منه ومن أمثاله ، لا يرى أنه وقع في إثم بما فعل ! اسمع إليه يدفع عن نفسه اللوم حين عوتب فيقول : لما رأيت اشتغال الناس بفقه أبى حنيفة ، ومغازى محمد بن إسحاق ، وأنهم أعرضوا عن القرآن ، وضعت هذه الأحاديث حسبة لله تعالى !!!
ونشط وضاعون آخرون ، يضعون وينسبون ما وضعوا إلى رسول الله  زورا في فضائل من أحبوا ، ومثالب من أبغضوا ، ثم زيفوا لها الأسانيد أيضا كيلا يتطرق إليها الشك ، أو ينكشف الزيف ، وأسرف في ذلك جماعات ، كأمثال النقاش والقطيعي والثعلبي والأهوازى وأبى نعيم ، وسواهم فيما وضعوا من مناقب وفضائل أبى بكر الصديق وعمر وعثمان ومعاوية رضى الله عنهم ، وعلى الضد من هؤلاء قامت جماعات أخر تكيل الكيل كيلين فوضعت في مناقب على  من الأحاديث المستغربة ما لا يدخل تحت حصر من أمثال : أحمد بن نصر الذراع ، وحبة بن جوين ، وبشر بن إبراهيم ، وعباد بن يعقوب ، وعبد الله بن داهر ، وما نشط غير هؤلاء وهؤلاء آخرون من الزنادقة الذين لم يكونوا برئوا بعد من أثر المجوسية والمانوية والزردشية والمزدكية ، كان همهم وضع الحديث لبلبلة الأفكار وإفساد عقائد المسلمين .
ولقد أحصى المحدثون لبعض فرق الزنادقة وحدهم زهاء أربعة عشر ألف حديث مكذوب على الرسول الكريم  .
وأفظع من ذلك وأشنع ما صنعه ثلاثة نفر فحسب هم : أحمد بن عبد الله الجويبارى ، ومحمد بن عكاشة الكرماني ، ومحمد بن تميم الفريابى ، الذين وضعوا عشرة آلاف حديث وحدهم ونسبوها زوراً إلى النبي الكريم  ، ليضلوا بها عن سبيل الله ، ولم يكن هؤلاء الثلاثة ، فرسان حلبة خلت من أقران ، بل كان هناك ممن ساواهم ، بل زادهم وضاعون آخرون من أمثال : ابن أبى يحيى بالمدينة ، والواقدى ببغداد ، ومحمد بن سعيد المصلوب بالشام ، ومقاتل بن سليمان بخراسان ، ولم تكن حركة الوضع وضع الأحاديث المكذوبة على الرسول الكريم ، حركة ارتجالية عفوية في كل الأحيان ، إنما تطورت إلى حركة مدروسة هادفة ، وخطة شاملة لها خطرها وآثارها ، كان من نتائجها المباشرة على العديد من أجيال المسلمين في العديد من أقطارهم ، شيوع ما لا يحصى من الآراء الغريبة ، والقواعد الفقهية الشاذة , والعقائد الزائفة ، والإفتراضات النظرية المضحكة التى أيدتها ، وتعاملت بها ، وروجت لها ، فرق وطوائف معينة ، لبست مسوح الدروشة والتصوف حيناً ، والفلسفة حيناً ، والعباد والزهاد أحياناً ، وجافت في غالب أحوالها السلوك السوى والفكر والعقل السليم ، فضلاً عن مجافاتها الصارخة لكتاب الله سبحانه وهدى نبيه الكريم عليه والصلاه السلام .179
{ فائدة } : قد يسأل سائل ويقول : كيف يعرف الحديث الموضوع ؟
قلنا : أجاب عن هذا السؤال الإمام ابن الجوزى ـ رحمه الله تعالى ـ فقال :
" ما أحسن قول القائل : إذا رأيت الحديث يباين المعقول أو يخالف المنقول ، أو يناقض الأصول ، فأعلم أنه موضوع " .180
قلت : رحم الله أئمتنا النقاد ، وجزاهم عنا خير الجزاء ، في وصول سنة نبينا  إلينا ، وهي منقحة وبعيدة عن الدخيل ، بفضل جهودهم ، بل تركوا لنا منهجاً رائعاً لعملية التنقيح والتدقيق ، حتى ولو زيد حرف واحد في السنة ، أو في أحاديث الثقات ، فإن كشفه يتم بسهولة بفضل هذا المنهج القائم على المقارنة بين الأحاديث ، والجوانب العملية أو التاريخية ، أو العقلية ، فإذا تفرد الراوي الوضاع برواية حديث ، أو خالف حديثه ما ثبت بالقرآن ، أو بالسنة، أو بالإجماع ، فإن زيغه وكذبه في ذلك يكون كالشمس ، ولا يحتاج في معرفة تلك إلى بحث وتأمل .
وذلك بأن يأتي الحديث الكذب مناقضاً للقرآن الكريم ، أو السنة الصحيحة ، أو بديهيات العقيدة ، أو التاريخ أو العقل، وإن كان الكاذب قد تفرد برواية نص
دون أن يعرفه أحد من الحفاظ ، فإن هذا التفرد وحده كاف لمعرفة كذبه وزيغه ومع ذلك فإذا خالف القرآن الكريم أو الثابت عقلاً أو تاريخاً أو إجماعاً فإنه يزيد الباحث يقيناً وجزماً بأنه كذب .
{ مسألة } : قد يقول قائل : ما هو حكم نقل الحديث الموضوع ؟
والإجابة : إذا كان الحديث الموضوع كذباً على رسول الله  فإنه لا يجوز ذكره ونقله إلا على سبيل التعريف بوضعه ، وتحذير الناس من خطره ، فقد ورد عن النبي  : " من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين "
ومع ذلك ، فكثير من الناس لا يبالون بنقل الأحاديث الموضوعة إلى عوام الناس عبر منابر الجمعة ، ووسائل الإعلام ، وخطورة نشرها بين الأطفال في مجال التربية ، وربما يزعم بعضهم أن هذه الأحاديث وإن كانت موضوعة ، لكن معناها صحيح .
و من المعلوم : أن صحة المعنى لا تعني بالضرورة أن النبي  قد قاله ، وأنه لا يجوز إضافة الحديث الموضوع إلى النبي  ، وحتى نقله بقوله : روي عن النبي  ، إلا لتوعية الناس بحال ذلك الحديث من الكذب والوضع .
أما الأحاديث الضعيفة فلا تذكر إلا بأساليب معينة ، من شأنها بيان ذلك الضعف أو الإشارة إليه ، إذا كان العوام يفهم دلالة تلك الأساليب ، وإلا فالأفضل أن يبين لهم الضعف في الأحاديث الضعيفة بحيث يفهمون ذلك ، والله أعلم .
الكتب التى ذكرت الأحاديث الموضوعة .
وقد ألف كثير من أهل الحديث في بيان الأحاديث الموضوعة ، دفاعاً عن السنة، وتحذيراً للأمة مثل :
1 ـ " الموضوعات الكبرى " للإمام : عبد الرحمن بن الجوزي المتوفى سنة 597هـ ، لكنه لم يستوعبها وأدخل فيها ما ليس منها.
2 ـ " الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة " للإمام الشوكاني المتوفى سنة 1250هـ ، وفيها تساهل بإدخال ما ليس بموضوع .
3- " تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة " لابن عراق المتوفى سنة 963هـ ، وهو من أجمع ما كتب فيها .
4 ـ " الفوائد الموضوعة فى الأحاديث الموضوعة " للكرمى ، المتوفى سنة 1032 هـ .
5 ـ " اللالئ المصنوعة فى الأحاديث الموضوعة " للسيوطى ، المتوفى سنة 911 هـ .
    
فصل فى
بعض الأحاديث الموضوعة
وحتى تتم الفائدة ، أذكر هنا فى هذا الفصل بعض الأحاديث الموضوعة ، والتى اشتهرت بين كثير من الناس ، فهم يرددونها ولا يدرون حقيقتها ، وأحياناً يتلفظ بها كثير من الخطباء على المنابر ، والدعاة إلى الله عز وجل ، وذلك لجهلهم بمثل هذه الروايات ، وبمثل هذه القصص التى لا أصل لها .
والتى كثيراً ما يستخدم مثل هذه الأحاديث بعض الطوائف الضالة من المسلمين لتثبيت ضلالاتهم ، وافترائاتهم ، خاصة طوائف الشيعة الذين يغالون فى محبة آل بيت النبي  ، والصوفية الذين يبالغون فى محبة الصالحين ، ويستدلون على ذلك بأحاديث ـ لا أقول ضعيفة ـ إنما تكون فى الأغلب موضوعة ولا أصل لها ، نسأل الله تعالى الثبات والتوفيق .
وها هى الأحاديث مع تخريج علماء الحديث القدامى لها ، والمعاصرين ، وعلى رأسهم الإمام الألبانى ـ رحمه الله ـ .
1 ـ " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، لم يزدد من الله إلا بعداً " . وفي لفظ : " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر ، فلا صلاة له ".
قال الذهبي : قال ابن الجنيد : كذب وزور ، و قال الحافظ العراقي : حديث إسناده لين ، و قال الألباني : باطل لا يصح من قبل إسناده ولا من جهة متنه , " ميزان الاعتدال " ( 3/293 ) . " تخريج الإحياء " ( 1/143 ) . " السلسلة
الضعيفة " ( 2 ، 985 ) .
2 ـ " اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً ".
قال الألباني : لا يصح مرفوعاً ، أي : ليس صحيح عن النبي " الضعيفة " (Cool .
3 ـ " أوحى الله إلى الدنيا أن اخدمي من خدمني وأتعبي من خدمك " .
قال الألباني : موضوع ، " تنزيه الشريعة " للكناني ( 2/303 ) ، " الفوائد المجموعة " للشوكاني ( 712 ) ، " الضعيفة " ( 12 ) .
4- " إياكم وخضراءُ الدِّمن ، فقيل : ما خضراء الدِّمن؟ قال : المرأةُ الحسناء في المنبت السوء " .
قال العراقي : ضعيف وضعفه ابن الملقن ، و قال الألباني : ضعيف جداً. " تخريج الإحياء " ( 2/42 ) ، " الضعيفة " (14) .
5- " توسلوا بجاهي ، فإن جاهي عند الله عظيم " .
قال ابن تيمية والألباني : لا أصل له ، " اقتضاء الصراط المستقيم " لابن تيمية ( 2/415 ) ، " الضعيفة " (22) .
6- " من خرج من بيته إلى الصلاة فقال : اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك ، وأسألك بحق ممشاي هذا ، أقبل الله عليه بوجهه واستغفر له ألفُ ملك " .
ضعفه المنذري ، قال البوصيري : سنده مسلسل بالضعفاء ، قال الألباني : ضعيف ، " الترغيب والترهيب " للمنذري ( 3/272 ) . " سنن ابن ماجه " (1/256) .
7- " من نام بعد العصر ، فاختلس عقله ، فلا يلومن إلا نفسه " .
أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3/69 ) ، والسيوطي في " اللآلئ المصنوعة " ( 2/279 ) ، والذهبي في " ترتيب الموضوعات " .
8 - " اختلاف أمتي رحمة " .
موضوع : " الأسرار المرفوعة " ( 506 ) " تنزيه الشريعة "( 2/402 ) وقال الألباني : لا أصل له ، " الضعيفة " (11) .
9- " الناس كلهم موتى إلا العالمون ، والعالمون كلهم هلكى إلا العاملون والعاملون كلهم غرقى إلا المخلصون ، والمخلصون على خطر عظيم " .
قال الصغاني : هذا الحديث مفترى ملحون والصواب في الإعراب : العالمين والعالمين ، " الموضوعات " ( 200 ) ، وأورده الشوكاني في " الفوائد المجموعة " ( 771 ) ، والفتني في " تذكرة الموضوعات " (200) .
10- " إن لكل شيء قلباً، وإن قلب القرآن ( يس ) من قرأها ، فكأنما قرأ القرآن عشر مرات " .
موضوع : " العلل " لابن أبي حاتم ( 2/55 ) ، " الضعيفة " (169) .
11- " لولاك ما خلقت الدنيا " .
موضوع : " اللؤلؤ المرصوع " للمشيشي ( 454 ) ، " ترتيب الموضوعات " ( 196 ) ، و " الضعيفة " ( 282 ) .
12- " يدعى الناس يوم القيامة بأمهاتهم ستراً من الله عز وجل عليهم " .
موضوع : " اللآلئ المصنوعة " للسيوطي ( 2/449 ) ، " الموضوعات " لابن الجوزي ( 3/248 ) ، " ترتيب الموضوعات " (1123) .
13- " ليس لفاسق غيبة " .
موضوع : " الأسرار المرفوعة " للهروي ( 390 ) ، " المنار المنيف " لابن القيم ( 301 ) ، " الكشف الإلهي " ( 1/764 ) .
14ـ " إذا مات الرجل منكم فدفنتموه فليقم أحدكم عند رأسه ، فليقل : يا فلان بن فلانة ! فإنه سيسمع ، فليقل : يا فلان بن فلانة ! فإنه سيستوي قاعداً ، اذكر ما خرجت عليه من دار الدنيا : شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ... الخ " .
وهذا حديث ظاهر في نكارته وبطلانه ، وقد علق عليه أئمتنا من العلماء المحدثين , قال النووي في " المجموع " ( 5 / 304 ) والعراقي في " تخريج الإحياء " ( 4 / 420 ) : " إسناده ضعيف " .
وقال ابن القيم في " زاد المعاد " ( 1 / 206 ) : " حديث لا يصح " .
وقال الإمام الألباني في : " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 64 ) : " منكر " .
15- " الأبدال في هذه الأمة ثلاثون ، مثل إبراهيم خليل الرحمن عز وجل كلما مات رجل أبدل الله تبارك وتعالى مكانه رجلاً " .
موضوع : " الأسرار المرفوعة " لعلي القاري (470) ، " تمييز الطيب من الخبيث " لابن الديبع (7) ، " المنار المنيف " لابن القيم (308) .
16- " إن عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبواً " .
موضوع : " المنار المنيف " لابن القيم (306) ، " الفوائد المجموعة " للشوكانى ( 1184 ) .
17ـ " لما اقترف آم الخطيئة قال : يارب أسألك بحق محمد لما غفرت لى . . . الخ " .
قال الألبانى : موضوع ، ونقل تعليق الذهبى عليه ، وفيه قال الذهبى : موضوع ، وعبد الرحمن واه ، وعبد الله بن مسلم الفهرى لا أدرى من هو ، أنظر : السلسلة الضعيفة ( 1/89 ) .
    

البيت الثالث عشر
يقول الإمام ابن فرح الإشبيلي ـ رحمه الله ـ :
وَذِي نُبَذ مِنْ مُبْهَمِ الحُب فَاَعتبِــــــــــرْ
وَغَامِضُهُ إنْ رُمْتَ شَرْحاً أطــــولُ
في هذا البيت يذكر الناظم نوع من أنواع الحديث ومبحثين من مباحث المصطلح وهم :
 الحديث المبهم : وذلك في قوله : " وذي نبذ من مبهم الحب " .
 مبحث الغامض : وذلك في قوله : " وغامضه إن رمت شرحاً أطول "
 مبحث الإعتبار : وذلك في قوله: " من مبهم الحب فاعتبر " .
وإليك أخي القارئ بيان هذه الأنواع :

الحديث المبهم
هذا العلم يندرج تحت علم رجال الحديث ، فهو باب من أبواب هذا العلم .
 وتعريفه .
لغة : المُبَهمات جمع : " مُبْهَم " وهو اسم مفعول من : " الإبْهام " ضد الإيضاح .
واصطلاحاً : هو من أبْهم اسمه في المتن أو الإسناد من الرواة , أو ممن له علاقة بالرواية .181
 من فوائده .
 إن كان الإبهام في السند : معرفة الراوي إن كان ثقة أو ضعيفاً للحكم على الحديث بالصحة أو الضعف.
 وإن كان في المتن : فله فوائد كثيرة أبرزها معرفة صاحب القصة , أو السائل حتى إذا كان في الحديث منقبة له عرفنا فضله ، وان كان عكس ذلك ، فيحصل بمعرفته السلامة من الظن بغيره من أفاضل الصحابة .
 أقسامه .
يقسم المُبْهم بحسب شدة الإبهام أو عدم شدته إلى أربعة أقسام ، وأبدأ بأشدها إبهاماً :
 رجل أو امرأة : كحديث ابن عباس أن " رجلاً " قال يا رسول الله ، الحج كل عام ؟ , هذا الرجل هو الأقرع ابن حابس .
حديث ليلة القدر وفيه : " فتلاحا رجلان فرفعت " , هما كعب بن مالك وعبد الله بن ابي حدرد .182
 الابن والبنت : ويلحق به الأخ والأخت وابن الأخ وابن الأخت وبنت الأخ وبنت الأخت ، كحديث أم عطية في غسل " بنت " النبي  بماء وسِدْر وهي زينب ـ رضي الله عنهما ـ . 183
 العم والعمة : ويلحق به الخال والخالة , وابن أو بنت العم والعمة , وابن أو بنت الخال والخالة ، كحديث رافع بن خديج عن : " عمه " في النهي عن المُخابَرَة ، اسم عمه : " ظهَير بن رافع " ، وكحديث " عمة " جابر التي بكت أباه لما قتل يوم أحد ، اسم عمته : " فاطمة بنت عمرو " . 184
 الزوج والزوجة : كحديث الصحيحين في وفاة " زوج " سُبَيعة ، اسم زوجها " سعد بن خَوْلَة " , وكحديث " زوجة " عبد الرحمن بن الزبير التي كانت تحت رفاعة القُرظي ، فطلقها ، اسمها " تميمة بنت وهب " .185
( فائدة ) : والفرق بينه وبين المهمل : أن المُهْمل ذُكر اسمه والتبَسَ تعيينه ، والمُبْهم لم يُذكر اسمه .
ولقد صنف في هذا النوع عدد من العلماء ، منهم عبد الغني بن سعيد والخطيب والنووي ، وأحسنها وأجمعها كتاب " المُسْتَفاد من مبهمات المتن والإسناد " لولي الدين العراقي .
    

علم غامض ـ أو غريب ـ الحديث
 تعريف الغريب .
يقال في كلام العرب : غربت الكلمة غرابة : إذا غمضت وخفيت معنى ، وغرب الرجل يغرب غرباً : إذا ذهب الرجل وبعد .
وقال أبو سليمان محمد الخطابي :
" أن الغريب من الكلام إنما هو الغامض البعيد من الفهم , كالغريب من الناس ، وقال : إن الغريب من الكلام يستعمل على وجهين : أحدهما أن يراد أنه بعيد المعنى غامضه لا يتناوله الفهم إلا عن بعد ومعاناة فكر , والوجه الاخر أن يراد به كلام من بعدت به الدار ونأى به المحل من شواذ قبائل العرب ، فإذا وقعت الكلمة من لغاتهم استغربناها " . 186
والمعني : أن علم غريب الحديث يبحث عن بيان معاني الكلمات الغامضة في حديث رسول الله  , وقد اهتم به العلماء لما يترتب عليه من ضبط ألفاظ الحديث ، وفهم معناه ، واستنباط أحكامه ، لا سيما بعد أن تطرق الفساد الى اللسان العربي ، وذلك بدخول كثير من العجم في الإسلام , فنشأ جيل تجوبه العجمة في لسانه ، فاستغلق فهم كثير من ألفاظ الحديث على بعض الناس ، فانبري العلماء لبيانها وشرحها .
لا شك أن معرفة مفردات الحديث هي الخطوة الأولى في فهم مضمون الحديث , واستنباط الحكم منه .
 أسباب انتشار غريب الحديث .
قال الخطابي يذكر السبب الذي من أجله كثر غريب حديث رسول الله  :
" إنه  بعث مبلغاً ومعلماً , فهو لا يزال في كل مقام يقومه وموطن يشهده يأمر بمعروف وينهى عن منكر , ويشرع في حادثه , ويفتى في نازلة والأسماع إليه مصغية , والقلوب لما يرد عليها من قوله واعية ، وقد يختلف عنها عباراته ، ويتكرر فيها بيانه , ليكون أوقع للسامعين وأقرب إلى فهم من كان منهم أقل فقهاً وأقرب بالاسلام عهداً ، وأولو الحفظ والإتفاق من فقهاء الصحابة يوعونها كلها سمعاً , ويستوفونها حفظاً , ويؤدونها على اختلاف جهاتها ، فتجمع لك لذلك في القضية الواحدة عدة ألفاظ تحتها معنى واحد ، وقد يتكلم  في بعض النوازل ، بحضرته أخلاط من الناس , قبائلهم شتى ولغتهم مختلفة , ومراتبهم في الحفظ والإتقان غير متساوية ، وليس كلهم يتيسر لضبط اللفظ وحصره أو يتعمد لحفظه ووعيه , وإنما يستدرك المراد بالفحوى ويتعلق بالعمى , ثم يؤديه بلغته ويعبر عنه بلسان قبيلته ، فيجتمع في الحديث الواحد إذا انشعبت طرقه عدة ألفاظ مختلفة موجبها شئ واحد . 187
 الدواعي التي أدت الى وضع هذا العلم .
قال ابن الأثير :
" اعلم أن رسول الله  كان أفصح العرب لساناً ، وأوضحهم بياناً , وأعذبهم نطقاً ، وأسدهم لفظاً , وأبينهم لهجة ، وأقومهم حجة , وأعرفهم بمواقع الخطاب ، وأهداهم إلى طرق الصواب , تأييداً إلهياً ، ولطفاً سماوياً , وعناية ربانية ، ورعاية روحانية , فكان  يخاطب العرب على إختلاف شعوبهم وقبائلهم ، وتباين بطونهم وأفخاذهم وفصائلهم ، كلا منهم بما يفهمون ويحادثهم بما يعلمون , ولهذا قال  : " أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم " ، فكأن الله عز وجل قد أعلمه ما لم يكن يعلمه غيره من بني أبيه ، وجمع فيه من المعارف ما تفرق , ولم يوجد في قاصي العرب ودانيه , وكان أصحابه  ومن يفد عليه من العرب يعرفون أكثر ما يقوله ، وما جهلوه سألوه عنه فيوضحه لهم .
واستمر عصره  إلى حين وفاته على هذا السنن المستقيم , وجاء العصر الثاني - وهو عصر الصحابة - جارياً على هذا النمط سالكاً هذا المنهج , فكان اللسان العربي عندهم صحيحاً محروساً لا يتداخله الخلل ، ولا يتطرق إليه الزلل ، إلى أن فتحت الأمصار ، وخالط العرب غير جنسهم من الروم والفرس والحبش والنبط ، وغيرهم من أنواع الأمم الذين فتح الله على المسلمين بلادهم ، وأفاء عليهم أموالهم ورقابهم ، فاختلطت الفرق , وامتزجت الألسن ، وتداخلت اللغات ونشأ بينهم الأولاد ، فتعلموا من اللسان العربي ما لا بد لهم في الخطاب منه ، وحفظوا من اللغة مالا غنى لهم في المحاورة عنه ، وتركو ما عداه لعدم الحاجة إليه ، وأهملوه لقلة الرغبة في الباعث عليه ، فصار بعد كونه من أهم المعارف مطرحاً مهجورا ، وبعد فرضيته اللازمة كأن لم يكن شيئا مذكورا , وتمادت الأيام والحالة هذه على ما فيها من التماسك والثبات ، واستمرت على سنن من الإستقامة والصلاح ، إلى أن انقرض عصر الصحابة والشأن قريب ، والقائم بواجب هذا الأمر لقلته غريب , وجاء التابعون لهم بإحسان فسلكوا سبيلهم لكنهم قلوا في الإتقان عددا ، واقتفوا هديهم وإن كانوا مدوا في البيان يدا ، فما انقضى زمانهم على إحسانهم إلا واللسان العربي قد استحال أعجمياً أو كاد ، فلا ترى المستقل به والمحافظ عليه إلا الآحاد .
هذا والعصر ذلك العصر القديم ، والعهد ذلك العهد الكريم ، فجهل الناس من هذا المهم ما كان يلزمهم معرفته ، وأخروا منه ما كان يجب تقدمته ، واتخذوه وراءهم ظهرياً فصار نسياً منسياً ، والمشتغل به عندهم بعيداً قصيا ، فلما أعضل الداء وعز الدواء ، ألهم الله عز وجل جماعة من أولي المعارف والنهى وذوي البصائر والحجى ، أن صرفوا إلى هذا الشأن طرفاً من عنايتهم ، وجانباً من رعايتهم ، فشرعوا فيه للناس مواردا ، ومهدوا فيه لهم معاهدا ، حراسة لهذا العلم الشريف من الضياع ، وحفظاً لهذا المهم العزيز من الاختلال .
 المصنفات في هذا العلم .
ظهر التأليف في هذا العلم في أواخر القرن الثاني الهجري ، وأول من ألف فيه على الصحيح : أبو الحسن النضر بن شميل المازني المتوفي : ( 203هـ )
ثم توالى التأليف بعد ذلك على مر القرون ، ومن أجمع الكتب في غريب الحدث كتاب " الفائق في غريب الحديث " لأبي القاسم جار الله بن عمر الزمخشري المتوفي عام ( 538 هـ ) ، ومن أجمع وأوفي كتب غريب الحديث كتاب : " النهاية في غريب الحديث والأثر " لابن الأثير الجزري المتوفي سنة : ( 606 هـ ) .
أمثلته :
ومن أمثله الغريب حديث النبي  : " أهل النار كل جعظري جواظ " , والحديث أخرجه الشيخان .
والجعظري : هو الفظ الغليظ المتكبر , وقيل : هو الذي ينتفخ بما ليس عنده.
والجواظ : هو الجموح ، المتبوع ، وقيل : كثير اللحم ، المختال في مشيته ، وقيل : القصير المتين , وقيل هو الفاجر , قاله القاضي عياض في : " المشارق " .
مثال آخر : حديث النبي  : " ألظوا بياذا الجلال والإكرام " . والحديث عند الترمذي في كتاب : " الدعوات " .
ومعناه : ألزموا ، واثبتوا على هذا الدعاء ، وأكثروا من قوله ، والتلفظ به في دعائكم ، يقال : ألظ بالشئ إلظاظا : إذا لزمه وثابر عليه .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
حامل المسك
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى



عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 21/03/2012

القول الفصيح شرح غرامي صحيح  Empty
مُساهمةموضوع: القول الفصيح شرح غرامي صحيح   القول الفصيح شرح غرامي صحيح  I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 01, 2013 3:01 pm

مبحث الإعتبار
 تعريفه .
لغة : " اعتبَر " بمعني الإعتبار , أي : النظر في الأمور ليعرف بها شيء آخر من جنسها.
واصطلاحاً : هو تتبع طرق حديث انفرد بروايته راو ليعرف هل شاركه في روايته غيرُه أو لا .
والمعنى : أن الإعتبار إنما هو هيئة التوصل إلي المتابعة والاستشهاد ، أو هو طريقة البحث والتفتيش عن التابع والشاهد .
والمتابعة هي : عبارة عن مشاركة بين الرواة في رواية حديث عن صاحبه أو عن مصدره ، القريب أو البعيد ، مع اتفاقهم سنداً ومتناً ، ودون زيادة أو نقص , وتعد كل رواية متابعة لأخرى ، ويقال في هذا المجال : تابعه فلان وفلان .
أو : هو الحديث الذي يشارك فيه رواته رواه الحديث الفرد لفظاً ومعني فقط مع الإتحاد في الصحابي , وصورته : أن يروي الحديث عن ابن عمر نافع مولاه ، ويوافقه في روايته سالم بن عبد الله بن عمر يرويه كذلك عن أبيه ، فيقال : تابع سالم نافعاً ، وكل منهما متابع ومتابَع .
مثاله :
ما رواة البخارى : حدثنا مالك بن إسماعيل , حدثنا ابن عيينة , عن الزهري قال : قال السائب بن يزيد : " ذهبنا نتلقى رسول الله  إلى ثنية الوداع ".
حدثنا على بن عبد الله , حدثنا ابن عيينة قال : سمعت الزهري , عن السائب بن يزيد يقول : " أذكر أني خرجت من الغلمان إلى ثنية الوداع نتلقى رسول الله  " . 189
فرواية علي بن عبد الله تعد متابعة لرواية مالك بن إسماعيل ، أو بالعكس ، لأنهما اشتركا في رواية هذا الحديث عن سفيان بن عيينة ـ وهو مصدر الحديث ـ مع اتفاقهما سنداً ومتناً .
وهذه المشاركة من شأنها أن تزيل الشبهات والمخاوف حول مدى حفظ كل واحد منهم لما رواه من الحديث ، بخلاف التفرد والمخالفة ، فإنهما تثيران ريبة حول حفظ ما تفرد به ، أو خالف فيه غيره .
والإستشهاد هو : أن تكون المشاركة في الحديث بين صحابيين أو أكثر ، مع اتفاقهم في المتن وإن لم يكن بلفظه ، دون اختلافهم ـ زيادة ونقصاً ، أو تعميماً وتخصيصاً ، أو إطلاقاً وتقييداً ـ فيعد حديث كل واحد منهم شاهداً للآخر .
كحديث يروى عن جابر بن عبد الله ، ويروى مثله , أو نحوه , أو معناه عن عائشة أم المؤمنين ، فيقال عن حديث جابر : له شاهد من حديث عائشة وكذلك العكس .
    

البيت الرابع عشر
يقول الإمام ابن فرح الإشبيلي ـ رحمه الله ـ :
عَزِيزٌ بِكُمْ صَب ذلِيلٌ لِعِزكـــــــــــــــــمْ
وَمَشْهُورُ أوْصَافِ المُحِب التذلـــلُ
في هذا البيت يذكر الناظم نوعين من الحديث وهما :
 الحديث العزيز : وذلك في قوله : " عزيز بكم صب ذليل لعزكم " .
 الحديث المشهور : وذلك في قوله : " ومشهور أوصاف المحب " .
وإليك أخي القارئ بيان هذان النوعان :

الحديث العزيز
هذا النوع من الحديث والذي يليه ـ المشهور ـ هو نوع من أنواع أحاديث الآحاد .
والأحاد هو : هو ما رواة واحد أو أكثر ، ولم يصل فى الكثرة إلى حد التواتر , أو وصل ، ولكنه فقد شرطاً من شروطه .190
 وتعريف العزيز .
هو : الحديث الذي رواة اثنان ، ولو في طبقة واحدة ، بشرط أن لا يقل رواته عن اثنين في جميع طبقات السند .191
وسمي بذلك لأحد أمرين :
إما لعزته ، أي : ندرته ، وذلك لقلة وجود هذا النوع .
وإما لعزته ، أي : قوته ، وذلك لتقويته بمجيئه من طرق أخرى .
والمعنى : أنه لا يوجد طبقة من طبقات السند أقل من اثنتين ، أما إن وجد في بعض طبقات السند ثلاثة فأكثر فلا يضر ، بشرط أن تبقى ولو طبقة واحدة فيها اثنان ، لأن العبرة لأقل طبقة من طبقات السند .
مثاله :
قوله  : " لا يؤمن أحدكم ، حتى أكون أحب إليه من ولده ، ووالده ، والناس أجمعين " . 192
فقد رواة من الصحابة أنس وأبو هريرة ، ورواة عن أنس اثنان من التابعين قتادة , وعبد العزيز بن صهيب ، ورواة عن قتادة اثنان : شعبة وسعيد ، ورواة عن عبد العزيز اثنان : إسماعيل بن علية وعبد الوارث ، ثم رواة عن كل من إسماعيل وعبد الوارث جماعة .
    

الحديث المشهور
والمشهور هو : ما رواة ثلاثة فصاعداً في كل طبقة من طبقات رواته ، ولم يصل إلى حد التواتر .
وسمي بذلك : لوضوحه وظهوره وسماه جماعة من الفقهاء " المستفيض " لانتشاره ، من فاض الماء يفيض فيضاً .
ومن العلماء من فرق بين المشهور والمستفيض ، فقال : المستفيض يكون في ابتدائه ووسطه وانتهائه سواء ، والمشهور أعم من ذلك ، ومن العلماء من عكس .193
مثاله :
ما رواة الشيخان : عن عبد الله بن عمر عن النبي  قال : " إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد , ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤساء جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا " .194
 أشهر المصنفات في الحديث المشهور .
" المقاصد الحسنة في الأحاديث المشتهرة " للسخاوى .
" كشف الخفاء ومزيل الإلتباس فيما اشتهر على ألسنة الناس " للعجلونى
" الدرر اللامعة في بيان كثير من الأحاديث الشائعة " للزرقانى .
" التذكرة في الأحاديث المشتهرة " للزركشى .
" الدرر المنتشرة في الأحاديث المشتهرة " للسيوطي .
    

البيت الخامس عشر
يقول الإمام ابن فرح الإشبيلي ـ رحمه الله ـ :
غَرِيبٌ يُقَاسِي البُعْدَ عنْكَ وَ مَالــــــــــه
وحَقك عَن دَارِ القِلى مُتحَـــــــــولُ
في هذا البيت يذكر الناظم نوع من أنواع الحديث وهو :
 الحديث الغريب : وذلك في قوله : " غريب يقاسي البعد عنك " .
( فائدة ) : في قول الناظم في هذا البيت : " متحول " قال البعض : أنه إشارة إلى ما يسمى بتحول الإسناد إلى إسناد آخر ، إذا كان للحديث أكثر من إسناد ، سواء كان التحول عند آخر الإسناد أو في أثنائه ، وينطق بها على صورتها فيقال : " حا " .
مثاله :
قول البخاري : حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية ، عن عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس عن النبي  ( حا ) وحدثنا آدم قال : حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس قال : قال النبي  : " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده ، وولده ، والناس أجمعين " .195

الحديث الغريب
وهو آخر نوع من أنواع حديث الآحاد .
 وتعريفه .
هو : الحديث الذي تفرد بروايته راو واحد في كل طبقاته ، أو في بعضها ، ولو في طبقة واحدة .196
والمعنى : أن هذا الحديث قد استقل بروايته شخص واحد ، أما في كل طبقة من طبقات السند ، أو في بعض طبقات السند ، ولو في طبقة واحدة ، ولا تضر الزيادة عن واحد في باقي طبقات السند ، لأن العبرة للأقل .
( مسألة ) : يطلق كثير من العلماء على الغريب اسماً آخر هو " الفرد " على أنهما مترادفان ، وغايَرَ بعض العلماء بينهما ، فجعل كلا منهما نوعاً مستقلاً ، لكن الحافظ ابن حجر يعتبرهما مترادفين لغة واصطلاحاً ، إلا أنه قال إن أهل الاصطلاح غايروا بينهما من حيث كثرة الاستعمال وقلته فـ " الفرد " أكثر ما يطلقونه على "الفرْد المطلق" , و " الغريب " أكثر ما يطلقونه على " الفرْد النسْبي " .197
 أقسام الغريب .
ينقسم الغريب بالنسبة لموضع التفرد فيه إلى قسمين :

 الغريب المطلق 
وهو : ما كانت الغرابة فيه واقعة في أصل السند ، أي : من جهة النبي  ، بأن كان لا يرويه عن النبي  إلا صحابي واحد ، أو لم يروه عن الصحابي إلى تابعي واحد .
مثاله :
ما أخرجه البخاري عن الحميدي , عن سفيان , عن يحيى بن سعيد الأنصاري , عن محد بن إبراهيم التيمي , عن علقمة بن وقاص الليثي أنه سمع عمر بن الخطاب  يقول سمعت رسول الله  يقول : " إنما الأعمال بالنيات . . . الحديث " 198.
فقد تفرد به راو واحد من الصحابة عن النبي  وهو : عمر بن الخطاب ، ثم تفرد به عنه من التابعين : علقمة ، ثم تفرد به محمد بن إبراهيم التيمى ، عن علقمة ، ثم تفرد به يحيى بن سعيد عن التيمى ، ثم رواة عن يحيى عدد كثير في كل طبقة .
فالتفرد : كما تبين لك وقع في أصل السند ، حيث تفرد به الصحابي والتابعي .

 الغريب النسبي 
وهو : ما كانت الغرابة فيه في أثناء سنده ، أي من تابع التابعي ، فمن بعده إلى آخر سنده ، سواء ذلك التفرد من الصحابي أو من التابعي ، أو لم يقع , كحديث يرويه أبو هريرة وابن عمر ، ولكنه لم يعرف عن ابن عمر إلا من رواية نافع مولاه ، فهو من أفراد نافع عن ابن عمر ، والتفرد فيه إنما وقع بالنسبة لابن عمر ، لا مطلقاً ، ويقولون فيه : " تفرد به فلان عن فلان ".
والسبب في تسميته بالغريب النسبي : لأن التفرد فيه حصل بالنسبة إلى راو معين .
( مسألة ) : ذهب الحافظ ابن حجر إلى أن الغريب المطلق والغريب النسبي مترادفان لغة واصطلاحاً ، وذهب البعض إلى التفريق بينهما في الإصطلاح من حيث كثرة الإستعمال وقلته ، فالفرد أكثر ما يطلقونه على الفرد المطلق ، والغريب أكثر ما يطلقونه على الفرد النسبي .199
 حكم الحديث الغريب .
من الحديث الغريب ما صح إسناده عن الثقات ، كالإفراد المخرجة فى كتب الصحيح ، فهذه يحكم لها بالصحة ، أما غيرها فيغلب عليها طابع الضعف والنكارة ، وهو أمر يجب أن يعرف لتوقى العمل به .
قال الإمام مالك ـ رحمه الله ـ :
" شر العلم الغريب ، وخير العلم الظاهر الذي قد رواة الناس " .
وقال أحمد بن حنبل ـ رحمه الله تعالى ـ :
" لا تكتبوا هذه الأحاديث الغرائب ، فإنها مناكير وعامتها من الضعفاء ".200
( تنبيه ) : الألقاب الثلاثة لحديث الآحاد جرى المتأخرون على ذكرها دون اعتبار ثبوت الرواية بذلك الإسناد أو تلك الأسانيد .
والإسناد إنما أريد لتمييز ما يثبت من النقل وما لا يثبت ، فالحديث حين يسمى " عزيراً " أو " مشهوراً " بالمعنى الاصطلاحي المتقدم ، ينبغي أن ينفى عن أسانيده ما كان من روايات الكذابين والمتروكين , ومن لا يعتبر بحديثه ، وإنما تعتبر الأسانيد التي تندرج في حيز القبول وما يشبهه ويقرب منه ، وإلا فأي عزة أو شهرة لحديث رواه متروكان أو متروكون كل بإسناد لنفسه لا يعرف إلا من طريقه ؟! .
والواقع العملي لأهل العلم بالحديث أنهم حين يصفون الحديث بالشهرة ، فذلك عندما تكثر طرقه ، وتدل بأفرادها أو مجموعها ، على ثبوته ، فهكذا ينبغي أن يعامل هذا الوصفان .
وأما " الغريب " فهذا الذي يرد فيه الثابت وغيره ، بل إنك ترى وصف " الغريب " في استعمال بعض أهل الحديث قد يساوي الضعف أو يدل عليه .

البيت السادس عشر
يقول الإمام ابن فرح الإشبيلي ـ رحمه الله ـ :
فرفقاً بِمَقطوع الوَسائِلِ مالــــــــــــه
إليْك سَبِيلٌ لا وَلا عنك مَعْــــــــــدِلُ
في هذا البيت يذكر الناظم نوع من الحديث وهو :
 الحديث المقطوع : وذلك في قوله : " فرفقاً بمقطوع الوسائل ماله " .
وإليك بيانه :

الحديث المقطوع
 تعريفه .
الحديث المقطوع هو : ما أضيف إلى التابعى ، أو من دونه من قول أو فعل موقوفاً عليه .201
والمعنى : أى ما أسند إلى التابعى , أو تابع التابعى فمن دونه من قول أو فعل ، وسواء أكان التابعى كبيراً أو صغيراً ، والمراد بالتابعى الكبير : هو الذى يروى أغلب أحاديثه عن الصحابة , وتقل روايته عن التابعين مثل : سعيد بن المسيب ، وقيس بن أبى حازم .
والمراد بالتابعى الصغير : هو الذى يروى أغلب أحاديثه عن التابعين ، وتقل روايته عن الصحابة ، كأبى حازم , ويحيى بن سعيد .
أنواعه .
1 ـ المقطوع القولى , ومثاله :
قول الحسن البصرى فى الصلاة خلف المبتدع : " صل وعليه بدعته " .202
2 ـ المقطوع الفعلى , ومثاله :
قول إبراهيم بن محمد بن المنتشر : " كان مسروق يرخى الستر بينه وبين أهله ، ويقبل على صلاته ويخليهم ودنياهم " .203
 حكم الحديث المقطوع .
الحديث المقطوع لا يحتج به فى شئ من الأحكام الشرعية إذا خلا من قرينة الرفع ، ولو صحت نسبته لقائله لأنه كلام أو فعل أحد المسلمين ، لكن إن كانت هناك قرينة تدل على رفعه إلى رسول الله  .
وكذلك كقول بعض الرواة ـ عند ذكر التابعى ـ " يرفعه " مثلاً ، فله حكم المرفوع ، ومن المقطوع الذى له حكم المروفع ، قول التابعى فى سبب النزول أو فيما لا مجال للرأى فيه . 204
    

البيت السابع عشر
يقول الإمام ابن فرح الإشبيلي ـ رحمه الله ـ :
فَلا زلتَ في عِزَ مَنيعٍ وَرِفعَـــــــــــــةٍ
ولا زِلتَ تعلوُ بالتجَني فَأنْـــــــــزلُ
في هذا البيت يذكر الناظم مبحث من مباحث المصطلح وهو :
 مبحث الإسناد العالي و الإسناد النازل : " وذلك في قوله : " ولا زلت تعلو في التجنى فأنزل " .
وإليك تفصل هذا المبحث من مباحث المصطلح :

الإسناد العالى والإسناد النازل
 تعريفه .
اصطلاحاً الإسناد العالى : هو الذي قل عدد رجاله بالنسبة إلى سند آخر يرد به ذلك الحديث بعدد أكثر .
والإسناد النازل : هو الذي كثر عدد رجاله بالنسبة إلى سند آخر يرد به ذلك الحديث بعدد أقل .205
قلت : لقد كانت الرحلة في طلب الحديث سنة من اصطفاهم الله لحفظ الأصل الثاني لهذا الدين ، المبين لكتاب رب العالمين ، وكانوا يعيبون الراوي الذي يقتصر على السماع ببلده ، ولا يرحل .
ومما يستدل به على شرف طلب العلو ، وكيف أنه سنة مضى عليها السلف ورواة الأخبار جيلاً بعد جيل قصة جابر بن عبد الله  ورحيله إلى عبد الله بن أنيس ليسمع منه حديث القصاص ، وكذلك أبو أيوب ، ورحيله إلى عبد الله بن عامر ، وكان التابعون يسمعون عن الصحابة ، فما قنعوا بذلك حتى رحلوا إلى الصحابة , وأخذوا من أفواههم .
قال حرب بن إسماعيل : سئل أحمد ـ يعني ابن حنبل ـ عن الرجل يطلب الإسناد العالي ؟
قال : " طلب الإسناد العالي سنة عمن سلف , لأن أصحاب عبد الله كانوا يرحلون من الكوفة إلى المدينة ، فيتعلمون من عمر ويسمون منه " .206
وعن أبي العالية الرِّياحي قال : " كنا نسمع الرواية عن أصحاب رسول الله  بالبصرة ، فلم نرض حتى ركبنا إلى المدينة ، فسمعناها من أفواهم " . 207
 أقسام العلو .
ينقسم العلو إلى خمسة أقسام ، واحد منها علو مطلق , والباقي علو نسبي وهي :
النوع الأول : القرب من رسول الله  بإسناد صحيح نظيف , قال الإمام النووي " وهو أقسام أجلها القرب من رسول الله  بإسناد صحيح نظيف " . 208
لكن إذا كان العلو مع ضعف في الإسناد فلا يلتفت إلى علوه ، لا سيما إن كان فيه بعض الكذابين ممن ادعى سماعاً من الصحابة كابن هدبة ، ودينار ، وخراشي ، ونعيم بن سالم ، ويعلى بن الأشدق ، وأبي الدنيا الأشج .
قال الإمام الذهبي :
" متى رأيت المحدث يفرح بعوالي هؤلاء فاعلم أنه عامي يعدها " .209
النوع الثاني : القرب من إمام من أئمة الحديث ، وإن كثر بعده العدد إلى رسول الله  مثل القرب من الأعمش أو ابن جريج أو مالك أو غيرهم مع الصحة ونظافة الإسناد أيضاً .210
النوع الثالث : القرب بالنسبة إلى رواية أحد الكتب الستة أو غيرها من الكتب المعتمدة , وسماه ابن دقيق العيد : " علو التنزيبل " .
قال السيوطي :
" وليس بعلو مطلق إذ الراوي لو روى الحديث من طريق كتاب منها ، وقع أنزل مما رواه من غير طريقها ، وقد يكون عاليا مطلقاً أيضاُ " . 211
أقسام هذا النوع :
أـ الموافقة : هى الوصول إلى شيخ أحد المصنفين من غير طريقه بعدد أقل مما لو روى بطريق عنه .
قال السيوطي :
الموافقة : أن يقع لك حديث عن شيخ مسلم مثلاً من غير جهته ، بعدد أقل من عددك إذا رويته بإسنادك عن مسلم عنه .212
مثاله : روى البُخاري عن قتيبةَ عن مالك حديثا فلو رويناه من طريقه ,
كان بيننا وبين قتيبة ثمانية ، ولو روينا ذلك الحديث بعينه من طريق أبي العباس السراج عن قتيبة مثلا , لكان بيننا وبين قتيبة سبعة , فقد حصلت لنا الموافقة مع البخاري في شيخه بعينه مع علو الإسناد إليه .213
ب ـ البدل : وهو الوصول إلى شيخ أحد المصنفين من غير طريقه بعدد أقل مما لو روى من طريق عنه .
مثاله : قال ابن حجر : " كأن يقع لنا ذلك الإسناد من طريق أخرى إلى القعنبي ـ شيخ البخاري ـ عن مالك ، فيكون القعنبي بدلا فيه من قتيبه " .214
ج ـ المساواة : من استواء عدد الإسناد من الرواة إلى آخره مع إسناد أحد المصنفين .
مثاله : كأن يروي النسائي مثلا حديثاً يقع بينه وبين النبي  فيه أحد عشر نفساً ، فيقع لنا ذلك الحديث بعينه بإسناد آخر إلى النبي  يقع بيننا فيه وبين النبي  أحد عشر نفساً ، فنساوي النسائي من حيث العدد مع قطع النظر عن ملاحظة ذلك الإسناد الخاص .
د ـ المصافحة : هو استواء عدد الإسناد من الرواي إلى آخره مع إسناد تلميذ أحد المصنفين ، وسميت مصافحة لأن العادة جرت في الغالب بالمصافحة بين من تلاقيا .
النوع الرابع : العلو بتقدم وفاة الراوى .
مثاله : ما قاله النووي ـ رحمه الله ـ : " فما أرويه عن ثلاثة عن البيهقي عن الحاكم أعلى مما أرويه عن ثلاثة عن أبي بكر بن خلف عن الحاكم لتقدم وفاة البيهقي عن ابن خلف " .215
وقد يكون العلو بتقدم وفاة الشيخ .
النوع الخامس : العلو بتقدم السماع .
أي : بتقدم السماع من الشيخ , فمن سع منه متقدماً كان أعلى ممن سمع منه بعده .
مثاله : أن يسمع شخصان من شيخ ، وسماع أحدهما منذ ستين سنة مثلاً ، والآخر منذ أربعين سنة ، وتساوى العدد إليهما ، فالأول أعلى من الثاني ، ويتأكد ذلك في حق من اختلط شيخه أو خرف .216
 أقسام النزول .
هي أقسام خمسه ، وتعرف بالضد ، فكل قسم من أقسام العلو يضاده قسم من أقسام النزول على العكس تماماً .
( مسألة ) : هل العلو أفضل أم النزول ؟
العلو أفضل من النزول على الصحيح من أقوال العلماء , وهو قول الجمهور , وذلك لأن العالى يبعد فيه احتمال الخطأ ، وفيه مظنة اتصال السند لقلة الوسائط ، وأيضاً فالنزول مرغوب عنه , ولكن هذا إذا تساوى الإسناد في القوة .
واحتج القائلون بأفضلية النزول بأن ذلك يقتضي البحث وهو أدعى إلى المشقة ، والأجر على قدر المشقة ، وقد يكون النزول أفضل إذا تميز بفائدة , كأن يكون رجاله أوثق أو أحفظ أو أفقه من الإسناد العالى .
 أشهر المصنفات فيه .
منها الوحدانيات ، وهو كتاب نسب لأبي حنيفة جمع فيه صاحبه الأحاديث التى ليس فيها بين أبي حنيفة والنبي  إلا الصحابي .
ومنها الثنائيات , كثنائيات الإمام مالك لابن حجر .
ومنها الثلاثيات ، أي التى بين المصنف وبين رسول الله  فيهما ثلاثة رجال ، ومن هذه الثلاثيات :
" ثلاثيات البخاري " لابن حجر .
" ثلاثيات أحمد ابن حنبل " .
    

الأبيات الثلاثة الأخيرة
يقول الإمام ابن فرح الإشبيلي ـ رحمه الله ـ :
أوَرِّي بِسُعدَى وَالربَابِ وزيْنَـــبٍ وَأنْتَ الذِي تُعنى وأنت المُؤمــــــلُ
فخُذ أولا مِن آخرٍ ثـــــــــم أولا مِنَ النصْفِ مِنْهُ فهوَ فِيهِ مُكَمَّـــــــــلُ
أبَر إذا أقسمْتُ أني بِحُبــــــــــهِ أهيِمُ وَقَلبِي بالصبابة مُشْعَـــــــــــــلُ
 يقول الناظم : إنني استخدمت التورية , وأتيت بأبيات ظاهرها الغزل ، أو ذكر الحب ونحو ذلك ، وما يُذكر في أشعار الغزل من سعدى والرباب وزينب وليلى ولبنى وعزة وبثينة ونحو ذلك ، ولكنني أقصد شيئاً آخر .
قال الناظم :
فخذ أولاً من آخر ثـم أولاً من النصف منه فهو فيه مكمل
هذا لغز حله في البيت الذي بعده :
أبرُّ إذا أقسمت أني بحبــه أهيمُ وقلبي بالصبابة مشعـــــــل
فما هو حل اللغز ؟

فهو يلغز إلى كلمة واحدة , والكلمة هذه علم على شخص .
لأنه في البيت الأخير قال :
أبر إذا أقسمت أني بحبه أهيم وقلبي بالصبابة مشعل
وكان قد قال قبلها :
فخذ أولاً من آخر
أي : خذ أول كلمة من آخر بيت ، وما هي أول كلمة من آخر بيت : ( أبر )
ثم أولاً من النصف
التي هي كلمة : ( أهيم ) .
منه فهو فيه مكمل
فهذه الكلمة هي { إبراهيم } .
وبهذا نكون قد انتهينا من المرور على منظومة ابن فرح الإشبيلي ـ رحمه الله تعالى ـ .
نسأل الله تعالى أن يجعلها خالصة لوجه إنه ولي ذلك والقادر عليه .
    
1انظر : " الكامل " لابن عدي 1/58 .
2 انظر : " تذكرة الحفاظ " للإمام الذهبي 4/1486 .
3انظر : " الأعلام " للزركلي 1/68 .
4 انظر : " الوافي بالوفيات " لابن صفدي .
5انظر : " طبقات الشافعية الكبرى " 8/29 .
6 انظر : " شذرات الذهب " لابن العماد 7/776 .
7انظر : " نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب " للمقري 2/531 .
8 انظر : " الملح الغرامية " للسفاريني ( ص : 18 ) .
9 ملحوظة : في هذا الباب والفصول الذي تليه نبذة يسيرة عن علم مصطلح الحديث لا بد منها في البداية , وذلك حتي يستطيع القارئ الكريم إذا شرعنا في شرح القصيدة أن يكون الكلام واضحاً ومفهوماً لديه ، فيستطيع بذلك فهم المادة العلمية بدون أن يتشتت عقله أو يحتار فكره , خاصة وأن مؤلف هذه القصيدة لم يلتزم فيها ترتيب مباحث هذا العلم كما هو معلوم ومعروف عند أهل هذا الفن , والله الموفق .
10رواة البخارى رقم : ( 1 ) .
11 أخرجه مسلم رقم : ( 5 ) وأبي داود رقم : ( 4993 ) .
12 أخرجه البخاري رقم : ( 5844 ) ومسلم رقم ( 3 ) .
13صحيح : أخرجه الترمذي رقم : ( 2662 ) .
14" مقدمة صحيح مسلم " لمسلم بن الحجاج .
15 انظر : " الحطة في ذكر أصحاب الصحاح الستة " لصديق حسن القنوجي ( ص : 25 ، 30 ) .
16 أنظر : " تدريب الراوي " للسيوطي 1/40 و " الوسيط في علوم الحديث " ص : (24 )
17 أخرجه أبو داود 1/133 , والترمذي 2/256 .
18 أخرجه البخاري 4/60 , و مسلم 8/8 .
19أخرجه الترمذي 1/53 وقال : حسن , و الحاكم 1/253 وصححه ووافقه الذهبي .
20 أخرجه البخاري 3/295 , ومسلم 6/66 و أبو داود 3/364 , والترمذ 4/252 .
21 أخرجه البخاري 2/271 , والترمذي 5/ 598 .
22 أخرجه أحمد 6/188 .
23 " تدريب الراوي " للسيوطي 1/41 .
24 انظر : " تدريب الراوي " 2/196 .
25 انظر : " تدريب الراوي " 2/191 .
26 انظر : " مقدمة شرحه لصحيح مسلم " 1/2 .
27" الوسيط فى علم الحديث " ص : ( 255)
28انظر : " مختارالصحاح " 1/488 .
29انظر : " تدريب الراوى شرح تقريب النوواي " للإمام السيوطي 1/62 .
30 انظر : " الإلماع " ( ص : 194) .
31 انظر : " جامع الأصول " 1/9 .
32 انظر : " بحوث فى تاريخ السنة " ( ص : 54) .
33 أخرجه الخطيب البغدادي في " الجامع لأخلاق الراوي " ( رقم : 1301 ) .
34 انظر : " صيانة صحيح مسلم " لابن الصلاح ( ص : 115 ) .
35 انظر : " الفصل في الملل والنحل " لابن حزم الأندلسي 2/81-82 .
36 انظر : " التشريع الإسلامى مصادره وخصائصه " لأحمد عمر هاشم ( ص : 79) .
37انظر : " المحدث الفاصل " للرامهرمزي ( ص : 418 ).
38 انظر : " المحدث الفاصل " ( ص : 377 ) .
39 أخرجه ابن عدي في " الكامل " 1/263 , والخطيب في " الكفاية " ( ص : 340 )
40 انظر : " معرفة علوم الحديث " للحاكم ( ص : 119 ) .
41" السنن الكبرى " للبيهقى 3/45
42أنظر : " التقريب مع التدريب " 1/252 .
43 أنظر : " علوم الحديث " لابن الصلاح ( ص : 112 ) .
44 " علوم الحديث " لابن الصلاح ( ص : 81 ) .
45 انظر : " علوم الحديث " لابن الصلاح ( ص : 84 ) .
46انظر : " النكت " 2/771 .
47سنكتفي بالحديث عن هذه الأنواع من الحديث الضعيف بما قد جاء ذكره في القصيدة فقط ، ومن أراد أن يتعرف على هذه الأنواع الأخرى فعليه أن يرجع إلى كتب أهل هذا الفن .
48صحيح : أخرجه البخاري في كتاب " كتاب الآذان " .
49 انظر : " قواعد التحديث " للقاسمى ( ص : 80 ) .
50 أخرجه الترمذي في " كتاب الطهارة " 1/34 ، وقال : صحيح .
51 انظر : " التقييد والإيضاح " ص : ( 52 )
52انظر : " فتح المغيث " للسخاوى 1/42،43 .
53انظر : " محتار الصحاح " ( ص : 438 ) .
54في مسنده المسمى " بالسنن " رقم ( 157 ) .
55انظر : " محتار الصحاح " .
56انظر : " المراسيل " لأبي دواد رقم : ( 105 ) .
57انظر : " نهج النقد في علوم الحديث " د . نور الدين عتر ( ص : 350 ) .
58 أخرجه البخاري رقم : ( 3 ) .
59أثر صحيح . أخرجه أحمد في " المسند " رقم : ( 18493 ، 18498 ) .
60أثر صحيح . أخرجه أحمد في " العلل " ( النص : 2835 )
61انظر : " الفقيه والمتفقه " للخطيب الغدادي
62 انظر : " نزهة النظر " ( ص : 43 ) .
63 انظر : " الموقظة " للذهبي ( ص : 44 ) .
64انظر : " تدريب الراوي " 2/173 .
65 انظر : " المقدمة " ( ص : 462 ) .
66 انظر : " فتح الغيث " 4/37 .
67 انظر : " معرفة علوم الحديث " ( ص : 32 ) .
68 انظر : " شرح التبصرة والتذكرة " للقرافي 2/286 .
69 أنظر : " التقييد والأيضاح " لزين الدين العراقي ( ص : 63 ) , و" تدريب الراوي " للسيوطي 1/179 , و " الباعث الحثيث " ( ص : 44 ) .
70 أنظر " غيث المستغيث في علم مصطلح الحديث " د . محمد السماحي ( ص : 276 )
71" التشريع الإسلامى مصادره وخصائصه " لأحمد عمر هاشم ص : (123،124)
72" التشريع الإسلامي مصادره وخصائه " ص : ( 126)
73انظر : " الباعث الحثيث " ( ص : 91 ) , و " تدريب الراوي " 1/298 .
74 انظر : " القاموس المحيط " مادة ( ترك ) .
75انظر : " نزهة النظر " ( ص : 45 ) .
76 انظر : " قواعد التحديث " ( ص : 131 ) .
77 انظر : " تيسير مصطلح الحديث " ( ص : 93 ) .
78انظر : " ميزان الإعتدال " للذهبي 3/268 .
79 انظر : " الوسيط في علوم ومصطلح الحديث " ( ص : 318 ) .
80" التشريع الإسلامى مصادره وخصائصه " ( ص : 110 ) .
81انظر : " نخبة الفكر " لابن حجر ( ص : 11 ) .
82 أنظر : " قواعد التحديث " للقاسمى ( ص : 102 ) ، " نظم الدرر فى مصطلح أهل الاثر " ( ص : 94 ) .
83" التشريع الإسلامى مصادره وخصائصه " لأحمد عمر هاشم ( ص : 111،112) .
84 انظر : " المقنع " لابن الملقن 1/292 .
85انظر : " تيسير مصطلح الحديث " للطحان ( ص : 159 ) .
86 انظر : " المقنع " لابن الملقن 1/297
87 انظر : " المقنع " لابن الملقن 1/297 .
88انظر : " المقنع " لابن الملقن 1/299 .
89 انظر : " تيسير مصطلح الحديث " للطحان ( ص : 160 ) .
90 انظر : " المقنع " لابن الملقن 1/301 .
91 انظر : " المقنع " لابن الملقن 1/314 .
92 انظر : " المقنع " لابن الملقن 1/314.
93 انظر : " المقنع " لابن الملقن 1/314 .
94 انظر : " رسالة في علم أصول الحديث " للجرجاني ( ص : 778 ) .
95انظر : " تدريب الراوي " 2/33 .
96انظر : " المقدمة " ( ص : 154 ) .
97 انظر : " المقنع " لابن الملقن 1/321 .
98انظر : " تدريب الراوي " 2/41 .
99انظر : " تدريب الراوي " 2/45 .
100 انظر : " تدريب الراوي " 2/51 .
101 انظر : " المقدمة " ( ص : 165 ) .
102 انظر : " التقريب مع التدريب " للنووي 2/57 .
103 انظر : " التقريب مع التدريب " للنووي 2/60 .
104 انظر : " تيسير مصطلح الحديث " للطحان ( ص : 164 ) .
105 انظر : " المقنع " لابن الملقن 1/334 .
106 انظر : " المقنع " لابن الملقن 1/334 .
107 انظر : " المقنع " لابن الملقن 1/334 .
108انظر : " تدريب الراوي " 2/61 .
109 انظر : " لسان العرب " لابن منظور 11/481 . قلت ـ المصنف ـ : وفي هذ البيت من المخالفة ما لا يخفي ، وهو طلب الاستعانة من أحد غير الله عز وجل فانتبه .
110 أنظر : " تدريب الراوي " 1/184 ، و " فتح المغيث " 1/108 .
111 رواة البخاري 1/37 .
112رواة البخاري 1/71 .
113" مقدمة ابن الصلاح " ( ص : 68،69 ) ، و " تدريب الراوي " 1/186 .
114رواة البخاري ومسلم .
115" شرح نخبة الفكر" ( ص : 53 ) ، و " تدريب الراوي " 1/190 .
116انظر : " تدريب الراوي " 1/192 ، و " التقييد والإيضاح " ( ص : 70 ) ، و " معرفة علوم الحديث " ( ص : 19 ) .
117 أخرجه البخاري مع الفتح 10/136 .
118 انظر : " التقييد والإيضاح " ( ص : 66 ) ، و " تدريب الراوي " 1/184 ، و " الباعث الحثيث " ( ص : 45 ) ، و " فتح المغيث " 1/98 .
119 انظر : " بلوغ الآمال من مصطلح الحديث والرجال " لمحمد محمود بكار 1/146 .
120انظر : " لسان العرب " 5/332 .
121انظر : " صحيح مسلم " 1/7 .
122 أخرجه أبي دواد 1/4
123 انظر : " تيسير مصطلح الحديث " ( ص : 78 ) .
124انظر : " فتح المغيث " 1/83 , و " التقييد والإيضاح " ( ص : 170 ) و " تدريب الراوي " 1/224 .
125انظر : " معرفة علوم الحديث " ( ص : 105 ) .
126 انظر : " التبصرة والتذكرة " 1/178 , و " التقييد والإيضاح " ( ص : 96 ) .
127 انظر : " الباعث الحثيث " ( ص : 55 ) .
128 انظر : " تدريب الراوي " 1/224 .
129 انظر : " معرفة علوم الحديث " ( ص : 105 ) .
130انظر : " تدريب الراوي " 1 / 208 .
131انظر : " معرفة علوم الحديث " للحاكم ( ص : 36 ) .
132 أخرجه أبي داود رقم : (4826 ) .
133أخرجه الترمذي رقم : ( 739 ) .
134 انظر : " مختار الصحاح " 1/313 ، و " أساس البلاغة " (ص: 185) ، و " تاج العروس " 5/555 ( درج ) .
135انظر : " معرفَة أنواع علم الحديث " ( ص : 195)
136 انظر: " نكت الزركشي "2/241، و " التقييد والإيضاح " (ص : 127) ، و" النكت عَلَى كتاب ابن الصلاَحِ " 2/811 .
137انظر : " شرح التبصرة والتذكرة " 1/294 – 299 .
138متفق عليه .
139انظر : " النكت علَى كتاب ابن الصلاح " 2/824 .
140أخرجه الطبراني في " الكبير " 24/157 ( 511 ) ، والبيهقي 1/137 ، والخطيب في " الفصل " ( 233 ) .
141 انظر : " سنن الدارقطني " 1/148 .
142 انظر : " الفصل للوصل " (ص : 233-235 ) .
143رواه من هذا الطريق : الطيالسي في " مسنده " ( 275 ) ، وأحمد 1/422 ، والدارمي ( 1347 ) ، وأبو داود ( 970 ) ، وابن حبان ( 1961 ) .
144انظر : " الخلاصة " ( ص : 61 ) .
145 انظر : " شرح التبصرة والتذكرة " 1/401 .
146انظر : " النكت علَى كتاب ابن الصلاح " 2/832 ، و " نزهة النظر " ( ص :124) .
147رواية عبد الرحمان بن مهدي عند أحمد 1/434 ، والترمذي ( 3182 ) ، والخطيب في " الفصل " (ص : 485) .
148رواية سفيان بن عيينة عند : الشافعي في المسند ( 197 ) ، والحميدي ( 885 ) ، والنسائي 2/236 ، والدارقطني 1/290 ، والخطيب في " الفصل " ( ص : 279 ) .
أما رواية زائدة فأخرجها : أحمد 4/311 و 318 ، والدارمي ( 1364 ) ، وأبو داود ( 727 ) ، وابن الجارود ( 208 ) ، وابن حبان (1856) ، والطبراني في الكبير (82) ، والبيهقي 2/27- 28 .
149 انظر : " نكت الزركشي " 2/247-248 .
150انظر : " التمهيد " 6/116 .
151 انظر : " شرح السيوطي على ألفية العراقي " ( ص :211-212) .
152 أخرجه النسائي : 7/97 ، وفي الكبرى ( 3492 ) ، وابن حبان ( 4471 ) .
153انظر : " الفصل " 2/612 .
154انظر : "النكت على كتاب ابن الصلاح " 2/835 .
155 انظر : " المدخل إلى الإكليل " ( ص : 55) .
156 انظر : " شرح التبصرة والتذكرة " 1/430 .
157 انظر : " تدريب الراوي " 1/270 ، و" فتح القادر المغيث " ( ص : 73-74 ) .
158 متفق عليه .
159انظر : " فتح الباري " 1/23 ، و " الديباج " للسيوطي 1/141 .
160 انظر : " تدريب الراوي " 1/271 .
161 في صحيحه رقم : ( 2410 ) .
162 أخرجه البخاري رقم : ( 1181 ) .
163في " جامعه " رقم : ( 3507 ) وقال : " غريب " .
164" نزهة النظر " لابن حجر ( ص : 116 ) .
165" القاموس المحيط " 4/260
166 التقارب في الإسناد : أن يكونوا قد أخذوا عن شيوخ من طبقة واحدة .
167" توضيح الأفكار " 2/476 , و " الوسيط " ( ص : 553 ) .
168وأما الاتفاق في الاسم فقط ، فالإشكال فيه قليل نادر , أنظر : " تدريب الراوي " 2/316 , و " التقييد والإيضاح " ( ص :404 ) .
169 " دليل أرباب الفلاح " لأحمد حكمي ( ص : 101 ) .
170 انظر : " شرح النخبة " لابن حجر ( ص : 68 ) .
171سواء كان مرجع الاختلاف في لفظ النقط أو الشكل , " تدريب الراوي " 2/297.
172" دليل أرباب الفلاح " لأحمد حكمي ( ص : 104 ) .
173" نخبة الفكر " ( ص : 68 ) .
174 انظر : " الكفاية " ( 58 ) .
175انظر : " التمهيد " لابن عبد البر 1/23 .
176 أخرجه البخاري رقم : ( 170 ) .
177انظر : " تدريب الراوي " 1/214 .
178 انظر : " التبصرة والتذكرة " 1 /162 .
179انظر : " الموضوعات " لابن الجوزى .
180انظر : المصدر السابق .
181 أنظر : " الوسيط " ( ص : 644 ) , و " تيسير مصطلح الحديث " ( ص : 213 ) .
182انظر : " تدريب الراوي " 2/245 . و " غوامض الأسماء المبهمة " 2/823
183 أخرجه البخاري ( 165 ) , ومسلم ( 939 ) .
184 أخرجه البخاري ( 1187 ) .
185 انظر : " التقييد والإيضاح " ( ص : 432 ) .
186انظر : " غريب الحديث " لابن سلام 1/1 .
187" غريب الحديث " لابن سلام 1/2 .
188" النهاية في غريب الحديث والأثر " لابن الأثير .
189 انظر : " فتح البارى " 6/191 .
190 أنظر : " نزهة النظر " ص : ( 26 ) .
191هذا التعريف هو الراجح كما حرره الحافظ ابن حجر في " النخبة " ص : ) 21 ) .
192رواة البخاري ومسلم .
193 أنظر : " تدريب الراوي " 2/173 ، و " نخبة الفكر " ص : ( 23 ) .
194 متفق عليه .
195 رواه البخاري رقم : ( 15 ) وهو في مسلم رقم : (44) .
196" شرح النخبة " ( ص : 25 ) .
197" شرح النخبة " ( ص : 28 ) .
198 صحيح : رواة البخاري في كتاب " بدء الوحي " رقم : ( 1 ) , ورواة مسلم
199أنظر : " الوسيط في علوم الحديث " ص : ( 202 ) ، و " تدريب الراوي " 2/182
200 أنظر : " تدريب الراوي " 2/182.
201 أنظر : " فتح المغيث " 1/110 ، " نخبة الفكر " مع الشرح ( ص : 57 ) .
202 أخرجه البخارى 1/129 .
203 انظر : " حلية الأولياء " لأبى نعيم 2/96 .
204 انظر : " علوم الحديث ومصطلحه " ( ص : 210 ) ، و " الحديث والمحدثون "
( ص : 285 )
205انظر : " تيسير مصطلح الحديث " ( ص : 182 ) .
206 أخرجه الخطيب في " الجامع " رقم : ( 117 ) .
207 أخرجه الخطيب في " الجامع " رقم : ( 1684 ) .
208 انظر : " تدريب الراوي " 2/607 .
209 انظر : " تدريب الراوي " 2/607 .
210انظر : " تيسير مصطلح الحديث " ( ص : 156 ) .
211 انظر : " تدريب الراوي " 2/611 .
212 انظر : " تدريب الراوي " 2/611 .
213 انظر : " نزهة النظر " ( ص : 157 ) .
214انظر : " نزهة النظر " ( ص : 158 ) .
215انظر : " تدريب الراوي " 2/614 .
216 انظر : " تيسير مصطلح الحديث " ( ص : 184 ) .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamelelmesk.yoo7.com
 
القول الفصيح شرح غرامي صحيح
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتاوي تيوب الشيخ حسان: هل في صحيح مسلم أحاديث ضعيفة
»  برنامج: برنامج موسوعة شرح الحديث الشريف فتح البارى لشرح صحيح البخارى وشرح مسلم لعبد الباقى وشرح مالك للإمام اللكنوى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع فرع الجمعية الشرعية بقرية البطاخ :: كتابات وأبحاث مشرف الدعوة بالفرع :: الحديث وعلومه :: القول الفصيح شرح غرامي صحيح-
انتقل الى: